اطبع هذه الصفحة


تعقيب على السيد فؤاد حليم
وسينودس الشرق الأوسط

الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية


فى 22/ 6/ 2010 كتب السيد فؤاد حليم تعليقا على مقالى المعنون "سينودس الشرق الأوسط واكاذيب الفاتيكان" المنشور فى موقع "بر مصر" فى محاولة لتكذيبى والتشكيك فيما أقول ، وإن كان بأسلوب مهذب بعيد عن التطاول ، لكن عادة ما يترك هذا التشكيك اثره أما السب والشتائم فتبعد القارئ عن الموضوع .. واكتفى سيادته بعدة نقاط وإن كان المقال فى نظره ملئ بما يمكنه تفنيده لكنه لا يحب الإطالة رأفة بالقراء .. وكعادتى دوما كلما وجه لى أحد القراء أى تشكيك فيما أكتب أبادر بالرد ، ليس دفاعا عن نفسى ولكن دفاعا عن دينى الذى استباح الفاتيكان دمه هو وكل كنائسه المنشقة والبالغ عددها قرابة 350 كنيسة ومذهب.

وأبدأ بالشكر على التحية التى وجهها لى السيد فؤاد حليم فى ختام تعليقه ، مع تحديد أنه نظرا لحساسية الموضوع الذى اتناوله ، وعادة ما يكون حول موقف الغرب المسيحى المتعصب من الإسلام ، وخاصة الفاتيكان وإصداراته ، فلا اقول أى معلومة إلا وكتبت مرجعيتها ، وعادة ما تكون وثيقتها عندى أو فى متناول اليد لأرشد إليها. وقد آثر التعليق على سبعة أو ثمانية نقاط ، سأتناولها بالرد تباعا فى ترتيب كتابتها :

* "تقول السيدة الفاضلة كاتبة المقال (تشجيع المسيحيين الوافدين الى مصر على شراء العقارات والأراضى) :

الرد : مع إحترامى الشديد ، من الواضح أنك لم تفهم المقال ولم تراع الشولات ، فهذه عبارة ومطلب الوثيقة ، وليست عبارتى ، والوثيقة دوّنها أولا أباطرة وأساقفة الشرق الأوسط ثم صاغها الفاتيكان مع إضافة المزيد.. وبدلا من السخرية كنت أتصور أن تطلب الإطلاع على هذه الوثيقة المكونة من 52 صفحة فى النص الفرنسى فأقول لك أنها منشورة فى موقع الفاتيكان بخمس لغات منها العربية. والمقصود العمالة الوافدة ، وليس فى مصر وحدها وإنما فى الشرق الأوسط.

* تقول حضرتك : " ملايين من الأقباط غادروا وطنهم لبلاد المهجر " ..

الرد : عدد الملايين المطلق هذا به مغالطة أزلية فى تضخيم تعداد إخوانا النصارى ، وأقول النصارى لإشتمالها على كل الفرق المختلفة ، فعدد مسيحييو الشرق الأوسط بأسره وفقا لوثائق الفاتيكان 12 مليونا وأعيدها فى كل الشرق الأوسط وليس فى مصر .. أى ان تعداد النصارى فى مصر الآن قرابة الأربعه ملايين . أما الذين " غادروا وطنهم " فهم الذين فروا بأموالهم أيام التأميم ، ويمكنك الرجوع إلى الوثائق والمراجع لتفهم حقيقة ما حدث ، بدلا من السخرية والتشكيك.

* تقول حضرتك : " كتبت الدكتورة زينب (تنصير البلد شكلا بغرس عدد لا يحصى من الكنائس بلا ترخيص) :

الرد : إنها حقيقة لا تغفلها عين وسببا من أسباب التوتر القائم حاليا .. نعم ، عدد الكنائس قد تضاعف بصورة فجة ولا معنى له إلا تنصير البلد شكلا ، والمكان الذى لا يسمح ببناء كنسية جديدة تضخم مبنى الكنيسة القائمة فيه باسلوب الحشر المنفر كمبنى منبعج فى حيز ضيق بلا اى ذوق معمارى. بل لقد وصل الإصرار على تشييد الكنائس إلى درجة تحويل بعض العمارات خاصة المجاور منها لمسجد بوضع قبة وصليب على سطح العمارة!! ويمكنك الذهاب إلى كارفور المعادى وقبل الوصول إليه ببضعة أمتار ستجد مسجدا أزرق اللون وسط الحى السكنى وتحولت العمارة المجاورة فى لحظات الى كنيسة بوضع قبة وصليب .. وهو نموذج متكرر يمكنك تتبعه بسهولة .. ووجه الإعتراض هنا بالمنطق أن الصلاة بالنسبة للنصارى ليست فرضا أن تكون فى كنيسة ، فأيام المسيح عليه السلام لم تكن هناك كنائس ، وكان الحواريون يجتمعون عند يعقوب شقيق السيد المسيح بعد صلبه كما تقول الأناجيل. بدليل إن الإسم اليونانى القديم "إكليزيا" أى جمعية، بمعنى قوم مجتمعون، ثم تحولت إلى "إجليز" الخ.. ولو نظرنا الى عدد الكنائس بالنسبة لتعداد النصارى لهالك الفرق الشاسع بين نسبة عددها وعدد المساجد بالنسبة لتعداد المسلمين ، علما بأن الصلاة فى المسجد فرضا على المسلم .

* "وكتبت سيادتها تقول عن كتابنا المقدس (مراعاة لكل ما تضمنه من متناقضات) لن أعلق طبعا لأن تعليقى لن يكون لائقا"..

الرد : نعم وبكل أسف الكتاب المقدس ملئ بالمتناقضات بل يقول العلماء فى الغرب أن عدد المتناقضات وأخطاء الترجمة والتحريف فى الأناجيل اكثر من عدد كلماتها ! ولذلك ألحد الغرب وابتعد عن الدين ، بل هناك من رجال الكنيسة الذين يغادرونها صمتا ويطلقون على هذه الظاهرة "النزيف الصامت للكنيسة". ولو شئت الإطلاع على أحوال الكتاب المقدس وما أصابه على مر التاريخ يمكنك الرجوع الى أبحاث معهد ويستار بأمريكا والمعروفة أبحاثه بندوة عيسى ، وكتبت عنها بنفس هذا العنوان ، حيث اجتمع اكثر من مائتين من علماء اللاهوت من بلدان مختلفة ورجعوا لتاريخ وأصول كل كلمة وعبارة ، وخرجوا بعد أعوام من البحث أن 82 % من الأقوال المنسوبة ليسوع فى الأناجيل لم يقلها ، وإن 84 % من الأعمال المنسوبة إليه لم يقم بها .. وللعلم لم يكن بحثهم من أجل هدم المسيحية وإنما بحثا عما يمكنه تثبيت الأتباع فى دينهم بدلا من الإلحاد .. ولا يسع المجال هنا لسرد عناوين المراجع والإبحاث التى صدرت منذ عصر التنوير لليوم فى نقطة التحريف والمتناقضات تحديدا.. وللعلم ، مسمى "عصر التنوير" قيل كمقابل لعصر الظلومات التى فرضتها الكنيسة على مر العصور ، والتفاصيل لا حصر لها ولا آخر ..

* تقول : "وهى تعلم تماما ان كنيستها المصرية لا علاقة لها بما يقرره اسقف روما " !!

الرد : أولا أنا مسلمة وموحدة بالله وليست لى كنائس ، هذا للعلم . أما قولك "أن الكنيسة المصرية لا علاقة لها بما يقرره اسقف روما" فهذه معيبة فى حقك وفى حق مستوى معلوماتك العامة ! ولو كنت تجهل ان اسقف روما هذا الذى لا يروقك قد قرر توحيد عيد الميلاد وعيد الفصح بين كافة الكنائس وفقا لتقويم روما ، وقد تم ذلك فعلا هذا العام فى عيد الفصح ، وهى فضيحة لأقباط مصر خاصة فالفرق فى التقويم لا يقل عن اسبوعين او ثلاثة ، وفقا لأى تقويم وأى كنيسة ، وتوحيد هذه الأعياد تحديدا وفقا لكاثوليكية روما يمثل تنازلا صارخا من الكنيسة المصرية وخروجا واضحا عن العقائد .. ثم ، بعد توحيد عيد الميلاد ب 25 ديسمبر ما عسى المسلمين فاعملون بعد ان فرضت الكنيسة المصرية على الحكومة وجعلته عيدا قوميا ؟! ألستَ معى ان هناك الكثير من المسائل الإستفزازية التى بحاجة الى عقلاء أمناء يبتون فيها وليس الى "متشنجين " أو مغالطين ؟!
وللعلم أيضا أن هذا ليس من قرار البابا بنديكت 16 وإنما من قرارات مجمع الفاتيكان الثانى المنتهى عام 1965 ، والذى قرر من ضمن ما قرر : تبرأة اليهود من دم المسيح ؛ وإقتلاع اليسار فى عقد الثمانينات ؛ وإقتلاع الإسلام فى عقد التسعينات حتى تبدأ الألفية الثالثة بعالم متنصر ؛ تنصير العالم؛ توحيد الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما ؛ إنشاء لجنة لتنصير الشعوب ؛ وإنشاء لجة للحوار ؛ وفرض عملية إشتراك كافة الأتباع الكنسيين منهم والمدنيين فى عملية التنصير ؛ وإستخدام الكنائس المحلية فى عمليات التنصير .. قسما بالله أشعر بالخجل لكم ، والخجل مزدوج ، من حيث الجهل بهذه الحقائق أو من حيث الإشتراك فيها ، لأن مثل هذه القرارات تضع كل المسيحيين فى حيز الخيانة للوطن وللأغلبية الساحقة من مواطنيه المسلمين..

* تقول "وسيادتها تعلم ان عمليات التبشير فى الشرق لم تستهدف يوما مسلما واحدا " !!

الرد : لا أجد سوى كلمة عييييييييييب يا استاذ فؤاد فالمغالطة لا تكون الى هذا الحد .. إن الفضائح على صفحات الجرائد وفى المناظرات التليفزيونية ، وفى معسكرات التنصير فى طريق السويس وغيره !! ان الدور غير الأمين الذى يقوم به المنساقون فى لعبة الفاتيكان جد خطير ، ويمكنك قراءة كتاب الأنبا يوحنا قولته "المسيحية والألف الثالثة" لترى كم التحايل والمغالطات وكيف يتم شحن النفوس الضعيفة بالأكاذيب ، وقد كتبت عنه فى حينه. وهو كتاب من عشرات الكتب ..

* "كل جهدهم موجه لأقباط مصر لكى ينضموا لكنائسهم ولم يفلحوا الى الآن ولن يفلحوا .."

الرد : تقول الوثيقة التى لم تقرأها حضرتك ان البابا والأباطرة قد اتفقوا على كل شئ فيما يتعلق بالمسألة "الكريستولوجية" ، اى بالعقائد المسيحية ، وكتبوها حتى فى النص العربى بنفس هذه العبارة حتى لا يفهمها العديد من القراء ، وما يدور حاليا هو كيفية تمرير هذه الإتفاقيات التى تمت على الأتباع .. والتنازلات قد بدأت فعلا بكل أسف.

* "هناك نقاط كثيرة فى المقال كنت أود أعلق عليها ولكن ما ذنبكم فى هذه الإطالة " !!

الرد : أكرر ان محاولة التشكيك والتعالى فى الرد أو التلفع بالإمتناع عن الرد رحمة بالقراء يعد إنسحابا مهذبا شكلا ، لأن إنطباع التشكيك يبقى ، وإن كان لديك ما ترد به لما ترددت. ولا أجد إلا أن أضيف :
أخى الكريم ، لا توجد عداوة أو خصومة بينى وبين أى إنسان ، لا مسلم ولا مسيحى ، وكل ما أحاول عمله هو لفت الأنظار الى ما يحاك ضد الإسلام والمسلمين ظلما و جورا .. إننا فعلا على حافة الهاوية والقنبلة حين تسقط لا تختار أو تفرق بين المسلم والمسيحى .. لقد عشنا إخوة فى الوطن ، فالوطن للجميع ، ولكل منا عقيدته ، حتى انعقاد مجمع الفاتيكان الثانى وفرضه تنصير العالم .. ليتك تقرأ وثائقه فهى منشوره فى الكتب والمواقع لتدرك حقيقة ما يدفعنى الى التعريف بما يدور ويتم التعتيم عليه.

27 / 6/ 2010

 

الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط