صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بيانات العلماء والدعاة حول أحداث ليبيا


بيان رابطة العلماء المسلمين حول أحداث ليبيا
 19/3/1432 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فإن رابطة علماء المسلمين تتابع الأحداث الجارية على أرض ليبيا، وإنها لتأسف على دماء المسلمين التي تهدر، وأرواحهم التي تزهق، بسبب الظلم ووأد الحرية، وإن الرابطة وهي تتابع تلك الأحداث ومن واقع الواجب الملقى عليها تؤكد على ما يأتي:

أولًا:
إن المطالبة بتحقيق العدل ورفع الظلم مقصد شرعي، وإن المناداة بتحقيق التنمية ومحاربة التخلف حق إنساني، وإن الإلحاح على شُوريَّة الحكم في البلاد واختيار الشعب من يمثله بصدق أساسٌ من أسس الاستقرار، ولا تمثل تلك المطالبات خروجًا أو مخالفة شرعية، بل ذلك من جنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثانيًا:
إن حاكم ليبيا قد حكم عليه العلماء بالردة قبل أكثر من ثلاثين سنة، وعليه فتكون ولايته غير شرعية، ولا يجوز طاعته، وعند القدرة يجوز الخروج عليه، وحكم القصاص واجب لمن قتل مسلما فكيف بمن طاش في دماء المسلمين وقتل منهم المئات، فالواجب على المسلمين دفعه بكل سبيل قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم". الفتاوى الكبرى (4/608).

ثالثًا:
على رجال الجيش الأمناء أن يقوموا بواجبهم الذي تحملوه بحماية أمتهم، ويصدروا الأوامر بمنع استخدام القوة ضد العزل الشرفاء، وألا يلوثوا أيديهم بدماء الأبرياء، فإن حرمة الدماء عند الله عظيمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا».

رابعًا:
على أهل العلم والمصلحين والدعاة القيام بواجباتهم الشرعية والعملية في قيادة أمتهم وتسديد مسيرتها، وتوجيهها نحو أعدل السبل وأقوم الطرق، التي بها يصلح حال البلاد والعباد، متحرين في ذلك رضا ربهم، ومراعين فقه واقعهم، دون حيف أو خوف، أو مراعاة لشرق أو غرب، وندعو الأئمة للدعاء في الصلوات لإخوانهم.

خامسًا:
إلى الشعب الليبي العريق ، إننا نقف معكم، وخلف مطالبكم، ونرفض كلَّ ظلمٍ واقع عليكم، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بسلمية تلك المطالبات، والحفاظ على الممتلكات، حتى تقطعوا كل طريق على المتربصين بكم، ونذكركم بالتمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم، وجمع القلوب والائتلاف، والبعد عن الفرقة وأسباب الاختلاف مع لزوم الصبر والثبات والفزع إلى الدعاء حتى يفرج الله تعالى الغُمَّة، ويكشف الكربة، والحرص على إصلاح النوايا فإن هذه النفوس أنفس من أن تزهق لغير الله.

سادسًا:
إن الشعب الليبي شعب مسلم أبيٌّ يأنف من الظلم، ويتأبى على الضيم، ولا يصلح بحال أن يكون محكومًا إلا بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفي ذلك تحقيق ما ينشده من حرية وعدالة وتنمية.

سابعًا:
على الجهات الخيرية الإسلامية، المحلية والدولية القيام بواجبها نحو إغاثة الشعب الليبي المسلم، وعلى وسائل الإعلام العربية القيام بدورها في نقل وتصوير هذه المأساة الإنسانية ببشاعتها؛ ليقف العالم على خطورة ما يجري على أرض ليبيا وليقوم كل بواجبه.

وأخيراً
نذكر بقول الله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم:42]، نسأل الله تعالى أن يلطف بعباده في ليبيا، وأن يرزقهم الثبات، ويربط على قلوبهم، وأن يعجل برفع الظلم عنهم، والحمد لله رب العالمين.
 

