اطبع هذه الصفحة


خطاب مفتوح من هليوس السكندري الي البابا فرانسيس

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية

 


علي الرغم من الوضوح الشديد لهذا العنوان، أو لهذا المقال، إلا أنه يتضمن عدة ملاحظات لا بد من توضيحها قبل تناول الموضوع:
* الموقع المُرسل للمقال على بريدي الإلكتروني لستُ مشتركة فيه، وقد وصلني الأحد الماضي علما بأن المقال نفسه بتاريخ 3/9/2017! أي انه يرجع إلى أربع سنوات..
* الراسل/الناشر للمقال اسمه إدوار بولونيْ (Edouard Boulogne)، ولا أعرفه حتى كاسم من بين الكتّاب الذين أتابعهم.
* الصورة المرفقة للمقال للبابا فرانسيس في الأزهر عند زيارته لمصر سنة 2017، وفي المقال منشورة بطولها كاملة.
* الغريب في الرسالة أنها من المدعو "هليوس" (وتعني الشمس)، ويقول عن نفسه إنه البابا تواضرس الثاني، رئيس الكرازة المرقسية في مصر.

وفيما يلي ترجمة نص الرسالة:
"أنشر بلا تردد هذا الخطاب من هليوس، بطريرك الإسكندرية (بطريركية الإسكندرية وكل افريقيا أو الكنيسة الأرثوذكسية للإسكندرية وكل افريقيا، وهي السلطة القضائية المستقلة للكنيسة الأرثوذكسية في مصر وفي أفريقيا). ورئيس الكنيسة يحمل لقب بطريرك الإسكندرية وكل أفريقيا، وله مقر إقامة في الإسكندرية، بمصر، ولقبه الحالي قداسة البابا تواضرس الثاني منذ 9 أكتوبر 2004.
"ولقب بطريرك الإسكندرية يحمله أيضا حاليا ثلاثة رؤساء كنيسة، البابا القبطي، والبطريرك القبطي الكاثوليكي، والبطريرك الملكاني الكاثوليكي. (وذلك وفقا لموقع ويكيبديا).
ويلي التقديم بعاليه خط عريض بعرض الصفحة، ثم نفس العنوان، وتحته الرابط الإلكتروني للمقال، يليه بداية الرسالة، وهي موجهة بالاسم المدني للبابا فرانسيس وليس بالاسم الكنيسي. وفيما يلي نص الخطاب:
"السيد برجوليو،
"كثيرا ما يحدث لي أن أتساءل ما الذي فعَلَتْهُ أوروبا للرب لكي يتم اختيارك في منصب البابا. بالطبع أوروبا اقترفت أخطاء فادحة، وتباعدت عن إيمانها وميراثها المسيحي، لكن أهي غلطة فادحة إلى هذا الحد حتى يعاقبها الرب بهذا العنف؟
وبين هذه الفقرة والفقرة التالية إعلان بأن (موقع دروز بحاجة إلى مساهمتكم. ثم عبارة: اضغط هنا مع توضيح رقم تبرعكم). ويتواصل الخطاب:
"لقد سبق وكتبت لك لأذكرك أن ربنا يسوع المسيح بعد صحوته من الموت قال ثلاث مرات للقديس بطرس: "ارعي خرافي" ("ارعي": من فعل يرعي تعني "يُطعم، يَحمي، يَقود"، (ملحوظة مكتوبة في الرسالة). وقد أوكل إليه بهذه المناسبة أكثر المهام نبلا وصعوبة. وهي نفس المهمة التي قام بها أثناء مروره على الأرض، أن يكون الراعي الصالح. واسمح لي أن أذكرك بكلماته: "أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. وأما الذي هو ليس راعيا الذي ليست الخراف له فيري الذئب مقبلا ويترك الخراف ويهرب. فيخطف الذئب الخراف ويهددها. والأجير يهرب لأنه أجير ولا يبالي بالخراف" (يوحنا 10: 11ـ13).

