صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







《إتحاف الطالب بفوائد الشيخ والصاحب 》《٧٠》فائدة

عبدالله سعيد أبوحاوي القحطاني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


والمقصود: هو الشيخ الأديب والصاحب الأريب شيخنا الشيخ المفضال حسن بن موسى القحطاني -سدده الله ونفع الله بعلومه- وكنت قد جمعتها في أوقات ماضية ورتبتها وآثرت نشرها،وفيها لطائف ونوادر لا تجدها مجتمعة في مكان آخر . ومنها :
(الفوائد المضبوطة من رحلة ابن بطوطة)

**قال ابن الجوزي: لايخلو كتاب من فائدة.

١- ابن بطوطة هو أبوعبدالله محمد بن عبدالله، مغربي من أهل طنجةعاش في القرن الثامن(٧٠٣- ٧٧٩).

٢- وهو أشهر رحالة مسلم لطول رحلته زمانا ومسافة باﻹضافة إلى تدوينه لأهم أحداثها، وبه يضرب المثل في الترحال.

٣- استغرقت رحلته ٢٧ سنة قطع فيها عشرات آلاف اﻷميال، ودخل القارات الثلاث المعروفة في ذلك الوقت:(آسيا وأفريقيا وأوروبا). وأراد أن يزور القطب الشمالي ولكنه ذكر أن ذلك يكلفه كثيرا.

٤- من المدن التي زارها ابن بطوطة: مقديشو في الصومال وممبسا في كينيا، و مدينة حلي والقحمة حين ذهب إلى اليمن.

٥- زار ابن بطوطة مدينة القسطنطينية قبل أن تفتح وتصير إسلامية، وبقي فيها شهرا، وذكر أن أحد أحيائها اسمه:(أصطنبول)
قلت: وباسمه سميت المدينة كلها بعد ذلك.

٦- أكثر مقام ابن بطوطة وجولاته كانت في الهند، وله فيها أخبار وعجائب ومغامرات ونال فيها منزلة من السلطان ومنصبا وثروة كثيرة؛ ولهذا طالت مدته فيها، وقد زار أيضا الصين وأندونيسيا(جاوة) وسيرلانكا

٧- من مميزات رحلة ابن بطوطة أنه غالبا إذا زار بلدا زار أمير ذلك البلد وبعض علمائه وذكر مذهب ذلك البلد وطبيعته ومناخه وما فيه من المعالم واﻵثار وبعض عادات أهله وأطعمتهم.

٨- في رحلته ملاحظات عقدية كثيرة لو استقصاها أحد لبلغت رسالة علمية بل قد قال الشيخ عبدالكريم الخضير: ينبغي لمن يدرس كتاب التوحيد للشيح محمد بن عبدالوهاب أن يطلع على هذه الرحلة ليجد اﻷمثلة في المخالفات لجميع اﻷبواب في هذه الرحلة.

٩- لما ذكر ابن بطوطة مدينة معرة النعمان -في سوريا- قال:( إنهم من الرافضة يبغضون العشرة رضي الله عنهم ولعن مبغضهم، ويبغضون كل من اسمه عمر..) وقال أيضا: (وأهلها سبابون يبغضون العشرة ومن العجب أنهم لايذكرون لفظ العشرة، فإذا بلغوا إلى العشرة قالوا: تسعة وواحد)!!
وقد قال ابن تيمية في (منهاج السنة): ( ومن حماقتهم-أي الرافضة- أنهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة أو فعل شيء يكون عشرة حتى في البناء لايبنون على عشرة أعمدة أو عشرة جذوع...) ولنذكر الفائدة رقم عشرة إرغاما للرافضة👇🏻

١٠- قال ابن بطوطة:(شهدت صلاة الجمعة في مسجد البصرة فقام الخطيب وسرد خطبة لحن فيها لحنا كثيرا جليا، فعجبت من أمره وذكرت ذلك للقاضي فقال لي: إن هذا البلد لم يبق به من يعرف شيئا من علم النحو، وهذه عبرة لمن تفكر فيها، سبحان مغير اﻷشياء ومقلب اﻷمور !
هذه البصرة التي إلى أهلها انتهت رياسة النحو وفيها أصله وفرعه ومن أهلها إمامه الذي لا ينكر سبقه لا يقيم خطيبها خطبة الجمعة على دؤوبه عليها). ويعني بقوله:(ومن أهلها إمامه..) أي سيبويه

١١- اتفق لي أني دخلت أحد المطاعم الهندية بأبها، فوجدت في قائمة الطعام:(نان) فسألت النادل عن معناه، فقال: خبز.
وفي اليوم التالي قرأت في رحلة ابن بطوطة:( أن " النان" بلسان أصبهان هو الخبز).
فيستفاد أنها لفظة فارسية.

١٢- ذكر ابن بطوطة أن ملك العراق التتري خدابنده(ت٧١٦) كان كافرا فصحبه الرافضي ابن المطهر فأسلم السلطان التتري وأسلمت بإسلامه التتر فزين له ابن المطهر مذهب الروافض فأمر السلطان بحمل الناس على الرفض...ثم حصلت واقعة جعلت السلطان يتراجع عن ذلك).
قلت: هذا الرافضي الخبيث هو الذي رد عليه شيخ اﻹسلام ابن تيمية بكتابه الجليل:(منهاج السنة النبوية) واسم كتاب ابن المطهر:(منهاج الكرامة) وكان ابن تيمية يسميه: منهاج الندامة، ويسمي مؤلفه: ابن المنجس.

١٣- ذكر ابن بطوطة أنه لما زار جدة كان عدد سكانها أربعين رجلا يزيدون أو ينقصون قال:(وكان خطيبها إذا كان يوم الجمعة واجتمع الناس عد أهل جدة المقيمين بها فإن أكملوا أربعين خطب وصلى بهم الجمعة وإن لم يبلغوا أربعين صلى ظهرا).

١٤- لما زار ابن بطوطة عمان ذكر أنهم إباضية و ذكر سلطانها وقال :( ويؤكل على مائدته لحم الحمار اﻹنسي ﻷنهم قائلون بتحليله لكنهم يخفون ذلك عن الوارد عليهم).
قلت: لا أعرف حكم أكل الحمار عند اﻹباضية، لكنه عند الشيعة-أخزاهم الله- حلال!!

١٥- قال ابن بطوطة:( ولما دخلنا مدينة صنوب- في تركيا- رآنا أهلها ونحن نصلي مسبلي أيدينا، وهم حنفية لا يعرفون مذهب مالك، والمختار من مذهبه هو إسبال اليدين) وذكر أنهم شكوا فيهم وحسبوا أنهم شيعة فأخبرهم ابن بطوطة أن هذا مذهب مالك قال: (فلم يقنعوا بذلك حتى ذبحوا لنا أرنبا فأكلناه فزالت عنا التهمة) ﻷن الشيعة تحرم أكل اﻷرنب!!
وقد كنت أظن أن ابن بطوطة واهم في قوله: (إن إسبال اليدين هو المختار في مذهب مالك) ولكن بعد المراجعة لكتب المالكية وجدت كلامه صحيحا وأن المعتمد عندهم أن السدل سنة بل ويكره عندهم القبض في الفرض، وعليه فلا ينبغي التسرع باتهام من يسدل بالتشيع بلا بينة بينة؛ ﻷنها علامة غير فارقة.

١٦- شهاب الدين العابر: أحمد بن عبدالرحمن المقدسي الفقيه المحدث ت ٦٩٧ قال ابن رجب:( كان الناس يتحيرون منه إذا عبر الرؤيا لما يخبر الرائي بأمور جرت له وربما أخبر باسمه وبلده ومنزله، ويكون من بلد ناء، وله في ذلك حكايات كثيرة غريبة مشهورة، وهي من أعجب العجب، وكان جماعة من العلماء يقولون: إن له رئيا من الجن) ٢٨٩/٤
قلت: والشهاب هذا شيخ المزي والذهبي وابن القيم.
وابن تيمية ممن قال:إن له رئيا من الجن.

١٧- قال أحد المشايخ المعتنين بالفقه: (من أنواع كتب الفقه: الكتب المجردة من اﻷدلة والتعليلات، وتسمى بالمختصرات، ومن اﻷمثلة كتاب الفروع، فهو مختصر وإن كان حجمه كبيرا فقد طبع في عشر مجلدات).
قلت: التمثيل بكتاب الفروع غير صحيح من وجوه:
١- أن ما ذكره الشيخ بقوله :(إن المختصر هو المجرد من اﻷدلة والتعليلات) لا ينطبق على كتاب الفروع، فقد احتوى هذا الكتاب على أكثر من (٢٠٠٠) دليل ما بين آية وحديث وأثر واحتوى أيضا على نقل (٢٥٠) إجماع، وعلى الكثير من التعليلات، وهذا ليس من شأن المختصرات.
٢- أن فيه ذكر الخلاف العالي والنازل، واختيارات بعض العلماء كالقاضي أبي يعلى والموفق والمجد وابن عقيل وشيخ اﻹسلام وغيرهم، كما احتوى على نقول كثيرة ﻷقوال العلماء.
٣- الكتاب فيه استطرادات كثيرة وفوائد غير متعلقة بالفقه كالفوائد والمسائل العقدية و الحديثية والأصولية واللغوية والطبية، وفيه أيضا أبيات شعرية.
٤- وقول الشيخ:(إن الفروع في عشرة مجلدات) يعني بذلك المطبوع في مؤسسة الرسالة، وهذا أيضا خطأ؛ ﻷن المطبوع في مؤسسة الرسالة هو ثلاثة كتب في كتاب واحد: (الفروع وتصحيحه للمرداوي وحاشية ابن قندس) ولو طبع كتاب الفروع وحده لم يتجاوز خمسة مجلدات.
وعليه فإن (الفروع) ليس بمختصر بل هو جامع للمسائل والروايات حافل باﻷدلة والتعليلات، وهو يحتاج لاختصار وتهذيب، وقد اختصره جماعة من العلماء كما في (المدخل) لبكر أبوزيد.

١٨- تنبيهان لمن عنده (فتح الباري) طبعة دار طيبة:
اﻷول: في صحيح البخاري:( جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الهجرة، فقال:( ويحك إن الهجرة شأنها شديد) قال ابن حجر في الفتح (٧١٦/٨): ( كأن ذلك وقع بعد فتح مكة، ﻷنها كانت إذ ذاك فرض عين ثم نسخ ذلك بقوله:"لا هجرة بعد الفتح").
قلت: الصواب:( كأن ذلك وقع قبل فتح مكة...) وليس (بعد).
وهذا يتبين من السياق ومن المواضع اﻷخرى لشرح الحديث في الفتح.
ففي موضع آخر قال ابن حجر:( الهجرة كانت واجبة على أهل مكة على اﻷعيان قبل فتح مكة، فكان النبي يحذرهم شدة الهجرة ومفارقة اﻷهل والوطن).
الثاني: (٣٠٧/٤) :( وعبارة الجوزقي:" ولا لمن تلزمه مؤونته" فشرحه ابن قدامة..)
قلت: وهذا تصحيف من المحقق وصوابه:( وعبارة الخرقي..) وهو صاحب المختصر الذي شرحه ابن قدامة في(المغني).

١٩- ابن قدامة في (المغني) يحكي اﻹجماع كثيرا بهذه الجملة :(لا نعلم فيه خلافا) أو ما في معناها، وهي وإن كان ظاهرها لا يفيد القطع باﻹجماع، إلا أن ابن قدامة يقولها في أكثر مسائل اﻹجماع الثابتة، بل وبعضها مما هو من اﻹجماع القطعي.
ومن اﻷمثلة قوله:(تعلم السحر وتعليمه حرام لانعلم فيه خلافا).
وقال في موضع آخر:(وهذا مجمع عليه لا نعلم فيه خلافا..) وابن قدامة إذا حكى اﻹجماع فإنه ينوع في العبارات :(باﻹجماع، بلا خلاف، بالاتفاق، لانعلم فيه خلافا).
والعبارة اﻷخيرة هي أكثر ما يستعمله.
فمن الخطأ الظن أن هذه العبارة عند ابن قدامة لاتعني اﻹجماع.

٢٠- في (اختيارات ابن تيمية الفقهية) (٢٥٤/٢): أن ابن تيمية اختار أن السكران لا يقضي ما فاته من الصلوات، و ذكره أيضا مؤلف:(انفرادات ابن تيمية عن اﻷئمة اﻷربعة) و في نسبة هذا القول لشيخ اﻹسلام نظر من وجوه:
١- أن اﻹجماع ثابت بوجوب القضاء على السكران فهل يخالف ابن تيمية اﻹجماع؟!
قال ابن المنذر:( لست أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه أسقط عن السكران اﻹعادة) وقال ابن قدامة:(ﻻنعلم فيه خلافا). وكذلك ابن حزم في المحلى ومراتب اﻹجماع.
٢- أن ابن مفلح تفرد بنسبة ذلك لابن تيمية ثم نقله عنه البعلي والمرداوي.
وابن مفلح إمام ثقة ولكن ثبوت اﻹجماع في هذه المسألة يدل على أن ابن مفلح وهم، لاسيما و أنه لايوجد لابن تيمية نص في هذه المسألة.
٣- أن البعلي بعد ذكره لاختيار ابن تيمية أورد ما يناقض ذلك فقال: (و في الفتاوى المصرية: يقضي بلا نزاع) والفتاوى المصرية لابن تيمية، فكيف يحكي ابن تيمية اﻹجماع ثم يخالفه؟! فكأن البعلي يشكك في نسبة ذاك القول له.
٤- أن ابن حزم في (مراتب اﻹجماع) نقل اﻹجماع (على أن من سكر فعليه القضاء) ولم يتعقبه ابن تيمية في كتابه:(نقد مراتب اﻹجماع).
٥- أنه لا يعرف في هذه المسألة خلاف ولا قائل بعدم وجوب القضاء إلا ما نسب لشيخ اﻹسلام، بل إن الظاهرية مع كثرة تفردهم عن الفقهاء لم يخالفوا المذاهب اﻷربعة في هذه المسألة.

٢١- قال عبدالوهاب اﻷنماطي: دخلت على شجاع الذهلي فقال لي: توبني(بتشديد الواو)
قلت: من أي شيء؟ قال: كتبت شعر ابن الحجاج بخطي سبع مرات.
(سير الذهبي٣٥٦/١٩)
قلت: ﻷن شعر ابن الحجاج مشحون بالمجون والخلاعة، فمثله يحرم نسخه وبيعه، بل حقه اﻹحراق والمنع من اﻷسواق.

٢٢- التفضيل بين الرواة ..
بعض أئمة الجرح والتعديل له طريقة في التفضيل بين رواة الحديث، حيث يجعل الواحد مقابل العشرات في الحفظ والضبط، وهذا له فائدة في باب العلل والترجيح بين الروايات و له أمثلة منها:
* قال عبدالله بن أحمد: سئل أبي عن: أبي أسامة وأبي عاصم، من أثبتهما في الحديث؟
فقال: أبو أسامة أثبت من مئة مثل أبي عاصم.
* قال شعيب بن حرب: كان زهير بن معاوية أحفظ من عشرين مثل شعبة.
* قال أبوداود: علي بن المديني خير من عشرة آلاف مثل الشاذكوني. 48/11 وهذا وإن كان فيه مبالغة فإن الذي قبله أشد مبالغة؛ ﻷنه فضل زهير على أمير المؤمنين في الحديث(شعبة) عشرين مرة، وهذا كثير ﻷن وزن شعبة عند المحدثين كبير، بينما أبوداود فضل ابن المديني على الشاذكوني (المتهم) عشرة آلاف مرة (وهي مثل عشرة آلاف ريال يمني).
* ومن أغرب تلك المفاضلات قول عبدالله بن محمد الحافظ: زر ابن عدي أحفظ من عبدالباقي بن قانع.
هذا الزر فكيف بالثوب كله؟!
* قال عبدان: ليس في العواصم أثبت من عاصم اﻷحول.
أي ليس فيمن يسمى عاصم أثبت من اﻷحول.

٢٣- من اللطائف أنني شرحت للطلاب درسا بعنوان:(البومة والطاووس) فتذكرت أن هناك رجلا يلقب بالبومة، ولكني لا أذكر اسمه وخبره، ولما انتهى الدرس فتحت كتاب(الجامع لعلوم اﻹمام أحمد) ﻷنقل منه بعض الفوائد فكانت أول فائدة رأيتها و نقلتها هي عن محدث يلقب بالبومة، أوصى اﻹمام أحمد بالتحديث عنه ﻷنه ثقة.

٢٤- (إليه المنتهى في التثبت بالبصرة)
هذه الجملة من أقوى ألفاظ التعديل وقد قالها اﻹمام أحمد في شأن ثمانية من محدثي البصرة وهم:
يحيى القطان
إسماعيل بن علية
خالد بن الحارث
معاذ التميمي
يزيد بن زريع
بشر بن المفضل
حبان بن هلال
بهز بن أسد
وجميعهم عاشوا في عصر واحد.
وفائدة هذا أنه عند اختلاف الرواة في حديث فإن هؤلاء مقدمون على غيرهم.

٢٥- في كتاب (ذيل الطبقات) لابن رجب [بتحقيق الدكتور: العثيمين] في ترجمةالحافظ عبدالغني المقدسي:
( أحيى الله به حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن سمع حديثا من أصحابنا كان يسبه، ومن كان من غير أصحابنا كان طلبهم حسدا له..) ١٢/٢
قلت: هكذا (يسبه) وقد ضبطه المحقق بضم السين وتشديد الباء المضمومة، وهو تصحيف، وصوابه:( بسببه) وبينهما في المعنى كما بين البصرة و بصرى.

٢٦- قال ابن رجب:( قال ابن الجوزي يوما على المنبر: أهل البدع يقولون: ما في السماء أحد، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي:(ثلاث عورات لكم).
قلت: ويعني بأهل البدع هنا اﻷشاعرة؛ ﻷنهم ينفون العلو، ويقولون: إن القرآن عبارة عن كلام الله وليس كلام الله، ويقول بعض علمائهم: إن النبي ليس بنبي بعد موته.

٢٧- سيمينكوش
هذا ليس اسم شركة، ولا رئيس دولة، ولا لاعب كرة، ولكنه لقب لأحد التابعين وقد وصف بأنه كان من العباد، وهو مذكور في كتاب(تهذيب التهذيب) وغيره، روى له أبوداود والترمذي وابن ماجه حديثا واحدا.
ومعناه: أبيض اﻷذن أو اﻷذن الفضية.

٢٨- تكرار لفظ الكون على التوالي أسلوب صحيح فصيح مهجور مثل:
(كان يكون العلم في صدور الرجال)
وقد ورد في أحاديث ليست قليلة منها:
(قد كان يكون في اﻷمم محدثون..)
و قول عائشة رضي الله عنها:(كان يكون علي الصوم من رمضان..) ولاحظت أن شيخ اﻹسلام ابن تيمية كان يكون كثير الاستعمال لهذا التركيب في كتبه.
قال الكرماني: فائدة تكرار لفظ الكون إرادة بيان الدوام والاستمرار.

٢٩- قال اﻷعمش: إذا رأيت الشيخ لم يطلب الفقه أحببت أن أصفعه (عيون اﻷخبار) الشيخ في اللغة هو: من تجاوز الخمسين من عمره، والحمدلله أنني لم أبلغها بعد وإلا كنت مستحقا لصفعة اﻷعمش.

٣٠- من أراد أن يفهم أصول الفقه على أصوله فعليه بدروس الشيخ حسن بن عبدالحميد بخاري، فقد أجاد وأفاد ولاسيما في شرح (مختصر الروضة) والشيخ متمكن في الفهم والتفهيم من غير استطراد.

٣١- سئل العز بن عبدالسلام الشافعي : أيما كان أعلم: فخر الدين ابن عساكر-الشافعي- أم الشيخ الموفق-ابن قدامة-؟ فغضب وقال: والله موفق الدين كان أعلم بمذهب الشافعي من ابن عساكر فضلا عن مذهبه.
قلت: الفخر ابن عساكر شيخ الشافعية والموفق شيخ الحنابلة وكلاهما توفي سنة٦٢٠ رحمهما الله.

٣٢- قال ابن حبان في صحيحه: (لعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ).
قال الذهبي: "هكذا فلتكن الهمم، هذا مع ما كان عليه من الفقه والعربية والفضائل الباهرة"
سمعت الشيخ عبدالله العبيد يقول:(شيوخي في كتاب الله أزيد من ألف من الهند إلى المغرب).
قلت: هكذا فلتكن الهمم، هذا مع ما هو عليه من الفقه والحديث.

٣٣- ذكر حاتم العوني في (العنوان الصحيح للكتاب) أن من العناوين الخاطئة عنوان كتاب ابن حجر (تلخيص الحبير) وأن العنوان الصحيح هو:(التلخيص الحبير) كما سماه السخاوي والبقاعي.انتهى كلامه
قلت: هذا تصحيح خاطئ، والسخاوي والبقاعي لم يسمياه بهذا الاسم، بل سمياه:(التمييز في تلخيص تخريج أحاديث شرح الوجيز) وكذلك السيوطي وابن العماد الحنبلي.
و العوني ما أحال هذه التسمية إلى كتاب للسخاوي أو البقاعي وإنما نقلها عن أحد المعاصرين.
و قد طبع الكتاب في دار أضواء السلف بتحقيق جيد، وبالعنوان الصحيح مع اﻹشارة إلى العنوان المشهور، وذكر المحقق أسباب ترجيحه لهذا العنوان المغمور على العنوان المشهور.

٣٤- سألت رجلا أحسبه من الصالحين ولا أزكي على الله أحدا- فقلت له: أنا أريد أن أبني عمارة وأحب أن أستفيد منك ﻷنك قد عمرت وصار عندك خبرة فهل عندك اقتراحات أو وصايا؟
فقال: نعم عندي وصية واحدة، أوصيك أن لا تشغلك العمارة عن صلاة الجماعة!!
قلت: هذا يصح أن يكون مثالا لما يسمى في البلاغة (أسلوب الحكيم) وهو: جواب السائل بغير ما توقعه.

٣٥- سألني أحد اﻹخوان عن المفاضلة بين شروح زاد المستقنع، فاستعفيته من الجواب؛ ﻷنني لست فرسان ذاك الميدان، فألح علي فأجبته بهذين البيتين:
اﻷول (الممتع) ثم الثاني..
(روض) كغيث هاطل هتان..
والثالث (الصقعوب) يا لبيب..
وذاك رأيي أيها الحبيب..

٣٦- من ألفاظ الجرح والتعديل قولهم:(لايسأل عنه) أو (لايسأل عن مثله) تدل عند اﻹطلاق على التعديل مالم يرد في السياق ما يدل على الجرح.
* وهي من أعلى مراتب التعديل كما أنها من شر مراتب التجريح، فمن قيلت فيه فهو إما فوق الثريا وإما تحت الثرى.
* ومثاله في التعديل: سئل أبوحاتم عن يزيد بن هارون فقال: ثقة إمام صدوق لايسأل عن مثله.
* ومثاله في التجريح: سئل ابن معين عن حميد الخزاز فقال: ما يسأل عن حميد مسلم أخزى الله ذاك وأخزى من يسأل عنه.
* وأكثر من استعمل هذه اللفظة هو ابن معين ثم أبوحاتم.
* وعدد من قيل فيهم :(لايسأل عنه) تعديلا بالاستعانة بالشاملة قرابة الثلاثين.

٣٧- قال النسائي في سننه (٢٩٩٣): كأن علي بن المديني خلق للحديث.

٣٨- قال عبدالرحمن بن رسته: سألت عبدالرحمن بن مهدي عن الرجل يبني بأهله (يعني في شهر العسل) أيترك الجماعة أياما؟
قال: لا، ولا صلاة واحدة.

٣٩- (النتف في بيان الفرق بين جوال السلف وجوال الخلف)
* قال السمعاني في اﻷنساب:
( الجوال: بفتح الجيم والواو المشددة.. هذه النسبة لجماعة من مشاهير المحدثين أكثروا الرحلة والجولان في البلاد فاشتهروا بهذا الاسم..)
* وقال شعبة: ما أتينا شيخا بالكوفة إلا وجدنا قيس بن الربيع قد سبقنا إليه، كنا نسميه قيسا الجوال.
قلت: والحافظ الذهبي قد أكثر من استعمال لقب(الجوال) في صدر تراجم من اشتهروا بالرحلات لطلب الحديث.
* أما (الجوال) في زماننا فأمره غريب وشأنه عجيب وليس بشبيه لجوال السلف ولا بقريب.
جوالنا من أسباب الفساد والضلال، ومن مراتع الهزل والاستهبال، ومن منابع القيل والقال.
فما أكثر من يطالع جواله وقد غلبته القهقهة؛ لما يرى من السخافة والسفه، ومن المهازل المؤسفة.
و آخر من سماعه للشيلات، قد صار الناس منه في ويلات، فتراه وقد احتواه الطرب، كأنه مجنون قد اضطرب.
وآخر قد أصيب بقلة الفهم، وكثرة الوهم؛ ﻷنه قد ضرب في كل برنامج بسهم، فتراه مرة في الوتساب، وتارة في السناب، و ثالثة فيما لا أعرفه من تلك اﻷلقاب، حتى لقد غاب عن أهله وهو حاضر، وسافر عنهم وما هو بمسافر.
ومنهم من يجالس أباه و أمه، ويحسب أنه قد بلغ في البر القمة، و قلبه إلى جواله قد انصرف، ونظره عن والديه منحرف، فتراه مكبا على جواله، عاكفا على هباله، متنقلا من حالة إلى حالة.
والجوال مع ذلك فيه علوم مفيدة، ودروس فريدة، ومحاسن عديدة، ولكن المستفيدين قليل، ومن يحسن الاستعمال عددهم ضئيل، والواقع أكبر دليل، فالله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.

٤٠- إذا شئت أن تغدو -أخا العلم والحجى-..
بخاري حفظ ، لا بخاري مطعم..
فكن لثلاث لازما فهي عدة..
لكل همام حافظ متعلم..
ف(قلل) من المحفوظ إن قليله
مع الضبط خير من كثير مثلم..
و(كرر) فبالتكرار يصبح ثابتا
قويا عصيا كالكتاب المرقم
و(راجع) فمن يحفظ ويهمل فإنه
سيندم لكن لات ساعة مندم..

٤١- كتاب (ذم الدكتوراه) أنموذج على التعميم الذميم والنظر القاصر وعدم اﻹنصاف.
ومحتوى الكتاب فيه من التناقض والدواهي والمضحكات التي جاءت في قالب الجد ما لا مزيد عليه، وقد نزل المؤلف كثيرا من النصوص على الدكاترة فزعم أنهم من علامات الساعة وأنهم مجرمون سفلة خوارج يحرفون الكتاب والسنة !!
ولو اطلع على الكتاب من لا يعرف معنى (الدكتوراه) لظن أن المؤلف يتحدث عن فرقة مارقة جديدة وطائفة مبتدعة ذات عقائد خبيثة اسمها: (الدكتوراه).
ونظرة عابرة إلى فهرس هذا الكتاب كفيلة بإسقاطه و مؤلفه.
ولا أنكر أن شهادة الدكتوراه ليست شهادة على علم حاملها، وإنما هي شهادة على تجاوزه مرحلة من المراحل التعليمية، لكن المؤلف تعدى وظلم.

٤٢- من أشد علماء التابعين إنكارا على فرقة المرجئة إبراهيم النخعي ومن أقواله المشهورة قوله:(لقد تركت المرجئة الدين أرق من ثوب سابري).
الثوب السابري: ثوب رقيق يشف عما تحته.
و هذه العبارة وجدتها منسوبة إلى سفيان الثوري في كتاب (اﻹيمان) لشيخ اﻹسلام ابن تيمية، وتداول كثير من المؤلفين بعده هذه النسبة، والصواب أن إبراهيم النخعي قائلها و سفيان ناقلها.

٤٣- جدير بطالب العلم والباحث أن تكون :(المكتبة الشاملة) ضمن مكتبته، فإنها كنز ثمين وصيد سمين، فمن لم تكن عنده (المكتبة الشاملة) فهو مسكين، ومن لم يقتنع بفائدتها فهو مسيكين.

٤٤- الفقيه الحنفي السرخسي أملى كتابه (المبسوط) وهو غير مبسوط، فقد كان في السجن أثناء إملاء كتابه هذا فكان يملي وطلابه يدونون كلامه.
وفي مقدمة المبسوط: ( قال الشيخ اﻹمام السرخسي وهو في الحبس بأوزجند إملاء..) وقال في آخر شرح العبادات:(هذا آخر شرح العبادات بأوضح المعاني وأوجز العبارات أملاه المحبوس عن الجمع والجماعات..).
و قال القرشي في (الجواهر المضية) في ترجمته:
( أملى المبسوط نحو خمسة عشر مجلدا وهو في السجن.. وقال في آخر كتاب الطلاق: هذا آخر كتاب الطلاق.. إملاء المحبوس عن الانطلاق المبتلى بوحشة الفراق).
واسم السرخسي محمد بن أحمد ويلقب بشمس اﻷئمة (ت ٤٨٣) وكتابه هذا من أصول المذهب الحنفي وهو مطبوع في ثلاثين مجلدا.
ومن العجيب أن هذا العالم مع شهرته وشهرة كتابه لا توجد له ترجمة في عامة السير و التراجم ماعدا طبقات الحنفية !!

٤٥- أثناء قراءتنا للواسطية تعجبنا من حسن جمع شيخ اﻹسلام ﻵيات الصفات.
ومن المفيد الطريف أنني قرأت في (الجامع لعلوم اﻹمام أحمد) فصلا طويلا جمع فيه اﻹمام أحمد اﻵيات التي يحتج بها على الجهمية، وكان ذلك في ثلاث عشرة صفحة جمع فيها أكثر من(٢٠٠) آية.
قال عبدالله بن اﻹمام أحمد في مقدمتها:(وجدت هذا الكتاب بخط أبي فيما يحتج به على الجهمية....) ثم سرد اﻵيات من سورة البقرة إلى آخر القرآن.

٤٦- إذا ما الغانيات خرجن يوما..
يزاحمن الرجال على القيادة..
ويخلعن الخمار بلا حياء..
ويحسبن الخروج من الريادة..
فلا تعجب إذا انتشرت ثلاث..
طلاق والجرائم في زيادة..
وفقر الدين والدنيا جميعا..
فلا تستعجلن على (القرادة)..

٤٧- قال الشيخ عبدالكريم الخضير وفقه الله : (كثرة الكتب مشغلة عن التحصيل وأنا أعاني من كثرة الكتب فهي مشغلة بلا شك فأنصح طلاب العلم أن لا يقتنوا من الكتب إلا ما يحتاجون إليه).

٤٨- قال أحد المعلمين: ذكرت للطلاب حديث :" إن أيسر الربا مثل أن ينكح الرجل أمه وأربى الربا عرض الرجل المسلم" فاستنكر الطلاب هذا وقالوا: هذا مستحيل أن تكون الغيبة أعظم من أن ينكح الرجل أمه..فقال لهم: بل هو حديث صحيح.
قلت: استنكار الطلاب لهذا الحديث غير منكر بل هو في محله واحتجاجهم صحيح.
وهذا الحديث رواه الحاكم والبيهقي فأما الحاكم فقد صححه على شرط الشيخين وكذلك صححه اﻷلباني !
وأما البيهقي فقد قال:( هذا إسناد صحيح والمتن منكر بهذا اﻹسناد ولا أعلمه إلا وهما). وكذلك ضعفه الشيخ المعلمي.
ومن العلماء من حكم على هذا الحديث بالوضع كالشيخ سليمان العلوان.
وقد أورد ابن الجوزي في كتاب الموصوعات حديث: (درهم ربا أشد من ستة وثلاثين زنية) ثم قال:( اعلم أن مما يرد صحة هذه اﻷحاديث أن المعاصي إنما يعلم مقاديرها بتأثيراتها والزنا يفسد اﻷنساب.. ويؤثر في القبائح ما لا يؤثر أكل لقمة لا تتعدى ارتكاب نهي فلا وجه لصحة هذا) وفي موقع [اﻹسلام سؤال وجواب] تفصيل وتأصيل في بيان ضعف هذا الحديث والذي قبله ونكارتهما.

٤٩- رأي الشيخ ابن عثيمين في (الشعر الحر) وما كان على منواله قال رحمه الله:( المراد بالشعر: الشعر الحقيقي الذي يأخذ بالمشاعر، أما الشعر غير الموزون الذي حصل من اﻷدباء المتأخرين لما عجزوا عن الشعر اﻷول قالوا: اتركوه وائتوا بشعر غير موزون شطر منه سطران وشطر منه كلمة وقولوا: هذا الشعر !!
هذا لا يأخذ بمشاعر أي أحد ويمجه اﻹنسان إذا قرأه ولا يحرك مشاعره أبدا والغريب أنه صار حسنا عند بعض الناس ﻷنهم لا يستطيعون أكثر منه ولا يعرفون أن يأتوا بمثل معلقات العرب....) الشرح الممتع (٢٦٢/٢)

٥٠- وفقني الله بشراء كتاب ( موسوعة التفسير المأثور) إعداد مركز الدراسات والمعلومات القرآنية، في ٢٤ مجلدا شارك في تأليفه ٤٠ باحثا واحتوى على أكثر من ٨٥ ألف أثر.
ما ظنك بكتاب قد جمع النقل والتحرير والحديث والتفسير وتعليقات ابن عطية و ابن جرير وتحقيقات ابن تيمية وابن القيم النحرير وتدقيقات العلامة ابن كثير !!
يغنيك عن الدر المنثور و يجمع لك عشرات اﻵلاف من المأثور، مع العقيدة الصحيحة والتعليقات المليحة واﻷلوان المريحة.
ورق وتجليد فاخر ومحتوى بالعلم زاخر، يقول من رآه: كم ترك الأول للآخر !
لو رحل طالبه إلى الصين وغاب عن أهله سنين لرجع وهو رابح الصفقة عند من يعقل ويفقه.
وقد وجدت هذا الكتاب في مكتبة الرشد وبجانبه كتاب التمهيد بتحقيق بشار معروف وسعر كل واحد منهما ٨٠٠ ريال مع أن الموسوعة أضخم بكثير من التمهيد فاخترت شراء الموسوعة وتركت التمهيد وما مثله يترك لكن الغلو في الغلاء من البلاء.

٥١- شيخ اﻹسلام ابن تيمية ورقية المصروعين :
قال الذهبي:( لقد عوفي من الصرع غير واحد بمجرد تهديد ابن تيمية للجني، وجرت له في ذلك ألوان وفصول، ولم يفعل أكثر من أن يتلو آيات ويقول: إن لم تنقطع عن هذا المصروع أو المصروعة وإلا عملنا معك حكم الشرع).
تكملة الجامع لسيرة ابن تيمية ٤٤

٥٢- أهمية إتقان الفاتحة..
تعريف (اﻷمي) عند جماهير الفقهاء هو: (من لايحسن الفاتحة أو يبدل حرفا أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى). ولا تجوز إمامته بالقارئ وتبطل صلاة القارئ عند الجمهور.
وبناء عليه: إذا اجتمع رجلان أحدهما يحفظ القرآن ولكنه يلحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى، واﻵخر لا يحفظ إلا الفاتحة و يلحن لحنا لا يغير المعنى فالأولى باﻹمامة هو الثاني الذي لا يحفظ إلا الفاتحة بلا خلاف.
ومن المعلوم أن هذه المسألة واقعة ومنتشرة فقد يوجد بعض اﻷعاجم ممن يحفظ القرآن أو أكثره ولكنه يقلب الحاء هاء والعين همزة ونحوها.. فمثل هذا لا يؤم بالناس ولو حفظ القرآن والكتب الستة و يسمى عند الفقهاء (اﻷمي).

٥٣- سمعت بعض المشايخ يقول: (إن الترجيح في المسائل الفقهية هو ترجيح نسبي وليس ترجيحا مطلقا ولا يوجد شيء اسمه قول راجح على إطلاقه بل هو راجح عند فلان ومرجوح عند فلان ).
وهذا فيه ما فيه ! فإن كثيرا من المسائل الخلافية في المذاهب اﻷربعة يجزم فيها بالقول الراجح ويكون هذا الترجيح ترجيحا مطلقا وليس نسبيا؛ بحيث يكون ما يسمى ب(المرجوح) ضعيفا جدا يغلب على الظن بطلانه حتى وإن اعتقد من تقلده أنه قول راجح فإنه اعتقاد لا اعتداد به.. وهذا له أمثلة كثيرة.
ولا ينكر أن الترجيح في الخلافيات أكثره يكون نسبيا ومقيدا.

٥٤- إذا قرأ طالب العلم في المسائل الخلافية وأدلة أصحابها وتعليلاتهم و كانت قراءته بأناة وإنصاف، وعرف أسباب الخلاف، استفاد الحجة والبرهان واعتدل في الحكم والميزان واعترف لنفسه بالنقصان و(بقّى من العشر ثمان).

٥٥- ((صغير ولكنه كبير))
قال اﻷثرم: قال أبوعبدالله-أحمد بن حنبل- : سبحان الله ما أعلم سفيان بن عيينة بعمرو بن دينار !
قلت له: أي الناس أعلم بعمرو بن دينار؟
فقال: ما أعلم أحدا أعلم به من ابن عيينة.
قيل له: كان ابن عيينة صغيرا.
قال: وإن كان صغيرا، فقد يكون صغير كيس.
(الجامع لعلوم اﻹمام أحمد ١٧٣/١٧)

٥٦- قال عبدالله بن طاهر:(شكّ يحيى بن يحيى عندنا يقين)..
قلت: هذه بعض التعليقات والفوائد على هذا الكلام:
أولا: تفسيره: أن تردد هذا اﻹمام وشكه في حديث وفي ألفاظه هو مثل يقين غيره وذلك من تثبته ومبالغته في أدائه وهذا شيء معروف عن يحيى بن يحيى حتى كان يلقب بالشكاك !! وهذا من أعلى ألفاظ التعديل.
ثانيا: قائل هذا الكلام هو اﻷمير الخطير أمير خراسان ابن طاهر وكان مشاركا في العلم محباً للعلماء وله معهم مجالس.
ثالثا: في (تهذيب التهذيب) طبعة الرسالة و طبعة دار الحديث تصحفت لفظة (يقين) إلى:(بيّن) والصواب :(يقين) بلا شك.
رابعا: هناك طائفة من كبار المحدثين قد وصفوا بمثل ما وصف به هذا اﻹمام وهذا مفيد في علم العلل ولعلي أذكرهم في رسالة أخرى إن شاء الله.

٥٧- قال أبوحيان اﻷندلسي في (تذكرة النحاة):
( ومن كلامهم -يعني العرب- :" إذا أعياش جاراتش فأقبلي على ذي بيتش" ويقولون:"ما الذي جاء بش" وقرئ: (قد جعل ربش تحتش سريا) وهي كشكشة بني أسد وتميم) [٤٤٣]
قلت:
١- هذه كشكشة بني تميم ويقابلها كسكسة بكر وهي إبدال الكاف سينا أو زيادتها بعد الكاف.
٢- القراءة التي ذكرها أبوحيان لم تنسب لأحد من القراء ولا تعرف حتى في الشواذ والمنكرات.. ولعل أحدا من العرب أراد أن يقرأها على الجادة فلم يطاوعه لسانه فنسبها بعض المؤلفين خطأ إلى القراءات.
٣- الكشكشة في هذا الزمان منتشرة في أكثر قبائل جنوب الجزيرة و الكسكسة فيهم قليلة خلافا لقبائل نجد والشمال فالكسكسة هي اﻷغلب.
وقوله:(ما الذي جاء بش) هي قولنا:(إيش جابش).

٥٨- في كتاب(المفردات في مذهب الحنابلة) الذي أصدرته الجمعية الفقهية السعودية.
ذكر المؤلف مسألة وجوب الترتيب في قضاء الفوائت وأن المرداوي وصاحب النظم المفيد ذكرا أنها من مفردات الحنابلة وكذلك في المنح الشافيات للبهوتي، قال الباحث(١٥١/٣) :( لكن تبين لي بعد البحث أن المالكية يوافقونهم ..فتخرج هذه المسألة عن كونها مفردة)
قلت: لكن تبين لي بعد البحث أنها من مفردات الحنابلة وأن المالكية لا يوافقونهم؛ ﻷن مذهب المالكية أن الترتيب بين الفوائت واجب لكنه ليس بشرط فتصح عندهم ولو ترك الترتيب عمدا.
أما مذهب الحنابلة فإن الترتيب بين الفوائت شرط فلو تركه عمدا بطلت.
وبين المذهبين فرق كبير، فصح كون هذه المسألة من مفردات الحنابلة.

٥٩- مسألة من مفردات الحنابلة لم تذكر في كتب:(المفردات) التي بحثت فيها وهي:
من لم يجد إلا ثوبا نجسا فإنه يصلي إما بالثوب النجس وهو قول الجمهور وإما عريانا كما عند الشافعية.
لكن هل يعيد الصلاة؟
جمهور الفقهاء لاتجب عليه اﻹعادة، ومذهب الحنابلة: تجب اﻹعادة.
وهذه المسألة لم يشر المرداوي في كتابه (اﻹنصاف) إلى كونها من المفردات ولا ذكرها العمري في (النظم المفيد) ولا البهوتي في شرحه (المنح الشافيات) ولم تذكر في :(المفردات في مذهب الحنابلة) الرسائل العلمية.

٦٠- من المفردات في مذهب الحنابلة أن الصلاة في الكنيسة لا تكره مطلقا خلافا للجمهور فقد قالوا: إنها تكره.
وهذه المفردة لم يذكرها الناظم ولا البهوتي في (المنح الشافيات) ولم يشر المرداوي في (اﻹنصاف) إلى أنها من المفردات ولم أرها في :(المفردات في مذهب الحنابلة) الرسائل العلمية.
● وهذه المسألة مما اختلف فيها (اﻹقناع) و(المنتهى) ففي اﻹقناع: تكره الصلاة في الكنيسة إذا كان فيها صور.
وفي المنتهى: (لا تكره) أي مطلقا قال المرداوي: على الصحيح من المذهب.
ولم يذكر هذه المسألة صاحب كتاب:(تحقيق المبتغى في المسائل التي اختلف فيها اﻹقناع والمنتهى) وهي على شرطه.

٦١- إذا سبق اﻹمام الحدث فهل تبطل صلاة المأمومين أو يستخلف اﻹمام أحدهم؟
الجمهور: يستخلف أحدهم ويتمون صلاتهم
ومذهب الحنابلة: تبطل صلاتهم ولا يجوز له الاستخلاف.
● وهذه المسألة من مفردات الحنابلة ولم أرها في:(المنح الشافيات) ولا في (مفردات مذهب الحنابلة) الرسائل العلمية ولم ينبه المرداوي في اﻹنصاف على أنها من المفردات.
● و مذهب الحنابلة أضيق المذاهب في هذه المسألة ومذهب الشافعية أوسع المذاهب فيها.

٦٢- يتكرر اسم (بشر) في كتب الفقه الحنفي فتجد فيها : (قال بشر) (وهو قول بشر) (في رواية بشر) ● والمقصود به هو: بشر بن غياث المريسي الجهمي المعتزلي الذي رد عليه الدارمي في كتاب(نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد) و هو الذي ناظره الكناني كما في (الحيدة).
● و كان المريسي من فقهاء الحنفية قال الذهبي:(كان من كبار الفقهاء) وهو ممن صحب أبايوسف القاضي ولكنه اشتغل بعلم الكلام فضلّ و أضلّ.
● وهو من رؤوس أهل البدعة في القرن الثالث حتى قال ابن تيمية:(إنه إمام المتأولين) وقد كان الشافعي ينصحه بالاقتصار على الفقه وترك الكلام فأبى.
قال الذهبي:(هو بشر الشر، وبشر الحافي بشر الخير).
وقال:(كان عين الجهمية في عصره وعالمهم).

٦٣- روى الشيخان عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف اﻷول يخب ثلاثة أطواف ويمشي أربعة ..
وفي رواية لهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف ومشى أربعة ثم سجد سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة.
● في هذا الحديث خمسة ألفاظ يندر تداولها في كتب الفقه:
١- الطواف اﻷول: وهو طواف القدوم
٢- يخب: أي يرمل، والاسم: الخبب والرمل.
٣- أطواف: وهي اﻷشواط
٤- سجدتين: أي ركعتين
٥- يطوف بين الصفا والمروة: أي يسعى وهذا اللفظ مع وروده في القرآن و في اﻷحاديث يندر استعماله في كتب الفقه.

٦٤- لا أعلم بعد كتاب الله مثبتاً للمسلم في أوقات الفتن ورافعاً للهمة ومزيلاً للهم ومنشطاً للدعوة و باعثاً على الصبر ومزهداً في الدنيا ومرغباً في اﻵخرة مثل القراءة في السيرة النبوية وسير الصحابة..
وينبغي أن يكون للمسلم ورد في قراءة السيرة كما يكون له ورد في قراءة القرآن.

٦٥- قال الذهبي في ترجمة البيهقي: ( صنف التصانيف النافعة ولم يكن عنده سنن النسائي ولا سنن ابن ماجه ولا جامع أبي عيسى..)
قلت: راجعت كتب البيهقي بواسطة المكتبة الشاملة فوجدت البيهقي كثير العزو والنقل من سنن الترمذي وقال في أحد المواضع :(قرأت في كتاب الترمذي: ...) وكذلك يعزو إلى النسائي فهذا يدل على أن هذين الكتابين عنده.
فلعل قصد الذهبي أن هذه الكتب ليست عند البيهقي على طريقة أهل الحديث بحيث يرويها بإسناده إلى المؤلف وإن كان يمتلكها والله أعلم.
أما ابن ماجه وسننه فليس لهما ذكر في كتب البيهقي.

٦٦- ذكر الذهبي بإسناده إلى أبي زيد المروزي الفقيه الشافعي قال: (كنت نائما بين الركن والمقام فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبازيد إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي؟
فقلت: يا رسول الله وما كتابك؟
قال: جامع محمد بن إسماعيل - يعني البخاري- (سير أعلام النبلاء ٣١٤/١٦)

٦٧- قال ابن حجر في فتح الباري: (قال النووي:أكثر ما بلغنا-أي في ختم القرآن- من كان يقرأ أربع ختمات بالليل وأربعا بالنهار وقد بالغ بعض الصوفية في ذلك فادعى شيئا مفرطا والعلم عند الله)
قلت: أما الصوفية فباب الخرافة والكذب عندهم واسع لا حدّ له، وأما الذي نقله النووي (ثمان ختمات) فمفرط و لا يمكن تصديقه؛ وهو غير ممكن إلا مع أمرين:
١- أن يهذّ القرآن هذاً يتعثر معه اللسان و يقع به الزلل في النطق و تسقط معه بعض الحروف.
٢- أن لا يقطع قراءته بعمل آخر: لا صلاة ولا صلة ولا اتصال ولا تواصل، ولا أكل ولا نوم ولا كلام ولا جوال ولا جوال ولا جوال !!
ومع هذا كله فمن فعل ذلك فلن يستطيع على ست ختمات فكيف بثمان؟!
والعجب من النووي إذ يذكر مثل هذا الخيال ومن ابن حجر حين يقرّه مع عدم صحته شرعا ولا حسا.
وما أحسن اتباع السنة والقصد.

٦٨- عناية اليونيني بصحيح البخاري:
علي بن محمد اليونيني ت ٧٠١
قال ابن رجب في (ذيل الطبقات):
(استنسخ اليونيني صحيح البخاري واعتنى بأمره كثيرا، قال الحافظ الذهبي: حدثني أنه في سنة واحدة قابله وأسمعه إحدى عشرة مرة).
وهذا يعني أنه كان يقرأ كل يوم ما بين ثمانين إلى مئة صفحة تقريبا من القطع المتوسط هذا إذا كان درسه كل يوم !!
ولهذا أصبحت نسخة اليونيني أصح نسخ البخاري وأوثقها.

٦٩- (الغرور) وردت في القرآن بضم الغين وفتحها، والضابط للفرق بينهما أنه إذا سبقها الفعل: (غرّ أو يغرّ) فهي بفتح الغين وإلا فهي بالضم.
(ولا يغرنكم بالله الغَرور)
(وما الحياة الدنيا إلا متاع الغُرور)
(إن الكافرون إلا في غُرور)
وهذا التفريق في قراءة حفص عن عاصم التي هي أكثر القراءات انتشارا في هذا العصر.

٧٠- لو أن مفتيا سئل عن حكم بيع العنب على من يعصره خمرا فقال: (اﻷصل في البيع اﻹباحة) لكان هذا المفتي ملبسا وغير ناصح ولكانت فتواه ناقصة باطلة وإن كان كلامه صحيحا لكنها كلمة حق يراد بها باطل.
🔹وكذلك من يقول: (إن اﻷصل في قيادة المرأة للسيارة اﻹباحة).
فإن هذا تلبيس وتدليس ﻷن المقصود ليس حكم القيادة في ذاتها وإنما معرفة ما تؤول إليه من كونها وسيلة لمفاسد عظيمة.

آخر هذه الفوائد الفريدة اللطيفة المحررة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • فوائد وفرائد من كتب العقيدة
  • فوائد وفرائد من كتب الفقه
  • فوائد وفرائد من كتب التفسير
  • فوائد وفرائد من كتب الحديث
  • فوائد وفرائد منوعة
  • غرد بفوائد كتاب
  • فوائد وفرائد قيدها: المسلم
  • فوائد وفرائد قيدها: عِلْمِيَّاتُ
  • الرئيسية