صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بيان الشيخ الدكتور / بشر بن فهد البشر
بشأن الأحداث

 
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فامتثالاً لقول الله تعالى ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) ( آل عمران: من الآية187) ، وقوله سبحانه ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (المؤمنون:52) ، وقوله عز وجل ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) (الحجرات: من الآية10) ، وعملاً بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصر المظلوم كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ، فذكرها ومنها : نصر المظلوم ) متفق عليه ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ..الحديث) متفق عليه . وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره …الحديث ) متفق عليه . واستحضاراً لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) متفق عليه . وقوله e في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ، ثم شبك بين أصابعه) متفق عليه .
ونظراً للأحداث الجارية التي تعصف بالعالم بعد حادثة الهجوم على بعض المواقع الأمريكية ، وما حصل بعد ذلك من تداعيات خطيرة أعظمها التحالف على حرب أفغانستان ظلماً وعدواناً ، وإعلان الرئيس الأمريكي أن الحرب صليبية ، كل ذلك يستوجب بيان الحق للناس ، وإظهار الحكم الشرعي وواجب المسلمين فيما يجري ليكون المسلم على بصيرة من أمره ، فلا يلتبس عليه الحق بالباطل ، ولذلك فإنني براءة للذمة ،
ونصحاً للأمة أبين ما يلي :
أولاً : أن الله سبحانه وتعالى قد بين في مواضع كثيرة في كتابه الكريم عاقبة الظلم والطغيان ، وبين سبحانه وتعالى أن ما أصاب الأمم السابقة كان بسبب ظلمهم واستكبارهم وعلوهم في الأرض ، وهذه سنة الله تعالى في خلقه ، قال تعالى ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102) ، وقال تعالى ( وَكَأَيِّنْ مَنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) (الحج:48) ، وقال تعالى )أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا) (محمد:10) ، وما أصاب أمريكا لا يخرج عن سنن الله تعالى ، فإنها قد طغت في الأرض وتجبرت وعظم فسادها وإفسادها ، وكثر ظلمها وخاصة للمسلمين .

ثانياً : قد بين الله تعالى في كتابه الكريم عداوة الكافرين للمسلمين ، وحذرنا سبحانه من الطمأنينة لهم ، والوثوق بهم ، فإنهم لا يريدون بالمسلمين خيراً ، وأخبرنا ربنا سبحانه أن بغضهم لنا لابد أن يظهر ويبين مهما حاولوا إخفاءه ، وأنهم لن يرضوا حتى نسير على طريقتهم ونتبع ملتهم ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ )(الممتحنة: من الآية1) ، وقال تعالى ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا )(البقرة: من الآية217) ، وقال تعالى ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ )(البقرة: من الآية120).
وإن العدوان على أفغانستان باسم محاربة الإرهاب لا يخرج عما دلت عليه هذه الآيات الكريمات من عداوة الكافرين للمسلمين واجتهادهم في صرفهم عن دينهم ، فإن المقصود الأعظم من هذا العدوان هو القضاء على حكومة مسلمة وإحلال نظام علماني تابع لأمريكا مكانها ، وقد قال الله تعالى )يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة:32) .

ثالثاً : كما حذر الله تعالى في آيات كثيرة من كتابه الكريم من موالاة الكفار والركون إليهم وأبدى في ذلك وأعاد ، وبين تعالى أن الكفرة بعضهم أولياء بعض ، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض ، وأن من صفات المنافقين وعلاماتهم الظاهرة موالاتهم للكفرة دون المؤمنين ، والموالاة تعني المحبة والمودة والميل ، كما تعني النصرة والعون والتأييد ، فمن الآيات الواردة في ذلك قوله تعالى ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22) ، وقال تعالى ( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) (آل عمران: من الآية28) ، وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) ، وقال تعالى ( بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (النساء:139) .

وقد بين علماء الإسلام قديما وحديثاً خطورة موالاة الكفرة ، وبينوا أن من صورها ما يصل بصاحبه إلى الردة عن الإسلام ، وهي : تولي الكفار ومظاهرتهم ومناصرتهم على المسلمين . قال شيخ المفسرين الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (6 / 313) عند قوله تعالى في سورة آل عمران ( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)(آل عمران: من الآية28) : (ومعنى ذلك لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهوراً وأنصاراً توالونهم على دينهم ، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين ، وتدلونهم على عوراتهم ، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء ، يعني فقد بريء من الله ، وبريء الله منه ، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ، (إلا أن تتقوا منهم تقاة) : إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم وتضمروا لهم العداوة ، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر ، ولا تعينوهم على مسلم بفعل ) .

وقال أيضاً رحمه الله في تفسيره (10 / 398 ) عند قوله تعالى في سورة المائدة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) ، قال : (والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله وأخبر أنه من اتخذهم نصيرا وحليفا ووليا من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين وأن الله ورسوله منه بريئان) .

وقال ابن حزم في (المحلى ) (11/ 138) : ( صح أن قوله تعالى ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار ، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين ) .
وقال القرطبي في تفسيره (6 / 217) : (قوله تعالى (ومن يتولهم منكم ) أي يعضدهم على المسلمين (فإنه منهم) بين تعالى أن حكمه كحكمهم وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب (الإيمان) (7/17 من مجموع الفتاوى) على قوله تعالى ( تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة:80 ، 81) ، قال رحمه الله : (فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف (لو) التي تقتضي مع انتفاء الشرط انتفاء المشروط ، فقال (وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ) فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده ، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب …ثم قال : ومثله قوله تعالى (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) فإنه أخبر في تلك الآيات أن متوليهم لا يكون مؤمنا ، وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم ، فالقرآن يصدق بعضه بعضاً) .

ولقد عُني أئمة الدعوة الإسلامية في نجد ببيان هذا الأصل العظيم وإيضاحه والتفصيل فيه أكثر من غيرهم لما رأوه في زمانهم من المسارعة إلى موالاة الكفرة والمشركين ومناصرتهم على المسلمين ،
فقال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حينما ذكر نواقض الإسلام قال : (الناقض الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ، والدليل قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (مجموعة التوحيد ص 28) .
وقال رحمه الله في حديثه عن ستة مواضع من السيرة : (إنه لا يستقيم للإنسان إسلام ولو وحد وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغض ، كما قال تعالى (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله …الآية) .
وقال الإمام العلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ صاحب (فتح المجيد) في بيانه للأمور التي تنقض التوحيد ، قال : (الأمر الثالث : موالاة المشرك والركون إليه ونصرته وإعانته باليد أو اللسان أو المال ، كما قال تعالى ) فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكَافِرِينَ)(القصص: من الآية86) ) (مجموعة الرسائل والمسائل) (4/291) .
وسئل العلامة الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله كما في (الدرر السنية) (7/201) عن الفرق بين موالاة الكفار وتوليهم ، فأجاب : (التولي : كفر يخرج من الملة ، وهو كالذب عنهم ، وإعانتهم بالمال والبدن والرأي ، والموالاة : كبيرة من كبائر الذنوب كبلّ الدواة ، أو بري القلم ، أو التبشبش لهم لو رفع السوط لهم) .
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن حدود الموالاة للكفار المخرجة من الملة ، فأجابت : (موالاة الكفار التي يكفر بها من والاهم هي محبتهم ونصرتهم على المسلمين ، لا مجرد التعامل معهم بالعدل ، ولا مخالطتهم لدعوتهم للإسلام ، ولا غشيان مجالسهم والسفر إليهم للبلاغ ونشر الإسلام) (فتاوى اللجنة) (2/47) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في (فتاواه) (1/274) : (وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم ، كما قال الله سبحانه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) ).
وكما حذر الله تعالى من مطلق موالاة الكفار ، فقد حذر سبحانه من صورة خطرة من صور الموالاة للكافرين وهي طاعة الكفار والانقياد لهم ، وبين سبحانه وتعالى أن ذلك قد يصل بصاحبه إلى الردة عن الإسلام ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) (آل عمران:100) ، وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ، بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) (آل عمران:149 ،150) ، وقال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ) (محمد:25 ، 26) .

ومما سبق يتبين أن التعاون مع أمريكا في العدوان على أفغانستان سواء كان بالرجال أو المال أو السلاح أو الرأي هو من قبيل مظاهرة الكفار على المسلمين ، وهو كفر وردة عن الإسلام ، وهذا الحكم يشمل الأفراد والجماعات وغيرهم .

رابعاً : قد فرض الله تعالى على عباده المؤمنين أن يوالي بعضهم بعضاً مهما تباعدت الأنساب والديار ، فقال تعالى ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة:55 ، 56) ، وقال تعالى ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في (مجموع الفتاوى) (28/208 ، 209) : (والمؤمن عليه أن يعادي في الله ويوالي في الله ، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه ، فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية ، قال تعالى ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)(الحجرات: 9 ، 10) فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي وأمر بالإصلاح بينهم ) .
ومن هنا فإن الواجب على المسلمين في كل مكان أن ينصروا إخوانهم في أفغانستان قدر الاستطاعة بالدعاء والإغاثة والمال وغير ذلك مما يحتاجونه في مواجهتهم للحملة الصليبية الجديدة .
وليعلم إخواننا في أفعانستان وفلسطين والشيشان وغيرها أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً ، كما أخبر النبي e ، وليتذكروا قول الله تعالى ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ، وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ، فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ)(البقرة: 249 - 251).
وأوصيهم أن يتدبروا ويعملوا بقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (لأنفال:45 - 46) .
وأخيراً : فإنه يجب على المسلمين اليقظة والحذر مما يخططه لهم أعداؤهم الكفار ، فإن هذا الحدث الذي نعيشه حدث عظيم فاصل ، وقد يترتب عليه – والله تعالى أعلم – نتائج خطيرة ، مما يوجب على المسلمين قاطبة تدارك الأمر قبل فوات الأوان ، ونصرة إخوانهم في الله ليحولوا بإذن الله تعالى بين الكفرة وبين ما يريدون ) وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(لأنفال: من الآية30) .

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، ويعز أولياءه ، ويذل أعداءه ، ويرد كيد الكافرين في نحورهم ، ويمزقهم كل ممزق ، إنه على كل شيء قدير ، وأسأله سبحانه أن يرحم ضعف المسلمين في أفغانستان وغيرها ، ويلطف بهم ، إنه أرحم الراحمين .وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

كتبه /
بشر بن فهد آل بشر
1 / 8 / 1422

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

فتاوى وبيانات

  • فتاوى اللجنة
  • فتاوى عامة
  • المعاملات المالية
  • بيانات للأمة
  • مواقع الفتاوى
  • قنوت النوازل
  • فتاوى نسائية
  • الصفحة الرئيسية