اطبع هذه الصفحة


بيان من الشيخ د/ بشر البشر للمسلمين في فلسطين

 
الحمد لله رب العالمين ، أحمده واستعينه واستغفره ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد :
فإن فلسطين بلادُ مباركة لها مكانة خاصة في قلوب عامة المسلمين ، والمسجدُ الأقصى الأسير بأيدي اليهود ثالث مسجد تشد الرحال إليه ، والقضية الفلسطينية لا تخص أهل فلسطين و لا تخص العرب بل حصرها في الفلسطينيين أو في العرب هدف اليهود و النصارى كما لا يخفى فهي قضية المسلمين جميعا، والحرب في فلسطين حربٌ دينية بين المسلمين من جانب واليهود ومعهم النصارى البروتستانت الإنجليز ثم الأمريكان من جانب آخر ، وهي صراع عقدي ديني ينطلقون فيه من نصوص العهد القديم حسب زعمهم ، ونحن ننطلق من كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
إذا تبين هذا فألخص ما أود قوله في نقاط على وجه الإيجاز :

الأولى : أحيي الأخوة المجاهدين و المرابطين في فلسطين وأسأل الله تعالى لهم النصر و التمكين و الهدى و السداد .. وأذكرهم بقول الله تبارك وتعالى ( ولا تهنوا و لا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرحٌِ مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين ءامنوا و يتخذ منكم شهداء و الله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين ءامنوا ويمحق الكافرين * أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين )

الثانية : أوصيهم بالحرص على التربية الإيمانية العقائدية الجهادية ، تربية أنفسهم وأولادهم وأهليهم و ذلك بالعناية بالعقيدة الصحيحة الصافية المأخوذة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ثم الاجتهاد في إصلاح القلوب والجوارح ، باتباع المنهج النبوي القويم ، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها كما قال الإمام مالك رحمه الله .

الثالثة : أن يحرصوا على غرس عقيدة الولاء و البراء التي أمر الله تعالى بها في كتابه في آيات كثيرات ، ولو كان ذلك مع الأقربين ، فيوالون المؤمنين الصادقين وعامة المسلمين ، ويبرؤن من الكافرين و المرتدين والعلمانيين ولو كانوا من أهل فلسطين طاعةً لله تعالى ، وسيراً على منهاج نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . قال تعالى ( إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون و من يتولى الله ورسوله فإن حزب الله هم الغالبون ) . وقال تعالى ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أم عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ..) الآية .

الرابعة : أوصيهم بأن يحرصوا على وضوح الراية الجهادية وأن يحذروا من الرايات الجاهلية القومية و العلمانية ، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، والرجل يقاتل حميّة ، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) متفق على صحته من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، ولذا فالحذر من المنافقين والعلمانيين مطلوبٌ واجب ، وأحسب أن المجاهدين يعلمون ذلك ، وفقهم الله .

الخامسة : أن يحرصوا على وحدة الصف الإسلامي ، وجمع كلمة المسلمين والمنظمات الإسلامية الجهادية والتأليف بينها والتنسيق للعمل المشترك ، وجذب العناصر المسلمة التي لم ترتكب ناقضا من نواقض الإسلام ، في المنظمات الأخرى فإن الاجتماع قوة ، والاختلاف شرٌ وضعف ، واتفاق المسلمين واجتماعهم من مقاصد الشريعة المعلومة لمن تدبر الكتاب العزيز والسنة المطهرة .

السادسة : أوصيهم بالعناية بكتاب الله تعالى وفهمه وتدبره وبالسنة النبوية دراسة ً وفهماً وعملاً ففيهما الخير كل الخير ، وفيهما بيانٌ شافِ لأسباب النصر والهزيمة ، ومن تدبر سورة آل عمران على سبيل المثال علم ذلك .

السابعة : لقد بينت الأحداث أنه لا حل لقضية فلسطين ولا يمكن تحرير الديار إلا بالجهاد الإسلامي على منهاج النبوة ، لذا فلا بد من الاستمرار في الجهاد والإثخان في العدو الكافر بالعمليات الإستشهادية وغيرها ، فذلك يرهب العدو ويدخل الرعب في قلوب اليهود وينهك اقتصادهم كما هو مشاهد ، ثم إن استمرار الجهاد يعمل على حفظ هوية المسلمين في فلسطين وجمع كلمتهم على الإسلام ، ويبعدهم عن التحلل و الفسوق ويمنع من الذوبان في المناهج العلمانية التي يريدها الكافرون ، وأرجو أن تستخدم لفظة الجهاد بدل لفظة الانتفاضة فإن الالتزام بالألفاظ والمصطلحات الإسلامية مقصد شرعي ثم هي تعطي مدلولا خاصا وبعدا دينيا لما يقوم به المجاهدون والمرابطون.

الثامنة : أن المؤتمرات والمبادرات والمفاوضات مُضِيعة للوقت ، مُهدرة للجهود ، تخدم العدو الكافر وتحقق أهدافه أكثر من المسلمين، كما تبين ذلك في الخمسين سنة الماضية ، فلا ينبغي أن يلتفت لها أهل الجهاد والرباط ، خاصةً ،و المسلمون عامة ولا يعيروها اهتماماً .

التاسعة : هناك من جعل القضية سلعة يقتات عليها ويبيع فيها ويشتري ليكسب من ورائها المناصب والأموال مثل هذا لا مكان له عند أهل الإيمان ،ويكفيه أن يكون ممن قال الله عز وجل فيهم في سورة آل عمران ( لا تحسبن الذين يفرحون بما ءاتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازةٍِ من العذاب ولهم عذاب أليم ) .

العاشرة : أقول للمسلمين جميعاً إنه يجب عليهم مناصرة إخوانهم في فلسطين بكل ما يحتاجون إليه من رجال ومال وسلاح ، ومن كان قادراً على إعانتهم ومساعدتهم ولم يفعل كان آثماً ،وأضعف الإيمان مقاطعة البضائع والشركات الأمريكية التي هي أكبر داعم للكيان اليهودي .
وقد بينت الأحداث أن أميركا عدوةٌ للمسلمين ، حاميةٌ لليهود ، معينةٌ لهم على احتلالهم لفلسطين وتقتيلهم للمسلمين .

وفي الختام ، فإني أذكر الأخوة في فلسطين بالحرص على تقوى الله تعالى والتوبة النصوح واستحضار النية الصالحة فيما يقوم به من أعمال الجهاد والرباط ،كما أذكرهم بضرورة اجتناب الذنوب فإنها من أسباب الهزيمة و الخذلان وأدعو من يقاتل اليهود من غير المجاهدين في منظمة فتح وغيرها ، بالمسارعة بالتوبة و الإنابة إلى الله تعالى قبل الموت فإن من مات ميتة جاهلية كان على خطر عظيم ، فقد ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة في صحيح مسلم أنه قال " من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلته جاهلية " والراية العِمّية هي الراية الجاهلية، وعليهم أن يتفكروا في الخمسين سنة الماضية كيف كان اليهود فيها غالبين وهم قلّة جبناء والمسلمون مع كثرتهم كأنهم لا شيء ، إن القضية لن تحل إلا بالجهاد الحق في سبيل الله تعالى لتكون كلمة الله هي العليا وليكون الدين كله لله ، لا من أجل تحرير أرض و لا من أجل مصالح مادية فقط .
وعلى العموم إذا أراد المسلمون تحرير الأقصى وفلسطين وسائر أراضيهم المحتلة في المشارق المغارب ، فلا بد قبل ذلك من تحقيق شرط الله تعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) فعليهم إصلاح الأوضاع وتطبيق الشريعة والسير على المنهاج الإسلامي النبوي عقيدةً وعبادةً وأخلاقاً ومظهرا وسلوكا وخاصة في البلدان المحيطة بفلسطين لتكون منطلقاً للجهاد ومدداً لأهل الرباط في داخل فلسطين ومكاناً يتحيز إليه المجاهدون في سبيل الله عند الحاجة ، وبذلك تعود للمسلمين أمجادهم ومكانتهم ، ويتحرر الأقصى وكل فلسطين وسائر بلاد المسلمين المحتلة من قبضة الكفرة والفجرة ،و الله تعالى أسأل أن ينصر دينه ،ويعلي كلمته ، ويعز أولياءه ، ويذل أعدائه وينصر إخواننا المجاهدين في فلسطين ويمكن لهم في الأرض ويمكنهم من رقاب اليهود والكفرة ويقرّ أعيننا وأعينهم بتحرير الأقصى و الأرض المباركة من تدنيس الكافرين ، وأسأله سبحانه أن يصلح حال المسلمين ويردهم إليه رداً جميلاً ...
إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد ، والحمد لله رب العالمين .

د. بشر البشر
الرياض  25/2/1423

 

فتاوى وبيانات