اطبع هذه الصفحة


الأكاذيب المتراكمة ، وتحنيث الوعود ..
( فى ذكرى نكسة 1967 ! )

الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية


فى زمن باتت فيه الأكاذيب المتراكمة هى المعيار ، وتحنيث الوعود هو الأمر المتّبع ، فلا بد من استعراض أهم تلك الملامح المكوّنة للوضع الراهن ، بمناسبة ذكرى مرور أربعين عاما على نكسة يونيو 1967 – ويا لها من نكسة !
وقبل أن نتناول وضع الكيان الصهيونى المحتل لأرض فلسطين ، على ضوء الحفائر الأثرية الجديدة ، تجدر الإشارة إلى دور الركائز الأساسية التى قام عليها وبفضلها ذلك الكيان و تم احتلاله لأرض لا حق له فيها بكل المقاييس ، فلولا الأكاذيب المتراكمة وتحنيث الوعود المتكرر لما كان لذلك الكيان الغاشم أى أثر فى الوجود ! و من أهم هذه الركائز الأساسية : السياسة الأمريكية و السياسة الفاتيكانية.
ولا أتناول هنا الركيزة الأساسية الثالثة ، ألا وهى موقف أصحاب القرار المسلمين والعرب ، الذين لولا تواطؤهم وتنازلاتهم المتواصلة لما كان من الممكن أن تتم هذه المأساة/ الفضيحة ولا هذا الإقتلاع للشعب الفلسطينى من أرضه !.. لعل التطورات الناجمة عن الحفائر الأثرية الجديدة فى أرض فلسطين المحتلة وفى سيناء أيام إحتلالها ، والتى تغيّر بلا شك من مكونات القضية ، أن تلهم من يمكنهم أخذها فى الإعتبار و إعادة النظر فى الوضع برمته على أسس واقعية جديدة ..

ولا يسع المجال هنا لتناول كل الأكاذيب التى قامت عليها السياسة الأمريكية ولا كل الوعود التى حنثتها على مدى عمرها القصير، لكن تكفى الإشارة إلى أن نفس كيانها وحضارتها قد قاما على ما شبّت عليه وهو : القتل العرقى وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين لاحتلالها بالمجازر والتدمير والأكاذيب والوعود المحنثة .. وهو نفس الخط الذى تتبعه هذه السياسة بعامة ، منذ نشأت ، وحتى يومنا هذا. وآخر فصولها مجزرة سريبرينيتشا و الإحتلال الوقح لأرض أفغانستان والعراق ، القائم على أكذوبة 11/ 9/ 2001 التى اختلقتها بأيديها للتلفع بشرعية دولية لمحاربة الإسلام تحت مسمى الإرهاب !. ويكفى الإطلاع على كل ما صدر من كتب وأبحاث تدين هذه المسرحية منذ بداية عرضها أو بمناسبة مرور الذكرى الخامسة لإبتداعها...
كما لا يسع المجال أيضا لتناول كل الأكاذيب التى قامت عليها المؤسسة الفاتيكانية أو المؤسسة الكنسية الرومية ، وكل ما قامت به من مجازر طوال قرابة الفى عام لنشر عقيدة قائمة على الأكاذيب وتحريف النصوص والتاريخ والحقائق. وتكفى الإشارة هنا إلى تبرأة اليهود من دم المسيح فى مجمع الفاتيكان الثانى عام 1965 ، رغم وجود أكثر من مائة إتهام صريح ضدهم من السيد المسيح وغيره ، وهى آيات لا تزال من النصوص المتداولة فى الأناجيل الأربعة. فلولا هذه التبرأة التى سمحت بالإعتراف بالكيان الصهيونى، وفرض هذا الإعتراف على الدول الغربية المسيحية التى كانت رافضة الإعتراف به، لما انغرس ذلك الكيان الإستيطانى القائم على فكرة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" كما يقولون بكل جبروت ، وهو ما يقومون بتنفيذه فعلا ! فهى فى الواقع عملية قتل عرقى أخرى تتم بالتدريج وفى وضح النهار – وتكفى مهانة وصف مجلة ليبراسيون للبابا بنديكت السادس عشر الشهر الماضى بأنه "كذاب محترف "، من كثرة ما اختلقه من فريات، ومن كثرة ما تحمله المؤسسة التى يترأسها من أكاذيب ..

و الجديد فى مسألة الحفائر الأثرية هو أنه فى 23 مايو 2007 ، نشرت وكالة الأنباء الفرنسية أن جنودا إسرائيليين قاموا بعمليات قتل غير مشروعة فى الأراضى الفلسطينية .. وذلك نقلا عن تقرير منظمة العفو الدولية لسنة 2006 المنشور يوم الأربعاء. ويضيف التقرير : " إن الحواجز التى أقامها الجيش وعمليات الإقتلاع المتزايدة وتقييد حرية حركة الفلسطينيين ، واستيلاء الإسرائيليين على الحقوق الجمركية للسلطات الفلسطينية قد أدت إلى تدهور حالة الفلسطينيين" ! ثم يواصل التقرير قائلا : " إن الفقر وتردى الحالة الغذائية والمشكلات الصحية والبطالة قد وصلت إلى مستوى ينذر بالخطر" .. كما يوضح التقرير " أن عدد الفلسطينيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلى قد تضاعف أكثر من ثلاث مرات سنة 2006 عنه فى 2005 ، بينما قد تناقص عدد الذين قتلهم الفلسطينيون من الإسرائيليين فى نفس الفترة إلى أقل من النصف ".. وينتهى عرض التقرير بما أوضحه الكاتب قائلا : " من مصلحة الشعب المختار العودة إلى حدود 1967 التى لا يدين بها لإلهه العاجز و إنما يدين بها لهيئة الأمم المتحدة " !!
أى ان الحجة المزعومة التى تذرعوا بها بأن إلههم قد منحهم هذه الأرض عبارة عن أكذوبة يعرفها الجميع ، وأن من منحهم هذه الأرض فعلا هى الأمم المتحدة بناء على الأكاذيب المختلقة ! وعندما لم تتمكن تلك المنظمة من فرض قرارها بالإعتراف بالكيان المحتل لأرض فلسطين على جميع الدول، لجأت السياسة الأمريكية إلى حليفها الأكبر ، الفاتيكان المجيد ، الذى قام بتلك الفضيحة الأخرى جهاراً نهاراً ، ألا وهى : تبرأة اليهود من دم المسيح ، رغم اللعنات التى لم تكف الكنائس عن صبها عليهم فى قداس كل يوم أحد.. و عدم أحقية اليهود فى أرض فلسطين هى المعلومات التى صارت تذخر بها الكتب والأبحاث الجديدة فى العقود الماضية.
ومن أهم المراجع التى ظهرت كتاب "كشف النقاب عن الكتاب المقدس" ( 2002 )، بقلم كل من إسرائيل فينكلشتاين ، مدير معهد الآثار بجامعة تل أبيب ، ونيل سيلبرمان ، رئيس قسم التاريخ فى معهد الآثار والتعريف بالميراث ، فى بلجيكا، والإثنان يهوديان ولهما مكانتهما العلمية المعترف بها.
وقد إلتزم المؤلفان بالتعريف العلمى للإكتشافات الجديدة و توصلا إلى نتائج تختلف تماما عما يتم نشره. فقد أعادا النظر فى تاريخ الشعب اليهودى وقاما بتحليله على ضوء ما أسفرت عنه هذه الحفائر. وأول ما توصل إليه العديد من العلماء اليهود العاملين على هذه الحفائر، وليس المؤلفان وحدهما ، هو أن هذه الإكتشافات قد أكدت عدم مصداقية الكتاب المقدس ، وأنه لا يمكن إعتباره كتاب تاريخ يُعتد به ، وإنما هو كتاب دعاية تمت صياغته لأغراض سياسية ، أو كما أوضحا : " أنها قصص متفرقة تمت حياكتها من الذاكرة ، من أنقاض عادات قديمة وأساطير حول مولد شعوب مختلفة فى المنطقة والإهتمامات التى أثارتها المعارك المعاصرة"..
وبالنسبة للمؤلفان ، فإن الكتاب المقدس " يتفق وبداية ظهور مملكة يهودا فى الجنوب كقوة محلية فى القرن السابع قبل الميلاد. أما مملكة اليهودية فى الشمال فقد انتقلت إلى سيطرة ملوك آشور ، وهو ما أدى إلى أفولها. وبذلك تحول الكتاب المقدس إلى أداة دعاية لأحلام استيطانية. أى ما معناه أن عظمة دولة إسرائيل القديمة عبارة عن إختراع سياسى".. ثم يؤكدان : "من الواضح اليوم أن عددا كبيرا من الأحداث الواردة فى التاريخ الإنجيلى لم تحدث لا فى المكان المذكور ولا بالطريقة المكتوبة. والأدهى من ذلك ، أن بعض الفقرات الأكثر شهرة فى الكتاب المقدس لم تحدث مطلقا ، وهو ما يقلب النظرة إلى ذلك الكتاب رأسا على عقب ".. وهو ما يسمح بوصف حضارة الغرب المسيحى بأنها قائمة سياسياً ودينيا على أكاذيب !ً
وأهم ما يخرج به الكاتبان من ذلك البحث : " أنه من الممكن أن يفتح آفاقا جديدة بالنسبة للفلسطينيين ، لأن اليهود لم يعد من حقهم إدعاء أن أرض فلسطين ملكا لهم بزعم أنهم غزوها قديما بمساعدة الإله يهوه. حقا ، لقد عاش عليها أجدادهم منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة ، لكنهم كانوا يتقاسمونها مع الكنعانيين الذين كانوا يمثلون الأغلبية آنذاك ، و هم أجداد الفلسطينيين. وأيا كان الأمر فلا حق لليهود فى هذه الأرض التى غابوا عنها طوال عشرين قرنا" !!
وهى نفس الفكرة التى كان قد خرج بها الأب جان لاندوزى فى الرسالة الجامعية التى تقدم بها فى المعهد الكاثوليكى فى باريس وتمت طباعتها عام 1978 ، وهى بعنوان : " هبة أرض فلسطين" والتى يوضح فيها بالنصوص أن اليهود لا حق لهم فى هذه الأرض .. ويقول الأب لاندوزى فى البحث الذى تقدم به فى مؤتمر "مسيحيو الشرق" المنعقد فى باريس عام 1987 : " إن الوضع الصهيونى يرمى إلى تبرير وجود دولة إسرائيل بفعل أنه يرد فى الكتاب المقدس أن الرب قد أعطى أرض فلسطين لإسرائيل. إلا أن المشكلة تبدأ بالنسبة لنا حينما يحاولون دفع المسيحى منا إلى تأكيد نفس القول بناء على الكتاب المقدس ".. ثم يضيف بعد ذلك قائلا : " من ناحية أخرى كان وعد الأرض مشروطا بالإستقامة والإخلاص للعهد الذى تم إبرامه بين الرب وشعبه. وإن الأرض سوف تُسحب منهم إذا ما خانوا العهد". والمعروف من نفس نصوص الكتاب المقدس أنهم خانوا العهد وعادوا إلى عبادة العجل وإلى تعدد الآلهة وإلى قتل الأنبياء.. ثم يضيف موضحا : "إن أرض فلسطين لا يمكن أن تكون ملكا لجماعة واحدة باسم القرار الإلهى لأن القرار الإلهى كان شاملا لكل من على تلك الأرض ولم يستبعد أحدا ومنهم الفلسطينيين أساسا". أى إن الأمناء من الكنسيين محرجون ما بين النصوص الصريحة الوضوح وبين انسياق الكنيسة وتورطها فى الأكاذيب السياسية ..
وفى بحث كتبه جان بيير شافاز عام 2006 يقول " حتى سنة سبعين كان لعلم الآثار فى الأراضى المقدسة فكرة ثابتة لا تتغير ، هى : محاولة إثبات وتقديم الأدلة والبراهين على أن القصص الإنجيلية صادقة. إلا أن هذه الأبحاث قد باءت بالفشل. فعلى الرغم من أن كتبة الكتاب المقدس قد حاولوا تقديم الأدلة على مصداقيتهم ، مستشهدين ببعض المعطيات التاريخية ، بالإشارة إلى أحد ملوك الفراعنة أو إلى غيره هنا وهناك ، إلا أن الإكتشافات الحديثة قد بددت مزاعم كل تلك التأييدات وأطاحت بمصداقية كل مجريات تاريخ اسرائيل قديما". ثم يضيف قائلا : " من الواضح أنه منذ فترة ليست بالقصيرة لم يعد الكثير من رجال اليهود والكاثوليك والبروتستانت يأخذون الكتاب المقدس على أنه كتاب تاريخ يُعتد به .. ومن المؤكد أن كتبة سفر التثنية لم يكونو ملهمين من الرب ، وإلا فذلك يعنى أنه يعانى من فقدان الذاكرة " !..
وفى العدد رقم 391 من مجلة "البحث العلمى" الصادرة فى نوفمبر 2005 ، توجد ملزمة من 29 صفحة بها عدة مقالات لأقلام أثريين قاموا بالحفائر فى منطقة سيناء وفى فلسطين ، ليؤكدوا نفس المعلومة بأن العهد القديم قد كُتب من أجل الدعاية السياسية الدينية. أى بقول آخر " أنه عبارة عن إعداد وتلفيق وثائق معينة من أجل هدف بعينه " !.. ولا داعى لإضافة أنه ما من أحد منهم أصبح ينظر للكتاب المقدس على أنه " منزّل " ..
ويقول بيير دى ميروشدجى ، الأثرى ومدير الأبحاث بالمعهد الفرنسى للبحوث فى القدس : "هناك الكثير من الإكتشافات التى تناقض النصوص الإنجيلية ، بحيث يمكن الجذم بأن ما يقدمه الكتاب المقدس على أنها فترة غزو الإسرائيليين للأرض الموعودة يبدو اليوم ، على ضوء الإكتشافات الأثرية الجديدة ، على أنه فترة قلاقل سياسية وإقتصادية وإجتماعية .. وفيما يتعلق بالفترات الحديثة فنحن بصدد تاريخ أعيدت صياغته كليةً من أجل منظور أيديولوجى .. فهناك أدلة قاطعة تناقض ما هو وارد بالعهد القديم ، مثال مسلة مرنبتاح ، سنة 1210 ق م ، التى يرد بها إنهزام شعب إسرائيل تماما " .. ثم يؤكد قائلا : "إن الأثريين قد أثبتوا أن غزو اليهود للأرض الموعودة عبارة عن أسطورة ... وكل هذه الإكتشافات الجديدة تعطى تفسيرا جديدا لنصوص الكتاب المقدس وتظهر أن غزو الأرض الموعودة عبارة عن أصداء شديدة البُعد لظاهرة تاريخية مسُت مجمل الحوض الشرقى للبحر الأبيض المتوسط ، وأنه قد تمت إعادة كتابة وصياغة النصوص على مر العصور لأغراض سياسية ودينية لإفتعال ملحمة عبرية أو قصة تاريخية أسطورية بعيدة عن الواقع " !!
وفى عدد فبراير 2005 من مجلة "هيستوريا" العلمية الفرنسية ، ملزمة من 42 صفحة حول "الكتاب المقدس واختبار الزمان" . ونخرج من هذه الصفحات العلمية بتأكيد أن الكتاب المقدس عبارة عن نصوص متعددة صاغها البشر فى فترات زمانية مختلفة وبأقلام متعددة يصعب حصرها. وعلى الرغم من محاولات جحافل المفسرين لإثبات مصداقية هذه النصوص إلا أن الحفائر الأثرية الجديدة تثبت قطعا عكس ما يقولونه ، وأن هذه النصوص أصبح يُنظر إليها على أنها مجرد أساطير تمت صياغتها لأغراض دينية وسياسية .
وفى مقال بعنوان "الأرض الموعودة هى ملك للغير" ، يقول المؤرخ ريشار لوبو : " إن ما يحكيه سفر يشوة عن مولد شعب إسرائيل وغزوه لأرض كنعان عبارة عن أسطورة خرافية جديرة بأحد أفلام هوليود !.. إن المؤرخين يعتبرون هذه النصوص مجرد أساطير.. فخلال هذه الفترة كانت أرض كنعان تحت الحماية المصرية القديمة. وكان المصريون قد تصدوا قبل ذلك للحيثيين ، وشجاعتهم معروفة مسجلة ، ثم كيف يمكن قول أن اليهود قد هربوا من مصر وهاجروا إلى أرض خاضعة للمصريين ؟ إن الحفائر الأثرية تناقض ما هو وارد فى سفر يشوة " ..
ويقدم لوبو نموذجا من تلك الصياغة الأسطورية النزعة قائلا : "تقول النصوص أن مدينة أريحا هى أول ما غزاها اليهود فى أرض كنعان وان أصوات الأبواق والنفير قد هدت بأصدئها الأسوار الشاهقة للمدينة ! وتوضح الحفائر أن بلدة أريحة لم تكن سوى قرية صغيرة جدا وبلا أية أسوار على الإطلاق" !..
بينما يوضح روبير سباتييه فى مقاله : " أن العهد القديم يقدم مملكة اليهودية على أنها مملكة ذات سيادة ، إلا أن الإكتشافات الحديثة تؤكد ان ذلك عبارة عن قصص مختلقة تم سردها لخدمة طموحات أرضية استيطانية ودينية... ومنذ عشرات السنين والحفائر لم تثبت أى شىء مما هو وارد فى العهد القديم، أى أنه يمكن إعتبار الكتاب المقدس مجرد عمل سياسى دينى استراتيجى خاص بكيفية استيلاء شعب على السلطة ... ولا يمكن تقديم أى دليل أثرى يثبت حقيقة أسماء الشخصيات الواردة بالكتاب المقدس ولا الأماكن الواردة به ، وما هو موجود منها فيرجع إلى زمن مختلف وكلها قصص وأساطير تم تجميعها من شعوب المنطقة وقد أضيفت إليها الإهتمامات العسكرية المغرضة... إن كل الحفائر الأثرية بما فيها تلك التى تمت فى المنطقة القريبة من سيناء لا تقدم أى دليل وتناقض النصوص "..

ولا تعنى هذه الشذرات أنها تمثل كل ما كتب فى السنوات الماضية حول عدم أحقية اليهود فى هذه الأرض شرعا وقانونا أو حتى من الناحية الأثرية والدينية ، إذ ان عدد الكتب والمراجع والأبحاث العلمية التى ظهرت يصعب حصرها فى مثل هذا المقال المحدود ، لكنها حقائق أضعها تحت أعين الجميع، وخاصة أمام كل من يمكنهم الإستعانة بها للحد من ذلك الإحتلال الوقح لأرض فلسطين ، و الحد من الإبادة الجماعية المتعمّدة للفلسطينيين ..
وأول من أتوجه إليهم بهذه الحقائق هم أصحاب القرار ، فى كل مكان ومجال، من المسلمين والعرب . فالدفاع عن هذه الأرض أمانة فى عنق كل مسلم ومسلمة. ولا أقول شيئا عن عمليات تهويد مدينة القدس وتغيير معالمها ، ولا عن السيناريو المعَد لهدم المسجد الأقصى ، ولا عن كل ما هو مكتوب ومعروف .. وعار علينا أن نكتفى بالإحتجاج والإعتراض أو حتى بمجرد الإدانة .. عسى الله أن يلهم المسلمين والعرب الشجاعة والقدرة على العمل والتحرك ، فما أصبح متاحا من حقائق ، بفضل الحفائر الأثرية الجديدة ، يستوجب تغيير الوضع الآسن الذى نغوص فيه منذ عشرات السنين ..
كما أضع هذه الحقائق تحت أعين تلك السياسة الأمريكية الظالمة ، هى ومؤسساتها ، وتحت أعين ذلك الغرب المسيحى المتعصب وقيادته الفاتيكانية ، خاصة وقد احترف الجميع الكذب والتسويف وتحنيث الوعود..
إن ما قام به الصهاينة ولا يزالوا يقومون به ضد الفلسطينيين لا يمكن الدفاع عنه بأى حجة ، ولا بأى سبب من الأسباب ، والمقاطعة الإقتصادية والسياسية التى فرضتها أمريكا و الإتحاد الإوروبى منذ أكثر من عام على الشعب الفلسطينى ، بمناسبة إنتخابه الشرعى لمنظمة حماس ، ترمى إلى تجويعه وخنقه وتطويعه تحت إمرة الصهاينة الإقتلاعية : إنها كارثة إنسانية معدّ لها عمدا و مسبقا..
والزعم الدارج الذى ظلوا جميعا يخدعون و يلوحون به ، من أن اليهود قد عانوا من المحرقة وأنه من حقهم ارض يقيمون عليها ، فلا ذنب للفلسطينيين فى أن يتم إقتلاعهم من أرضهم وإبادتهم ، تبريرا وتكفيرا لعقدة ذنب يشعر بها ذلك التحالف الأمريكى الغربى ، القاتل ، الذى الف الصمت ... الصمت على كل المخازى التى تعترى تاريخه الملطخ بدماء الأبرياء ، فى كل مكان ، وفى كل فترة من فترات الزمان ، ولا تزال ..
وها هى الأدلة الجديدة الناجمة عن الحفائر الأثرية تدين كل تلك الحجج ، وثتبت بالقطع تحريف النصوص المقدسة للأحداث والتاريخ ، كما تثبت بالقطع أيضا أنه لا يحق لليهود إحتلال أرض فلسطين التى إغتصبوها من أهلها ولا يحق لهم البقاء عليها !..

 

 الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط