اطبع هذه الصفحة


خطاب مفتوح إلى البابا شنودة الثالث

الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية


سيادة البابا شنودة الثالث ،
تحية طيبة وبعد ،

فاسمح لى كزميلة فى الوطن وفى المحن التى تعتريه، أن أبدأ أولا بهمسة عتاب مرير ، فلا يليق بمن فى مثل سنك ومكانتك الدينية والعلمية أن يتذرع بمجريات الأحداث المؤسفة الحالية ، ويتلفع بها ، ويترك الإنفعالات الموجهة من جانبكم تحتدم لتصل إلى حافة الإنفجار ، وكل ذلك من أجل التعتيم على ما تقدمه الكنيسة القبطية من تنازلات فى حق دينها لصالح الفاتيكان ، حتى لا يعلم بها الأتباع ، ليظلوا لاهون فى انخراطهم الإستفزازى ضد المسلمين ولا يدافعون عن دينهم الذى بدأ بساطه ينسحب فعلا من تحت أقدامهم ..

فلقد جرى العرف بين الكنائس المنشقة عقائديا ، وقاربت الثلاثمائة وخمسون كنيسة ، تتفاوت تدرجات رئاساتها وفقا لحجمها ، أن تكون السيادة المطلقة لبابا كنيسة روما الكاثوليكية فيما يتعلق بالقرارات المجمعية المسكونية أى العالمية. ومنذ مجمع الفاتيكان الثانى (1965)، الذى قرر إقتلاع الإسلام فى عقد التسعينات حتى تبدأ الألفية الثالثة بعالم مسيحى ؛ وقرر تنصير العالم ؛ وفرض هذه المهمة على كافة الأتباع الكنسيين والمدنيين وعلى كافة الكنائس المحلية ؛ كما قرر توحيد كافة الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما بزعم التصدى للإسلام ؛ هو ما كان البابا يوحنا بولس الثانى قد اعرب عنه أيضا فى خطبه و فى كتاب "الجغرافيا السياسية للفاتيكان" ..

ومن أهم القرارات الحديثة التى أعلنها الفاتيكان "أنه قد تم إجتياز كافة الخلافات العقائدية بين الكنائس المنشقة، مع التغاضى عن بعض فتات يصعب تخطيها وتترك على حالها ترضية لهم ، وذلك فى سبيل إعلان الوحدة والعمل على توحيد عيد الفصح وعيد الميلاد " .. والمعروف أن تاريخ هذين العيدان يختلف بين العقيدة الكاثوليكية والقبطية بحوالى اسبوعين ، وان توحيدهما على هوى إحدى الكنائس يُعد تنازلا صارخا عن عقيدة الكنيسة الأخرى . وقد تم هذا العام توحيد عيد الفصح على الصعيد العالمى وفقا لتقويم الفاتيكان، وتدور الترتيبات لتوحيد عيد الميلاد فى شهر ديسمبر القادم .. وهو ما يُطلق عليه "المسكوت عنه" تعتيماً وإن كان بلغة القانون يُعد "خيانة " للدين والعقيدة من تحت الترابيزة . فهل يدرك عامة الأقباط ما يتم من تلاعب فى دينهم ، بأيدى الكبار ، وبذلك ينكشف للعالم أجمع ان كنيستهم كانت على خطأ وأصلحته ؟؟

وقد تواطأت الكنيسة القبطية مع مخطط الفاتيكان وفتحت باب التنصير على مصراعيه وساهمت بكل أتباعها فى عملية التبشير والتنصير ، وهو ما يعنى ضمناً الموافقة على خيانة الأغلبية المسلمة ؛ كما تعمدت الكنيسة بوسائلها وضغوطها ولا مبالاتها بالقانون ، فى إضفاء الطابع المسيحى على البلد شكلا ، بالمبالغة فى بناء الكنائس المصفحة كالقلاع والتى لا يتناسب عددها مع الثلاثة ملايين من الأتباع .. وتمادت العمليات الإستفزازية القبطية بالإستقواء صراحة بالغرب وبالفاتيكان وبالمؤسسات الدولية للتدخل لحماية الأقباط من الإضطهاد المزعوم ، والتذرع بأية بادرة لحشد المظاهرات وتصعيد الشكل العام لإلهاء الأتباع عما يتم فى دينهم من تنازلات وتلاعب ، والعمل على إحراج الحكومة ومؤسساتها الدينية بمواقفها السلبية او المتسامحة الى حد التجنى على الأغلبية المسلمة .. بل لقد وصلت درجة التحدى من جانب الكنيسة الى استخدام بعض القساوسة للسلاح الأبيض والأسلحة الحية والمدافع الرشاشة فى معاركهم ضد المسلمين العزّل ، للإستيلاء زوراً على أراضى الدولة.. وهنا لا بد من الإشارة الى نقطة "خيانة " أخرى وإن كانت فى حق الدولة وفى حق الأمن القومى ، وهى :

فمنذ إنقلاب قطار الصعيد فيما بين عامى 1956-1957 ، وانكشاف مطلب الكنيسة القبطية وإصرارها على تقسيم مصر الى شمال وجنوب ، على أن يستولى الأقباط على صعيد مصر ، بدأ البعض فى العمل على تخزين الأسلحة فى الكنائس والأديرة وسراديب الجبال التابعة لها من جهة ، كما بدأت نغمة نشاز أخرى ترتفع مطالبة بتحرير مصر من الغزاة المسلمين والعرب ، وإن مصر قبطية منذ خلقها المولى !! ولعل أوضح هذه الفريات كتاب الأنبا يوحنا قولتة "مصر والألف الثالثة" الذى تناولته بالرد عليه آنذاك .. وما أكثر ما قيل وتسرب منذ ذلك الوقت عن ترسانة الأسلحة المخبأة فى بعض الكنائس والأديرة ، حتى إفتضاح آخر جريمة والإمساك بنجل وكيل مطرانية بور سعيد ، جوزيف بطرس الجبلاوى متلبساً ، لإدخاله باخرة يمتلكها محملة بالأسلحة والزخائر قادما من إسرائيل ! وهو ما يمثل خطورة بالغة على الأمن القومى وخيانة رسمية بكل المقاييس لمصر حكومة وشعبا.

ومن يصل به الجبروت بالتعتيم على ما يصيب عقيدة أتباعه ، الذين يترأسهم ، من إقتلاع وتبديل ، ويأمر بالقبض على بضعة سيدات ويسلبهن كل شئ قهرا ، حتى عقولهن ، لمجرد أنهن أسلمن وآخرهن السيدة كاميليا، فذلك لا يمثل وصمة عار فى جبين البابا وجبين الكنيسة ، مؤسسةً وأتباعاً ، أوتحد سافر لكافة المسلمين حكومة وشعباً فحسب ، وإنما يُعد أيضا خرقا للقانون الدولى وقرارات هيئة الأمم المتحدة والمبادئ الدستورية العالمية الطابع التى قننت مبدأ حرية العقيدة ومبدأ حرية التعبير. وهذا كله يستوجب تصعيد الأمر على كافة المستويات و لكافة المسئولين .

أخى الكريم ، معذرة فليس متصورا ان يرتضى عاقل ان يقبل بالصمت والتعتيم ويأمر بالمغالطات والخدع، ويقوم بخيانة متعددة الجبهات والمستويات ، وخاصة خيانة الوطن والأمن القومى ، حيث لا تجدى معه الكلمات ، ولا يجب ، بل ولا يجوز، إلا ان تلصق به وصمة الخيانة العظمى ..

أ‌. د. زينب عبد العزيز
استاذة الحضارة الفرنسية
4 / 9 / 2010

 

الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط