اطبع هذه الصفحة


مؤتمر الحوار والسلام

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية


المعبد اليهودي الثالث المزمع إقامته بمساعدة الأمة العربية الكبرى


تحت عنوان "مركز الملك عبد الله: منصة للمصالحة في الشرق الأوسط"، نشر موقع "زنيت" التابع للفاتيكان فقرات من خطاب الكردينال جان لوي توران، رئيس لجنة الحوار بين الأديان في الفاتيكان، حول الاجتماع الذي تم يومي 26 و27 فبراير 2018، وحضره حوالي 150 مسئول ديني وأكاديمي من أهم بلدان العالم وخاصة من الشرق الأوسط، في فيينا، العاصمة النمساوية. وذلك في ثاني لقاء لهم، عالي المستوى، حول "الحوار بين الأديان ممن أجل السلام: تفعيل التعايش السلمي والمواطنة للجميع"..

والكرسي الرسولي، وهو الوجه الآخر لعملة الفاتيكان القيادية الشهيرة، هو كيان مراقب ومؤسس لذلك المركز، وقد أوضح عن طريق مندوبه: "أن هذا المركز يقع عليه بناء السلام عبر رسالتين أساسيتين: تفعيل التعايش السلمي وتدعيم المواطنة" لكافة سكان الشرق الأوسط. كما أوضح أن الأعمدة الأربعة الخاصة بالحوار بين الأديان هي: "الحقيقة، والعدل، والحب، والحرية"، وأن الكرسي الرسولي مطالب بمصاحبة كل إنسان في رحلته بحثا عن الحقيقة..

وقد اُنشئ "مركز الملك عبد الله للحوار بين الأديان"، واختصار اسمه بالإنجليزية "كايسييد" (Kaiciid)، منذ خمس سنوات، وقد ساهمت في إنشائه أربع دول هي: المملكة السعودية، وإسبانيا، والنمسا، والفاتيكان ـ الذي يتمتع، إضافة الى المساهمة في التأسيس، بعضوية مراقب دائم دونا عن بقية الدول المساهمة! وهو ما يكشف أهمية الدور الذي يقوم به الفاتيكان والكرسي الرسولي في هذا المركز الخاص بالحوار بين الأديان. وبدعة "الحوار بين الأديان" من البدع التي فرضها مجمع الفاتيكان الثاني سنة 1965، ليكسب الوقت في الحوار والمناقشات الى أن تتم عملية تنصير العالم، وفقا لما هو منشور في وثائقه ة لا أتجنّي عليه بها.. نعم، كل ذلك موثق ومنشور في النصوص التي أصدرها ذلك المجمع الفاتيكاني الثاني المنتهي سنهة 1965.

ومجلس إدارة مركز الملك عبد الله يضم ممثلون من أهم ديانات العالم وهي: "البوذية، والمسيحية، والهندوسية، والإسلام، واليهودية". وهذا الترتيب غير المنطقي هو الوارد في جريدة "الشرق ـ اليوم" اللبنانية الصادرة بالفرنسية نقلا عما هو وارد في وثيقة "في زماننا هذا" التي سبق وتناولتها. وهذا المجلس مكون من تسعة أشخاص منها المونسنيور ميجيل أيوزو، أمين المجلس البابوي للحوار بين الأديان، ومحمد السمّاك، الأمين المشارك للمجلس الوطني للحوار بين الأديان، وهو معروف بتوجهاته الفاتيكانية.

وقد اهتم المؤتمر أو "المنصة" كما يطلقون عليه، في الجلسة الافتتاحية ان يقدم حصرا شاملا لنشاطاته الماضية واستخلاص توجيهات للمستقبل، وذلك بإنشاء "منصة عمل للحوار والتعاون في العالم العربي بهدف تفعيل الترابط الاجتماعي والمواطنة والتعايش السلمي". وفي كل هذا الاستعراض "الفلسفي التمويهي" الإسلام هو المتهم الوحيد دائما والمطلوب اقتلاعه. ومن المعروف ان هذا المركز يشارك في عدة حكومات ومنظمات مرتبطة بالمواطنة، ومنها هيئة الأمم ـ وقد سبق ورأينا ميولها التخريبية في وثيقة "الإباحية الجنسية لجميع أطفال العالم".. ولم يفت مقدم العرض أن ينوه "ان المركز يثمن رغبة وإرادة الأزهر في تدعيم أساس إسلام معتدل وأن يحل مفهوم المواطنة بدلا من الذمية"!! وهو ما يكشف مطالب تحريف الإسلام ونصوصه.

وما يشعل حماس "مركز الملك عبد الله/كايسييد" هو الشعور بالعجلة وخطورة الموقف، أي أنه يمكن أن يفلت من أيديهم. لذلك حضر العديد من كبار المسئولين الدينيين الكنسيين من لبنان، معتبرين أن النموذج اللبناني في التعايش معا هو النموذج الذي يجب أن يحتذى، ويعني: أن تكون الدولة ذات الأغلبية المسلمة يحكمها مسيحي، وان يترأس وزارتها مسلما ! والمعروف أن تعداد المسلمين في لبنان 67 % (إحصائية الفاتيكان)، وقرابة ال 30 % موزعة على المسيحيين بمختلف الفرق الموجودة.. وكما يقول المثل الشائع: "الكلام لك يا جار"!!

وقد افتتح الجلسة الأولى الأمين العام للمركز، فيصل بن معمّر، موضحا: "ان هدف الوحدة بين المسيحيين والمسلمين في مسألة المواطنة والتعايش السلمي لا يمكن تغافلها، كما ان الترابط بين القيادات الدينية هي أقوى رسالة أمل رأتها المنطقة (ويقصد الشرق الأوسط)، منذ سنوات.. وحول بدعة "المواطنة" هذه كتبت العام الماضي حول أهم النقاط الأساسية التي تتضمنها..

وإذا ما ربطنا هذا المؤتمر بكايسييد، باللقاء الذي سبقه في نفس شهر فبراير لرأينا بوضوح الإصرار على تفعيل ما لا يجب تفعيلة ببدعة "المواطنة" ومغزاها. وكان ذلك اللقاء السابق لمؤتمر "كايسييد" بعنوان: "للتخلص من وضع الذمية"، والعنوان الفرعي: لقاء فرنسي ألماني لإصلاح الإسلام مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر.

وتحت هذا العنوان الصادم أعلن موقع "رأي ـ دولي" يوم السبت 3 فبراير 2018، أنه سيقام في باريس يوم 5 فبراير لقاء فرنسي ـ ألماني حول الصراع ضد التطرف عشية الحوار بين الإمام الأكبر شيخ الأزهر والبابا فرنسيس، وهو ما لم يُنشر عنه أي شيئ. إذ يقول كاتب المقال، كلود مولارتييه، أن هناك عدة عبادات وحدوية في فرنسا الكشافة المسلمة في فرنسا وألمانيا، ومكتب أوروبا للجنة اليهودية الأمريكية، والحركة الشاملة للمعتدلين (ماليزيا)، ومكتب مؤسسة أديناور بباريس. وقد اجتمعوا في باريس يوم 5 فبراير الحالي 2018، بمبادرة من ثلاثة مواطنين فرنسيين متحدثون بالألمانية، أحدهم مسلم عربي والثاني كاثوليكي والثالث يهودي، ليعربوا عن اهتمامهم بالمبادرات الحديثة التي قام بها الأزهر، لتفعيل مبدأ المواطنة وتوجيه نداء لكي يتمكن شيخ الأزهر من أن يوجه لأوروبا، من برلين، يعرب فيه عن تقدير الإسلام للمواطنة في "الدولة ـ الوطن" وأولوية القانون، وترابط المجتمع والوحدة الوطنية. أي اقتلاع الإسلام بأيدي المسلمين وعلى رأسهم الإمام الأكبر شيخ الأزهر..

وقد عرض اللقاء مشروع منصة دولية تناشد شيخ الأزهر بإعادة النظر في وثيقة "معاهدة المدينة" التي وقعها الرسول عليه الصلاة والسلام، فيما يتعلق بالذمّية ووضع الذميين. وهو النظام القانوني المتعلق بوضع غير المسلمين المنتمون للديانات التوحيدية الأخرى، وكذلك مبادرات المجتمع المدني في أوروبا ليتمكن من التعبير قريبا من البرلمان الألماني في برلين ومن المجلس الأوروبي في ستراسبورج.

ويرى المنظوم لهذا التخريب في الإسلام أن شيخ الأزهر هو المؤهل لإبعاد شباب المسلمين الأوروبيين من الاستخدام السياسي لدينهم والمساهمة في وقف اليمين المتطرف الإسلامي والمعادي للسامية وللعنصرية في أوروبا. ويرجع الاهتمام بالأزهر في أوروبا نتيجة لزيارة شيخ الأزهر أحمد الطيب للبابا في الفاتيكان، وإلى مؤتمر السلام الذي دعي اليه الشيخ في العام التالي لزيارته، وكان البابا ضيف الشرف. وقد أعلن شيخ الأزهر بوضوح يوم 6 مارس 2017 قائلا:

"من الضروري إدانة الأفعال التي تعترض على مبدأ المواطنة وتبني مبدأ المساواة في الحقوق لكل المواطنين. إذ ان مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق لكل المواطنين يتطابق مع الشريعة التي لا تقر ممارسات التفرقة العنصرية بين المسلمين وغير المسلمين، وازدراء الآخر، وتهميشه بسبب اختلاف الديانة، والمعاملة المزدوجة كما لا تقر الاضطهاد وتدينه، وكذلك النفي الإجباري وترحيل الشعوب، والقتل بسبب الاختلاف في الدين.

"إن الإطار الحق لترابط المجتمع وتدعيم الإرادة العامة هو "الدولة ـ الوطن" المبنية على مبادئ المواطنة والمساواة في الحقوق لكافة المواطنين وسيادة القانون".

تري هل فات منظمي هذه اللقاءات التخريبية للإسلام، بل وشيخ الأزهر، ان عبارة "الدولة ـ الوطن" لا مكانة رسمية للدين فيها؟ علّهم يقرأون شيئا حول المواطنة المستخدمة كمعول للهدم وليس للبناء.

ولا يسعني إلا أن أضيف، من باب الاندهاش:

إن الولايات المتحدة التي اعترف قادتها بتكوين وتدريب وتمويل وتسليح منظمات داعش وغيرها، تعد هي وشركائها في الغرب الصليبي المتعصب، قد قامت خلال الستين عاما الماضية، أو تحديدا منذ نهاية مجمع الفاتيكان الثاني سنة 1965، بشن الحروب على عدة بلدان مسلمة وتدمير بنياتها التحتية واحتلالها لمحاولة اقتلاع الإسلام.. تلك الولايات، جملة وتفصيلا، هي الأولى عالميا في الإباحيات والانفلات الجنسي والجرائم بأنواعها والإجهاض والطلاق ومختلف بدع الشواذ والچندر، والإتجار بالسلاح وبالأعضاء البشرية والمافيا، وتطول القائمة.. إنها في تحالف حميم مع الكيان التخريبي الآخر، الفاتيكان، لتنفيذ خططه من هدم البلدان الإسلامية واقتلاع الإسلام.. وللعلم: تلك المؤسستان ليستا الوحيدتين المهتمتين بتدعيم لعبة المواطنة وبداية تحريف نصوص الإسلام، في محاولة حثيثة لاقتلاعه. فهم أناس يخططون وينفذون، ولا يعنيهم الزمن..

وكلها أحداث معاشه بالتفصيل المهين، فإلى متى سنظل نتلقى الأوامر التي تصاغ في الغرب سراً وعلانية: هم يخططون، وفئة منفلتة من المسلمين المغيبون ينفذون ؟

 زينب عبد العزيز
  14 مارس 2018  

 

رابط مركز "كايسييد" والمنصة التي أقامها:

رابط "نقاش فرنسي الماني لإصلاح الإسلام"

 

الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط