اطبع هذه الصفحة


 خلاصة قرارات المجمع الفاتيكان الثاني

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية

 


أشرت في العديد من المقالات إلى "مجمع الفاتيكان الثاني"، المنعقد من 1963 إلى 1965. وعادة ما يُكتب تاريخ انتهائه فقط. كما أن اسمه كاملا هو: "المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني". وكلمة مسكوني مشتقة من "المسكونة"، وهو مصطلح كنسي مقصود به "العالم". وبالتالي يكون العنوان كاملا هو: "المجمع الفاتيكاني العالمي الثاني". ومعني عالمي تشير إلى أنه انعقد بحضور ممثلين لمختلف الكنائس المسيحية، وعددها 349 كنيسة منشقة عقائديا، لفرض المسيحية علي العالم.

ونظرا لأهمية هذا المجمع دينيا وعالميا، بمعني أنه قد تخلي عن ماضيه العقائدي تماما واتخذ قرارات لا سابقة لها في التاريخ، على الأقل من حيث عالميتها ومساسها بالعقيدة المسيحية وبالإسلام. إذ لأول مرة في التاريخ يعلن في أكثر من وثيقة من الوثائق الستة عشر التي أصدرها، قرار تنصير العالم، وأن هذا القرار لا نقاش فيه ولا رجعة فيه. وبالتالي فمن الضروري أن يكون كل مسلم ومسلمة على دراية بهذا المجمع الذي قرر بكل جبروت اقتلاع الإسلام.

ولو تأملنا الأحداث التي مضت منذ تاريخ انتهائه سنة 1965 وحتى اليوم، لأدركنا خلفيات الكثير من الأحداث التي مرت والتي تم الإعداد لها بنظام التسلل البطيء. فالفاتيكان لا يعنيه الزمن، لكن كل ما يركز عليه هو غرس تفعيل بداية ما يريده، وليأخذ التنفيذ ما يأخذه من الزمن..

ويمكن تلخيص القرارات الأساسية الواردة في الستة عشر وثيقة إجمالا فيما يلي:

1- تبرئة اليهود من دم المسيح، رغم مخالفة ذلك للعقيدة المسيحية وللنصوص الإنجيلية الشديدة الوضوح. فبعد أن ظل الفاتيكان يلعن اليهود لمدة الفين سنة في كل قداس أحد وفي المناسبات، قرر فجأة تبرئتهم من قتل المسيح بل واعتبرهم اخوته الأكبر منه!! ولم ينطق الأتباع بكلمة.. ولقد لجأ الفاتيكان لتلك الخطوة الكاسحة لتاريخ وأساس عقيدته وتحالف مع الصهاينة ليطيحا بالإسلام.

2 - اقتلاع اليسار في عقد الثمانينيات (من القرن الماضي)، حتى لا   تبقى أية أنظمة بديلة قائمة   للرأسمالية الاستعمارية. وقد تم ذلك بالتواطؤ بين الفاتيكان والمخابرات المركزية الأمريكية وجورباتشوف كعميل من الداخل.. وما أكثر ما كتب عن تفاصيل اختلاق حزب " تضامن" في بولندا، واختلاق "العام المريمي" لتأجيج مناخ ديني مفتعل، أو حتى حول كل ما تم صرفه من مبالغ لتنفيذ هذه المخططات، فكلها أحداث تاريخية معاشه وهناك من يفضحها في الغرب..

3- اقتلاع الإسلام حتى تبدأ الألفية الثالثة وقد تم تنصير العالم. وهذا المطلب وارد بصور متفاوتة في مختلف نصوص هذا المجمع الذي وضع هدفه الأساس اقتلاع الإسلام لأن القرآن الكريم، المنزّل من عند الله، يتضمن ثلثه مختلف أنواع ما قامت به رئاسات الرسالتين التوحيديتين السابقتين من تحريف وتبديل وتغيير في نصوصها، ولا تزال..

4 - توصيل الإنجيل لكافة البشر.. وهي الصيغة المدغمة التي تم إعلانها آنذاك، ثم قام البابا السابق يوحنا بولس الثاني سنة 1982 بتوضيحها في خطاب رسمي معلِنا مؤكدا ضرورة تنصير العالم، مشيرا إلى أن ذلك قرار لا رجعة فيه.. (لأنه قرار مجمع مسكوني، أى مجمع عالمي)!

5 - توحيد كافة الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما، وإنشاء لجنة خاصة بذلك، رغم الخلافات العقائدية الجذرية بينها. وعندما لم يتم ذلك القرار، راح يوحنا بولس الثاني يحثهم قائلا: "إن توحيد الكنائس أمر لا بد منه فهذه هي الوسيلة الوحيدة للتصدي للمد الإسلامي " (وارد في كتاب: الجغرافيا السياسية للفاتيكان). وهو كتاب يحتوي على العديد من التوجهات التي تدخل في مجال تنصير العالم.

6 - فرض عملية التبشير على كافة المسيحيين، الكنسيين منهم والمدنيين، وهي أول مرة في التاريخ تقوم فيها الكنيسة بإصدار قرارات مكتوبة ومعلنة رسميا متعلقة بالمدنيين الذين لا   يندرجون في الهيكل الكنسي. كما طالبت كل المسيحيات بأن يشاركن في عمليات التبشير. ومعني ذلك ان كل مسيحي ومسيحية في أي دولة مسلمة عليه المساهمة في هذه العملية.

7 - استخدام الكنائس المحلية في عمليات التبشير، وهو أمر يضع كل الأقليات المسيحية في موقف عدم الأمانة أو الخيانة للبلد الذي يعيشون فيه وخيانة الأغلبية المسلمة..

8 - فرض بدعة " الحوار" كوسيلة للتبشير وكسب الوقت حتى يتم التنصير بلا مقاومة.. وإنشاء لجنة للحوار بين الأديان برئاسة الكاردينال آرنزي. والطريف في هذا الحوار أنه ممنوع من المساس بالمسيحية أو مناقشة أي شيء متعلق بها.. أي ان الحوار هذا متعلق فقط بكيفية المساس بالإسلام خطوة خطوة من جانب الطرف الفاتيكاني، وقد باتت من الوقائع المعاشة وما أكثرها..

9 - إنشاء لجنة خاصة بتنصير العالم (Congrégation pour l'Evangélisation des peuples) برئاسة الكاردينال جوزيف طومكو. وقد قام أعضاء اللجنتين بإصدار وثيقة مشتركة في 20/6/1991 بعنوان: "حوار وبشارة " تتضمن التوجيهات اللازمة لكيفية ممارسة عملية التنصير الدائرة منذ ذلك الوقت في تصعيد متواصل وفي مختلف المجالات..

10 – ومن أهم ما أقره هذا المجمع وأغربه: اعتراف الفاتيكان أن الأناجيل ليست منزّلة من عند الله وان من كتبها هم بشر، إلا ان هذه المتناقضات التي فيها أو فيما بينها ليست بمتناقضات، وإنما هي "من قبيل التعددية في التعبير"، ورغمها يفرضونها على أنها منزّلة، بل ويصرون على تنصير العالم بموجبها!

ليتنا نفيق ونفهم.. ولا أضيف ما يجب اضافته..

 

زينب عبد العزيز
 6 يناير 2021

 

الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط