اطبع هذه الصفحة


وقفة مع مؤتمر جدة الاقتصادي

 
أيها المسلمون : لقد قامت في الأيام الماضية ..مظاهرات صاخبة ..في بلاد عربية وأخرى غربية ..غضبت فيها الجماهير ..وخرجت في الميادين ..وتُحدث عنها في القنوات الفضائية ..والصحف العالمية ..وغطي الحدث من كل جوانبه..ولنا أن نتساءل ..ما سر تلك المظاهرات ..وما خبرها ؟! هل حصلت من أجل المطالبة بخلع الحجاب ونزعه ؟!! كلا ؛ هل جرت من أجل المناداة بالسماح للمرأة أن تختلط بالرجال ..في مكان واحد ..وتحت سقف واحد ؟!! كلا ؛ هل حدثت من أجل فك قيود الشرع عن المرأة كما يزعمه الزاعمون ؟!!
كلا و ألف كلا ..ولكنَّ تلك المظاهرات ..وهاتيك الاحتجاج جرت ..لأن فرنسا منعت من لبس الحجاب في جميع الدوائر الحكومية ؟!!

فيا لله العجب ..ويا حسرة على العباد ..الأمة اليوم ..في أنحاء المعمورة ..تكاد تتفجر غيظا وكمدا من فرنسا ..لأنها منعت المسلمات من الحجاب ..ونحن الآن ..وفي بلاد الحرمين ..وقبلة المسلمين ...ومحط أنظار العالمين ..بل وفي العاصمة التي تعد ..بوابة العالم الإسلامي ..للوصول إلى بيت الله الحرام ..وأداء مناسك الحج ..وبل وفي شهر عظيم ..شهرٍ جعله الله تعالى محرما ..تقوم فئة نشاز بحركة ذكرتنا بحركات تحرير المرأة المزعومة ..و التي جرت فصولوها في بلاد إسلامية مجاورة ..ظناً منهم أنه قد حان الوقت لقيام ثورة عارمة على حدود الله تعالى وشرعه ..وهكذا هم في كل الأحوال ..يستغلون الأزمات ..وانشغال الأمة بقضاياها الكبار ..لتمرير أفكارهم ..وتحقيق مخططاتهم ..فبينما الأمة اليوم ..مشغولة بمدافعة عدوها ..وترتيب أوراقها ..يخرجون كالفئران ..ليشغلوا الأمة ..ويثيروا البلبلة ..ويزعزعوا الأمن المجتمع ..لا أتم الله لهم مقصدا ..ولا حقق لهم مأربا .

أيها المسلمون : لقد حدث في المؤتمر الاقتصادي الذي حصل في جدة وتحدث عنه المفتي العام ..رزايا لا يمكن السكوت عنها ..وبلايا يتحتم على أهل المنابر الكلام فيها ..لقد قامت تلك الفئة الشاذة بتحد صارخ ..وعنجهية مقيتة ..لولاة الأمر في هذه البلاد ..ولعلمائها ..وبل وللأمة أجمع ..فقد طالعتنا بعض الصحف في الأيام الماضية على صفحاتها المنتنة ..صورا مقززة لبعض النساء وهن مختلطات مع الرجال الأجانب وبتبرج صارخ ..وصورا أخرى لمجموعة من النساء في صورة جماعية ..ويقال ..سيدات أعمال سعوديات ..ليصوروا للعالم ..أن المرأة في هذه البلاد ..وصل حالها لهذه الحالة ..وأنها منحلة عن قيمها وعفافها ..وليشجعوا أهل هذه البلاد أن يفعلوا مثل فعلهم وصدق الله : ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ )(فاطر: 43) أبى الله جل جلاله إلا أن يظهر الحقيقة للأمة ..وأن يكشف عورهم ..ويهتك أستارهم ..ويفضح أخبارهم .. لقد كشف هذا المؤتمر ..وما تم فيه ..أبعاد المؤامرة ..وأن القضية ليست مسألة خلافية في حجاب أو حكم اختلاط ..بل الأمر أكبر من ذلك ..فهم يريدونها ألعوبة بأيديهم ..يستمتعون بجمالها ..ويتلذذون بها بلا قيود ولا شروط ..وما ظهر على صفحات تلك الجرائد ما هو إلا جزء يسير من تلك الحقيقة التي يطالب بها أولئك الشرذمة الأفاكون ..ولقد خابوا وخسروا ..فهؤلاء لم يدركوا بعد .. أن الأمة ـ ولله الحمد ـ لا يزال فيها عرق ينبض ..ونًفَسٌ يتردد ..وأنها تدرك أبعاد تلك التصرفات الهوجاء ..والأعمال الغوغائية ..فالأمة شاهدت وعرفت ما حصل في مجتمعات غربية وأخرى عربية مسلمة ..ما فعله التبرج والاختلاط ..ولقد أدركت الأمة اليوم ..أن التبرج و الاختلاط بين الرجال والنساء أصل كل بلية ..وأساس كل مصيبة أخلاقية ..وهاهي أصوات عقلاء تلك البلاد ..وصرخاتهم في بيان خطر الاختلاط ..تقول كاتبة غربية معروفة : ( إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلا للرذائل بكثرة مخالطة الرجال).. وتقول الصحفية الأمريكية " هيليان ستانبري " .. امنعوا الاختلاط ، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير ، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعـًا مليئـًا بكل صور الإباحية والخلاعة ، إن ضحايا الاختلاط يملئون السجون ، إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوروبي ، قد هدد الأسرة وزلزل القيم والأخلاق )

أيها المسلمون : لا مكان للثقة في الاختلاط، و يخادع نفسه من يقول ذلك، والرجل إذا جنب محارمه الاختلاط ..فلا يعني ذلك أنه لا يثق بهن، أو يتهمهن في خلقهن، كلا، إنما يفعل ذلك لأنه يعلم أن الغريزة قوية، وفي الحرام أقوى ؛ لأن الشيطان يؤججها، ويسعرها، فمثله كمثل من يجعل النار في ناحية والزيت في ناحية، ولا يقرب بينهما إلا حين الحاجة، وبشروط وحذر.
إن الاختلاط المحرم هو الحال الذي ترتفع فيه الحواجز بين الذكر والأنثى، فتكون العلاقة بينهما، كعلاقة الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى، فيكونا زملاء في التعليم والعمل والشارع..
هذا هو المحرم من الاختلاط، أما ما يشغب به بعضهم من الاستشهاد بأمثلة نبوية على جواز الاختلاط مثل: خروج المرأة للبيع والشراء، وحضور المساجد، والطواف بالبيت، والعلم، والغزو. فهذه ليست محل النزاع، فخروجها على ذلك النحو لا يلزم منه الصداقة والزمالة، وأن تكون مع الرجل في كل حال.. فلا يحتجن أحد بمثل هذه الأمثلة على جواز الاختلاط..!! من أراد أن يثبت الجواز فعليه أن يأتي لنا بدليل:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الرجال والنساء جميعا في دروسه جنبا إلى جنب؟!
- وعليه أن يأتي بدليل أنه والخلفاء والصحابة من بعده كانوا يستخدمون النساء ويوظفونهن في دكاكينهم وتجاراتهم، ويجمعون الرجال والنساء جميعا للعمل في محل واحد، كل حين وآن..
- وعليه أن يأتي بدليل يدل أن النساء كن مثل الرجال تماما خروجا وولوجا من البيت.
- وعليه أن يثبت أنهن لم يكن مأمورات بالقرار في البيت، ولم يخبرن بأن صلاتهن فيه خير من صلاتهن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهن لم يؤمرن بترك وسط الطريق للرجال.
- وعليه أن يثبت أن الله تعالى لم يأمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لعلي رضي الله عنه: (لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وعليك الثانية).
- وعليه أن يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحذر من فتنة النساء، ولم يأمر باتقائهن.

لو كان الاختلاط جائزا كما يزعمون فلم لم يجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والرجال في صف واحد في الصلاة، الرجل إلى جنب المرأة، تلصق كتفها بكتفه، وقدمها بقدمه.. ربما كان أخشع لهما؟!.
فإذا تعذر ذلك: فلم لم يجعل صفا للرجال، والثاني للنساء، والثالث للرجال، والرابع للنساء؟..
أليس هذا هو ما يحدث في العمل والمؤتمر والتعليم المختلط؟.. أليس يدعي هؤلاء جوازه شريعة، وأن الإسلام دين يسر، لا تشدد، لم ينه عن ذلك؟، وليس هناك دليل يقول الاختلاط ممنوع؟.
فها هو الإسلام قد شدد، فلم يجمع صفوف النساء إلى صفوف الرجال، بل جعل صفوفهن في مؤخرة المسجد، وقال: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)..
فما عساهم أن يقولوا؟.. مقتضى قولهم في الجواز كان يقتضي التقريب بين صفوف الرجال والنساء، لا وصف الصف البعيد بالخير، والقريب بالشر، أهذا دليل مع الاختلاط أو ضده؟.
أيها المسلمون : الاختلاط جناية على المرأة، وعلى الرجل، وعلى الأبناء، وعلى الأسرة، وعلى المجتمع، وعلى الأمة، فساد الدنيا والدين، ولا يجوز لنا أن نقع في هذه التجربة الخاسرة بعدما علمنا الله وفهمنا من أوامره ونواهيه وأخباره ما فيه حصان وضمان، ولا يجوز لنا أن نقع في هذه التجربة الخاسرة ونحن نرى آثارها في المجتمعات التي سبقت إليها، حتى صاروا يرجون الخلاص، ويعملون على اتقائه..
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى وسمع الله لمن دعا وصلى الله وسلم على النبي المصطفى والهادي المجتبى وعلى من سار على نهجه واقتفى أما بعد :
ففي مساء يوم الثلاثاء الماضي وجه سماحة مفتى عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ الكلمة التالي نصها .. ( الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين أما بعد :
فإن الواجب على جميع الثقلين التزام شرع رب العالمين وتحقيق العبادة له وحده لا شريك له (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56) ويجب على الجميع التسليم لحكم الله ورسوله والاستسلام له ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) ويقول سبحانه محذرا من مخالفة أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور: من الآية63) 0
وقد تابعنا في الأيام الماضية ما جرى في منتدى جدة الاقتصادي من أمور توجب علينا الإنكار والبيان وتوجب على الناس السمع والطاعة لشرع الله والخضوع لـه ومما تابعناه في هذا المنتدى من اختلاط الرجال بالنساء وخروجهن غير ملتزمات بالحجاب الشرعي الذي أمرهن به الله وهذا محرم بالإجماع مع ما نشرته الصحف من صورهن على هذه الحالة السيئة المخالفة للشريعة وما نشر في بعض الصحف من أن هذه بداية لتحرير المرأة السعودية وكأنها كانت مقيدة بالشرع ولا حول ولا قوة إلا بالله ولا يقولن قائل إن هذا تعنت وتشدد وأنه ينبغي أن نعطي المرأة الثقة أو الحرية أو نحو ذلك 0 فهذا كلام باطل بل الواجب إتباع الشرع بامتثال الأوامر واجتناب النواهي والتسليم والانقياد وأن نعلم أن الخير والصلاح في متابعة الشريعة 0
وأمر الاختلاط بين الرجال والنساء محرم ظاهر التحريم يقول الله عز وجل في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم أعف نساء العالمين وأزكاهن ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )(الأحزاب: من الآية53) هذا في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته رضي الله عن الجميع أوجب الله أن يكون الخطاب بينهن من وراء حجاب يحجز بين المرأة والرجل وهذا ظاهر في تحريم الاختلاط ووجوب حجاب المرأة وتحريم سفورها. ومن الأدلة حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال :" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، وقال ( أخرجوهم من بيوتكم ) . أخرجه البخاري.
وهذا ظاهر في لعن المرأة التي تتشبه بالرجال في هيئتها ولبسها ورفع صوتها ونحوه فكيف بمن تغشى مجالسهم وتخالطهم وتخاطبهم سافرة حاسرة.
فالواجب على الجميع إنكار هذا المنكر كل على قدر استطاعته وسلطته يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) . متفق عليه.
وإني أوصي القائمين على هذا المنتدى بتقوى الله عز وجل والخوف من سخطه وعقابه لمن خالف أمره وحاد عن طريق الهدى والرشاد وكان سببا في فتح أبواب الشر على أهل الإسلام.
كما أنبه كل من زلت قدمه من أهل الصحافة في هذا المرتع الوخيم أن يرجع إلى ربه ويتوب ويظهر ذلك في الصحف ويبين خطورة هذا الأمر إبراء لذمته وخروجا من العهدة. كما أوصي عموم المسلمين بالحذر واليقظة وعدم الانسياق وراء هذه الدعايات الهدامة للدين والأخلاق والفضائل.
وإني إذ أنكر هذا الأمر أشد الإنكار وأبين حرمته وأحذر من عواقبه الوخيمة ليزداد ألمي من صدور مثل هذا التصرف المشين في بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية التي دأب ولاة الأمر فيها على القيام بالشرع لا يخافون لومة لائم وعلى حمل الرعية على ذلك وهم ولله الحمد لا يزالون يسيرون في هذا الطريق المستقيم وقد بين هذا جلالة الملك المعظم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود المؤسس والموحد لإرجاء هذه الدولة المباركة حيث كان فيما قاله في بيان لـه عام 1356هـ ( أقبح ما هنالك من الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها ) أ . ه كلامه رحمه الله.
والمقصود أن الاختلاط أمر محرم شرعا ظاهر المفسدة ، يقول ابن القيم رحمه الله : ( ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا وهو من أسباب الموت العام والطواعين المنصلة ). سلك الله بنا جميعا سبيل مرضاته وجنبنا سبل سخطه وعقابه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين. //انتهى//

أيها الأخوة في الله : لقد جاء في بيان سماحته الوصية بالاحتساب على القائمين على هذا المنكر كل على حسب استطاعته وجهده ..فنتواصى جميعاً بالإبراق إلى المسؤولين وزيارتهم والكتابة إليهم وتحذيرهم من مغبة السير على هذا الطريق نسأل الله تعالى أن يرد كيد الكائدين في نحورهم ..وأن يشغلهم بأنفسهم ..وأن يكفينا إياهم بما يشاء إنه سميع مجيب الدعاء .

 

للنساء فقط

  • المرأة الداعية
  • رسائل دعوية
  • حجاب المسلمة
  • حكم الاختلاط
  • المرأة العاملة
  • مكانة المرأة
  • قيادة السيارة
  • أهذا هو الحب ؟!
  • الفتاة والإنترنت
  • منوعات
  • من الموقع
  • شبهات وردود
  • فتاوى نسائية
  • مسائل فقهية
  • كتب نسائية
  • قصـائــد
  • مواقع نسائية
  • ملتقى الداعيات
  • الصفحة الرئيسية