اطبع هذه الصفحة


تغريدات من كتاب تفسير السعدي رحمه الله

أبو صالح

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الفاتحة

1- الذي ينبغي في التفسير، أن يجعل المعنى هو المقصود، واللفظ وسيلة إليه. فينظر في سياق الكلام، وما سيق لأجله، ويقابل بينه وبين نظيره في موضع آخر
2- النظر لسياق الآيات مع العلم بأحوال الرسول وسيرته من أعظم ما يعين على معرفة القرآن وفهم المراد منه خصوصا إذا انضم إلى ذلك معرفة علوم العربية
3- نفي التساوي في كتاب الله، قد يأتي بين الفعلين وقد يأتي بين الفاعلين وقد يأتي بين الجزائين
4- ضرب الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور: التذكير، والوعظ، والحث، والزجر، والاعتبار، والتقرير، وتقريب المراد للعقل، وتصويره في صورة المحسوس
5- تأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر، وعلى المدح والذم، وعلى الثواب، وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره، وعلى تحقيق أمر، وإبطال أمر
6- السياق يرشد إلى بيان المجمل، وتعيين المحتمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وتنوع الدلالة
7- السياق من أعظم القرائن على المراد فمن أهمله غلط وغالط في نظره ومناظرته فسياق قوله تعالى{ذق إنَّك أنت العزيز الكريم}يدل على أنه الذليل الحقير
8- حقيقة الإيمان أن يعرف الرب الذي يؤمن به ويبذل جهده في معرفة أسمائه وصفاته حتى يبلغ درجة اليقين وأقرب طريق لذلك تدبر صفاته وأسمائه من القرآن=
9- = والطريق في ذلك،إذا مر به اسم من أسماء الله أثبت له ذلك المعنى وكماله وعمومه ونزهه عما يضاد ذلك
10- العلم بالله أصل الأشياء وحقيقة المعرفة الاستدلال بما عرف من صفاته وأفعاله على ما يفعله وعلى مايشرعه لأنه لايفعل إلا ماهو مقتضى أسمائه وصفاته
11- أفعال الله تعالى وشرائعه دائرة بين العدل والفضل والحكمة.فأخباره كلها حق وصدق، وأوامره ونواهيه عدل وحكمة.
12- الرسل هم المربون المزكون المعلمون للمؤمنين وما نال المؤمنون من خير ولا اندفع عنهم من شر إلا على أيديهم وبسببهم فقبيح بالمؤمن أن يجهل حالهم
13- لوصرف إنسان همه لمعرفة معاني القرآن من دون معرفة منه لأحوال الرسول وسيرته لحصل من الغلط على الله وعلى رسوله وعلى مراد الله من كلامه شيء كثير
14- العلم باليوم الآخر حقيقة المعرفة، يفتح للإنسان باب الخوف والرجاء، اللذين إن عمر بهما القلب انكف عن المعاصي خوفا ورجى تيسير الطاعة وتسهيلها
15- على قدر علم العبد بتفاصيل الثواب والعقاب، يعرف بذلك فضل الله وعدله وحكمته.
16- من علوم القرآن مجادلة المبطلين، ودفع شبه الظالمين، وإقامة البراهين العقلية الموافقة للأدلة النقلية.وهذا من خواص العلماء الربانيين الراسخين
17- اشتمل القرآن من الأدلة العقلية، والقواطع البرهانية، ما لو جمع ما عند جميع المتكلمين من حق، لكان بالنسبة إليه كنقرة عصفور بالنسبة لماء البحر
18- { الْحَمْدُ لِلَّهِ } هو الثناء على الله بصفات الكمال، وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل، فله الحمد الكامل، بجميع الوجوه
19- قوله تعالى { رَبِّ الْعَالَمِينَ } يدل على انفراده بالخلق والتدبير، والنعم، وكمال غناه، وتمام فقر العالمين إليه، بكل وجه واعتبار.
20- تربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة.
فالعامة: هي خلقه للمخلوقين، ورزقهم، وهدايتهم لما فيه مصالحهم، التي فيها بقاؤهم في الدنيا
21- تربيته تعالى الخاصة: تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان، ويوفقهم له، ويكمله لهم، ويدفع عنهم الصوارف، والعوائق الحائلة بينهم وبينه.
22- حقيقة تربيته تعالى الخاصة لأوليائه: تربية التوفيق لكل خير، والعصمة عن كل شر
23- لعل السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب أن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
24- {الرحمن الرحيم} ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين، فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم فلهم نصيب منها
25- هو سبحانه رحمن رحيم، ذو الرحمة التي اتصف بها، المتعلقة بالمرحوم. فالنعم كلها، أثر من آثار رحمته
26- يوم الدين يظهر للخلق ظهورا تاما كمال ملك الرب وعدله وحكمته وانقطاع أملاك الخلائق حتى إنه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا والعبيد والأحرار
27- تقديم المعمول يفيد الحصر، وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه.فإياك نعبد وإياك نستعين،أي نعبدك ولا نعبد غيرك، ونستعين بك ولا نستعين بغيرك
28- { الاستعانة } هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع، ودفع المضار، مع الثقة به في تحصيل ذلك.
29- قدمت العبادة على الاستعانة، من باب تقديم العام على الخاص، واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده
30- إنما تكون العبادة عبادة، إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله. فبهذين الأمرين تكون عبادة
31- ذكر{الاستعانة} بعد{العبادة} مع دخولها فيها، لاحتياج العبد في جميع عباداته من فعل الأوامر واجتناب النواهي إلى الاستعانة بالله ليحصل له ذلك
32- { الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } هو الطريق الواضح الموصل إلى الله، وإلى جنته، وهو معرفة الحق والعمل به، فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط
33- الهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط، تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا
34- تضمنت توحيد الربوبية{رب العالمين}والإلهية {الله}{إياك نعبد} والأسماء والصفات{الحمد}وإثبات النبوة{اهدنا الصراط المستقيم}لامتناعه بدون الرسالة
35- تضمنت إثبات الجزاء على الأعمال في قوله:{ مالك يوم الدين } وأن الجزاء يكون بالعدل، لأن الدين معناه الجزاء بالعدل.
36- تضمنت إثبات القدر، وأن العبد فاعل حقيقة في قوله: { اهدنا الصراط المستقيم } لأنه معرفة الحق والعمل به.
37- تضمنت إخلاص الدين لله تعالى، عبادة واستعانة في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فالحمد لله رب العالمين.

سورة البقرة

1- نفي الريب عن الكتاب يستلزم ضده إذ ضد الريب والشك اليقين، فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب
2- قاعدة مفيدة: النفي المقصود به المدح، لا بد أن يكون متضمنا لضده، وهو الكمال، لأن النفي عدم، والعدم المحض، لا مدح فيه.
3- قال { هُدًى } وحذف المعمول، فلم يقل هدى للمصلحة الفلانية، ولا للشيء الفلاني، لإرادة العموم، وأنه هدى لجميع مصالح الدارين
4- المتقون أتوا بالسبب الأكبر للهداية،وهو التقوى باتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه،بامتثال أوامره،واجتناب النواهي،فاهتدوا به،وانتفعوا غاية الانتفاع
5- المتقون حصلت لهم هداية البيان والتوفيق، وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق. وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها، ليست هداية حقيقية [تامة]
6- ليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس، إنما الشأن في الإيمان بالغيب، الذي لم نره ولم نشاهده، وإنما نؤمن به، لخبر الله وخبر رسوله
7- الإيمان بالغيب هو الذي يميز به المسلم من الكافر، لأنه تصديق مجرد لله ورسله.
8- المؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به، أو أخبر به رسوله، سواء شاهده، أو لم يشاهده وسواء فهمه وعقله، أو لم يهتد إليه عقله وفهمه
9- {ويقيمون الصلاة} لم يقل: يفعلون أو يأتون بالصلاة،لأنه لا يكفي فيها صورتها الظاهرة. بل زيادة بإقامتها باطنا بإقامة روحها بحضور القلب والتدبر
10- { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } لم يذكر المنفق عليهم، لكثرة أسبابه وتنوع أهله، ولأن النفقة من حيث هي، قربة إلى الله
11- أتى بـ"من "الدالة على التبعيض،لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءا يسيرا من أموالهم،غير ضار لهم ولا مثقل،بل ينتفعون هم بإنفاقه وينتفع به إخوانهم
12- { رَزَقْنَاهُمْ } إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم، ليست حاصلة بقوتكم وملككم، وإنما هي رزق الله الذي خولكم، وأنعم به عليكم.
13- كما أنعم الله عليكم وفضلكم على كثير من عباده، فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكم، وواسوا إخوانكم المعدمين.
14- كثيرا ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن، لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده.
15- عنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه، فلا إخلاص ولا إحسان.
16- المتقون يؤمنون بكل ما جاء به الرسول،ولا يفرقون بين ما أنزل إليه،فيؤمنون ببعضه،ولا يؤمنون ببعضه، إما بجحده أو تأويله،على غير مراد الله ورسوله
17- الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان؛ وأعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل، و"اليقين "هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل
18- صاحب الهدى مستعل بالهدى،مرتفع به،وصاحب الضلال منغمس فيه محتَقر لذا أتى بـ "على"في موضع الهداية،الدالة على الاستعلاء وفي الضلالة يأتي بـ "في"
19- الذين كفروا،وانصبغوا بالكفر،وصار وصفا لهم لازما مستمرون عليه،لا يردعهم عنه رادع، ولا ينجع فيهم وعظ وانذار، فلا تفيدهم الدعوة إلا إقامة الحجة
20- بسبب كفر الكفار وجحودهم ومعاندتهم بعد ما تبين لهم الحق تسد عليهم طرق العلم والخير –السمع والبصر- وتسد عنهم أبواب الإيمان، وهذا عقاب عاجل
21- من لطف الله بالمؤمنين، أن جلا أحوال المنافقين ووصفهم بأوصاف يتميزون بها، لئلا يغتر بهم المؤمنون، ولينقمعوا أيضا عن كثير من فجورهم
22- الإيمان الحقيقي، ما تواطأ عليه القلب واللسان، وإنما غيره فمخادعة لله ولعباده المؤمنين
23- المخادع إما أن يحصل بخداعه ما يريد أو يسلم،لا له ولا عليه،والمنافقون عاد خداعهم عليهم،وكأن مكرهم إنما هو لإهلاك أنفسهم وإضرارها وكيدها
24- لايضر المؤمنين أن أظهر المنافقون الإيمان،وصار كيدهم في نحورهم،وحصل لهم بذلك خزي الدنيا والحزن المستمر بسبب ما يحصل للمؤمنين من القوة والنصرة
25- يعرض للقلب مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله:مرض الشبهات كالكفر والنفاق والشكوك والبدع ، ومرض الشهوات كالزنا ومحبة الفواحش والمعاصي وفعلها
26- المعافى من عوفي قلبه من مرضي الشبهات والشهوات، فحصل له اليقين والإيمان، والصبر عن كل معصية، فرفل في أثواب العافية
27- {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا}بيان للحكمة في تقدير المعاصي على العاصين،وأنه بسبب ذنوبهم السابقة،يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها
28- جمع المنافقون بين العمل بالفساد في الأرض وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح، قلبا للحقائق،وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقا وهذا أعظم جناية
29- يحصر المنافقون الإصلاح في جانبهم {إنما نحن مصلحون} وفي ضمنه أن المؤمنين ليسوا من أهل الإصلاح،فقلب الله عليهم دعواهم {ألا إنهم هم المفسدون}
30- إذا كان من بذل دينارا في مقابلة درهم خاسرا،فكيف من بذل جوهرة وأخذ عنها درهما؟ فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة واختار الشقاء على السعادة
31- المنافقون{صُمٌّ}عن سماع الخير،{بُكْمٌ} عن النطق به، {عُمْيٌ} عن رؤية الحق،{فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ} لتركهم الحق بعد أن عرفوه فلا يرجعون إليه
32- الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال، فهذا إذا بين له الحق فهو حري بالتوفيق إن كان صادقا في طلب الحق.
33- المعاند الذي يعرف الحق ويتركه، فهذا لا يمكن رجوعه، لأنه ترك الحق بعد ما تبين له، لم يتركه عن جهل، فلا حيلة فيه.
34- الشاك غير الصادق في طلب الحق، بل هو معرض غير مجتهد في طلبه، فهذا في الغالب أنه لا يوفق.
35- لا أعظم نعمة على العباد من نزول الآيات القرآنية،ومع هذا تكون لقوم محنة وحيرة وضلالة وزيادة شر إلى شرهم،ولقوم منحة ورحمة وزيادة خير إلى خيرهم
36- كل عمل صالح شرطه الإيمان; فمن لا إيمان له لا عمل له
37- {استوى} تارة لا تعدى بالحرف فيكون معناها الكمال والتمام،وإذا عديت بـ "على" فتكون بمعنى "علا "و "ارتفع " ،وإذا عديت بـ "إلى" تكون بمعنى "قصد"
38- كثيرا ما يقرن تعالى بين خلقه للخلق وإثبات علمه لأن خلقه للمخلوقات، أدل دليل على علمه، وحكمته، وقدرته.
39- { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا } بالمعاصي { وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ } وهذا تخصيص بعد تعميم، لبيان شدة مفسدة القتل
40- {علَّم آدم الأسْمَاءَ كُلَّهَا} أي أسماء الأشياء، وما هو مسمى بها، فعلمه الاسم والمسمى، أي:الألفاظ والمعاني، حتى المكبر من الأسماء والمصغر
41- العبد إذا خفيت عليه حكمة الله في بعض المخلوقات والمأمورات فالوجب عليه; التسليم، واتهام عقله،والإقرار لله بالحكمة
42- التوبة نوعان: توفيق الله للعبد أولا ثم قبوله للتوبة إذا اجتمعت شروطها ثانيا.
43- رتب الله على اتباع هداه أربعة أشياء:نفي الخوف مما ينتظر والحزن على مامضى ونفي الضلال والشقاء، وحصول الضده، وهو الأمن التام، والهدى والسعادة
44- المراد بذكر النعم بالقلب اعترافا، وباللسان ثناء، وبالجوارح باستعمالها فيما يحبه ويرضيه.
45- من لبس الحق بالباطل، فلم يميز هذا من هذا، مع علمه بذلك، وكتم الحق الذي يعلمه، وأمر بإظهاره، فهو من دعاة جهنم.
46- على الإنسان واجبين: أمر غيره ونهيه،وأمر نفسه ونهيها،فترك أحدهما،لا يكون رخصة في ترك الآخر، فإن الكمال القيام بالواجبين،والنقص الكامل تركهما
47- النفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة
48- من لم يؤمن بلقاء ربه، كانت الصلاة وغيرها من العبادات من أشق شيء عليه.
49- المخلوقون لا يملكون مثقال ذرة من النفع فليقطع العبد قلبه من التعلق بهم وليعلقه بالله الذي يجلب المنافع، ويدفع المضار،عبادة له واستعانة به.
50- { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم } استهانة بأمر الله، واستهزاء وإذا بدلوا القول مع خفته فتبديلهم للفعل من باب أولى وأحرى
51- {وضربت عليهم الذلة} التي تشاهد على ظاهر أبدانهم {والمسكنة} بقلوبهم، فلم تكن أنفسهم عزيزة بل مهينة ،ولا لهم همم عالية بل هممهم أردأ الهمم
52- { بِغَيْرِ الْحَقِّ } زيادة شناعة، وإلا فمن المعلوم أن قتل النبي لا يكون بحق، لكن لئلا يظن جهلهم وعدم علمهم
53- { ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون } المعاصي يجر بعضها بعضا،فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير ثم ينشأ الذنب الكبير، ثم ينشأ أنواع البدع والكفر وغيره
54- إذا كان حال سلف اليهود أنهم ليسوا من أهل الصبر ومكارم الأخلاق،ومعالي الأعمال،مع أن المظنة أنهم أولى وأرفع حالة ممن بعدهم فكيف الظن بمن بعدهم
55- أفعال اليهود أكثرها لم ينكروها، والراضي بالمعصية شريك للعاصي
56- إن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة، على ما أصله من البدع الباطلة.
57- ذم الله الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه
58- ذم الله من كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله وقال: هذا هو الشرع والدين، وهذا معنى الكتاب والسنة، وهذا معقول السلف والأئمة، وهذا هو أصول الدين
59- ذم الله من كتم ما عنده من الكتاب والسنة، لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله.
60- { مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً } نكرة في سياق الشرط، فيعم الشرك فما دونه، والمراد به هنا الشرك، بدليل قوله: { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ }
61- { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ } أي: أحاطت بعاملها، فلم تدع له منفذا، وهذا لا يكون إلا الشرك، فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته
62- كل مبطل يحتج بآية، أو حديث صحيح على قوله الباطل فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه
63- {وبالوالدين إحسانا} وهذا يعم كل إحسان قولي وفعلي مما هو إحسان إليهم،وفيه النهي عن الإساءة إليهم، أو عدم الإحسان والإساءة لأن الواجب الإحسان.
64- أمر الله بالاحسان بالوالدين والأمر بالشيء نهي عن ضده وللإحسان ضدان: الإساءة، وهي أعظم جرما، وترك الإحسان بدون إساءة، وهذا محرم
65- لما كان الإنسان لايسع الناس بماله،أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق،وهو الإحسان بالقول،وضمنه النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار
66- من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع، ابتلي بالاشتغال بما يضره
67- من ترك عبادة الرحمن، ابتلي بعبادة الأوثان، ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه، ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه.
68- من لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان، ومن ترك الذل لربه، ابتلي بالذل للعبيد، ومن ترك الحق ابتلي بالباطل.
69- علم السحر مضرة محضة، ليس فيه منفعة لا دينية ولا دنيوية كما يوجد بعض المنافع الدنيوية في بعض المعاصي، كما ذكر تعالى في الخمر والميسر
70- المنهيات كلها إما مضرة محضة، أو شرها أكبر من خيرها،كما أن المأمورات إما مصلحة محضة أو خيرها أكثر من شرها.
71- {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} ينهى عن الجائز إذا كان وسيلة إلى محرم،وفيه الأدب،واستعمال الألفاظ التي لاتحتمل إلا الحسن
72- كل من ادعى دعوى، لا بد أن يقيم البرهان على صحة دعواه، وإلا فلو قلبت عليه دعواه، وادعى مدع عكس ما ادعى بلا برهان لكان لا فرق بينهما
73- أهل الجنة وحدهم هم من أخلص لله أعماله، متوجها إليه بقلبه، وهو مع إخلاصه محسن في عبادة ربه بأن عبده بشرعه.
74- القنوت نوعان: قنوت عام: وهو قنوت الخلق كلهم، تحت تدبير الخالق، وخاص: وهو قنوت العبادة.
75- {إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا}وهو مشتمل على الآيات التي جاء بها،وهي في نفس إرساله،وفي سيرته وهديه ودله،وفي معرفة ماجاء به من القرآن والسنة
76- لا ينال الإمامة في الدين، من ظلم نفسه وضرها، وحط قدرها، لمنافاة الظلم لهذا المقام، فإنه مقام آلته الصبر واليقين
77- { نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا } فلا نشرك به شيئا، ولا نعدل به أحدا، { ونحن له مسلمون } فجمعوا بين التوحيد والعمل
78- كما أن النطق باللسان، بدون اعتقاد القلب، نفاق وكفر، فالقول الخالي من العمل عمل القلب، عديم التأثير، قليل الفائدة.
79- في قوله: { قُولُوا } إشارة إلى الإعلان بالعقيدة، والصدع بها، والدعوة لها، إذ هي أصل الدين وأساسه
80- { آمَنَّا } ونحوه مما فيه صدور الفعل، منسوبا إلى جميع الأمة، إشارة إلى أنه يجب على الأمة، الاعتصام بحبل الله جميعا
81- { آمَنَّا } ونحوه مما فيه صدور الفعل، منسوبا إلى جميع الأمة حث على الائتلاف حتى يكون داعيهم واحدا، وعملهم متحدا، وفي ضمنه النهي عن الافتراق
82- { قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ } دلالة على جواز إضافة الإنسان إلى نفسه الإيمان، على وجه التقييد، بل على وجوب ذلك=
83- = بخلاف قوله: "أنا مؤمن"ونحوه، فإنه لا يقال إلا مقرونا بالاستثناء بالمشيئة، لما فيه من تزكية النفس، والشهادة على نفسه بالإيمان
84- { لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ } أي: بل نؤمن بهم كلهم، هذه خاصية المسلمين، التي انفردوا بها عن كل من يدعي أنه على دين
85- {وما أوتي النبيون من ربهم} عطية الدين هي العطية الحقيقية،فلم يأمرنا أن نؤمن بما أوتي الأنبياء من الملك والمال،بل بما أعطوا من الكتب والشرائع
86- { مِنْ رَبِّهِمْ } إشارة إلى أنه من كمال ربوبيته لعباده، أن ينزل عليهم الكتب، ويرسل إليهم الرسل، فلا تقتضي ربوبيته، تركهم سدى ولا هملا
87- (صبغة الله) الزموا صبغة الله، وهو دينه، وقوموا به قياما تاما دائما، بجميع عقائده وأعماله الظاهرة والباطنة،حتى يكون لكم صبغة، وصفة من صفاتكم
88- (صبغة الله) يصير الدين طبيعة لكم بمنزلة الصبغ التام للثوب الذي صار له صفة،ولا أحسن صبغة من صبغة الله، ولا أقبح صبغة ممن انصبغ بغير دينه
89- { وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ } وصفهم باسم الفاعل الدال على الثبوت والاستقرار، ليدل على اتصافهم بذلك وكونه صار صبغة لهم ملازما
90- المجادلة تكون بالتي هي أحسن،بأقرب طريق يرد الضال إلى الحق ويوضحه، ويبين الباطل، ويقيم الحجة على المعاند،وإلا كانت مماراة،ومخاصمة لا خير فيها
91- (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم..) كررت، لقطع التعلق بالمخلوقين، وأن المعول عليه ما عمله الإنسان واتصف به ، لا عمل أسلافه وآبائه
92- السفهاء هم الذين لا يعرفون مصالح أنفسهم بل يضيعونها ويبيعونها بأبخس ثمن، وهم اليهود والنصارى، ومن أشبههم من المعترضين على أحكام الله وشرائعه
93- لا يعترض على أحكام الله، إلا سفيه جاهل معاند، وأما الرشيد المؤمن العاقل، فيتلقى أحكام ربه بالقبول، والانقياد، والتسليم
94- { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي:عدلا خيارا، وما عدا الوسط فأطراف داخلة تحت الخطر، فجعل الله هذه الأمة، وسطا في كل أمور الدين
95- لهذه الأمة من الدين أكمله ومن الأخلاق أجلها ومن الأعمال أفضلها ووهبوا من العلم والحلم والعدل والإحسان مالم يهب لسواهم لعدالتهم وحكمهم بالقسط
96- ما شهدت له هذه الأمة بالقبول فهو مقبول وما شهدت له بالرد فهو مردود فمن شك في فضلها وطلب مزكيا لها فقد قال تعالى {ويكون الرسول عليكم شهيدا}
97- إجماع هذه الأمة، حجة قاطعة، وهم معصومون عن الخطأ، لإطلاق قوله: { وَسَطًا } فلو قدر اتفاقهم على الخطأ، لم يكونوا وسطا، إلا في بعض الأمور
98- { ولتكونوا شهداء على الناس } يقتضي أنهم – أي الأمة- إذا شهدوا على حكم أن الله أحله أو حرمه أو أوجبه، فإنها معصومة في ذلك.
99- من انقلب على عقبيه، وأعرض عن الحق واتبع هواه، فإنه يزداد كفرا إلى كفره، وحيرة إلى حيرته، ويدلي بالحجة الباطلة، المبنية على شبهة لا حقيقة لها
100- {وما كان اللَّه ليضيع إيمانكم} في هذا بشارة عظيمة لمن منَّ الله عليهم بالإسلام والإيمان بأن الله سيحفظ عليهم إيمانهم، فلا يضيعه وحفظه نوعان:
101- حفظ عن الضياع والبطلان،بعصمته لهم عن كل مفسد ومزيل له ومنقص من المحن والأهواء وحفظ بتنميته لهم وتوفيقهم لما يزداد به إيمانهم ويتم به إيقانهم
102- من رأفة الله ورحمته بالمؤمنين أن يميِّزَ عنهم من دخل في الإيمان بلسانه دون قلبه
103- الإنسان إنما يغمه اعتراض معترض إذا كان الأمر مشتبها وكان ممكنا أن يكون معه صواب فأما إذا تيقن أن الحق معه وأن المعترض معاند فلا محل للمبالاة
104- الآيات إنما تفيد وينتفع بها من يتطلب الحق، وهو مشتبه عليه، فتوضح له الآيات البينات، وأما من جزم بعدم اتباع الحق، فلا حيلة فيه.
105- إذا تبين الحق بأدلته اليقينية، لم يلزم الإتيان بأجوبة الشبه الواردة عليه، لأنها لا حد لها، وللعلم بأن كل ما نافى الحق الواضح، فهو باطل
106- { ولئن اتبعت أهواءهم } إنما قال: "أهواءهم "ولم يقل "دينهم "لأن ما هم عليه مجرد أهوية نفس وليس بدين ، ومن ترك الدين، اتبع الهوى ولا محالة
107- العالم عليه إظهار الحق، وتبيينه وتزيينه، بكل ما يقدر عليه من عبارة وبرهان ومثال، وإبطال الباطل وتشيينه، وتقبيحه للنفوس، بكل طريق مؤد لذلك
108- (ولكل وجهة هو موليها) الشأن كل الشأن، في امتثال طاعة الله، والتقرب إليه، وطلب الزلفى عنده، فهذا هو عنوان السعادة ومنشور الولاية
109- الأمر بالاستباق إلى الخيرات قدر زائد على الأمر بفعل الخيرات، فالاستباق إليها يتضمن فعلها وتكميلها وإيقاعها على أكمل الأحوال والمبادرة إليها
110- من سبق في الدنيا إلى الخيرات، فهو السابق في الآخرة إلى الجنات، فالسابقون أعلى الخلق درجة والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل،ونفع متعد وقاصر
111- (فاستبقوا الخيرات) دليل على الإتيان بكل فضيلة يتصف بها العمل،كالصلاة في أول وقتها،والمبادرة إلى إبراء الذمةوالإتيان بالسنن،فما أجمعها من آية
112- الباطل كاسمه مخذول، مخذول صاحبه، وهذا بخلاف صاحب الحق، فإن للحق صولة وعزا، يوجب خشية من هو معه
113- {ولأتم نعمتي عليكم} فأصل النعمة، الهداية لدينه، بإرسال رسوله، وإنزال كتابه، ثم بعد ذلك، النعم المتممات لهذا الأصل، لا تعد كثرة، ولا تحصر
114- من جملة تيسير الله لأسباب الهداية أنه يقيض للحق المعاندين له فيجادلون فيه،فيتضح بذلك وتظهر آياته وأعلامه،ويتضح بطلان الباطل وأنه لا حقيقة له
115- لولا قيام الباطل في مقابلة الحق، لربما لم يتبين حاله لأكثر الخلق، وبضدها تتبين الأشياء ولولا الباطل ما اتضح الحق اتضاحا ظاهرا
116- { وَالْحِكْمَةَ } قيل: هي السنة، وقيل: الحكمة، معرفة أسرار الشريعة والفقه فيها، وتنزيل الأمور منازلها.
117- { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } الذكر هو رأس الشكر، فلهذا أمر به خصوصا، ثم من بعده أمر بالشكر عموما فقال: { وَاشْكُرُوا لِي }
118- المعصية التي تشتد الدواعي إليها ويقدر عليها لا يمكن تركها إلا بصبر عظيم وكف لدواعي القلب لله واستعانة به على العصمة منها فإنها من كبار الفتن
119- سنة الله في عباده ابتلاؤهم بالمحن، ليتبين الصادق من الكاذب لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة، لحصل الاختلاط الذي هو فساد
120- المحن تمحص لاتهلك وفائدتها تمييز أهل الخير من أهل الشر لا إزالة مامع المؤمنين من الإيمان ولا ردهم عن دينهم فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين
121- البدعة نوعان: نوع يتعبد لله بعبادة، لم يشرعها أصلا ونوع يتعبد له بعبادة قد شرعها على صفة مخصوصة، فتفعل على غير تلك الصفة
122- {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} دل تقييد التطوع بالخير،أن من تطوع بالبدع، التي لم يشرعها الله ولا رسوله، أنه لا يحصل له إلا العناء، وليس بخير له.
123- أخذ الله الميثاق على أهل العلم بأن يبينوا الناس علم الكتاب ولا يكتموه، فمن نبذ ذلك وكتم ما أنزل الله وغش عباد الله،فأولئك {يلعنهم اللَّه}
124- {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا} لا يكفي ترك القبيح حتى يفعل الحسن، فلا يكفي في الكاتم حتى يبين ما كتمه،ويبدي ضد ما أخفى،فهذا يتوب الله عليه
125- أليس قبيح بالعباد،أن يتمتعوا برزق الله،ويعيشوا ببره ويستعينون بذلك على مساخطه ومعاصيه؟ أليس ذلك دليلا على حلمه وصبره،وعفوه وصفحه،وعميم لطفه؟
126- المحرم نوعان: إما محرم لذاته، وهو الخبيث الذي هو ضد الطيب، وإما محرم لما عرض له، وهو المحرم لتعلق حق الله، أو حق عباده به، وهو ضد الحلال.
127- من قال: إن الله أحل كذا، أو حرم كذا، أو أمر بكذا، أو نهى عن كذا، بغير بصيرة، فقد قال على الله بلا علم
128- من قال: الله خلق هذا الصنف من المخلوقات، للعلة الفلانية بلا برهان له بذلك، فقد قال على الله بلا علم
129- من أعظم القول على الله بلا علم، أن يتأول المتأول كلامه، أو كلام رسوله، على معان اصطلح عليها طائفة من طوائف الضلال، ثم يقول: إن الله أرادها
130- {كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} دل على أن من لم يشكر الله لم يعبده وحده،وعلى أن أكل الطيب سبب للعمل الصالح وقبوله
131- { وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } خالفوا الكتاب الذي جاء بالحق الموجب للاتفاق وعدم التناقض ، فمرج أمرهم، وكثر شقاقهم، وافترقوا
132- {وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد} بخلاف أهل الكتاب الذين آمنوا به، وحكموه في كل شيء، فإنهم اتفقوا وارتفقوا بالمحبة والاجتماع عليه.
133- كتاب الله مشتمل على الحق الموجب للاتفاق عليه، وعدم الافتراق، وأن كل من خالفه، فهو في غاية البعد عن الحق، والمنازعة والمخاصمة
134- المال محبوب للنفوس، فلا يكاد يخرجه العبد،
فمن أخرجه مع حبه له تقربا إلى الله تعالى، كان هذا برهانا لإيمانه
135- الله تعالى يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم في تدبر ما في أحكامه من الحكم والمصالح الدالة على كماله وكمال حكمته وعدله ورحمته الواسعة.
136- قرب الله نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه، وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق.
137- من دعا ربه بقلب حاضر، ودعاء مشروع، ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء، كأكل الحرام ونحوه، فإن الله قد وعده بالإجابة.
138- من أسباب إجابة الدعاء، الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية، والإيمان به، الموجب للاستجابة
139- { فلا تقربوها } -أي حدود الله- أبلغ من قوله: "فلا تفعلوها "لأن القربان، يشمل النهي عن فعل المحرم بنفسه، والنهي عن وسائله الموصلة إليه.
140- العبد مأمور بترك المحرمات والبعد منها وترك كل سبب يدعو إليها، وأما الأوامر فيقول الله فيها: { تلك حدود الله فلا تعتدوها } فينهى عن مجاوزتها
141- {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} أي: أموال غيركم، أضافها إليهم، لأنه ينبغي للمسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويحترم ماله كما يحترم ماله.
142- جعل الله الأهلة بلطفه ورحمته على هذا التدبير حسابا يعرفه كل أحد من عالم وجاهل فلو كان الحساب بالسنة الشمسية لم يعرفه إلا النادر من الناس
143- (وأتوا البيوت من أبوابها) ينبغي في كل أمر من الأمور، أن يأتيه الإنسان من الطريق السهل القريب، الذي قد جعل له موصلا

144- كل من حاول أمرا من الأمور وأتاه من أبوابه وثابر عليه، فلا بد أن يحصل له المقصود بعون الملك المعبود.
145- لما كانت النفوس- في الغالب-لا تقف على حدها إذا رخص لها في المعاقبة لطلبها التشفي،أمر تعالى بلزوم تقواه،التي هي الوقوف عند حدوده،وعدم تجاوزها
146- الجهاد لا يقوم إلا على ساق النفقة،فهي له كالروح لا يمكن وجوده بدونها،وفي ترك الإنفاق في سبيل الله إبطال للجهاد وتسليط للأعداء وشدة تكالبهم
147- الإلقاء باليد إلى التهلكة :ترك ما أمر به العبد إذا كان تركه موجبا أو مقاربا لهلاك البدن أو الروح،وفعل ما هو سبب موصل إلى تلف النفس أو الروح
148- من الإلقاء باليد إلى التهلكة ترك الجهاد في سبيل الله، أو النفقة فيه، الموجب لتسلط الأعداء، ومن ذلك تغرير الإنسان بنفسه في مقاتلة أو سفر مخوف
149- من الإلقاء باليد إلى التهلكة أن يصعد شجرا أو بنيانا خطرا، أو يدخل تحت شيء فيه خطر ونحو ذلك، فهذا ونحوه، ممن ألقى بيده إلى التهلكة
150- من الإلقاء باليد إلى التهلكة الإقامة على معاصي الله، واليأس من التوبة، ومنها ترك ما أمر الله به من الفرائض، التي في تركها هلاك للروح والدين
151- ينبغي للعبد، كلما فرغ من عبادة، أن يستغفر الله عن التقصير، ويشكره على التوفيق، فهذا حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أخر
152- من فرغ من عبادة فرأى أنه قد أكملها، ومن بها على ربه، وجعلت له محلا ومنزلة رفيعة، فهذا حقيق بالمقت، ورد الفعل
153- حسنة الدنيا يدخل فيها كل المطالب المحبوبة والمباحة ،من رزق هنيء واسع حلال،وزوجة صالحة،وولد تقر به العين ،وراحة،وعلم نافع،وعمل صالح،ونحو ذلك
154- حسنة الآخرة، هي السلامة من العقوبات، في القبر، والموقف، والنار، وحصول رضا الله، والفوز بالنعيم المقيم، والقرب من الرب الرحيم
155- من اتقى الله في كل شيء، حصل له نفي الحرج في كل شيء، ومن اتقاه في شيء دون شيء، كان الجزاء من جنس العمل.
156- {ألد الخصام} إذا خاصمته وجدت فيه من اللدد والتعصب ما هو من مقابح الصفات،أما المؤمنون فالسهولة مركبهم،والانقياد للحق وظيفتهم،والسماحة سجيتهم
157- الأقوال التي تصدر من الأشخاص، ليست دليلا على صدق ولا كذب، ولا بر ولا فجور حتى يوجد العمل المصدق لها، المزكي لها
158- ينبغي اختبار أحوال الشهود، والمحق والمبطل من الناس، بسبر أعمالهم، والنظر لقرائن أحوالهم، وأن لا يغتر بتمويههم وتزكيتهم أنفسهم
159- (في السلم كافة) في جميع شرائع الدين،ولا تكونوا ممن اتخذ إلهه هواه،إن وافق المشروع هواه فعله،وإن خالفه تركه،فالواجب أن يكون الهوى تبعا للدين
160- (ادخلوا في السلم كافة) في جميع شرائع الدين وعلى المؤمن أن يفعل كل ما يقدر عليه، من أفعال الخير، وما يعجز عنه، يلتزمه وينويه، فيدركه بنيته.
161- سمى الله تعالى كفر النعمة تبديلا لها،لأن من أنعم الله عليه نعمة دينية أو دنيوية،فلم يشكرها ولم يقم بواجبها ذهبت عنه، وتبدلت بالكفر والمعاصي
162- الرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر، وأما رزق القلوب من العلم والإيمان، ومحبة الله وخشيته ورجائه، ونحو ذلك، فلا يعطيها الله إلا من يحب.
163- الواجب عند الاختلاف والتنازع، أن يرد الاختلاف إلى الله وإلى رسوله، ولولا أن في كتابه، وسنة رسوله، فصل النزاع، لما أمر بالرد إليهما.
164- كل من قام بالحق فإنه يمتحن،فكلما اشتدت عليه وصعبت وصابر وثابر على ما هو عليه انقلبت المحنة في حقه منحة، وأعقبه ذلك الانتصار وشفاء ما في قلبه
165- أفعال الخير التي تكرهها النفوس لما فيها من مشقة خير بلا شك،وأفعال الشر التي تحب النفوس لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة شر بلا شك،وهذا مطرد
166- إذا أحب المؤمن أمرا فقيض الله له ما يصرفه عنه ،فليشكر الله،ويجعل الخير في الواقع،لأن الله تعالى أرحم به من نفسه وأقدر على وأعلم بمصلحته منه
167- { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره، سواء سرتكم أو ساءتكم.
168- {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} هذا يرجع إلى لكل أحد بحسبه، من غني وفقير ومتوسط، كل له قدرة على إنفاق ما عفا وتيسر من ماله ، ولو شق تمرة
169- المرجع في الحقوق بين الزوجين هي العادة في ذلك البلد وذلك الزمان من مثلها لمثله،ويختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة،والأحوال،والأشخاص والعوائد
170- { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } أي ظلم أعظم ممن اقتحم الحلال،وتعدى منه إلى الحرام، فلم يسعه ما أحل الله؟
171- الظلم ثلاثة أقسام: ظلم العبد فيما بينه وبين الله، وظلم العبد الأكبر الذي هو الشرك، وظلم العبد فيما بينه وبين الخلق
172- الشرك لا يغفره الله إلا بالتوبة، وحقوق العباد، لا يترك الله منها شيئا، والظلم الذي بين العبد وربه فيما دون الشرك، تحت المشيئة والحكمة.
173- جميع الأمور خصوصا الولايات إن لم يقم فيها أمر الله،ويسلك بها طاعته، لم يحل الإقدام عليها، فمن رأى من نفسه قوة عليها ووثق بها، أقدم،وإلا أحجم
174- {يبينها لقوم يعلمون} لأنهم هم المنتفعون بها، النافعون لغيرهم وهذا فضيلة لأهل العلم،لأن الله جعل تبيينه لحدوده خاصا بهم، وأنهم المقصودون بذلك
175- {يبينها لقوم يعلمون} فيه أن الله تعالى يحب من عباده، معرفة حدود ما أنزل على رسوله والتفقه بها
176- { وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ } عموما باللسان ثناء وحمدا، وبالقلب اعترافا وإقرارا، وبالأركان بصرفها في طاعة الله
177- {الحكمة } أي: السنة وقيل: المراد بالحكمة أسرار الشريعة، فالكتاب فيه، الحكم، والحكمة فيها،بيان حكمة الله في أوامره ونواهيه،وكلا المعنيين صحيح
178- تتم أمور الملك بقوة الرأي والجسم، فإذا تم رأيه وقوي على تنفيذ ما يقتضيه الرأي المصيب، حصل الكمال، ومتى فاته واحد من الأمرين اختل عليه الأمر
179- إذا قوي بدن الملك وضعف رأيه،حصل خرق وقهر ومخالفة للمشروع،قوة على غير حكمة،ولو كان عالما بالأمور وليس له قوة،لم يفده الرأي الذي لا ينفذه شيئا
180- العلم والرأي: مع القوة المنفذة بهما كمال الولايات، وبفقدهما أو فقد أحدهما نقصانها وضررها
181- كما يجب على المكلف معرفته بربه،فيجب عليه معرفته برسله،ما يجب لهم ويمتنع عليهم ويجوز في حقهم، ويؤخذ جميع ذلك مما وصفهم الله به في آيات متعددة
182- لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه لا يكون إلا على أمر خفية أعلامه، غامضة أثاره، أو أمر في غاية الكراهة للنفوس
183- هذا الدين القويم والصراط المستقيم قد تبينت أعلامه للعقول،وظهرت طرقه،وتبين أمره،وعرف الرشد من الغي،فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه آثره واختاره
184- من كان سيئ القصد فاسد الإرادة،خبيثا،يرى الحق فيختار عليه الباطل،فليس لله حاجة في إكراهه على الدين،لعدم الفائدة فيه، والمكره ليس إيمانه صحيحا
185- قال المحاج: { أنا أحيي وأميت } ولم يقل أنا الذي أحيي وأميت، لأنه لم يدع الاستقلال بالتصرف، وإنما زعم أنه يفعل كفعل الله ويصنع صنعه
186- من كان قصده الحق والهداية هداه الله إليه ويسر له أسباب الوصول إليه
187- الصدقة التي لا يتبعها أذى أفضل من القول المعروف والمغفرة ،والمنّ والأذى يبطل الصدقة، ويستدل بهذا على أن الأعمال السيئة تبطل الأعمال الحسنة.
188- كما أن الحسنات يذهبن السيئات فالسيئات تبطل ما قابلها من الحسنات
189- النفقة يعرض لها آفتان إما أن يقصد الإنسان بها محمدة الناس ومدحهم وهو الرياء، أو يخرجها على خور وضعف عزيمة وتردد
190- المفسدات التي تفسد الأعمال بمنزلة الإعصار الذي فيه نار أصاب جنة من نخيل وعنب وثمرات فاحترقت تلك الجنة
191- { ولا خوف عليهم } إذا خاف المقصرون { ولا هم يحزنون } إذا حزن المفرطون، ففازوا بحصول المقصود المطلوب، ونجوا من الشرور والمرهوب
192- المحسن إلى الناس بأنواع الإحسان ربه أكرم منه، فيحسن عليه كما أحسن على عباده
193- من حل العلم في قلبه أنه راجع إلى الله فمجازيه على الصغير والكبير والجلي والخفي، وأن الله لا يظلمه مثقال ذرة، أوجب له الرغبة والرهبة.
194- اشترط في كاتب الدين أن يكون عدلا في نفسه لأجل اعتبار كتابته، لأن الفاسق لا يعتبر قوله ولا كتابته
195- الأوصاف كالفسق والإيمان والنفاق والعداوة والولاية ونحو ذلك تتجزأ في الإنسان، فتكون فيه مادة فسق وغيرها، وكذلك (يتبع)=
196- = مادة إيمان وكفر لقوله: { فإنه فسوق بكم } ولم يقل فأنتم فاسقون أو فُسّاق
197- في الإتيان بـ "كسب "في الخير للدالة على أن عمل الخير يحصل للإنسان بأدنى سعي منه بل بمجرد نية القلب
198- أتى بـ "اكتسب "في عمل الشر للدلالة على أن عمل الشر لا يكتب على الإنسان حتى يعمله ويحصل سعيه
199- الفرق بين الخطأ والنسيان:أن النسيان ذهول القلب عما أمر به فيتركه نسيانا،والخطأ:أن يقصد شيئا يجوز له قصده ثم يقع فعله على ما لا يجوز له فعله
200- { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا } فالعفو والمغفرة يحصل بهما دفع المكاره والشرور، والرحمة يحصل بها صلاح الأمور
تم تغريدات تفسير سورة البقرة بعون الله وتوفيقه وصلى الله على محمد وسلم.

سورة آل عمران

1- نزل صدرها إلى بضع وثمانين آية في مخاصمة النصارى وإبطال مذهبهم ودعوتهم للدخول في الدين الحق دين الإسلام كما نزل صدر البقرة في محاجة اليهود
2- { منه آيات محكمات } أي: واضحات الدلالة، ليس فيها شبهة ولا إشكال { هن أم الكتاب } أي: أصله الذي يرجع إليه كل متشابه، وهي معظمه وأكثره
3- {متشابهات} أي:يلتبس معناها على البعض لكون دلالتها مجملة،أو يتبادر إلى بعض الأفهام غير المراد منها، فالواجب في هذا أن يرد المتشابه إلى المحكم
4- {الذين في قلوبهم زيغ} أي:ميل عن الاستقامة لفساد مقاصدهم يتركون المحكم الواضح ويذهبون إلى المتشابه، ويعكسون الأمر فيحملون المحكم على المتشابه
5- المتشابه تحصل به الفتنة بسبب الاشتباه الواقع فيه، وأما المحكم الصريح فليس محلا للفتنة، لوضوح الحق فيه لمن قصده اتباعه
6- { كل } من المحكم والمتشابه { من عند ربنا } وما كان من عنده فليس فيه تعارض ولا تناقض بل هو متفق يصدق بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض
7- أهل العقول الرزينة لب العالم وخلاصة بني آدم يصل التذكير إلى عقولهم،فيتذكرون ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه، وأما من عداهم فهم القشور
8- ربنا لا تمل قلوبنا عن الحق جهلا وعنادا منا، بل اجعلنا مستقيمين هادين مهتدين، فثبتنا على هدايتك وعافنا مما ابتليت به الزائغين
9- أشرف الأمور علم التوحيد لأن الله شهد به بنفسه وأشهد عليه خواص خلقه
10- الشهادة لا تكون إلا عن علم ويقين،كالمشاهدة للبصر، فقوله (وأولو العلم) دليل على أن من لم يصل في علم التوحيد إلى هذه الحالة فليس من أولي العلم
11- جعل الله من أسباب حصول الملك الإيمان والعمل الصالح،التي منها اجتماع المسلمين واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدروا عليها والصبر وعدم التنازع
12- { وتخرج الحي من الميت } { وتخرج الميت من الحي } فخلقه تعالى الأضداد، والضد من ضده بيان أنها مقهورة
13- استحضار علم الله كل وقت يورث حياء العبد من ربه أن يرى قلبه محلا لكل فكر رديء، بل يشغل أفكاره فيما يقرب إلى الله من تدبر أو تفكر ، أو نصح
14- فوالله لترك كل شهوة ولذة وان عسر تركها على النفس في هذه الدار أيسر من معاناة الشدائد واحتمال الفضائح في الآخرة
15- {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} بهذه الآية يوزن الخلق،فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله،وما نقص من ذلك نقص
16- كما يمنع الله سبحانه نفوذ الأسباب مع وجودها، فإنه يوجدها بدون أسبابها ليدل ذلك أن الأسباب كلها مندرجة في قضائه وقدره
17- من حكمة الباري أن تدرج بأخبار العباد من الغريب – يحيى- إلى ما هو أغرب منه –عيسى-،ليدل أنه الفعال لما يريد وأنه ما شاء كان وما لم يشاء لم يكن
18- {ومصدقا لما بين يدي من التوراة} علامة الصادق أن يكون خبره من جنس خبر الصادقين،يخبر بالصدق، ويأمر بالعدل من غير تخالف ولا تناقض، بخلاف الكاذب
19- موجب السنن والحكمة الإلهية والرحمة الربانية بعباده،ألا يشتبه الصادق بالكاذب في دعوى النبوة أبدا،بخلاف بعض غيرها،فقد يشتبه الصادق بالكاذب
20- {فلا تكن من الممترين} قاعدة: أن ما قامت الأدلة على أنه حق وجزم به العبد من مسائل العقائد وغيرها، فإنه يجب أن يجزم بأن كل ما عارضه فهو باطل=
21- =وكل شبهة تورد عليه فهي فاسدة، سواء قدر العبد على حلها أم لا فلا يوجب له عجزه عن حلها القدح فيما علمه، لأن ما خالف الحق فهو باطل=
22- = وبهذه القاعدة تنحل عن الإنسان إشكالات كثيرة يوردها المتكلمون ، إن حلها الإنسان فهو تبرع منه، وإلا فوظيفته أن يبين الحق بأدلته ويدعو إليه.
23- إذا لبس العلماء الحق بالباطل فلم يميزوا بينهما، وأبقوا الأمر مبهما وكتموا الحق الواجب إظهاره، ترتب على ذلك من خفاء الحق وظهور الباطل ما ترتب
24- مادة الهدى من الله تعالى لكل من اهتدى، فإن الهدى إما علم الحق، أو إيثاره، ولا علم إلا ما جاءت به رسل الله، ولا موفق إلا من وفقه الله
25- العالم الذي يحلل الأشياء المحرمة –وهو يعلم-معلوم أنه يخبر عن حكم الله وليس عن نفسه،وذلك هو الكذب،وهذا أعظم إثما من القول على الله بلا علم
26- { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } يدخل في ذلك كل من أخذ شيئا من الدنيا في مقابلة ما تركه من حق الله أو حق عباده.
27- ربانيين، أي:علماء حكماء حلماء معلمين للناس ومربيهم بصغار العلم قبل كباره،عاملين بذلك،فهم يأمرون بالعلم والعمل والتعليم التي هي مدار السعادة
28- اعلم أن أعظم الناس تصديقا لله أعظمهم علما ويقينا بالأدلة التفصيلية السمعية والعقلية
29- {فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين } في هذا دليل على أن اليهود وغيرهم ممن ليس على ملة إبراهيم مشركون غير موحدين
30- {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين} والهدى نوعان هدى في العمل،وهو ما جعل الله فيه من أنواع التعبدات المختصة به=
31- =وهدى في المعرفة،بما يحصل من العلم بالحق بسبب الآيات البينات على أنواع من العلوم الإلهية والمطالب العالية،كالأدلة على توحيده ورحمته وحكمته
32- {فيه آيات بينات..مقام إبراهيم} الآية ما جعل في القلوب من تعظيم أجزاء الحج وبذل النفائس للوصول إليها وتحمل المشقة لأجلها والحكم والمصالح فيها
33- إذا ذكر سبحانه ما يوجبه ويحرمه يذكره بلفظ الأمر والنهي،وهو الأكثر،وبلفظ الإيجاب والكتابة والتحريم نحو {كتب عليكم الصيام} {حرمت عليكم الميتة}
34- من عاش على شيء مات عليه،فمن كان في حال صحته ونشاطه وإمكانه مداوما لتقوى ربه وطاعته،دائم الانابة إليه،ثبته الله عند موته ورزقه حسن الخاتمة
35- تقوى الله حق تقواه: هو أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، ويجمع تفاصيلها فعل ما أمر الله به وترك كل ما نهى الله عنه
36- بافتراق المسلمين وتعاديهم يختل نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ولو أدى إلى الضرر العام
37- أي: وليكن منكم أيها المؤمنون الذين مَنَّ الله عليهم بالإيمان 272
38-{الخير} اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله ويبعد من سخطه ،و{المعروف} هو ما عرف بالعقل والشرع حسنه،و {المنكر} هو ما عرف بالشرع والعقل قبحه.
٣٩- {يوم تبيض وجوه} وهي وجوه أهل السعادة والخير، أهل الائتلاف والاعتصام بحبل الله {وتسود وجوه} وهي وجوه أهل الشقاوة والشر، أهل الفرقة والاختلاف
٤٠- {يسارعون في الخيرات}يبادرون إليها فينتهزون الفرصة فيها ويفعلونها في أول وقت إمكانها وذلك من شدة رغبتهم في الخير ومعرفتهم بفوائده وحسن عوائده
٤١- من حكمة الجمع بين قصتي أحد وبدر أن الله يحب من عباده إذا أصابهم ما يكرهون أن يتذكروا ما يحبون فيخف عنهم البلاء ويشكروا الله على نعمه العظيمة
٤٢- شرط الله للإمداد بالملائكة ثلاثة شروط: الصبر، والتقوى، وإتيان المشركين من فورهم هذا، وأما وعد النصر وقمع كيد الأعداء فشرط له الشرطين الأولين
٤٣- الأسباب فيها طمأنينة لقلوب المؤمنين،وأما النصر الحقيقي الذي لا معارض له،فهو مشيئة الله لنصر من يشاء،إما من معه الأسباب أو المستضعفين الأذلين
٤٤- لله الحكمة في إدالة الكفار في بعض الأوقات على المسلمين إدالة غير مستقرة، قال تعالى: { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض }
٤٥- { ليس لك من الأمر شيء } يدل على أن اختيار الله غالب، وأن العبد وإن ارتفعت درجته وعلا قدره قد يختار شيئا وتكون الخيرة والمصلحة في غيره
٤٦- { أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون } النعمة(التوبة) محض فضله على عبده، من غير سبق سبب من العبد ولا وسيلة، ولما ذكر العذاب ذكر معه ظلمهم.
٤٧-{والله غفور رحيم} رحمته غلبت غضبه،ومغفرته غلبت مؤاخذته،اسمين كليهما يدل على الرحمة،فله رحمة وإحسان سيرحم بها عباده لا تخطر ببال ووصف بشر
٤٨- إذا أمر الله بأمر وجب على العبد أن يعرف ماهو وما حده،ليمثله،فإذا عرف اجتهد،واستعان بالله على امتثاله في نفسه وفي غيره،بحسب قدرته وإمكانه
٤٩- إذا نهي العبد عن أمر عرف حده، وما يدخل فيه وما لا يدخل، ثم اجتهد واستعان بربه في تركه
٥٠- المعاصي كلها-وخصوصا المعاصي الكبار-تجر إلى الكفر،بل هي من خصال الكفر الذي أعد الله النار لأهله،فترك المعاصي ينجي من النار،ويقي من سخط الجبار
٥١- أعد الله لعباده المتقين جنة عرضها السماوات والأرض فكيف بطولها
٥٢- { الذين ينفقون في السراء والضراء } أي: في حال عسرهم ويسرهم، إن أيسروا أكثروا من النفقة، وإن أعسروا لم يحتقروا من المعروف شيئا ولو قل.
٥٣- يدخل في العفو،العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل،وهو أبلغ من الكظم،لأنه ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء،وهذا إنما يكون ممن تاجر مع الله
٥٤- الإحسان نوعان:الإحسان في عبادة الخالق وفسره الحديث.والإحسان إلى المخلوق بإيصال النفع الديني والدنيوي إليهم،ودفع الشر الديني والدنيوي عنهم.
٥٥- المتقون الموصوفين هنا بهذه الأعمال هم أولئك المؤمنون بالله ورسله المذكورون في سورة الحديد (سابقوا..) فدل على دخول الأعمال في الإيمان
٥٦- {ولا تهنوا ولا تحزنوا} ولاتضعفوا في أبدانكم،ولاتحزنوا في قلوبكم،ففيه زيادة مصيبة،وعون لعدوكم،فلا ينبغي ولا يليق بكم وأنتم الأعلون في الإيمان
٥٧- المؤمن المتيقن ما وعده الله من الثواب الدنيوي والأخروي لا ينبغي منه الوهن والحزن، ولهذا قال تعالى: { وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين }
٥٧- لو استمر النصر للمؤمنين لدخل في الإسلام من لايريده،فببعض الابتلاء يتبين المؤمن الراغب فيه حقيقة،في الضراء والسراء،واليسر والعسر،ممن ليس كذلك
٥٨- {ويتخذ منكم شهداء}الشهادة من أرفع المنازل،فمن رحمته أن قيَّض للمؤمنين من الأسباب ما تكرهه النفوس لينيلهم المنازل العالية والنعيم المقيم
٥٩- {وليمحص الله الذين آمنوا}يمحص الله المؤمنين من ذنوبهم وعيوبهم ومن المنافقين ليعرفوا،والشهادة والقتال في سبيل الله يكفر الذنوب ويزيل العيوب
٦٠- {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}لا يوصل إلى الراحة إلا بترك الراحة،ولا يدرك النعيم إلا بترك النعيم
٦١- {وما محمد إلا رسول..}على المؤمنين أن يكونوا بحالة لايزعزع إيمانهم فقدُ رئيس،ويستعدوا في كل أمر بعدة من أهل الكفاءة إذا فقد أحدهم قام به غيره
٦٢-{وما محمد إلا رسول..} لا بد أن يكون قصد عموم المؤمنين إقامة دين الله، والجهاد عنه، بحسب الإمكان، لا يكون لهم قصد في رئيس دون رئيس
٦٣- { وسنجزي الشاكرين } ولم يذكر جزاءهم ليدل ذلك على كثرته وعظمته، وليعلم أن الجزاء على قدر الشكر، قلة وكثرة وحسنا.
٦٤- { ربيون كثير } أي: جماعات كثيرون من أتباع الأنبياء الذين قد ربتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة.
٦٥- {.. إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ..}علموا أن الذنوب والإسراف من أعظم أسباب الخذلان وأن التخلي منها من أسباب النصر فسألوا ربهم مغفرتها.
٦٦- الربانيون جمعوا بين الصبر وترك ضده، والتوبة والاستغفار، والاستنصار بربهم، لا جرم أن الله نصرهم، وجعل لهم العاقبة في الدنيا والآخرة
٦٧- { والله يحب المحسنين } في عبادة الخالق ومعاملة الخلق، ومن الإحسان أن يفعل عند جهاد الأعداء، كفعل هؤلاء الربانيين.
٦٨- بسبب الشرك يكون المشرك مرعوبا من المؤمنين، لا يعتمد على ركن وثيق، وليس له ملجأ عند كل شدة وضيق.
٦٩- الواجب على من أنعم الله عليه بما أحب، أعظم من غيره.
٧٠- فلله ما في ضمن البلايا والمحن من الأسرار والحكم،وكل هذا صادر عن علمه سبحانه وكمال خبرته بالأعمال، والظواهر والبواطن{والله خبير بما تعملون}
٧١- الأسباب -وإن عظمت- إنما تنفع إذا لم يعارضها القدر والقضاء، فإذا عارضها القدر لم تنفع شيئا بل لا بد أن يمضي الله ما كتب في اللوح المحفوظ.
٧٢- {والله عليم بذات الصدور} اقتضى علم الله وحكمته أن قدر من الأسباب، ما به تظهر مخبآت الصدور وسرائر الأمور.
٧٣- المشاورة من العبادات وفيها تسميحا للخواطر، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، ويطمئن الناس ويعلموا أن مَّن له الأمر ليس بمستبد عليهم.
٧٤- يبذل الناس جهدهم في طاعة من يشاورهم،لعلمهم بسعيه في مصالح العموم،بخلاف غيره،فلا يحبونه محبة صادقة،ولا يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غير تامة.
٧٥- لايكاد المشاور يخطئ في فعله،وإن أخطأ أو لم يتم مطلوبه،فليس بملوم،فإذا قال الله لأكمل الناس عقلا وأغزرهم علما،وأفضلهم رأيا{وشاورهم}فكيف بغيره
٧٦- {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} التوكل على الله لا على غيره توحيد محصل للمقصود،والاعتماد على غيره شرك ضار لصاحبه،وبحسب إيمان العبد يكون توكله.
٧٧- الغلول:الكتمان من الغنيمة،والخيانة في كل مال يتولاه الإنسان وهو محرم إجماعا ومن الكبائر،ومن أعظم الذنوب وأشر العيوب.ونزه عنه الأنبياء.
٧٨- إياكم وسوء الظن بالله، فإنه قادر على نصركم، ولكن له أتم الحكمة في ابتلائكم. { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض } .
٧٩- الأمر القدري -إذا نفذ، لم يبق إلا التسليم له، وأن الله قدره لحكم عظيمة وفوائد جسيمة، ومنها ليتبين المؤمن من المنافق
٨٠- {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} الخوف من الله وحده واجب،ومن لوازم الإيمان،وعلى قدر الإيمان يكون. والمحمود منه:ما حجز العبد عن محارم الله
٨١- لا يظن من بخل بما لا يضره إنفاقه مما أوتي من مال وجاه وعلم أن هذا خير له بل شر له في دينه ودنياه وأخراه حيث سيطوق به طوقا في عنقه يعذب به
٨٢- من تحقق أن ما بيده، فضل من الله، لم يمنع الفضل الذي لا يضره، بل ينفعه في قلبه وماله، وزيادة إيمانه، وحفظه من الآفات.
٨٣- : أن الذي بيد العباد كلها ترجع إلى الله، ويرثها تعالى، وهو خير الوارثين، فلا معنى للبخل بشيء هو زائل عنك منتقل إلى غيرك.
٨٤- إذا كان الله خبيرا بألأعمال ويجزي بالحسن على الخير،والعقوبة على الشر لم يتخلف مؤمن عن الإنفاق الذي به الثواب،ولايرضى بالإمساك الذي به العقاب
٨٥- في{وإنما توفون أجوركم يوم القيامة} إشارة إلى نعيم البرزخ وعذابه حيث أن تمام التوفية إنما يكون يوم القيامة،أما مادون ذلك ففي البرزخ أو الدنيا
٨٦- يستئنس لما سبق في ٨٥ بقوله تَعَالَى { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر }
٨٧- {وإن تصبروا} أي: إن تصبروا على ما نالكم في أموالكم وأنفسكم، من الابتلاء والامتحان وعلى أذية الظالمين،
٨٨- {وتتقوا} وتتقوا الله بأن تنووا بالصبر وجه الله، ولم تتعدوا فيه الحد الشرعي من الصبر في موضع وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله،لا الاحتمال،

٨٩- {فإن ذلك من عزم الأمور} من الأمور التي يعزم عليها،وينافس فيها،ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية. {... وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}
٩٠- أخذ الله الميثاق على كل من علمه العلم،أن يُبينه ولا يكتمه ويبخل به،خصوصا إذا سئل،أو وقع ما يوجب ذلك،فيجب عليه أن يبينه،ويوضح الحق من الباطل.
٩١-١: الذين أوتوا الكتاب ومن شابههم، نبذوا العهود والمواثيق- بألا يكتموا- وراء ظهورهم، فكتموا الحق، وأظهروا الباطل،تجرؤا على محارم الله، وتهاونا =
٩١-٢: =بحقوق الله،وحقوق الخلق،واشتروا بذلك ثمنا قليلا من رياسات،وأموال حقيرة،من سفلتهم المتبعين أهواءهم،المقدمين شهواتهم على الحق،{فبئس ما يشترون}
٩٢- الذين كتموا واشتروا بالعلم ثمنا قليلا،لم يختاروا الدنيء الخسيس ويتركوا العالي النفيس،إلا لسوء حظهم وهوانهم،وكونهم لا يصلحون لغير ما خلقوا له
٩٣- الذين يجمعون بين الفرح بما أتوا من القبائح والباطل قولا وفعلا،ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ويقولوا من الخير والحق،لن يسلموا من العذاب
٩٤- كل من ابتدع بدعة قولية أو فعلية،وفرح بها،ودعا إليها،وزعم أنه محق وغيره مبطل،فداخل في{الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا}

٩٥- من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من الخير واتباع الحق، إذا لم يكن قصده بذلك الرياء والسمعة، فهو غير مذموم، بل هذا من الأمور المطلوبة.
٩٦- {يتفكرون في خلق السماوات والأرض} يدل هذا على أن التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين،فإذا تفكروا بها،عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا

سورة النساء

١- كما يلزم القيام بحق الله، كذلك يجب القيام بحقوق الخلق، خصوصا الأقربين منهم، بل القيام بحقوقهم هو من حق الله الذي أمر به.
٢- إنما يباح للرجل التعدد إذا أمن على نفسه الجور والظلم، ووثق بالقيام بحقوق الزوجات، فإن خاف شيئا من هذا فليقتصر على واحدة.
٣- لا ينبغي للعبد أن يتعرض لأمر يخاف منه الجور والظلم، وعدم القيام بالواجب -ولو كان مباحًا- بل يلزم العافية، فإن العافية خير ما أعطي العبد
٤-كانوا في الجاهلية يورثون الرجال الأقوياء ولا يورثون الضعفاء كالنساء،فشرع الرب الرحيم الحكيم شرعا،يستوي فيه رجالهم ونساؤهم،وأقوياؤهم وضعفاؤهم
٥- كل من له تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان، ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}
٦- أعظم وعيد ورد في الذنوب هو ماورد في أكل أموال اليتامى ظلما مما يدل على شناعته وقبحه، وأنه موجبة لدخول النار، فدل ذلك أنه من أكبر الكبائر.
٧- يا معشر الوالدين أولادكم عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم،لتقوموا بمصالحهم،وتكفونهم عن المفاسد،وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام
٨- { يوصيكم آلله في أولادكم } الله تعالى أرحم بعباده من الوالدين، حيث أوصى الوالدين مع كمال شفقتهم، عليهم.
٩- توبة الله على عباده نوعان:التوفيق لها،وقبولها بعد وجودها،والتوبة المستحقة على الله حق أحقه على نفسه،كرما منه وجودا، لمن عمل المعاصي {بجهالة}
١٠- كل عاص فهو جاهل،جهالة منه بعاقبتها وإيجابها لسخط الله وعقابه،وجهل منه بنظر الله ومراقبته له،وجهل منه بما تؤول إليه من نقص أو إعدام الإيمان
١١- كل عاص فهو جاهل بالاعتبار المذكور في ١٠ وإن كان عالما بالتحريم. بل العلم بالتحريم شرط لكونها معصية معاقبا عليها.
١٢- من بادر إلى الإقلاع من حين صدور الذنب وأناب إلى الله وندم عليه فإن الله يتوب عليه
١٣- من استمر على ذنوبه وأصر على عيوبه حتى صارت فيه صفاتٍ راسخةً فإنه يعسر عليه إيجاد التوبة التامة،والغالب أنه لا يوفق للتوبة ولا ييسر لأسبابها.
١٤- الذي يعمل السوء على علم تام ويقين، وتهاون بنظر الله إليه، فإنه سد على نفسه باب الرحمة.
١٥- قد يُوفّق المصر على الذنوب عن عمد ويقين لتوبة تامة يمحو بها ما سلف من سيئاته وما تقدم من جناياته،ولكن الرحمة والتوفيق لمن بادر وأناب أقرب
١٦- {وكان الله عَلِيما حكيما} فمِن علمه أنه يعلم صادق التوبة وكاذبها فيجازي كلا منهما بحسب ما يستحق بحكمته
١٧- {وكان الله عَلِيما حكيما} ومن حكمته أن يوفق من اقتضت حكمته ورحمته توفيقَه للتوبة، ويخذل من اقتضت حكمته وعدله عدمَ توفيقه
١٨- {وعاشروهن بالمعروف}يشمل المعاشرة القولية والفعلية،فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة،وكف الأذى وبذل الإحسان،وحسن المعاملة
١٩- الحرام محصور والحلال ليس له حد ولا حصر لطفًا من الله ورحمة وتيسيرًا للعباد.
٢٠- أحسن ما حُدت به الكبائر، أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو نفي إيمان، أو ترتيب لعنة، أو غضب عليه.
٢١- {مختالا} أي: معجبا بنفسه متكبرًا على الخلق،{فخورا} يثني على نفسه ويمدحها على وجه الفخر والبطر على عباد الله،فلا يقومون بالحقوق اختيالا وفخرا
٢٢- اعلم أن قواعد الطب تدور على ثلاث قواعد: حفظ الصحة عن المؤذيات، والاستفراغ منها، والحمية عنها. وقد نبه تعالى عليها في كتابه العزيز.
٢٣- {يشترون الضلالة}يحبونها محبة عظيمة ويؤثرونهاإيثار من يبذل كثير المال في طلب ما يحبه.فيؤثرون الضلال والكفر والشقاءعلى الهدى والإيمان والسعادة
٢٤- { وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} ولايته تعالى فيها حصول الخير، ونصره فيه زوال الشر.
٢٥- المشرك قد سد على نفسه أبواب المغفرة، وأغلق دونه أبواب الرحمة، فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد، ولا تفيده المصائب شيئا.
٢٦- أي ظلم أعظم ممن سوى المخلوق الناقص الفقير من كل وجه،بالخالق الكامل من جميع الوجوه الغني بذاته الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع.
٢٧- أمر الله بأداء كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به،ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛والمأمورات التي لايطلع عليها إلا الله
٢٨- أمر الله برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إليه وإلى رسوله أي: إلى كتابه وسنة رسوله؛فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية
٢٩- في الكتاب والسنة الفصل في جميع المسائل الخلافية إما بصريحهما أو عمومهما؛ أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه
٣٠- بناء الدين على الكتاب والسنة،والرد إليهما شرط في الإيمان ولا يستقيم إلا بهمافمن لم يرد إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة،بل مؤمن بالطاغوت
٣١- الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل أمر من الأمور، فمَنْ زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله، فهو كاذب في دعوى الإيمان.
٣٢- {فأعرض عنهم} أي:لا تبال بهم ولا تقابلهم على ما فعلوه واقترفوه.{وعظهم} أي:بين لهم حكم الله تعالى مع الترغيب في الانقياد لله،والترهيب من تركه.
٣٢- {وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} أي: انصحهم سرا بينك وبينهم، فإنه أنجح لحصول المقصود، وبالغ في زجرهم وقمعهم عمَّا كانوا عليه.
٣٣- {وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} في هذا دليل على أن مقترف المعاصي وإن أُعرِض عنه فإنه ينصح سرًا، ويبالغ في وعظه بما يظن حصول المقصود به.
٣٤- أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم، أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف
٣٥- ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض.
٣٦- ثم لا يكفي انتفاء الحرج حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر، وطمأنينة نفس، وانقياد بالظاهر والباطن.
٣٧- التحكيم في مقام الإسلام،وانتفاء الحرج في مقام الإيمان،والتسليم في مقام الإحسان. فمَن استكمل هذه المراتب وكملها فقد استكمل مراتب الدين كلها.
٣٨- مَن ترك هذا التحكيم للرسول فيما شجر غير ملتزم له فهو كافر، ومَن تركه، مع التزامه فله حكم أمثاله من العاصين.
٣٩- ينبغي أن يلحظ العبد ضد ما هو فيه من المكروهات، لتخف عليه العبادات، ويزداد حمدًا وشكرًا لربه.
٤٠- على العبد أن ينظر إلى ما يلزمه القيام به في كل وقت بحسبه فيكمله،ثم يتدرج شيئًا فشيئًا حتى يصل إلى ما قدر له من علم وعمل في أمر الدين والدنيا
٤١- من طمحت نفسه إلى أمر لم يصل إليه ولم يؤمر به بعد، فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق الهمة، وحصول الكسل وعدم النشاط.
٤٢-١ من فعل ما يوعظ به في كل وقت بحسبه فله:الخيرية وحصول التثبيت والثبات وزيادته عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب وعند الموت وفي القبر
٤٢-٢ وله: الأجر العظيم والنعيم في العاجل والآجل الذي يكون للروح والقلب والبدن وله الهداية للصراط المستقيم. هذه أمور أربعة رتبها الله لمن فعل ذلك.
٤٣- إن العبد القائم بما أُمر به،لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها،فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات
٤٤- الصديقون هم الذين كمل تصديقهم بما جاءت به الرسل، فعلموا الحق وصدقوه بيقينهم، وبالقيام به قولا وعملا وحالا ودعوة إلى الله.
٤٥- من حكمة الباري تعالى أن يشرع لعباده الشرائع على وجه لا يشق عليهم؛ ويبدأ بالأهم فالأهم، والأسهل فالأسهل.
٤٦- لو فرض عليهم القتال بمكة -مع قلة عَدَدِهِم وعُدَدِهِم وكثرة أعدائهم- لأدى ذلك إلى اضمحلال الإسلام، فروعي جانب المصلحة العظمى على ما دونها
٤٧- كان بعض المؤمنين يودون أن لو فرض عليهم القتال في الحال، غير اللائق فيها ذلك، وإنما اللائق فيها القيام بما أمروا به في ذلك الوقت.
٤٨- لما قوي الإسلام، كُتب عليهم القتال في وقته المناسب لذلك فضجر بعضهم. وكان الذي ينبغي لهم التسليم لأمر الله والصبر على أوامره "في الحالين"

٤٩- هذه الحال تعرض كثيرًا لمن هو غير رزين واستعجل في الأمور قبل وقتها،فالغالب أنه لا يصبر عليها وقت حلولها ولا ينوء بحملها، بل يكون قليل الصبر.
٥٠- المعاصي مانعة من فضل الله، فإذا فعلها العبد فلا يلومن إلا نفسه فإنه المانع لنفسه عن وصول فضل الله وبره.
٥١- حقوق الله ورسوله:حق لله تعالى فقط،وهو عبادته وما يتبعها.وقسم مختص بالرسول وهو تعزيره وتوقيره ونصرته،ومشترك وهوالإيمان بهما ومحبتهما وطاعتهما
٥٢- إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى من هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله،ولا يتقدم بين أيديهم،فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ
٥٣- (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به)نهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر في مصلحته.
٥٤- الإيمان النافع هُوَ إيمان الاختيار، لا إيمان الاضطرار والقهر الذي لا يفيد شيئا.
٥٥- { فلا تتخذوا منهم أولياء } وهذا يستلزم عدم محبتهم لأن الولاية فرع المحبة ويستلزم أيضا بغضهم وعداوتهم لأن النهي عن الشيء أمر بضده.
٥٦- كان النبي صلى الله عليه وسلم يجري أحكام الإسلام لكل مَنْ كان معه وهاجر إليه، وسواء كان مؤمنا حقيقة أو ظاهر الإيمان.
٥٧- يمتنع ويستحيل أن يصدر من مؤمن قتل مؤمن متعمدا،لإخبار الله بشدة تحريمه وأنه مناف للإيمان أشد منافاة،
٥٨- إنما يصدر قتل المؤمن متعمدا إما من كافر، أو من فاسق قد نقص إيمانه نقصا عظيما، ويخشى عليه ما هو أكبر من ذلك.
٥٩- صحيح الإيمان يمنع المؤمن من قتل أخيه وقد عقدت بينهما الأخوة الإيمانية ومقتضاها محبته وموالاته،وإزالة ما يعرض له من الأذى،وأيٌّ أشد من القتل؟
٦٠- لم يرد في أنواع الكبائر أعظم من وعيد قتل المؤمن عمدا، بل ولا مثله.
٦١- يوازن بين الحسنات والسيئات اعتبارًا بمقتضي العقاب ومانعه،وإعمالا لأرجحها،وعلى هذا بناء المصالح والمفاسد،وبناء الأحكام الشرعية والقدرية.
٦٢- قد جعل الله لكل ضد ضدا يدافعه ويقاومه،ويكون الحكم للأغلب.ولذا انقسم الخلق إلى من يدخل الجنة ولا يدخل النار،وعكسه،ومن يدخل النار ثم يخرج منها
٦٣- الأمور المشكلة غير الواضحة يحتاج الإنسان إلى التثبت فيها والتبين، ليعرف هل يقدم عليها أم لا؟
٦٤- التثبت في الأمور المشكلة يحصل فيه من الفوائد،والكف للشرور،ما به يعرف دين العبد وعقله ورزانته،بخلاف المستعجل،فإن ذلك يؤدي إلى ما لا ينبغي
٦٥- تذكير النفس المائلة للهوى بما أعد الله لمن نهى نفسه عن هواها الذي يضرها،وقدم مرضاة الله على رضا نفسه يرغبها في امتثال أمر الله وإن شق عليها.
=====================
سورة المائدة
١- {أوفوا بالعقود} شامل لأصول الدين وفروعه،شامل للعقد الذي بين العبد وربه،من التزام عبوديته،والقيام بها أتم قيام،وعدم الانتقاص من حقوقها شيئا
٢- {أوفوا بالعقود} شامل للعقود التي بينه وبين الرسول بطاعته واتباعه،والتي بينه وبين الوالدين والأقارب، ببرهم وصلتهم، وعدم قطيعتهم.
٣- {أوفوا بالعقود} شامل للعقود التي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في كل حال، والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات،وعقود الهبات.
٤- {أوفوا بالعقود}يشمل القيام بحقوق المسلمين التي عقدها الله بينهم {إنما المؤمنون إخوة}بالتناصر على الحق،والتعاون عليه والتآلف وعدم التقاطع.
٥- خُصِّص النهي عن التعرض لمن قصد الحرم ابتغاء فضل الله أو رضوانه،أما من قصده ليلحد فيه بالمعاصي،فإن من تمام احترامه صده عن الإفساد ببيت الله
٦- على العبد أن يلتزم أمر الله، ويسلك طريق العدل، ولو جُنِي عليه أو ظُلم واعتدي عليه، فلا يحل له أن يكذب على من كذب عليه، أو يخون من خانه.
٧- البر: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله وحقوق الآدميين.
٨- اعلم أن الله تبارك وتعالى لا يحرّم ما يحرّم إلا صيانة لعباده، وحماية لهم من الضرر الموجود في المحرمات، وقد يبين للعباد ذلك وقد لا يبين.
٩- كما أن ذكر الله تعالى يطيب الذبيحة، فذكر اسم غيره عليها، يفيدها خبثا معنويا، لأنه شرك بالله تعالى.
١٠- أتم الله نصر الدين، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية، في أحكام الدين أصوله وفروعه.
١١- من زعم أن الكتاب والسنة غير كافيين لمعرفة الدين،فهو جاهل مبطل، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل لله ولرسوله
١٢- {ورضيت لكم الاسلام دينا}اخترته واصطفيته لكم دينا،كما ارتضيتكم له،فقوموا به شكرا لربكم،واحمدوا الذي مَنَّ عليكم بأفضل الأديان وأشرفها وأكملها
١٣- { قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ } وهي كل ما فيه نفع أو لذة، من غير ضرر بالبدن ولا بالعقل
١٤- { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ } فيه فضيلة العلم، فالجارح المعلم -بسبب العلم- يباح صيده، والجاهل بالتعليم لا يباح صيده.
١٥- { إِذا آتيتموهن أجورهن }إضافة الأجور إليهن دليل على أن المرأة تملك جميع مهرها، وليس لأحد منه شيء، إلا ما سمحت به لزوجها أو وليها أو غيرهما
١٦- لا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا، بل كما تشهدون لوليكم، فاشهدوا عليه، وكما تشهدون على عدوكم فاشهدوا له، ولو كان كافرا أو مبتدعا
١٧- يجب العدل حتى مع الكافر والمبتدع، وقبول ما يأتي به من الحق، لأنه حق لا لأنه قاله، ولا يرد الحق لأجل قوله، فإن هذا ظلم للحق.
١٨- { اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } أي: كلما حرصتم على العدل واجتهدتم في العمل به، كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم، فإن تم العدل كملت التقوى.
١٩- من أعظم العقوبات غلظ قلب العبد فلا يجدي فيه المواعظ،ولا تنفعه الآيات والنذر،ولا يرغبه تشويق،ولا يزعجه تخويف،ولا يفيده الهدى والخير إلا شرا.
٢٠- من أعظم الخيانة من أهل الكتاب، كتمهم عن من يحسن فيهم الظن الحق، وإبقاؤهم على كفرهم، فهذه خيانة عظيمة.
٢١- كل من لم يقم بما أمر الله به، وأخذ به عليه الالتزام، كان له نصيب من اللعنة وقسوة القلب،وأنه لا يوفق للصواب.
٢٢- كل من لم يقم بما أمر الله به،وأخذ به عليه الالتزام،كان له نصيب من الابتلاء بتحريف الكلم،ونسيان حظ مما ذُكِّر به،وأنه لا بد أن يبتلى بالخيانة
٢٣- إتيان الرسول بهذا القرآن العظيم الذي بيَّن به ما كان أهل الكتاب يتكاتمونه بينهم،وهو أُمِّي لا يقرأ ولا يكتب من أدل الدلائل على القطع برسالته
٢٤- إن تطهير الأرض من المفسدين، وتأمين السبل والطرق،من أعظم الحسنات وأجل الطاعات، وأنه إصلاح في الأرض، كما أن ضده إفساد في الأرض.
٢٥- الجهاد من أجل الطاعات وأفضل القربات وهو بذل الجهد في قتال الكافرين بالمال،والنفس، والرأي،واللسان،والسعي في نصر الدين بكل ما يقدر عليه العبد
٢٦- من كان مقصوده بالتحاكم إلى الحكم الشرعي اتباع هواه، وأنه إن حكم له رضي، وإن لم يحكم له سخط، فإن ذلك من عدم طهارة قلبه.
٢٧- علامة شقاوة العالم أن يكون مخلدا للبطالة، غير قائم بما أمر به، ولا مبال بما استحفظ عليه، قد أهمله وأضاعه، قد باع الدين بالدنيا.
٢٨- للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات أن يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول، وذلك لفسقه.
٢٩- حكم الجاهلية هو كل حكم خالف ما أنزل الله على رسوله، ومبني على الجهل والظلم والغي، وأما حكم الله فمبني على العلم والعدل والقسط والنور والهدى.

٢٩- لا ثم إلا حكم الله ورسوله أو حكم الجاهلية فمن أعرض عن الأول ابتلي بالثاني.
٣٠- الموقن هو الذي يعرف الفرق بين حكم الله وحكم الجاهلية، ويميز -بإيقانه- ما في حكم الله من الحسن والبهاء، وأنه يتعين -عقلا وشرعا- اتباعه.
٣١- اليقين هو العلم التام الموجب للعمل.
٣٢- {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم. والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرج شيئا فشيئا، حتى يكون العبد منهم.
٣٣- أخبر الله أن طائفة ساء ظنهم بالإسلام وضعف إيمانه وفي قلبه شك توالي اليهود والنصارى، خشية أن تكون الدائرة لهم،فيكون لهم معهم يد يكافؤنهم عنها
٣٤- إن لله عبادا مخلصين،ورجالا صادقين، قد تكفل الرحمن الرحيم بهدايتهم، ووعد بالإتيان بهم، وأنهم أكمل الخلق أوصافا، وأقواهم نفوسا، وأحسنهم أخلاقا
٣٥- إذا أحب الله عبدا يسر له الأسباب، وهون عليه كل عسير، ووفقه لفعل الخيرات وترك المنكرات، وأقبل بقلوب عباده إليه بالمحبة والوداد
٣٦- من لوازم محبة الله معرفته تعالى والإكثار من ذكره،فالمحبة بدون معرفة بالله ناقصة جدا،بل غير موجودة وإن وجدت دعواها،ومن أحب الله أكثر من ذكره.
٣٧- إذا أحب الله عبدا قبل منه اليسير من العمل، وغفر له الكثير من الزلل.
٣٨- من صفات من يحبهم الله أنهم للمؤمنين أذلة من محبتهم لهم،ونصحهم لهم،ولينهم ورفقهم ورأفتهم،ورحمتهم بهم وسهولة جانبهم،وقرب الشيء الذي يطلب منهم.
٣٩- من صفات من يحبهم الله أنهم على الكافرين أعزة، قد اجتمعت هممهم وعزائمهم على معاداتهم، وبذلوا جهدهم في كل سبب يحصل به الانتصار عليهم.
٤٠- الغلظة والشدة على أعداء الله مما يقرب العبد إلى الله، ويوافق العبد ربه في سخطه عليهم، ولا تمنع الشدة عليهم دعوتهم إلى الإسلام بالتي هي أحسن.
٤١- تجتمع الغلظة على الكفار، واللين في دعوتهم، وكلا الأمرين من مصلحتهم ونفعه عائد إليهم.
٤٢- ضعيف القلب والهمة،تنتقض وتفتر عزيمته عند اللوم والعذل،وفي قلبه تعبد لغير الله بحسب ما فيه من مراعاة الخلق وتقديم رضاهم ولومهم على أمر الله.
٤٣- لا يسلم القلب من التعبد لغير الله، حتى لا يخاف في الله لومة لائم.
٤٤- ولاية الله تدرك بالإيمان والتقوى. فكل من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا، ومن كان وليا لله فهو ولي لرسوله.
٤٥- من تولى الله ورسوله كان تمام ذلك تولي من تولاه، وهم المؤمنون الذين قاموا بالإيمان ظاهرا وباطنا، وأخلصوا للمعبود، وأحسنوا للخلق.
٤٦- بشارة من الله لمن قام بأمره وصار من حزبه وجنده، أن له الغلبة،وإن أديل عليه في بعض الأحيان،فآخر أمره الغلبة والانتصار، ومن أصدق من الله قيلا.
٤٧- من لم يعاد الكفار بعد علمه بحالهم وشدة معاداتهم للمؤمنين ولدينهم،دل على أن الإسلام عنده رخيص،وأنه لا يبالي بمن قدح فيه أو قدح بالكفر والضلال
٤٨- كيف تدعي لنفسك دينا قيما، وأنه الدين الحق وما سواه باطل، وترضى بموالاة من اتخذه هزوا ولعبا، وسخر به وبأهله، من أهل الجهل والحمق؟!
٤٩- قد بسط تعالى فضله وإحسانه الديني والدنيوي، وأمر العباد أن يتعرضوا لنفحات جوده، وأن لا يسدوا على أنفسهم أبواب إحسانه بمعاصيهم.
٥٠- يداه سبحانه سحاء الليل والنهار،وخيره في جميع الأوقات،يفرج كربا،ويزيل غما،ويغني فقيرا،ويفك أسيرا ويجبر كسيرا،ويجيب سائلا ويعطي فقيرا عائلا
٥١- سبحان الكريم يجيب المضطرين،ويستجيب للسائلين.وينعم على من لم يسأله،ويعافي من طلب العافية،ولا يحرم من خيره عاصيا،بل خيره يرتع فيه البر والفاجر
٥٢- يوفق الله أولياءه للصالحات ثم يحمدهم عليها،ويضيفها إليهم،وهي من جوده ويثيبهم عليها من الثواب العاجل والآجل مالا يدركه وصف ولا يخطر على بال
٥٣- قبَّح الله من استغنى بجهله عن ربه،ونسبه إلى ما لا يليق بجلاله،ولو عاملهم ببعض قولهم لهلكوا، وشقوا ولكنه يحلم عنهم، ويصفح، ويمهلهم ولا يهملهم
٥٤- من معاصي يهود التي أحلت بهم المثلات،أنهم كانوا لا ينهى بعضهم بعضا عن منكر،فيشترك بذلك المباشر وغيره الذي سكت عن النهي عن المنكر مع قدرته
٥٥- عدم نهي بني اسرائيل عن المنكر يدل على تهاونهم بأمر الله، وأن معصيته خفيفة عليهم، فلو كان لديهم تعظيم لربهم لغاروا لمحارمه، ولغضبوا لغضبه.
٥٦- مجرد السكوت عن المنكر فعل معصية، وإن لم يباشرها الساكت. فإنه -كما يجب اجتناب المعصية- فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية.
٥٧- السكوت عن المنكر يدل على التهاون بالمعاصي، وقلة الاكتراث بها.
٥٨- السكوت عن المنكر يجرئ العصاة على الإكثار منه،فيزداد الشر،ويكون لهم الشوكة،فيضعف أهل الخير عن مقاومتهم حتى لا يقدرون على ما كانوا يقدرون عليه
٥٩- في ترك الإنكار للمنكر يندرس العلم، ويكثر الجهل،فإن المعصية مع تكررها وصدورها من الكثير يظن أنها ليست بمعصية وربما ظُنّٓ أنها عبادة مستحسنة.
٦٠- ربما ظن الجاهل مع تكرر المعصية بلا إنكار أنها عبادة،وأي مفسدة أعظم من اعتقاد ماحرَّم الله حلالا؟وانقلاب الحقائق على النفوس ورؤية الباطل حقا؟
٦١- بالسكوت على معصية العاصين، ربما تزينت المعصية في صدور الناس، واقتدى بعضهم ببعض، فالإنسان مولع بالاقتداء بأضرابه وبني جنسه.
٦٢- لما في السكوت عن الإنكار من المفاسد العظيمة،نص الله تعالى أن بني إسرائيل الكفار منهم لعنهم بمعاصيهم واعتدائهم، وخص من ذلك هذا المنكر العظيم.
٦٣- العلم مع الزهد وكذلك العبادة مما يلطف القلب ويرققه، ويزيل عنه ما فيه من الجفاء والغلظة.
٦٤- {وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا} لا ينبغي للإنسان أن يتجنب الطيبات ويحرمها على نفسه، بل يتناولها مستعينا بها على طاعة ربه.
٦٥- {ليعلم الله من يخافه بالغيب} فيكف عما نهى الله عنه مع قدرته عليه وتمكنه فيثيبه الثواب الجزيل، ممن لا يخافه بالغيب فلا يرتدع عن معصية تعرض له
٦٦- الاعتبار بمن يخاف الله بالغيب، وعدم حضور الناس عنده. وأما إظهار مخافة الله عند الناس، فقد يكون ذلك لأجل مخافة الناس، فلا يثاب على ذلك.
٦٧- يقوم بالقيام بتعظيم البيت الحرام دينُ الناس ودنياهم،فبذلك يتم إسلامهم،وبه تحط أوزارهم،وتحصل لهم - بقصده - العطايا الجزيلة، والإحسان الكثير.
٦٨- ذم الله من أعجب برأيه المبني على الجهالة والظلم وعدم العقل، وحرم أمورا بغير دليل ولا برهان ولا نقل ولا عقل ،وافترى على الله.
٦٩- تبا لمن قلد من لا علم عنده صحيح، ولا عقل رجيح، وترك اتباع ما أنزل الله، واتباع رسله الذي يملأ القلوب علما وإيمانا، وهدى، وإيقانا.
٧٠- الصادقون الذين استقامت أعمالهم وأقوالهم ونياتهم على الصراط المستقيم والهدْي القويم،سيجدون ثمرة ذلك إذا أحلهم الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر
===============
سورة الأنعام
١- هذه السورة الكريمة اشتملت على تقرير التوحيد بكل دليل عقلي ونقلي بل كادت أن تكون كلها في شأن التوحيد ومجادلة المشركين بالله المكذبين لرسوله
٢- جعل سبحانه الظلمات والنور، الحسي كالليل والنهار. والمعنوي كظلمات الجهل والشك والشرك والمعصية والغفلة ونور العلم والإيمان واليقين والطاعة.
٣-١: الله حكيم قدير فلا يليق بحكمته وقدرته أن يقر كاذبا عليه زاعما أن الله أرسله ولم يرسله وأن الله أمره بدعوة الخلق ولم يأمره وأن الله أباح له=
٣-٢: =دماء وأموال ونساء من خالفه ومع ذلك يصدقه بإقراره وبفعله فيؤيده بالمعجزات والآيات وينصره على من عاداه فأي شهادة على صدق الرسول أكبر من هذه؟
٤- لا أعظم ظلما وعنادا ممن كان فيه أحد الوصفين فكيف لو اجتمعا؛افتراء الكذب على الله، أو التكذيب بآياته، فإن هذا أظلم الناس، والظالم لا يفلح أبدا.
٥- {ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون..الآيه} يدخل في هذا كل من رد الحق الذي جاءت به الرسل أو من قام مقامهم.
٦- {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل}كانوا يخفون ما كان يبدو في قلوبهم أنهم كانوا كاذبين ولكن الأغراض الفاسدة صدتهم،وصرفت قلوبهم عن الخير.
٧- حقيقة الدنيا أنها لعب ولهو؛لعب في الأبدان ولهو في القلوب؛فالقلوب لها والهة والنفوس لها عاشقة والهموم فيها متعلقة والاشتغال بها كلعب الصبيان.
٨- أما الآخرة فإنها خير في ذاتها وصفاتها ودوامها وفيها ما تشتهيه الأنفس؛لكنها ليست لكل أحد وإنما للمتقين الذين يفعلون أوامر الله ويتركون نواهيه
٩- {ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا } فاصبر كما صبروا، تظفر كما ظفروا؛ "فمن صبر كصبر المرسلين ظفر كظفرهم".
١٠- { فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ } الذين لا يعرفون حقائق الأمور، ولا ينزلونها على منازلها.
١١- مراتب القضاء والقدر:علم الله الشامل لجميع الأشياء،وكتابه المحيط بجميع الموجودات،ومشيئته وقدرته النافذة العامة لكل شيء،وخلقه لجميع المخلوقات.
١٢- المكذبين بآيات الله ورسله، سدوا على أنفسهم باب الهدى،وفتحوا باب الردى،وهم {صُمٌّ} عن سماع الحق {وَبُكْمٌ} عن النطق به،فلا ينطقون إلا بباطل.
١٣- {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فظنوا أن ما هم عليه دين الحق،فتمتعوا في باطلهم برهة من الزمان،ولعب بعقولهم الشيطان.
١٤- يُفتح على الظالمين أبواب الدنيا ولذاتها وغفلاتها فإذا اطمأنوا واستحكمت غفلتهم أخذوا على غرة وهذا أشد ما يكون من العذاب والعقوبة وأعظم مصيبة
١٥- إذا مَنَّ الله بالإيمان على الفقير أو الوضيع؛كان ذلك محل محنة للغني والشريف إن لم يكن قصده الحق واتباعه،حيث تكون هذه عقبة ترده عن اتباع الحق
١٦- لا بد مع ترك الذنوب والإقلاع، والندم من اصلاح ما فسد من الأعمال الظاهرة والباطنة وأداء ما أوجب الله،.فإذا وجد ذلك كله {فأنه غفور رحيم}
١٧- إذا استبانت سبيل المجرمين الموصلة إلى سخط الله واتضحت أمكن اجتنابها والبعد منها بخلاف لو كانت مشتبهة ملتبسة فإنه لا يحصل هذا المقصود الجليل.
١٨- {وعنده مفاتح الغيب..الآيه} هذه الآية، دلت على علمه المحيط بجميع الأشياء، وكتابه المحيط بجميع الحوادث.
١٩- لو اجتمع الخلق على أن يحيطوا ببعض صفاته لم يكن لهم قدرة ولا وسع،فسبحانه لا يحصي أحد ثناء عليه،بل كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده.
٢٠-١: أما والله لو علم المشركون حلم الله عليهم وعفوه ورحمته بهم وهم يبارزونه بالشرك والكفران وتجرؤهم على عظمته بالإفك والبهتان وهو يعافيهم ويرزقهم
٢٠-٢: لانجذبت دواعيهم إلى معرفته وذهلت عقولهم في حبه ولمقتوا أنفسهم أشد المقت حيث انقادوا لداعي الشيطان الموجب للخزي والخسران ولكنهم قوم لا يعقلون
٢١- أما والله لو علم العصاة حلم الله عليهم وعفوه ورحمته بهم وهم يبارزونه بالمعاصي والجرأة على حرماته وهو يعافيهم ويرزقهم لمقتوا أنفسهم أشد المقت (هذه مني اقتباسا من السابقة)
٢٢- من رحمة الله أن رفع عن الأمة العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم وهو قادر،ولكن أذاق بعضهم بأس بعض،وسلط بعضهم على بعض، عقوبة عاجلة يراها المعتبرون
٢٣- الخوض في آيات الله:التكلم بما يخالف الحق، من تحسين المقالات الباطلة، والدعوة إليها، ومدح أهلها، والإعراض عن الحق، والقدح فيه وفي أهله.
٢٤- في ذم الخوض بالباطل، حث على البحث، والنظر، والمناظرة بالحق.
٢٥- نهى الله عن القعود مع الخائضين بالباطل، وكل متكلم بمحرم، أو فاعل لمحرم، فإنه يحرم الجلوس والحضور عند حضور المنكر، الذي لا يُقدر على إزالته.
٢٦- إذا كان التذكير والوعظ، مما يزيد الموعوظ شرا إلى شره، فتركه هو الواجب وهو المقصود لأنه إذا ناقض المقصود-وهو حصول التقوى- كان تركه مقصودا.
٢٧- المطلوب من العبد أن يكون سعيه نافعا، وجدًّا، لا هزلا وإخلاصا لوجه الله، لا رياء وسمعة، هذا هو الدين الحقيقي، الذي يقال له دين.
٢٨- من زعم أنه على الحق وصاحب دين وتقوى وقد اتخذ دينَه لعبا ولهوا وأقبل على كل ما يضره ولَهَا في باطله؛فهذا أَمَر الله أن يترك ويحذر ولا يغتر به
٢٩- إن العمل والسعي إذا كان لغير الله، فهو لعب.
٣٠- من الناس من يكون مع داعي الهدى في أموره كلها أو أغلبها،ومنهم عكس ذلك،ومنهم من يتساوى لديه الداعيان،وفي هذا يعرف أهل السعادة من أهل الشقاوة
٣١- الذين لم يخلطوا إيمانهم بظلم مطلقا،لا بشرك، ولا بمعاص، يحصل لهم الأمن التام من المخاوف والعذاب والشقاء، والهداية التامة إلى الصراط المستقيم.
٣٢- الذين لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، يحصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن من المخاوف، وإن لم يحصل لهم كمالها.
٣٣- يرفع الله العالم العامل المعلم بالعلم فوق العباد درجات،ويجعله إماما للناس،ترمق أفعاله،وتقتفى آثاره،ويستضاء بنوره،ويمشى بعلمه في ظلمة ديجوره.
٣٤- لاأحد أعظم ظلما،ولا أكبر جرما،ولا أكبر مفسدة ممن كذب على الله بأن نسب إليه قولا أو حكما وهو تعالى بريء منه،لأنه كذب على الله، وتغيير للأديان
٣٥- من وكالة الباري سبحانه أنه تعالى توكل ببيان دينه، وحفظه عن المزيلات والمغيرات،وأنه تولى حفظ المؤمنين وعصمتهم عما يزيل إيمانهم ودينهم.
٣٦- الوسائل تعتبر بالأمور التي توصل إليها، فوسائل المحرم، ولو كانت جائزة تكون محرمة، إذا كانت تفضي إلى الشر.
٣٧- أهل الإيمان وأولو العقول ينظرون إلى المعاني التي يدعو إليها الدعاة فإن كانت حقا قبلوها وانقادوا لها ولو كسيت عبارات ردية وألفاظا غير وافية.
٣٨- أهل الإيمان وأولو العقول ينظرون إلى المعاني التي يدعو إليها الدعاة فإن كانت باطلا ردوها على قائلها ولو ألبست من العبارات ما هو أرق من الحرير
٣٩- من حكمة الله أن الحق يستنير ويتضح إذا قام الباطل يصارعه ويقاومه،فتتبين أدلة الحق وشواهده الدالة على صدقه وحقيقته،ويتبين فساد الباطل وبطلانه.
٤٠- {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا}صدقا في الأخبار وعدلا في الأمر والنهي؛فلا أصدق من أخبار الله التي أودعها كتابه العزيز ولا أعدل من أوامره ونواهيه.
٤١- { لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } حيث حفظها وأحكمها بأعلى أنواع الصدق، وبغاية الحق، فلا يمكن تغييرها، ولا اقتراح أحسن منها.
٤٢- أكثر من في الأرض قد انحرفوا في أديانهم وأعمالهم،وعلومهم. فأديانهم فاسدة،وأعمالهم تبع لأهوائهم،وعلومهم ليس فيها تحقيق،ولا إيصال لسواء الطريق.
٤٣- غاية أكثر من في الأرض أنهم يتبعون الظن،الذي لا يغني من الحق شيئا،ويتخرصون في القول على الله ما لا يعلمون،لذا حذّٓر الله منهم، ووصف أحوالهم.
٤٤- لا يستدل على الحق بكثرةٍ أو قلة، ولا يدل قلة السالكين لأمر من الأمور أن يكون غير حق،بل الواجب أن يستدل على الحق والباطل بالطرق الموصلة إليه.
٤٥- { وقد فصل لكم ما حُرِّم عليكم } ما سكت الله عنه فهو حلال، لأن الحرام قد فصله الله، فما لم يفصله الله فليس بحرام.
٤٦- {وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم} بمجرد ما تهوى أنفسهم بغير علم ولا حجة ولا برهان، وإنما يوجد لهم شبه بحسب أهوائهم الفاسدة، وآرائهم القاصرة.
٤٧- أهل الأهواء معتدون على الشرع والعباد،بخلاف الهادين المهتدين،فإنهم يدعون إلى الحق والهدى،ويؤيدون دعوتهم بالحجج العقلية والنقلية طالبين رضا ربهم.
٤٨- لا يتم للعبد ترك المعاصي الظاهرة والباطنة إلا بعد معرفتها، فيكون البحث عنها ومعرفة معاصي القلب والبدن،والعلمُ بذلك واجبا متعينا على المكلف.
٤٩- كثير من الناس تخفى عليه معاصي القلب كالكبر والعجب والرياء حتى إنه يكون به كثير منها وهو لا يشعر به وهذا من الإعراض عن العلم وعدم البصيرة.
٥٠- تبَّاََ لمن قدم عقله على شرع الله،وإنما يصدرون عن وحي أوليائهم الشياطين الذين يريدون أن يضلوا الخلق عن دينهم ويدعوهم ليكونوا من أصحاب السعير
٥١-١: من أحياه الله بنور العلم والإيمان والطاعة،فصار يمشي بين الناس في النور،متبصرا في أموره،مهتديا لسبيله،عارفا للخير مؤثرا له،مجتهدا في تنفيذه =
٥١-٢: = في نفسه وغيره، عارفا بالشر مبغضا له، مجتهدا في تركه وإزالته عن نفسه وعن غيره. أفيستوي هذا بمن هو في ظلمات الجهل والغي، والكفر والمعاصي.
٥٢- {في الظلمات ليس بخارج منها} قد التبست عليه الطرق، وأظلمت عليه المسالك، فحضره الهم والغم والحزن والشقاء.
٥٣- لم يزل الشيطان يحسن ويزين للكافرين أعمالهم،حتى استحسنوها ورأوها حقا وصارت صفة لهم وعقيدة في قلوبهم،ولذلك رضوا بما هم عليه من الشر والقبائح.
٥٤- يجعل الله كبار وأفاضل أئمة الهدى يناضلون أكابر ورؤساء المجرمين ويردون عليهم أقوالهم ويجاهدونهم في سبيل الله ويسلكون السبل الموصلة إلى ذلك.
٥٥- يعين الله أئمة الهدى ويسدد رأيهم،ويثبت أقدامهم، ويداول الأيام بينهم وبين أعدائهم، حتى يدول الأمر في عاقبته بنصرهم وظهورهم؛ والعاقبة للمتقين.
٥٦- ثبت أكابر المجرمين على باطلهم،وقاموا برد الحق،حسدا وبغيا فرد الله عليهم بأنهم لا يصلحون للخير،ولا فيهم ما يوجب أن يكونوا من صالحي عباد الله.
٥٧- {الله أعلم حيث يجعل رسالته}فمن علمه يصلح لها ويقوم بأعبائها وهو متصف بكل خلق جميل ومتبرئ من كل خلق دنيء أعطاه الله ماتقتضيه حكمته أصلا وتبعا
٥٧- {الله أعلم حيث يجعل رسالته}فمن علمه لا يصلح لها ولا يقوم بأعبائها وهو متصف بكل خلق دنيء لم يضع أفضل مواهبه عند من لا يستأهله، ولا يزكو عنده.
٥٨- {الله أعلم حيث يجعل رسالته}دليل على كمال حكمة الله تعالى،لأنه وإن كان تعالى رحيما واسع الجود،كثير الإحسان،فإنه حكيم لا يضع جوده إلا عند أهله
٥٩- يهين الله ويذل كل من تكبر على الحق { سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله }
٦٠- من انشرح صدره للإسلام،واطمأن بذلك،وأحب الخير،وطوعت له نفسه فعله متلذذا غير مستثقل،فإن هذا علامة على هداية الله له وتوفيقه،وسلوك أقوم الطريق.
٦١- علامة من يرد الله أن يضله، أن يجعل صدره في غاية الضيق عن الإيمان والعلم واليقين،قد انغمس قلبه في الشبهات والشهوات،ولا ينشرح قلبه لفعل الخير.
٦٢- من سنة الله تولية الظالم ظالما مثله يؤزه للشر ويحثه عليه ويزهده في الخير وينفره عنه،وذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها البليغ خطرها.
٦٣- إذا كثر ظلم وفساد ومنع العباد الحقوق،تولى ظلمة يسومونهم العذاب ويأخذون منهم بالظلم والجور أضعاف ما منعوا على وجه غير مأجورين فيه ولا محتسبين
٦٤- إن العباد إذا صلحوا واستقاموا، أصلح الله رعاتهم، وجعلهم أئمة عدل وإنصاف، لا ولاة ظلم واعتساف.
٦٥- { ولكل درجات مما عملوا } بحسب أعمالهم، لا يجعل قليل الشر منهم ككثيره، ولا التابع كالمتبوع، ولا المرءوس كالرئيس.
٦٦- {ولكل درجات مما عملوا}مع اشتراكهم فيها فإن بين أهل الجنة من الفرق ما لايعلمه إلا الله،مع أنهم كلهم قد رضوا بما آتاهم مولاهم،وقنعوا بما حباهم
٦٧- {قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار}هذا من الإنصاف، حيث بيَّن الأعمال وعامليها،وقرن الجزاء بنظر البصير.
٦٨- {وحرموا مارزقهم الله افتراءٓٓ على الله} أي: ما جعله رحمة ورزقا لهم. فردوا كرامة ربهم، بل وصفوها كذبا بأنها حرام، وهي من أَحَلِّ الحلال.
٦٩- إن الله تعالى أعطى كل مخلوق قدرة وإرادة يتمكن بها من فعل ما كلف به؛فلا أوجب على أحد ما لا يقدر على فعله ولا حرم على أحد ما لا يتمكن من تركه
٧٠- حقيقة الشرك أن يعبد المخلوق كما يعبد الله،أو يعظم كما يعظم الله،أويصرف له نوع من خصائص الربوبية والإلهية،وإذا ترك العبد الشرك كله صار موحدا.
٧١- كل قول وفعل يحصل به منفعة للوالدين أو سرور لهما، فإن ذلك من الإحسان، وإذا وجد الإحسان انتفى العقوق.
٧٢- النهي عن قربان الفواحش الظاهر منها والخفي الباطن المتعلق بالقلب أبلغ من النهي عن مجرد فعلها لتناوله النهي عن مقدماتها ووسائلها الموصلة إليها
٧٣- { ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون } بحسب عقل العبد يكون قيامه بما أمر الله به.
٧٤- { لا نُكٓلِّفُ نفسآٓ إلا وُسعها } لا يكلف الله أحدا ما لا يطيق، ومن اتقى الله فيما أمر، وفعل ما يمكنه من ذلك، فلا حرج عليه فيما سوى ذلك.
٧٥- {وإذا قلتم فاعدلوا} بالصدق في من تحبون ومن تكرهون والإنصاف وعدم كتمان ما يلزم بيانه فإن الميل على من تكره بالكلام فيه أو في مقالته ظلم محرم.
٧٦- إذا تكلم العالم على مقالات أهل البدع، فالواجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه، وأن يبين ما فيها من الحق والباطل، ويعتبر قربها من الحق وبُعدها منه.
٧٧- {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم} وحد الصراط وأضافه إليه لأنه سبيل واحد موصل إليه،وهو المعين للسالكين على سلوكه.
٧٨- علم القرآن أجل وأبرك وأوسع العلوم،وبه تحصل الهداية التامة التي لا يحتاج معها لتخرص المتكلمين،ولا أفكار المتفلسفين،ولا لعلوم الأولين والآخرين
٧٩- إذا وجد بعض آيات الله الخارقة للعادة،التي يعلم بها أن الساعة قد دنت.لم ينفع الكافر إيمانه أن آمن،ولا المؤمنَ المقصر أن يزداد خيرُه بعد ذلك.
٨٠- إنما ينفع الإيمان إذا كان إيمانا بالغيب،وكان اختيارا من العبد،فأما إذاوجدت آيات دنو الساعة صار الأمر شهادة،ولم يبق للإيمان فائدة لأنه اضطرار
٨١- الإنسان يكتسب الخير بإيمانه فالطاعة والبر والتقوى إنما تنفع وتنمو إذا كان مع العبد الإيمان فإذا خلا القلب من الإيمان لم ينفعه شيء من ذلك.
٨٢- توعد تعالى الذين فرقوا دينهم، أي: شتتوه وتفرقوا فيه، وكلٌّ أخذ لنفسه نصيبا من الأسماء التي لا تفيد الإنسان في دينه شيئا،أو لا يكمل بها إيمانه.
٨٣- توعد الله من فرق دينه فأخذ من الشريعة شيئا وجعله دينه وترك مثله أو ما هو أولى منه،كما هو حال أهل الفرقة من أهل البدع والضلال والمفرقين للأمة
٨٤- الدين يأمر بالاجتماع والائتلاف، وينهى عن التفرق والاختلاف في أهل الدين، وفي سائر مسائله الأصولية والفروعية.
٨٥- الذين فرقوا دينهم خالفوا الرسول وعاندوه وقد أمره الله أن يتبرأ منهم فليس منهم وليسوا منه،وإنما أمرهم إلى الله فسيردون إليه فيجازيهم بأعمالهم
٨٦- من أخلص لله في صلاته ونسكه، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله.
٨٧- {ومحياي ومماتي لله} ما آتيه في حياتي وما يجري علي،وما يقدر علي في مماتي لله وحده لا شريك له في العبادة كما أنه ليس له شريك في الملك والتدبير
٨٨- {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ} أي: يخلف بعضكم بعضا،واستخلفكم الله في الأرض،وسخَّر لكم جميع ما فيها،وابتلاكم لينظر كيف تعملون.
٨٩- {ورفع بعضكم فوق بعض درجات } في القوة والعافية، والرزق والخَلْق والخُلُق. { لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ } فتفاوتت أعمالكم.
٩٠- {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ} لمن عصاه وكذّب بآياته { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } لمن آمن به وعمل صالحا، وتاب من الموبقات.
============
سورة الأعراف
١- {كتاب أنزل إليك} كتاب جليل حوى كل ما يحتاج إليه العباد، وجميع المطالب الإلهية، والمقاصد الشرعية، محكما مفصلا.فلا يكن في صدرك ضيق وشك واشتباه
٢- {من ربكم}الذي يريد أن يتم تربيته لكم فأنزل هذا الكتاب الذي إن اتبعتموه كملت تربيتكم،وتمت عليكم النعمة،وهديتم لأحسن الأعمال والأخلاق ومعاليها
٣- {فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما} أي: ظهرت عورة كل منهما بعد ما كانت مستورة، فصار للعري الباطن من التقوى في هذه الحال أثر في اللباس الظاهر
٤- من أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع - إذا صدرت منه الذنوب - اجتباه ربه وهداه.
٥- من أشبه إبليس - إذا صدر منه الذنب لا يزال يزداد من المعاصي - فإنه لا يزداد من الله إلا بُعْدًا.
٦- لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح. وبعدمه فإنها تنكشف عورة العبد الباطنة، وينال الخزي والفضيحة.
٧- { إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ } فعدم الإيمان هو الموجب لعقد الولاية بين الإنسان والشيطان.
٨- الأوامر والنواهي تابعة للحكمة والمصلحة، حيث ذكر تعالى أنه لا يتصور أن يأمر بما تستفحشه وتنكره العقول، وأنه لا يأمر إلا بالعدل والإخلاص.
٩- من حسب أنه مهتدٍ وهو ضالّ فلا عذر له، لأنه متمكن من الهدى، وإنما أتاه حسبانه من ظلمه بترك الطريق الموصل إلى الهدى.
١٠- من لم يؤمن باللّه، واستعان بالطيبات على معاصيه، فإنها غير خالصة له ولا مباحة، بل يعاقب عليها وعلى التنعم بها، ويُسأل عن النعيم يوم القيامة.
١١- {الفواحش ما ظهر منها وما بطن} الذنوب الكبار والفواحش التي تتعلق بحركات البدن كالزنا، والتي تتعلق بحركات القلوب،كالكبر والعجب والرياء والنفاق
١٢- {والاثم والبغي بغير الحق} أي: الذنوب التي تؤثم وتوجب العقوبة في حقوق اللّه، وحقوق العباد بالبغي على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
١٣- { وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا } لا آمنت بها قلوبهم، ولا انقادت لها جوارحهم.
١٤- من المعلوم أن عذاب الرؤساء وأئمة الضلال أبلغ وأشنع من عذاب الأتباع، كما أن نعيم أئمة الهدى ورؤسائه أعظم من ثواب الأتباع.
١٥- سائر أنواع المكذبين بآيات اللّه، مخلدون في العذاب مشتركون فيه وفي أصله، وإن كانوا متفاوتين في مقداره، بحسب أعمالهم وعنادهم وظلمهم وافترائهم.
١٦- كما لم تصعد أرواح الذين كذبوا بآيات الله في الدنيا إلى الإيمان بالله كذلك لاتصعد بعد الموت فلا تفتح لهم أبواب السماء،فإن الجزاء من جنس العمل
١٧- المطيعون لله حقآٓ هم الذين جمعوا بين الإيمان بقلوبهم وعمل الصالحات بجوارحهم،بين الأعمال الظاهرة والباطنة،بين فعل الواجبات وترك المحرمات.
١٨- { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } فلا واجب مع العجز، ولا محرم مع الضرورة.
١٩- يخلق اللّه لأهل الجنة مابه يحصل لكل واحد منهم الغبطة والسرور مايرى أنه لا نعيم فوق ما هو فيه،فيأمنون من التحاسد والتباغض لأنه قد فقدت أسبابه
٢٠- { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ } أي: ليس في نفوسنا قابلية للهدى، لولا أنه تعالى منَّ بهدايته واتباع رسله.
٢١- أهل الجنة نجوا من النار بعفو اللّه،وأدخلوا الجنة برحمة اللّه،واقتسموا المنازل وورثوها بالأعمال الصالحة وهي من رحمته، بل من أعلى أنواع رحمته.
٢٢- لم يجعل اللّه الطمع في قلوب أصحاب الأعراف إلا لما يريد بهم من كرامته.
٢٣- {بكتاب فصلناه على علم}علم من اللّه بأحوال العباد في كل زمان ومكان،ومايصلح لهم وما لايصلح،وفصله تفصيل من أحاط علمه بكل شيء ووسعت رحمته كل شيء
٢٤- {ألا له الخلق والأمر} الخلق: يتضمن أحكامه الكونية القدرية، والأمر: يتضمن أحكامه الدينية الشرعية، وثم أحكام الجزاء، وذلك يكون في دار البقاء.
٢٥- { تَبَارَكَ اللَّهُ } تبارك في نفسه لعظمة أوصافه وكمالها، وبارك في غيره بإحلال الخير الجزيل والبر الكثير، فكل بركة في الكون، فمن آثار رحمته.
٢٦- من الاعتداء كون العبد يسأل الله مسائل لا تصلح له، أو يتنطع في السؤال، أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء، فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه.
٢٧- المعاصي تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق، كما أن الطاعات تصلح بها الأخلاق، والأعمال، والأرزاق، وأحوال الدنيا والآخرة.
٢٨- {وادعوه خوفا وطمعا} أي: خوفا من عقابه،وطمعا في ثوابه، لا دعاء عبد مدل على ربه قد أعجبته نفسه، ونزل نفسه فوق منزلته، أو دعاء من هو غافل لاهٍ.
٢٩- من إحسان الدعاء الإخلاص فيه للّه وحده،وإخفاؤه وإسراره،وأن يكون القلب خائفا طامعا لا غافلا ولا آمنا ولا غير مبال بالإجابة.
٣٠- الإحسان في كل عبادة بذل الجهد فيها وأداؤها كاملة لا نقص فيها، وكلما كان العبد أكثر إحسانا، كان أقرب إلى رحمة ربه، وكان ربه قريبا منه برحمته.
٣١- القلوب الطيبة حين يجيئها الوحي، تقبله وتعلمه وتنبت بحسب طيب أصلها، وحسن عنصرها.
٣٢- القلوب الخبيثة التي لاخير فيها،إذا جاءها الوحي لم يجد محلا قابلا بل يجدها غافلة معرضة،أو معارضة فلا يؤثر فيها شيئا؛كالمطر على السباخ والصخور
٣٣- { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } لا تخربوا الأرض بالفساد والمعاصي، فإن المعاصي تدع الديار العامرة بلاقع.
٣٤- فتح الله لعباده نوعان:فتح العلم؛بتبيين الحق وأهله من الباطل وأهله.وفتحه بالجزاء وإيقاع العقوبة على الظالمين،والنجاة والإكرام للصالحين.
٣٥-١: عادة جارية لم تزل موجودة في الأولين واللاحقين تارة يكونون في سراء وتارة في ضراء وتارة في فرح ومرة في ترح بحسب تقلبات الزمان وتداول الأيام=
٣٥-٢: =وحسبوا أنها ليست للموعظة والتذكير ولا للاستدراج والنكير حتى إذا اغتبطوا وفرحوا بما أوتوا وكانت الدنيا أسر ماكانت إليهم أُخذوا بالعذاب بغتة=
٣٥-٢: =من حيث لا يخطر لهم الهلاك على بال، وظنوا أنهم قادرون على ما آتاهم اللّه، وأنهم غير زائلين ولا منتقلين عنه.
٣٦- لو آمن أهل القرى بقلوبهم إيمانا صادقا صدقته الأعمال واستعملوا تقوى اللّه ظاهرا وباطنا بترك جميع ما حرم اللَّه لفتح عليهم بركات السماء والأرض
٣٧- إذا لم يؤمن ويتق أهل القرى أُخذوا بالعقوبات والبلايا ونزع البركات وكثرة الآفات،جزاء لبعض أعمالهم وإلا فلو آخذهم بالجميع ما ترك عليها من دابة
٣٨- لاينبغي للعبد أن يكون آمنا على ما معه من الإيمان،بل لا يزال خائفا وجلا أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان،وأن يدعو الله دوما بالثبات عليه
٣٩- على العبد أن يعمل ويسعى، في كل سبب يخلصه من الشر، عند وقوع الفتن، فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة.
٤٠- إذا نبه اللّه الناس فلم ينتبهوا، وذكرهم فلم يتذكروا، وهداهم بالآيات والعبر فلم يهتدوا، فإن اللّه تعالى يعاقبهم ويطبع على قلوبهم.
٤١- إذا طُبع على القلوب علاها الران،حتى يختم عليها،فلا يدخلها حق،ولا يصل إليها خير ولا يسمع أصحابها إلا ما به تقوم الحجة عليهم ،لا ما ينفعهم.
٤٢- كان فرعون الخبيث حاكما مستبدا قد تقرر عنده وعند قومه ألا خروج لأحد عن قوله وحكمه وبهذه الحالة تنحط الأمم وتضعف وتعجز عن المدافعة عن حقوقها.
٤٣- {ربنا أفرغ علينا صبرا}عظيما،لأن المحنة عظيمة، فيها ذهاب النفس،فيحتاج فيها إلى صبر كثير،ليثبت الفؤاد،ويطمئن المؤمن على إيمانه، ويزول انزعاجه.
٤٤- وظيفة العبد، أنه عند القدرة، أن يفعل من الأسباب الدافعة عنه أذى الغير، ما يقدر عليه، وعند العجز، أن يصبر ويستعين اللّه، وينتظر الفرج.
٤٥- {مهما تأتنا به من آية فتسحرنا بها فَما نحن لك بمؤمنين} هذا غاية العناد، أن تستوي عند الكافرين الحالات، سواء نزلت عليهم الآيات أم لم تنزل.
٤٦- { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } أي: بجد واجتهاد على إقامتها.
٤٧- {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} وهي الأوامر الواجبة والمستحبة، فإنها أحسنها، وفي هذا دليل على أن أوامر اللّه - في كل شريعة - كاملة عادلة حسنة.
٤٨- من تكبر على العباد وعلى الحق ومن جاء به،حرمه الله خيرا كثيرا وخذله،ولم يفقه من آياته ما ينتفع به،بل ربما انقلبت عليه الحقائق،واستحسن القبيح.
٤٩- {ألم يروا أنه لا يكلمهم}ذكر الله أن عدم الكلام دليل على عدم صلاحية الذي لايتكلم للإلهية،فمن أنكر كلام اللّه فقد أنكر خصائص إلهية اللّه تعالى
٥٠- {وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ} أي: في وسطها، واجعل رحمتك تحيط بنا من كل جانب، فإنها حصن حصين، من جميع الشرور، وثم كل الخير وسرور.
٥١- كل مفتر على اللّه، كاذب على شرعه، متقول عليه ما لم يقل، فإن له نصيبا من الغضب من اللّه، والذل في الحياة الدنيا.
٥٢- لا يتم الإيمان إلا بأعمال القلوب، وأعمال الجوارح المترتبة على الإيمان.
٥٣- من لم يخف اللّه ولا المقام بين يديه، فإنه لا يزداد بآيات الله إلا عتوا ونفورا وتقوم عليه حجة اللّه فيها.
٥٤- وصلت رحمة الله وغمر فضله وإحسانه كل مخلوق،أما الرحمة الخاصة المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة{فسأكتبها للذين يتقون}المعاصي،صغارها وكبارها،فحسب.
٥٥- {بآياتنا يؤمنون}من تمام الإيمان بالآيات معرفة معناها،والعمل بمقتضاها،ومنه اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام ظاهرا وباطنا،في أصول الدين وفروعه
٥٦- أعظم دليل يدل على نبوته عليه الصلاة والسلام ما دعا إليه وأمر به ونهى عنه وأحله وحرمه؛ فإنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث؛وأن دينه سهل سمح ميسر.
٥٧- المقصود الأعظم من إنكار المنكر ليكون معذرة، وإقامة حجة على المأمور المنهي، ولعل اللّه أن يهديه، فيعمل بمقتضى ذلك الأمر، والنهي.
٥٨- سنة اللّه في عباده، أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
٥٩- الذين يأتون الذنوب متعمدين، وكانوا في أمرهم مستبصرين؛أعظم ذنبآٓ وأشد لومآٓ وأشنع عقوبةٓٓ.
٦٠- إن اللّه بعث رسله عليهم الصلاة والسلام بالصلاح لا بالفساد،وبالمنافع لا بالمضار،وبصلاح الدارين، فكل من كان أصلح، كان أقرب إلى اتباعهم.
٦١- {ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه} اتباع الهوى، وإخلاد العبد إلى الشهوات، يكون سببا للخذلان.
٦٢- من استعمل جوارحه في عبادة اللّه، وانصبغ قلبه بالإيمان باللّه ومحبته، ولم يغفل عن اللّه، فهؤلاء أهل الجنة، وبأعمال أهل الجنة يعملون.
٦٣- كل اسم من أسماء الله تعالى دال على جميع الصفة التي اشتق منها، مستغرق لجميع معناها. ولذا فهي حسنى.
٦٤- من تمام كون أسماء الله "حسنى" أنه لا يدعى إلا بها،{فادعوه بها} وهذا شامل لدعاء العبادة،ودعاء المسألة،فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب
٦٥- {أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} هؤلاء هم الصديقون أئمة الهدى، وهم الذين أنعم الله عليهم بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
٦٦- {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}خصوصا الذين يتركون السؤال عن الأهم،ويدعون مايجب عليهم، ثم يذهبون إلى مالا سبيل لأحد أن يدركه،ولا هم مطالبون بعلمه
٦٧- نفعه صلى الله عليه وسلم فاق نفع الآباء والأمهات،والأخلاء والإخوان بما حث العباد على كل خير، وحذرهم عن كل شر، وبينه لهم غاية البيان والإيضاح.
٦٨- الذين صلحت نياتهم وأعمالهم وأقوالهم، لما تولوا ربهم وحده بالإيمان والتقوى، تولاهم الله وأعانهم على ما فيه خيرهم ومصلحتهم، ودفع عنهم المكاره.
٦٩- لو اجتمع المشركون وآلهتهم لكيد من تولاه الله،لم يقدروا ولا بمثقال ذرة لكمال عجزهم وعجزهاوكمال قوة الله واقتداره وقوة من احتمى به وتوكل عليه.
٧٠- {خذ العفو} جمعت حسن الخلق مع الناس،فالذي ينبغي أن يعامل به الناس، أن تأخذ العفو، أي: ما سمحت به أنفسهم، وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق.
٧١- {خذ العفو}فلا تكلف الناس ما لا تسمح به طبائعهم،بل اشكر من كل أحد ماقابلك به،من قول وفعل جميل أوما دونهما،وتجاوز عن تقصيرهم وغض طرفه عن نقصهم
٧٢- {خذ العفو}لا تتكبر على الصغير لصغره،ولا ناقص العقل لنقصه،ولا الفقير لفقره،بل عامل الجميع باللطف والمقابلة بما تقتضيه الحال وتنشرح له صدورهم.
٧٣- {وأمر بالعرف} أي بكل قول حسن وفعل جميل،وخلق كامل للقريب والبعيد،فاجعل ما يأتي للناس منك إما تعليم علم،أو حث على خير من صلة رحم،أو بر والدين.
٧٤- {وأمر بالعرف}اجعل مايأتي للناس منك إما إصلاح بينهم،أو نصيحة نافعة،أو رأي مصيب،أو معاونة على بر وتقوى،أو زجر عن قبيح،أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة
٧٥- أمر اللّه تعالى أن يقابل الجاهل بالإعراض عنه وعدم مقابلته بجهله، فمن آذاك لا تؤذه، ومن حرمك لا تحرمه، ومن قطعك فَصِلْهُ، ومن ظلمك فاعدل فيه.
٧٦- { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم } هذا ما ينبغي أن يعامل به العبد شياطين الإنس والجن.
٧٧- علامة المتقي أنه إذا مسه طائف من الشيطان،فأذنب؛تذكر،فأبصر واستغفر واستدرك ما فرط منه بالتوبة النصوح والحسنات الكثيرة، فرد شيطانه خاسئا حسيرا
٧٨- إخوان الشياطين وأولياؤهم،إذا أذنبوا،لا يزالون يمدونهم في الشر والغي ذنبا بعد ذنب،ولا يقصرون عن ذلك،لأنها طمعت فيهم،حين رأتهم سلسي القياد لها
٧٩- القرآن العظيم آية لا تضمحل على تعاقب الأوقات،وحجة لا تبطل في جميع الآنات،يستبصر به في المطالب الإلهية والمقاصد الإنسانية،وهو الدليل والمدلول
٨٠- الإنصات في الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه.وأما الاستماع، فهو أن يلقي سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع.
٨١- من لازم على الاستماع والانصات حين يتلى كتاب اللّه، فإنه ينال خيرا كثيرا وعلما غزيرا، وإيمانا مستمرا متجددا، وهدى متزايدا، وبصيرة في دينه.
٨٢- رتب اللّه حصول الرحمة على الاستماع والانصات،فدل على أن من تُلِيَ عليه القرآن فلم يستمع له وينصت،أنه محروم الحظ من الرحمة،قد فاته خير كثير.
٨٣- على العبد أن يكون خائفا من اللّه،وَجِلَ القلب منه،خوفا أن يكون عمله غير مقبول،وعلامة الخوف أن يسعى ويجتهد في تكميل العمل وإصلاحه، والنصح به
٨٤- ينبغي للعبد الإكثار من الذكر،خصوصا طرفي النهار،مخلصا خاشعا متضرعا،متذللا ساكنا،متواطئا عليه قلبه ولسانه،بأدب ووقار،وإقبال وحضور وعدم غفلة.
٨٥- إن لله عبادا مستديمين لعبادته،وهم الملائكة، وإنما يريد بعبادتكم نفعكم وأن تربحوا أضعاف ما عملتم؛لا أن يتكثر بها من قلة،أو ليتعزز بها من ذلة.
================
سورة الأنفال
١- يدخل في إصلاح ذات البين تحسين الخلق لهم، والعفو عن المسيئين منهم فإنه بذلك يزول كثير مما يكون في القلوب من البغضاء والتدابر.
٢- الإيمان قسمين: إيمانا كاملا يترتب عليه المدح والثناء، والفوز التام، وإيمانا دون ذلك.
٣- أكبر علامات خوف اللّه تعالى أن يحجز صاحبه عن الذنوب.
٤- { وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا } ووجه ذلك أنهم يلقون له السمع ويحضرون قلوبهم لتدبره فعند ذلك يزيد إيمانهم،لأن التدبر من أعمال القلوب.
٥- الذين يتدبرون القرآن إما أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه،أو يتذكرون ما كانوا نسوه،أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير؛وكل هذا مما يزيد به الإيمان
٦- تدبر القرآن يورث المتدبرين اشتياقا إلى كرامة ربهم، ووجلا من العقوبات، وازدجارا عن المعاصي؛وكل هذا مما يزيد به الإيمان.
٧- {وعلى ربهم يتوكلون} أي: يعتمدون في قلوبهم على ربهم في جلب مصالحهم ودفع مضارهم الدينية والدنيوية، ويثقون بأن اللّه تعالى سيفعل ذلك.
٨- {أولئك هم المؤمنون حقا}لأنهم جمعوا بين الإسلام والإيمان،بين الأعمال الباطنة والأعمال الظاهرة،بين العلم والعمل،بين أداء حقوق الله وحقوق عباده
٩- قدم تعالى أعمال القلوب، لأنها أصل لأعمال الجوارح وأفضل منها.
١٠- الإيمان يزيد بفعل الطاعة وينقص بضدها،فينبغي للعبد أن يتعاهد إيمانه وينميه،وإن أولى ما يحصل به ذلك تدبر كتاب اللّه تعالى والتأمل لمعانيه.
١١- أُعد للمؤمنين حقا درجات عالية ومغفرة للذنوب ورزق كريم،ومن لم يصل إلى درجتهم في الإيمان فلن ينال مانالوا من كرامة الله التامة -وإن دخل الجنة-
١٢- الجدال محله وفائدته عند اشتباه الحق والتباس الأمر؛فأما إذا وضح وبان، فليس إلا الانقياد والإذعان.
١٣- إن الله إذا ثبت المؤمنين وألقى الرعب في قلوب الكافرين، لم يقدر الكافرون على الثبات لهم ومنحهم الله أكتافهم.
١٤- يعتني الله اعتناءٓٓ عظيما بحال عباده المؤمنين، ويقيض الأسباب التي بها يثبت إيمانهم وتثبت أقدامهم، ويزول عنهم المكروه والوساوس الشيطانية.
١٥- إن من لطف اللّه بعبده أن يسهل عليه طاعته، وييسرها بأسباب داخلية وخارجية.
١٦- يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالشجاعة الإيمانية، والقوة في أمره، والسعي في جلب الأسباب المقوية للقلوب والأبدان.
١٧- إن الله تعالى قادر على انتصار المؤمنين من الكافرين، من دون مباشرة قتال،ولكن الله يريد أن يمتحن المؤمنين، ويوصلهم بالجهاد إلى أعلى الدرجات.
١٨- إن الله تعالى لا يمنع الإيمان والخير إلا لمن لا خير فيه الذي لا يزكو لديه ولا يثمر عنده وله الحمد تعالى والحكمة في هذا.
١٩- حياة القلب والروح بعبودية اللّه تعالى ولزوم طاعته وطاعة رسوله على الدوام.
٢٠- إياكم أن تردوا أمر الله أول ما يأتيكم فيحال بينكم وبينه إذا أردتموه بعد ذلك،وتختلف قلوبكم،فإن الله يحول بين المرء وقلبه،يقلب القلوب ويصرفها.
٢١- إذا ظهر الظلم فلم يغير عمت عقوبته الفاعل وغيره،وتتقى الفتنة بالنهي عن المنكر وقمع أهل الشر والفساد وأن لا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن
٢٢- من اتقى الله رزقه من العلم والهدى ما يفرق به بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والحلال والحرام، وأهل السعادة من أهل الشقاوة.
٢٣- المقصود من القتال والجهاد لأعداء الدين، أن يدفع شرهم عن الدين، وأن يذب عن دين الله الذي خلق الخلق له، حتى يكون هو العالي على سائر الأديان.
٢٤- من فوائد العقوبات والحدود المرتبة على المعاصي، أنها سبب لازدجار من لم يعمل المعاصي، بل وزجرا لمن عملها أن لا يعاودها.
٢٥- {فشرد بهم من خلفهم} دل تقييد هذه العقوبة في الحرب أن الكافر -ولو كان كثير الخيانة سريع الغدر- أنه إذا أُعْطِيَ عهدا لا يجوز خيانته وعقوبته.
٢٦- {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم}إن عاهدت قوما فخفت خيانتهم بما بدا من قرائن أحوالهم من غير تصريح فارم عليهم عهدهم وأخبرهم ألا عهد بينكم
٢٧- { عَلَى سَوَاءٍ } أي: حتى يستوي علمك وعلمهم بذلك، ولا يحل لك أن تغدرهم، أو تسعى في شيء مما منعه موجب العهد، حتى تخبرهم بذلك.
٢٨- { إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ } بل يبغضهم أشد البغض،فلا بد من أمر بيِّنٍ يبرئكم من الخيانة.
٢٩- إذا تحققت الخيانة لم يحتج أن ينبذ إليهم عهدهم، لأنه لم يخف منهم،بل علم ذلك،ولعدم الفائدة،ولقوله{على سواء}وهنا قد كان معلوما عند الجميع غدرهم
٣٠- دل مفهوم الآية إذا لم يُخَفْ منهم خيانة، بأن لم يوجد منهم ما يدل على ذلك، أنه لا يجوز نبذ العهد إليهم، بل يجب الوفاء إلى أن تتم مدته.
٣١-١: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله}إن مال الكفار المحاربون للصلح وترك القتال فأجبهم لما طلبوا متوكلا على ربك، فإن في ذلك فوائد كثيرة.
٣٢- مع الصلح والأمن،يتمكن الكفار من معرفة محاسن الاسلام،والإسلام يعلو ولا يعلى عليه،فيكثر الراغبون فيه والمتبعون له،فصار السلم عونا للمسلمين.
٣٣- من فوائد الصلح مع الكفار المحاربين حين يجنحون له أن طلب العافية مطلوب كل وقت، فإذا كانوا هم المبتدئين في ذلك، كان أولى لإجابتهم.
٣٤-من فوائد الصلح مع الكفار المحاربين حين يجنحون له أن في ذلك إجماما لقوى المسلمين، واستعدادا منهم لقتالهم في وقت آخر؛ إن احتيج لذلك.
٣٥- يخاف من السلم خصلة واحدة،وهي كون القصد خدع المسلمين،وانتهاز الفرصة فيهم،فأخبر الله أنه حسب المؤمنين وكافيهم خداعهم،وأن الضرر يعود على الكفار
٣٦- {وألف بين قلوبهم} فاجتمعوا وائتلفوا بعد النفرة والفرقة الشديدة، وازدادت قوتهم،وهذا بقوة الله وحده فلا يقدر على تقليب القلوب إلا الله تعالى.
٣٧- إذا أتى المؤمنون بالسبب الذي هو الإيمان والاتباع، فلا بد أن يكفيهم الله ما أهمهم من أمور الدين والدنيا، وإنما تتخلف الكفاية بتخلف شرطها.
٣٨- لما عقد سبحانه الولاية بين المؤمنين، أخبر أن الكفار حيث جمعهم الكفر فبعضهم أولياء لبعض فلا يواليهم إلا كافر مثلهم.
٣٩- إذا لم يتخذ المؤمنون وحدهم أولياء بعضهم لبعض يحصل من الشر ما لا ينحصر من اختلاط الحق بالباطل، والمؤمن بالكافر.
٤٠- إذا لم يتخذ المؤمنون وحدهم أولياء بعضهم لبعض تنعدم كثير من العبادات الكبار، كالجهاد، وغير ذلك من مقاصد الشرع والدين التي تفوت.
=============
سورة التوبة
١- ربما كان استمرار الكفار على كفرهم لجهل منهم،إذا زال اختاروا عليه الإسلام،فلذلك أُمر الرسول وأمته تبعآٓ،أن يجيروا من طلب أن يسمع كلام الله.
٢- لا تجعلوا الولاية والعداوة طبيعية تميلون بهما حيثما مال الهوى وتتبعون فيهما النفس الأمارة بالسوء،بل اجعلوا الحكم يدور مع دينكم وجودا وعدما.
٣- شُرع الجهاد ليتميز الصادقون الذين لايتحيزون إلا للدين من الكاذبين الذين يزعمون الإيمان وهم يتخذون الولائج من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين
٤- علامة محبة الشخص لله ورسوله،أنه إذا تعارض محبوب لهما،وليس لنفسه فيه هوى،وآخر تحبه نفسه،ولكنه يفوت عليه أو ينقص محبوبا لهما،فلينظر أيهما يقدم
٥- السكينة هي ما يجعله الله في القلوب وقت القلاقل والزلازل والمفظعات، مما يثبتها، ويسكنها ويجعلها مطمئنة، وهي من نعم الله العظيمة على العباد.
٦- كما أن التوحيد والإيمان، طهارة، فالشرك نجاسة.
٧- ليس الرزق مقصورا على باب ومحل واحد،بل لا ينغلق باب إلا وفتح غيره كثير، فإن فضل الله واسع، وجوده عظيم، خصوصا لمن ترك شيئا لوجه أكرم الأكرمين.
٨- {فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} الغنى في الدنيا، ليس من لوازم الإيمان، ولا يدل على محبة الله، فلهذا علقه الله بالمشيئة.
٩- إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب،ولا يعطي الإيمان والدين إلا من يحب.وهو عليم بمن يليق به الغنى ومن لا يليق،وحكيم يضع الأشياء مواضعها.
١٠- ليحذر من العلماء والعباد هاتان الحالتان: أخذهم لأموال الناس بغير حق، وصدهم الناس عن سبيل الله.
١١- يبذل الناس للعلماء والعباد من أموالهم لأجل علمهم وعبادتهم، ولأجل هداهم وهدايتهم، وهؤلاء يأخذونها ويصدون الناس عن سبيل الله، وهذا سحت وظلم.
١٢- مِنْ أٓخْذِ العلماء والعباد لأموال الناس بغير حق، أن يعطوهم ليفتوهم أو يحكموا لهم بغير ما أنزل الله.
١٣- الكنز المحرم للذهب والفضة امساكها عن النفقة الواجبة،كأن يمنع منها الزكاة أوالنفقات الواجبة للزوجات،أو الأقارب،أو النفقة الواجبة في سبيل الله
١٤- يُنحرف في المال بأحد أمرين إما إنفاقه في الباطل كالصد عن سبيل الله والمعاصي والشهوات التي لاتعين على الطاعة،أو إمساكه عن إخراجه في الواجبات.
١٥- {واعلموا أن الله مع المتقين} لتحرصوا على تقوى الله،خصوصا عند قتال الكفار،فربما ترك المؤمن العمل بالتقوى في معاملة الكفار الأعداء المحاربين.
١٦- العوائد المخالفة للشرع مع الاستمرار عليها، يزول قبحها عن النفوس، وربما ظُنّٓ أنها عوائد حسنة، فيحصل من الغلط والضلال ما يحصل.
١٧- والله ما آثر الدنيا على الآخرة من وقر الإيمان في قلبه، ولا من جزل رأيه، ولا من عُدَّ من أولي الألباب.
١٨- السكينة من تمام نعمة الله على عبده في أوقات الشدائد والمخاوف التي تطيش بها الأفئدة،وتكون بحسب معرفة العبد بربه،وثقته بوعده،وإيمانه وشجاعته.
١٩- الحزن قد يعرض لخواص عباد الله الصديقين، مع أن الأولى -إذا نزل بالعبد- أن يسعى في ذهابه عنه، فإنه مضعف للقلب، موهن للعزيمة.
٢٠- العبد حقيقة هو المتعبد لربه في كل حال، القائم بالعبادة السهلة والشاقة، فهذا العبد لله على كل حال.
٢١- على العبد أن لا يأتي الصلاة إلا وهو نشيط البدن والقلب،ولا ينفق إلا وهو منشرح الصدر ثابت القلب،يرجو ثوابها من الله وحده،ولا يتشبه بالمنافقين.
٢٢- يقدم المنافقون أموالهم وأولادهم على مرضات الله فيعذبهم بها بما ينالهم من المشقة في تحصيلها،والسعي الشديد في ذلك،وهم القلب فيها،وتعب البدن.
٢٣- من وبال لذّٓات المنافقين عليهم،أن قلوبهم تتعلق بها،وإرادتهم لاتتعداها،فتكون منتهى مطلوبهم وغاية مرغوبهم ولايبقى في قلوبهم للآخرة نصيب.
٢٤- {فإن أعطوا منها رضوا وان لم يعطوا منها إذا هم يسخطون}لا ينبغي للعبد أن يكون رضاه وغضبه تابعا لهوى نفسه وغرضه الدنيوي؛بل يكون تبعا لمرضاة ربه
٢٥- قال كثير من الفقهاء: إن تفرغ القادر على الكسب لطلب العلم، أعطي من الزكاة، لأن العلم داخل في الجهاد في سبيل الله.
٢٦- لو أعطى الأغنياء الزكاة،لم يبق فقير من المسلمين،ولحصل من الأموال مايسد الثغور،ويجاهد به الكفار،ويسد الحاجات الخاصة والعامة للإسلام والمسلمين
٢٧- السورة فضحت المنافقين ولم يعين أشخاصهم سترا من الله،ولأن الذم على من اتصف بأوصافهم إلى يوم القيامة،فذكر الوصف أعم وأنسب،حتى خافوا غاية الخوف
٢٨- أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة،وهو كفر مخرج عن الدين.
٢٩- من أسر سريرة خصوصا السريرة التي يمكر فيها بالدِّين ويستهزئ به وبآياته ورسوله فإن الله تعالى يظهرها ويفضح صاحبها ويعاقبه أشد العقوبة.
٣٠- من استهزأ بشيء من كتاب الله أو سنة رسوله الثابتة عنه أو سخر بذلك أو تنقصه أو استهزأ بالرسول أو تنقصه فإنه كافر بالله العظيم.
٣١- وصف عام للمنافقين لا يخرج منه أحد منهم:يأمرون بالمنكر (الكفر والفسوق والعصيان)،ينهون عن المعروف (الإيمان والعمل الصالح)،البخل،قلة الذكر لله.
٣٢- {إن المنافقين هم الفاسقون} حصر الفسق فيهم،لأن فسقهم أعظم من فسق غيرهم،وأن المؤمنين قد ابتلوا بهم،إذ كانوا بين أظهرهم،والاحتراز منهم شديد.
٣٣- {فاستمتعتم بخلاقكم}بنصيبكم من الدنيا فتناولتموه على وجه اللذة والشهوة معرضين عن المراد منه،واستعنتم به على معاصي الله كما فعل الذين من قبلكم
٣٤- {وخضتم كالذي خاضوا}أي: وخضتم بالباطل والزور وجادلتم بالباطل لتدحضوا به الحق.
٣٥- إنما أعمال وعلوم المنافقين، استمتاع بالخلاق وخوض بالباطل، فاستحقوا من العقوبة والإهلاك ما استحق من قبلهم ممن فعلوا كفعلهم
٣٦- المؤمنون فهم وإن استمتعوا بنصيبهم وما خولوا من الدنيا، فإنه على وجه الاستعانة به على طاعة الله.
٣٧- أما علوم المؤمنين فهي علوم الرسل، وهي الوصول إلى اليقين في جميع المطالب العالية، والمجادلة بالحق لإدحاض الباطل.
٣٨- إن نعيم أهل الجنة لم يطب إلا برؤية ربهم ورضوانه،فهوالغاية التي أمَّها العابدون،والنهاية التي سعى نحوها المحبون،فرضا الرب أكبر من نعيم الجنات
٣٩- الجهاد يدخل فيه الجهاد باليد، والجهاد بالحجة واللسان، فمن بارز بالمحاربة فيجاهد باليد، واللسان والسيف والبيان.
٤٠- من كان مذعنا للإسلام بذمة أو عهد، فإنه يجاهد بالحجة والبرهان ويبين له محاسن الإسلام، ومساوئ الشرك والكفر.
٤١- يعذب الله المنافقين في الدنيا بما ينالهم من الهم والغم والحزن على نصرة الله لدينه،وإعزار نبيه،وعدم حصولهم على مطلوبهم،وفي الآخرة في السعير.
٤٢- ليحذر المؤمن من أن يعاهد ربه، إن حصل مقصوده الفلاني ليفعلن كذا وكذا، ثم لا يفي بذلك، فإنه ربما عاقبه الله بالنفاق.
٤٣- الطعن بالمؤمنين لأجل إيمانهم، كفر بالله تعالى وبغض للدين.
٤٤- إذا أحسن العبد فيما يقدر عليه، سقط عنه ما لا يقدر عليه.
٤٥- من نوى الخير، واقترن بنيته الجازمة سَعْيٌ فيما يقدر عليه، ثم لم يقدر، فإنه ينزل منزلة الفاعل التام.
٤٦- العمل هو ميزان الصدق من الكذب، وأما مجرد الأقوال، فلا دلالة فيها على شيء من ذلك.
٤٧- الأعراب كأهل الحاضرة، منهم الممدوح ومنهم المذموم، فلم يذمهم الله على مجرد تعربهم وباديتهم، إنما ذمهم على ترك أوامر الله، وأنهم في مظنة ذلك.
٤٨- الكفر والنفاق يزيد وينقص ويغلظ ويخف بحسب الأحوال.
٤٩- ينبغي للمؤمن أن يؤدي ما عليه من الحقوق، منشرح الصدر، مطمئن النفس، ويحرص أن تكون مغنما، ولا تكون مغرما.
٥٠- توبة الله على عبده نوعان:الأول: التوفيق للتوبة. والثاني: قبولها بعد وقوعها منه.
٥١- المخلط المعترف النادم، الذي لم يتب توبة نصوحا، فإنه تحت الخوف والرجاء، وهو إلى السلامة أقرب.
٥٢- المخلط الذي لم يعترف ويندم على ما مضى منه، بل لا يزال مصرا على الذنوب، فإنه يخاف عليه أشد الخوف.
٥٣- إن العبد لا يمكنه أن يتطهر ويتزكى حتى يخرج زكاة ماله، ولا يكفرها شيء سوى أدائها، لأن الزكاة والتطهير متوقف على إخراجها.
٥٤- من تاب إلى الله تاب عليه،ولو تكررت منه المعصية مرارا. ولا يمل من التوبة على عباده، حتى يملوا هم، ويأبوا إلا النفار عن بابه، وموالاتهم عدوهم.
٥٥- إن العمل وإن كان فاضلا تغيره النية، فينقلب منهيا عنه، كما قلبت نية أصحاب مسجد الضرار عملهم إلى ما ترى.
٥٦- كل حالة يحصل بها التفريق بين المؤمنين، فإنها من المعاصي التي يتعين تركها وإزالتها.
٥٧- المعصية تؤثر في البقاع، كما أثرت معصية المنافقين في مسجد الضرار، ونهي عن القيام فيه، وكذلك الطاعة تؤثر في الأماكن كما أثرت في مسجد " قباء"
٥٨- كل عمل فيه مضارة لمسلم، أو فيه معصية لله، أو فيه تفريق بين المؤمنين، أو فيه معاونة لمن عادى الله ورسوله، فإنه محرم ممنوع منه، وعكسه بعكسه.
٥٩- الأعمال الحسية الناشئة عن المعصية لا تزال مبعدة لفاعلها عن الله بمنزلة الإصرار حتى يزيلها ويتوب منها توبة تامة بحيث يتقطع قلبه ندما وحسرات.
٦٠- أشرف الكتب،وأعلاها،وأكملها،وجاء بها أكمل الرسل اتفقت على أن الله سبحانه اشترى أنفس وأموال المؤمنين بأن لهم الجنة إذابذلت في سبيله،وعدا صادقا
٦١- {فاستبشروا ببيعكم} لمعرفة مقدار الصفقة،فانظر إلى المشتري من هو؟وإلى العوض،وإلى الثمن المبذول فيها،وإلى من جرى على يديه العقد،وبأي كتاب رقم؟
٦٢- { الْعَابِدُونَ } أي: المتصفون بالعبودية لله، والاستمرار على طاعته من أداء الواجبات والمستحبات في كل وقت، فبذلك يكون العبد من العابدين.
٦٣- {الحامدون} لله في السراء والضراء،المعترفون بما لله عليهم من النعم الظاهرة والباطنة،المثنون على الله بذكرها وبذكره في آناء الليل وآناء النهار
٦٤- {السَّائِحُونَ} الصحيح أن المراد بالسياحة: السفر في القربات، كالحج، والعمرة، والجهاد، وطلب العلم، وصلة الأقارب، ونحو ذلك.
٦٥- {الراكعون الساجدون}المكثرون من الصلاة،{الآمرون بالمعروف}ويدخل فيه جميع الواجبات والمستحبات،{والناهون عن المنكر}هي جميع مانهى الله ورسوله عنه
٦٦- {والحافظون لحدود الله} بتعلمهم حدود ما أنزل الله على رسوله، وما يدخل في الأوامر والنواهي والأحكام، وما لا يدخل، الملازمون لها فعلا وتركا.
٦٧- { لأوَّاهٌ } رجَّاع إلى الله في جميع الأمور، كثير الذكر والدعاء، والاستغفار والإنابة إلى ربه.
٦٨- توبة الله على العبد أجل الغايات، وأعلى النهايات، فإن الله جعلها نهاية خواص عباده، وامتن عليهم بها، حين عملوا الأعمال التي يحبها ويرضاها.
٦٩- العبادة الشاقة على النفس، لها فضل ومزية ليست لغيرها، وكلما عظمت المشقة عظم الأجر.
٧٠- توبة الله على عبده بحسب ندمه وأسفه الشديد، ومن لا يبالي بالذنب ولا يحرج إذا فعله، فإن توبته مدخولة، وإن زعم أنها مقبولة.
٧١- علامة الخير وزوال الشدة، إذا تعلق القلب بالله تعالى تعلقا تاما، وانقطع عن المخلوقين.
٧٢- {الصادقين}فأقوالهم صدق وأعمالهم وأحوالهم لا تكون إلا صدقا خلية من الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيئة، مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة.
٧٣- أهم الأمور العلم والفقه في الدين،ومن تعلم فعليه نشر علمه وبثه في العباد ونصيحتهم فيه فإن انتشار العلم عن العالم من بركته وأجره،الذي ينمى له.
٧٤- غاية الحرمان اقتصار العالم على نفسه،وعدم دعوته إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة،وترك تعليم الجهال،فأي منفعة حصلت للمسلمين منه ومن علمه؟
٧٥- ينبغي للمسلمين أن يعدوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من يقوم بها،ويوفر وقته عليها،ويجتهد فيها،ولا يلتفت إلى غيرها،لتقوم مصالحهم،وتتم منافعهم.
٧٦- العموم في قوله تعالى: {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} مخصوص بما إذا كانت المصلحة في قتال غير الذين يلوننا، وأنواع المصالح كثيرة جدا.
=================
سورة يونس
١- العلم يهدي إلى معرفة الدلالة في آيات الله، وكيفية استنباط الدليل على أقرب وجه.
٢- التقوى تحدث في القلب الرغبة في الخير، والرهبة من الشر، الناشئين عن الأدلة والبراهين، وعن العلم واليقين.
٣- حث الله ورغب على التفكر في مخلوقاته، والنظر فيها بعين الاعتبار، فإن بذلك تنفتح البصيرة، ويزداد الإيمان والعقل، وتقوى القريحة.
٤- في إهمال التفكر في مخلوقات الله، تهاون بما أمر الله به، وإغلاق لزيادة الإيمان، وجمود للذهن والقريحة.
٥- {والذين هم عن آياتنا غافلون}فلا ينتفعون بالآيات القرآنية،ولا الأفقية والنفسية،والإعراض عن الدليل مستلزم للإعراض والغفلة،عن المدلول المقصود.
٦- {للذين أحسنوا} أحسنوا في عبادة الله بفعلها على وجه المراقبة والنصيحة فيها، وقاموا بما قدروا عليه منها، وأحسنوا إلى عباد الله بالقول والفعل.
٧- {وشفاء لما في الصدور} في القرآن، شفاء لما في الصدور من أمراض الشهوات الصادة عن الانقياد للشرع، وأمراض الشبهات القادحة في العلم اليقيني.
٨- {وَهُدًى ورحمةُُ للمؤمنين} الهدى هو العلم بالحق والعمل به،والرحمة هي ما يحصل من الخير والإحسان والثواب العاجل والآجل، لمن اهتدى بالقرآن.
٩- القرآن،والدين والإيمان، وعبادة الله ومحبته ومعرفته أعظم نعمة ومنة وفضل تفضل الله به على عباده؛فهو خير مما يُجمع من متاع الدنيا ولذاتها.
١٠- أكثر الناس لا يشكرون نعم الله،بل منهم من يستعين بها على معاصيه؛وقليل منهم الشاكر الذي يعترف بالنعمة،ويثني بها على الله،ويستعين بها على طاعته
١١- {ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا}فراقبوا الله في أداء صغير أعمالكم وكبيرها،وإياكم وما يكره الله،فإنه مطلع عليكم،عالم بظواهركم وبواطنكم
١٢- كثيرًا ما يقرن الله بين علمه المحيط بجميع الأشياء {ومايعزب عن ربك من مثقال ذرة}،وكتابته المحيطة بجميع الحوادث {إلا في كتاب مبين}.
١٣- كل من كان مؤمنًا تقيًا كان لله تعالى وليًا.
١٤- بشرى الدنيا لولي الله بالثناء الحسن،ومودة المؤمنين له، والرؤيا الصالحة،وما يُرى من لطف الله وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق،وصرفه عن مساوئها.
١٥- بشريات الآخرة لولي الله فعند قبض روحه،وفي القبر ما يبشر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم،وتمامها في الآخرة بدخول الجنة والنجاة من العذاب.
١٦- {لهم البُشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}البشرى شاملة لكل خير وثواب،رتبه الله في الدنيا والآخرة،على الإيمان والتقوى،ولذا أطلق ذلك،فلم يقيده.
١٧- ولا يحزنك قول المكذبين فيك من الأقوال التي يتوصلون بها إلى القدح فيك، وفي دينك فإن أقوالهم لا تعزهم، ولا تضرك شيئًا.
١٧- لا تحزنوا أيها المؤمنون لقول المكذبين للرسول من الأقوال القادحة فيه وفي الدين فإن أقوالهم لا تعزهم ولا تضر الرسول ولا الدين ولا المؤمنين شيئا.
١٨- العزة لله يؤتيها من يشاء،ويمنعها ممن يشاء.و{من كان يريد العزة فلله العزة جميعا}فليطلبها بطاعته،فـ{إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}
١٩- {وتكون لكما الكبرياء} اتهام من فرعون لموسى بطلب الرئاسة وهذا لا يحتج به فالحجج تدفع الحجج،وحيث لم يكن له حجة فقد لجأ للقول قصدك ومرادك كذا.
٢٠- كل مفسد عمل عملا واحتال كيدًا،أو أتى بمكر،فإن عمله سيبطل ويضمحل،وإن حصل لعمله رواج في وقت ما،فمآله الاضمحلال والمحق،كما أبطل الله سحر السحرة
٢١- ما آمن لموسى إلا ذرية فالشباب أقبل للحق،وأسرع له انقيادًا،بخلاف الشيوخ ونحوهم،ممن تربى على الكفر ومكث في قلوبهم فإنهم أبعد من الحق من غيرهم
٢٢- { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } هذا دليل على أن موسى، كان يدعو، وهارون يؤمن على دعائه، وأن الذي يؤمن، يكون شريكا للداعي في ذلك الدعاء.
٢٣- إذا اشتد البغي واستحكم الذنب فانتظر العقوبة.
٢٤- جرت عادة الله،أن الكفار إذا وصلوا إلى حالة الاضطرار فلاينفعهم إيمانهم،لأنه صار إيمانا مشاهدا كإيمان من ورد القيامة،وإنما ينفع الإيمان بالغيب
٢٥- {فما اختلفوا} في الحق{حتى جاءهم العلم}الموجب لاجتماعهم،ولكن بغى بعضهم على بعض،وصار لكثير منهم أهوية وأغراض تخالف الحق،فحصل بينهم اختلاف كثير
٢٦- إذا أعجز المؤمنون الشيطان أن يطيعوه في ترك الدين بالكلية، سعى في التحريش بينهم، وإلقاء العداوة والبغضاء، فحصل من الاختلاف ما هو موجب ذلك.
٢٧- إذا أعجز المؤمنون الشيطان أن يطيعوه في ترك الدين بالكلية سعى في التحريش بينهم وتضليل بعضهم لبعض، وعداوة بعضهم لبعض، ما هو قرة عين اللعين.
٢٨- إذا كان رب المؤمنين واحد،ورسولهم واحد،ودينهم واحد،ومصالحهم العامة متفقة،فلأي شيء يختلفون اختلافا يفرق شملهم،ويشتت أمرهم،ويحل رابطتهم ونظامهم
٢٩- اختلاف المؤمنين يفوت من مصالحهم الدينية والدنيوية ما يفوت، ويموت من دينهم بسبب ذلك ما يموت فنسألك اللهم لطفًا بعبادك المؤمنين، يجمع شملهم.
٣٠- نهى الله عن الشك في القرآن والامتراء فيه والتكذيب به،وهذا أمر بالضد،أي بالتصديق التام بالقرآن،وطمأنينة القلب إليه،والإقبال عليه علمًا وعملا.
٣١- الإيمان الاضطراري ليس بإيمان حقيقة ولو صرف عن الشخص العذاب والأمر الذي اضطره إلى الإيمان لرجع إلى الكفران.
٣٢- إن الله يدافع عن الذين آمنوا وبحسب ما مع العبد من الإيمان تحصل له النجاة من المكاره.
٣٣- { وَهُوَ الْغَفُورُ } لجميع الزلات، الذي يوفق عبده لأسباب مغفرته، ثم إذا فعلها العبد، غفر الله ذنوبه، كبارها، وصغارها.
=============
سورة هود
١- هذا { كِتَابٌ } عظيم، ونزل كريم، { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } أي: أتقنت وأحسنت، صادقة أخبارها، عادلة أوامرها ونواهيها، فصيحة ألفاظه بهية معانيه.
٢- {ثم فصلت} ميزت وبينت بيانا بأعلى أنواع البيان،ممن يضع الأشياء مواضعها،وينزلها منازلها،أمره حكمة ونهيه حكمة،خبير مطلع على الظواهر والبواطن.
٣- {فرح فخور} فرح بما أوتي مما تهوى نفسه،فخور بنعم الله على عباده،وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس،والتكبر،واحتقار الخلق وازدرائهم.
٤- المؤمنون هم الذين صبروا أنفسهم عند الضراء فلم ييأسوا،وعند السراء فلم يبطروا،وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات؛أولئك لهم المغفرة وجنة النعيم
٥- لا ينبغي للداعي أن يصده اعتراض ولا قدح خصوصا إذا كان بلا مستند ولا يقدح فيما دعا إليه، ولا يضيق صدره بل يطمئن،ماضيا على أمره،مقبلا على شأنه.
٦- لا يجب إجابة اقتراحات المقترحين للأدلة التي يختارونها. بل يكفي إقامة الدليل السالم عن المعارض، على جميع المسائل والمطالب.
٧- إن مما يطلب فيه العلم، ولا يكفي فيه غلبة الظن، علم القرآن، وعلم التوحيد، لقوله تعالى: {فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو}.
٨- قبح الله الذين يصدون عن سبيل الله ورسله ويصدون غيرهم عنه ويجتهدون في ميلها وتشيينها،لتصير عند الناس غير مستقيمة،فيحسنون الباطل ويقبحون الحق.
٩- { وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ } أي: خضعوا له، واستكانوا لعظمته، وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته، وخوفه، ورجائه، والتضرع إليه.
١٠- الذين انقادوا للحق هم الأشراف حقا،وأما الأراذل فهم الذين اتبعوا الشياطين واتخذوا حجرا وشجرا آلهة لها يتقربون ويسجدون،فلا أرذل وأخس من هؤلاء.
١١- الحق المبين تدعو إليه بداهة العقول، وبمجرد ما يصل إلى أولي الألباب، يعرفونه ويتحققونه، وليس كالأمور الخفية، التي تحتاج إلى تأمل، وفكر طويل.
١٢- { إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } الذين يتقون الشرك وسائر المعاصي، فستكون لهم العاقبة.
١٣- {حميد} أي: حميد الصفات، لأن صفاته صفات كمال، حميد الأفعال لأن أفعاله إحسان، وجود، وبر، وحكمة، وعدل، وقسط.
١٤- { مجيد } المجد: هو عظمة الصفات وسعتها، فله صفات الكمال، وله من كل صفة كمال أكملها وأتمها وأعمها.
١٥- { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } الاستمرار على المعاصي، يفسد الأديان، والعقائد، والدين، والدنيا، ويهلك الحرث والنسل.
١٦- إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأي فحشاء ومنكر، أكبر من عبادة غير الله، ومن منع حقوق عباد الله، أو سرقتها.
١٧- أمرين تستقيم بهما أحوال العبد، وهما الاستعانة بربه، والإنابة إليه، كما قال تعالى: { فاعبده وتوكل عليه } وقال: { إياك نعبد وإياك نستعين }.
١٨- {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} لمن تاب وأناب،يرحمه فيغفر له،ويتقبل توبته ويحبه،ومعنى الودود،من أسمائه تعالى،أنه يحب عباده المؤمنين ويحبونه.
١٩- إذا كان سرقة الناس في المكاييل والموازين، موجبة للوعيد، فسرقتهم - على وجه القهر والغلبة - من باب أولى وأحرى.
٢٠- الجزاء من جنس العمل فمن بخس أموال الناس،يريد زيادة ماله،عوقب بنقيض ذلك،وكان سببا لزوال الخير الذي عنده من الرزق لقول شعيب {إني أراكم بخير}.
٢١- {بقية الله خير لكم}فعلى العبد أن يقنع بالحلال عن الحرام،ففي ذلك من الخير والبركة،وزيادة الرزق ما ليس في التكالب على الأسباب المحرمة من المحق
٢٢- من قام بما يقدر عليه من الإصلاح فلا يلام أو يذم في عدم فعله ما لا يقدر عليه فعلى العبد أن يقيم من الإصلاح في نفسه وفي غيره ما يقدر عليه.
٢٣- التائب من الذنب كما يسمح له عن ذنبه ويعفى عنه فإن الله تعالى يحبه ويوده؛ فإن الله قال {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود }.
٢٤- يدفع الله عن المؤمنين بأسباب قد يعلمونها وقد لايعلمونها وربما دفع عنهم بسبب قبيلتهم أو أهل وطنهم الكفار كما دفع الله عن شعيب الرجم بسبب رهطه
٢٥- دُفع عن شعيب الرجم بسبب رهطه فهذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين لابأس بالسعي فيها وقد يتعين ذلك فالإصلاح مطلوب حسب القدرة
٢٦- لو ساعد المسلمون الذين تحت ولاية الكفار على جعل الولاية مما يتمكن فيها الأفراد والشعوب من حقوقهم فهو أولى من استسلامهم لدولة تقضي على الحقوق
٢٧- المتعين أن تكون الدولة للمسلمين وهم الحكام إن أمكن،فإن انعدم امكان هذا فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا والتمكين من الحقوق مقدمة.
٢٨- {خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ماشاء ربك إن ربك فعال لما يريد} فهم خالدون في النار في جميع الأزمان،سوى الزمن الذي قبل الدخول فيها.
٢٩- أقوال غير الأنبياء، خصوصا الضالين الذين كثر خطأهم وفساد أقوالهم، في أصول الدين يحتج لها لا يحتج بها، فإنها وإن اتفقوا عليها خطأ وضلال.
٣٠- {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}هذا تحذير من الميل والانضمام إلى كل ظالم وموافقته على ظلمه،والرضا بما هو عليه من الظلم.فكيف بالظالم
٣١- النفوس تأنس بالاقتداء، وتنشط على الأعمال، وتريد المنافسة لغيرها، ويتأيد الحق بذكر شواهده، وكثرة من قام به.
=================
سورة يوسف
١- إذا أراد الله أمرا من الأمور العظام قدم بين يديه مقدمة،توطئة له،وتسهيلا لأمره،واستعدادا لما يرد على العبد من المشاق،لطفا بعبده وإحسانا إليه.
٢- الشيطان عدو لا يفتر ليلا ولا نهارا،ولا سرا ولا جهارا،فالبعد عن أسباب تسلطه على العبد أولى،لذا أمر يعقوبُ يوسفٓ بألا يقص رؤياه على اخوته.
٣- قدم إخوة يوسف العزم على التوبة قبل صدور الذنب منهم تسهيلا لفعله، وإزالة لشناعته، وتنشيطا من بعضهم لبعض.
٤- القائل بإلقاء يوسف في الجب أحسنهم رأيا في يوسف، وأبرهم وأتقاهم في هذه القضية، فإن بعض الشر أهون من بعض، والضرر الخفيف يدفع به الضرر الثقيل.
٥- أمر الله نافذ،لايبطله مبطل،ولايغلبه مغالب،ولكن أكثر الناس لجهلهم يجري منهم ويصدر ما يصدر،في مغالبة أحكام الله القدرية،وهم أعجز وأضعف من ذلك.
٦- {نجزي المحسنين}في عبادة الخالق ببذل الجهد والنصح فيها،وإلى عباد الله ببذل النفع والإحسان إليهم،نؤتيهم من جملة الجزاء على إحسانهم علما نافعا.
٧- محنة يوسف بامرأة العزيز لوجود الاختيار ودواعي الفعل كانت أعظم من محنته بإخوته لأنها كانت اضطرارا وليست باختياره.
٨- الصبر على المِحن التي تتطلب صبر الاختيار وتقديم محبة الله مع وجود الدواعي للفعل أعظم أجرا من التي ليس للمرء فيها ملجأ إلا الصبر اضطرارا.
٩- جعل الله تعالى للحق والصدق علامات وأمارات تدل عليه.
١٠- الشيء إذا شاع لم يزل يذكر ويشاع مع وجود أسبابه، فإذا عدمت أسبابه نسي.
١١- لا أفضل من منة الله على العباد بالإسلام والدين القويم، فمن قبله وانقاد له فهو حظه، وقد حصل له أكبر النعم وأجل الفضائل.
١٢- {إني حفيظ عليم}حفيظ للذي أتولاه،فلا يضيع منه شيء في غير محله،وضابط للداخل والخارج،عليم بكيفية التدبير والإعطاء والمنع،والتصرف.
١٣- لم يكن طلب يوسف الولاية حرصا منه عليها، وإنما هو رغبة منه في النفع العام، وقد عرف من نفسه من الكفاءة والأمانة والحفظ ما لم يكونوا يعرفونه.
١٤- جُمع بين التقوى والإيمان فبالتقوى تترك الأمور المحرمة من كبائر الذنوب وصغائرها،وبالإيمان التام يحصل تصديق القلب،وتتبعه أعمال القلوب والجوارح
١٥- الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه، والإياس يوجب له التثاقل والتباطؤ، وأولى ما رجا العباد فضل الله وإحسانه ورحمته وروحه.
١٦- {لاييئس من روح الله إلا القوم الكافرون}لكفرهم يستبعدون رحمته،ورحمته بعيدة منهم،فلا تتشبهوا بالكافرين.وبحسب إيمان العبد يكون رجاؤه لرحمة الله
١٧- من يتق فعل ما حرم الله، ويصبر على الآلام والمصائب، وعلى الأوامر بامتثالها فإن هذا من الإحسان، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
١٨- سمح يوسف لإخوته سماحا تاما، من غير تعيير لهم ،ودعا لهم بالمغفرة والرحمة، وهذا نهاية الإحسان، الذي لا يتأتى إلا من خواص الخلق وخيار المصطفين.
١٩- من لطف وحسن خطاب يوسف عليه السلام، أنه ذكر حاله في السجن، ولم يذكر حاله في الجب، لتمام عفوه عن إخوته، وأنه لا يذكر ذلك الذنب.
٢٠- من لطف يوسف،ذكره أن إتيانهم من البادية من إحسان الله إليه ولم ينسبه للجوع والنصب،ولا قال "أحسن بكم" بل قال {أحسن بي}فجعل الإحسان عائدا إليه.
٢١- في القصة دلالة على صحة نبوة الرسول فهو أمي لايخط ولايقرأ ولادارس أحدا وهي موافقة لما في الكتب السابقة وماكان لديهم إذأجمعوا أمرهم وهم يمكرون
٢٢- {وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} فبسبب ما يحصل لهم به من العلم بالحق وإيثاره يحصل لهم الهدى، وبما يحصل لهم من الثواب العاجل والآجل تحصل لهم الرحمة.
٢٣- ينبغي البعد عن أسباب الشر، وكتمان ما تخشى مضرته، لقول يعقوب ليوسف { يا بني لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}.
٢٤- نعمة الله على العبد،ربما شملت من يتعلق به من أهل بيته وأقاربه وأصحابه،وحصل لهم ما حصل له بسببه كماحصل لآل يعقوب من العز والتمكين بسبب يوسف.
٢٥- العدل مطلوب في كل الأمور،بين السلطان رعيته وما دونه حتى في معاملة الوالد لأولاده في المحبة وغيرها،وفي الإخلال بذلك يختل الأمر وتفسد الأحوال.
٢٦- الحذر من شؤم الذنوب،فإن الذنب الواحد يستتبع ذنوبا متعددة،ولايتم لفاعله إلا بعدة جرائم،فلأجل التفريق بين يوسف وأبيه احتال أخوته وكذبوا وزوروا
٢٧- من دخل الإيمان قلبه،وكان مخلصا لله فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه،وصدق إخلاصه من السوء والفحشاء وأسباب المعاصي ما هو جزاء لإيمانه وإخلاصه.
٢٨- ينبغي للعبد أن يفر ويهرب غاية ما يمكنه من محل الفتنة وأسباب المعصية، ليتمكن من التخلص من المعصية.فقد فر يوسف هاربا ليتخلص من شر المرأة.
٢٩- ينبغي للعبد إذا ابتلي بين أمرين-إما فعل معصية،وإما عقوبة دنيوية -أن يختار العقوبة الدنيوية على مواقعة الذنب الموجب للعقوبة في الدنيا والآخرة
٣٠- ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى الله، ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية، ويتبرأ من حوله وقوته، { وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين }
٣١- العلم والعقل يدعوان صاحبهما إلى الخير، وينهيانه عن الشر، والجهل يدعو صاحبه إلى موافقة هوى النفس، وإن كان معصية ضارا لصاحبه.
٣٢- كما أن على العبد عبودية لله في الرخاء، فعليه عبودية له في الشدة.
٣٣ ليس من الشكوى للمخلوق الاستعانة بمن له القدرة على التخليص من مكروب أو شدة بل هذا من الأمور العادية ومما تعارف عليه الناس،{اذكرني عند ربك}.
٣٤- على المعلم استعمال الإخلاص في تعليمه وأن لا يجعله وسيلة للمعاوضة وأن لا يمتنع من التعليم،أو لا ينصح فيه،إذا لم يفعل السائل ما كلفه به المعلم
٣٥- العلم أفضل من الصورة الظاهرة،فبجمال يوسف حصلت له تلك المحنة،وبعلمه حصل له العز والرفعة والتمكين،فكل خير في الدارين فمن آثار العلم وموجباته.
٣٦- لا بأس أن يخبر الإنسان عما في نفسه من صفات الكمال من علم أو عمل، إذا كان في ذلك مصلحة، ولم يقصد به العبد الرياء، وسلم من الكذب.
٣٧- إنما ينهى عن طلب الولاية، لمن لم يكن فيه كفاية، أو كان موجودا غيره مثله، أو أعلى منه، أو لم يرد بها إقامة أمر الله.
٣٨- استعمال المكايد التي يتوصل بها إلى الحقوق -لا إسقاط واجب أو فعل محرم- جائز، والعلم بالطرق الخفية الموصلة إلى مقاصدها مما يحمد عليه العبد.
٣٩- لا بأس من استعمال المعاريض القولية والفعلية المانعة من الكذب، {معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده } ولم يقل "من سرق متاعنا".
٤٠- لا يجوز للإنسان أن يشهد إلا بما علمه، وتحققه إما بمشاهدة أو خبر من يثق به، وتطمئن إليه النفس { وما شهدنا إلا بما علمنا }.
٤١- { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ } الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، وإنما الذي ينافيه، الشكوى إلى المخلوقين.
٤٢- إن الفرج مع الكرب؛وإن مع العسر يسرا،وإذا طال الأمر واشتد وحصل الاضطرار يؤذن بالفرج في أشد الأوقات إليه حاجة واضطرارا،فيتم الأجر ويحصل السرور
٤٣- إن الله يبتلي أولياءه بالشدة والرخاء، والعسر واليسر ليمتحن صبرهم وشكرهم، ويزداد - بذلك - إيمانهم ويقينهم وعرفانهم.
٤٤- إخبار الإنسان بما يجد، وما هو فيه من مرض أو فقر ونحوهما، على غير وجه التسخط جائز،لأن إخوة يوسف قالوا: {مسنا وأهلنا الضر} ولم ينكر عليهم يوسف
٤٥- كل خير في الدنيا والآخرة فمن آثار التقوى والصبر،وعاقبة أهلهما أحسن العواقب،{قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}
٤٦- ينبغي لمن أنعم الله عليه بنعمة بعد شدة وفقر وسوء حال، أن يعترف بنعمة الله عليه، وأن لا يزال ذاكرا حاله الأولى، ليحدث لذلك شكرا كلما ذكرها.
٤٧- ينبغي للعبد أن يتملق إلى الله في تثبيت إيمانه،ويعمل الأسباب الموجبة لذلك،ويسأل الله حسن الخاتمة،وتمام النعمة{رب قد آتيتني من الملك..الآية..}
=========
سورة الرعد
١- الجهل بالقرآن والاعراض عنه وعدم الاهتمام به، وكذا العناد والظلم، أسباب تمنع الانتفاع به.
٢- كثرة الأدلة وبيانها ووضوحها، من أسباب حصول اليقين في جميع الأمور الإلهية، خصوصا في العقائد الكبار، كالبعث والنشور والإخراج من القبور.
٣- {وإن تعجب}من عظمة الله تعالى وكثرة أدلة توحيده،فإن العجب-مع هذا-إنكار المكذبين وتكذيبهم بالبعث،فإنهم لجهلهم قاسوا قدرة الخالق بقدرة المخلوق.
٤- إن الذي توضح له الآيات، ويرى من الأدلة القاطعة على البعث ما لا يقبل الشك والريب، ثم ينكر ذلك ويكذبه فإن قوله من العجائب.
٥- الذين يدعون إلى الإيمان فلا يؤمنوا، ويعرض عليهم الهدى فلا يهتدوا، تقلب قلوبهم وأفئدتهم عقوبة على أنهم لم يؤمنوا به أول مرة.
٦- ألا ما اجهل الذين استدلوا بحلم الله الواحد القهار عنهم،وعدم معاجلتهم بذنوبهم أنهم على حق،ولم يعتبروا من وقائع الله وأيامه في الأمم المكذبين.
٧- إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة،والعكس بالعكس
٨- {وهو شديد المحال} شديد الحول والقوة فلا يريد شيئا إلا فعله، ولا يتعاصى عليه شيء ولا يفوته هارب.
٩- الوسيلة تبطل ببطلان غايتها، ولما كان الله تعالى هو الملك الحق المبين، كانت عبادته حقًّا متصلة النفع لصاحبها في الدنيا والآخرة.
١٠- شبه تفاوت القلوب الحاملة للهدى بالأودية،فواد كبير يسع ماء كثيرا كقلب كبير يسع علما كثيرا، وواد صغير يأخذ ماء قليلا كقلب صغير يسع علما قليلا.
١١- لايزال القلب يجاهد الشبهات والشهوات بالبراهين الصادقة والإرادات الجازمة حتى يبقى ليس فيه إلا ماينفع الناس من العلم بالحق وإيثاره والرغبة فيه
١٢- {ما أمر الله به أن يوصل}كل ماأمر الله بوصله،من الإيمان به وبرسوله،والانقياد لهما.ويصلون والديهم وأرحامهم وأزواجهم وأصحابهم بأداء حقهم كاملا
١٣- من خصائص أهل الإيمان الصبر النافع وهو ما كان لوجه الله طلبا لمرضاته ورجاء القرب منه والحظوة بثوابه، لا لغير ذلك من المقاصد والأغراض الفاسدة.
١٤- الصبر المشترك الذي غايته التجلد ومنتهاه الفخر، فهذا يصدر من البر والفاجر، والمؤمن والكافر، فليس هو الممدوح على الحقيقة.
١٥- لاتطمئن القلوب إلا باليقين والعلم المضمون في كتاب الله بالأدلة والبراهين،وأما غيره فلا اطمئنان،بل لاتزال قلقة من تعارض الأدلة وتضاد الأحكام.
١٦- ليس الاستعجال بالآيات أو بالعذاب موجبا لأن يقدم الله ما كتب أنه يؤخر مع أنه تعالى فعال لما يريد.
١٧- {يمحو الله ما يشاء ويثبت}من الأقدار،وهذا في غير ما سبق به علمه وكتبه فإن هذا لا يقع فيه تبديل ولا تغيير فمحال أن يقع في علم الله نقص أو خلل.
١٨- التغيير والتبديل يقع في الفروع والشعب،كأعمال اليوم والليلة ويجعل الله لثبوتها ولمحوها أسبابا لا تتعدى ما رسم في اللوح المحفوظ.
======
سورة ابراهيم
١- {وهو العزيز الحكيم}من عزته أنه انفرد بالهداية والإضلال،وتقليب القلوب إلى ما شاء،ومن حكمته أنه لا يضع هدايته ولا إضلاله إلا بالمحل اللائق به.
٢- الشكر هو اعتراف القلب بنعم الله والثناء على الله بها وصرفها في مرضاة الله تعالى. وكفر النعمة ضد ذلك.
٣- من شك في الله { فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } الذي وجود الأشياء مستند إلى وجوده، لم يكن عنده ثقة بشيء من المعلومات، حتى الأمور المحسوسة.
٤- يقول الرسل صحيح أنا بشر مثلكم ولكن انظروا ما جئناكم به فإن كان حقا فاقبلوه وإن كان غير ذلك فردوه ولاتجعلوا حالنا حجة لكم على رد ما جئناكم به
٥- توكل الرسل في أعلى المطالب وأشرف المراتب وهو التوكل على الله في إقامة دينه ونصره وهداية عبيده وإزالة الضلال عنهم وهذا أكمل ما يكون من التوكل
٦- يكدح الكفار في الكيد للحق وأهله وعملهم هذا كرماد اشتدت به الريح ومكرهم عائد عليهم ولن يضروا الله ورسله وجنده وما معهم من الحق شيئا.
٧- {وما كان لي عليكم من سلطان}سلطان الحجة والدليل،فليس له حجة أصلا على مايدعو إليه،وإنما يقيم من الشبه والتزيينات ما به يجرؤ العباد على المعاصي
٨- {إنما سلطانه على الذين يتولونه}سلطان التسلط بالإغراء على المعاصي لأوليائه وحزبه يؤُزّهم إلى المعاصي أزّا،وهم الذين سلطوه على أنفسهم بموالاته
٩- أصل شجرة الإيمان ثابت في قلب المؤمن،علما واعتقادا،وفرعها من العمل الصالح دائما يصعد إلى الله منه من الأعمال والأقوال ماينتفع به المؤمن وغيره
١٠- كلمة الكفر والمعاصي،ليس لها ثبوت نافع في القلب،ولا تثمر إلا كل قول وعمل خبيث يستضر به صاحبه، ولاينتفع به غيره،ولا يصعد إلى الله منه عمل صالح
١٠- من قام بما عليه من إيمان القلب،الذي يستلزم أعمال الجوارح ،فإن الله يثبته عند الشبهات باليقين،وعند الشهوات بتقديم ما يحبه الله على هوى النفس.
١١- من قام بما عليه من إيمان القلب،الذي يستلزم أعمال الجوارح ،فإن الله يثبته عند الموت على الإسلام والخاتمة الحسنة، وفي القبر عند سؤال الملكين.
١٢- { رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ }اجعلهم موحدين مقيمين الصلاة لأن إقامة الصلاة من أخص وأفضل العبادات الدينية فمن أقامها كان مقيما لدينه.
١٣- أجاب الله دعاء ابراهيم فأخرج من ذرية إسماعيل محمدا صلى الله عليه وسلم فدعا ذريته للإسلام،ملة أبيهم إبراهيم،فاستجابوا له وصاروا مقيمي الصلاة.
١٤- أجاب الله دعاء ابراهيم فافترض حج هذا البيت الذي أسكن به ذرية إبراهيم وجعل فيه سرا عجيبا جاذبا للقلوب، فهي تحجه ولا تقضي منه وطرا على الدوام.
١٥- من أسرار البيت الحرام أنه كلما أكثر العبد التردد إليه ازداد شوقه وعظم ولعه وتوقه، وهذا سر إضافته تعالى إلى نفسه المقدسة.
١٦- {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} تبديل صفات،لا تبديل ذات،فإن الأرض يوم القيامة تسوى وتمد كمد الأديم وتصير قاعا صفصفا،وتكون السماء كالمهل
============
سورة الحجر
١- {وإنا له لحافظون} حفظه الله في حال إنزاله من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، واستودعه فيها ثم في قلوب أمته.
٢- {وإنا له لحافظون} حفظ الله ألفاظه من التغيير والزيادة والنقص،ومعانيه من التبديل،فلا يحرف معنى من معانيه إلا وقيض الله له من يبين الحق المبين
٣- {وإنا له لحافظون} من حفظه أن الله يحفظ أهله من أعدائهم، ولا يسلط عليهم عدوا يجتاحهم.
٤- { مِنَ الْغَاوِينَ } والغاوي ضد الراشد فهو الذي عرف الحق وتركه والضال الذي تركه من غير علم منه به.
٥- { إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } دل ذلك على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم في كون كل منهم مقابلا للآخر لا مستدبرا له.
٦- قلب العبد بين الخوف والرجاء،فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده أحدث له ذلك الرجاء،وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره أحدث له الخوف والإقلاع عنها.
٧- إن الله تعالى إذا أراد أن يهلك قرية ازداد شرهم وطغيانهم، فإذا انتهى أوقع بهم من العقوبات ما يستحقونه.
٨- الصفح الجميل هو الحسن الذي قد سلم من الحقد والأذية القولية والفعلية، والذي ليس بجميل هو الصفح في غير محله فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة.
٩- {لاتمدن عينيك إلى مامتعنا به أزواجا منهم}لاتعجب بشهوات دنيوية تمتع بها المترفون إعجابا يشغل فكرك،واستغن بما آوتيت من المثاني والقرآن العظيم.
١٠- {فوربك لنسألنهم أجمعين} جميع من قدح في القرآن وعابه وحرفه وبدله {عما كانوا يعملون} وفي هذا أعظم ترهيب وزجر لهم عن الإقامة على ما كانوا عليه.
١١- {إنَّا كفيناك المستهزئين} وقد فعل تعالى فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة.
١٢- {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} أكثر من ذكر الله وتسبيحه وتحميده والصلاة فإن ذلك يوسع الصدر ويشرحه ويعينك على أمورك.
======
سورة النحل
١- هذه السورة تسمى سورة النعم، فإن الله ذكر في أولها أصول النعم وقواعدها، وفي آخرها متمماتها ومكملاتها.
٢- لا يذكر الله في كتابه إلا مايعرفه العباد،أو يعرفون نظيره،ليفهموا المراد منه وأما ماليس كذلك فيذكر أصلا جامعا يدخل فيه مايعلمون وما لايعلمون.
٣- نعم الله الظاهرة والباطنة على العباد بعدد الأنفاس واللحظات،من جميع الأصناف مما يعرفون ومما لا يعرفون وما يدفع عنهم من النقم فأكثر من أن تحصى
٤- { إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } يرضى من عباده باليسير من الشكر مع إنعامه الكثير.
٥- تبا لعقول المشركين ما أضلها وأفسدها، حيث سووا بين الناقص من جميع الوجوه، وبين الكامل من جميع الوجوه الذي له كل صفة كمال،وأكملها وأعظمها.
٦- {قال الذين أوتوا العلم} فضيلة لأهل العلم الربانيين،فهم الناطقون بالحق في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد،ولقولهم اعتبارا عند الله وعند خلقه.
٧- الصبر والتوكل ملاك الأمور كلها، فما فات أحدا شيء من الخير إلا لعدم صبره وبذل جهده فيما أريد منه، أو لعدم توكله واعتماده على الله.
٨- { فاسألوا أهل الذكر} مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل. فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث.
٩- {فاسألوا أهل الذكر} تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة.
١٠- {فاسألوا أهل الذكر} دل على أن الله ائتمن أهل العلم على وحيه وتنزيله، وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم، والاتصاف بصفات الكمال.
١١- {فاسألوا أهل الذكر} أفضل أهل الذكر أهل هذا القرآن العظيم، فإنهم أهل الذكر على الحقيقة، وأولى من غيرهم بهذا الاسم.
١٢- ليستح المجرم من ربه أن تكون نعم الله عليه نازلة في جميع اللحظات ومعاصيه صاعدة إلى ربه في كل الأوقات، وليعلم أن الله يمهل ولا يهمل.
١٣- {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة} أي: لأهلك المباشرين للمعصية وغيرهم، من أنواع الدواب فإن شؤم المعاصي يهلك به الحرث والنسل.
١٤- أي شيء في الطبيعة يقلب العلف الذي تأكله البهيمة والشراب الذي تشربه لبنا خالصا سائغا للشاربين؟فهل هذه إلا قدرة إلهية لا أمور طبيعية.
١٥- { وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } يجحدونها ويستعينون بها على معاصي الله والكفر به،هل هذا إلا من أظلم الظلم وأفجر الفجور وأسفه السفه؟
١٦- {جعل لكم السمع والأبصار والأفئدة} خص هذه الأعضاء الثلاثة لشرفها وفضلها ولأنها مفتاح لكل علم فلا وصل للعبد علم إلا من أحد هذه الأبواب الثلاثة
١٧- يبادر العذاب الكفار من غير إنظار ولا إمهال لأنهم لا حساب عليهم لأنهم لا حسنات لهم وإنما تعد أعمالهم وتحصى ويوقفون عليها ويقرون بها ويفتضحون.
١٨- { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } يدخل الكفار النار وقد امتلأت قلوبهم من مقت أنفسهم ومن حمد ربهم وأنه لم يعاقبهم إلا بما كسبوا.
١٩- الذين كفروا بأنفسهم،وحاربوا رسل الله، وصدوا الناس عن سبيله،وصاروا دعاة إلى الضلال يضاعف لهم العذاب،كما تضاعف جرمهم،وكما أفسدوا في أرض الله.
٢٠- من كمال عدل الله تعالى أن كل رسول يشهد على أمته لأنه أعظم اطلاعا من غيره على أعمال أمته، وأعدل وأشفق من أن يشهد عليهم إلا بما يستحقون.
٢١- لما كان هذا القرآن تبيانا لكل شيء صار حجة الله على العباد كلهم،وانقطعت به حجة الظالمين.
٢٢- العدل واجب،والإحسان فضيلة مستحب وذلك كنفع الناس بالمال والبدن والعلم وغيرها من أنواع النفع حتى إنه يدخل فيه الإحسان إلى الحيوان البهيم.
٢٣- كل عدوان بغير حق على الخلق في الدماء والأموال والأعراض فهو بغي منهي عنه.
٢٤- قاعدة ترجع إليها الجزئيات.كل ما اشتمل على عدل أو إحسان أو إيتاء ذي القربى فمما أمر الله به.وكل مااشتمل على فحشاء أو منكر أو بغي فمما نهي عنه
٢٥- قيض من أسباب المحن ما يمتحن به الصادق الوفي من الفاجر الشقي.
٢٦- لا تتخذوا أيمانكم وعهودكم ومواثيقكم تبعا لأهوائكم متى شئتم وفيتم بها، ومتى شئتم نقضتموها.
٢٧- ان اتخذتم أيمانكم وعهودكم ومواثيقكم تبعا لأهوائكم ستزل أقدامكم بعد ثبوتها على الصراط المستقيم، وتذوقوا السوء حيث ضللتم وأضللتم غيركم.
٢٨- الزهد الواجب هو الزهد فيما يكون ضررا على العبد ويوجب له الاشتغال عما أوجب الله عليه وتقديمه على حق الله.
٢٩- ليس الزهد الممدوح هو الانقطاع للعبادات القاصرة كالصلاة والصيام والذكر ونحوها.
٣٠- الزهد الحقيقي هو الزهد فيما لا ينفع في الدين والدنيا والرغبة والسعي في كل ما ينفع .

٣١- لا يكون العبد زاهدا زهدا صحيحا حتى يقوم بما يقدر عليه من الأوامر الشرعية الظاهرة والباطنة ومن الدعوة إلى الله وإلى دينه بالقول والفعل.
٣٢- من جمع بين الإيمان والعمل الصالح طابت حياته بطمأنينة قلبه وسكون نفسه وعدم التفاته لما يشوش عليه قلبه ويرزقه الله حلالا طيبا من حيث لا يحتسب.
٣٣- أحرص ما يكون الشيطان على العبد عند شروعه في الأمور الفاضلة، فيسعى في صرفه عنها .والسلامة من شره بالالتجاء إلى الله، والاستعاذة به من شره.
٣٤- قدح الجاهل بلا علم لا عبرة به، فإن القدح في الشيء فرع عن العلم به، وما يشتمل عليه مما يوجب المدح أو القدح.
٣٥- الكاذب يكذب ولا يفكر فيما يؤول إليه كذبه، فيكون في قوله من التناقض والفساد ما يوجب رده بمجرد تصوره.
٣٦- من أكره على الكفر وأجبر عليه، وقلبه مطمئن بالإيمان راغب فيه فإنه لا حرج عليه ولا إثم، ويجوز له النطق بكلمة الكفر عند الإكراه عليها.
٣٧- من عمل سوءا بجهالة ثم تاب وأصلح بأن ترك الذنب وندم عليه وأصلح عمله،فإن الله يغفر له ويرحمه ويتقبل توبته ويعيده إلى حالته الأولى أو أعلى منها
=======
سورة الإسراء
١- في الآية،الإسراء من نفس المسجد الحرام،وفي الصحيح أنه أسري به من بيت أم هانئ،وبهذا تكون الفضيلة ومضاعفة العبادة في المسجد الحرام لسائر الحرم.
٢- كثيرا مايُقرن بين نبوة رسولنا وموسى وبين كتابيهما وشريعتيهمالأن كتابيهما الأفضل وشريعتيهما الأكمل الشرائع ونبوتيهما الأعلى وأتباعهما الأكثر
٣- في آيات بني اسرائيل وما أصابهم تحذير لهذه الأمة من العمل بالمعاصي لئلا يصيبهم ما أصاب بني إسرائيل، فسنة الله واحدة لا تبدل ولا تغير.
٤- من نظر إلى تسليط الكفرة والظلمة على المسلمين عرف أن ذلك من أجل ذنوبهم عقوبة لهم، وأنهم إذا أقاموا كتاب الله وسنة رسوله مُكِّنوا ونُصِروا.
٥- {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} استدل بهذه الآية على أن أهل الفترات وأطفال المشركين لا يعذبهم الله حتى يبعث إليهم رسولا لأنه منزه عن الظلم.
٦- { فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } وهذا أدنى مراتب الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية.
٧- {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر لا خوفا منهما أو رجاء لما لهما وغير ذلك مما لا يؤجر عليها العبد.
٨- كلما ازدادت تربية الوالدين للولد ازداد حقهما، ومن تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير الأبوين فإن له على من رباه حق التربية.
٩- من علم الله أنه ليس في قلبه إلا الإنابة ومحبته ومحبة ما يقرب إليه فإنه يعفو عنه ويغفر له الأمور العارضة غير المستقرة مما تقتضيه طبيعة البشر.
١٠- يُعطى الفقير والمسكين وابن السبيل من المال على وجه لا يضر المعطي ولا يكون زائدا على المقدار اللائق فإن ذلك تبذير قد نهى الله عنه.
١١- الشيطان لايدعو إلا إلى ذميم الخصال فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير.والله إنما يأمر بأعدل الأمور وأقسطها
١٢- من لطف الله تعالى بالعباد أمرهم بانتظار الرحمة والرزق منه لأن انتظار ذلك عبادة.
١٣- وعد المحتاجين بالصدقة والمعروف عند التيسر عبادة حاضرة لأن الهم بفعل الحسنة حسنة.
١٤- ينبغي للإنسان أن يفعل ما يقدر عليه من الخير وينوي فعل ما لم يقدر عليه ليثاب على ذلك ولعل الله ييسر له بسبب رجائه.
١٥- يبسط الله الرزق لمن يشاء من عباده ويقدره ويضيقه على من يشاء حكمة منه فهو بعباده خبير بصير فيجزيهم على ما يعلمه صالحا لهم ويدبرهم بلطفه وكرمه
١٦- حقيق بالعبد الذي يعرف أنه مسؤول عن جوارحه وعما قاله وفعله أن يعد للسؤال جوابا وذلك، لا يكون إلا باستعمالها فيما يحبه الله وكفها عما يكرهه.
١٧- أمر الله بكل كلام يقرب إليه من قراءة وذكر وعلم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكلام حسن لطيف مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم.
١٨- القول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح فإن من ملك لسانه ملك جميع أمره.
١٩- صاحب السفه عند الاعتياد والممارسة وتلقيه بالقبول يراه هو الرأي السديد والعقل المفيد.ويرى إخلاص الدين لله المنعم هو السفه والأمر المتعجب منه.
٢٠- وصف المقربون بالخوف والرجاء والمحبة وهي الأصل والمادة في كل خير.فمن تمت له تمت له أموره وإذا خلا القلب منها ترحل عنه الخير وأحاطت به الشرور.
٢١- علامة المحبة أن يجتهد العبد في كل مايقربه إلى الله وينافس في قربه بإخلاص الأعمال كلها لله والنصح فيها وإيقاعها على أكمل الوجوه المقدور عليها
٢٢- { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } يدخل في هذا كل داع إلى المعصية.
٢٣- { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } كل راكب وماش في معصية الله فهو من خيل الشيطان ورجله.
٢٤- { وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ } وذلك شامل لكل معصية تعلقت بأموالهم وأولادهم.
٢٥- إن الله يحب من عباده أن يتفطنوا لإنعامه عليهم -عند وجود أسباب الشر - بالعصمة منه، والثبات على الإيمان.
٢٦- بحسب علو مرتبة العبد، وتواتر النعم عليه من الله يعظم إثمه، ويتضاعف جرمه، إذا فعل ما يلام عليه.
٢٧- إن الله إذا أراد إهلاك أمة، تضاعف جرمها، وعظم وكبر، فيحق عليها القول من الله فيوقع بها العقاب، كما هي سنته في الأمم إذا أخرجوا رسولهم.
٢٨- العبادة إذا سميت ببعض أجزائها، دل على فرضية ذلك.
٢٩- أعلى حالة ينزلها الله العبد، أن تكون أحواله كلها خيرًا ومقربة له إلى ربه.
٣٠- عند مجيء الحق يضمحل الباطل، فلا يبقى له حراك، ولهذا لا يروج الباطل إلا في الأزمان والأمكنة الخالية من العلم بآيات الله وبيناته.
٣١- الشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب، من الشبه، والجهالة، والآراء الفاسدة، والانحراف السيئ، والقصود السيئة.
٣٢- اشتمل القرآن على العلم اليقيني الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير الذي يزول به كل شهوة تخالف أمر الله، وشفاء الأبدان من أسقامها.
٣٣- {قل كل يعمل على شاكلته} أي: على ما يليق به من الأحوال، إن كان من الصفوة الأبرار، لم يشاكلهم إلا عملهم لرب العالمين.
٣٤- {قل كل يعمل على شاكلته} أي: على ما يليق به من الأحوال،فمن كان من المخذولين، لم يناسبهم إلا العمل للمخلوقين، ولم يوافقهم إلا ما وافق أغراضهم.
٣٥- { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي } عما تقولون علوًا كبيرًا، وسبحانه أن تكون أحكامه وآياته تابعة لأهواء المكذبين الفاسدة، وآرائهم الضالة.
=====
سورة الكهف
١- المأمور بدعاء الخلق إلى الله،عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه،مع التوكل على الله في ذلك.
٢- لا فائدة من حزن الداعي وأسفه لعدم الاستجابة فذلك مضعف للنفس،هادم للقوى،بل يمضي على فعله الذي كلف به وتوجه إليه،وما عدا ذلك فهو خارج عن قدرته
٣- اغتر بزخرف الدنيا وزينتها من نظر إلى ظاهرها دون باطنها،فصحبوها صحبة البهائم،وتمتعوا بها تمتع السوائم،لا ينظرون في حق ربهم،ولا يهتمون لمعرفته
٤- مَن همه الشهوات من أي وجه حصلت وعلى أي حالة اتفقت،فهؤلاء إذا حضر أحدهم الموت قلق لخراب ذاته وفوات لذاته لا لما قدمت يداه من التفريط والسيئات
٥- من لم يغتر بالدنيا وزخرفها نظر إلى باطنها، حين ينظر المغتر إلى ظاهرها، وعمل لآخرته، حين يعمل البطال لدنياه، فشتان ما بين الفريقين.
٦- لم يزل الله يري عباده من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم، ما يتبين به الحق من الباطل، والهدى من الضلال.
٧- وظيفة المؤمن التفكر بجميع آيات الله، التي دعا الله العباد إلى التفكير فيها، فإنها مفتاح الإيمان، وطريق العلم والإيقان.
٨- من رحمة الله بمن طلب علم الحقيقة في الأمور المطلوب علمها، وسعى لذلك ما أمكنه، فإن الله يوضح له ذلك.
٩- من فوائد قصة الفتية :الحث على التحرز، والاستخفاء، والبعد عن مواقع الفتن في الدين، واستعمال الكتمان في ذلك على الإنسان وعلى إخوانه في الدين.
١٠- من فر بدينه من الفتن سلمه الله منها،من حرص على العافية عافاه الله ومن أوى إلى الله، آواه الله، وجعله هداية لغيره.
١١- من تحمل الذل في سبيل الله وابتغاء مرضاته، كان آخر أمره وعاقبته العز العظيم من حيث لا يحتسب.
١٢- لا تجادل وتحاج إلا في ما كان مبنيا على العلم واليقين، ويكون أيضا فيه فائدة.
١٣- المماراة المبنية على الجهل والرجم بالغيب،أو لا فائدة فيها،إما أن يكون الخصم معاندا،أو أن المسألة لا أهمية فيها ولا فائدة بمعرفتها؛فتترك.
١٤- لا ينبغي استفتاء من لا يصلح للفتوى، إما لقصوره في الأمر المستفتى فيه، أو لكونه لا يبالي بما تكلم به، وليس عنده ورع يحجزه.
١٥- الذي ينبغي أن يطاع ويكون إماما للناس،من امتلأ قلبه بمحبة الله،وفاض ذكره على لسانه،وقدم مراضي ربه على هواه،ودعا الناس إلى ما من الله به عليه
١٦- {يدعون ربهم بالغداة والعشي} كل فعل مدح الله فاعله دل ذلك على أن الله يحبه، وإذا كان يحبه فإنه يأمر به ويرغب فيه.كالذكر والدعاء طرفي النهار.
١٧- ليس في قوله: { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } الإذن في كلا الأمرين، وإنما ذلك تهديد ووعيد لمن اختار الكفر بعد البيان التام.
١٨- إحسان العمل أن يريد العبد العمل لوجه الله،متبعا في ذلك شرع الله.فهذالايضيعه الله،بل يحفظه للعاملين،ويوفيهم من الأجر،بحسب عملهم وفضله وإحسانه
١٩- الافتخار بأمر خارجي جهل من الشخص، وليس فيه فضيلة نفسية، ولا صفة معنوية، وإنما هو بمنزله فخر الصبي بالأماني، التي لا حقائق تحتها.
٢٠- لا تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة،بل الغالب أن الله تعالى يزوي الدنياعن أوليائه وأصفيائه ويوسعها على أعدائه الذين ليس لهم في الآخرة نصيب
٢١- لا نصير من الخلق على قضاء الله وقدره، الذي إذا أمضاه وقدره لو اجتمع أهل السماء والأرض على إزالة شيء منه لم يقدروا.
٢٢- إذا أراد الله بعبد خيرا عجل له العقوبة في الدنيا. وفضل الله لا تحيط به الأوهام والعقول، ولا ينكره إلا ظالم جهول.
٢٣- {ما شاء الله، لا قوة إلا بالله} ينبغي للعبد إذا أعجبه شيء من نعم الله أن يضيفها إلى موليها ومسديها،ليكون شاكرا لله متسببا لبقاء نعمته عليه.
٢٤- {ويرسل عليها حسبانا من السماء} فيه الدعاء بتلف مال من كان ماله سبب طغيانه وكفره وخسرانه، خصوصا إن فضل نفسه بسببه على المؤمنين، وفخر عليهم.
٢٥- كتب الأعمال التي كتبتها الملائكة لا تترك خطيئة صغيرة ولا كبيرة، إلا وهي مكتوبة فيها، محفوظة لم ينس منها عمل سر ولا علانية، ولا ليل ولا نهار.
٢٦- تقييض الله المبطلين المجادلين الحق بالباطل، من أعظم الأسباب إلى وضوح الحق وتبين شواهده وأدلته، وتبين الباطل وفساده، فبضدها تتبين الأشياء.
٢٧- الذين أبصروا ثم عموا، ورأوا طريق الحق فتركوه، وطريق الضلال فسلكوه، عاقبهم الله بإقفال القلوب والطبع عليها، فليس في هدايتهم حيلة ولا طريق.
٢٨- لو آخذ الله العباد على ذنوبهم، لعجل لهم العذاب، ولكنه تعالى حليم لا يعجل بالعقوبة، والذنوب لا بد من وقوع آثارها، وإن تأخرت عنها مدة طويلة.
٢٩- المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به، وأن الموافق لأمر الله، يعان ما لا يعان غيره.
٣٠- العلم الذي يعلمه الله لعباده نوعان:علم مكتسب يدركه العبد بجده واجتهاده.وعلم لدني يهبه الله لمن يمن عليه من عباده لقوله{وعلمناه من لدنا علما}
٣١- ينبغي للعالم الفاضل ألا يتحرج من تعلم العلم الذي لم يتمهر فيه ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة، وأن يتواضع لذلك.
٣٢- من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم، وحسن الثبات على ذلك، فإنهه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم فمن لا صبر له لا يدرك العلم.
٣٣- السبب الكبير لحصول الصبر هو إحاطة ودراية الانسان علما وخبرة بالأمر المراد الصبر عليه ومعرفة غايته ونتيجته، وفائدته وثمرته.
٣٤- يجب التأني والتثبت، وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء، حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود.
٣٥- من فوائد قصة الخضر وموسى:أن القتل من أكبر الذنوب لقوله في قتل الغلام {لقد جئت شيئا نكرا}،وأن القتل قصاصا غير منكر لقوله {بغير نفس }.
٣٦- من فوائد قصة الخضر وموسى: أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته.
٣٧- من فوائد قصة الخضر وموسى:أن خدمة الصالحين،أو من يتعلق بهم أفضل من غيرها، لأن الخضر علل استخراج كنز الغلامين، وإقامة جدارهما، أن أباهما صالح.
٣٨- من فوائد قصة الخضر وموسى: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، بأن يضيف الشخص العيب إلى نفسه،وأما الخير، فيضيفه إلى الله تعالى.
٣٩- إن الله يقدر على العبد أمورا يكرهها،وفيها صلاح دينه أو دنياه،فأرانا الله نموذجا من لطفه وكرمه،ليعرف العباد ويرضوا غاية الرضابأقداره المكروهة
٤٠- ليس كل من عنده شيء من الأسباب يسلكه، أو يكون قادرا على السبب، فإذا اجتمع القدرة على السبب والعمل به، حصل المقصود، وإن عدما أو أحدهما لم يحصل
٤١- الملوك الصالحين الأولياء، العادلين العالمين، هم من وافق مرضاة الله في معاملة كل أحد، بما يليق بحاله.
٤٢- {هذا رحمة من ربي} من فضله وإحسانه عليَّ،وهذه حال الخلفاء الصالحين،إذا من الله عليهم بالنعم الجليلة،ازداد شكرهم وإقرارهم،واعترافهم بنعمة الله
٤٣- أهل التجبر والتكبر والعلو في الأرض لا تزيدهم النعم الكبار إلا أشرا وبطرا.كما قال قارون { إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي }
٤٤- لا يوالي ولي الله معاديا لله أبدا، فإن الأولياء موافقون لله في محبته ورضاه، وسخطه وبغضه.
٤٥- لو علم العباد حقيقةً بعض نعيم الجنة لم يؤثروا عليها دنيا فانية ولذات منغصة؛ولكن الغفلة شملت،والإيمان ضعف،والعلم قل،والإرادة نفذت فكان ما كان
===============
تفسير سورة مريم
١- من أحب الوسائل إلى الله أن يتوسل العبد إلى الله تعالى بضعفه وعجزه لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته.
٢- من التوسل الحسن توسل العبد إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة دعواته السابقة، فيسأل الذي أحسن سابقا، أن يتمم إحسانه لاحقا.
٣- تمام أخذ الكتاب بقوة يكون بالاجتهاد في حفظ ألفاظه، وفهم معانيه، والعمل بأوامره ونواهيه.
٤- لاتستقل الأسباب بالتأثير وإنما تؤثر بتقدير الله،ويري عباده خرقا في بعض الأسباب العادية لئلا يقفوا مع الأسباب ويقطعوا النظر عن مقدرها ومسببها
٥- {إن الشيطان كان للرحمن عصيا} في إضافة العصيان إلى اسم الرحمن،إشارة إلى أن المعاصي تمنع العبد من رحمة الله،وتغلق عليه أبوابها،بعكس طاعة الله.
٦- إن الله أخلص موسى لإخلاصه، وإخلاصه موجب لاستخلاصه. وأجل حالة يوصف بها العبد الإخلاص منه، والاستخلاص من ربه.
٧- اشغل نفسك بما ينفعك ويعود عليك طائله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له،واصبر نفسك عليها وجاهدها، وقم عليها أتم القيام وأكملها بحسب قدرتك.
٨- إن في الاشتغال بعبادة الله لتسلية للعابد عن جميع التعلقات والمشتهيات.
٩- عبور الصراط على قدر العمل وبحسب التقوى،فمنهم كلمح البصر،وكالريح،وكأجاويد الخيل،وكأجاويد الركاب،ومن يسعى،ومن يمشي،ومن يزحف،ومن يخطف في النار.
١٠- الاستدلال على خير الآخرة بخير الدنيا من أفسد الأدلة، وهو من طرق الكفار.
١١- من كان في الضلالة، بأن رضيها لنفسه، وسعى فيها، فإن الله يمده منها، ويزيده فيها حبا، عقوبة له على اختيارها على الهدى.
١٢- كل من سلك طريقا في العلم والإيمان والعمل الصالح زاده الله منه، وسهله عليه ويسره له، ووهب له أمورا أخر، لا تدخل تحت كسبه.
١٣- الوافد لا بد أن يكون في قلبه رجاء وحسن ظن بالوافد إليه؛ فالمتقون يفدون إلى الرحمن راجين منه رحمته وعميم إحسانه والفوز بعطاياه في دار رضوانه.
========
سورة طه
١- خلق الله فيه التدبير القدري الكوني وأمره فيه التدبير الشرعي الديني فكما أن الخلق لايخرج عن الحكمة فكذلك لايأمر ولاينهى إلا بما هو عدل وحكمة.
٢- من حسن أسماء الله أمره العباد أن يدعوه بها لأنها وسيلة مقربة إليه يحبها ويحب من يحبها ويحب من يحفظها ويحب من يبحث عن معانيها ويتعبد له بها.
٣- {رب اشرح لي صدري}لأتحمل الأذى القولي والفعلي، ولا يتكدر قلبي بذلك، ولا يضيق صدري، فإن الصدر إذا ضاق، لم يصلح صاحبه لهداية الخلق ودعوتهم.
٤- {ويسر لي أمري}من تيسير الأمر أن ييسر للداعي أن يأتي جميع الأمور من أبوابها،ويخاطب كل أحد بمايناسبه،ويدعوه بأقرب الطرق الموصلة إلى قبول قوله.
٥- زعم فرعون ليؤثر في قلوب قومه أن مقصود موسى إخراجهم من أرضهم والاستيلاء عليها،فإن الطباع تميل إلى أوطانها ويصعب عليها الخروج منها ومفارقتها.
٦- الأمل بالرب الكريم الرحمن الرحيم، أن يرى الخلائق منه من الفضل والإحسان والعفو والصفح والغفران، ما لا تعبر عنه الألسنة ولا تتصوره الأفكار.
٧- الأمل بالرحمن الرحيم لما نعلمه من غلبة رحمته لغضبه، ومن سعة جوده، الذي عم جميع البرايا، ومما نشاهده في أنفسنا وفي غيرنا، من النعم المتواترة.
٨- إن قوله سبحانه: {وخشعت الأصوات للرحمن } {إلا من أذن له الرحمن } مع قوله {الملك يومئذ الحق للرحمن } ليبعث الأمل برحمة الرحمن الرحيم في فصل القيامة.
٩- قل ما شئت عن رحمة الرحمن الرحيم،فإنها فوق ما تقول، وتصور ما شئت،فإنها فوق ذلك،فسبحان من رحم في عدله وعقوبته،كما رحم في فضله وإحسانه ومثوبته.
١٠- تعالى من وسعت رحمته كل شيء،وعم كرمه كل حي،وجل من غني عن عباده،رحيم بهم،وهم مفتقرون إليه على الدوام في جميع أحوالهم،فلا غنى لهم عنه طرفة عين.
١١- العلم خير، وكثرة الخير مطلوبة، وهي من الله، والطريق إليها الاجتهاد، والشوق للعلم، وسؤال الله، والاستعانة به، والافتقار إليه في كل وقت.
١٢- {فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} اتباع الهدى بتصديق الخبر وعدم معارضته بالشبه ؛ وامتثال الأمر بأن لا يعارضه بشهوة.
١٣- {ورزق ربك}العاجل من العلم والإيمان،والعمل الصالح،والآجل من النعيم المقيم،والعيش في جوار الرب الرحيم {خير وأبقى}في ذاته وصفاته من متاع الدنيا
١٤- على العبد إذا رأى من نفسه طموحا إلى زينة الدنيا، وإقبالا عليها، أن يذكرها ما أمامها من رزق ربه، وأن يوازن بين هذا وهذا.
١٥- رزق الله عام للمتقي وغيره، فينبغي الاهتمام بما يجلب السعادة الأبدية، وهو: التقوى، ولهذا قال سبحانه: {والعاقبة} في الدنيا والآخرة {للتقوى}.
=========
سورة الأنبياء
١- لا يزال الله تعالى يجدد للناس التذكير والوعظ ولا يزالون في غفلة عما خلقوا له، وإعراض عما زجروا به. كأنهم للدنيا خلقوا، وللتمتع بها ولدوا.
٢- عجب من كل غافل معرض، لا يدري متى يفجأه الموت، صباحا أو مساء، فهذه حالة الناس كلهم، إلا من أدركته العناية الربانية، فاستعد للموت وما بعده.
٣- ما الذي أقام أعداء الله وأقعدهم وأقض مضاجعهم وبلبل ألسنتهم إلا الكتاب الحق الذي جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام والذي لا يقوم له شيء.
٤- لا يورد مبطل، شبهة، عقلية ولا نقلية، في إحقاق باطل، أو رد حق، إلا وفي أدلة الله، من القواطع العقلية والنقلية، ما يذهبه ويبين بطلانه لكل أحد.
٥- إنه لا يصلح الوجود، إلا على إله واحد، كما أنه لم يوجد، إلا برب واحد.
٦- الوحي سبب لحياة القلوب والأرواح،وللفقه عن الله،فإن كان القلب غيرقابل لسماع الهدى،كان بالنسبة للهدى والإيمان بمنزلة الأصم بالنسبة إلى الأصوات
٧- سمّى الله القرآن ذكرا، لأنه يذكر ما ركزه الله في العقول والفطر، من التصديق بالأخبار الصادقة، والأمر بالحسن عقلا، والنهي عن القبيح عقلا.
٨- لا شيء أعظم بركة من هذا القرآن، فإن كل خير ونعمة، وزيادة دينية أو دنيوية، أو أخروية، فإنها بسببه، وأثر عن العمل به.
٩- من المعلوم أن فعل أحد من الخلق سوى الرسل ليس بحجة، ولا تجوز به القدوة، خصوصا، في أصل الدين، وتوحيد رب العالمين.
١٠- {إلا كبيرا لهم}كل ممقوت عند الله لا يطلق عليه ألفاظ التعظيم إلا على وجه إضافته لأصحابه،مثل قوله" إلى عظيم الروم "ولم يقل" إلى العظيم ".
١١- قال تعالى:{إلا كبيرا لهم} ولم يقل " كبيرا من أصنامهم " فهذا ينبغي التنبيه له، والاحتراز من تعظيم ما حقره الله، إلا إذا أضيف إلى من عظمه.
١٢- من بركة الشام، أن كثيرا من الأنبياء كانوا فيها، وأن الله اختارها، مهاجرا لخليله، وفيها أحد بيوته الثلاثة المقدسة، وهو بيت المقدس.
١٣- من أكبر نعم الله على عبده الصابر والموقن بآياته أن يكون إماما يهتدي به المهتدون، ويمشي خلفه السالكون.
١٤- {يهدون بأمرنا}لا يأمرون بأهواء أنفسهم، بل بأمر الله ودينه، واتباع مرضاته، ولا يكون العبد إماما حتى يدعو إلى أمر الله.
١٥- الصلاة أفضل الأعمال التي فيها حق الله، والزكاة أفضل الأعمال التي فيها الإحسان لخلق الله ومن كملهما كما أمر الله كان قائما بدينه.
١٦- {وكذلك ننجي المؤمنين} وعد وبشارة لكل مؤمن وقع في شدة وغم أن الله تعالى سينجيه منها ويكشف عنه ويخفف لإيمانه؛ كما فعل بـ " يونس " عليه السلام.
١٧- أصلح الله زوجة زكريا للحمل لأجل نبيه زكريا، وهذا من فوائد الجليس والقرين الصالح أنه مبارك على قرينه، فصار يحيى مشتركا بين الوالدين.
١٨- {إن هذه أمتكم أمة واحدة}هؤلاء الرسل المذكورون هم أمتكم وائمتكم الذين بهم تأتمون،وبهديهم تقتدون،كلهم على دين واحد،وصراط واحد،والرب أيضا واحد.
١٩- إذا كان الرب واحدا،والنبي واحدا،والدين واحدا،وهو عبادة الله،وحده لاشريك له بجميع أنواع العبادة كان وظيفتكم والواجب عليكم القيام بهذه العبادة
===========
سورة الحج
١- ياأيها المعادي للرسول،الساعي في إطفاء دينه،الذي يظن بجهله أن سعيه وكيده سيفيده شيئا،إنك مهما فعلت،فإن ذلك لا يذهب غيظك ،فليس لك قدرة في ذلك.
٢- يا أيها الظان أن الدين سيضمحل، علق حبلا في السماء،ثم اصعد به حتى تصل إلى الأبواب التي ينزل منها النصر،فأغلقها واقطعها،فبهذه الحال تشفي غيظك!
٣- الإيمان بمنزلة السماء، محفوظة مرفوعة.ومن ترك الإيمان، فبمنزلة الساقط من السماء، عرضة للآفات والبليات، وإما أن تخطفه الطير فتقطعه أعضاء.
٤- المشرك إذا ترك الاعتصام بالإيمان تخطفته الشياطين من كل جانب، ومزقوه، وأذهبوا عليه دينه ودنياه.
٥- تعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله.
٦- {ولكن يناله التقوى منكم} في هذا حث وترغيب على الإخلاص في النحر، وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخرا ولا رياء، ولا سمعة، ولا مجرد عادة.
٧- جميع العبادات، إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي لا روح فيه.
٨- {إن الله يدافع عن الذين آمنوا}إخبار ووعد وبشارة من الله للذين آمنوا أن الله يدافع عنهم كل مكروه ويدفع عنهم كل شر -بسبب إيمانهم-.
٩- ويدفع الله عن المؤمنين شر الكفار ووسوسة الشيطان،وشرور أنفسهم،ويخفف عنهم ما لايتحملون وكل مؤمن له من هذه المدافعة بحسب إيمانه،فمستقل ومستكثر.
١٠- إن الله حكيم، يقيض بعض أنواع الابتلاء، ليظهر بذلك كمائن النفوس الخيرة والشريرة.
١١- من كبريائه سبحانه أن مقصود كل عبادات أهل السماوات والأرض تكبيره وتعظيمه، وإجلاله وإكرامه، ولهذا كان التكبير شعارا للعبادات الكبار، كالصلاة.
١٢- الله هو اللطيف الذي يدرك بواطن الأشياء، وخفياتها، وسرائرها، الذي يسوق إلى عبده الخير، ويدفع عنه الشر بطرق لطيفة تخفى على العباد.
١٣- الجهاد في الله حق جهاده،هو القيام التام بأمر الله،ودعوة الخلق إلى سبيله بكل طريق موصل إلى ذلك،من نصيحة وتعليم وقتال وأدب وزجر ووعظ،وغير ذلك.
=======
سورة المؤمنون
١- { قد أفلح المؤمنون.... الآيات} ليزن العبد نفسه وغيره على هذه الآيات، ليعرف بذلك ما معه وما مع غيره من الإيمان، زيادة ونقصا، كثرة وقلة.
٢- الصلاة التي لا خشوع فيها ولا حضور قلب، وإن كانت مجزئة مثابا عليها، فإن الثواب على حسب ما يعقل القلب منها.
٣- إذا كان الشخص معرضا عن اللغو، فإعراضه عن المحرم من باب أولى وأحرى، وإذا ملك العبد لسانه وخزنه -إلا في الخير- كان مالكا لأمره.
٤- من صفات المؤمنين الحميدة، كف ألسنتهم عن اللغو والمحرمات.
٥- من صفات المؤمنين الإحسان في عبادة الخالق، في الخشوع في الصلاة، والإحسان إلى خلقه بأداء الزكاة.
٦- جميع ما أوجبه الله على عبده أمانة يجب حفظها بالقيام التام بها،بما في ذلك أمانات الآدميين،كالأموال والأسرار ونحوهما،فعلى العبد أداء الأمانتين
٧- من يداوم على الصلاة من غير خشوع، أو على الخشوع من دون محافظة عليها، فإنه مذموم ناقص.
٩- حيث حلي هؤلاء المؤمنون من صفات الخير أعلاها وذروتها فكان جزاؤهم أن يرثوا الفردوس وهو أعلى الجنة ووسطها وأفضلها.
١٠- قد يكون المراد بالفردوس جميع الجنة، ليدخل بذلك عموم المؤمنين، على درجاتهم و مراتبهم كل بحسب حاله.
١١- {مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} أي:قد سلت،وأخذت من جميع الأرض،ولذلك جاء بنوه على قدر الأرض،منهم الطيب والخبيث وبين ذلك، والسهل والحزن وبين ذلك.
١٢- كثيرا ما يقرن تعالى بين خلقه وعلمه لأن خلق المخلوقات، من أقوى الأدلة العقلية، على علم خالقها وحكمته.
١٣- بعد بعث موسى ونزول التوراة، رفع الله العذاب عن الأمم، أي: عذاب الاستئصال، وشرع للمكذبين المعاندين الجهاد.
١٤- ذكر الله الذين جمعوا بين الإحسان والخوف، فتراهم مشفقة قلوبهم كل ذلك من خشية ربهم، خوفا أن يضع عليهم عدله، فلا يبقى لهم حسنة.
١٥- ذكر الله الذين جمعوا بين الإحسان والخوف، فتراهم سيئي الظن بأنفسهم، أن لا يكونوا قد قاموا بحق الله تعالى، وخوفا على إيمانهم من الزوال.
١٦- ذكر الله الذين جمعوا بين الإحسان والخوف، فتراهم على معرفة منهم بربهم، وما يستحقه من الإجلال والإكرام.
١٧- ذكر الله الذين جمعوا بين الإحسان والخوف، فترى خوفهم وإشفاقهم يوجب لهم الكف عن المخوف من الذنوب، والتقصير في الواجبات.
١٨- {قلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون}خائفة عند عرض أعمالها على الله،والوقوف بين يديه،أن تكون أعمالهم غير منجية من عذابه،لعلمهم بربهم،وما يستحقه
١٩- {أولئك يسارعون في الخيرات}همهم مايقربهم إلى الله،وإرادتهم مصروفة فيما ينجي من عذابه،فكل خير سمعوا به،أو سنحت لهم الفرصة إليه،انتهزوه وبادروه
٢٠-{أولئك يسارعون في الخيرات} قد نظروا إلى أولياء الله وأصفيائه،أمامهم،ويمنة، ويسرة، يسارعون في كل خير، وينافسون في الزلفى عند ربهم، فنافسوهم.
٢١- لا يستغرب الكفار عدم وقوع العذاب،فإن الله يمهلهم ليعملوا مابقي عليهم من أعمال كتبت عليهم،فإذا استوفوها،انتقلوا بشر حالة إلى غضب الله وعقابه.
٢٢- {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون } باتباعهم القرآن يتقدمون، وبالإعراض عنه يستأخرون وينزلون إلى أسفل سافلين.
٢٣- لو اتبع الحق الأهواء لفسدت السماوات والأرض،لفساد التصرف والتدبير المبني على الظلم وعدم العدل،فالسماوات والأرض ما استقامتا إلا بالحق والعدل.
٢٤- كما لا وجود للمخلوقات ولا دوام إلا بربوبيته سبحانه، كذلك، لا صلاح لها ولا قوام إلا بعبادته وإفراده بالطاعة.
٢٥- {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين*وأعوذ بك رب أن يحضرون}هذه استعاذة من مادة الشر كله وأصله،فإذا أعاذ الله عبده منه،سلم من كل شر،ووفق لكل خير
٢٦- الكافر لا يحاسب محاسبة من توزن حسناته وسيئاته، فإنهم لا حسنات لهم، ولكن تعد أعمالهم وتحصى، فيوقفون عليها، ويقررون بها، ويخزون بها.
٢٧- {اخسئوا فيها ولا تكلمون} وهذا-نسأله تعالى العافية-أعظم قول على الإطلاق يسمعه المجرمون في التخييب،والتوبيخ،والتأييس من كل خير،والبشرى بكل شر.
٢٨- {اخسئوا فيها ولا تكلمون} هذا الكلام والغضب من الرب الرحيم، أشد على أصحاب الجحيم وأبلغ في نكايتهم من عذاب الجحيم.
٢٩- { وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ } فكل راحم للعبد، فالله خير له منه، أرحم بعبده من الوالدة بولدها، وأرحم به من نفسه.
===============
سورة النور
١- الإيمان موجب لانتفاء الرأفة المانعة من إقامة أمر الله، فالرحمة الحقيقية، بإقامة حدود الله.
٢- مشاهدة أحكام الشرع بالفعل، مما يقوى بها العلم، ويستقر به الفهم، ويكون أقرب لإصابة الصواب، فلا يزاد فيه ولا ينقص.
٣- كماأن المؤمن يكره أن يقدح أحد في عرضه،فليكره أن يُقدح في أخيه المؤمن،الذي بمنزلة نفسه،وما لم يصل إلى هذه الحالة،فإنه من نقص إيمانه وعدم نصحه
٤- من الظن الواجب، حين سماع المؤمن عن أخيه المؤمن، كلاما إفكاً، أن يبرئه بلسانه، ويكذب القائل لذلك.
٥- إذا لم يأتِ من قَذف بالشهود فإنهم كاذبون في حكم الله وإن كانوا في أنفسهم قد تيقنوا ذلك،، لأن الله حرم عليهم التكلم بذلك، من دون أربعة شهود.
٦- خطوات الشيطان، لا تخرج عن أن تكون من الفحشاء أي ماتستفحشه العقول والشرائع من الذنوب العظيمة أو من المنكر وهو ما تنكره العقول ولا تعرفه.
٧- {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات } أي: كل خبيث من الرجال والنساء، والكلمات والأفعال، مناسب للخبيث، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له.
٨- كل طيب من الرجال والنساء، والكلمات والأفعال، مناسب للطيب، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له.
٩- كسب النزاهة، والنظافة، والمروءة -بقطع النظر عن ثواب الآخرة وعقابها- أفضل من كسب العرض القليل، الذي يُكْسِب الرذالة والخسة.
١٠- كتاب الله نور،وشرعه نور،والإيمان والمعرفة في قلوب رسله وعباده المؤمنين نور.فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات،وكل محل يفقد نوره فَثمَّ الظلمة.
١١- فطرة المؤمن صافية كالزيت الصافي، فإذا وصل إليه العلم والإيمان، اشتعل النور في قلبه، كما النار في فتيلة المصباح، فيضيء إضاءة عظيمة، لصفائه.
١٢- يجتمع للمؤمن نور الفطرة، ونور الإيمان، ونور العلم، وصفاء المعرفة. نور على نور.
١٣- ضرب الله الأمثال،ضرب من يعلم المصالح والحقائق والتفاصيل،فليكن الاشتغال بتدبرها وتعقلها،لا بالاعتراض ،ولا بمعارضتها،فإنه يعلم وأنتم لا تعلمون
١٤- لما كان نور الإيمان والقرآن أكثر وقوع أسبابه في المساجد، ذكرها الله منوها بها.
١٥- أعمال الكفار كالسراب الذي بقيعة،أي لا شجر فيه ولا نبات،وهذا مثال لقلوبهم،لا خير فيها ولا بر،فتزكو فيها الأعمال وذلك للسبب المانع،وهو الكفر.
١٦- تراكمت على قلوب الكفار ظلمة الطبيعة،التي لا خير فيها،وظلمة الكفر،وظلمة الجهل، وفوق ذلك ظلمة الأعمال الصادرة عما ذكر،فبقوا في الظلمة متحيرين.
١٧- تراكمت على قلوب الكفار الظلمات،فبقوا فيها متحيرين وفي غمرتهم يعمهون،وعن الصراط المستقيم مدبرين،وفي طرق الغي والضلال يترددون لأن الله خذلهم.
١٨- البصير ينظر إلى المخلوقات نظر اعتبار وتفكر وتدبر لما أريد بها ومنها، والمعرض الجاهل نظره إليها نظر غفلة، بمنزلة نظر البهائم.
١٩- العبد حقيقة،من يتبع الشرع فيما يحب ويكره،وفيما يسره ويحزنه،وأما من يتبعه عند موافقة هواه،وينبذه عند مخالفته،ويقدم الهوى على الشرع،فليس كذلك.
٢٠- لا يزال وعد الله بالتمكين للمؤمنين إلى قيام الساعة،مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح،وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين بسبب إخلالها بذلك.
٢١- إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أكبر الطاعات وأجلهما، جامعتان لحقه وحق خلقه، للإخلاص للمعبود، وللإحسان إلى العبيد.
٢٢- من أراد الرحمة، فطريقها إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإطاعة الرسول، ومن رجاها من دون ذلك فهو متمن كاذب، وقد منته نفسه الأماني الكاذبة.
٢٣- ينبغي للمعلم أن يقرن بالحكم بيان مأخذه ووجهه ولا يلقيه مجردا عن الدليل والتعليل،لأن الله لما بين حكم الاستئذان علله بقوله:{ ثلاث عورات لكم}
٢٤- معرفة أحكامه الشرعية على وجهها، يزيد في العقل، وينمو به اللب، فمن استعمل عقله للعقل عن ربه، وللتفكر في آياته التي دعاه إليها، زاده من ذلك.
٢٥- من موجب الإيمان الحق أن المؤمنين إذا كانوا على أمر جامع من مصلحته أن يكونوا فيه جميعا كالجهاد ونحوه ألا يشذ أحد عنهم ولو لحاجة إلا بإذن.
======
سورة الفرقان
١- هذه الدار دار الفتن فالرسول فتنة واختبار للمرسل إليهم،والرسل فتنتهم بدعوة الخلق،والغني فتنة للفقير والفقير فتنة للغني،وهكذا سائر أصناف الخلق
٢- مما يرتاح له القلب، وتطمئن به النفس وينشرح له الصدر أن أضاف الملك في يوم القيامة لاسمه " الرحمن " الذي وسعت رحمته كل شيء وعمت كل حي.
٣- لينظر العبد لنفسه وقت الإمكان وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن، وليوال من ولايته فيها سعادته وليعاد من تنفعه عداوته وتضره صداقته.
٤- وظائف الطاعات بمنزلة سقي الإيمان الذي يمده فلولا ذلك لذوى غرس الإيمان ويبس.
٥- نص تعالى على هذه الثلاثة،الشرك والقتل والزنا،لأنها من أكبر الكبائر: فالشرك فيه فساد الأديان،والقتل فيه فساد الأبدان والزنا فيه فساد الأعراض.
٦- في قوله تعالى { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ } إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره ولا سماعه، ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه.
=============
سورة الشعراء
١- {كذبت قوم نوح المرسلين} كَذَّبت قوم نوح نوحا وهذا تكذيب لجميع الرسل لأن كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل ولاتحاد دعوتهم في أصولها وغايتها.
============
سورة النمل
١- العقائد الباطلة تُذهب بصيرة القلب.
٢- نبه الله عباده على سعة جوده وكثرة أفضاله وحثهم على شكرها، ومع هذا فأكثر الناس قد أعرضوا عن الشكر واشتغلوا بالنعم عن المنعم.
٣- إن الله تعالى سيفصل بين المختصمين وسيحكم بين المختلفين بحكمه العدل وقضائه وسيبين الحق المطابق للواقع حين يحكم الله فيما أُختلف فيه.
٤- الذي على الحق يدعو إليه، ويقوم بنصرته أحق من غيره بالتوكل فإنه يسعى في أمر مجزوم به معلوم صدقه لا شك فيه ولا مرية.
============
سورة القصص
١- من سنة الله الجارية أن جعل الأمور تمشي على التدريج شيئا فشيئا ولا تأتي دفعة واحدة.
٢- إن العبد إذا أصابته مصيبة فصبر وثبت، ازداد بذلك إيمانه، وإن استمرار الجزع مع العبد دليل على ضعف إيمانه.
٣- إذا رأى الناس السبب متشوشا، شوش ذلك إيمانهم، لنقص علمهم بأن الله يجعل المحن الشاقة والعقبات الشاقة، بين يدي الأمور العالية والمطالب الفاضلة.
٤- {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض} من أعظم آثار الجبار في الأرض، قتل النفس بغير حق.
٥- { رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } هذا سؤال من موسى بحاله، والسؤال بالحال أبلغ من السؤال بلسان المقال.
٦- خير أجير استؤجر من جمع القوة والقدرة على ما استؤجر عليه،والأمانة فيه بعدم الخيانة،وهذان الوصفان ينبغي اعتبارهما في كل من يتولى للإنسان عملا.
٧- {وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين}رغبه في سهولة العمل وحسن المعاملة،فعلى الصالح أن يحسن خلقه فالذي يطلب منه أبلغ من غيره.
٨- قال فرعون مستبدا{ما علمت لكم من إله غيري } أحالهم إلى علمه لأنه عندهم العالم الفاضل الذي مهما قال فهو الحق، ومهما أمر أطاعوه.
٩- العجب من الملأ الذين يزعمون أنهم كبار المملكة، المدبرون لشئونها، كيف لعب فرعون بعقولهم، واستخف أحلامهم، وهذا لفسقهم الذي صار صفة راسخة فيهم.
١٠- {من بعد ما أهلكنا القرون الأولى}دليل على أنه بعدالهلاك العام لفرعون وجنوده ومن سبقهم وبعد نزول التوراة،انقطع الهلاك العام وشرع الجهاد بالسيف
١١- كل من لم يستجب للرسول، وذهب إلى قول مخالف لقول الرسول، فإنه لم يذهب إلى هدى، وإنما ذهب إلى هوى.
١٢- آيات الله تعالى وعبره، وأيامه في الأمم السابقة، إنما يستفيد بها ويستنير المؤمنون، فعلى حسب إيمان العبد تكون عبرته.
١٣- إن الله تعالى إنما يسوق القصص، لأجل المؤمنين، وأما غيرهم، فلا يعبأ الله بهم، وليس لهم منها نور وهدى.
١٤- إن الله تعالى إذا أراد أمرا هيأ أسبابه، وأتى بها شيئا فشيئا بالتدريج، لا دفعة واحدة.
١٥- لا ينبغي للأمة المستضعفة خصوصا المظلومة،ولو بلغت في الضعف ما بلغت،أن يستولى عليها الكسل عن طلب حقها ولا الإياس من ارتقائها إلى أعلى الأمور.
١٦- استنقذ الله أمة بني إسرائيل الضعيفة من أسر فرعون وملئه ومكنهم في الأرض وملكهم بلادهم.فعلى الأمة المستضعفة ألا يستولي عليها اليأس والكسل.
١٧- إن الأمة ما دامت ذليلة مقهورة لا تأخذ حقها ولا تتكلم به، لا يقوم لها أمر دينها ولا دنياها ولا يكون لها إمامة فيه.
١٨- إن الله يقدر على عبده بعض المشاق، لينيله سرورا أعظم من ذلك، أو يدفع عنه شرا أكثر منه، كما في قصة أم موسى وإقرار عينها بموسى بعد الحزن والهم.
١٩- الخوف الطبيعي من الخَلْق، لا ينافي الإيمان ولا يزيله، كما جرى لأم موسى ولموسى من تلك المخاوف.
٢٠- إن من أعظم ما يزيد به الإيمان، ويتم به اليقين، الصبر عند المزعجات، والتثبيت من الله عند المقلقات،{لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين}
٢١- من أعظم نعم الله وأعظم معونة للعبد على أموره،تثبيت الله إياه،وربط جأشه وقلبه عند المخاوف،والأمور المذهلة، فإنه بذلك يتمكن من قول وفعل الصواب
٢٢- من لم يثبته الله عند المخاوف والأمور المذهلة فإنه يستمر قلقه وروعه، وانزعاجه، ويضيع فكره، ويذهل عقله، فلا ينتفع بنفسه في تلك الحال.
٢٣- على العبد - ولو عرف أن القضاء والقدر ووعد الله نافذ لا بد منه - ألا يهمل فعل الأسباب التي أمر بها، ولا يكون ذلك منافيا لإيمانه بخبر الله.
٢٤- إن الله من رحمته بعبده الذي يريد إكرامه يريه من آياته، ويشهده من بيناته، ما يزيد به إيمانه، كما رد الله موسى على أمه، لتعلم أن وعد الله حق.
٢٥- قتل الكافر الذي له عهد بعقد أو عرف، لا يجوز، فإن موسى عليه السلام عدَّ قتله القبطي الكافر ذنبا، واستغفر الله منه.
٢٦- من قتل النفوس بغير حق،وزعم أنه يريد الإصلاح في الأرض،وتهييب أهل المعاصي،فهو كاذب في ذلك وهو مفسد كما حكى الله قول القبطي تقريرا له،لا إنكارا
٢٧- إخبار الرجل غيره بما قيل فيه، على وجه التحذير له من شر يقع فيه، لا يكون نميمة - بل قد يكون واجبا- كما أخبر ذلك الرجل لموسى، ناصحا له ومحذرا.
٢٨- لا يلقي المؤمن بيده إلى التهلكة فإذا خاف القتل والتلف في الإقامة، فلا يستسلم لذلك، بل يذهب عنه، كما فعل موسى عليه السلام.
٢٩- عند تزاحم مفسدتين وكان لا بد من ارتكاب إحداهما فيرتكب الأخف والأسلم،فقد اختار موسى الخروج من مصر مع عدم معرفة الطريق على البقاء مع القتل.
٣٠- {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} من قصد الحق وبحث عنه بصدق فالتبست عليه الأقوال والآراء بلا مرجح فليستهد ربه ويسأله الصواب فلن يخيبه الله.
٣١- الرحمة بالخلق، والإحسان على من يعرف ومن لا يعرف وإعانة العاجز، من أخلاق: الأنبياء.
٣٢- {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير } يستحب الدعاء بتبيين الحال وشرحها-ولو كان الله عالما لها- لأنه تعالى، يحب تضرع عبده وإظهار ذله ومسكنته.
٣٣- لا يلام العبد إذا فعل العمل لله تعالى ثم كوفئ عليه من غير قصد بالقصد الأول، كما قبل موسى مجازاة صاحب مدين عن معروفه الذي لم يقصد له عوضا.
٣٤- من أعظم العقوبات أن يكون الإنسان إماما في الشر، كما أن من أعظم النعم التي ينعم الله بها على عبده أن يجعله إماما في الخير هاديا مهديا.
٣٥- إخباره عليه الصلاة والسلام بقصة موسى مع صاحب مدين تفصيلا مصدقا لما قبل من غير حضور أو مشاهدة أو مدارسة ومجالسة أحد دليل عظيم على صدق نبوته.
٣٦- صلوات الله على من مجرد خبره وأمره ونهيه ينبئ أنه رسول الله،كيف وقد تطابق وصدق ماجاء به خبر الأولين والآخرين وشرع رب العالمين مع خلق عال رفيع
٣٧- لم تزل الأمم الكافرة المتعاضدة ترمي هذا الدين بقوس واحدة، وتكيد،وتمكر لإطفائه وإخفائه، وهو لا يزداد إلا نموا، ولا آياته وبراهينه إلا ظهورا.
٣٨- {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا}علموا أنه الهدى ومنعهم من اتباعه سوء الظن بالله تعالى،وأنه لا ينصر دينه،ولا يعلي كلمته،ولا يمكن لأهل دينه.
٣٩- بحسب عقل العبد يؤثر الآخرة،وما آثر أحد الدنيا إلا لنقص في عقله،ولهذا نبه الله العقول على الموازنة بين عاقبة مؤثر الدنيا ومؤثر الآخرة.
٤٠- {ويوم يناديهم أين شركائي الذين كنتم تزعمون}إخبار من الله،عما يسأل عنه الخلائق يوم القيامة،وأنه يسألهم عن أصول الأشياء،وعن عبادته وإجابة رسله
٤١- إنما الآخرة للذين إرادتهم مصروفة إلى الله، وقصدهم الدار الآخرة، وحالهم التواضع لعباد الله، والانقياد للحق والعمل الصالح،لا العلو والإفساد.
٤٢- إن الذين يريدون العلو في الأرض، أو الفساد، ليس لهم في الدار الآخرة نصيب، ولا لهم منها نصيب.
٤٣- { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ } شرط فيها أن يأتي بها العامل، لأنه قد يعملها، ولكن يقترن بها ما لا تقبل منه أو يبطلها، فهذا لم يجيء بالحسنة.
٤٤- الحسنة: اسم جنس يشمل جميع ما أمر الله به ورسوله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة المتعلقة بحق الله تعالى وحق عباده.
٤٥- التضعيف للحسنة لا بد منه، وقد يقترن بذلك من الأسباب ما تزيد به المضاعفة، بحسب حال العامل وعمله، ونفعه ومحله ومكانه.
٤٦- إن الذي أنزل القرآن،وفرض فيه الأحكام،وأمر بتبليغه للعالمين؛لا يليق بحكمته أن تكون الحياة هي الدنيا فقط من غير معاد يثاب فيه العباد ويعاقبوا.
٤٧- {فلا تكون ظهيرا للكافرين} أي: معينا لهم على ما هو من شعب كفرهم،ومن جملة مظاهرتهم،أن يقال في شيء من الكتاب إنه خلاف الحكمة والمصلحة والمنفعة.
٤٨- {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ} بل أبلغها وأنفذها،ولا تبال بمكرهم ولا يخدعنك عنها،ولا تتبع أهواءهم.
٤٩- { وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ } اجعل الدعوة إلى ربك منتهى قصدك وغاية عملك، فكل ما خالف ذلك فارفضه، من رياء، أو سمعة، أو موافقة أغراض أهل الباطل.
٥٠- موافقة أغراض أهل الباطل داع إلى الكون معهم، ومساعدتهم على أمرهم، فلا تكن مع المشركين لا في شركهم، ولا في فروعه وشعبه، التي هي جميع المعاصي.
=======
سورة العنكبوت
١- اقتضت حكمة الله الابتلاء بفتنة الشبهات المعارضة للعقيدة،والشهوات المعارضة للإرادة،وبالسراء والضراء ليتميز الصادق من الكاذب،والمحق من المبطل.
٢- من كان عند ورود الشبهات يثبت إيمانه ولا يتزلزل، ويدفعها بما معه من الحق يعمل بمقتضى الإيمان،دل ذلك على صدق إيمانه وصحته.
٣- العمل بمقتضى الإيمان ومجاهدة الشهوات الداعية إلى المعاصي والذنوب، أو الصارفة عن ما أمر الله به ورسوله دليل على صدق الإيمان وصحته.
٤- من كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا،وعند اعتراض الشهوات تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات،دلَّ ذلك على عدم صحة إيمانه وصدقه.
٥- أحسب الذين همهم فعل السيئات وارتكاب الجنايات أن أعمالهم ستهمل وأن الله سيغفل عنهم أو يفوتونه فلذلك أقدموا عليها وسهل عليهم عملها؟ساء حكمهم
٦- إن الله سميع للأصوات،عليم بالنيات،فمن كان صادقا أناله الله ما يرجو،ومن كان كاذبا لم تنفعه دعواه وأمانيه،وهو العليم بمن يصلح لحبه ومن لا يصلح
٧- إن الله غني عن العالمين، فلم يأمرهم بما أمرهم به لينتفع به، ولا نهاهم عما نهاهم عنه بُخْلًا عليهم.
٨- إن الله قَدَّرَ محنا وابتلاء،ليظهر علمه في المنافقين فيجازيهم بما ظهر منهم،لا بما يعلمه،لأنهم قد يحتجون على الله أنهم لو ابتُلُوا لَثَبَتُوا
٩- الذنب الذي فعله التابع فلكل من التابع والمتبوع حصته منه، هذا لأنه فعله وباشره، والمتبوع لأنه تسبب في فعله ودعا إليه.
١٠- القلوب لا بد أن تطلب معبودا تألهه وتسأله حوائجها، والله وحده هو من يستحق العبادة {فابتغوا عند الله الرزق} فإنه هو الميسر له المقدِّر المجيب.
١١- الإياس من رحمة الله نوعان:إياس الكفار منها وتركهم جميع سبب يقربهم منها؛وإياس العصاة بسبب كثرة جناياتهم،أوحشتهم فملكت قلوبهم فأحدث لها الإياس
١٢- { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } حتى ظنوا أنها أفضل مما جاءتهم به الرسل.
١٣- {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} خلقت النفس لعبادة الله وحده،فهؤلاء وضعوها في غير موضعها ومنعوها حقها،وأشغلوها بالشهوات والمعاصي،فضروها غاية الضرر
١٤- الذين اتخذوا أولياء من دون الله يتعززون بهم ويستنصرونهم،إنما يزدادون ضعفا إلى ضعفهم ووهنا إلى وهنهم؛ كالعنكبوت اتخذت أوهن البيوت فزادها ضعفا
١٥- الذين اتخذوا أولياء من دون الله اتكلوا عليهم في كثير من مصالحهم،وألقوها عليهم،وتخلوا هم عنها،على أن أولئك سيقومون بها،فخذلوهم لضعفهم وعجزهم.
١٦- لو كان من اتخذ من دون الله أولياء يعلمون حقيقة العلم، حالهم وحال من اتخذوهم، لم يتخذوهم، ولتبرأوا منهم، ولتولوا الرب القادر الرحيم.
١٧- من تولى الله وحده وتوكل عليه، كفاه مئونة دينه ودنياه، وازداد قوة إلى قوته، في قلبه وفي بدنه وحاله وأعماله.
١٨- {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} الأمثال في القرآن إنا تضرب للأمور الكبار،وأصول الدين؛فمن لم يعقلها فليس من أهل العلم.
١٩- أهل العلم يعرفون أن الأمثال أهم من غيرها وأنها تضرب للمسائل المهمة، لاعتناء الله بها،وحثه عباده على تعقلها وتدبرها،فيبذلون جهدهم في معرفتها.
٢٠- إقامة الدين كله داخلة في تلاوة الكتاب فمعنى تلاوته امتثال أوامره واجتناب نواهيه،والاهتداء بهداه، وتصديق أخباره، وتدبر معانيه، وتلاوة ألفاظه.
٢١- الذي يقيم الصلاة ويداوم عليها،بأركانها وشروطها وخشوعها،يستنير ويتطهر قلبه،ويزداد إيمانه،وتقوى رغبته في الخير،وتنهاه عن الفحشاء والمنكر والشر
٢٢- لا يكون القصد من مجادلة أهل الكتاب مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو، بل بيان الحق وهداية الخلق، وتترك مجادلة الظالم منهم الذي لا يريد الحق.
٢٣- لا تكن المناظرة على وجه يحصل به القدح في شيء من الكتب الإلهية،أو بأحد من الرسل،كما يفعله الجاهل يقدح بجميع ما مع الخصم من حق وباطل،فهذا ظلم.
٢٤- عند المناظرة فإن من الواجب وآداب النظر،أن يرد ما مع الخصم من الباطل، ويقبل ما معه من الحق، ولا يرد الحق لأجل قوله، ولو كان كافرا.
٢٥- كل طريق تثبت به نبوة أي: نبي كان، فإن مثلها وأعظم منها، دالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
٢٦- كل شبهة يقدح بها في نبوة خاتم النبيين،فإن مثلها أو أعظم منها يمكن توجيهها إلى نبوة غيره،فإذا ثبت بطلانها في غيره فثبوت بطلانها في حقه أظهر.
٢٧- {وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون}لا يكون الكفر ممن قصده متابعة الحق ؛وهذا حصر؛فكل من له قصد وعقل صحيح فلا بد أن يؤمن به،لاشتماله على البينات.
٢٨- جاء بهذا الكتاب المعجز وتحدى به هذا النبي الأمين الذي عرف قومه صدقه وأمانته وهو لا يكتب بيده ولا يقرأ خطا مكتوبا؛بينة قاطعة أنه من عند الله.
٢٩- {آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} وهم الكمل وسادة الخلق، وعقلاؤهم، وأولو الألباب منهم؛فهم حجة على غيرهم، وإنكار غيرهم لا يضر بل هو ظلم.
٣٠- {وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون } لأنه لا يجحدها إلا جاهل تكلم بغير علم،ولم يقتد بأهل العلم؛ وإما متجاهل عرف أنه حق فعانده،وعرف صدقه فخالفه.
٣١- من كان في قلبه أنهم لا يؤمن بالحق إلا بإنزال آيات معينة يطلبها هو كان ذلك ليس بإيمان وإنما ذلك شيء وافق هواه فآمن،لا لأنه حق بل لتلك الآيات.
٣٢- {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} كلام مختصر جامع للآيات والدلالات،فإن إتيان الرسول به بمجرده وهو أمي، من أكبر الآيات على صدقه.
٣٣- {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} تحداهم وعجزوا وتلاه على رؤوس الأشهاد وصرح بأن هذا كلام ربي فمن يقدر على معارضته فما نطق أحد.
٣٤- {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}إنباؤه عن السابقين والغيوب المتقدمة والمتأخرة مع مطابقته للواقع حجة بالغة لمن كان له عقل سليم.
٣٥- {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} حيث هيمنته على الكتب المتقدمة، وتصحيحه للصحيح، ونَفْيُ ما أدخل فيها من التحريف والتبديل.
٣٦- {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}فهدى لسواء السبيل فما أمر بشيء فقال العقل ليته لم يأمر به ولا نهى عن شيء فقال ليته لم ينه عنه.
٣٧- {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} حيث سايرت إرشاداته وهدايته وأحكامه كل حال وكل زمان بحيث لا تصلح الأمور إلا به.
٣٨- {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} حيث طابق العدل والميزان، والحكمة المعقولة لذوي البصائر والعقول.
٣٩- جميع ذلك يكفي من أراد تصديق الحق وطلبه، فلا كفى الله من لم يكفه القرآن، ولا شفى الله من لم يشفه الفرقان، ومن اهتدى به واكتفى، فإنه خير له.
٤٠- {قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا} فإن كنت كاذبا أَحَلَّ بي ما به تعتبرون،وإن كان يؤيدني وينصرني وييسر لي،فلتكفكم هذه الشهادة الجليلة من الله.
٤١- أيها المؤمنون إذا تعذرت عليكم عبادة ربكم في أرض فارتحلوا منها إلى أخرى حيث كانت العبادة لله وحده،فأماكن العبادة ومواضعها واسعة،والمعبود واحد
٤٢- {الذين صبروا} على عبادة الله فصبرهم عليها، يقتضي بذل الجهد والطاقة في ذلك، والمحاربة العظيمة للشيطان، الذي يدعوهم إلى الإخلال بشيء من ذلك.
٤٣- {وعلى ربهم يتوكلون} توكلهم، يقتضي شدة اعتمادهم على الله، وحسن ظنهم به، أن يحقق ما عزموا عليه من الأعمال ويكملها.ويحتاج إليه في كل فعل وترك.
٤٤- من أضعف عقلا وبصيرة ممن أتى لمخلوق لاينفع ولايضر ولايخلق ولايرزق ثم صرف له صافي الإخلاص والعبودية وأشركه مع الرب الخالق الرازق النافع الضار.
٤٥- المشركون يخلصون الدعاء لله وحده لا شريك له حال الشدة فإذا زالت عنهم ونجى من أخلصوا له الدعا أشركوا به من لا نجاهم من شدة ولا أزال عنهم مشقة.
٤٦- المؤمنون حقا يخلصون لله الدعاء في حال الرخاء والشدة، واليسر والعسر، فاستحقوا ثواب الله، ودفع عنهم عقابه.
٤٧- { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } فنسب ما هو عليه من الضلال والباطل إلى الله.
٤٨- {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} أحرى الناس بموافقة الصواب أهل الجهاد.
٤٩- {وإن الله لمع المحسنين} من أحسن فيما أمر به أعانه الله ويسر له أسباب الهداية.
٥٠- طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله،بل هو أحد نَوْعَي الجهاد الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق وهو الجهاد بالقول واللسان للكفار والمنافقين.
٥١- من الجهاد في سيل الله الجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى رد نزاع المخالفين للحق، ولو كانوا من المسلمين.
#########
سورة الروم
١- الذين إنما {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا } ينظرون إلى الأسباب فحسب فيجزمون بوقوع الأمر الذي في رأيهم انعقدت أسباب وجوده.
٢- الذين إنما {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا } ينظرون إلى الأسباب فحسب فيتيقنون عدم الأمر الذي لم يشاهدوا له من الأسباب المقتضية لوجوده شيئا.
٣- الذين إنما {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا } ينظرون إلى الأسباب فحسب؛فهم واقفون مع الأسباب غير ناظرين إلى مسببها المتصرف فيها.
٤- {وهم عن الآخرة غافلون}أدبرت قلوبهم وغفلت عن الآخرة،فلا إلى الجنة تشتاق ولا النار تخاف ولا المقام بين يدي الله ولقائه يروعهاوهذا علامة الشقاء
٥- من العجب أن الكثير بلغت منهم الفطنة في ظاهر الدنيا إلى مايحير العقول وهم أبلد الناس في أمر دينهم وأشدهم غفلة عن آخرتهم وأقلهم معرفة بالعواقب
٦- قد رآى أهلُ البصائر النافذة أهلَ ظاهرالدنيا في جهلهم يتخبطون وفي ضلالهم يعمهون وفي باطلهم يترددون نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون
٧- الأفكار لو قارنها الإيمان وبنيت عليه لأثمرت رقيَّا وحياة طيبة،وحيث بني كثير منها على الإلحاد لم تثمر إلا هبوط الأخلاق وأسباب الفناء والتدمير
٨- {ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون} ييأسون من كل خيرإذ قدموا أسباب العقاب ولم يخلطوها بأسباب الثواب،فأيسوا وأفلسوا وضل عنهم ما كانوا يفترونه
٩- {فأقم وجهك للدين حنيفا} توجه بقلبك وقصدك وبدنك إلى إقامة شرائع الدين الظاهرة كالصلاة ونحوها،وشرائعه الباطنة كالمحبة ونحوها؛والإحسان فيهما.
١٠- { حَنِيفًا } مقبلا على الله وحده في أعمالك الظاهرة والباطنة مخلصا له،ومعرضا عما سواه.
١١- قد وضع الله في قلوب الخلق كلهم الميل لأحكام الشرع،فوضع في قلوبهم محبة الحق وإيثاره وهذا حقيقة الفطرة.ومن خرج عن هذا الأصل فلعارض أفسد فطرته.
١٢- الصلاة تدعو إلى الإنابة والتقوى،{إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } فهذا إعانتها على التقوى، {ولذكر الله أكبر} فهذا حثها على الإنابة.
١٣- حذر الله المسلمين من تشتتهم وتفرقهم كل فريق يتعصب لما معه من حق وباطل،مشابهين بذلك للمشركين في التفرق بل الدين واحد والرسول واحد والإله واحد
١٤- أكثر المسائل مجمع عليها،والأخوة الإيمانية قد عقدها الله وربطها،فما بال ذلك يلغى ويُبنى التفرق والشقاق والتضليل بين المسلمين على فروع خلافية.
١٥- إن السعي في جمع كلمة المسلمين وإزالة ما بينهم من الشقاق المبني على فروع خلافية؛لمن أفضل الجهاد في سبيل الله وأفضل الأعمال المقربة إلى الله.
١٦- القنوط بعد ما علم أن الخير والشر من الله والرزق سعته وضيقه من تقديره ضائع ليس له محل.فلا تنظر أيها العاقل لمجرد الأسباب بل اجعل نظرك لمسببها
١٧- الصدقة مع اضطرار من يتعلق بالمنفِق أو مع دَيْنٍ عليه لم يقضه ويقدم عليه الصدقة ليس بزكاة يؤجر عليه العبد ويرد تصرفه شرعا.
١٨- ليس مجرد إيتاء المال خيرا حتى يكون بهذه الصفة وهو: أن يكون على وجه يتزكى به المؤْتِي.
١٩- {وليذيقكم من رحمته} تذوقون من رحمته ما تعرفون أنها هي المنقذة والجالبة للأرزاق،فتشتاقون إلى الإكثار من الأعمال الصالحة الفاتحة لخزائن الرحمة
٢٠- قدرته تعالى لا يتعاصى عليها شيء وإن تعاصى على قدرة خلقه ودق عن أفهامهم وحارت فيه عقولهم.
٢١- من مَنَّ الله عليه بالعلم بالحق والإيمان المستلزم إيثار الحق، فكان عالما بالحق مؤثرا له لزم أن يكون قوله مطابقا للواقع مناسبا للأحوال.
٢٢- إن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع بل سيجده كاملا سَهُل عليه الصبر وهان عليه ما يلقاه من المكاره ويسر عليه كل عسير واستقل من عمله كل كثير.
٢٣- كل مؤمن موقن رزين العقل يسهل عليه الصبر، وكل ضعيف اليقين ضعيف العقل خفيفه يصعب عليه الصبر؛ فالأول بمنزلة اللب والآخر بمنزلة القشور.
==========
سورة لقمان
١- {يشتري لهو الحديث}من الناس محروم مخذول يختار ويرغب رغبة من يبذل الثمن في الشيء وذلك في الأحاديث الملهية للقلوب،الصادَّة لها عن أجلِّ مطلوب.
٢- يدخل في لهو الحديث كل كلام محرم، وكل لغو، وباطل، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر، والفسوق، والعصيان.
٣- يدخل في لهو الحديث أقوال الرادين على الحق والمجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق، وغيبة ونميمة، وكذب،وشتم،وسب،وغناء،وماجريات ملهية لا نفع فيها.
٤- {ليضل الناس بغير علم} بعدما ضل بفعله، أضل غيره، وذلك بصده عن الحديث النافع، والعمل النافع، والحق المبين، والصراط المستقيم.
٥- {ليضل الناس بغير علم}لا يتم له هذا، حتى يقدح في الهدى والحق، ويتخذ آيات الله هزوا ويسخر بها، وبمن جاء بها.
٦- المضل يجمع بين مدح الباطل والترغيب فيه والقدح في الحق والاستهزاء به وبأهله فيضل ويخدع من لاعلم عنده بالقول الذي لايميزه الضال ولايعرف حقيقته
٧- الحكمة هي العلم بالحق على وجهه وحكمته، فهي العلم بالأحكام، ومعرفة ما فيها من الأسرار والإحكام، فقد يكون الإنسان عالما، ولا يكون حكيما.
٨- الحكمة مستلزمة للعلم وللعمل، ولهذا فسرت الحكمة بالعلم النافع، والعمل الصالح.
٩- هل أعظم ظلما ممن خلقه الله لعبادته وتوحيده، فذهب بنفسه الشريفة فجعلها في أخس المراتب حيث جعلها عابدة لمن لا يسوى شيئا فظلم نفسه ظلما كبيرا.
١٠- لا أفظع وأبشع ولا أظلم ممن سَوَّى المخلوق من تراب، بمالك الرقاب، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئا، بمن له الأمر كله.
١١- لا أفظع وأبشع ولا أظلم ممن سَوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه، بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه.
١٢- لا أفظع ولا أظلم ممن سَوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة من النعم بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم ودنياهم وأخراهم إلا منه، ولا يصرف السوء إلا هو.
١٣- { إن اشْكُرْ لِي } بالقيام بعبوديتي، وأداء حقوقي، وأن لا تستعين بنعمي على معصيتي.
١٤- {إلي المصير} سترجع أيها الإنسان إلى من وصاك، وكلفك بهذه الحقوق، فيسألك: هل قمت بها، فيثيبك الثواب الجزيل؟ أم ضيعتها، فيعاقبك العقاب الوبيل؟.
١٥- لم يقل الله تعالى عن الوالدين "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فعقهما" بل قال: {فلا تطعهما} أي: بالشرك، وأما برهما، فاستمر عليه.
١٦- {واتبع سبيل من أناب إلي}اتبع سبيل المؤمنين بالله واسلك مسلكهم في الإنابة إلى الله بقلبك وإرادتك،وأتبعها بسعي البدن،فيما يرضي الله،ويقرب منه.
١٧- {يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله }يا لسعة علمه سبحانه،وتمام خبرته وكمال قدرته ولطفه.
١٨- {إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله}حث على مراقبة الله،والعمل بطاعته،والترهيب من عمل القبيح.
١٩- {إن ذلك من عزم الأمور}وصايا لقمان من الأمور التي يعزم عليها،ويهتم بها،ولا يوفق لها إلا أهل العزائم وتجمع أمهات الحكم،وتستلزم ما لم يذكر منها
٢٠- لو كان في رفع الصوت البليغ فائدة ومصلحة، لما اختص بذلك الحمار، الذي قد علمت خسته وبلادته.
٢١- { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } التي ما نطق بها الناطقون، فكيف بما ظهر، وكان شهادة؟
٢٢- إن أعمال الخلق جميعهم ومنهم النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، لا تنفع الله شيئا وإنما تنفع عامليها، والله غني عنهم، وعن أعمالهم.
٢٣- حمد الله من لوازم ذاته وهو حميد من جميع الوجوه،فهو حميد في ذاته وصفاته وأفعاله وخلقه وأمره ونهيه وحكمه في الدنيا والآخرة.فكل ذلك يحمد عليه.
٢٤- أخبر الله عن سعة كلامه وعظمة قوله، بشرح يبلغ من القلوب كل مبلغ، وتنبهر له العقول، وتحير فيه الأفئدة، وتسيح في معرفته أولو الألباب والبصائر.
٢٥- {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبع أبحر مانفدت كلمات الله}تتكسر الأقلام ويفنى المداد ولاتنفد كلمات الله حقيقة لامبالغة
٢٦- الأشجار وإن تضاعفت أضعافا كثيرة،والبحور لو امتدت بأضعاف مضاعفة،فتنفد وتنقضي لكونها مخلوقة.وأما كلام الله فلا،فكل شيء ينتهي إلا الباري وصفاته
٢٧- {ماخلقكم ولابعثكم إلا كنفس واحدة}وهذا مما يحير العقول،أن خلق جميع الخلق على كثرتهم، وبعثهم بعد موتهم وتفرقهم،في لمحة واحدة كخلقه نفسا واحدة.
==========
سورة السجدة
١- { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءا بما كانوا يعملون } فكما أخفوا العمل، جازاهم من جنس عملهم، فأخفى أجرهم.
٢- المؤمنون على قسمين: علماء أئمة يهدون بأمر الله وأتباع مهتدون بهم.والقسم الأول أرفع الدرجات بعد درجة النبوة والرسالة، وهي درجة الصديقين.
٣- إنما نال العلماء الدرجة العالية بالصبر على التعلم والتعليم،والدعوة إلى الله،والأذى في سبيله،وكفوا أنفسهم عن المعاصي،والاسترسال في الشهوات.
٤- اليقين هو العلم التام، الموجب للعمل، وإنما وصل من وصل إلى هذه الدرجة لأنهم تعلموا تعلمًا صحيحًا، وأخذوا المسائل عن أدلتها المفيدة لليقين.
٥- لا يزال أئمة الهدى يتعلمون المسائل، ويستدلون عليها بكثرة الدلائل، حتى وصلوا لليقين، فبالصبر واليقين، تُنَالُ الإمامة في الدين.
٦- من نظر إلى آيات الله ونعمه، نظر الغفلة ومجرد العادة بلا بصيرة؛ لم يوفق للخير.
=======
سورة الأحزاب
١- ترى العبد الضعيف الذي فوض أمره لسيده قد قام بأمور لا تقوم بها أمة من الناس وقد سهل الله عليه ما كان يصعب على فحول الرجال وبالله المستعان.
٢- أخذ الله من النبيين عموما وأولي العزم خصوصا ميثاقهم الغليظ على القيام بدين الله والجهاد في سبيله وسيسأل الأنبياء وأتباعهم هل وفوا به وصدقوا؟
٣- عندما يشتد الكرب، وتتفاقم الشدائد، يصير إيمان المؤمنين الصادقين عين اليقين؛ ويتبين نفاق المنافقين ويظهر ما يضمرونه.
٤- عادة المنافق عند الشدة والمحنة،أنه لا يثبت إيمانه، وينظر بعقله القاصر إلى الحالة القاصرة ويُصدِّق ظنه.
٥- يوم الأحزاب نادى طائفةٌ من المنافقين باسم الوطن: {يا أهل يثرب } وفي هذا إشارة إلى أن الدين والأخوة الإيمانية، ليس له في قلوبهم قدر.
٦- {لا مقام لكم فارجعوا} هذه الطائفة تخذل عن الجهاد وتبين أنه لا قوة للمؤمنين بقتال عدوهم ويأمرونهم بترك القتال فهذه الطائفة شر الطوائف وأضرها.
٧- {ثم سئلوا الفتنة لآتوها} ليس لهم منعة ولا تَصلُّب على الدين، فبمجرد ما تكون الدولة للأعداء يعطونهم ما طلبوا ويوافقونهم على كفرهم.هذه حالهم.
٨- إنَّ ما تمتعون به حين فراركم لتسلموا من الموت أو القتل لايساوي ترككم أمر الله، وتفويتكم على أنفسكم التمتع الأبدي في النعيم السرمدي.
٩- شر مافي الإنسان أن يكون شحيحًا بما أمر به،وبماله أن ينفقه في وجهه،وفي بدنه أن يجاهد أعداء الله أو يدعو إلى سبيله،وبجاهه،وبعلمه،ونصيحته ورأيه
١٠-{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} فكيف تشحون بأنفسكم عن أمر جاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه فيه؟فَتأَسَّوْا به في أمر الحرب وغيره.
١١- {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ } أي:وفوا به، وأتموه، وأكملوه، فبذلوا مهجهم في مرضاته، وسبَّلوا أنفسهم في طاعته.
١٢- {وما بدلوا تبديلا} كما بدل غيرهم بل لم يزالوا على العهد،لا يلوون،ولا يتغيرون، فهؤلاء الرجال على الحقيقة، ومن عداهم فرجال بالصورة لا بالصفات.
١٣- لايغالب اللهٓ أحدٌ إلا غُلِبَ،ولا يستنصره أحد إلا غَلَبَ،ولا يعجزه أمر أراده،ولا ينفع أهل القوة والعزة قوتهم وعزتهم إن لم يعنهم بقوته وعزته.
١٤- هش العبد لفعل المحرم عند رؤية أو سماع وانصراف دواعي طمعه للحرام مرض خطر،فليجاهد نفسه وليجتهد في إضعافه وحسم الخواطر،والدعاء،فهذا حفظ للفرج.
١٥- ليعلم المؤمن والمؤمنة، أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه وبين أمر الله ورسوله.
١٦- بلغ عليه الصلاة والسلام البلاغ المبين،فلم يدع شيئًا مما أوحي إليه إلا وبلغه، حتى ما فيه عتابه.
وهذا يدل على رسالته،فلا يقول إلا ما أوحي إليه.
١٧- المستشار مؤتمن فيجب عليه إذا استشير في أمر ما أن يشير بما يعلمه أصلح للمستشير ولو كان له حظ نفس، فيقدم مصلحة المستشير على هوى نفسه وغرضه.
١٨- أمر تعالى بذكره كثيرا من كل قول فيه قربة إليه فإن ذلك عبادة يسبق بها العامل وهو مستريح وداع لمعرفة الله ومحبته وعون على الخير وكف عن القبيح.
١٩- الأمر الشرعي ولو كان يتوهم أن في تركه أدبا وحياء، فإن الحزم كل الحزم اتباع الأمر الشرعي وأن يجزم أن ما خالفه ليس من الأدب في شيء.
٢٠- كلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر فإنه أسلم له وأطهر لقلبه وإن جميع وسائل الشر وأسبابه ومقدماته ممنوعة يجب البعد عنها بكل طريق.
٢١- {صلوا عليه وسلموا}اقتداء بالله وملائكته،وجزاء له على بعض حقوقه وتكميلا للإيمان وتعظيما له ومحبة وإكراما وزيادة في الحسنات وتكفيرا من السيئات
٢٢- {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة} يشمل كل أذية قولية أو فعلية من سب وشتم أو تنقص له أو لدينه أو ما يعود إليه بالأذى.
٢٣- إذا لم تحتجب النساء ربما ظُن أنهن غير عفيفات فيتعرض لهن ويستهين بهن من في قلبه مرض ويريد الشر فيؤذيهن فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن.
٢٤- الإخلال بالتقوى، والقول السديد سبب لفساد الأعمال، وعدم قبولها، وعدم تَرَتُّبِ آثارها عليها.
٢٥- الناس بحسب قيامهم بالأمانة ثلاثة: منافقون أظهروا أنهم قاموا بها ظاهرا لا باطنا،ومشركون تركوها ظاهرا وباطنا،ومؤمنون قائمون بها ظاهرا وباطنا.
########
سورة سبأ
١- يظهر من حمد الله في الآخرة ما لا يكون في الدنيا فيُحمد على كمال عدله؛حتى أهل النار تمتلئ قلوبهم بحمده لعدله بهم إذ يرون عقابهم جراء أعمالهم.
٢- كلما عظمت إنابة العبد إلى الله كان انتفاعه بالآيات أعظم لإقباله وقربه من ربه واشتغاله برضاه فيكون نظره للمخلوقات نظر فكرة وعبرة لا نظر غفلة.
٣- الشكر: اعتراف القلب بمنة الله تعالى, وتلقيها افتقارا إليها, وصرفها في طاعة الله تعالى, وصونها عن صرفها في المعصية.
٤- {صبار شكور}صبار على المكاره والشدائد يتحملها لوجه الله ولا يتسخطها،شكور لنعمته تعالى يُقِرُّ بها ويعترف ويثني على من أولاها ويصرفها في طاعته
٥- تعلق المشركين بأندادهم إما رجاء نفع أو لدفع ضر أو لتشفع لهم وقد قطع الله كل هذه التعلقات وبين بطلانها تبيينا حاسما لمواد الشرك قاطعا لأصوله.
٦- العجب أن المشرك استكبر عن الانقياد للرسل بزعمه أنهم بشر ورضي أن يعبد ويدعو الشجر والحجر.
٧- يقول الأتباع للقادة أنتم أغويتمونا بمكركم إذ تُحَسِّنون لنا الكفر وتدعوننا إليه وتقولون إنه الحق وتقدحون في الحق وتهجنونه وتزعمون أنه الباطل
٨- مما يمنع النفوس عن اتباع الداعي إلى الحق هو أن يأخذ أموال من يستجيب له أويأخذ أجرة على دعوته فنزه الله تعالى رسله عن هذا الأمر.
===============
سورة فاطر
١- {هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض} أصول النعم هي الخلق والرزق.
٢- معلوم ألا أحد يخلق ويرزق إلا الله، وهذا دليل على ألوهيته وعبوديته، فما أظلم وأجهل من انصرف عن عبادة الخالق الرازق لعبادة المخلوق المرزوق.
٣- العمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فرفع الكلم الطيب بحسب أعمال العبد الصالحة،فإذا لم يكن له عمل صالح، لم يرفع له قول إلى الله.
٤- يريد صاحب السيئات الرفعة بها، ويمكر ويكيد ويعود ذلك عليه ولا يزداد إلا إهانة ونزولا.
٥- من أسباب قصر العمر، الزنا، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، ونحو ذلك مما ذكر أنها من أسباب قصر العمر.
٦- الخلق جميعهم فقراء بالذات إلى الله، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا.
٧- الموفق الذي لا يزال يشاهد فقره إلى الله في كل حال من أمور دينه ودنياه ويتضرع له ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين وأن يعينه على جميع أموره
٨- الموفق من استصحب فقره إلى الله في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.
٩- ليست حال الآخرة بمنزلة حال الدنيا يساعد الحميم حميمه والصديق صديقه، بل يوم القيامة يتمنى العبد أن يكون له حق على أحد ولو على والديه وأقاربه.
١٠- ذكر تعالى أن الكتاب الذي أوحاه إلى رسوله { هُوَ الْحَقُّ } فلا يكن في قلوبكم حرج منه، ولا تتبرموا منه، ولا تستهينوا به.
١١- لا يمكن أحدا أن يؤمن بالكتب السابقة وهو كافر بالقرآن أبدا لأن كفره به ينقض إيمانه بها لإخبارها عن القرآن، ولأن أخبارها مطابقة لأخبار القرآن.
١٢- {إِنَّ الله بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ} فيعطي كل أمة وكل شخص ما هو اللائق بحاله ومن ذلك أن الشرائع السابقة لا تليق إلا بوقتها وزمانها.
١٣- وراثة الكتاب أي وراثة علمه وعمله ودراسة ألفاظه واستخراج معانيه.وأُورثه ثلاثة أصناف؛الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات وإن تفاوتت مراتبهم
١٤- { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } بالمعاصي التي هي دون الكفر. { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ } مقتصر على ما يجب عليه، تارك للمحرم.
١٥- { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } أي: سارع فيها واجتهد، فسبق غيره، وهو المؤدي للفرائض، المكثر من النوافل، التارك للمحرم والمكروه.
١٦- الظالم لنفسه له قسط من وراثة الكتاب، فإن ما معه من أصل الإيمان، وعلوم الإيمان، وأعمال الإيمان، من وراثة الكتاب.
١٧- لا يغتر السابق إلى الخيرات بعمله فإنه ما سبق إليها إلا بتوفيق الله ومعونته {بإذن الله}، فينبغي له أن يشتغل بشكر الله على ما أنعم به عليه.
١٨- { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ } حيث غفر لنا الزلات { شَكُورٌ } حيث قبل منا الحسنات وضاعفها، وأعطانا من فضله ما لم تبلغه أعمالنا ولا أمانينا.
==========
سورة يس
١- { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا } من الخير والشر، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم.
٢- {وآثارهم}تكتب آثار الخير وآثار الشر التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم،والأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم
٣- {ونكتب ما قدموا وآثارهم} يبين لك علو مرتبة الدعوة إلى اللّه والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك.
٤- {ونكتب ما قدموا وآثارهم} يبين لك نزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه، وأنه أسفل الخليقة، وأشدهم جرما، وأعظمهم إثما.
٥- طريق العلم الصحيح، الوقوف مع الحقائق، وترك التعرض لما لا فائدة فيه، وبذلك تزكو النفس، ويزيد العلم.
٦- يظن الجاهل أن زيادة العلم بذكر الأقوال التي لا دليل ولا حجة عليها،بل لا يحصل منها من الفائدة إلا تشويش الذهن واعتياد الأمور المشكوك فيها.
٧- {أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون}تنبيه أن أعظم آيات الفلك من بحرية وجوية وبرية المملوءة ركبانا وأمتعة في غير وقت المخاطبين وإنما في الذرية
٨- {هذا ماوعد الرحمن}لاتحسب أن ذكر الرحمن في هذا الموضع لمجرد الخبر عن وعده بل إخباربأنهم سيرون من رحمته مالايخطر على الظنون،ولاحسب به الحاسبون
٩- علوم الصراط المستقيم وأعماله ترجع إلى أمرين؛ عبادة الله وطاعته، ومعصية الشيطان؛ وذلك بامتثال أوامر الله وترك زواجره.
=======
سورة الصافات
١- الحسرة كل الحسرة أن يمضي على الحازم وقت من أوقاته وهو غير مشتغل بالعمل الذي يقرب للجنة، فكيف إذا كان يسير بخطاياه إلى دار البوار؟!
٢- إذا كان قلب العبد سليما من الشرك والشبه والشهوات المانعة من تصور الحق والعمل به،والغش والحسد ومساوئ الأخلاق سلم من كل شر، وحصل له كل خير.
٣- {إنَّا كذلك نجزي المحسنين}في عبادتنا المقدمين رضانا على شهوات أنفسهم،وفي معاملة الخلق؛ أن نفرج عنهم الشدائد ونجعل لهم العاقبة والثناء الحسن.
٤- بسبب تسبيح يونس عليه السلام وعبادته لله نجاه الله تعالى؛ وكذلك ينجي الله المؤمنين عند وقوعهم في الشدائد.
٥- { فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فإن من يقول قولا لا يقيم عليه حجة شرعية فإنه كاذب متعمد، أو قائل على الله بلا علم.
٦- سبقت كلمة الله التي لا مرد لها بأن من اتصف بأنه من جند الله بأن كانت أحواله مستقيمة وقاتل من أمر بقتالهم أنه غالب منصور.وهذه بشارة عظيمة.
=============
سورة ص
١- من دعا إلى قول حق أو غير حق فلا يرد قوله بالقدح في نيته فنيته وعمله له وإنما يرد بمقابلته بما يبطله ويفسده، من الحجج والبراهين.
٢- ادعى الكفار أن دعوة الرسول {لشيء يراد}أي لقصد غير صالح وهو أن يرأس،ويكون معظما متبوعا،وهذا ديدن من قبلهم ومن بعدهم في اتهام الدعاة إلى الله.
٣- {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}علاج الميل مع الهوى هو ذكر يوم الحساب وخوفه
٤- {ليدبروا آياته} تدرك بركة الكتاب وخيره بتدبره وهذا حث على التدبر،وهذه الحكمة من إنزاله، والقراءة مع التدبر أفضل من سرعة التلاوة بلا تدبر.
٥- { وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } بحسب لب الإنسان وعقله يحصل له التذكر والانتفاع بهذا الكتاب.
٦- إن الله تعالى يمدح ويحب القوة في طاعته، قوة القلب والبدن، فإنه يحصل منها من آثار الطاعة وحسنها وكثرتها، ما لا يحصل مع الوهن وعدم القوة.
٧- ينبغي للعبد تعاطي أسباب قوة القلب والبدن في طاعة الله فإنه تعالى يحب ذلك ويمدحه، وعدم الركون إلى الكسل والبطالة المخلة بالقوى المضعفة للنفس.
٨- الرجوع إلى الله في كل الأمور من أوصاف أنبياء الله وخواص خلقه كما أثنى الله على داود وسليمان بذلك فليقتد بهما المقتدون وليهتد بهداهم السالكون
٩- إن من أكبر نعم الله على عبده، أن يرزقه العلم النافع، ويعرف الحكم والفصل بين الناس، كما امتن الله بذلك على عبده داود عليه السلام.
١٠- لا يجعل الداعية كل وقته للناس بل يجعل له وقتا يخلو فيه بربه في وتقر عينه بعبادته وتعينه على الإخلاص في جميع أموره.وله في نبي الله داود أسوة
١١- على الشخص،ولو كان كبير القدر جليل العلم، إذا نصح أو وعظ، ألا يغضب أو يشمئز،بل يبادر بالقبول والشكر،فلم يغضب داود لنصح الخصمين بل حكم الحق.
١٢- المخالطة -خاصة المالية-بين الأقارب والأصحاب تورث التعادي والبغي ولايرد عن ذلك إلا استعمال تقوى الله والصبر على الأمور بالإيمان والعمل الصالح
١٣- الاستغفار والعبادة، خصوصا الصلاة، من مكفرات الذنوب، فإن الله رتب مغفرة ذنب داود على استغفاره وسجوده.
١٤- من تمام لطف الله بعباده المخلصين، أنه إذا غفر لهم وأزال أثر ذنوبهم، أزال الآثار المترتبة عليه كلها، حتى ما يقع في قلوب الخلق.
١٥- الحكم بالحق يقتضي العلم بالشرع،وبصورة القضية المحكوم بها وكيفية إدخالها في الحكم الشرعي،فالجاهل بأحدهما لايصلح للحكم ولا يحل له الإقدام عليه
١٦- ما أكثر خير الله وبره بعبيده، فإنه سبحانه يمن عليهم بصالح الأعمال ومكارم الأخلاق، ثم يثني عليهم بها وهو المتفضل الوهاب.
١٧- إن كل ما أشغل العبد عن الله، فإنه مشئوم مذموم، فَلْيُفَارِقْه العبد ولْيُقْبِلْ على ما هو أنفع له.
١٨- يؤخذ من قصة أيوب عليه السلام أن من صبر على الضر، فإن الله تعالى يثيبه ثوابا عاجلا وآجلا، ويستجيب دعاءه إذا دعاه.
١٩- {أولي الأيدي والأبصار } أي: القوة على عبادة الله تعالى والبصيرة في دين الله. فوصفهم بالعلم النافع، والعمل الصالح الكثير.
٢٠- {أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} خصيصة عظيمة، وهي جعلُ ذكرى الدار الآخرة في قلوبهم، والعمل لها صفوة وقتهم، والإخلاص والمراقبة لله وصفهم الدائم.
٢١- {وما من إله إلا الله الواحد القهار} وحدته تعالى وقهره لكل شيء وتلازمهما برهان قاطع لتقرير ألوهيته، فلا يكون قهارين متساويين في قهرهما أبدا.
٢٢- {وما من إله إلا الله الواحد القهار} فالذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الذي لا نظير له، وهو الذي يستحق أن يعبد وحده، كما كان قاهرا وحده.
٢٣- {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}قياس باطل فاسد قياس شيخ القوم،الذي عارض به أمر الله،فما بالك بأقيسة التلاميذ الذين عارضوا بها الحق؟
٢٤- تفضيل النار قياس فاسد؛فالنار مادة الشر والفساد والعلو والطيش والخفة؛والطين مادة الرزانة والتواضع وإخراج أنواع النبات وهو يغلب النار ويطفئها.
٢٥- استعان عدو الله بعزة الله،ونحن ياربنا العاجزون المقصرون،المقرون،فنستعين بعزتك،وقدرتك،ورحمتك أن تعيننا على محاربته وعداوته،والسلامة من شره.
٢٦- اشتملت على الذكر الحكيم،فأقسم في أولها بأنه ذو الذكر ووصفه في آخرها بأنه ذكر للعالمين وأكثر التذكير بها فيما بين ذلك{ واذكر-وذكرى -هذا ذكر}.
=========
سورة الزمر
١- لمَّا كان القرآن نازلا من الحق على أشرف الخلق،مشتملا على الحق لهداية الخلق،عظمت فيه النعمة وجلَّت ووجب القيام بشكرها وذلك بإخلاص الدين لله.
٢- زعم المشركون بقياسهم الفاسد أن الملوك كما أنه لا يوصل إليهم إلا بوجهاء، وشفعاء، ووزراء يرفعون إليهم حوائج رعاياهم، أن الله تعالى كذلك.
٣- إنما احتاج الملوك للوساطة لأنهم لا يعلمون أحوال رعاياهم فيحتاج من يعلمهم، وربما لا يكون في قلوبهم رحمة لصاحب الحاجة فيحتاج من يعطفهم عليه.
٤- أحاط علم الرب تعالى بالظواهر والبواطن وهو أرحم الراحمين،فلا يحتاج من يخبره بأحوال عباده أو إلى من يجعله راحما لهم، بل هو أرحم بهم من أنفسهم.
٥- {لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار} فلو كان له ولد لم يكن مقهورا، لإدلاله على أبيه ومناسبة منه.
٦- {هو الله الواحد القهار}سبحانه واحد لا شبيه له فلو كان له ولد، لاقتضى أن يكون شبيها له في وحدته، لأنه بعضه، وجزء منه.
٧- {هو الله الواحد القهار}وحدته تعالى وقهره متلازمان، فالواحد لا يكون إلا قهارا، والقهار لا يكون إلا واحدا، وذلك ينفي الشركة له من كل وجه.
٨- خلقكم الله طورا بعد طور،ورباكم في مكان ضيق لا يد مخلوق تمسكم،ولا عين تنظر إليكم،أفبعد هذا البيان لا تخلصون له وتشركون معه من لا يدبر شيئا.
٩- {ولا يرضى لعباده الكفر} لكمال إحسانه وعلمه أن الكفر يشقيهم شقاوة لا يسعدون بعدها،ولأن غاية خلقهم هي عبادته،فلا يرضى أن يدعوا ما خلقهم لأجله.
١٠- {أم من هو قانت آناء الليل ساجداوقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه}وصفه بأفضل العبادات وهي الصلاة،وأفضل الأوقات وهو أوقات الليل،والخوف والرجاء
١١- {أم من هو قانت آناء الليل ساجداوقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} وصفه بكثرة العمل الظاهر والباطن وأفضله،خوفا من عذاب الآخرة،ورجاء رحمة الله
١٢- من لا يميز بين الأقوال حسنها وقبيحها فليس من أهل العقول الصحيحة،أما من يميز لكن غلبت شهوته عقله فتابع عقله شهوته فلم يؤثر الأحسن فناقص العقل
١٣- {الله نزَّل أحسن الحديث كتابا متشابها} كله متشابه في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف بوجه من الوجوه.
١٤- {منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} بعض آياته تشتبه على فهوم كثير من الناس ولا يزول هذا الاشتباه إلا بردها إلى المحكم.
١٥- يحتاج القلب لتكرر معاني كلام الله عليه كالسقي للشجر،وينبغي لقارئ القرآن المتدبر لمعانيه أن لا يدع التدبر في جميع مواضعه ليحصل الخير واالنفع.
١٦- المشرك فيه شركاء متشاكسون، يدعو هذا ثم يدعو هذا، فتراه لا يستقر له قرار ولا يطمئن قلبه في موضع
١٧- الموحِّد مخلص لربه، قد خلصه الله من الشركة لغيره، فهو في أتم راحة وأكمل طمأنينة.
١٨- {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} لا بد في المدح من الصدق والتصديق، فصدقه يدل على علمه وعدله،وتصديقه يدل على تواضعه وعدم استكباره.
١٩- {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} الذين وفقوا للجمع بين الأمرين هم المتقون فإن جميع خصال التقوى ترجع إلى الصدق بالحق والتصديق به.
٢٠- {ليكفر الله عنهم أسوأ الَذِي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} عمل الإنسان له ثلاث حالات:إما أسوأ، أو أحسن، أو لا أسوأ، ولا أحسن.
٢١- {ليكفر الله عنهم أسوأ الَذِي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون}الأسوأ المعاصي كلها والأحسن الطاعات كلها،والمباحات لا أحسن ولا أسوأ
٢٢- { ليكفر الله عنهم أسوأ الَذِي عملوا } أي: ذنوبهم الصغار، بسبب إحسانهم وتقواهم، { ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} أي: بحسناتهم كلها.
٢٣- {أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون} إن من أعظم الاختلاف اختلاف الموحدين المخلصين، والمشركين الذين اتخذوا من دونك الأنداد والأوثان.
٢٤- {بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون } فلذلك يعدون الفتنة منحة، ويشتبه عليهم الخير المحض، بما قد يكون سببا للخير أو للشر.
٢٥- العطاء أحب إلى الله من المنع،ورحمته سبقت غضبه،ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسباب إن لم يأت بها العبد،فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة.
٢٦- أعظم وأجل أسباب مغفرة الله ورحمته، بل لا سبب لها غيره، الإنابة إلى الله تعالى بالتوبة النصوح، والدعاء والتضرع والتأله والتعبد.
٢٧- {وأنيبوا إلى ربكم} بقلوبكم {وأسلموا له} بجوارحكم؛إذا أفردت الإنابة دخلت فيها أعمال الجوارح، وإذا جمع بينهما كان المعنى ما ذُكر.
٢٨- {أو تقول لو أن الله هداني}"لو" هنا للتمني لا شرطية أي ليت الله هداني فأكون متقيا حتى لايكون احتجاجا بالقدر فيوم القيامة تضمحل الحجج الباطلة.
٢٩- {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة} فكما سوَّدوا وجه الحق بالكذب، سود الله وجوههم جزاء من جنس عملهم.
٣٠- يشمل الكذب على الله اتخاذ الشريك والولد والصاحبة،والإخبار عنه بما لايليق بجلاله،أو ادعاء النبوة،أو القول في شرعه بما لم يقله وادعاء أنه شرعه
٣١- {وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم } أي: بنجاتهم، وذلك لأن معهم آلة النجاة، وهي تقوى الله تعالى، التي هي العدة عند كل هول وشدة.
٣٢- { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } هذا مفرد مضاف يعم كل عمل،.ففي نبوة جميع الأنبياء أن الشرك محبط لجميع الأعمال.
٣٣- كما أنه تعالى يشكر على النعم الدنيوية، كصحة الجسم، وحصول الرزق وغير ذلك،كذلك يشكر ويثنى عليه بالنعم الدينية، كالتوفيق للإخلاص، والتقوى.
٣٤- في تدبر أن النعم الدينية من الله تعالى وشكره عليها سلامة من آفة العجب، ولو عرف العبد حقيقة الحال لم يعجب بنعمة تستحق عليه زيادة الشكر.
٣٥- يحصل يوم الفصل حكم يقر به الخلق ويعترفون لله بالحمد والعدل ويعرفون به من عظمته وعلمه وحكمته ورحمته ما لم يخطر بقلوبهم ولا تعبر عنه ألسنتهم.
٣٦- {وقيل الحمد لله رب العالمين}لم يذكر القائل؛فجميع الخلق نطقوا بحمده وبحكمته على ما قضى به على أهل الجنة وأهل النار،حمد فضل وإحسان وعدل وحكمة.
=======
سورة غافر
١- الواجب على العبد أن يعتبر الناس بالحق وينظر إلى الحقائق الشرعية ويزن بها الناس، ولا يزن الحق بالناس كما عليه من لا علم ولا عقل له.
٢- {ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته}لم تزل رحمة الرب مستمرة على العباد لا يمنعها إلا ذنوبهم وسيئاتهم فمن وقاه السيئات وفقه للحسنات وجزائها الحسن
٣- على المتدبر ألا يقتصر على مجرد المعنى الخاص الدال عليه اللفظ بمفرده بل عليه أن يتدبر معنى اللفظ ويفهمه فهمًا صحيحًا على وجهه فإنه مراد أيضا.
٤- من أكبر نعم الله أنه لم يُبْقِ الحق مشتبهًا ولا الصواب ملتبسًا، بل نوَّع الدلالات ووضح الآيات ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيَّ عن بينة.
٥- كلما كبرت المسائل وجلت كثرت عليها الدلائل؛وأكبر المسائل التوحيد لذا كثر الاستدلال لها والأدلة عليها العقلية والنقلية وتنوعت وضرب لها الأمثال
٦- لم يقل تعالى {وما كيدهم إلا في ضلال} بل قال:{وما كيد الكافرين إلا في ضلال} فعلقه على الوصف العام ليكون أعم،حتى لَا يتوهم اختصاص الحكم بمعين.
٧- من أعجب التمويه أن يكون شر الخلق ينصح الناس عن اتباع خير الخلق وهذا لا يدخل إلا عقل من قيل فيهم{فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين}.
٨- من أسرف بترك الحق والإقبال على الباطل ونسب ذلك كذبا إلى الله،فإن الله لا يهديه إلى الصواب،لا في مدلوله ولا في دليله،ولا يوفق للصراط المستقيم
٩- {فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا}هذا من حسن الدعوة،حيث جعل الأمر مشتركًا بينهم ليفهمهم أنه ينصح لهم كما ينصح لنفسه، ويرضى لهم ما يرضى لنفسه.
١٠- صدق فرعون في قوله{ما أريكم إلا ما أرى} فقد رأى أن يستخف قومه فيتابعوه ليقيم رياسته، ولم ير الحق معه بل رأى الحق مع موسى وجحد به مستيقنًا له.
١١- {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } لو أمرهم فرعون باتباعه فحسب لكان الشر أهون، ولكنه قلب الحق فزعم أن اتباعه اتباع للحق واتباع الحق اتباع للضلال.
١٢- الذي وصفه السرف والكذب لا ينفك عنهما لا يهديه الله ولا يوفقه للخير لأنه رد الحق بعد أن وصل إليه وعرفه فجزاؤه أن يعاقبه الله بأن يمنعه الهدى.
١٣- الوصف اللازم لكل من جادل في آيات الله أنه من المحال أن يجادل بسلطان، لأن الحق لا يعارضه معارض فلا يمكن أن يعارض بدليل شرعي أو عقلي أصلا.
١٤- {فاصبر إن وعد الله حق } لاريب ولا شك فيه حتى يعسر عليك الصبر، وإنما هو الهدى والحق المحض يصبر عليه الصابرون ويجتهد في التمسك به أهل البصائر.
١٥- قوله تعالى { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } من الأسباب التي تحث على الصبر على طاعة الله وعن ما يكره الله.
١٦- {إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه}كل من جادل الحق وتكبر عليه فإنه مغلوب،وهو في نهايته ذليل.
========
سورة فصلت
١- {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون}لم يحكموا بغلبتهم لمن جاء بالحق إلا بالإعراض عنه والتواصي بذلك،فإن الحق غالب
٢- {وما يلقاها إلا الذين صبروا } نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحبه الله، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته، فكيف بالإحسان؟.
٣- {والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى} لا يزيدهم إلا ضلالاً فإنهم إذا ردوا الحق ازدادوا عمى إلى عماهم، وغيًّا إلى غيَّهم.
٤- الذين لا يؤمنون بالقرآن، لا ينتفعون بهداه، ولا يبصرون بنوره، ولا يستفيدون منه خيرًا، لأنهم سدوا على أنفسهم أبواب الهدى، بإعراضهم وكفرهم.
=========
سورة الشورى
١- اتفاق الأمة حجة قاطعة فالله لم يأمرنا أن نرد إليه إلا ما اختلفنا فيه،وما اتفقنا عليه يكفي اتفاق الأمة عليه مع الموافقة لما في الكتاب والسنة.
٢- كثيرا ما يذكر الله التوكل والانابة لأنهما الأصلان الذان يحصل بمجموعهما كمال العبد، ويفوته الكمال بفوتهما أو فوت أحدهما.
٣- لولا الإسلام ماارتفع أحد من الخلق فهو روح السعادة وقطب رحى الكمال وهو ما تضمنه الكتاب الكريم ودعا إليه من التوحيد والأعمال والأخلاق والآداب.
٤- {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } أمركم أن تقيموا جميع شرائع الدين أصوله وفروعه على أنفسكم وغيركم.
٥- {ولا تتفرقوا فيه} لتتفقوا على أصول الدين وفروعه، ولا تفرقكم المسائل وتحزبكم أحزابا، وتكونون شيعا يعادي بعضكم بعضا مع اتفاقكم على أصل دينكم.
٦- {ويهدي إليه من ينيب } إنابة العبد لربه، وانجذاب دواعي قلبه إليه، وكونه قاصدا وجهه، مع اجتهاده في طلب الهداية، من أسباب التيسير لها.
٧- {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم} إن أهل الكتاب لم يتفرقوا حتى أُنزل عليهم الكتاب الموجب للاجتماع، بغيا منهم، فلا تغتروا.
٨- إن أهل الكتاب بغوا واعتدوا، فتباغضوا وتحاسدوا، وحصلت بينهم المشاحنة والعداوة، فوقع الاختلاف مع وجود الكتاب، فليحذر المسلمون أن يكونوا مثلهم.
٩- {واستقم كما أمرت } استقامة موافقة لأمر الله،لا تفريط ولا إفراط،بل امتثالا لأوامر الله واجتنابا لنواهيه،ومستمرا على ذلك،وداعيا غيرك إلى ذلك.
١٠- {ولا تتبع أهواءهم } أي: أهواء المنحرفين عن الدين من الكفرة والمنافقين إما باتباعهم على بعض دينهم،أو بترك الدعوة إلى الله، أو بترك الاستقامة.
١١- {ولا تتبع أهواءهم}لم يقل"دينهم"لأن حقيقة دينهم الذي شرعه الله هو دين الرسل كلهم،ولكنهم لم يتبعوه،بل اتبعوا أهواءهم،واتخذوا دينهم لهوا ولعبا.
١٢- كتابنا ورسولنا لم يأمرنا إلا بالإيمان بموسى وعيسى والتوراة والإنجيل، التي أخبر بها وصدق بها، وأخبر أنها مصدقة له ومقرة بصحته.
١٣- لم يأمرنا كتابنا ورسولنا بالإيمان بمجرد التوراة والإنجيل، وموسى وعيسى، الذين لم يوصفوا لنا، ولم يوافقوا لكتابنا.
١٤- من لطفه تعالى بعبده المؤمن أن هداه إلى الخير هداية لا تخطر بباله بما يسر له من الأسباب الداعية إلى ذلك من فطرته على محبة الحق والانقياد له.
١٥- من لطف الله بالمؤمنين إيزاعه لملائكته الكرام أن يثبتوا عباده المؤمنين ويحثوهم على الخير ويلقوا في قلوبهم من تزيين الحق ما يكون داعيا لاتباعه
١٦- من لطف الله أمر المؤمنين بالعبادات الاجتماعية التي بها تقوى عزائمهم وتنبعث هممهم ويحصل منهم التنافس على الخير والرغبة فيه واقتداء بعضهم ببعض
١٧- من لطفه تعالى أن قيض لعبده كل سبب يعوقه ويحول بينه وبين المعاصي.
١٨- من لطفه تعالى أنه إذا علم أن الدنيا والمال والرياسة ونحوها تقطع عبده عن طاعته أو تحمله على الغفلة عنه أو على معصية صرفها عنه وقدر عليه رزقه.
١٩- الدين لا يكون إلا ما شرعه الله تعالى ليدين به العباد ويتقربوا به إليه، فالأصل الحجر على كل أحد أن يشرع شيئا غير ما جاء عن الله وعن رسوله.
٢٠- {قل لا أسألكم عليه أجرا}على تبليغي إياكم القرآن ودعوتكم إلى أحكامه.فلست أريد أخذ أموالكم، ولا التولي عليكم والترأس، ولا غير ذلك من الأغراض.
٢١- من أعظم أدلة صدق الرسول،أن الله لايمكِّن دعيا من التصريح بالدعوة،ثم نسبتها إليه،ثم يؤيده بالأدلة وبالمعجزات،والنصر المبين.فهذا قدح فيه تعالى
٢٢- {ويمح الله الباطل ويحق الحق}من حكمته سبحانه ورحمته وسنته الجارية،أنه يمحو الباطل ويزيله وإن كان له صولة في بعض الأوقات فإن عاقبته الاضمحلال.
٢٣- من إحقاق الحق،أن يُقَيِّضَ الله له الباطل ليقاومه،فيصول عليه الحق ببراهينه وبيناته مابه يضمحل الباطل وينقمع ويتبين بطلانه ويظهر الحق لكل أحد
٢٤- {ويعفو عن السيئات}فيمحوها ويمحو أثرها من العيوب ومااقتضته من العقوبات ويعود التائب عنده كريما كأنه ماعمل سوءا قط ويحبه ويوفقه لما يقربه إليه
٢٥- {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض}من لطفه بعباده أنه لا يوسع عليهم الدنيا سعة تضر بدينهم فيغفلوا عن طاعته وينكبوا على المعصية والظلم.
٢٦- {صَبَّارٍ} أي: كثير الصبر على ما تكرهه نفسه ويشق عليها فيكرهها عليه من مشقة طاعة أو ردع داع إلى معصية أو ردع نفسه عند المصائب عن التسخط.
٢٧- { شَكُورٍ } في الرخاء وعند النعم، يعترف بنعمة ربه ويخضع له، ويصرفها في مرضاته.
٢٨- { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } الذي لا صبر عنده، ولا شكر له على نعم الله، فإنه معرض أو معاند فلا ينتفع بالآيات.
٢٩- الفواحش هي الذنوب الكبار التي في النفوس داع إليها كالزنا ونحوه،والكبائر ما ليس كذلك،هذا عند الاقتران وأما مع الإفراد فكل منهما يدخل في الآخر
٣٠- {وأمرهم شورى بينهم} اجتماعهم وتشاورهم في أمورهم المشتركة الدينية والدنيوية كالرأي في الجهاد ونحوه وعدم استبداد أحدهم برأيه مما يحبه الله.
٣١- مراتب العقوبات ثلاث: العدل وهو السيئة بمثلها لازيادة ولا نقص، والفضل وهو العفو والإصلاح، والظلم وهو الابتداء بالجناية أو الزيادة في العقوبة.
٣٢- شرط الله في العفو الإصلاح فيه ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته فلا يكون العفو مأمورا به.
٣٣- لا بد من إصابة البغي والظلم ووقوعه وأما مجرد الإرادة من غير أن يقع منه شيء فهذا لا يجازى بمثله وإنما يؤدب تأديبا يردعه عن قول أو فعل صدر منه
٣٤- ترك الانتصار للنفس أشق شيء عليها، والصبر والصفح والمقابلة بالإحسان أشق وأشق،ويحتاج لمجاهدة ثم إذا ذاق العبد حلاوته، ووجد آثاره تلذذ به.
٣٥- {أوحينا إليك روحا من أمرنا} سمى الله القرآن روحا لأنه تحيا به القلوب والأرواح، ومصالح الدنيا والدين لما فيه من الخير الكثير والعلم الغزير.
=======
سورة الزخرف
١- {فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم } فعلا واتصافا، موصل إلى الله وإلى دار كرامته، وهذا مما يوجب عليك زيادة التمسك به والاهتداء.
٢- {فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم } فهو حق وعدل وصدق، فتكون بانيا على أصل أصيل، إذا بنى غيرك على الشكوك والأوهام، والظلم والجور.
٣- {وإنه لذكر لك ولقومك} هذا القرآن فخر لكم، ومنقبة جليلة،ونعمة لا يقادر قدرها، ويذكركم أيضا ما فيه الخير ويحثكم عليه ويذكركم الشر ويرهبكم عنه.
٤- {وسوف تسألون} وسوف تسألون عن هذا القرآن هل قمتم به فارتفعتم وانتفعتم، أم لم تقوموا به فيكون حجة عليكم، وكفرا منكم بهذه النعمة؟
٥- من جهل فرعون البليغ افتخاره بأمر خارج عن ذاته - ملك مصر والأنهار- ولم يفخر بأوصاف حميدة، ولا أفعال سديدة.
٦- { إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } فبسبب فسقهم، قيض لهم فرعون، يزين لهم الشرك والشر.
==================
سورة الدخان
١- {فما بكت عليهم السماء والأرض} لم يحزن على فراقهم بل كل استبشر بهلاكهم حتى السماء والأرض لأنهم ما خلفوا إلا ما يوجب عليهم المقت من العالمين.
=========
سورة الجاثية
١- {هذا هدى}القرآن هدى جميعه فإنه يهدي إلى معرفة الله ومعرفة رسله وأوليائه وأعدائه، وأوصافهم، ومعرفة الأعمال الصالحة والسيئة ويبين جزاء كلٍّ.
٢- {وفضلناهم على العالمين} أي: فضلنا بني اسرائيل على الخلق بهذه النعم المذكورة، ويخرج من هذا العموم اللفظي هذه الأمة فإنهم خير أمة أخرجت للناس.
٣- {ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون} كل من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم هواه وإرادته فإنه من أهواء الذين لا يعلمون.
٤- {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله أو يسخطه {وأضله الله على علم} من الله تعالى أنه لا تليق به الهداية ولا يزكو عليها
٥- {وختم على سمعه}فلا يسمع ما ينفعه،{وقلبه}فلا يعي الخير{وجعل على بصره غشاوة}تمنعه من نظر الحق،فمن يهديه من بعد الله وقد سدت عليه أبواب الهداية
٦- {كل أمة تدعى إلى كتابها} أي: إلى شريعة نبيهم الذي جاءهم من عند الله، وهل قاموا بها فيحصل لهم الثواب والنجاة؟ أم ضيعوها فيحصل لهم الخسران؟
=======
سورة الأحقاف
١- إن صلاح الوالدين بالعلم والعمل من أعظم الأسباب لصلاح أولادهم.
٢- جمع الكفار بين قول الباطل والعمل بالباطل والكذب على الله بنسبته إلى رضاه والقدح في الحق والاستكبار عنه فعوقبوا أشد العقوبة.
=======
سورة القتال
١- {ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل}الباطل:كل غاية لا يراد بها وجه الله،والأعمال التي في نصر الباطل لما كانت باطلة كانت الأعمال لأجلها باطلة.
٢- { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } أي: أصلح دينهم ودنياهم، وقلوبهم وأعمالهم، وأصلح ثوابهم بتنميته وتزكيته، وأصلح جميع أحوالهم.
٣- {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}وعد من كريم صادق الوعد أن الذي ينصر الله بالأقوال والأفعال سينصره وييسر له أسباب النصر من الثبات وغيره.
٤- {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}الذين آمنوا وانقادوا شكر الله لهم فوفقهم للخير وحفظهم من الشر،فلهم جزاءين:العلم النافع،والعمل الصالح.
٥- العلم لا بد فيه من إقرار القلب ومعرفته، بمعنى ما طلب منه علمه، وتمامه أن يعمل بمقتضاه.
٦- الدليل العظيم للعلم بأنه لا إله إلا الله هو تدبر هذا القرآن العظيم، والتأمل في آياته فإنه الباب الأعظم إلى العلم بالتوحيد وتفاصيله وجمله.
٧- يقول الذين آمنوا استعجالا ومبادرة للأوامر الشاقة لولا نزلت سورة وذكر فيها القتال فإذا أنزلت لم يثبت ضعفاء الإيمان وكرهوا ذلك واشتد عليهم.
٨- أولى للمؤمنين أن يمتثلوا الأمر الحاضر المحتم عليهم،ويجمعوا عليه هممهم،ولايطلبوا أن يشرع لهم ما هو شاق عليهم،وليفرحوا بعافية الله تعالى وعفوه
٩- إن العبد المؤمل للآمال المستقبلة مع كسله عن عمل الوقت الحاضر، شبيه بالمتألي الذي يجزم بقدرته على ما يستقبل من أموره فأحرى به أن يخذل.
١٠- إن العبد إذا تعلقت نفسه بالمستقبل ضعف عن العمل بوظيفة وقته لانتقال الهمة إلى غيره والعمل تبع لها،وبوظيفة المستقبل لفتور الهمة حينها فلا يعان
١١- الموفق المسدد من جمع همه وفكرته ونشاطه على وقته الحاضر ويؤدي وظيفته بحسب قدرته ثم كلما جاء وقت استقبله بنشاط وهمة عالية مجتمعة مستعينا بربه.
١٢- {أم حسب الذين في قلوبهم مرض}من شبهة أو شهوة أن الله لا يخرج ما في قلوبهم من الأضغان والعداوة للإسلام وأهله بالابتلاء؟فهذا ظن لا يليق بحكمته.
١٣- {ولتعرفنهم في لحن القول} أي :لا بد أن يظهر ما في قلوبهم ويتبين بفلتات ألسنتهم فإن الألسن مغارف القلوب يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر.
١٤- أعظم امتحان يمتحن الله به عباده هو الجهاد فمن امتثل أمره وجاهد في سبيله لنصر دينه وإعلاء كلمته فهو المؤمن حقا، ومن تكاسل كان نقصا في إيمانه.
١٥- {ولا تبطلوا أعمالكم}يشمل النهي عن إبطالها بعد عملها بما يفسدها كالمن والعجب والمعاصي،والنهي عن إفسادهاحال وقوعها بقطعها أو الإتيان بمفسد لها
١٦- {ولا تبطلوا أعمالكم}إذا كان الله قد نهى عن إبطال الأعمال فهو أمر بإصلاحها وإكمالها وإتمامها والإتيان بهاعلى الوجه الذي تصلح به علما وعملا.
١٧- أمور ثلاثة كل منها مقتض للصبر وعدم الوهن : كون المؤمنين الأعلين، وأن الله معهم،وأن الله لا ينقصهم من أعمالهم شيئا بل سيوفيهم أجورهم وزيادة.
=======
الفتح
١- وصف الله صلح الحديبية بأنه فتح مبين أي:ظاهر جلي وذلك لأن المقصود في فتح بلدان المشركين إعزاز دين الله وانتصار المسلمين وهذا حصل بذلك الفتح.
٢- {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} وذلك -والله أعلم- بسبب ما حصل بسببه من الطاعات الكثيرة، والدخول في الدين بكثرة.
٣- {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}وذلك -والله أعلم-بما تحمل عليه الصلاة والسلام من الشروط التي لايصبر عليها إلا أولو العزم من المرسلين
٤- من نعمة الله على عبده عند نزول المحن المقلقة والصعاب أن يثبته ويربط على قلبه، وينزل عليه السكينة، ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ونفس مطمئنة.
٥- لما صبر الصحابة ووطنوا أنفسهم لما جرى من الشروط التي ظاهرها أنها غضاضة عليهم، ولا تكاد تصبر عليها النفوس، ازدادوا بذلك إيمانا مع إيمانهم.
٦- من استنار بالصلاة باطنه استنار بالجلال ظاهره.
======
الحجرات
١- {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} نهي عن تقديم قول غير الرسول على قوله فإنه متى استبانت سنته وجب اتباعها وتقديمها على غيرها كائنا ما كان.
٢- من لازم أمر الله واتبع رضاه وسارع إلى ذلك وقدمه على هواه تمحض وتمحص للتقوى وصار قلبه صالحًا لها ومن لم يكن كذلك علم أنه لا يصلح للتقوى.
٣- {إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبينوا} فيه دليل على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه حتى يتثبت منه ويتبين بالقرائن.
٤- {فأصلحوا بينهما بالعدل}أمر بالصلح، وبالعدل في الصلح فإن كان بالظلم والحيف على أحد الخصمين لقرابة أو وطن أو غير ذلك فليس هو الصلح المأمور به.
٥- { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } إن عدم القيام بحقوق المؤمنين من أعظم حواجب الرحمة.
٦- إن بقاء ظن السوء بالقلب لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك بل لا يزال به حتى يقول ما لا ينبغي ويفعل ما لا ينبغي.
٧- {ولا تجسسوا}لا تفتشوا عن عورات المسلمين ولا تتبعوها واتركوا المسلم على حاله واستعملوا التغافل عن أحواله التي إذا فتشت ظهر منها ما لا ينبغي.
٨- من ادعى الإيمان وقام بواجباته ولوازمه فهو الصادق المؤمن حقًا، ومن لم يكن كذلك علم أنه ليس بصادق فإن الإيمان في القلب لا يطلع عليه إلا الله.
=====
سورة ق
١- { ق والقرآن المجيد} المجد: سعة الأوصاف وعظمتها وأحق كلام يوصف بهذا هذا القرآن فهو وسيع المعاني عظيمها كثير الوجوه كثير البركات جزيل المبرات.
٢- {هذا شيء عجيب} تعجبهم من رسول منهم يدل على جهلهم وضعف عقولهم كتعجب المجنون من عقل العاقل والجبان من شجاعة الشجاع والبخيل من سخاء أهل السخاء.
٣- كل من كذب بالحق فإنه في أمر مختلط متناقض لا يدرى له وجهة ولا قرار، كما أن من اتبع الحق وصدق به قد استقام أمره واعتدل سبيله وصدق فعله قيله.
٤- {أواب حفيظ} رجاع إلى الله في جميع الأوقات يحافظ على ما أمر الله به، بامتثاله على وجه الإخلاص والإكمال له على أكمل الوجوه، حفيظ لحدوده.
٥- {من خشي الرحمن بالغيب} هذه هي الخشية الحقيقية وأما خشيته في حال نظر الناس وحضورهم فلا تدل على الخشية وإنما النافعة خشيته في الغيب والشهادة
=======
سورة الذاريات
١- من أفضل أنواع الإحسان في عبادة الخالق، صلاة الليل، الدالة على الإخلاص، وتواطؤ القلب واللسان.
٢- أمرنا الله بالفرار مما يكرهه إلى مايحبه ظاهرًا وباطنًا،ومن الجهل إلى العلم،ومن الكفر إلى الإيمان،ومن المعصية إلى الطاعة،ومن الغفلة إلى ذكره.
٣- سمى الله الرجوع إليه فِرارَا، لأن في الرجوع لغيره أنواع المخاوف والمكاره، وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسرور والسعادة والفوز.
٤- يفر العبد من قضاء الله وقدره إلى قضائه وقدره، وكل من خفت منه فررت منه لغيره إلا الله تعالى فإنه بحسب الخوف منه يكون الفرار إليه.
٥- {ولا تجعلوا مع الله إلها آخر} هذا من الفرار إلى الله،بل هذا أصل الفرار إليه وذلك أن يفر العبد من الشرك كله،ويخلص العبادة بأنواعها كلها للّه.
٦- إنما تنفع الذكرى المؤمنين أما من ليس له إيمان ولا استعداد لقبول التذكير فهذا لا ينفع تذكيره، بمنزلة الأرض السبخة التي لا يفيدها المطر شيئًا.
٧- خلق الله الجن والانس لعبادته من غير حاجة منه إليهم وتمام العبادة متوقف على المعرفة بالله وكلما ازداد العبد معرفة لربه كانت عبادته أكمل.
========
سورة الطور
١- {فاكهين بما آتاهم ربهم} رزقهم المحبوب ونجاهم من المرهوب، لما فعلوا ما أحبه الله وجانبوا ما يسخطه ويأباه.
٢- الطغيان ليس له حد يقف عليه فلا يستغرب من الطاغي المتجاوز الحد كل قول وفعل صدر منه.
٣- {وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم} يقولوا هذا سحاب متراكم على العادة فلا يبالون ولا يعتبرون فلا دواء لهم إلا العذاب والنكال.
=======
سورة النجم
١- في الاقسام بالنجوم على صحة ما جاء به الرسول من الوحي الإلهي مناسبة عجيبة،فإن الله تعالى جعل النجوم زينة للسماء فكذلك الوحي وآثاره زينة للأرض
٢- من حفظ الله لوحيه أن أرسله مع الأمين شديد القوى جبريل عليه السلام القوي على إيصال الوحي ومنعه من اختلاس الشياطين له أو إدخالهم فيه ماليس منه
٣- للدلالة على قوة هذا الوحي وجمال ظاهره وباطنه أن أرسله تعالى مع جبريل عليه السلام الذي هو { ذُو مِرَّةٍ } أي: قوة،وخلق حسن،وجمال ظاهر وباطن.
٤- {مازاغ البصر وما طغى} هذا كمال الأدب منه صلوات الله وسلامه عليه أن قام مقاما أقامه الله فيه ولم يقصر عنه ولا تجاوزه ولا حاد عنه.
٥- الاخلال من العبد يكون إما ألا يقوم بماأمر به أو بالتفريط أو بالافراط أو بالحيدة وهذه كلها منتفية عنه صلى الله عليه وسلم{مازاغ البصر وما طغى}
٦- {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} أي: قام بجميع ما ابتلاه الله به، وأمره به من الشرائع وأصول الدين وفروعه.
٧- من كمال عدل الله أن أهل النار ليدخلونهاوإن قلوبهم مملوءة من حمد ربهم والإقرار بكمال حكمته، ومقت أنفسهم وأنهم الذين أوردوا أنفسهم شر الموارد.
٨- السجود هو سر العبادة ولبها وهو أعظم حالة يخضع بها العبد فإنه يخضع قلبه وبدنه ويجعل أشرف أعضائه على الأرض المهينة موضع وطء الأقدام.
==========
سورة القمر
١- {ولقد يسرنا القرآن للذكر} علم القرآن حفظا وتفسيرا أسهل العلوم وأجلها على الإطلاق، وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبد أعين عليه.
=======
سورة الرحمن
١- الميزان،العدل بين العباد في الأقوال والأفعال ويدخل فيه الميزان،والمكيال،والمساحات،والحقائق التي يفصل بها بين المخلوقات،ويقام بها العدل بينهم
٢- {ألا تطغوا في الميزان} وضعه لئلا تتجاوزوا الحد فيه فلو رجع الأمر إلى عقولكم وآرائكم لحصل من الخلل ما الله به عليم ولفسدت السماوات والأرض.
٣- {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان}اجعلوه قائما بالعدل الذي تصل إليه مقدرتكم وإمكانكم،ولاتنقصوه وتعملوا بضده وهو الجور والظلم والطغيان.
٤- خلق الآدمي من الطين والتراب تشريف له فالطين محل الرزانة والثقل والمنافع، بخلاف عنصر الجان وهو النار التي هي محل الخفة والطيش والشر والفساد.
٥- {ولمن خاف مقام ربه جنتان} إحدى الجنتين جزاء على ترك المنهيات، والأخرى على فعل الطاعات.
٦- {متكئين على فرش بطائنها من استبرق}فرش أهل الجنة بطائنها التي تلي الأرض منها من إستبرق وهو أحسن الحرير وأفخره فكيف بظواهرها التي تلي بشرتهم؟!
٧- { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } أي: في الجنات كلها خيرات الأخلاق حسان الأوجه، فجمعن بين جمال الظاهر والباطن، وحسن الخَلق والخُلق.
٨- {ولمن خاف مقام ربه جنتان} معدتان للمقربين من الأنبياء، والصديقين، وخواص عباد الله الصالحين.
٩- {ومن دونهما جنتان} معدتان لعموم المؤمنين، وفي كل من الجنات المذكورات ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
١٠- أهل الجنان في غاية الراحة والرضا والطمأنينة وحسن المأوى حتى إن كلا منهم لا يرى أحدا أحسن حالا منه ولا أعلى من نعيمه الذي هو فيه.
=======
سورة الواقعة
١- {إنهم كانوا قبل ذلك مترفين} قد ألهتهم دنياهم وعملوا لها وتنعموا وتمتعوا بها فألهاهم الأمل عن إحسان العمل؛ فهذا هو الترف الذي ذمهم الله عليه.
٢- {نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين} العبد من حين ولد فهو مسافر إلى ربه، فجعل الله النار متاعا للمسافرين في هذه الدار، وتذكرة لهم بدار القرار.
٣- {إنه لقرآن كريم} كثير الخير، غزير العلم، فكل خير وعلم فإنما يستفاد من كتاب الله ويستنبط منه.
٤- {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} تختفون وتدلسون خوفا من الخلق وعارهم وألسنتهم؟هذا لا ينبغي ولا يليق إنما يداهن بالحديث الذي لا يثق صاحبه منه.
٥- {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون}القرآن هو الحق الذي يعلو ولا يعلى والذي لا يغالب به مغالب إلا غلب،وهو الذي لا يداهن به ولا يختفى بل يصدع به ويعلن
========
سورة الحديد
١- {ولله ميراث السماوات والأرض}ستنتقل الأموال منكم أو تنقلون عنها،ثم يعود الملك إلى مالكه تعالى،فاغتنموا وانتهزوا فرصة الإنفاق مادامت في أيديكم
٢- مقتضى الحكمة أن من أسلم قبل الفتح وأنفق وقاتل، أعظم درجة ممن لم يسلم ويقاتل وينفق إلا بعده من غير نقص وقدح في المفضول فكلا{ وعد الله الحسنى}
٣- {وكلا وعد الله الحسنى} هذا يدل على فضل الصحابة كلهم ،الذين أسلموا وقاتلوا وأنفقوا من قبل الفتح وبعده حيث شهد الله لهم بالإيمان ووعدهم الجنة
٤- القرض الحسن هي النفقة الطيبة التي تكون خالصة لوجه الله، موافقة لمرضاة الله، من مال حلال طيب، طيبة به نفس العبد.
٥- {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا}من كرمه تعالى سماه قرضا فالمال ماله والعبد عبده، ووعد بالمضاعفة عليه يوم القيامة يوم كل يتبين فقره وحاجته
٦- من عرف الدنيا وحقيقتها، فجعلها معبرا لا مستقرا، إذا رأى من يكاثره وينافسه بالأموال والأولاد نافسه بالأعمال الصالحة وفيما يقربه إلى الله.
٧- {ليقوم الناس بالقسط} هذا دليل على أن الرسل متفقون في قاعدة الشرع وهو القيام بالقسط وإن اختلفت أنواع العدل.
٨- قرن تعالى بين الكتاب والحديد لأن بهما ينصر دينه ويعلي كلمته؛ بالكتاب الذي فيه الحجة والبرهان والسيف الناصر بإذن الله، وقيامها بالعدل والقسط.
٩- { وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ } أي: يعطيكم علما وهدى ونورا تمشون به في ظلمات الجهل، ويغفر لكم السيئات.
١٠- أخبر الله تعالى أن المؤمنين برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، المتقين لله، لهم كفلان من رحمته، ونور، ومغفرة، رغما على أنوف أهل الكتاب.
=======
سورة المجادلة
١- المنافقون مذبذبون فليسوا مؤمنين ظاهرا وباطنا لأن باطنهم مع الكفار، ولا مع الكفار ظاهرا وباطنا لأن ظاهرهم مع المؤمنين؛ فهم خونة فجرة كذبة.
٢- من عاش على شيء مات عليه فالمنافقون يموهون على المؤمنين بالحلف الكاذب؛ويوم القيامة يحلفون لله وهو عالم الغيب والشهادة فلا يروج عليه كذبهم.
٣- وعيد من الصادق القوي العزيز أن من حاده ورسوله بالكفر والمعاصي أنه مخذول مذلول؛ووعد لمن آمن به وبرسله بالفتح والنصر والغلبة في الدنيا والآخرة
٤- من يزعم أنه يؤمن بالله واليوم الآخر وهو مع ذلك مواد لأعداء الله محب لمن ترك الإيمان وراء ظهره، فإن هذا إيمان زعمي لا حقيقة له ولا برهان.
=========
سورة الحشر
١- {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا}من الأمر والباب الذي لم يخطر ببالهم أن يؤتوا منه وهو أنه تعالى قذف في قلوبهم الخوف الشديد وهو جند الله الأكبر
٢- الرعب هو الذي لا ينفع معه عدد ولا عدة ولا قوة ولا شدة،وأمر سماوي ينزل على القلوب محل الثبات والصبر أو الخور فيزيل قوتها ويورثها ضعفا وخورا.
٣- من وثق بغيرالله فهو مخذول ومن ركن إلى غيره فهو عليه وبال،فقد ظن يهود أن حصونهم مانعتهم واطمأنت نفوسهم إليها ولكن مالك القلوب أتاهم من قلوبهم
٤- {فاعتبروا يا أولي الأبصار} واعرفوا صنع الله في المعاندين للحق المتبعين لأهوائهم،فلم تنفعهم عزتهم ولا قوتهم ولاحصونهم حين جاءهم أمر الله.
٥- { وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ومن تمام قدرته أنه لا يمتنع منه ممتنع، ولا يتعزز من دونه قوي.
٦- إذا وقي العبد شح نفسه سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله ففعلها طائعا منقادا منشرحا بها صدره، وسمحت نفسه بترك ما نهى الله عنه وإن كان محبوبا للنفس
٧- إذا وقي العبد شح نفسه حصل له الفلاح والفوز، بخلاف من لم يوق شح نفسه بل ابتلي بالشح بالخير الذي هو أصل الشر ومادته.
٨- من فضائل الإيمان أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو بعضهم لبعض ويحب بعضهم بعضا، بسبب المشاركة في الإيمان المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنين.
٩- المنافق يخاف المخلوق أعظم مما يخاف الله،ويقدم مخافة من لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا،على مخافة الذي بيده الضر والنفع والعطاء والمنع.
١٠- إنما الفقه كل الفقه أن يكون خوف الخالق ورجاؤه ومحبته مقدمة على غيرها، وغيرها تبعا لها.
١١- { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } فلا آفة في أبدانهم ولا في قوتهم، وإنما الآفة في ضعف إيمانهم وعدم اجتماع كلمتهم {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى}.
١٢- {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى} تحسبهم حين تراهم مجتمعين ومتظاهرين { و } لكن { قلوبهم شَتَّى } أي: متباغضة متفرقة متشتتة.
١٣- {بأنهم قوم لا يعقلون} لو كانت لهم عقول لكانت كلمتهم مجتمعة وقلوبهم مؤتلفة فبذلك يتناصرون ويتعاضدون ويتعاونون على مصالحهم ومنافعهم.
١٤- التفكر في آيات الله يفتح للعبد خزائن العلم، ويبين له طرق الخير والشر، ويحثه على مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، ويزجره عن مساوئ الأخلاق.
١٥- لا أنفع للعبد من التفكر في القرآن والتدبر لمعانيه.
=========
سورة الممتحنة
١- {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا}لا تسلطهم علينا فيفتنونا،ويفتنون بأنفسهم بغلبتهم فيظنوا أنهم على الحق وأنا على الباطل فيزدادوا كفرا وطغيانا
٢- الإيمان واحتساب الأجر والثواب يسهل على العبد كل عسير ويقلل لديه كل كثير ويوجب له الإكثار من الاقتداء بعباد الله الصالحين والأنبياء والمرسلين
٣- لا ينهاكم الله عن البر والصلة والمكافأة بالمعروف والقسط للمشركين من أقاربكم وغيرهم بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم.
٤- {ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}وبحسب التولي فإن كان توليا تاما صار كفرا مخرجا عن دائرة الإسلام وتحت ذلك من المراتب ما هو غليظ وما هو دون ذلك
====
سورة الصف
١- ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة، وللناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس منه.
٢- أذية الرسول الذي إحسانه إلى الخلق فوق كل إحسان بعد إحسان الله، ففي غاية الوقاحة والجراءة والزيغ عن الصراط المستقيم.
٣- الذين أغلقوا على أنفسهم باب الهدى بعد ما عرفوه، يجازيهم الله بعد ذلك بالإضلال والزيغ الذي لا حيلة لهم في دفعه عقوبة لهم وعدلا منه بهم.
٤- كل نبي يصدق بالنبي السابق ويبشر بالنبي اللاحق بخلاف الكذابين فإنهم يناقضون الأنبياء أشد مناقضة ويخالفونهم في الأوصاف والأخلاق والأمر والنهي.
٥- من ادعى اتباع الأنبياء وخالفهم في الأخلاق والأمر والنهي فهو كاذب في دعواه.
٦- قد تكفل الله بنصر دينه وإتمام الحق الذي أرسل به رسله وإشاعة نوره ولو كره الكافرون وبذلوا بسبب كراهتهم كل سبب لإطفاء نور الله فإنهم مغلوبون.
٧- ما بعث به الرسول من الهدى ودين الحق أكبر دليل وبرهان على صدقه وهو برهان باق ما بقي الدهر كلما ازداد العاقل تفكرا ازداد به فرحا وتبصرا.
٨- {ليظهره على الدين كله} هذا الوصف ملازم لنفس الدين في كل وقت، فلا يمكن أن يغالبه مغالب أو يخاصمه مخاصم إلا فلجه وبلسه وصار له الظهور والقهر.
٩- إذا قام المنتسبون للدين به، واستناروا بنوره، واهتدوا بهديه في مصالح دينهم ودنياهم، فلا يقوم لهم أحد ولا بد أن يظهروا على أهل الأديان.
١٠- المنتسبون للدين إذا ضيعوه واكتفوا منه بمجرد الانتساب إليه لم ينفعهم ذلك وصار إهمالهم له سبب تسليط الأعداء عليهم، ويعرف هذا من استقرأ ونظر
١١- { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } وهذا شامل للصغائر والكبائر، فإن الإيمان بالله والجهاد في سبيله مكفر للذنوب ولو كانت كبائر.
١٢- لولا أن الله خلق أهل الجنة وأنشأهم نشأة كاملة لا تقبل العدم لأوشك أن يموتوا من الفرح بما يرونه من النعيم مما لا يخطر على قلب بشر.
١٣- من جملة حكمته تعالى التامة أنه لو أرى الخلائق الجنة ونعيمها لما تخلف عنها أحد ولما هناهم العيش في دار مشوب نعيمها بألمها، وسرورها بترحها.
١٤- { كونوا أنصار الله} بالأقوال والأفعال وذلك بالقيام بدين الله والحرص على إقامته على الغير وجهاد من عانده ونابذه بالأبدان والأموال.
١٥- {يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله} بدحر الباطل بما يزعمه من العلم ورده بدحض حجته وإقامة الحجة عليه والتحذير منه.
١٦- {يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله} من نصر دين الله تعلم كتاب الله وسنة رسوله والحث على ذلك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
١٧- {فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين} فأنتم يا أمة محمد كونوا أنصار الله ودعاة دينه ينصركم الله كما نصر من قبلكم ويظهركم على عدوكم.
===========
سورة الجمعة
١- كان العرب في غاية الجهل،عادمون للخير وفي وثنية وضلال مبين،ويتخلقون بأخلاق السباع فامتن الله عليهم فبعث فيهم رسولا منهم وأنزل عليهم أفضل كتبه
٢- بعث الله في العرب رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويحثهم على الفضائل ويزجرهم عن الرذائل ويعلمهم علم القرآن والسنة المشتمل علوم الأولين والآخرين
٣- أصبح العرب بعد تعليم الله وتزكيته أعلم الخلق وأئمة أهل العلم والدين وأكمل الخلق أخلاقًا وأحسنهم هديًا وسمتًا اهتدوا بأنفسهم، وهدوا غيرهم.
٤- بعد الجهل والضلال صار العرب أئمة المهتدين وهداة المؤمنين، فلله عليهم ببعثه هذا الرسول صلى الله عليه وسلم أكمل نعمة وأجل منحة.
٥- إن فضل الله العظيم بإرسال الرسل لهداية الخلق أفضل من نعمته عليهم بالنعم الدنيوية،فلا أعظم من نعمة الدين التي هي مادة الفوز والسعادة الأبدية.
٦- من ظلم اليهود وعنادهم، أنهم يعلمون أنهم على باطل، ويزعمون أنهم على حق، وأنهم أولياء الله من دون الناس.
٧- ينبغي للعبد المقبل على عبادة الله وقت دواعي النفس لحضور اللهو والشهوات، أن يذكرها بما عند الله من الخيرات، وما لمؤثر رضاه على هواه.
=============
سورة المنافقون
١- {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم} فأجسام وأقوال المنافقين معجبة، ولكن ليس وراء ذلك من الأخلاق الفاضلة والهدى الصالح شيء.
٢- المنافقون ضرر محض لا منفعة فيهم، {يحسبون كل صيحة عليهم} وذلك لجبنهم وفزعهم وضعف قلوبهم، والريب الذي في قلوبهم يخافون أن يطلع عليهم.
=====
سورة التغابن
١- الملك كله لله فلا يخرج مخلوق عن ملكه، والحمد كله له، حمد على ما له من صفات الكمال، وعلى ما أوجده، وعلى ما شرعه من الأحكام، وأسداه من النعم.
٢- لما كان سبحانه عليمًا بذات الصدور، تعين على العاقل البصير أن يحرص ويجتهد في حفظ باطنه من الأخلاق الرذيلة، ويحرص على اتصافه بالأخلاق الجميلة.
٣- من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب بأن لم يلحظ قضاء الله وقدره بل وقف مع مجرد الأسباب فإنه يخذل ويكله الله إلى نفسه وماعندها إلا الجزع والهلع
٤- من لم يصبر عند المصائب وُكِل إلى نفسه،والنفس ليس عندها إلا الجزع والهلع وهو عقوبة عاجلة على العبد قبل عقوبة الآخرة على ما فرط في واجب الصبر.
٥- كل من آمن الإيمان المأمور به وصدق إيمانه بأداء ما يقتضيه الإيمان فإن هذا أكبر سبب لهداية الله له في أحواله وأقواله وأفعاله، وفي علمه وعمله.
٦- أفضل جزاء يعطيه الله لأهل الإيمان هدايتهم في جميع أحوالهم ، وتثبيتهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
٧- أصل الثبات: ثبات القلب وصبره ويقينه عند ورود كل فتنة،وأهل الإيمان أهدى الناس قلوبًا وأثبتهم عند المزعجات والمقلقات وذلك لما معهم من الإيمان.
٨- بحسب إيمان العبد يكون توكله وحسن ظنه بربه، فكلما قوي الإيمان قوي التوكل.
٩- من عفا عفا الله عنه ومن صفح صفح الله عنه ومن غفر غفر الله له ومن عامل الله فيما يحب وعامل عباده كما يحبون وينفعهم نال محبة الله ومحبة عباده.
١٠- إذا كانت نفس العبد نفسًا سمحة مطمئنة منشرحة لشرع الله طالبة لمرضاته فإنها ليس بينها وبين فعل ما كلفت به إلا العلم به،والبصيرة بأنه مرض لله.
١١- إن الله تعالى يشكر لمن تحمل من أجله المشاق والأثقال وناء بالتكاليف الثقال ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
========
سورة الطلاق
١- كل من اتقى الله تعالى ولازم مرضاته في جميع أحواله، فإن الله يثيبه في الدنيا والآخرة؛
ومن جملة ثوابه أن يجعل له فرجًا ومخرجًا من كل شدة ومشقة.
٢- كما أن من اتقى الله جعل له فرجًا ومخرجًا، فإن من لم يتق الله وقع في الشدائد والآصار والأغلال التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها.
٣- {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} من اعتمد على الله في أمر دينه ودنياه في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره ووثق به في تسهيل ذلك فإنه كافيه ذلك الأمر.
٤- {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} إذا كان الأمر في كفالة الغني القوي العزيز الرحيم فهو أقرب للعبد من كل شيء، وربما يتأخر لحكمة إلهية اقتضت ذلك.
٥- { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ } أي: لينفق الغني من غناه، فلا ينفق نفقة الفقراء.
٦- { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } هذه بشارة للمعسرين أن الله تعالى سيزيل عنهم الشدة، ويرفع عنهم المشقة.
=====
سورة التحريم
١- { وَاللهُ مَوْلَاكُمْ } أي: متولي أموركم، ومربيكم أحسن تربية، في أمور دينكم ودنياكم، وما به يندفع عنكم الشر.
٢- {فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير } الجميع أعوان للرسول، ومن كان هؤلاء أعوانه فهو المنصور، ومن يناوئه مخذول.
٣- أكبر فضيلة وشرف لسيد المرسلين، أن جعل الباري نفسه الكريمة، وخواص خلقه أعوانًا لهذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.
٤- إن الله لا يختار لرسوله إلا أكمل الأحوال وأعلى الأمور، فلما اختار الله لرسوله بقاء نسائه المذكورات معه دل على أنهن خير النساء وأكملهن.
٥- {توبة نصوحا}المراد التوبة العامة الشاملة للذنوب كلها التي عقدها العبد لله لا يريد بها إلا وجهه والقرب منه ويستمر عليها في جميع أحواله.
٦- جهاد الكفار والمنافقين شامل لجهادهم بإقامة الحجة عليهم ودعوتهم وإبطال ضلالهم،وجهادهم بالسلاح والقتال لمن أبى أن يجيب دعوة الله وينقاد لحكمه٠
٧- إن اتصال الكافر بالمؤمن وقربه منه لا يفيده شيئًا، وأن اتصال المؤمن بالكافر لا يضره شيئًا مع قيامه بالواجب عليه.
٨- التصديق بكلمات الله يشمل كلماته الدينية والقدرية، والتصديق بكتبه يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل.
=====
سورة الملك
١- الله غفور عن المسيئين والمقصرين والمذنبين،خصوصًا إذا تابوا وأنابوا،فإنه يغفر ذنوبهم ولو بلغت عنان السماء ويستر عيوبهم، ولو كانت ملء الدنيا.
٢- إن النار لتكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضًا وتتقطع من شدة غيظها على الكفار، فما ظنك ما تفعل بهم إذا حصلوا فيها؟
٣- من معاني اللطيف أنه الذي يلطف بعبده ووليه فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر، من حيث لا يحتسب.
٤- من لطف الله بعبده أن يرقيه إلى أعلى المراتب بأسباب لا تكون منه على بال حتى إنه يذيقه المكاره ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة والمقامات النبيلة
٥- {آمنا به وعليه توكلنا}لما كان وجود وكمال الأعمال متوقف على التوكل خُصَّ التوكل من بين سائر الأعمال وإلا فهو داخل في الإيمان ومن جملة لوازمه.
====
سورة القلم
١- { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } أي: عاليًا به، مستعليًا بخلقك الذي من الله عليك به.
٢- { وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ } أي: كثير الحلف، فإنه لا يكون كذلك إلا وهو كذاب.
٣- نهى الله عن طاعة كل حلاف كذاب، خسيس النفس، سيئ الأخلاق متكبر على الحق وعلى الخلق، محتقر للناس طاعن فيهم، كثير المعاصي.
======
سورة الحاقة
١- مدار السعادة ومادتها أمران: الإخلاص لله، الذي أصله الإيمان بالله، والإحسان إلى الخلق بوجوه الإحسان.
٢- حكمته سبحانه تقتضي أن لا يمهل الكاذب عليه، الذي يزعم أن الله أباح له دماء من خالفه وأموالهم،وأنه هو وأتباعه لهم النجاة،ومن خالفه فله الهلاك.
٣- إذا كان الله قد أيد رسوله بالمعجزات،وبرهن على صدق ما جاء به بالآيات البينات،ونصره على أعدائه، ومكنه من نواصيهم،فهو أكبر شهادة منه على رسالته
٤- أعلى مراتب العلم اليقين وهو العلم الثابت، الذي لا يتزلزل ولا يزول.
٥- مراتب اليقين ثلاثة:أولها علمه وهو المستفاد من الخبر.ثم عينه وهو العلم المدرك بحاسة البصر.وأعلاها هو حق اليقين المدرك بحاسة الذوق والمباشرة.
====
سورة المعارج
١- بؤسا لأقوام جهلوا عظمة الله ولم يقدروه حق قدره،وسبحان الحليم الذي أمهلهم وما أهملهم، وآذوه فصبر عليهم وعافاهم ورزقهم.
٢- {فاصبر صبرا جميلًا}استمر على دعوتك واصبر صبرا جميلا لا تضجر فيه ولا ملل ولا يمنعك ما ترى من عدم انقياد قومك وعدم رغبتهم،ففي الصبر خيرا كثيرا
٣- إذا كانت الأجرام الشديدة تقلق وتنزعج ليوم القيامة،أليس حقيقا بالعبد الضعيف المثقل بالذنوب والأوزار أن ينخلع قلبه وينزعج لبه ويذهل عن كل أحد؟
٤- {الذين هم على صلاتهم دائمون}مداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها.وليسوا كمن لا يفعلها، أو يفعلها وقتا دون وقت، أو يفعلها على وجه ناقص.
٥- { وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ } أي: خائفون وجلون، فيتركون لذلك كل ما يقربهم من عذاب الله.
٦- {والذين هم لفروجهم حافظون}عن وطئ محرم كوطء في دبر أو حيض،ويحفظونها من النظر إليها ومسها ممن لا يجوز له ذلك، ويتركون الوسائل الداعية للفاحشة.
٧- {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} شامل لما بين العبد وبين ربه مما خفي من التكاليف أو ظهر، وما بين العبد وبين الخلق في الأموال والأسرار.
٨- {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} شامل للعهد الذي عاهد عليه الله،والعهد الذي عاهد عليه الخلق،فيسأل عنه العبد،هل قام به ووفاه أم رفضه وخانه؟
======
سورة نوح
١- { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا } خص المذكورين لتأكد حقهم وتقديم برهم، ثم عمم الدعاء.
=====
سورة الجن
١- الإيمان النافع هو المبني على هداية القرآن، بخلاف إيمان العوائد والإلف ونحو ذلك فإنه إيمان تقليد تحت خطر الشبهات والعوارض الكثيرة.
٢- {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا}في هذا بيان لأدبهم إذ أضافوا الخير إلى الله تعالى، والشر حذفوا فاعله تأدبا مع الله
٣- {قل إني لن يجيرني من الله أحد } إذا كان أكمل الخلق لا يملك ضرا ولا رشدا ولا يمنع نفسه من الله شيئا إن أراده بسوء، فغيره من باب أولى وأحرى.
٤- لقد اعتنى الله تعالى برسوله وحفظه وحرس السماء بالنجوم حفظا لما جاء به منذ بدء بشائر نبوته،ورحم الله به الأرض وأهلها رحمة ما يقدر لها قدر.
٥- لقد أراد الله بإرسال الرسول بأهل الأرض رشدا فأراد أن يظهر من دينه وشرعه في الأرض مايبهج القلوب وتظهر به شعائر الإسلام وينقمع به أهل الإشراك
========
سورة المزمل
١- { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا *} أمره بأشرف العبادات، وهي الصلاة، وبآكد الأوقات وأفضلها، وهو قيام الليل.
٢- { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } فإن ترتيل القرآن به يحصل التدبر والتفكر، وتحريك القلوب به، والتعبد بآياته، والتهيؤ والاستعداد التام له.
٣- { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا } عظيمة معانيه،جليلة أوصافه، وما كان بهذا الوصف فحقيق أن يتهيأ له،ويرتل،ويتفكر فيما يشتمل عليه.
٤- الصلاة في الليل بعد النوم أقرب إلى تحصيل مقصود القرآن، يتواطأ على القرآن القلب واللسان، وتقل الشواغل، ويفهم ما يقول، ويستقيم له أمره.
٥- {وتبتل إليه تبتيلا} فإن الانقطاع إلى الله والإنابة إليه هو الانفصال بالقلب عن الخلائق والاتصاف بمحبة الله وكل ما يقرب إليه ويدني من رضاه.
٦- بالصلاة خصوصا،وبالذكر عموما،وبالانقطاع إلى الله والإنابة إليه والانفصال عن الخلائق،يحصل للعبد قوة في تحمل الأثقال وفعل الثقيل من الأعمال.
٧- أمر الله العباد بعبادتين، هما أم العبادات وعمادها: إقامة الصلاة، التي لا يستقيم الدين إلا بها، وإيتاء الزكاة التي هي برهان الإيمان.
٨- ليعلم أن مثقال ذرة من الخير في هذه الدار، يقابله أضعاف أضعاف الدنيا وما عليها في دار النعيم المقيم، من اللذات والشهوات.
٩- ليعلم أن الخير والبر في هذه الدنيا، مادة الخير والبر في دار القرار، وبذره وأصله وأساسه.
١٠- أمر العبد بالاستغفار بعد الحث على أفعال الطاعة لأنه يخلو من التقصير فيما أمر به، إما أن لا يفعله أو يفعله بنقص، فأمر بترقيع ذلك بالاستغفار.
=====
سورة المدثر
١- أمر الله رسوله بالاجتهاد في العبادة القاصرة والمتعدية،ففي المزمل أمره بالعبادات القاصرة والصبر على الأذى،وفي المدثر بإعلان الدعوة والصدع بها
٢- {ولا تمنن تستكثر} لا تمنن على الناس بما أسديت إليهم من النعم الدينية والدنيوية، فتتكثر بتلك المنة، وترى لك الفضل عليهم بإحسانك المنة.
٣- {ولا تمنن تستكثر} أحسن إلى الناس مهما أمكنك، وانس عندهم إحسانك، ولا تطلب أجره إلا من الله تعالى واجعل من أحسنت إليه وغيره على حد سواء.
٤- امتثل عليه الصلاة والسلام أمر ربه فأنذر وصبر وطهر ظاهره وباطنه وهجر كل مايبعد عن الله،وله المنة على الناس من غير أن يطلب منهم جزاء ولا شكورا.
٥- من المقاصد الجليلة التي يعتني بها أولو الألباب السعي في اليقين وزيادة الإيمان في كل وقت وكل مسائل الدين ودفع ما يعرض للحق من الشكوك والأوهام
٦- إن من آثار الخوض بالباطل التكذيب بالحق.
======
سورة القيامة
١- من آداب أخذ العلم، أن لا يبادر المتعلم المعلم قبل أن يفرغ من المسألة التي شرع فيها، فإذا فرغ منها سأله عما أشكل عليه.
٢- إذا كان في أول كلامٍ مايوجب الرد أو الاستحسان فلا تبادر برد أو قبول حتى يفرغ،ليتبين مافيه من حق أو باطل ولتفهمه فهما تتمكن به من الكلام عليه
٣- إن النبي صلى الله عليه وسلم كما بين للأمة ألفاظ الوحي فإنه قد بين لهم معانيه.
======
سورة الانسان
١- {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} إذا كانوا يوفون بالنذر وهو لم يجب عليهم إلا بإيجابهم على أنفسهم كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية من باب أولى وأحرى.
٢- { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا } أي: لا جزاء ماليا ولا ثناء قوليا.
٣- أكرم الله وأعطى الأبرار بالنضارة في وجوههم والسرور في قلوبهم فجمع لهم بين نعيم الظاهر والباطن.
٤- سبحان الملك المالك الحق المبين الذي لا تنفد خزائنه ولا يقل خيره، فكما لا نهاية لأوصافه فلا نهاية لبره وإحسانه.
٥- { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } اصبر لحكمه القدري فلا تسخطه، ولحكمه الديني فامض عليه ولا يعوقك عنه عائق.
٦- { فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا } فالله يبين الحق والهدى ثم يخير الناس بين الاهتداء بها أو النفور عنها مع قيام الحجة عليهم.
=======
سورة المرسلات
١- { عُرْفًا } أرسلت الملائكة بالعرف والحكمة والمصلحة لا بالنكر والعبث.
٢- {ألم نجعل الأرض كفاتا *أحياءً وأمواتاً} كما أن الدور والقصور من نعم الله على عباده ومنته،فكذلك القبور رحمة في حقهم وسترا لهم عن بدو أجسادهم.
======
سورة النبأ
١- { فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا } كل وقت وحين يزداد عذابهم، وهذه الآية أشد الآيات في شدة عذاب أهل النار أجارنا الله منها.
=========
سورة النازعات
١- { إن في ذلك لعبرة لمن يخشى } من يخشى الله هو الذي ينتفع بالآيات والعبر، وأما من ترحلت خشية الله من قلبه فلو جاءته كل آية لم يؤمن بها.
٢- لما كان علم العباد للساعة ليس لهم فيه مصلحة دينية ولا دنيوية، بل المصلحة في خفائه عليهم، طوى علم ذلك عن جميع الخلق واستأثر بعلمه.
======
سورة عبس
١- هنا فائدة كبيرة وهي المقصودة من بعثة الرسل، ووعظ الوعاظ، وتذكير المذكرين فالاقبال على من جاء بنفسه مفتقرا لذلك منك هو الأليق الواجب.
٢- تصديك وتعرضك للغني المستغني الذي لا يسأل ولا يستفتي لعدم رغبته في الخير، مع تركك من هو أهم منه، فلا ينبغي فليس عليك أن لا يزكى.
٣- لا يترك أمر معلوم لأمر موهوم، ولا مصلحة متحققة لمصلحة متوهمة.
٤- ينبغي الإقبال على طالب العلم، المفتقر إليه، الحريص عليه أزيد من غيره.
٥- { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } أكرم الله الانسان بالدفن، ولم يجعله كسائر الحيوانات التي تكون جيفها على وجه الأرض.
======
سورة التكوير
١- قال بعض السلف: من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين، فليتدبر سورة { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ }.
٢- مما يدل على شرف القرآن أن الله بعث به جبريل الكريم الموصوف بتلك الصفات الكاملة،والملوك لا ترسل الكريم عليها إلا في أهم المهمات وأشرف الرسائل
٣- محمد صلى الله عليه وسلم هو الأمين بلغ رسالات ربه البلاغ المبين، فلم يشح بشيء منه عن غني ولا فقير، ولا رئيس ولا مرءوس، ولا ذكر ولا أنثى.
٤- بلغ الأمين الرسالة فلم يمت حتى كان الأميون علماء ربانيين إليهم الغاية في العلوم والفهوم، وهم الأساتذة وغيرهم قصاراه أن يكون من تلاميذهم.
٥- تمت نعمة الله بإنزال هذا الكتاب الكريم الذي اجتمع فيه فضل المتكلم به تقدست أسماؤه وصفاته،وفضل وأمانة الملك المرسل به والرسول الموحى إليه.
٦- {وإذا النفوس زوجت } يقرن كل صاحب عمل مع نظيره، فجمع الأبرار مع الأبرار، والفجار مع الفجار، وزوج المؤمنون بالحور العين، والكافرون بالشياطين.
========
سورة الانفطار
١- يوم يحشر الناس للموقف بين يدي الله للجزاء على الأعمال فحينئذ ينكشف الغطاء ويزول ما كان خفيا وتعلم كل نفس ما معها من الأرباح والخسران.
٢- يوم الحشر هنالك يعض الظالم على يديه إذا رأى أعماله باطلة،وميزانه قد خف،والمظالم قد تداعت إليه،والسيئات قد حضرت لديه،وأيقن بالشقاء الأبدي.
٣- { يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } أتهاونا منك في حقوقه؟ أم احتقارا منك لعذابه؟ أم عدم إيمان منك بجزائه؟.
٤- الأبرار هم القائمون بحقوق لله وحقوق عباده الملازمون للبر في أعمال القلوب والجوارح، فجزاؤهم النعيم في القلب والروح والبدن؛ في الدنيا والآخرة.
٥- { الْفُجَّارَ } الذين قصروا في حقوق الله وحقوق عباده، الذين فجرت قلوبهم ففجرت أعمالهم.
=======
سورة المطففين
١- على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له، يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، بل يدخل في عموم هذا الحجج والمقالات.
٢- كما أن المتناظرين يحرص كل واحد منهما على ماله من الحجج فيجب عليه أيضًا أن يبين ما لخصمه من الحجج وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو.
٣- في موضع المناظرة حين يبين المناظر حجج خصمه وأدلته كما ينظر ويبين حججه هو وأدلته يعرف إنصافه من تعصبه واعتسافه،وتواضعه من كبره،وعقله من سفهه.
======
سورة الانشقاق
====
سورة البروج
١- قال الحسن رحمه الله: انظروا إلى هذا الكرم والجود،هم - أي أصحاب الأخدود الذين فتنوا المؤمنين- قتلوا أولياءه وأهل طاعته وهو يدعوهم إلى التوبة.
٢- { الْوَدُودُ } الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء فكما أنه لا يشابهه شيء في صفاته فمحبته في قلوب خواص خلقه لا يشبهها شيء من أنواع المحاب.
٣- قرن {الودود} بالغفور ليدل على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا غفر لهم ذنوبهم وأحبهم، فلا يقال: بل تغفر ذنوبهم ولا يرجع إليهم الود.
=====
تفسير سورة الطارق
١- في الدنيا تنكتم كثير من الأمور ولا تظهر عيانًا للناس، وأما في القيامة فيظهر بر الأبرار وفجور الفجار وتصير الأمور علانية.
====
سورة الأعلى
١- إن لم تنفع الذكرى، بأن كان التذكير يزيد في الشر أو ينقص من الخير لم تكن الذكرى مأمورًا بها بل منهيًا عنها.
======
سورة الغاشية
=======
سورة الفجر
١- {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} الظاهر أن المقسم به هو المقسم عليه، وذلك جائز مستعمل.
٢- الغنى والفقر والسعة والضيق لا تدل على كرامة أو مهانة بل ابتلاء وامتحان من الله للعباد ليرى من يقوم له بالشكر والصبر فيثاب أو غير ذلك فيعاقب.
٣- اقتصار همة الشخص على مراد نفسه من ضعف همته.
=====
سورة البلد
١- سمى الله تعالى الإنفاق في الشهوات والمعاصي إهلاكًا لأنه لا ينتفع المنفق بما أنفق، ولا يعود عليه من إنفاقه إلا الندم والخسار والتعب والقلة.
=====
سورة الشمس
١- { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } أي: طهر نفسه من الذنوب، ونقاها من العيوب، ورقاها بطاعة الله، وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح.
٢- {وقد خاب من دساها} أخفى نفسه الكريمة بالتدنس بالرذائل والدنو من العيوب والاقتراف للذنوب وترك ما يكملها وينميها واستعمال ما يشينها ويدسيها.
=====
سورة الليل
١- تتفاوت نفس الأعمال ومقدارها والنشاط فيها بحسب الغاية المقصودة بها فإن كانت وجه الله الأعلى الباقي؟ فيبقى السعي له ببقائه وينتفع به صاحبه.
٢- من كانت غايته في عمله مضمحلة فانية، فيبطل سعيه ببطلانها، ويضمحل باضمحلالها،وهذا كل عمل يقصد به غير وجه الله تعالى.
٣- { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } أي: نسهل عليه أمره، ونجعله ميسرا له كل خير، ميسرًا له ترك كل شر، لأنه أتى بأسباب التيسير فيسر الله له ذلك.
٤- {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} أي: للحالة العسرة والخصال الذميمة بأن يكون ميسرًا للشر أينما كان ومقيضًا له أفعال المعاصي، نسأل الله العافية.
٥- إذا تضمن الإنفاق المستحب ترك واجب كدين ونفقة ونحوهما فإنه غير مشروع بل تكون عطيته مردودة لأنه لا يتزكى بفعل مستحب يفوت عليه الواجب.
٦- {وما لأحد عنده من نعمة تجزى} إلا وقد كافأه بها، وربما بقي له الفضل والمنة على الناس، فتمحض عبدًا لله، لأنه رقيق إحسانه وحده.
٧- {وما لأحد عنده من نعمة تجزى} وأما من بقي عليه نعمة للناس لم يجزها ويكافئها، فإنه لا بد أن يترك للناس، ويفعل لهم ما ينقص إخلاصه.
======
سورة الضحى
١- حال الرسول صلى الله عليه وسلم الماضية والحاضرة هي أكمل حال وأتمها، محبة الله له واستمرارها، وترقيته في درج الكمال، ودوام اعتناء الله به.
٢- كل حالة متأخرة من أحواله عليه الصلاة والسلام فإن لها الفضل على الحالة السابقة فلم يزل يصعد في درج المعالي والتمكين والنصر والتسديد حتى مات.
٣- مازال عليه الصلاة والسلام يصعد في درج المعالي حتى مات وقد وصل إلى حال لا يصل إليها الأولون والآخرون من الفضائل والنعم وقرة العين وسرور القلب
٤- لا يمكن التعبير عن حاله عليه الصلاة والسلام في الآخرة من الإكرام والإنعام بأبلغ وأجمع وأشمل من قول ربه الكريم {ولسوف يعطيك ربك فترضى}.
٥- نهر السائل يدخل فيه السائل للمال والسائل للعلم ولهذا كان المعلم مأمورًا بحسن الخلق مع المتعلم وإكرامه والتحنن عليه إعانة له على مقصده.
٦- خصص النعم بالذكر إن كان ثم مصلحة وإلا فحدث بها على الإطلاق فإن هذا داع لشكرها وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها حيث جبلت على محبة المحسن.
======
سورة ألم نشرح
١- {ألم نشرح لك صدرك} نوسعه لشرائع الدين والدعوة إلى الله، والاتصاف بمكارم الأخلاق، والإقبال على الآخرة، وتسهيل الخيرات.
٢- {ألم نشرح لك صدرك} فلم يكن ضيقًا حرجًا، لا يكاد ينقاد لخير أو تجده منبسطًا.
٣- {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا } استغراق وعموم يدل على أن كل عسر - وإن بلغ من الصعوبة ما بلغ- فإنه في آخره التيسير ملازم له.
٤- {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب}لا تكن ممن إذا فرغوا لعبوا وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره والاجتهاد في عبادته؛واعظم الرغبة في الإجابة والقبول.
=====
سورة التين
١- إن حكمة أحكم الحاكمين تقتضي ألا يترك الخلق سدى لا يؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون؟
بل لا بد أن يعيدهم إلى دار هي مستقرهم وغايتهم.
=====
سورة إقرأ
١- الذي خلق الإنسان واعتنى بتدبيره لا بد أن يدبره بالأمر والنهي، وذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، ولهذا ذكر بعد الأمر بالقراءة خلقه للإنسان.
٢- {أرأيت الذي ينهى* عبدا إذا صلى} {كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية} {كلا لا تطعه واسجد واقترب} عام لكل ناه عن الخير ومنهي عنه.
=====
سورة القدر
=====
سورة لم يكن (البينة)
١- إذا جاءت البينات فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
====
سورة إذا زلزلت
١- {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} فيها غاية الترغيب في فعل الخير ولو قليلًا، والترهيب من فعل الشر ولو حقيرًا.
======
سورة العاديات
١- {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} أي: لمنوع للخير الذي عليه لربه،فطبيعة الإنسان وجبلته منع الحقوق المالية والبدنية، إلا من هدى الله.
======
سورة القارعة
=====
سورة التكاثر
١- {ألهاكم التكاثر} ولم يذكر المتكاثر به، ليشمل كل ما يُتكاثر ويفتخر به مما يقصد منه مكاثرة كل واحد للآخر، وليس المقصود به الإخلاص لله تعالى.
٢- { حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } سماهم الله زائرين ولم يسمهم مقيمين، فالبرزخ دار مقصود منها النفوذ إلى الدار الباقية.
=====
سورة العصر
١- لا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه لا يتم إلا به.
٢- بالأمرين الأولين في السورة يكمل الإنسان نفسه،وبالأخيرين يكمل غيره،وبتكميل الأمور الأربعة يكون الإنسان قد سلم من الخسار وفاز بالربح العظيم.
====
سورة الهمزة
١- {هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} الهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم ويلمزهم بقوله.
٢- البخل يقصف الأعمار ويخرب الديار، والبر يزيد في العمر.

======
سورة الفيل
=====
سورة قريش
١- { الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } فرغد الرزق والأمن من المخاوف من أكبر النعم الدنيوية الموجبة لشكر الله تعالى.
٢- خص الله بالربوبية البيت لفضله وشرفه وإلا فهو رب كل شيء.

=======
سور الماعون
١- {عن صلاتهم ساهون} مضيعون لها تاركون لوقتها مفوتون لأركانها وهذا لعدم اهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة، التي هي أهم الطاعات وأفضل القربات.
=====
سورة الكوثر
١- مبغض الرسول صلى الله عليه وسلم وذامه ومنتقصه مقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر.

=====
سورة الكافرون
١- { لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } أي: تبرأ مما كانوا يعبدون من دون الله، ظاهرًا وباطنًا.
٢- {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } لعدم إخلاصكم في عبادته، فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة.
=====
سورة النصر
١- سيستمر النصر لهذا الدين ويزداد عند حصول التسبيح بحمد الله واستغفاره، فإن هذا من الشكر.
٢- التسبيح والاستغفار مما يزيد النعم ويديمها. (من عندي)
٣- إن لهذه الأمة وهذا الدين من رحمة الله ولطفه ما لا يخطر بالبال أو يدور في الخيال.
====
سورة تبت
١- آية باهرة؛ فقد أنزلت السورة وأبو لهب وامرأته لم يهلكا وأخبر أنهما سيعذبان في النار؛أي أنهما لا يسلمان، فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة.
=====
سورة الاخلاص
١- اشتملت السورة على توحيد الأسماء والصفات.
====
سورة الفلق
١- تضمنت السورة الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
====
سورة الناس
١- اشتملت السورة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها والذي من فتنته وشره تحسين الشر وتقبيح الخير.
٢- ينبغي للعبد أن يستعين و يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم فإن الخلق كلهم داخلون تحت الربوبية والملك، وكل دابة هو آخذ بناصيتها.
٣- ينبغي للعبد أن يستعين و يستعيذ ويعتصم بألوهية الله التي خلق الخلق لأجلها،فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم الذي يريد أن يحول بينهم وبينها.
=====
والحمد لله رب العالمين أولًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
====================

 

فوائد وفرائد
  • فوائد وفرائد من كتب العقيدة
  • فوائد وفرائد من كتب الفقه
  • فوائد وفرائد من كتب التفسير
  • فوائد وفرائد من كتب الحديث
  • فوائد وفرائد منوعة
  • غرد بفوائد كتاب
  • فوائد وفرائد قيدها: المسلم
  • فوائد وفرائد قيدها: عِلْمِيَّاتُ
  • الرئيسية