اطبع هذه الصفحة


"لو اختفي المسيحيون من الشرق الأوسط ستقوم الحرب"
تصريح للمونسنيور باسكال جولنيتش

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية

 


بهذه العبارة الكاشفة عما في النفوس من بغضاء ضد الإسلام والمسلمين، صرح المونسنيور باسكال جولنيش، رئيس جمعية "عمل الشرق"، وهي الجمعية التي يترأسها من وراء الكواليس ويتولاها كلا من الفاتيكان والحكومة الفرنسية، للدفاع عن مسيحيو الشرق. وإن كان عملها الفعلي هو المساهمة في عملية تنصير العالم التي يقودانها بإصرار غريب... فأن توضع مثل هذه العبارة عنوانا لمقال وتذاع على الهواء يوم عيد الميلاد فمن الواضح أن هناك تعليمات معينة، وتوجهات خلفية للوضع الراهن وما يحيكونه في العلن. وتكررت كتابة هذه الجملة: "لو اختفي المسيحيين من الشرق الأوسط ستكون الحرب" في حلقة "وكالة الأنباء الفرنسية" التي كان ضيفها السيد جولنيش، "ضيف أوروبا مساء سهرة نهاية الأسبوع" مساء يوم الجمعة 25/12/2020 !

وقد تناول الموقف المأساوي الذي يعيشه مسيحيو الشرق في بعض بلدان الشرق الأوسط. ويرى السيد جولنيش أن هذه الأقلية هم "صانعو السلام" في المنطقة، وان هجرتهم من هذه البلاد ستؤدي إلي حرب. ويواصل حواره وتعليقاته قائلا:
"ففي أرمينيا وسوريا وإيران ولبنان.. وفي الشرق الأوسط، إن المسيحيين في الشرق لا بال لديهم للاحتفال بعيد الميلاد. ففي العديد من البلدان في هذه المنطقة من العالم، موقفهم صعب لعدة أسباب، بل موقفهم مأساوي. وإن كان البعض منهم قد فكر في مغادرة منطقة موطنهم وجذورهم، كما في شمال أرمينيا، فإن المونسنيور باسكال جولنيش يري ان اختفائهم من هذه المناطق قد يؤدي الي حرب "لأنهم صانعو السلام". وكررها ثانية وكأنه يدقها في الميكروفون (على حد تعبير المذيع)". ثم كررها مرة أخري موضحا: "إذا اختفي المسيحيون من الشرق الأوسط ستقوم الحرب".

وحينما تُكتب هذه العبارة في العنوان الرئيسي للموضوع، ويتم تكرارها عدة مرات أثناء الحوار في اول فقرتين من المقال المنشور في موقع الوكالة، فذلك يعني أن هناك نية مبيّته لتوجيه ضربة معينة ـ ولا أقول قاضية، لأن الإسلام هو الدين عند الله، وهو سبحانه وتعالي الذي أنزله وهو حافظه، وحياة المسلمين بيده. لكنها ستكون حربا تسمح لهم بالاحتلال ومواصلة ما فعلوه في كل حملة من حملاتهم وحروبهم الصليبية التي قامت "باسم الرب" و"جنود الرب" وتوالت بأشكال مختلفة حتى يومنا هذا..

فما من جزء في دولة مسلمة في العالم إلا وتحمل بصمات الحروب الصليبية بينما يمتصون ويقتلعون خيراته.. وإن كان هناك سؤال يُطرح عليهم فهو: ألم يكفيكم كل ما قمتم به من قتل عرقي أطاح بالملايين، ودمار واستعمار طوال ألفا عام؟

وعودة إلى الحوار المذاع على الهواء والمنشور في موقع وكالة الأنباء الفرنسية، يقول بسكال جولنيش، قبل أن نصل إلى هذا الحد، أي إلى الحرب، هناك أمل علي المدي المتوسط والبعيد، هناك علامة أمل في هذه البلدان: "فمن غير المعقول أن تظل هذه البلاد في حالة نفي لحقوق الإنسان والصراع الدائم.. سوف يتقدمون، والمسيحيون هم من سيقومون بذلك وهم الذين سوف يستفيدون من هذا التقدم".. وهنا أجدني أتساءل وأسأل كل من يقرأ هذه العبارة: ألا يسمي ذلك استفذاذ متعمدا؟

واعتبار السيد جولنيش أن المسيحيين هم الذين سيقومون بهذا التغيير وهم المستفيدون منه ليست بحاجة إلى شرح أو تعليق. ولن أعلق على ما يفرضه هذا القول من تهمة الخيانة التي يُضفيها على أتباعه. وتكفي الإشارة الي ما يقومون به من تغيير تدريجي وبلا ضجيج علي القل هنا في مصر.. ومنها تحكمهم في مناهج اللغة العربية وتغيير النصوص الدينية التي تكشف بقول الله عز وجل ما قاموا به من تغيير وتبديل في كتبهم ونصوصهم، وجميعها ثابت في وثائقهم. وما يقوم به أقباط المهجر في فرنسا من تغيير الوثائق المتعلقة بتاريخ المسيحية في مصر، وقد تناولت ذلك في مقال بعنوان "عار عليكم يا أقباط فرنسا" http://saaid.net/daeyat/zainab/158.htm ، بل ولهم موقع خاص بهم بعنوان "مسيحيو الشرق في خطر".. وبناء 5800 كنيسة بلا ترخيص وجاري تقنينها، وهو ما يغيّر شكل الدولة بكل وضوح، وخاصة فرض عمل مشروع "زيارة العائلة المقدسة" بعد زيارة البابا فرنسيس، علما بأن تلك العائلة المقدسة لم تطأ اقدامها أرض مصر على الإطلاق.

فكيف يمكن لرجل مسن أن يجر حمارا وعليه السيدة مريم ووليدها وأن يسيروا خمسمائة كيلومترا في الصحراء بلا طعام أو شراب، خاصة ان يوسف النجار كان نائما وصحي علي صوت الملاك وهو يقول له "احمل الطفل وأمه واهرب لكيلا يُقتل". فقام وأيقظهما من النوم وحمّلهم على الحمار وهربوا ؟!! كيف، خاصة وأنه اضطر الي تفادي الطريق المعتاد هربا من جنود هيرود وساروا في ضروب الصحراء. وكل ذلك وارد في الأناجيل وقد تناولته في مقال شديد الوضوح؟ كيف يمكن لرجل مسن أن يجر حمارا وعليه السيدة العذراء ووليدها ويسير خمسمائة كيلوا مترا في الظلام بلا مؤن أو مياه؟ أي عقل سوّي يمكنه أن يقبل ذلك حتى من الأتباع؟

وإن كان كل ذلك يوضع في خانة الماضي، فلا بد من الإشارة إلي السيد جولنيش الذي يترأس مركز "عمل الشرق" في باريس والعنوان الذي اختاروه على غرار مسمي "مسألة الشرق" التي تضافرت فيها جهود الفاتيكان وبلدان أوروبا لاقتلاع الإمبراطورية العثمانية..

وإن كان كل ذلك يوضع في خانة الماضي فلا بد من الاشارة الي أن السيد جولنيش الذي يترأس مركز "عمل الشرق" في باريس، فهو على غرار مسمي جريمة "مسألة الشرق" التي تضافرت فيها جهود الفاتيكان وبلدان أوروبا لاقتلاع الإمبراطورية العثمانية.. الأمر الذي نفهم منه انها محاولة ممجوجة تحاك حاليا لتكرار نفس ما سبق وفعلوه قبل ذلك.


فهل بعد كل ذلك يصمت الجميع مسلمين ومسيحيين؟ فأين المواطنة؟ وأين الدفاع عن الوطن الذي استباحوا هويته من حرب باتت معلنة؟ فما قاله الصليبي المتعصب المونسنيور جولنيش وتهديده بحرب حماية لما يتعرض له مسيحيو الشرق لا يجب ولا يجوز أن يمر بلا رد واضح من المسؤولين اقباطا ومسلمين.

زينب عبد العزيز
26 ديسمبر 2020

رابط مقال وكالة الأنباء الفرنسية

 

الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط