اطبع هذه الصفحة


هل كان إسلام الصحابة والتابعين صحيحا........بدون أن يتصوفوا؟؟

نبيل هلال


في العصر الذي تتحقق فيه الرفعة والمنعة بالعلم والتكنولوجيا والبحث العلمي والتعليم، يرى المتصوفة، وهم مؤثرون بأفكارهم فى قطاعات عريضة من المسلمين، يرون أن تحصيل العلوم يكون بانقطاع المرء عن الدنيا تماماً، والاختلاء بالنفس في مكان قصي: زاوية أو خانقاه، ثم يؤدى فروض الصلاة فقط، ويصرف همه دون ذلك حتى أنه لا يقرأ القرآن، ويعطل عقله حتى عن التأمل والتفكر، وعليه فقط ترديد لفظ الجلاله : الله .. الله .. الله – على طريقة دراويش حلقات الذكر، وبعد ذلك تنفك له فجأة مغاليق المعارف والعلوم.

أليس ذلك مما لا نزال نراه فى حلقات الذكر والموالد ؟ وذلك في عصر الكمبيوتر والإنترنت وغزو الفضاء. ففى كتابه إحياء علوم الدين، يرى أبو حامد الغزالى أن تحصيل العلوم يكون " بأن يقطع الإنسان همه عن الأهل والمال والولد والعلم، ويخلو بنفسه في زاوية، ويقتصر على الفرائض والرواتب، ولا يقرن همه بقراءة القرآن، ولا بالتأمل في نفسه، ولا يكتب حديثاً ولا غيره، ولا يزال يقول: الله .. الله .. الله، إلى أن ينتهى إلي حال يترك تحريك اللسان ثم يمحى عن القلب صورة اللفظ "
.
وكيف تكون رياضة النفس حسبما يرى المتصوفة، تكون بالخلوة في مكان مظلم، وإن تعذر الظلام والوحشة، يخفى المرء رأسه في ثيابه وينتظر حتى يسمع نداء الحق ويشهد حضرة الربوبية !!، (قال أبو حامد الغزالى في كتابه الإحياء: ومقصود رياضة النفس هو تفريغ القلب وليس ذلك إلا بخلوة في مكان مظلم، فإن لم يكن مظلم فيلقى المرء رأسه في جبته أو يتدثر بكساء أو إزار.

ففى مثل هذه الحالة يسمع نداء الحق ويشاهد جلال حضرة الربوبية.
وانظر إلى هذه الترتيبات والعجب كيف تصدر من فقيه عالم، ومن أين له أن الذى يسمعه نداء الحق وأن الذى يشاهده جلال الربوبية، وما يؤمنه أن يكون ما يجده من الوساوس والخيالات الفاسدة". وفى حين أن العقل هو حجة الله تعالى على خلقه، يذكر الغزالى في كتابه الإحياء حديثاً موضوعاً مؤداه أن (أكثر أهل الجنة من البٌله)، أي أن إغفال العقل هو الطريق إلى الجنة، وأن السلامة والهدى فى البلاهة، والصلاح في احتجاب العقل. وتأثرت العوام، فى ظل الأمية والجهل، بالغلاة والجهلة مما جعل الانحرافات العقلية والدينية والسياسية هى المعتقدات الفاعلة فى زمانهم والآن وكل آن. فغالب العامة جهلة، ترى منهم من يترك الفريضة ويزيد في النافلة.

ولما كان تقدم المجتمع رهن بما تقدمه الطبقة المتوسطة من كوادر متعلمة ومواهب إبداعية، فقد عجزت هذه الطبقة، طبقة عموم الناس، عن تقديم وإفراز مثل هذه الكوادر بعد أن غابت العقول قرونا وقرونا فى ظلام وجهالة كان غثاء التراث يعمل عمله خلالها، فتم تسفيه العقل، وتشويه الدين، واعتناق ملة الصوفية، وطمس قيم العمل والعلم والتعلم. فبينما كان الغزالى ينصح الناس بتغطية رؤسهم فى الجبة طلباً للحقيقة كان الفرنجة "الكفرة" يلتمسونها فى المختبرات، وفى حين طلب من الناس الجلوس فى خلوة فى مكان مظلم انتظاراً للوحى كان الآخرون فى أوروبا ينشئون الجامعات الحديثة ويدرسون العلوم العقلية التى يحتقرها الصوفية، وانتهى الأمر بنا وبهم إلي ما نحن عليه الآن : أسياد وعبيد ولكن فى شكل جديد . ويقول وليب هير: (إن التجربة الشخصية للغزالى هى التى دعته إلى الاعتقاد بأن المذهب الصوفي فى الدين الإسلامي هو الوسيلة المجدية لمعرفة الحقيقة الإلهية رغم أن ذلك لم يمكن المؤمن من معرفة أي شئ عن الله أو الحقيقة الإلهية يزيد على ما هو متواجد بالفعل في القرآن الكريم، وهو بذلك حاول أن يضع التجربة الصوفية في داخل نطاق الشريعة الإسلامية"
.وماذا قدم التصوف للإسلام، وهل اكتمل إسلام الصحابة والتابعين دون اعتناق التصوف؟ وهل تم دين السابقين دون كتب ابن عربى وكفريات أبى يزيد البسطامى وابن الفارض؟ .

وإذا حذفنا من كتب الصوفيين الخرافات والأباطيل التى يتنصل معاصروهم منها، لن يتبقى من كتبهم شئ، فكلها إفك وكفريات ما سئلوا عنها في أى عصر إلا قالوا إنها أكاذيب دسها عليهم آخرون
.إذن لماذا يقدسون هذه الكتب ويعيدون طباعتها كاملة غير منقوصة بما فى ذلك ما ادعوا أنها أكاذيب مدسوسة عليهم؟ وادعاء الدس ليس جديداً على الصوفية، فكثيراً ما يلجأون إليه لإغلاق باب المناقشة حول أى موضوع يرون أن الحق قد جانبهم فيه .وألَّف أبو حامد الغزالي كتاباً أسماه (المضنون به على غير أهله)، زعم فيه أن هناك أسراراً إسلامية جُعلت للخاصة دون العامة، وهذه الشرائع والأسرار مضنون بها على أمة الإسلام كافة، سوى الصوفيين، فهو يرى أن في الدين طبقية وتفاضل أقوام على أقوام، الأمر الذى أغرى الصوفيين بزعم اختصاصهم بالتوصل إلى حقائق أخرى، والحصول على العلم اللدنى بالكشف والإلقاء فى الروع ووحياً مباشرة من الله تعالى .
 


ولم يقل لنا الصوفيون ما هو هذا العلم اللدنى الذى حصلوا عليه بالكشف، وما هى الحقائق التى توصلوا إليها دون باقى خلق الله، ولماذا لم يسجلوا في كتبهم هذه الحقائق التى اختصهم بها الله مثلما سجلوا في كتبهم الأكاذيب والأضاليل؟ وإذا كان ما أتاهم الشيطان من كفريات ظنوا أنها من الدين وتتمة للملة والعقيدة، فكيف يستقيم ذلك مع كلام الله تعالى الذى قال فى محكم آياته: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتى، ورضيت لكم الإسلام دينا)، هكذا فى وضوح وحسم، فالدين قد اكتمل دون خزعبلات الصوفية وبدعهم، والدين بهذه الصورة هو مارضيه الله تعالى لعباده من دين، هكذا دون زيادة أو نقصان، وما زعموه إضافة إلى الدين إنما هو محض اختلاق وضلال، إذ لا يضاف إليه إلا باطل، فليس بعد الحق إلا الباطل، وليس بعد الهدى إلا الضلال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك). ويقول الإمام مالك: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول : اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا). صدق الله العظيم.

 

أرباب الطريقة
  • منوعات
  • من كلام الأئمة
  • كتب عن الصوفية
  • جولات مع الصوفية
  • شبهات وردود
  • صوتيات عن الصوفية
  • فرق الصوفية
  • شخصيات تحت المجهر
  • العائدون إلى العقيدة
  • الملل والنحل
  • الصفحة الرئيسية