رابطة علماء المسلمين
 



بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول ما يحدث في ليبيا

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد


بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول ما يحدث في ليبيا


يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ببالغ القلق ما يحدث في ليبيا من استعمال الأسلحة الحية بل والأسلحة المتطورة التي تستعمل ضد المتظاهرين ، وتوجه إلى صدورهم العارية ، حيث نتج عنها استشهاد المئات ، وجرح الآلاف من المسالمين العزل .
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئيسه ومجلس أمنائه ، وأمانته العامة وأعضائه يرى ما يأتي :
1 ــ يؤيد الاتحاد العالمي مطالب الشعب الليبي ويقف معها ، مندداً بالأعمال الإجرامية التي وجهت ضد المتظاهرين الذين سقط منهم مئات الشهداء وآلاف الجرحى بالأسلحة الحية ، والمتطورة وعن طريق المرتزقة ، مترحماً على الشهداء بأن يكتب لهم أجر الشهادة ، وللجرحى بأن يشفيهم .
2 ــ ويحذر الاتحاد أشد التحذير من إراقة الدماء البريئة التي تراق بكل بساطة ودون أي اعتبار لحرمتها وخطورتها ، مذكراً المجرمين بالعواقب التي بينها الله تعالى ، لهؤلاء المجرمين ، وسجلها التاريخ الإنساني فقال تعالى (( أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً )) سورة المائدة 32 ، وقال تعالى (( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه ، وأعد له عذاباً عظيماً )) سورة النساء 93 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لن يزال المؤمن في فُسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً )) وقال ابن عمر : " إن من ورطات الأمور التي لامخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حلّه " رواه البخاري وغيره . بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم " رواه مسلم وغيره ، وقد بين الله تعالى أن مصير الظلمة والقتلة إلى الهلكة والزوال فقال تعالى (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد ، إرم ذات العماد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد ، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وفرعون ذي الأوتاد ، الذين طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد ، فصب عليهم ربك سوط عذاب ، إن ربك لبالمرصاد ... )) سورة الفجر 6 ــ 14 ، وأن التاريخ الإنساني شاهد على أن للظلم وإن كانت له صولات ولكنها إلى الزوال والهلاك وأنه (( ما للظالمين من نصير )) سورة الحج 71 .
3 ــ يدعو الاتحاد الجيش الليبي وقوات الأمن الشرفاء إلى وقف هذه المظالم ، وحقن إراقة الدماء ، وإلى حماية الشعب من الظلم والطغيان ، فهم من الشعب ولأمن الشعب ، وأن من حق الشعب عليهم حمايتهم من الظلم والاعتداء .
4 ــ يدعو الاتحاد النظام الليبي إلى أن يتقي الله تعالى في هذا الشعب الذي يحكمه منذ أكثر من أربعة عقود ، ويترك لهم المجال لاختيار تقرير مصيرهم بأنفسهم ، والقيام بالاصلاحات الجذرية المطلوبة ، ويدعو الاتحاد أيضاً إلى اطلاق سراح المعتقلين وبخاصة سماحة العلامة الشيخ صادق الغرياني فوراً ، ويُحمِّل النظام مسؤولية الحفاظ على حياته وأمنه .
5 ــ يدعو الاتحاد الجماهير المحتجة إلى الصبر والثبات على المبادئ ، وعلى الحفاظ على سلمية التظاهر ، وعلى الأموال العامة والخاصة ، والابتعاد كلياً عن إراقة الدماء البريئة ، وأن يُظهروا للعالم القيم الإسلامية والحضارية كما كان عليها إخوانهم بمصر ، وأن تكونوا على يقين بأن الله معكم وينصركم ما دمتم مع الله تعالى (( إن ينصركم الله فلا غالب لكم ))
6 ــ يدعو الاتحاد الدول العربية والإسلامية ودول العالم الحر ، ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الشرفاء بالعالم للوقوف مع حق الشعب الليبي في التظاهر السلمي والمطالبة بحقوقه ، وإلى حمايتهم بكل الوسائل المشروعة ، فما يُرى من استعمال العنف المفرط والأسلحة المتطورة ضد هؤلاء المتظاهرين المسالمين متناقض مع كل القيم السماوية ، والقوانين والأعراف الدولية والإنسانية بل هو داخل في جرائم الحرب المحظورة .
7 ــ يدعو الاتحاد الشعب الليبي إلى الوحدة الوطنية الجامعة ، والاعتصام بحبل الله المتين ويحذر أشد التحذير من أي دعوة قبلية ، أو حزبية ، تفرِّق ولا تجمع وتؤثر في لحمة الشعب وسداه ، حتى يُفوّت ما يُخوّف البعض من حرب أهلية وقبلية .
والله نسأل أن يحفظ الشعب الليبي من جميع الفتن ويحقق لهم ما يريدونه من خير وصلاح .

والله المستعان


الأمين العام  : أ.د. علي القره داغي           رئيس الاتحاد  :   أ.د. يوسف القرضاوي
 



د.العودة: الحاكم الذي يقتل شعبه ليس جديرًا بهم
 

الكاتب: الإسلام اليوم/ الرياض
الاحد 17 ربيع الأول 1432الموافق 20 فبراير 2011

أعرب فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم") عن صدمته جراء أعمال القتل التي تُرْتَكب بحقّ المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام في ليبيا، مشيرًا إلى أنّ الحاكم الذي يقتل شعبه ليس جديرًا بهم.

وأكّد الشيخ سلمان في بيانٍ له حول الأحداث الجارية في ليبيا أنّه من "حقّ هذه الجماهير أن تحتجَّ وأن تُبلِّغ صوتها، ومواجهة هذه المطالب والتحركات بالبلطجية، وإطلاق عصابات المرتزقة، وقطع المؤن والبنزين عن المدن لهو تعامل بأساليب عَفَا عنها الزمان، ومن شأنه "أن يصنع ثأرًا لدى الشعوب يَصعُب نسيانه" .

ودعَا العودة المسلمين كافة إلى التعامل بإيجابيةٍ واهتمامٍ مع قضية إخوانهم في ليبيا، والتفاعل مع أحداثها، من خلال الدعاء لهم بروحٍ صادقةٍ واثقة، أن يحفظهم الله ويسدِّد خطاهم ويكشف كربهم وينتصر لهم.

وفيما يلي نص البيان:


الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين. لقد شاهد الناس وسمعوا أخبار المجازر الشنيعة المفجعة التي أقْدَمت عليها جهات أمنية وأخرى متصلة بها ومدعومة منها، والتي راح ضَحِيّتها المئات من الأبرياء مِمّن نحتسبهم عند الله من الشهداء الصابرين، والآلاف من الجرحى خاصةً في المنطقة الشرقية من ليبيا، في بنغازي والبيضاء ودرنة وأجدابيا وطبرق والمرج والمنطقة الغربية في مدينة الزنتان والجبل الغربي والزاوية ومصراتة وبعض المناطق في طرابلس الكبرى والتي شهدت اعتصامًا ضخمًا أمام المحكمة العليا.

إنّ الحاكم الذي يقتل شعبه ليس جديرًا بهم، ورحم الله عمر بن الخطاب إذ يقول: ((إنّي لم أرسل عُمّالي إليكم ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن ليعلموكم دينكم ويقسموا فيكم فيئكم)).

والقتل جريمة عُظْمَى، وعدوان كبير، خاصة إذا صدر بحقّ أبرياء يريدون التعبير عن مطالبهم المشروعة بالطرق السلمية، وفي دول تعترف نظريًا بأن شرعيتها ووجودها مكتسبةٌ من الشعب، وأن الجماهير هي صاحبة الحل والعقد، فمن حقّ هذه الجماهير أن تحتجَّ وأن تبلِّغ صوتها، ومواجهة هذه المطالب والتحركات بالبلطجية، وإطلاق عصابات المرتزقة، وقطع المؤن والبنزين عن المدن لهو تعامل بأساليب عف عنها الزمان.

وإن من شأن سفك الدماء أن يصنع ثأراً لدى الشعوب يصعب نسيانه.

وإنّني أكتب هذه الحروف وقلبي مليء بالحزن على هذه الأرواح الطاهرة البريئة التي صعدت إلى ربها تشكو ظلم الظالمين، وقهر المتسلطين، وصمت القادرين.

على أنّ ما جرَى أصبح مكشوفًا أمام العالم كله، ورآه المسلمون والعرب على المواقع والقنوات برغم التعتيم والتكتيم الذي زاد من قتامة الصورة وخطورتها.

ومن الصراحة أن أقول: لقد بعثت في فترة مضت وقبل هذه الأحداث إلى بعض مِمّن أحسبهم عقلاء القوم أدعوهم إلى الاستعجال بإعلان الإصلاحات الضرورية بشجاعة ودون تردّد أو حسابات عقيمة، وإعلان الدستور الجديد، والإذن بالممارسة السياسية والمنافسة الشريفة، وإعطاء الحقوق لأهلها، والسماح بالتعبير الحر الرشيد، وفصل السلطات، ومحاربة الفساد المالي والإداري، ومعالجة البطالة المرتفعة، والشفافية في الأداء الحكومي، وحذرتُهُم من عواقب انفجار وشيك لَمَسْت آثاره في هذا الشعب العربي العريق حين زرته، ولكن كما قيل!

أمرتُهم أمري بمنعرج اللِّوى --- فلم يستبينوا النصح إلاّ ضحَى الغدِ

وإنَّ سنة الله ماضية، ومن لا يعقلون هذه السنة سوف تطحنهم طحنًا، ويقعون في شر أعمالهم طال الزمن أم قصر، وكما قال ربنا سبحانه: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34].

إنني أدعو المسلمين كافة إلى التعامل بإيجابية واهتمام مع قضية إخوانهم في ليبيا، والتفاعل مع أحداثها، وأن يصدقوا ربهم تعالى في الدعوات الحارة، خاصة في أوقات الإجابة و الهزيع الأخير من الليل، وبروح صادقة واثقة، وأن يلهجوا بأسمائه الحسنى جل وتعالى أن يحفظهم ويسدِّد خطاهم ويكشف كربهم وينتصر لهم، إنه نعم المولى ونعم النصير.
 

د. سلمان بن فهد العودة
16 / 03 / 1432 هـ
19 / 02 / 2011 م

 



بيان بشأن أحداث ليبيا


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فإن المنطقة العربية تشهد في هذه الفترة أحداثاً جساماً،تتمثل في الانتفاضات الهائلة المتتابعة للشعوب الرافضة للظلم والاستبداد ، فبدءاً بتونس ومروراً بمصر؛اندلعت هذه الأيام انتفاضة شعبية كبرى في ليبيا ضد نظام طاغوتي دام أكثر من أربعين عاماً ، عاشها الشعب الليبي المسلم مهضوم الحقوق مسلوب الإرادة ، يتجرع ألواناً من الأذى ، وصنوفاً من البلاء في أمور دينه ودنياه ، فكانت هذه الانتفاضة نتيجة طبيعة لهذا الظلم والطغيان ، وقد قام هذا النظام الظالم بقمع هذه الاحتجاجات السلمية بشكل همجي ، استعمل فيها آلته العسكرية بما في ذلك الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية ضد هذا الشعب الأعزل المسالم ، فكانت الحصيلة لهذه التصرفات الوحشية الرعناء آلافاً من القتلى والجرحى .

وانطلاقاً مما أوجبه الله تعالى على أهل العلم من بيان الحق ونصرة المظلوم فإننا نود إيضاح الآتي :

أولاً : أن ما يحدث من قتل وسفك لدماء هذا الشعب المسلم المسالم لهو جريمة بشعة يستنكرها كل من له مسكة من عقل أو وازع من دين .

ثانياً : أن الرابطة الإيمانية والأخوة الإسلامية تقتضي وجوب نصرة إخواننا في ليبيا ، ومد كافة أنواع العون لهم ، واستفراغ الوسع في كف هذا العدوان الغاشم عنهم .

ثالثا : أن الواجب الشرعي يحتم على جميع الدول الإسلامية ولاسيما دول الجوار؛ القيام بمسؤوليتها في نصرة هذا الشعب المسلم المستضعف ، وتقديم كافة المساعدات الإغاثية والطبية والعينية ، وفتح الحدود أمامها وتمكينها من الوصول لمن يحتاجها ، ومنع المأجورين من المرتزقة من الدخول لمواطأة هذه العصابة الظالمة في اقتراف هذه الجرائم .

رابعاً : إننا نطالب كافة المنظمات الدولية والحقوقية في العالم الوقوف ضد هذه الانتهاكات الإجرامية التي يمارسها هذا الطاغية وعصابته ، وممارسة كافة أنواع الضغوط عليه لإيقاف جرائمه القمعية البشعة تجاه هذا الشعب الأعزل .

خامساً : أننا نناشد قوات الأمن والجيش الليبي بألا يكونوا شركاء لهذا النظام الظالم في جرائمه ضد شعبه بل يجب عليهم أن يعملوا على حماية الناس وكف الظلم عنهم ، كما نثمن للقبائل الليبية موقفها المشرف في انحيازها لبقية أفراد الشعب، ونناشدهم الاستمرار في نصرة إخوانهم ، والحذر من مكائد النظام في شق صفوفهم ، وإثارة النعرة الجاهلية بينهم .

سادساً : أننا نوصي إخواننا في ليبيا بتقوى الله تعالى ، والصبر والمصابرة ، وصدق اللجأ إليه سبحانه، ومواصلة ما بدؤوه من هذه الهبّة المباركة التي يُرجى لها بعون الله تعالى أن تكون سبباً في زوال هذا النظام الحاكم الخبيث الذي سامهم الخسف والذل على مدى العقود الأربعة الماضية .

سابعاً : إن ما يمر به إخواننا المسلمون في ليبيا يُعَدُّ من النوازل التي يشرع لها القنوت ، لذا نهيب بعموم المسلمين الدعاء لإخوانهم بأن يحقن الله دمائهم ويحفظ أعراضهم ويرفع الظلم عنهم .

وفي الختام فإننا نسأل الله تعالى أن يكشف عن إخواننا في ليبيا هذه الغمة ، وأن يفرج عنهم هذا الكرب ، وأن ينتقم من هذا الظالم ، وأن يعجل زواله ، وأن يهيئ لهم من أمرهم رشدا ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 

الموقعون:

1-الشيخ/صالح بن عبدالله الدرويش،القاضي بمحكمة الاستئناف بمكة المكرمة.

2-د.عبدالله بن عمر الدميجي،عميد كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى سابقاً.

3-د.محمد بن صامل السلمي،عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى سابقاً.

4-د.وليد بن عثمان الرشودي،أستاذ الحديث المشارك بجامعة الملك سعود.

5-د.ستر بن ثواب الجعيد،رئيس قسم القضاء بجامعة أم القرى سابقاً.

6-د.يوسف بن سعيد الغامدي،أكاديمي سعودي.

7-د.عبدالرحمن بن جميل قصاص،أستاذ الحديث المشارك بجامعة أم القرى.

8-د.خالد بن عبدالله الشمراني،أستاذ الفقه المشارك بجامعة أم القرى.

9-الشيخ/حسين بن محمد الحبشي،باحث شرعي.

10-الشيخ/بدر بن إبراهيم الراجحي،القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة.

 



نظرة واقعية في أحداث ليبيا
علوي بن عبد القادر السقاف


الحمد لله، كاسر الأكاسرة، وقاصم القياصرة، وقاهر الهراقلة، ومهلك الفراعنة، وهازم الأباطرة، أحمده حمد الشاكرين على ما منَّ به على أهل مصر وتونس، ونسأله المزيد من الصلاح والإصلاح لهم ولأهل ليبيا، وهو القائل سبحانه: {لئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُم}.

أما بعد:

فلا يخفى على أحدٍ حالُ حاكم ليبيا ومحاربته للإسلام، عيانًا بيانًا، جهارًا نهارًا، حتى بات يعرف ذلك الصغير والكبير، والعالم والجاهل، حتى وصفه بعض الزعماء العرب بأنه صنيعة الاستعمار، وقد صدق من وصَفَه بذلك، فها هو يُصرِّح في خطابه الأخير باعتزائه إلى الغرب والقانون الدولي لحرب شعبه وتدميره بيتًا بيتًا، وها هو الغرب يسكت عن جرائم صنيعتهم، ويتفرج على ذبحه للعُزَّلِ من الناس، وهم الذين صمُّوا آذاننا بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد خرسوا وعَمُوا لما تعارضت مبادؤهم تلك مع مصالحهم الاقتصادية في ليبيا، فبئست هذه الازدواجية.

ولما كان حال هذا الرجل غير خافٍ على أحد، وأنه ممن أظهر الكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان؛ مما جعل هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية وفيهم المشايخ العلماء - الشيخ عبدالله بن حميد والشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ صالح اللحيدان وغيرهم- يصدرون بياناً بتكفيره في عام 1402هـ ، جاء فيه:
((... وفي طليعة هذه الطوائف المنحرفة والموجهة طاغية ليبيا معمر القذافي، ذلك الرجل الذي نذر نفسه لخدمة الشر، وإشاعة الفوضى، وإثارة الشغب، والتشكيك في الإسلام .

لقد استعرض المجلس أطوار هذا الرجل، وسرعة استجابته لعناصر الشر والكيد والحسد، حيث صار يهذي في أجهزة إعلامه بما يستحي مِن ذكره مَن له ذوق سليم أو عقل مستقيم, يتضح ذلك في أقواله وأفعاله وتقلباته في جميع ميادين عمله، داخل بلاده وخارجها، وفي مقدمة ذلك تعرُّضه للعقيدة الإسلامية. فلقد أقبر هذا الرجل السنة النبوية، وسخر من الحج إلى بيت الله الحرام، ومن المسلمين الذين يقفون في عرفات، وصدرت بتفنيده فتاوى شرعية من هيئات ومجالس إسلامية عليا، ومع ذلك لا يزال هذا المسكين يتخبط في متاهات من الزيف والضلال تعطي القناعة التامة أنه ضال ملحد .

إن مجلس هيئة كبار العلماء وهو يستنكر تمادي هذا الدَّعي على الإسلام والمسلمين ليقرر ويؤكد أنه بإنكاره لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستفتائه بالحج (كذا)، واستهانته ببعض التعاليم الإسلامية، واتجهاته الآثمة الباطلة يعتبر بذلك كافراً وضالا مضلاً)) (انظر كتاب: "الرد الشافي على مفتريات القذافي" (ص 101) ، من مطبوعات رابطة العالم الإسلامي).

والكل يعلم من حال الرجل أنه لا يزال في ضلاله القديم، وفي استكباره، واستخفافه بالشريعة.

لما كان حاله كذلك، لم نرَ أحداً يشكك في حكم الخروج عليه من الناحية الشرعية، فضلاً عن حكم التظاهر السلمي عليه. لكن الحديث ينصب في مثل هذه الحالة على تحقق القدرة على ذلك.

وفي مثل هذه النوازل والأزمات تثور عادةً أسئلةٌ كثيرة في أذهان الناس، منها:

هل ما فعله الليبيون وهم يعلمون جبروت حاكمهم صوابٌ أم خطأ؟ وهل يستمرون في ثورتهم مع إصراره هو وابنه على سفك الدماء أم يتخلَّوْن ويعودون أدراجهم؟ وغير ذلك من الأسئلة.

فأقول وبالله التوفيق:

أولاً:
ما قام به الليبيون ابتداءً - ومن قبلهم أهل تونس ومصر- وإن عدَّه البعض خروجاً على الحاكم إلا أنه ليس من باب الخروج الذي يمنع منه الفقهاء والسلف (والذي من صفته أن يكون فيه التقاء مجموعتين بأسلحتهما ويترتب عليه من الاضطراب والفتنة والهرج والمرج ما يقتضي عدم جوازه ابتداءً واستدامة)، ولكن الحالة المعاصرة التي نتحدث عنها لم تكن معروفة من قبل، وجدَّ فيها ما يُغيِّر مناطها عن مناط ما اتفقت كلمة الأئمة على المنع منه، ألا وهي الاحتجاجات السلمية التي قد تؤدي إلى مواجهة مسلحة من طرف واحد وتُفضي إلى ذهاب أرواح كثيرة، وقد تفضي --في المقابل - إلى مفاسد قليلة في مقابل مكاسب كبيرة كما حصل في تونس ومصر، ومسألة إراقة الدماء في أمثال هذه المظاهرات ربما يُقال: إنها مصاحبة أحياناً، ولكنها ليست بلازمةٍ لها على كل حال؛ إذ إنها قد تنفكُّ عنها، وتنجح هذه الثورات دون دماء، ومقاتلة من أيٍ من الجهتين. ولذلك لما رأى السلف أن القيام على حكام الجور والفسق يؤدي إلى مفسدة كبيرة أجمعوا على منع ذلك، كما قال الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) (1/399): (لكن استقرّ الأمر على ترك ذلك -أي الخروج- لما رأوه قد أفضى إلى أشدّ منه؛ ففي وقعة الحرّة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عِظةٌ لمن تدبَّر)، أما في وقعة تونس ومصر القريبتين فالأمر على خلاف ذلك، ولم تُفضِيا إلى ما هو أشد من ذلك.

ثانياً:
أن الحالة في ليبيا تختلف عن الحالة في مصر حيث إن حاكم ليبيا معروف بكبريائه، وجنون عظمته، وحبه لسفك الدماء، وهذا ما رأينا نتيجته منذ الأيام الأولى من اندلاع التظاهرات حتى الآن. كما أنه معروف بسيطرته على الجيش، وكافة الأجهزة الأمنية، إلا أنه قد خذله الشرفاءُ منهم.

ثالثاً:
الحديث عن ثورة أهل ليبيا على حاكمهم وصوابه من خطئه، قد فات أوانه، بعد أن فرضتْ الأحداث نفسها على أرض الواقع، فليس من المصلحة الخوض فيه الآن، فهو أمرٌ قد مضى وانقضى. على أنه لا ينبغي أن يغيب عن الأذهان اعتبار أن توقيت الثورة الليبية جاء متزامنًا مع نجاح الثورتين في الجارتين عن اليمين والشمال (تونس ومصر). الأمر الذي سهَّل على الساعين لإسقاط القذافي مهمتهم، ومهَّد لتوحيد الصف، ومنْع -أو تحجيم- الاختلاف في تقدير المصالح والمفاسد.

رابعاً:
أنه بعد أن قامت المواجهة بين الشعب وهذا المجرم لا يشك عاقل أن تراجع الليبيين عن ثورتهم فيه من المفاسد الشيء الكثير.

ومما ينبغي التنبيه عليه حول هذا الأمر:


1- أنَّ إيقاف المواجهة الآن لن يكون في صالح الشعب حتماً؛ لأن هذا السَّفَّاح سوف ينتقم من شعبه، ويسفك من دماء أبنائه خلال الأشهر القادمة أكثر مما يُتوقع سفكُهُ خلال أيام ثورة الشعب عليه، وتاريخه الأسود يشهد بذلك، فقد قتل أكثر من 1200 سجينٍ ليبيٍّ في حادثة واحدة عام 1996م.

2- أنَّ هزيمة الشعب الليبي أمام حاكمه وتراجعه عن ثورته تشجع أمثاله ومن على شاكلته لسلوك المسلك نفسه في التصدي لأي مواجهة سلمية قادمة ضد الظلم والطغيان.

3- وفي المقابل، فإنَّ هزيمة الشعب الليبي أمام حاكمه سوف تثبط من عزيمة وهمة أي شعب آخر يمكن أن يزيح من أمامه الظلم والطغيان. وقد يجعلها آخر ثورات الشعوب ضد من يحكمها بغير شرع الله من أمثال القذافي.

4- أثبتت تجربتا تونس ومصر لليبيا أن الحاكم مهما كان طغيانه لا يستطيع أن يقف أمام شعب كامل ثائر مقهور مظلوم.

5- القبلية الليبية عامل مرجح لجعل الكفة في صالح الشعب. وشعب عمر المختار معروف بقوته وصبره وجلَده.

6- أن النصر إنما هو صبر ساعة، وفي كل يوم تكتسب الثورة قوة وتزداد الانشقاقات في صفِّ النظام الليبي، ويستقيل من نظامه الواحد تلو الآخر، ويتبرأ منه كل شريف منضمًا إلى الشعب في ثورته .

7- بدأ العالم الغربي محاولةً منه لحفظ ماء وجهه يندد ويدين على استحياء، وفي كل يوم تتعالى صيحات المستنكرين على جرائم هذا الطاغية مما يزيد من الضغوط عليه.

لهذه الأسباب وغيرها صار من الواجب على كل ليبيٍّ أن ينحاز إلى شعبه في هذه الثورة ضدَّ هذا السفاح، وأن يعمل ما في مقدوره للتخلص منه. ويجب على قوات الجيش وأجهزة الأمن أن تعلن رفضها له، وتضييقها عليه، وتأييدها للشعب حفاظًا على أمنه وأرواحه وممتلكاته.

ومن واجب الحكومات العربية والإسلامية التدخل السريع في وقف شلالات الدم ومجازر الحاكم الليبي، وألا تدع الفرصة لتدخلات أجنبية تفرض أجندتها وسيطرتها على بلد إسلامي بدعوى الحفاظ على الأمن أو بما يحقق مصلحتها.

أمَّا إخواننا في ليبيا الشقيقة شعباً العدوة نظاماً، فإننا ننصحهم بالصبر والثبات، وأنه مما يزيد الأمل في نصرتهم سماعنا لكثرة تردادهم لذكر الله من التهليل والتكبير، وصدق اللجأ إلى الله تعالى، وهذا ما لم نكن نسمعه في ثورتي تونس ومصر إلا قليلاً.

وأمَّا إخوانهم المسلمون في كافة المعمورة فعليهم الدعاء بالنصر والتأييد لأحيائهم، والمغفرة والرحمة لموتاهم، وأن يقنتوا لهم في صلواتهم؛ فإنها نازلة وأي نازلة.

وبعد انكشاف الغمة يُنصح الجميع، ويُذكَّرون بوجوب التحاكم إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بعد أن ظلت كثيرٌ من دول المسلمين تتخبط لعشرات السنين وراء الأوهام المستوردة، فلم تُسعدها الدكتاتوريات، ولا الديمقراطيات، لا الشرق ولا الغرب، فلا يجوز ولا يسوغ بعد هذه التضحيات أن يوسَّد أمر المسلمين ثانية إلى غير أهله، أو إلى من يغصب الأمة دينها، وخيراتها من غير الأمناء. و ((لا يُلدغ المؤمن من جحرٍ واحدٍ مرتين)) رواه البخاري ومسلم.

نسأل الله أن يكشف عن المسلمين الغمة، وأن يجعل في هذه الأحداث عبرة وعظة للأمة، وأن يُهلك مَن بهلاكه صلاح المسلمين.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
 

علوي بن عبدالقادر السَّقاف
20 ربيع الأول 1432هـ

 




بيان هيئة علماء السودان في أحداث ليـبيـا

بسم الله الرحمن الرحيم
 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وبعد.

فإن هيئة علماء السودان يؤلمها – كما يؤلم كل مسلم – ما يصيب إخواننا المسلمين في ليبيا من تقتيل وإيذاء على يد ذلك النظام الفاسد الذي جثم على صدورهم أربعين عاماً أو تزيد، سام فيها أهل ليبيا – أحفاد عمر المختار - سوء العذاب؛ فقتَّل رجالهم، وأذل شرفاءهم، وسجن علماءهم، وبدد ثرواتهم، وسعى بالفتنة والفساد في الأرض؛ حتى صدق فيه وفي أذنابه قول ربنا جل جلاله {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ} وإن الهيئة لتذكِّر المسلمين جميعاً بأمور:

أولها:
أنه ما ينبغي لمسلم – في ليبيا أو غيرها - أن ييأس من عدل الله تعالى، وأنه سبحانه سينتقم من الظالم متى شاء؛ ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته} وتلا ( وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتَّح لها أبواب السماء، ويقول سبحانه: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين.

ثانيها:
أن من أعظم الظلم الذي اقترفه هذا النظام الفاسد تقتيل الناس وسفك دمائهم بغير مخافة من الله ولا حياء من الناس، وقد قال سبحانه ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) وقال ( منْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) وفي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: {ما أطيبك وأطيب ريحَك! ما أعظمَك وأعظمَ حرمتَكَ! والذي نفس محمدٍ بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمةً منك؛ مالِه ودمِه} رواه ابن ماجة.

ثالثها: نخاطب إخواننا في ليبيا – من القوات النظامية ممن يحملون السلاح ـ بأن يتقوا الله في دماء إخوانهم المسلمين؛ فإن قتل النفس – بغير حق - عند الله عظيم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجلُ يموت مشركا أو يقتلُ مؤمنا متعمدا} رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان. وقال عليه الصلاة والسلام {من قتل مؤمنا فاغْتَبَط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا} رواه أبو داود. فلا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فإنما الطاعة في المعروف، واعلموا أن هذا الجبار العنيد وأولاده لن يغنوا عنكم من الله شيئاً، ولن ينفعكم يوم القيامة أن تقولوا ( رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) ماذا تقولون لربكم وأنتم ترون هذا السفاح يضرب إخوانكم بالطائرات والمدفعية والرصاص الحي والقذائف المحرمة، وقد سلم من أسلحته هذه إخوانه من اليهود والنصارى والملاحدة، بل إنه أسلمها إليهم قبل أعوام بغير عناء، ويعلن على الملأ – ولا حول ولا قوة إلا بالله - أنه يقود المعركة بنفسه!! معركة ضد شعبه وبني قومه بعدما كرهوا حكمه وعصوا أمره، وقد طال استعباده لهم وقهره لرجالهم. بل عمد هذا اللص المتغلِّب إلى جلب أكابر المجرمين من عصابات المرتزقة وقطاع الطرق – من شتى البلاد - ليستبيح بهم كل محرَّم من حرائر ليبيا وكرامها {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِين} إن علماءكم الموثوقين قد أفتوكم بوجوب الخروج على هذا الظلوم الكفار، وإن حقاً عليكم أن تطيعوا علماءكم دون غيرهم.

رابعها:
يا رجال القوات المسلحة في ليبيا: نعيذكم بالله أن تكونوا ممن قال الله فيهم ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) وإننا نذكركم بأن هذه ليست بأولى أوابد هذا الكفار الأثيم؛ بل إن بوائقه تتابعت، ومصائبه تعددت؛ فهو الذي زعم يوماً من الدهر أن مناسك الحج ليست إلا عادات جاهلية ومظاهر وثنية!! ودعا إلى حذف كلمة (قل) من القرآن!! وتتابعت إساءاته إلى النبي الأعظم والرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بما لا يفوه به مسلم قط. وأنكر حجية السنة النبوية، وشرع للناس ما لم يأذن به الله في كتابه الأغبر، بما يشي بسوء المعتقد ورقة الديانة، وقد صدرت الفتاوى المعتبرة بتكفيره من ثلاثين سنة أو تزيد، وهو ساع بالفساد في الأرض؛ فما من صاحب فتنة في بلد من البلاد إلا وجد عنده مستقراً ومقاما!! وما من حرب تدور رحاها في بلاد المسلمين إلا كان موقد نيرانها ومتولي كبرها!! يا رجال الجيش في ليبيا: أليس منكم رجل رشيد يريح البلاد والعباد من هذا الجبار العنيد، ويفوز بإحدى الحسنيين وخير الدارين وشرف الذكر في الآخرة والأولى؟ إن قتل هذا السفاح واجب من وجوه: فهو كافر مرتد ليست له ولاية شرعية على المسلمين، ثم هو صائل يجب دفعه بكل سبيل يمنع شره، ثم هو قاتل قد لوثت يداه بدماء الآلاف من أبناء المسلمين، والقصاص منه واجب.

خامسها:
يا حكام المسلمين لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان!! أيسعكم السكوت على هذه الجرائم التي يقترفها هذا الجزار المتوحش؟ ماذا أنتم قائلون لربكم إذا سألكم عن هذه الدماء التي أريقت والحرمات التي انتهكت؟ إذا كان الغرب المنافق يصمت على هذه الجرائم لأن مقترفها صنيعة من صنائعهم، فلمَ تسكتون أنتم إن كنتم مؤمنين؟ أما سمعتم قول نبيكم صلى الله عليه وسلم {مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ الله فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ» رواه أحمد وأبو داود.

سادسها:
يا أهل ليبيا جبر الله كسركم، وفك أسركم، وأحسن خلاصكم، فبالله ثقوا، وإياه فارجوا، واعلموا أن المصاب من حرم الثواب؛ إننا نذكركم بأن قتلاكم شهداء في الجنة إن شاء الله، فما خرجتم أشراً ولا بطرا ولا رئاء الناس، بل خرجتم تطالبون بحقوقكم وترومون الخلاص من طاغية جبار طال صبركم عليه؛ ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ) وجرحاكم على خير عظيم إن شاء الله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذًى، وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ}.

سابعها:
يا أهل السودان حريٌّ بكم أن تكثروا من الدعاء لإخوانكم في ليبيا بأن يعجِّل الله فرجهم، ويحسن خلاصهم، ويقر أعينهم بالخلاص من هذا الظالم المختال المغرور، اقتنوا في صلواتكم الخمس وألِظُّوا بالدعاء؛ فإن الدعاء سلاح المؤمن؛ وإذا فاتنا أن ننصر إخواننا بأنفسنا فلا نحرمهم من دعائنا؛ فإن المسلمين أمة واحدة، تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم.

اللهم ثبت إخواننا في ليبيا على الحق، واجمع قلوبهم على الهدى، وأجسادهم على البر والتقوى، واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ونعيذهم بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم، اللهم عليك بطاغوت ليبيا وأعوانه، اللهم سلط عليهم سيف انتقامك، واجعلهم عبرة للآخرين، يا من لا يغلب جنده ولا يخلف وعده.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،،،
 

الأمانة العامة لهيئة علماء السودان
20/3/1432
23/2/2011
 



صبراً إخواننا في ليبيا
أ.د. ناصر العمر | 18/3/1432 هـ



مجزرة بنغازي في ليبيا
 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.
فقياماً بالواجب الشرعي حول مجزرة بنغازي في ليبيا بأمر من القذافي أبين الآتي:

أولاً:
قتل المتظاهرين في ليبيا من أعظم الظلم، ونقول لرجال الأمن لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا تضيع أخراك لدنيا غيرك، فإذا جاءتك الأوامر العسكرية بإطلاق النار على المسلمين المتظاهرين فيحرم عليك التنفيذ، قال الله تعالى:"وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً" (النساء93).

ثانياً:
الطاغية معمر القذافي ليس له ولاية شرعية لارتكابه جملة من نواقض الإسلام، ومنها تبديل الشريعة، والاستهزاء بالكتاب والسنة وغير ذلك، والواجب عليه أن يتنحى فوراً، وعلى رجال الأمن حوله أن يعلموا أنهم آثمون بحمايته وبقائه رئيساً، وعلى الشعب أن يطالب بحكم الله تعالى الذي سيحفظ لهم حقوقهم، قال الله تعالى :"أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ" (المائدة50)، وقال تعالى:"وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" (المائدة44).

ثالثاً:
يشرع لعموم المسلمين دعاء النازلة نصرة لإخواننا في ليبيا وذلك بعد الرفع من الركوع من الركعة الأخيرة في الصلوات الخمس.

أسأل الله تعالى أن يحفظ إخواننا في ليبيا وأن يولي عليهم خيارهم، والحمد لله رب العالمين
 

قاله وكتبه:
د.يوسف بن عبدالله الأحمد
أستاذ الشريعة بجامعة الإمام بالرياض
18/ 3/ 1432هـ


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

فتاوى وبيانات

  • فتاوى اللجنة
  • فتاوى عامة
  • المعاملات المالية
  • بيانات للأمة
  • مواقع الفتاوى
  • قنوت النوازل
  • فتاوى نسائية
  • الصفحة الرئيسية