اطبع هذه الصفحة


البابا فرانسيس لميشيل عون:
"لبنان لا يمكن أن يفقد هويّته"

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية

 



تحت هذا العنوان الكاشف الفاضح لحقيقة الموقف الفاتيكاني الصليبي المتعصب، الذي يتعامل بوجهين لا يعرفا للأمانة طريقا، أرسل البابا خطابا تلقاه رئيس الدولة اللبنانية يوم الثلثاء 27/11/2021، مؤكدا له أن بلد الأرز لا يمكن أن يفقد هويته، مؤكدا مرة أخري على رغبته في أن يتوجه قريبا إلى لبنان، الذي يجتاز أزمة اجتماعية ـ اقتصادية غير مسبوقة، مؤكدا مرة أخري وكلها تأكيدات تكشف عن التوجه الحقيقي لهذه المراسلات:

"لبنان لا يمكن أن يفقد هويته ولا تجربته في التعايش الأخوي الذي جعل منه رسالة للعالم أجمع".

ثم واصل مستشهدا بعبارات البابا الراحل يوحنا بولس الثاني قائلا: "لبنان ـ رسالة"، وذلك في خطاب رسولي أصدره سنة 1989. والرسالة الشديدة الوضوح تقول أو تنص على أن تكون الأقلية المسيحية في البلد هي الهوّية الرسمية الرئيسية المتحكمة في الدولة.. وجدد البابا فرانسيس رغبته في أن تتحقق زيارته للبنان وشعبه الحبيب".

والهويّة تعني إجمالا: مجموعة من الخصائص الجوهرية والميزات التي يمتلكها الشخص ويتم التعرف عليه من خلالها، وتميّزه عن غيره: وأولها الهوية الدينية، والوطنية، والرقم القومي، وبصمات الإصبع، وجواز السفر، وشهادة الميلاد وغيرها. لذلك يصر البابا الفاتيكاني على التمسك بالهوية الدينية للبنان.

وكان فرانسيس عقب زيارته للعراق في مطلع شهر مارس الماضي، قد تلقي دعوة رسمية من ميشيل عون لزيارة لبنان. وفيما يلي نص خطاب البابا ردا على هذه الدعوة:
"إلي معالي السيد ميشيل عون،

"رئيس الجمهورية اللبنانية
"أشكركم على الخطابات القلبية التي وجهتموها لي بمناسبة العام الثامن لباباويتي، وكذلك عقب عودتي من رحلة العراق، موجها لي الدعوة لزيارة بلدكم وشعبه الحبيب.
"وفي انتظار هذا المشروع الغالي على نفسي أن يتحقق، وفقا لإرادة الرب، أؤكد للبنانيين صلواتي الورعة، حتى يتحلوا بالصبر والأمل في المحنة. إن لبنان لا يمكنه أن يفقد هويته ولا تجربته في التعايش الأخوي التي هي رسالة للعالم أجمع.

"ليعاونكم الرب، والمسؤولون السياسيون، للعمل بلا هوادة للصالح العام لبلد الأرز.

"أستودع بلدكم الغالي لحماية سيدتنا عذراء لبنان. وأن يبارككم أمير السلام، أنتم ولبنان وكل من يقطنونه.
"من الفاتيكان، يوم 29 مارس 2021،

فرانسيس".

وإن أمكن الإشارة إلى عدة نقاط في هذا الخطاب، أن البابا سبق وتلقي عدة رسائل من الرئيس اللبناني ولم يكن قد رد عليها وإنما تفضل بالرد حين تعلق الموضوع بالهوية المسيحية.. فكل ما يعني البابا هو "ألا يفقد لبنان هويته المسيحية"، تلك الهوية غير الحقيقية أو الهوية المزيفة والتي اكتسبها بفضل غطرسة وتعنت الاستعمار الفرنسي، الذي صاغ دستورا ينص على أن تكون رئاسة الدولة لمسيحي، ورئاسة الوزراء لمسلم، وباقي المناصب توزع على اختيارات من الطوائف الدينية مجتمعة.

وهذه الفرية الظالمة المجحفة لحق المسلمين في لبنان، إذ وفقاً لإحصائية الفاتيكان قبل تعديلها نسبيا مؤخرا، فإن المسلمون يمثلون أكثر من 67 % من التعداد، أي أنهم يمثلون الأغلبية الساحقة لشعب لبنان، ومع ذلك، وبفضل التلاعب السياسي الفرنسي فهوية البلد مسيحية بسبب تماثيل السيدة العذراء والسيد المسيح التي تملأ حواري وشوارع وجبال لبنان، إضافة الي عدد الكنائس اللافت للنظر. الأمر الذي يفرض الهوية المسيحية على بلد أغلبيته الساحقة مسلمة!
وهذا التلاعب السياسي الغربي الصليبي هو ما يحاول البابا فرانسيس الحفاظ عليه زورا وظلما، متغنياً بالهوية المسيحية التي يحاول فرضها على العالم.

والغريب أن البابا وكافة قيادات العالم الغربي الصليبي المتعصب قد غضوا الطرف عن جريمة الصهاينة ونسفهم مرفأ بيروت بقنبلة ذرية محدودة المفعول.. الأمر الثابت من صور الانفجار التي نشرتها جرائد العالم. ورغمها، ساد الصمت ولم يتجرأ أحدهم على المساس بالكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين بقرارات حربية غربية صليبية تلهو بالتحكم في العالم وتوزيع الأنصبة فيما بينهم.

وفي خضم هذه الاستعدادات لتثبيت هويّة مزيفة، لم يفت البابا تواضرس الثاني، الذي من الواجب أن يكون ولاءه لمصر وليس للفاتيكان، أن يساهم هو أيضا بإرسال رسالة بيد مرسال، لبابا الفاتيكان، للعمل على تثبيت الهوية المسيحية للبنان. كما أكد نفس المطلب الأسقف بشارة بطرس الراعي يوم 3/4/2021 في خطابه للتهنئة بعيد القيامة يحثهم فيه على التمسك بالهوية المسيحية لبلدهم.

كما التقي السيد ميشيل عون، رئيس الدولة اللبنانية، بالمستشار الأعلى لوزارة الدفاع البريطانية للشرق الأوسط، الجنرال چون لوريمر بمرافقة وفدا رسميا. وتناولت المحادثات الوضع الأمني والعسكري في لبنان والمنطقة، كما تناول الحديث التعاون بين الجيش اللبناني والبريطاني.

وبينما المسلمون نيام، تتغني القيادات المسيحية بالأخوة الإنسانية، ويقتلعون البيانات، والوثائق، والموافقات التي تقتلع الهوية الإسلامية خطوة خطوة.. لتنصير الشرق الأوسط بكامله كما هو مُعلن في مختلف النصوص، الي ان يتم فرض الكاثوليكية الفاتيكانية على العالم..

عندئذ ستفيق المسيحيات الثلاثمائة وخمسون، حينما يتم اقتلاعهم من عقائدهم المنشقة عن الفاتيكان.. ويا له من صراع زائف، غير أمين، قائم على التزييف والتحريف.


زينب عبد العزيز
30 ابريل 2021

 

 
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط