اطبع هذه الصفحة


خير نساء العالمين
من فضائل مريم ابنة عمران عليها السلام

د.محمد بن عدنان السمان


بسم الله الرحمن الرحيم


مريم ابنة عمران عليها السلام أو رضي الله عنها – وكلاهما جائز كما قرر أهل العلم – لها مكانة عظمى ومنزلة كبرى في الدنيا وعند ربها جل جلاله وفي هذا البحث المختصر أشير إلى جملة من تلك الفضائل والمناقب التي حظيت بها بدلالة القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم .

1.
في القرآن الكريم سورة باسمها هي سورة ( مريم ) وهذا فيه تكريم لها ، وتخليداً لذكرها رضي الله عنها.

2.
من فضائلها أنها تربت ونشأت في أسرة مباركة ، وكانت أمها امرأة صالحة تدعو لها ، كما قال تعالى : { إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [آل عمران: 35 - 36] ، فكانت الإجابة من الله لهذه المرأة الصالحة : { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا } فسلك الله بها طريق السعداء وأجارها وذريتها من الشيطان { وأنبتها نباتًا حسنًا } أي: نبتت نباتا حسنا في بدنها وخلقها وأخلاقها .

3.
اصطفاء الله لها كما قال تعالى : { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ } [ آل عمران : 42 ] وفي هذه الآية عدة فضائل لمريم رضي الله عنها وهي :
أن هذه البشائر لمريم عليها السلام جاء عن طريق مخاطبة الملائكة لها وفي هذا الأمر تشريف وتكريم عظيم ، وأعظم منه أن الملائكة تخاطبها بأمر ربها فهذا إخبار من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم عليها السلام عن أمر الله لهم بذلك .
وقوله تعالى ( اصطفاك ) : أي اختارك واجتباك لطاعته وما خصّك به من كرامته
وقوله تعالى ( وطهرك ) : يعني: طهَّر دينك من الرّيب والأدناس و الآفات المنقصة
وقوله تعالى ( وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) : يعني: اختارك على نساء العالمين في زمانك، بطاعتك إياه، ففضَّلك عليهم .
اصطفاها الله واختارها لكثرة عبادتها وزهدها وشرفها وطهرها من الأكدار والوسواس واصطفاها ثانيا مرة بعد مرة لجلالتها على نساء العالمين .
ومن تمام الاصطفاء ما وجهت به الملائكة مريم عليها السلام : { يا مريم اقنتي لربك } والقنوت دوام الطاعة في خضوع وخشوع، { واسجدي واركعي مع الراكعين } خص السجود والركوع لفضلهما ودلالتهما على غاية الخضوع لله، ففعلت مريم عليها السلام ، ما أمرت به شكرا لله تعالى وطاعة .

4.
من ثناء الله تعالى عليها في كتابه قوله عز وجل : { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } [ التحريم : 12 ] ، فهي رضي الله عنها ( أحصنت فرجها ) أي: صانته وحفظته عن الفاحشة، لكمال ديانتها، وعفتها، ونزاهتها .
- وفي الآية من فضائلها وصفها بالعلم والمعرفة والصدّيقية : وهي كمال العلم والعمل ، كما قال الله عنها : { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ } وَ ووصفها أيضاً فقال : { وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } أي: المطيعين لله المداومين على طاعته بخَشْيَةٍ وخشوعٍ .
- وقبل هذا الآية بيان من الله تعالى أن الله ضربها مثلاً – أي وصفها – و جعلها قدوة للذين آمنوا فقال تعالى : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا } ثم ذكر امرأة فرعون رضي الله عنها واتبعها بذكر مريم عليها السلام .

5.
من فضائلها عليها السلام أنها أمٌ لنبي من أولي العزم وهو عيسى عليه وعلى نبينا أفضل صلاة وتسليم ، فسماه الله في القرآن عيسى ابن مريم كما قال تعالى : ( إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } [ آل عمران : 45 ]

6. من فضائلها عليها السلام أن جعل الله حملها وولادتها لعيسى عليه السلام من أكبر المعجزات فقد خلقه الله منها و من غير أب ، وقد أكرمها الله تعالى كما قال { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } بأن نفخ جبريل [عليه السلام] في جيب درعها فوصلت نفخته إلى مريم، فجاء منها عيسى ابن مريم [عليه السلام]، الرسول الكريم والسيد العظيم .

7.
من فضائلها عليها السلام رعاية الله لها وتصبيرها عند حملها بعيسى عليه السلام مع المشقة التي أصابتها ، كما قال تعالى : { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26) } [ مريم ] .

8.
من فضائلها عليها السلام أن الله أنطق ابنها عيسى عليه السلام وهو صبي صغير مثله لا يستطيع أن يتكلم ليدافع عنها ويزيل عن قومها ما شكوا من أمرها ، ولقد وصف الله تعالى ذلك المشهد بوصف بديع في سورة مريم فقال سبحانه وتعالى : { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) } [ مريم ] ، فكانت هذه المعجزة تقريراً على كرامتها ونزاهتها وصلاحها ، ودليلاً على قدرة الله سبحانه وتعالى ولذا قال جل وجلالها : { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (91) } [ الأنبياء ] .

9.
ومن فضائلها أنها من خير نساء العالمين ، ففي الصحيحين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سَمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ( خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ ) .

10.
ومريم عليها السلام امرأة من كُمّل النساء ، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ ) رواه البخاري ومسلم .
والمعنى : بلوغ الغاية الممكنة ، في التقوى والفضائل والأخلاق والخصال الحميدة.
قال الإمام النووي رحمه الله : والمُرَادُ هُنَا : التَّنَاهِي فِي جَمِيعِ الْفَضَائِلِ وَخِصَالِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الفضيلة في حديث آخر رواه الإمام الترمذي بسند صحيح ، فعن انس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ) ، وحسبك هنا معناها : يَكْفيك من النِّساءِ الواصلةِ إلى مَراتبِ الكمالِ في الاقتِداءِ بهنَّ، وذكْرِ مَحاسِنِهنَّ ومَناقبِهنَّ، وزُهدِهنَّ في الدُّنيا وإقبالِهنَّ على العُقبى، فتَكْفيك مَعرِفَتُك بفضْلِهنَّ عن مَعرفةِ سائرِ النِّساءِ .
 

للنساء فقط

  • المرأة الداعية
  • رسائل دعوية
  • حجاب المسلمة
  • حكم الاختلاط
  • المرأة العاملة
  • مكانة المرأة
  • قيادة السيارة
  • أهذا هو الحب ؟!
  • الفتاة والإنترنت
  • منوعات
  • من الموقع
  • شبهات وردود
  • فتاوى نسائية
  • مسائل فقهية
  • كتب نسائية
  • قصـائــد
  • مواقع نسائية
  • ملتقى الداعيات
  • الصفحة الرئيسية