"أتي وقتٌ كنت أمنحك فيه عن طيب خاطر مَزْيَةُ الشك، لكن حيال مواقفك كنت أتساءل إن لم تكن، بعد البابوية، وصلت وتعديت حد عدم كفاءتك ـ على حد قول بطرس. لكن اليوم أتساءل بصورة أكثر جديّة بشأنك: من أي جانب أنت؟ الراعي الصالح أم الأجير؟ جانب يسوع أو اليساري الميّال للمهاجر؟ التابع للإيمان المسيحي أو للإسلام الغازي؟
"إن دم ضحايا الإرهاب الإسلامي لم يجف بعد حتى تستعذب بمكر دفع الأتباع إلى مزيد من المازوخية. العام الماضي بعد مجزرة مدينة نيس واغتيال الأب هامل اثناء القداس، كنت تعطي الأمر للكاثوليك البولنديين بفتح الحدود للغزو الإسلامي. ويوم الإثنين الماضي 11/8/2017، بالكاد بعد أربعة أيام من مجزرة برشلونة، كنت تتحدث في خطابك على تقبّل المهاجرين في أوروبا. والمنطق السَوي واللياقة والحد الأدنى من رهافة الحس كان عليها أن تؤجل ولو لمدة أسبوع الحماس الذي تظهره للغزو الإسلامي. تري لماذا كنت ملهوفا لتعلن على الأوروبيين أن أمنهم وحضارتهم لا يجب بأي حال أن تكون مصدرا للغزو؟
"حقا أنك تذكر العديد من جُمل الأناجيل تدعيما لسياستك، وكأن يسوع يتحدث إلى الحكومات الأوروبية وليس إلى المؤمنين في خصوصية قلوبهم. "كنت غريبا فآويتموني" (متّي 25: 35). وباستخدامك كلمة يسوع المسيح هذه لتبرر وتدعو لفتح الحدود للهجرة الجماعية، فإنك تقترف تزويرا فكريا وتقود المسيحيين عمدا إلى الخطأ. إن الرب يحترم حريتنا الشخصية في الاختيار، لأنه لا يوجد حب وعطاء للذات بلا حرية. وباستخدامك السلطة المعنوية التي تمنحك وظيفتك فإنك تصرف النظر عن حرية الاختيار للمسيحيين وتفرض عليهم، ليس مجرد حملا ساحقا، لكنك تعرّض أيضا حياتهم للخطر. وبذلك فإنك تشبه الكتبة والفريسيين الذين أدانهم يسوع قائلا: "فإنهم يحزمون أحمالا ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس وهم لا يريدون أن يحركوها بأصبعهم" (متي 23: 4).
"إن الإنجيل ليس كتابا سياسيا ولا مانيفستو ماركسي، ولا يبرر تحيّزك الأيديولوجي على الإطلاق. إنك تصر على ألا تأخذ في الاعتبار كراهية وعداء الإسلام تجاه الغرب والمسيحية. وتظل غير مبال لدروس التاريخ الصعبة ولا الأحداث الحديثة، وكأن الثلاثمائة مليون قتيل، ضحايا الإسلام منذ أربعة عشر قرنا، لا قيمة لها، وكأن المذابح اليومية التي يقوم بها الإسلام تنزلق على كيانك الأيديولوجي دون أن تخترقه.

"منذ أربعة أشهر كنت في مصر حيث تم إبلاغك بالتفصيل عن المعاناة والإهانات التي يتعرض لها المسيحيون هناك. ورغمها يبدو أنك ابتلعت كل الأكاذيب التي قدمها لك الإمام الأكبر للأزهر بكل براعة. إن أحضانك وقبلاتك علمتنا الكثير عن لؤمه وعن سذاجتك طواعية. إنهم لم يُدحرجوك في الدقيق فحسب، وإنما أنت الذي قد مرّغت نفسك سعادة. فما الذي حصلت عليه من أجل مسيحيو مصر؟ ليس أبعد من أسبوع قام البوليس، المزود بالهراوات والدروع، كان يمنع آلاف المسيحيين من الاجتماع للصلاة. ففي مصر إن حق المسيحيين في الصلاة خضع عشوائيا للسلطة، والشرع الإسلامي هو الذي ينص على ذلك. والحرية الدينية للمسيحيين مبهدلة في البلدان المسلمة لكنك تؤثر الصمت. وكلما تأملتك كلما أدركت كم تسخر بشدة من الأقليات المسيحية في مصر وفي الشرق الأوسط. وبالفعل، لربما لو رفعت اصبعك الصغير لصالحهم لاهتزت صورة الغزَل بينك وبين الإمام. حقا أنك لبابا غريب، فإن مهد المسيحية قد تأسلم بأكثر من 95 %، والمسيحيون في الشرق الأوسط في سبيل الاقتلاع، وأنت تحلم بأسلمة أوروبا!

"أهي عدم خبرة، جهل، سذاجة، ملائكية؟ ذلك ما كنتَ تجعلنا نتصوره في بداية بابويتك. وكان سوء تقدير لعنادك وللغمامة التي على عينيك وتجعل منك خطرا على كل المسيحيين. إنني أتساءل ما الذي كان يفعله الروح القدس أثناء الاجتماع الذي جعلك البابا؟ لا شك في أنه امتنع عن إلهام الناخبين المهتمون أكثر بالسياسة عن يسوع المسيح. إذ كان من الأكثر أهمية تقديم لوسائل الإعلام ولأعداء الكنيسة بابا يقبلونه، بابا علي شكليتهم، هو عكس من سبقه وأقل منه ثقافة وحكمة.

"إن الإيمان المسيحي بحاجة إلى منطق، وحيثما لا يوجد منطق فإن الإيمان لا يوجد أيضا. إن حب القريب لا يعني أن تضع حياتك في خطر والأكثر من ذلك إن هذا "القريب" الذي تُجبرنا على رؤيته يحلم بأن يستعبدنا ولن يتخلى عن قتلنا إذا قاومنا. فأن تأمر الخراف الطيبة على قبول الذئب في الحظيرة، فذلك هو ما تطالب به من أعلي كرسيك. إنك لا تأمر به من باب الرحمة المسيحية وإنما من باب التعصب الأيديولوجي.

"شيء من التواضع وتأمل الذات لن يضرك بكل تأكيد، لكن لا جدوى من الأمل في أن عقلية معجونة بالأيديولوجيات مثل عقلك، يمكنها إعادة النظر في العقائد التي تفصله عن الواقع. فحيثما تحكم العقيدة الأيديولوجية وتسود، فإن الحكمة لا أمل لها في أن تشق طريقها. إن الكنيسة الكاثوليكية اقترفت العديد من الأخطاء طوال حياتها، لكن كونها وضعتك على رأسها ليس خطيئة بسيطة، فمن عدة أوجه أنها أشبه بالكارثة".

وانتهي الخطاب بكل ما فيه من مغالطات وأكاذيب وأهداف..
لن أعلق على ذلك الخطاب المفتوح، أو المفضوح، فمن المحال أن يتفوه البابا تواضرس الثاني بمثل هذا الأسلوب أو بهذه اللهجة، لا لأدبه الشخصي فحسب، أو لدرايته تماما بالأصول الأخلاقية والتدرجات الوظيفية. فعلي الصعيد العالمي البابا فرانسيس يترأسه في الكادر الكنسي. ووفقا لذلك القانون الفاتيكاني فلا يوجد سوي بابا واحد في الدنيا هو بابا الفاتيكان. والبابا تواضرس يحمل عنده لقب أسقف مثل كل أساقفة العالم.

ويظل كاتب المقال شخصٌ ما، جبانٌ بكل تأكيد، فقد تلفع باسم البابا تواضرس لمحاولة إشعال الفتن بالأكاذيب. وهو مثال واحد من غثاء كثير تتجرعه شعوب الشرق والغرب من محاولات لتشويه الإسلام، محاولات لا تكل ولا تمل إلى أن يفعل الله ما يشاء..


زينب عبد العزيز
23 سبتمبر 2021


رابط المقال:
Lettre ouverte d’Hélios d’Alexandrie au Pape François - Le Scrutateur.


 

 
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط