اطبع هذه الصفحة


البابا والفاتيكان يهددان !!

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية


البابا والفاتيكان يهددان أثناء الإحتفال بعيد الفصح 2015 ، ويتوعدان ضد "الصمت المتواطئ"، و"عدم إكتراث" العالم حيال "عنف الجهاديين" الذى يضرب المسيحيين. وقد إنهال عليهم أيضا فى كينيا ، مرورا بالعراق، وسوريا، وليبيا، والباكستان أو نيجيريا..
ومن الغريب أن نراهما ، فى نفس الوقت، يفقدان الذاكرة ويتناسيان ذكر ، إن كانت هناك ثمة أمانة، ما يصيب الروهينجيا، والفلسطينيين، والعراقيين، والأفغان، وغيرهم، الذين يتم قتلهم بالملايين ! ترى هل لأنهم مسلمون ؟! وينتحب الإثنان لرؤية إخوانهم (المسيحيين) "مضطهدون ، تقطع رؤوسهم ويصلبون من أجل إيمانهم" ، "رجال ونساء يتم سجنهم، يدانون أو حتى يقتلون لمجرد كونهم مؤمنون". وهذا الصوت الآخذ فى الإرتفاع ليس من قبيل السذاجة، ولا يدور فى غفلة ما بما أنه تم الترتيب له منذ فترة بعيدة..

ففى مارس الفائت ناشد الكرسى الرسولى المجتمع الدولى "للتصرف قبل فوات الأوان" لحماية مسيحيو الشرق الأوسط"! فالمونسنيور توماسى، المراقب الدائم فى هيئة الأمم ، يرى : "إن كان لا بد من تدخل عسكرى ضد الدولة الإسلامية، فلا يجب أن يتم بحيث يُنظر إليه على أنه حرب دينية"، لذلك فإن البلدان الإسلامية يجب أن تتورط فيها لكن تحت قيادة هيئة الأمم"!. وهو ما يعنى أنهم يخططون للجريمة وهم يتنصلون منها شكلا فى نفس الوقت ! ألم يذهب البابا بنديكت 16 قبل ذلك إلى هيئة الأمم ليمهد الطريق لنفس ذلك المطلب ؟!
وفيما يتعلق بالمذابح التى يتعرض لها المسيحيون ، يبدوا أن هاذان الكيانان، البابا والفاتيكان، قد تناسا الطريق الذى سلكته المسيحية الحالية، ولا يكفان عن إلقاء الزيت على النار لإشعال العالم والزج به فى حرب دينية لتنصير العالم. وهى حرب قد بدأت بالفعل مع قرارات مجمع الفاتيكان الثانى (1965). تلك القرارات التى أدت رسميا إلى أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 الشهيرة. فبناء على طلب مجلس الكنائس العالمى، الذى حدد عقدا لإقتلاع "محور الشر"، الذى هو الإسلام فى نظرهم، تم إسناد هذه المهمة إلى الولايات المتحدة، القوة العسكرية الوحيدة بعد الإقتلاع المخطط له للإتحاد السوفييتى. وهذه المسرحية التى تم الترتيب لها بأحداث 11 سبتمبر سمحت للولايات المتحدة ، و وسائل الإعلام العميلة ، بأن تنتزع الشرعية الدولية المطلوبة لإقتلاع الإسلام.
أما عن الجرائم والعقوبات التى تقوم بها جماعة داعش أو الدولة الإسلامية أو إيسيس أو أيا كان المسمى ، فهى تتلخص فى : "إضطهاد، قطع رقبة، صلب" أو "سجن، إدانة، أو قتل"، بهذا الإختصار والتحديد الباتر وبسرعة لا ينكرها أحد ! وكلها أفعال لا يمكن لإنسان أن يقرها ، لكن إذا ما تمت مقارنتها بالفظائع البشعة والتعذيب اللا إنساني التى قامت بها الكنيسة عبر القرون ، فالمرء يُصدم من مدى "رحمة" هؤلاء الجهاديين الذين تتضاءل جرائمهم مقارنة بالمذابح البشعة التى قامت بها الكنيسة بمساعدة محاكم التفتيش لإرهاب الإنسانية وإخضاعها لسيطرتها.

ولا غرابة فى ذلك، لأن عدم التسامح ينجم عن نفس مبادئها، ألا يقولون : "خارج الكنيسة لا يوجد أى خلاص" ؟ وقد كتب القس الأديب الفرنسى إرنست رينان فى كتابه المعنون : "مستقبل العلم" يقول : "إن محاكم التفتيش هى نتيجة حتمية لكل النسق الكنسى (...) إذ ان صالح أرواح البشر كان يقتضى أن يمسكوك بمشبك حديدى محمى بالنار إلى أن يشتعل حمرة، وأن يعذبوك بألف وسيلة سادية، وأن يقتلعوا لسانك ، ويفقأوا عيناك ! إن الكاثوليك لهم حقا وسائل طريفة لمعالجة أرواح إخوانهم". ومن يود تعميق معارفه حول هذه الجرائم والبشاعات ليقرأ ما أورده المؤرخ لورولو فى كتابه "الهمجية الألمانية" من صفحة 39..
إن القرن الرابع عشر قد شاهد تأسيس نظام الدعارة، واعترفت الكنيسة ببيت البغاء رسميا وكذلك البلدية لأهميته العامة ! وسرعان ما قام رجال الكنيسة بالسيطرة عليها للإستفادة من مكاسبها. ويعترف القرار الذى أصدره بورخارد أسقف وورمز "أن الدعارة هى شر لا بد منه". كما أعلن المجلس الأعلى الكنسى سنة 1758 أن "الساقطات فى غاية الأهمية بالنسبة للعالم"، وأنه من الأفضل تنظيمهن ومراقبتهن. وبالفعل، منذ القرن الرابع عشر، تم إقرار نظام الدعارة بغية الحصول على أكبر قدر من المكاسب الممكنة من هذه التجارة، مع مراعاة حصرها فى أماكن معينة من المدينة. وبما أن بيوت البغاء أعتبرت ضرورية بأمر الكنيسة، فإن البلديات وعُلية القوم فى الإمبراطورية الكنسية قاما بالسيطرة عليها والإستفادة منها.

ويورد الأديب فولتير أن أسقف روما كان يدير كل مباغى الدولة. بل ويضيف دومنيك داليراك "أن الدعارة قد عادت على رجال الكنيسة بثروات أكثر من كل الأتباع مجتمعين". ويحكى القديس توماس الأكوينى أيضا أن رهبان منطقة بربينيان كانوا يقومون بجمع الأموال لبناء مبغى جديد كانوا يتغنون بمنافعه : "أنه عمل مقدس، ورع، وله قيمته". وأيا كان الأمر فقد تزايدت الوقائع حتى أنه فى سنة 1510 قام البابا يوليوس الثانى ببناء مبغى خاص بالمسيحيين فقط !
وتتوالى القرون وتتراكم الجرائم، وفى سنة 1955 تم تورط الكاردينال ريكاردو ماريا كارلس ، أسقف برشلونة، فى عمليات تهريب أسلحة وتجارة أحجار كريمة وكوكايين عن طريق المافيا الإيطالية. وتتزايد الجرائم والمخالفات حتى يومنا هذا ، ومنها : بنك الفاتيكان، الذى أجبره الإتحاد الأوروبى على الإستقامة ومراقبة حساباته ؛ وتجارة الأسلحة ؛ والإتجار بالبشر ؛ وغسيل الأموال ؛ والقتل إنتقاما أو لإخفاء الجرائم ؛ وجرائم حرب رواندا ؛ والتدخل فى سيادة الدول، ومنها التدخل فى بولندا وإختلاق حزب تضامن لإقتلاع الإتحاد السوفييتى ؛ وتطول القائمة !
ولا غرابة فى ذلك، لا لأن هذه الأعمال البشعة التى تقوم بها الكنيسة ، التى تتبع كل وسائل الإنتقام والقتل الواردة فى الكتاب المقدس بعهديه ، والذى يطالبهم بأن يضربوا رقاب الوثنيين وكل الذين ينتصرون عليهم بحد السيف ، لكن لأنهم يتبعون أيضا ما قاله يسوع بوضوح شديد : "أما أعدائى أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا وإذبحوهم قدامى" (لوقا 19 : 27)...

يا من تجاهرون بالصوت والتهديد ، ما من إنسان يجهل أن الهجمات الإرهابية تتم تحت رعاية أتباعكم السياسيون. وقد أكد المدعو ر.د. ستيل ، العميل السابق للمخابرات المركزية الأمريكية أن إعدام كلا من فولاى وسوتلوف تم بأيدى أشخاص زعموا أنهم من تنظيم داعش. لأن فولاى مرتبط بوكالات تابعة للمخابرات المركزية الأمريكية ، وسوتلوف مرتبط بالموساد. والحرب المزعومة ضد الإرهاب هى حرب مفتعلة ، مسخرة حقيقية.

وما من أحد يجهل أيضا أن الحكام الغربيين مصرون على القيام بدور رجال المطافئ مشعلى الحرائق ، وأنهم مصرون على زعزعة العالم بصورة مستديمة. لأن مساندة الجهاديين ومحاربتهم فى نفس الوقت هى لعبة مقززة تقودها الولايات المتحدة وأتباعها. ففى يوم 15 يناير 2015 على سبيل المثال ، أكد كلا من جون كيرى وفرانسوا هولاند أنهم يحاربون الإرهاب ؛ وفى نفس ذات اليوم "أعلن البنتاجون أنه قرر إرسال أكثر من 400 محارب لتدريب "الثوار السوريين" الذين يحاربون نظام بشار الأسد العلمانى". وهو موقف مرعب من السفاقة والإستخفاف.

إن هذه اللعبة المزدوجة قد سمحت بتغيير من يقومون بالدور الرئاسى ، فالجنود الأمريكان ، المسيحيون ، تم إستبعادهم وإستقدام مواطنون مسلمون من كل مكان ، تم تجنيدهم وبرمجة عقولهم ليقوموا بهذا المخطط الشيطانى. وليس من باب المصادفة أن يتم تسمية تلسكوب الفاتيكان فى أريزونا بإسم لوسيفير ، الشيطان الأعظم ، أو أن تقام صلوات خاصة فى بعض الكنائس لإله الشر هذا الذى يقودكم بطرف عصاته. وليس من الغريب أيضا أن نسمع البابا فى خطابه "إلى العالم وإلى المدينة" ، "أن المسيحيين هم نواة لإنسانية من نوع آخر ، نبحث فيها عن العيش والتعاوم ، وعلى ألا نكون وقحاء ولكن مستعدون للتعاون ومحترمون" !!
ولإستخدام نفس عبارة البابا نقول : أنها قمة "الوقاحة" فعلا أن تصر على تغيير الحقائق ، وعلى أن تتميز بتفاخر كمسيحيين ، وأن تصر على تنصير العالم. ولقد سبق للبابا بنديكت 16 أن قام بفضيحة تنصير المسلم مجدى علام علنا ، ومنذ أيام قام أحد أتباعك بتنصير عشرات من المسلمين علنا فى كينيا ، قبل المذبحة ، ومنذ شهر تقريبا صدر إعلان فاتيكانى بكل "وقاحة" ليعلن بصريح العبارة : "هناك مليار وثنى علينا إدخالهم فى قلب المسيح" !!
ولا يوجد سوى المسلمين الذين يحسب تعدادهم بالمليار.. والإصرار على إنتزاع دين أتى لتصويب كل ما قامت به الكنيسة من تزوير وتغيير، يعنى السير ضد رغبة المولى عز وجل. أليس من الأمانة أن تخفض الصوت وأن تكف عن التهديد ، وأن تكف عن تنصير العالم ، عن ذلك النشاط الشيطانى الذى يمثل ، على حد قولك : "كل رسالتك فى الحياة" ؟!

الأربعاء 8 إبريل 2015
 

BERGOLIO ET LE VATICAN HAUSSENT LE TON !!
 

الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط