اطبع هذه الصفحة


فرانسيس يوهب الشرق الأوسط للعائلة المقدسة..

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية

 


البابا يناشد أباطرة الشرق الأوسط حراسة مسيحية "الأصول الأولي" لهذه البلاد.. ويوهب الشرق الأوسط للعائلة المقدسة! فهل بعد هذا التهريج تهريجٌ إلا صمتنا الأخرس؟!
تحت هذا العنوان المتعدد المعاني والصادر يوم 27 يونيو 2021 على مواقعه المتعددة والجرائد الفرنسية، ناشد البابا جميع الأساقفة الكاثوليك في الشرق الأوسط، أن يقوموا في لقائهم الجماعي يوم أول يوليو، ذلك اليوم الذي حدده من أجل السلام في الشرق، بالإصرار على حماية حقوق "السكان الأصليين" (أي المسيحيين) وضرورة حفاظهم على الأصول الأولي الرسولية..

"لقد تقبلت دعوتكم لي للانضمام إليكم في هذا اليوم الخاص، حيث كل واحد منكم يقيم مع أتباعه نداءً للرب لإحلال السلام في الشرق الأوسط ووهبه للعائلة المقدسة".. ثم راح يؤكد لهم أنه منذ بداية توليه البابوية وهو يحاول أن يكون قريبا من آلامهم، "وذلك بزيارة الأرض المقدسة، ثم مصر، والإمارات، والعراق، ثم دعوت كل كنيسة للصلاة والإعراب عن تضامنها مع سوريا ولبنان وقد انهكتهما الحرب وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي".. ثم أوضح:
"إن العائلة المقدسة، يسوع ويوسف ومريم، التي اخترتم أن توهبوها الشرق الأوسط، تعبيرا عن هويتكم وعن مهمتكم، لأن العائلة المقدسة تكرس غموض ابن الرب وقد أصبح بشرا.. أنه غموض تواضع واغتصاب.. فمثلما حدث في بيت لحم، الذي اعترف به الداني والقاصي، لكن أنكرها الذين كانوا أكثر تعلقا بالسلطة الأرضية بدلا من الانبهار أمام إتمام وعد الرب".. وهذا دأب البابا دوما: أن يضع مطالبه على لسان الطرف الآخر الذي يقوم بتكليفه بما يريد!
"ان معني أن نوهب الشرق الأوسط للعائلة المقدسة، يناشد كل واحد فيكم القيام بإعادة استكشافه كجماعة وتوجهكم كمسيحيين، ليس فقط بالإصرار على الاعتراف بحقوكم أنكم السكان الأصليين لهذه الأراضي الحبيبة، وإنما أن تعيشوا مهمتكم كحراس وشهود للأصول الرسولية الأولي"..

"في هذه اللحظة، فإن المشاريع والاتفاقيات الإنسانية لا يمكنها عمل شيء يُذكر إن لم يكن لدينا الثقة في قوة العلاج من الرب.. لا تبحثوا عن الارتواء في ينابيع مسممة بالكراهية، لكن ترك حقل القلوب يرتوي بندي الروح القدس، مثلما فعل كبار قدسيكم في تقاليدهم على التوالي: أقباط، مارون، ملكيين، سريان، أرمن، كلدانيين ولاتين".. فالديانة الوحيدة في نظره هي كاثوليكية روما..

وكان البابا قد التقي بأعضاء منظمة "مساعدة كنائس الشرق" (Roaco) في القصر الرسولي يوم الإثنين 24/6/2021، في نهاية هذا الاجتماع الذي بدأ قبلها بثلاثة أيام، و"شكرهم على العمل الدقيق الذي قاموا به (الإعداد للقاء) وطالبهم بمواصلة التركيز على الأهم حاليا وهو التبشير بالإنجيل في هذه الأراضي المعذبة بشدة". أي ان أراضي الشرق الأوسط المعذبة بوجود الإسلام ستتعرض لعملية التبشير بالإنجيل لُيرفع عنها العذاب بوجود المسلمين!!
وأنهي البابا خطابه هذا قائلا: "كم من حضارة وسيطرة تولدت ونمت ثم سقطت بأعمالها الرائعة وغزواتها للأرض: كل شيء قد مضي. منذ كلمة أبانا أبراهام وكلمة الرب لم تكف عن إنارة وتنير خطانا". ثم دعي الأباطرة إلى أن يعيشوا نبوءة "الأخوة الإنسانية".. "كونوا ملح أراضيكم، اعطوها طعما للحياة الاجتماعية. ساهموا في البناء العام وفقا لمبادئ العقيدة الاجتماعية للكنيسة، الواجب التعريف بها وفقا لما يوضحه الخطاب الرسولي المعنون: "الكنيسة في الشرق الأوسط". ثم بارك رؤساء الكنائس في الشرق الأوسط وكل الأتباع الذين تابعوا هذه المبادرة الروحية من أجل السلام في الشرق الأوسط"..

وقد استقبل البابا أمس، أول يوليو، وفدا من عشرة مسئولين كنسيين من لبنان، وكلهم آمال سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية.. أنها تمس دولة في أزمة، خاصة أن الأباطرة غير قادرين على الالتفاف حول كلمة احدة. فهل سيتم ترجيه اقتراح البابا بحل دولي، أشبه ما يكون بعالم عربي منفتح على الغرب وشديد التحمس ليعيش نبوءة "الأخوة الإنسانية" في قلب عالم عربي إسلامي مسيحي التوجه والهوية. تلك الوثيقة اللعينة التي تفتح الباب للتنصير على مصراعيه بهدوء.

وإن قمنا بتلخيص هذا الحدث/المخطط فهو عبارة عن تنصير الشرق الأوسط برمته، فالمسيحيين بفرقهم في نظر البابا "السكان الأصليين". لذلك قد وهب الشرق الأوسط للعائلة المقدسة، استكمالا لفرية ترسيخ زيارتها لمصر، وحمّلهم المساهمة في البناء العام وفقا لنصوص المسيحية الكنسية.


زينب عبد العزيز
2 يوليو 2021




 

 
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط