اطبع هذه الصفحة


…. ( وقفات مع قضيـة ” خـاطف القـاصرات ” ) ….

الأستاذة : زاد المعاد

 
بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله وحده الذي شرع لنا الحلال ونهى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن وأمر بالإبتعاد عن الأسباب المؤدية للوقوع في الفواحش والصلاة والسلام على معلم الأنام الخير محمد بن عبد الله عليه أزكى صلاة وأتم تسليم ما تعاقب الليل والنهار وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد :

سمعنا ما طالعتنا به وسائل الإعلام عن تلك القضية البشعة التي هزت الشارع السعودي ألا وهي قضية ( خاطــف القـــاصرات ) والتي دارت أحداثها في مدينة جدة
فنحمد الله سبحانه وتعالى أن وفق رجال الأمن في بلادنا لإلقاء القبض على هذا ( الذئب البشري ) الذي تجرد من معاني الإنسانية , فبات ذئباً ـ بشرياً ـ لا يألوا جهداً في البحث عن الفريسة تلو الأخرى مستخدماً أساليب المكر للإطاحة بفلذات الأكباد ...
فكم من أسرة فُجعت في طفلة بريئة لا حول لها ولا قوة .. ولا تعرف من هذه الدنيا إلا اللهو واللعب ...
وصدق الحق سبحانه (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏ ) فما من مجرم إلا وله نهاية وما من ظلم ألا وهو إلى زوال مهما طال ليله ...


ويحسُن بنا الوقوف مع هذه القضية بإلماحات يسيرة :

1 ـ إن الله عز وجل لما حرم أموراً ـ كالزنا ـ جعل هناك بدائل شرعية مباحة منها ـ التعدد ـ كما قال سبحانه وتعالى : ( فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ) فبالإمكان أن يُعف المرء نفسه بالحلال ففيه الراحة والهناء والسعادة في الدارين ...

2 ـ إن الله عز وجل لم يحرم الزنا فحسب , بل أمر وحذر ونهى عن الوقوع و الإقتراب من الأسباب المفضية للزنا فقال تعالى : (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) وأمر في الآية الأخرى بغض البصر وأعقبها بحفظ الفرج فقال سبحانه : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) وكما جاء في حثيثات هذه القضية , قضية ( ذئب جدة ) أنه كان يتعاطى الشيشة التي أجمع العلماء والعقلاء على تحريمها وضررها وكذلك كما جاء في أقوال الضحايا أنه كان يقوم بمشاهدة الأفلام الإباحية .. وقد قيل : النظرة سهم مسموم من سهام ابليس .... وقد تساهل الكثير ـ كما تساهلنا ـ في النظر لكثير من هذه المحرمات ونظن أن الأمر هين وهو عند الله عظيم .. ومعظم النار من مستصغر الشرر ..

3 ـ
في هذه القضية رد على من ينادي بتحرير المرأة وعدم ضرورة السفر بمحرم للمرأة والمناداة بحرية المرأة ,, فإذا كانت الطفلة الصغيرة لم تأمن على نفسها وهي بين أهلها وفي الأماكن العامة فكيف تأمن المرأة على نفسها حينما تسافر وتقطع المسافات الطويلة بلا محرم من أن يتعرض لها السفهاء ,, فالإسلام دين حفظ للمرأة المسلمة كرامتها وصانها ووضعها في سياج متين من الحماية من قبل الرجل والداً كان أم أخاً أم زوجاً أم ابناً ...

4 ـ إن الله يمهل ولا يهمل ... وصدق الحق سبحانه ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) فإن المُتأمل في حثيثات هذه القضية يجد أن أسباب القبض على هذا المجرم بسيطة جداً وكان بإمكانه التحرز منها لكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ولينتصر لهؤلاء الأطفال الأبرياء ..

5 ـ لعل هذه القضية محنة في طيتها منحة ولا يقدر الله شراً محضاً ... فندعو أسر هؤلاء الأطفال للتسلح بالصبر واحتساب الأجر فيما أصابهم وسؤال الله أن يخلف عليهم خيراً في مصيبتهم ..

6 ـ على أولياء الأمور الحرص على من هن تحت ولايتهن من عناية ورعاية خاصة فيما يتعلق باللباس في ظل تساهل الكثير من الأهل بلباس الصغيرات ومن شب على شئ شاب عليه وعز عليه فراقه
يقول الشيخ ابن عثيمين في ذلك:" الطفلة الصغيرة ليس لعورتها حكم ، ولا يجب عليها ستر وجهها ورقبتها ، ويديها ورجليها ، ولا ينبغي إلزام الطفلة بذلك ، لكن إذا بلغت البنت حدا تتعلق بها نفوس الرجال وشهواتهم فإنها تحتجب دفعا للفتنة والشر ، ويختلف هذا باختلاف النساء ، فإن منهن من تكون سريعة النمو جيدة الشباب ، ومنهن من تكون بالعكس ."
ويقول أيضاً
:" أرى أنه لا ينبغي للإنسان أن يلبس ابنته هذا اللباس وهي صغيرة لأنها إذا اعتادته بقيت عليه وهان عليها أمره . أما لو تعودت الحشمة من صغرها بقيت على تلك الحال في كبرها والذي أنصح به أخواتنا المسلمات أن يتركن لباس أهل الخارج من أعداء الدين وأن يعودن بناتهن على اللباس الساتر وعلى الحياء ، فإنه من الإيمان"..
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين في مجلة الدعوة " العدد1709ص35 .

7 ـ نرجو من المجتمع بكافة طبقاته التضامن مع هؤلاء الصغيرات لإخراجهن من تلك الذكريات المريرة .. وليعلم المجتمع أن هؤلاء الصغيرات لا حول لهن ولا قوة فيما حدث لهن ولا تثريب عليهن ,, ولا يعاب عليهن في المستقبل ما حدث لهن .. فمثلهن مثل أي فتاة عفيفة يحق لها أن تعيش مع زوج في ظل أسرة وحياة كريمة ..

8 ـ إن القرآن نور وبركة وجُنة ( وقاية ) للعبد في الدنيا والآخرة .. كما في قضية الضحية الآخيرة التي أخذت تتلو القرآن عندما أراد هذا الذئب اغتصابها فحفظها الله بحفظها لكتابه ..

9 ـ إن في هذه القضية عبرة لأولي الألباب ... بعدم إهمال الأبناء خاصة الفتيات في الأماكن العامة من أسواق ومتنزهات فهم أمانة كما في الحديث الصحيح (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).. وهناك شر محدق يُغفل عنه كثيراً ألا وهو ( السائق ) الذي يُعطى الأمان التام من قبل بعض الأسر وقد قيل قديماً ( من مأمنه يؤتى الحذر ) ..

10 ـ لعل تلك الحادثة تجعلنا نعيد النظر في تطهير بيوتنا من الشر والبلاء الذي عم بيوت المسلمين إلا من رحم ربك ألا وهو الفضائيات الإباحية .. فقد انتشر في زماننا حوادث لم تكن في أسلافنا على بساطة حياتهم فقد كانت عندهم الغيرة على بنات المسلمين ... بل كان في الجاهلية من يغار على عرض جارته كما يقول الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد

أغض طرفي إذا مابدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام

بقلم
أختكم
زاد المعاد
26/7/1432 هــ

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الأخت زادالمعاد
  • مـقـالات
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط