اطبع هذه الصفحة


التصوف من صور الجاهلية

الشيخ محمد أمان الجامي - رحمه الله -


الحمد لله رب العالمين وصلاة الله وسلامه ورحمته وبركاته على رسوله الأمين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد :
فإن الجاهلية التي نريد أن نتحدث عن بعض صورها غير الجاهلية التي تتبادر إلى الأذهان إذا أطلقت ؛ لأن الجاهلية في الأصل اسم لفترة زمنية قبل الإسلام بما فيها من أعمال وثنية وتصرفات جاهلية من شرك وظلم وفساد أخلاق وغير ذلك .
وقد انتهت تلك الفترة ببزوغ فجر الإسلام وطلوع شمسه وانتشار نوره في العالم حتى أنار الطريق لكل سالك فدخل الناس في دين الله أفواجا فقامت للإسلام دولة قوية ذات منعة وعاش المسلمون في عصر النبوة حياة لم يسبق لها مثيل ولن يوجد لها مثيل قطعاً توحيد خالص لله وحده وعدل وإنصاف وطاعة لله ولرسوله وتحابب في الله وتآخ واعتزاز بالإسلام وعزة وكرامة وهيبة في قلوب الأعداء ، وقد سجل له القرآن هذا المعنى في قوله تعالى :" ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين "
هكذا عاش المسلمون في ذلك العهد الفريد إلى أن أنتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلا أنه لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن نزل من السماء بأن الدين قد كمل فالكامل لا يقبل الزيادة عادة وأن نعمت الله على أتباع محمد بالإسلام قد تمت وذلك قوله تعالى :" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً "
نزلت الآية الكريمة في حجة الوداع في يوم الجمعة وفي اليوم نفسه خطب النبي الكريم صلة الله عليه وسلم خطبة يوم عرفة المشهورة جاء في آخرها قوله عليه الصلاة والسلام وهو يخطب أصحابه " أنتم مسؤولون عني فماذا أنتم قائلون " قالوا : نشهد أنك بلغت ونصحت .فجعل يقول عليه الصلاة والسلام " اللهم أشهد اللهم أشهد يرفع أصبعه إلى الله الذي فوقه وفوق كل شيء ثم ينكبها إلى الصحابة قائلاً :" اللهم أشهد اللهم أشهد اللهم أشهد "
ولم يعش النبي صلى الله عليه وسلم بعد حجة الوداع طويلاً بل أخذ يحدث أصحابه واتباعه أنه إن تركهم سوف لا يسلمهم للفوضى بل يتركهم على منهج واضح ليس فيه أدنى غموض إذ قال لهم :" تركتكم على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك " وفي لفظ " تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك كتاب الله " " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي " تركهم على هذا المنهج الموصوف ونصحهم ليتمسكوا به ولا يحيدوا عنه ولا يزيدوا فيه وحذرهم عن الزيادة والمخالفات بل يلتزمون المنهج حرفياً
فقال عليه الصلاة والسلام محذراً لهم من الابتداع " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " " من أحدث في أمرنا ما ليس فيه فهو رد " " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة "
ثم إنه عليه الصلاة والسلام ترك هذا المنهج في أيد أمينة وقوية في أيدي جماعة كانت حريصة على الأمة حرصاً يشبه حرصه عليه الصلاة والسلام عليهم وهم رجال رباهم على المنهج واطمأن إلى فهمهم للمنهج وهم أصحابه الذين اختارهم الله لصحبته وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وإخوانهم فحافظوا على المنهج وأحسنوا التصرف فيه بحزم دونه كل حزم ودعوا إليه بصدق وإخلاص وضحوا في سبيل ذلك بكل ممكن .
وفور وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت بعض قبائل العرب وبعضها منعت الزكاة فنهض أبو بكر لقتالهم فتوقف باقي الصحابة وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة مجتهدين قالوا : كيف نقاتل قوماً يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فأقسم بالله أبو بكر الصديق رضي الله عنه لو أنهم منعوه عناقاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم لأنهم فرقوا بين الصلاة والزكاة وأن الزكاة من حقوق الإسلام وواجباته المالية ولأن الإسلام بجميع حقوقه وواجباته إنما هو لله الحي الذي لا يموت فلا يموت الإسلام ولا شيء من واجباته بموت النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أول إعلان أعلنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما علم ما حصل لعمر بن الخطاب عندما قبض النبي عليه الصلاة والسلام إذ ظن عمر أن النبي لم يقبض بعد بل إنه سوف يعود فهدّأه أبو بكر رضي الله عنه فقال فيما قال : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا قوله تعالى من سورة آل عمران :" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين "
واندهش عمر عند سماعه هذه الآية دهشة قريبة من دهشته من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقول كأنه لم يسمع هذه الآية قبل هذه المرة وهو يحفظها ويقرؤها وكأنها نزلت من توها وهي تخاطبه .
وبعد ذلك البيان من الخليفة الأول أبي بكر رضي الله عنه رجع عمر رضي الله عنه ومن معه إلى رأي أبي بكر فاقتنعوا بوجوب قتال مانعي الزكاة إذ لو لم يفعلوا لكانت فتنة في صفوف الأمة وفساد كبير
هكذا حافظوا رضي الله عنهم على وحدة الأمة ووقفوا أمام أسباب الانقسام والتفرق بذلك الحزم لئلا تعود الأمة إلى الجاهلية الأولى من جديد أو إلى ما يشبه ذلك وفي أواخر عهد الخلفاء الراشدين وفي خلافة علي بالتحديد خرجت الخوارج وتشيعت الشيعة ثم ظهرت الفرق متتابعة من جبرية ومرجئة وجهمية ومعتزلة وأشعرية وماتريدية
فسمعت دنيا المسلمين ما تتوقعه من الانقسام والتفرق تصديقاً لقوله عليه الصلاة والسلام :" وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة " هكذا بدأت الجاهلية التي نريد أن نستعرض بعض صورها لأن الجاهلية لا تعني كما تقدم فترة زمنية ولكنها أعمال وتصرفات وأوضاع معينة ومفاهيم خاطئة ويمكن أن نوجز أمهاتها في العناوين التالية :
1/ جاهلية التصوف
2/ جاهلية علم الكلام
3/جاهلية التعصب المذهبي
4/ جاهلية في الحاكمية أي الحكم بغير ما أنزل الله .

أما جاهلية التصوف :
فقد ظهرت واشتهرت بعد انقراض القرون الثلاثة المفضلة فيحدثنا عن نشأتها شيخ الإسلام ابن تيمية كما يعين لنا مكان نشأتها وملخص حديثه إن الصوفية ظهرت أول ما ظهرت في البصرة بالعراق على أيدي بعض العباد الذين عُرفوا بالغلو في العبادة والزهد والتقشف المبالغ فيه بل لقد زين لهم الشيطان أن يتخذوا لباس الشهرة فلبسوا الصوف وقاطعوا القطن بدعوى أنهم يريدون التشبه بالمسيح عليه السلام هكذا تقول الرواية فنسبوا إلى الصوف فقيل لهم الصوفية فدعوى أنهم منسوبون إلى أهل الصفة أو إلى الصف المتقدم دعوى باطلة يكذبها الواقع واللغة ولما سمع بعض السلف أن قوماً لازموا لباس الصوف زاعمين التشبه بالمسيح عليه السلام قالوا : هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا وهو يلبس القطن وغيره ينسب هذا الكلام إلى ابن سيرين رحمه الله ويروي لنا شيخ الإسلام أن مدينة البصرة قد عرفت من تلك الفترة بهؤلاء المتصوفة وتصوفهم كما عرفت الكوفة بالفقه والآراء والقضاء حتى قيل عبادة البصرة وفقه الكوفة .
هكذا ظهرت جاهلية التصوف ومن هذه المدينة انتشرت .

ولو رجعنا إلى الوراء في تاريخنا الطويل لوجدنا أن هذه البدعة التي تسمى بالتصوف اليوم قد أطلت برأسها في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلا أنها قمعت عند أول ظهورها أو التفكير فيها وذلك عندما جنح بعض الناس إلى نوع من الرهبانية فذهب ثلاثة أشخاص من الصحابة إلى بيت من بيوت النبي صلى الله عليه وسلم فسألوا ن عبادته عليه الصلاة والسلام فلما أخبروا كأنهم تقالوها أي رأوا أن ما يفعله الرسول من العبادة قليل فهم يريدون أكثر من ذلك فقال أحدهم : أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر وقال الثاني : وأما أنا فأقوم الليل ولا أنام ، وقال الثالث : وأما أنا فلا أتزوج النساء فلما بلغ ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام طلبهم فأتي بهم فقال :" أنتم الذين قلتم كذا وكذا " فلم يسعهم إلا أن يقولوا نعم فقال الرسول عليه الصلاة والسلام :" أما والله إني لأعبدكم وأخشاكم لله ولكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني "
هذه الواقعة رويناها بالمعنى تقريباً وهي عند الشيخين وبعض أهل السنن
ومما يلاحظ أن الرسول عليه الصلاة والسلام استخدم في إنكار هذه البدعة أسلوباً لا نعم أنه كان يستخدمه عندما يبلغه أن إنساناً ما ارتكب مخالفة أو أتى معصية بل كانت عادته الكريمة المعروفة أنه في مثل هذه الحالة يجمع الناس فيوجه إليهم كلمة عامة واستنكاراً وتوبيخاً لا مجابهة فيه كأن يقول :" ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا " وقد كان هذا الأسلوب كافياً للردع والإنكار مع ما يتضمنه من الستر على مقترف تلك المعصية
ولكننا رأينا الرسول عليه الصلاة والسلام هذه المرة يطلب حضور الثلاثة الذين جنحوا إلى ما يسمى ( التصوف ) اليوم ثم يسألهم أنتم الذين قلتم كذا وكذا ثم يعلن لهم أنه أعبدهم وأخشاهم لله مؤكداً ذلك بالقسم كأنهم لا يعلمون ذلك تقريعاً لهم وتوبيخاً فأشعرهم أن الأساس في العبادة الاتباع دون الابتداع وأن الكيفية مقدمة على الكم المخالف للسنة ثم يختم التوبيخ بالبراءة أي الإخبار أن من رغب عن سنته وهديه ليس منه ولا هو على دينه الذي جاء به من عند الله .
ومما ينبغي التنويه به هنا أن حسن النية وسلامة القصد والرغبة في الإكثار من التعبد كل هذه المعاني لا تشفع لصاحب البدعة لتقبل بدعته أو لتصبح حسنة وعملاً صالحاً لأن هؤلاء الثلاثة لم يحملهم على ما عزموا عليه إلا الرغبة في الخير بالإكثار من عبادة الله رغبة فيما عند الله فنيتهم صالحة وقصدهم حسن إلا أن الذي فاتهم هو التقيد بالسنة التي موافقتها هو الأساس في قبول الأعمال مع الإخلاص لله تعالى وحده .

وبعد :
لعل القارئ يلاحظ أن بدعة التصوف ظهرت أول ما ظهرت مغلفة بغلاف العبادة والزهد وهما أمران مقبولان في الإسلام بل مرغب فيهما ثم ظهرت على حقيقتها التي هي عليها الآن وهذا شأن كل بدعة إذ لا تكاد تظهر وتقبل إلا مغلفة بغلاف يحمل على الواجهة التي تقابل الناس معنى إسلامياً مقبولا بل محبوباً
ومن أمثلة ذلك : بدعة الاحتفال بالمولد التي ابتدعها الفاطميون بالقاهرة بدعوى محبة الرسول وآل البيت حيث كانوا يحتفلون بمولد النبي عليه الصلاة والسلام في كل عام ثم بمولد علي رضي الله عنه ثم بمولد فاطمة رضي الله عنها ثم بمولد الحسن والحسين وأخيراً يحتفل بمولد الخليفة الحاضر وهكذا لو تتبعت نشأة كل بدعة لوجدتها لا تظهر أول ما تظهر إلا في مثل هذا الغلاف المقبول ومما يلاحظ في الآونة الأخيرة ظهور احتفالات باسم أسبوع فلان أو شهر فلان أو مرور كذا سنة على الحركة الفلانية أو بعبارة بهذا المعنى ومثل هذه الاحتفالات التي تعد فيما يبدو للناس إنما هي مجرد ذكرى لأولئك المجددين والمصلحين وإحياء لدعوتهم وحركتهم الإصلاحية ولكنها سوف تتحول على المدى البعيد والله اعلم إلى جنس الاحتفالات التي تسمى اليوم عند العوام وأشباههم الاحتفالات الدينية هكذا أتصور والله اعلم
فلنعد إلى البصرة حيث نشأة الصوفية ثن انتقلت منها إلى المدن الأخرى بالعراق ثم إلى الأقطار المجاورة للعراق وهكذا حتى انتشرت الصوفية في دنيا المسلمين وهي تتظاهر بالعبادة والزهد .

ولم يطل الزمن كما يحدثنا شيخ الإسلام حتى انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة والمرتزقة وهذه المتصوفة المنتشرة في العالم الإسلامي من أولئك المبتدعة والزنادقة كالحلاج الذي قتل أخيراً بسبب زندقته وابن عربي وغيرهم من كبار مشايخ الصوفية وسيأتي نقل بعض نصوصهم الكفرية إن شاء الله

وقد شوهت هذه الطائفة ( الصوفية ) جمال الدين وغيرت مفاهيم كثيرة من تعاليم الإسلام لدى كثير من المخدوعين الذين يحسنون الظن بكل ذي عمامة مكورة وسجادة مزخرفة وسبحة طويلة ويستسمنون كل ذي ورم فأخذوا يحاولون أن يفهموا الإسلام بمفهوم صوفي بعيد عن الإسلام الحق الذي كان عليه المسلمون الأولون قبل بدعة التصوف وبدعة علم الكلام وغيرهما من البدع التي شوشت على السذج وحالت بينهم وبين المفهوم الصحيح للإسلام
وإليكم بعض المفاهيم التي غيرتها الصوفية :

***مفهوم الدين الإسلامي عند الصوفية :
ينقسم الدين الإسلامي عند الصوفية إلى قسمين :

الأول : الشريعة التي تضمنها الكتاب والسنة :
وهي في زعمهم للعوام أو لغير الواصلين ويسمون علماء الشريعة علماء الرسوم استخفافاً بهم بل يسمون الشريعة القشر الظاهري وهو قليل الجدوى وأما اللب الداخلي المقصود بالذات فهي تلك الحقيقة التي اختص بها كبار مشايخ الصوفية وهي التي سوف نتحدث عنها في الفقرة التالية .

ثانياً : الحقيقة :
وهي خاصة بطبقة الواصلين كما تقدم وهي شيء آخر غير الشريعة وأعلى من الشريعة وأخص لأن الشريعة إنما يلتزمها العوام وأشباه العوام من علماء الرسوم كما زعموا وبئس ما زعموا
وهذه الحقيقة المزعومة يرى بعضهم أنها علم التصوف ويسمون تلك البدعة علماً وهي ليست من العلم في شيء بل التصوف في الحقيقة عبارة عن طقوس مجمعة من البوذية والهندوكية واليهودية وهي بعيدة عن الإسلام كل البعد ولا يتردد في ذلك إلا مريض القلب بمرض الوثنية أو إنسان ضعيف المعرفة بالدين فالمتصوفة طائفة مادية تريد أن تعيش تحت ستار العبادة وعبادتهم في الواقع عبارة عن عبث وأنواع من الرقصات فهم من الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وقد سموا تلك الرقصات ذكراً لتقبل وتروج ولكن على السذج وأما طلاب العلم أصحاب البصيرة فلا تنطلي عليهم مثل هذه التسمية .

من واضع علم التصوف :

يزعم ابن عجيبة الصوفي الفاطمي بأن واضع علم التصوف هو الرسول صلى الله عليه وسلم علمه الله بالوحي والإلهام ثم يقول ابن عجيبة في تفصيل ذلك في عجائبه وأكاذيبه الكثيرة نزل جبريل أولاً بالشريعة فلما تقررت نزل ثانية بالحقيقة فخص بها رسول الله بعضاً دون بعض وأول من تكلم بالتصوف هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخذ عنه الحسن البصري .

** والقارئ البصير يدرك من كلام هذا الزنديق الصلة الوثيقة بين بدعة الصوفية وبدعة الشيعة التي تعبد أئمتها وتؤلههم وما الصوفية إلا خطاً ممدوداً متفرعاً من دين الروافض الخبيث

وكلام ابن عجيبة هذا فرية جائرة وجريئة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهت له عليه الصلاة والسلام بجريمة الكتمان وهل يتهم النبي الأمين محمداً صلى الله عليه وسلم بكتمان الحق الذي أرسل به ليبلغه للناس وقد أمره ربه بذلك بقوله :" يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " إلا الزنديق المارق الذي يريد أن يصرف الناس عن الإسلام لو استطاع ويتضمن زعم ابن عجيبة بهتاً آخر على الرسول عليه الصلاة والسلام وهو تخصيص آل البيت بشيء من العلم والدين لا يعلمه سائر الصحابة حتى أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ومن جهة أخرى أن المعروف من معاني الإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام الإيمان بأنه عليه الصلاة والسلام بلغ ما أنزل عليه وما أوحي إليه بلاغاً عاماً شاملاً وأنه أمين الله على وحيه وكلام ابن عجيبة الذي يتحدث عن واضع علم التصوف على حد تعبيره يتنافى وهذا الإيمان كما ترى .
وأما تخصيص آل البيت بشيء من العلم والدين دون غيرهم فهذه فكرة موروثة ورثتها الصوفية من أسيادهم الشيعة وقد نفى هذا الزعم علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه حيث روى مسلم حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : كنت عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأتاه رجل فقال : ما كان النبي يسر إليك فغضب وقال ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يسر إلي شيئاً يكتمه الناس غير أنه قد حدثني بكلمات أربع قال فقال ما هي يا أمير المؤمنين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لعن الله من لعن والديه لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من آوى محدثاً لعن الله من غير منار الأرض "
ثم إن كلام ابن عجيبة ووراءه.ابن عربي وابن الفارض وغيرهما من كبار مشائخ الصوفية يتضمن أن أبا بكر وعمر وعثمان لا يعلمون بعض الأمور وهي من الدين قد يعلمها مشايخ الصوفية وهو ما سموه حقيقة أو تصوفاً وهل يعتبر ديناً ما لم يعلمه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وقد أمرت الأمة بالأخذ بسنتهم والاقتداء بهم " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " الحديث " اقتدوا بالذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر .

أما ابن الفارض فقد تحدث عن دين الصوفية بإسهاب في تائيته الكبرى ودين الصوفية الذي انتهى إليه كبار الصوفية ويشمر عن ساعد الجد صغار الصوفية للوصول إليه هو ( وحدة الوجود ) واعتقاد أن الله سبحانه وتعالى عين هذا الوجود وهي زندقة تحملها أبيات تائية لا بن الفارض إذ يقول ما هو كفر بواح لدى كل فقيه :

فقد رفعت تاء المخاطب بيننا ** وفي رفعها عن فرقة الفرق رفعتي
ولا فلك إلا ومن نور باطني ** به ملك يهدي الهدى بمشيئتي
ولا قطر إلا حل من فيض ظاهري **به قطرة عنها السحائب سحت
ولولاي لم يوجد وجود ولم يكن ** شهود ولم تعهد عهود بذمه
ولا حي إلا من حياتي حياته ** وطوع مرادي كل نفس مريدة

فما يحكم القارئ على هذا الكلام وهو يفتري أن ملكوت كل شيء بيده وأن الوجود كله قطرة من فيض جوده ومن وجوده وأن كل شيء طوع هواه
وله فرية أخرى وهي أنه زعم أن جميع الصلوات التي يؤديها العباد والنساك في جميع الجهات الست وتلك المناسبات التي ينسكها الحجاج والمعتمرون إنما ترفع في الحقيقة إلى ابن الفرض من حيث لا يشعر أولئك العباد والحجاج والعمار والطائفون بالبيت العتيق بل إنه نفسه إنما يصلي لو كان له صلاة لنفسه وذلك إذ يقول :

وكل الجهات الست نحوي توجهت ** بما تم من نسك وحج وعمرة
لها صلواتي بالمقام أقيمها ** وأشهد فيها أنها لي صلت

ولا يزال يكرر مزاعمه التي ضلل بها كثيراً من السذج فيزعم أنه ليس في هذا الوجود متناقضات ولا أضداد أو أغيار أو أمثال بل الوجود كله حقيقة واحدة ولا يقال ( خالق ومخلوق ) أو ( رب ومربوب ) أو ( عابد ومعبود ) وذلك حيث يقول :

تعانقت الأطراف عندي وانطوى ** بساط السوي عدلا بحكم السوية
ثم يصرح بأنه هو المعبود الذي يصلي له كل مصل ويسجد له كل ساجد فيقول :
كلانا مصل واحد ساجد إلى ** حقيقته بالجمع في كل سجدة
وما كان لي صلى سواي ولم يكن **صلاتي لغيري في أداء كل سجدة

وهذا الهذيان المارق قد صرح شيخهم الأكبر والزنديق الأكفر ابن عربي الطائي إذ يقول مستخدماً أسلوب التقديس تلبيساً على الأغمار : سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها- تعالى الله عما زعم علواً كبيراً إذ " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "

وقال في موضع آخر من فتوحاته :إن العارف من يرى الحق ( الله ) في كل شيء بل يراه عين كل شيء .انتهى

وترى الصوفية قاطبة أن هذا أدق تعريف للعارف بالله يا سبحان الله إذ سمي الكفر إيماناً والجهل معرفة والمروق وصولاً ما الذي بقي من الحقائق على ظواهرها ؟! وإنما تكد الصوفية ليل نهار وتقدم جميع الوسائل البدعية للوصول إلى هذه الدرجة من الكفر الذي ليس بعده كفر ولكن باسم الوصول .

وما ذكرنا من كلام ابن عجيبة وشرحناه وما أضفنا إليه من كلام ابن الفارض وابن عربي إنما هو قطرة من بحار كفرهم ويعرف ذلك بالاطلاع على " فصوص الحكم " و " الفتوحات المكية " وهما لابن العربي وماجاء في " التائية الكبرى " لابن الفارض وما ورد في " إيقاظ الهمم في شرح الحكم" لابن عجيبة وغيرها من الكتب التي كتبها المؤمنون بهم والمدافعون عن معتقداتهم وهي كثيرة

هذا وبرهان الدين البقاعي الذي كان يعيش في القرن التاسع الهجري قد ألف كتاباً سماه " تنبيه الغبي بتفكير عصر بن الفارض وابن عربي " وكتاباً آخر " تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد " وقد دمجها في كتاب واحد الشيخ السلفي الداعية عبد الرحمن الوكيل

والكتاب ينقد التصوف نقداً قاتلاً كما يقول الشيخ الوكيل فجزى الله البقاعي والوكيل خير الجزاء على ما قدما من بيان الحق ودحض الباطل ونصح القارئ والمطلع

وللشيخ الوكيل كتاب آخر سماه " هذه هي الصوفية " والكتاب فريد في بابه وهو مع كثرة النقل المعزوة يمتاز بمعلومات أضافها الشيخ رحمه الله تلك المعلومات التي اكتسبها إبان أن كان أسيراً عند الصوفية في صباه كما يحكي الشيخ في هذا الكتاب كيف حاولت الصوفية أن تفسد فطرة الصبي وتزين له دين الصوفية وإبعاده عن الخط الموصل إلى الحق وهو الاعتصام بالكتاب والسنة ولكن الله سلم فهرب الصبي من الأسر واتصل بجماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة فأنقذه الله على يد الجماعة زادها الله من التوفيق

ولله الحمد والمنة فالكتاب يحمل في صفحاته معلومات خطيرة عن الصوفية
وأنا أدعو شبابنا إلى قراءة هذين الكتابين ليدركوا بأنفسهم حقيقة دين الصوفية وأنه غير الدين الإسلامي في حقيقته والله المستعان

وإن كان القارئ يلاحظ أن في هذا الحكم نوعاً من القسوة أو المبالغة وإنما يرجع ذلك لأنه حكم جاء مخالفاً للمألوف الموروث وأما القارئ المتجرد من مألوفات قومه بعقله الحر وله اطلاع واسع على نصوص الشريعة في باب الردة خاصة فلا شك أن ما تدعو إليه الصوفية من وحدة الوجود ومن دعوى حلول الرب تعالى في فرد من مخلوقاته أو من دعوى الاستغناء عن الشريعة المحمدية بدعوى الأخذ عن الله مباشرة أو نقل الأحكام من اللوح المحفوظ بالنسبة لخواصهم فلا يترددون في تكفيرهم وبالتالي لا يتهمنا بالمبالغة أبداً .

هذا وقد يدعون التأثير في الآجال والأرزاق والشقاوة والسعادة والموت على حسن الخاتمة أو سوء الخاتمة بل التصرف المطلق في هذا الكون علويه وسفليه ومن لم يكفر هؤلاء فهو إما كافر مثلهم أو من أجهل عباد الله فنسأل الله له العافية .

أما البقاعي فقد نقل في كتابه المذكور : أقوال عدد كبير من أعلام القرن السابع والثامن والتاسع في تكفير ابن الفارض وابن عربي شرعاً وهي فتاوى خطيرة لها اعتبارها ووزنها عند أهل العلم .

وقد صنف البقاعي أولئك الشيوخ الذين أفتوا بكفر الزنديقين إلى طبقات مختلفة في الزمن بعد أن بين مكانة كل واحد منهم في علمه وفضله والمذهب الذي ينتسب إليه من : الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، وذكر منهم 40 عالماً وإماماً بأسمائهم فليراجع كتابه لأهميته .

وخلاصة ما اعتمدوا عليه في تكفيرهم هو : أن كلام الرجلين ابن الفارض وابن عربي ومن ذهب مذهبهما مثل ابن عجيبة إنما يدور حول القول بأنهم مستغنون عن الشريعة التي جاءت في الكتاب والسنة ووصلوا بغير طريق محمد رسول الله إلى الله في زعمهم .

ثانياً : أنهم صرحوا بالاتحاد والحلول ، وأنهم إنما يعبدون أنفسهم كما يعبدون غيرهم إذ ليس هناك ( خالق ومخلوق ) و ( عابد ومعبود ) ؛ لأن الكون عين واحد ، وحقيقة واحدة ، هذه بعض أسباب تكفيرهم وهي واضحة لدى طالب العلم .

وأما الذين لم يصلوا إلى هذه الدرجة من التصريح بوحدة الوجود فلا يسلمون أيضاً من الكفر بل ينالهم نصيبهم مما أصاب كبارهم من الكفر لإيمانهم بذلك الكفر الذي تقدم شرحه وتوضيحه ؛ لأن الرضاء بالكفر كفر ، وهو أمر لا يختلف فيه فقيهان ، اللهم إلا إذا كان له عذر كأن حالت بينه وبين فهم الحقيقة شبهات وجهل فقبل عذره .

مفهوم الذكر عند الصوفية :

ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى ذكر الله بقلبه ولسانه والمواظبة عليه مطلقاً كان أو مقيداً ، حسب ما نظمته السنة المطهرة من تهليل ةتسبيح واستغفار ودعاء ولقد تمكنت بدعة الصوفية من هذه العبادة العظيمة فعبثت فيها عبثاً ، وأحدثت باسم الذكر ألفاظاً ما أنزل الله بها من سلطان كما عبثت بالأذكار المأثورة فزعمت أنها تنقسم - في زعمهم - إلى ثلاثة أنواع :
نوع للعوام
ونوع آخر للخواص
ونوع ثالث لخاصة الخاصة

وتقسيم الذاكرين إلى هذه الأقسام يعد من مبتكرات مشايخ الصوفية ومبتدعتهم بل قد ألحدت الصوفية في أسماء الله تعالى حيث تكلمت فيها بغير علم فزعمت أن من الأسماء مالا يصلح إلا للعوام ، وأما الواصلون إلى الله فلهم أسماء خاصة لا يذكر الله بها العوام ، وإليكم تفصيل ما أجملت :

أما العوام في زعم الصوفية هم من عدا الواصلين في اصطلاحهم من طبقات المسلمين من العلماء وطلاب العلم وغيرهم ، والواصلون هم أولئك الذين تمردوا على الشريعة واستخفوا بها ومرقوا عن حقيقة الإسلام والتقيد به ، فسموا الأذكار التي جاءت بها نصوص الشريعة أذكار العوام مثل :" لا إله إلا الله وحده لا شريك له " الخ . الذي قال فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام :" أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي :" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير " .
هذا الذكر العظيم والتوحيد الخالص يعد عند المتصوفة من أذكار العوام .

أما الخاصة ، وخاصة الخاصة من كبار الزنادقة الذين سبق أن تحدثنا عنهم مثل ابن عربي وابن سبعين فلا يتنازلون لمثل هذا الذكر وهذه الصيغة ، أما ذكر الخاصة - في زعمهم - فهو تكرار لفظ الجلالة مفرداً ( الله ) ، ( الله )
وأما ذكر خاصة الخاصة فهو ضمير الغيبة ( هو ) (هو ) وربما اقتصر بعضهم على الآهات ( آه ، آه ) بكيفية خاصة بأن يتمايل الذاكر - العابث - يمنة ويسرة ، وأما العامي منهم عندما يذكر الله بالتهليل مثلاً يكون على هيئة معينة كأن يتمايل يميناً ويساراً يبدأ بـ (لا ) يميناً ويرجع بـ (إله) فيتوسط ثم يختم بـ ( إلا الله ) على اليسار ، يبدأ التمايل في هدوء بعد الاستئذان من الشيخ أولاً ويستمد منه المدد قائلاً ( دستور ) يا أستاذ ، مددك يا سيدي ، ثم يستأذن سلسلة الطريقة التي ينتسب إليها من قادرية أو تيجانية أو رفاعية أو مرغنية فيقول : دستور يا أصحاب الطريقة والقدم .

وبعد أن يجأر بأسماءهم هكذا معتقداً أنهم يسمعونه ويأذنون له بقلوبهم وبعد أن يتلطخ هكذا يهذه الوثنية ليتقبل ذكره يبدأ في الذكر .

ومما ينبغي أن يعلمه طالب العلم من هذه الجاهلية الصوفية أن ذكر الله لا ينفع به الذاكر ولا يقبل منه ولا يقرب إلى الله في دين الصوفية إلا بإذن من شيخ الطريقة وللشيخ أن يحرم على دراويش طريقته أن يذكروا بالذكر الذي تذكر به الطريقة الأخرى وترقص به وعلى الدراويش أو المريد الصغير أن يلتزم ذلك التحريم ولا يعصي الشيخ أدنى عصيان وإلا فهو مهدد بسوء الخاتمة ، بل عليه أن يعتقد أن الشيخ جاسوس قلبه فعليه أن يراقب خطرات قلبه بدقة ومن الأمثال السائرة عند الصوفية ( إن حضرت عند نحوي احفظ لسانك وإن حضرت عند العارفين احفظ قلبك )

وأما أسماء الله الحسنى فمنها ما هو صالح للعوام فقط ولا يناسب الواصلين كالعفو والغفار ولهم كلام طويل هنا يعرف بالرجوع إلى كتبهم .

ولا أحسب الدرويش أنه يؤمن بالله تعالى ويخشاه ويراقبه إيمانه بالشيخ وخشيته له ومراقبته إياه ؛ لأنه يرى حياته الاجتماعية والمادية والدينية - إن كان له دين - يرى أن ذلك كله مرتبط بالشيخ وإذا لم يظهر للشيخ -ولو تصنعاً - أنه من المخلصين له ولطريقته فسوف يبقى دائماً في ذل الدروشة ولا تحصل له الترقية إلى درجة ( مريد ) حيث يصبح إنساناً له نوع من الاعتبار ثم لا يتخرج خليفة له شأنه ليعين في مكان معروف بكثرة الزراعة أو بالثروة الحيوانية أو في مدينة معروفة بالتجارة والصناعة ليصبح بعد فترة قصيرة من أثرياء تلك البلدة وتزداد بذلك ثروة الشيخ الكبيرة وتتضخم وبالتالي تستفيد الطريقة من وراء ذلك مادة وصيتا طويلاً وتقدم الطريقة بسخاء الهدايا الثمينة والذبائح السمينة لمشيخة الصوفية إذ يتقدم الشيخ أمام تلك الهدايا في تيه وكبرياء ليعلن أنها هدايا من الطريقة التيجانية مثلاً فيرمي الشيخ من وراء ذلك أن يرشح لرياسة مشيخة الصوفية وهذا بيت القصيد من جميع تلك الحركات .

مشائخ الصوفية يفترون الكذب في سبيل الدعوة إلى طرقهم :

تحل الصوفية في اقتراف جريمة الكذب على الله عز وجل وعلى رسوله عليه الصلاة والسلام في المرتبة الثانية تقريباً بعد أن تشغل الشيعة المرتبة الأولى .

ومن أكثر مشايخ الصوفية كذباً وافتراء على الله ذلك التيجاني الجاني فاسمعوا وهو يفتري على الله " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله "
يقول التيجاني الجاني :" وما أكرم الله به قطب الأقطاب أن يعلمه علم ما قبل وجود الكون وما وراءه وما لا نهاية له وأن يعلمه جميع الأسماء القائم بها نظام كل ذرة من جميع الموجودات وأن يخصصه بأسرار دائرة الإحاطة ..." إلى آخر الفرية الطويلة ولعل القارئ لا يغفل أنه يريد أن يدعي هذا المقام لنفسه لا لغيره بأسلوب صوفي معروف لدى كل العارفين بأسلوب القوم إذاً هي فرية ودعاية في آن واحد وهذا ديدنهم .

وهناك فرية أخرى يطلقها التيجاني أيضاً إذ يقول : " إن حقيقة القطبانية هي الخلافة العظمى عن الحق ( الله ) مطلقاً في جميع الوجود جملة وتفصيلاً حيثما كان الرب إلهاً كان هو خليفة "1" في تصريف الحكم وتنفيذه في كل من له عليه ألوهية الله تعالى فلا يصل إلى الخلق شيء كائناً ما كان من ( الحق ) إلا بحكم القطب ثم قيامه في الوجود بروحانيته في كل ذرة من ذرات الوجود ) إلى آخر تلك الفرية الطويلة التي تنبيء عن خلو قلب هذا الفاجر من الإيمان بالله سبحانه وتقديره حق قدره .

وهذه الفرية كالتي قبلها دعوة صريحة للربوبية لأن له التصرف المطلق في الكون جملة وتفصيلاً وهو كفر لم يتورط فيه أبو جهل وأمثاله من كبار صناديد قريش الذين قاتلهم رسول الإسلام واستباح دماءهم وأموالهم وسبى ذراريهم .

ولكنه كفر يتورط فيه أكثر كبار مشايخ الصوفية كما سيأتي تفصيل ذلك عند الحديث عن ديوانهم الباطني .

وللشيخ التيجاني فرية أخرى في نفس المعنى ولكنها تمتاز بما تتضمنه من دعاية صريحة لطريقته ( التيجانية ) وفيها من أساليب تضليل الناس ما ليس في غيرها من أكاذيبه المتنوعة إذ يعد أتباعه بالجنة التي لا يملكها بل هي حرام عليه إن مات على ما كان عليه في كفره وزندقته ومع ذلك يقدم لأتباعه ضمانات كاذبة بدخول الجنة طالما تفانوا في طاعته وخدمته وقدموا له طعاماً شهياً في حياته فإنهم يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب وذلك حيث يقول :" أخبرني سيد الوجود ( يقظة ) لا مناماً كل من أحسن إليك بخدمة أو غيرها وكل من أطعمك يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب فسألته لكل من أحبني ولكل من أحسن إلي بشيء من مثقال ذرة ومن أطعمني طعامه كلهم يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب وسألته لكل من أخذ مني ذكراً أن تغفر لهم جميع ذنوبهم ما تقدم منها وما تأخر وأن يرفع الله عنهم محاسبته وأن يكونوا آمنين من عذاب الله من الموت إلى دخول الجنة وأن يكونوا كلهم معي في عليين في جوار النبي عليه الصلاة والسلام فقال لي عليه الصلاة والسلام ضمنت له ضمانة لا تنقطع حتى يجاورني أنت وهم في عليين " "2"

وكتابه المعروف بـ( جواهر المعاني ) كله أو جله مؤلف من مثل هذا الكلام العاري عن أي حقيقة ولكن عامة الناس تصدق وتؤمن بهذا الكتاب أكثر من إيمانهم بالأحاديث الصحاح في الصحيحين وغيرهما .

وبهذه الدعاية انتشرة الطريقة التيجانية في القارة الأفريقية وما جاورها أكثر من غيرها لأن من علم مثل هذه الوعود والضمانات المروية عن رسول الله وهو لا يفرق بين الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على رسول الله وبين الأحاديث الصحيحة بل يصدق كل ما قيل فيه ( قال رسول الله ) من علم مثل هذه الضمانات وهو بهذه المثابة لا يتردد في الانخراط في الطريقة التيجانية ويتلوث بوثنيتها ويتلطخ بدم شركها وتشبيهها حيث يشبه الله بملك له أعوان يدبرون أمر مملكته وليس عليه إلا الموافقة والتصديق على تدبيرهم لأنه لا يعلم من أمر الرعية الشيء الكثير إلا بواسطة هؤلاء الأعوان .

هكذا تشبه الصوفية رب العالمين الذي لا تخفى عليه خافية بمخلوق ضعيف لا يعلم الكثير والكثير من أمور رعيته إلا بواسطة غيره .

وبهذا التشبيه والتضليل يوهمون العوام بأن الجنة بأيديهم وأنهم يستطيعون إعطاء الوعد لأتباعهم بالجنة والرسول يضمن لهم أن يكون مشايخ الصوفية في جواره مع أتباعهم .

وأتباع التيجاني في الغالب جهال كسائر الدراوشة ولو كانوا يعلمون ما جاء في السنة من موقف رسول الله من أقاربه وما قال لهم عندما أنزل عليه قوله تعالى :" وأنذر عشيرتك الأقربين " حيث جمع عشيرته فخص وعم وقال فيما قال :" يا فاطمة بنت محمد إعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً " .
وما جاء في هذا المعنى من نصوص الكتاب والسنة التي تقضي بأن الأمر كله لله وحده ، وأما الأنبياء والصالحين فليس لهم من الأمر من شيء فإنهم لا يملكون أن يعدوا أحداً بدخول الجنة وقد سأل صحابي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة فقال له : " أعني على نفسك بكثرة السجود " أي أكثر من الصلاة حتى يكون ذلك سبباً لدخولك الجنة ومرافقتي ولم يقل له أبشر أنت معي في الجنة وإنما وجهه وأرشده إلى الأسباب علماً بأنه قد بشر بعض الصحابة بالجنة بوحي من الله مثل العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم من بعض الصحابة ودعا لبعضهم أن يجعله الله من الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب ثم أخبره بأنه منهم كما في قصة ( عكاشة ) لأنه عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى .

ولو علم أتباع التجاني الجاني مثل هذا الموقف وهذه النصوص ما مكثوا على مواعيد التجاني الكاذبة ساعة بل الكفروا به ولعنوه لعناً كبيراً ولكن الجهل والببغائية وحسن الظن المبالغ فيه والطيبة الزائدة ضيعت جماهير المسلمين وجعلتهم يقادون فينقادون دون أدنى تردد في كل ما يصدر من هؤلاء الأفاكين .

وقد يستغرب بعض الناس مثل هذا الإيمان من أتباع التيجاني وأمثاله من مشايخ الصوفية المضللين كيف يصدق ويؤمن الإنسان بوعدهم بالجنة وهم لا يملكون الجنة ؟

حقاً إن القصة أو الحكاية لغريبة فتعال لأحدثك عن بعض الثقات وهم شهود عيان ما هو أغرب من هذا وذلك حين يعبث يعض مشايخ الصوفية بالأعراض والدروشة المستضعفون يطيعون المشايخ حتى في هتك الأعراض

حدثني ثقة أن من خصوصية بعض مشايخ الطرق في بعض الجهات أن أي درويش إذا تزوج وتم الزفاف يترك " غرفة النوم " في الليلة الأولى ليزور الشيخ " الغرفة " فيباركها له ثم يأمره في الليلة الثانية ليذهب إلى بيته وقد حلت البركة وربما تتطلب الحال أن يكرر الشيخ الزيارة في الليلة الثانية فإذا " قضى منها وطراً " أمر الدرويش الغبي أن يذهب إلى البيت المبارك " الملوث " وهكذا يعبث مشايخ الصوفية بجميع القيم فيفسدون العقيدة ويفسدون الأخلاق ويعبثون في الأعراض ويسلبون الأموال ويأكلونها بالباطل ويستعبدون الجهال من الناس ويصدون عن سبيل الله ويعادون الدعاة إلى الله تعالى لأنهم يبصرون الناس حتى يدركوا أن مشايخ الصوفية ضللوهم وأبعدوهم عن الدين الحق الذي جاء به رسول الهدى محمد عليه الصلاة والسلام .

مكر وعربدة ومجون .. وهذه الصفات في لغتهم كرامات وبركات وزهد وعبادة ودعوة ااناس إلى الإسلام .

إنه التناقض .. إنها المغالطة .. فمن لها ؟!! .. إنها فتنة .. بل ردة ، ولا أبا بكر لها .. والله المستعان

ألقاب وهمية يسغلها مشايخ الصوفية لاستجلاب الأرزاق وإفساد العقيدة :

والخرافات التي يوهم بها مشايخ الصوفية عوام الناس أن لهم تصرفات في هذا الكون وصلاحيات للمشاركة في أقدار الله تلك الألقاب التي اصطنعوها لأشخاص مجهولين بل لا وجود لهم في الدنيا منها :

1- الغوث أو الغوث الأعظم :

وهو واحد دائماً لا يتعدد وهذا المنصب منصب متنازع فيه دائماً فابن عربي يدعيه بوصفه خاتم الأولياء - كما زعم - والتيجاني يدعيه ويصدقه أتباعه المؤمنون به ويرون أنه الغوث الأعظم والقادرية تدعيه للشيخ عبد القادر الجيلاني وهو برئ منهم ومن دعواهم لأن الشيخ عبد القادر الجيلاني - وهو خلاف ( الجيلي ) - عالم حنبلي بغدادي نشأ ببغداد وتوفي ببغداد .

وذكره الذهبي في " العلو " واستشهد بكلامه في الصفات وذكر أنه معروف بالكرامة وإجابة الدعاء أو كلاماً قريباً من هذا فليراجع .

ولعل هذا المعنى هو الذي جعل عوام الناس تبالغ في تعظيمه إلى حد العبادة ثم زعم بعض الماكرين من المتصوفة أنه صاحب طريقة ونسبوا له الطريقة القادرية ثم زعموا أنه غوث الزمان والغريب في الأمر تلك القباب المنتشرة في أكثر الجهات في المدن والقرى ويطلقون عليها قبة الشيخ عبد القادر وأنا أجزم أن من سموه الشيخ عبد القادر الجيلاني وعبدوه من دون الله وبنوا عليه تلك القباب إنما هو كلئن مجهول اخترعه شياطين الإنس مستعينة بشياطين الجن وليس هو الشيخ عبد القادر الجيلاني البغدادي - هذه هي النتيجة التي وصلت إليها بعد تفكير طويل في أمر الجيلاني - والله أعلم .

ومما لا يخفى على صغار طلاب العلم قبل الكبار أن إطلاق الغوث على مخلوق ما والاعتقاد بأنه هو الذي يغيث العباد أو أن الله لا يغيث العباد إلا بواسطته اعتقاد وثني كانت تعتقده الجاهلية الأولى بالنسبة للواسطة لا الاستقلال وأما اعتقاد أن مخلوقاً ما يغيث العباد مستقلاً بنفسه ويعطي ويمنع وينفع ويضر فهو اعتقاد لا يوجد حتى عند الجاهلية الأولى وإنما يدين بهذا الاعتقاد أتباع الصوفية فقط وهم يشركون بالله في عبادته وربوبيته كما علمت مما تقدم .

2- اللقب الثاني : لقب القطب أو الأقطاب :

ومن أساطير الصوفية الطريفة أن الأقطاب لا يزيد عددهم على سبعة أشخاص وأما من حيث الصلاحيات فإن الغوث مهمته الإشراف العام على التصرفات والصلاحيات التي يقوم بها الأقطاب من إعاثة الملهوف والتصرفات الأخرى .

3-واللقب الثالث: الأوتاد :

وعددهم أربعة أو ثلاثة ولو مات هؤلاء الأوتاد جميعاً لفسدت الأرض واختل نظام الحياة فيها - في زعم المتصوفة -

4- اللقب الرابع : الأبدال :

وعددهم أربعون موزعون على النحو التالي :
اثنان وعشرون منهم يسكنون الشام
وثمانية عشر منهم يسكنون العراق
ولست أدري من تواى هذا التوزيع .

5- اللقب الخامس : النجباء :

وهم دون الأبدال في الدرجة طبعاً وعددهم سبعون ومقرهم بمصر ووظيفتهم أنهم يحملون عن الخلق أثقالهم .

6- اللقب السادس : النقباء :

وهم ثلاثمائة وقيل خمسمائة وهم الذين يستخرجون خبايا الأرض .

هذه مملكة الصوفية المسؤولة عن الدنيا كلها من غوث يخطط للأقطاب ويشرف وأقطاب يغيثون ويدبرون الأمور تحت إشراف الغوث ويقبضون على من تحتهم من الأوتاد بالعلم الخاص وهؤلاء مجموعة احتياطية لمنصب القطبانية بحيث لو مات أحد الأقطاب السبعة يرقى أحد الأوتاد الأربعة إلى منصب القطب الميت فيصبح عددهم ثلاثة .... إلى آخر ذلك العبث الصوفي .

ففي هذه المملكة الوهمية يستعبد مشايخ الصوفية أتباعهم ولم يكن الله - في دين الصوفية - هو الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ولم يكن له ملكوت كل شيء "3"
ولكنه خلق الخلق ثم أمر التصرف والتدبير لبعض خلقه وهم مشايخ الصوفية هذا ما تدين به الصوفية - تعالى الله عما تزعمه الصوفية .

للصوفية ديوان باطني :

ومن مزاعم الصوفية الغريبة التي لا تنطلي إلا على من باع عقله في سوق التصوف أن لهم ديواناً باطنياً ومقراً بغار حراء ورئيس الديوان هو الغوث الذي تقدم ذكره وهو هنا بمثابة رئيس القضاة لأن هذا الديوان مركز للقضاء الكوني يحضره الأحياء والأموات من الأولياء وقد تحضره الملائكة والأنبياء ويذكر بعضهم أن النبي الكريم يحضر هذا الديوان أحياء ومعه عدد من آل البيت .

وأما كيف يتم هذا الحضور للأحياء والأموات من الملائكة والأنبياء والأولياء وكيف يسعهم الغار ؟ أو المكان الذي أمام الغار وهل الجبل الذي فيه الغار نفسه يسعهم ؟!!

هذه الأسئلة غير واردة لأن مثل هذا الهذيان من الكلام غير الواقعي إنما يحكى ولا يتحقق وهذا ديدن القوم لأنهم يغربون دائماً وهذا الاغراب مقصود عندهم وهو مقبول عند الغوثيين وهو ميدان عملهم وأما غيرهم فيخفون عنهم هذه الأسرار إن استطاعوا أو يبتعدون عنهم بل يعدونهم كما تقدم .

وهناك رواية أخرى تقول : إن المجلس الذي يسمى ديواناً في لغتهم إنما ينعقد في القاهرة في فضاء صغير خلف ( زويلة المتولي ) وهو المكان الذي يستطب فيه كثير من المصابين بأمراض مختلفة إذ تنهطل البركات والرحمات مجلوبة بسر ذلك الكائن المجهول الذي يقيم هناك مختفياً عن الأنظار وهو الغوث ليرأس المجلس وهو لا يسأل عنه ولا يبحث عن وجوده الفعلي وإنما الواجب الإيمان بوجوده السري هكذا يزين الشيطان لمشايخ الصوفية وأتباعهم مثل هذه الأسطورة وأما ماذا يفعل المؤتمرون في هذا الديوان ؟!!

يجيب على هذا السؤال مشايخ الصوفية قائلين :

إنهم ينظرون في أقدار الله ثم يحكم فيها الأقطاب تحت إشراف الغوث دون أن يرد لهم أي حكم أصدروه من ذلك الديوان في الأرزاق والآجال بل حتى في خواطر الناس بحيث لا يهجس في خاطر أحد شيء إلا بإذن الأقطاب .

إذا كان هذا الديوان الذي يرأسه الغوث هو الذي ينظر في شؤون الخلق ويصدر أحكامه لا ترد فما الذي بقي لله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير

وهو الفعال لما يريد وهو الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض وهو الذي ما شاء كان ومالم يشأ لم يكن وهو الذي إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون أما هذه فعقيدة المسلمين الذين سلموا من وثنية التصوف ولذا فأقول مكرراً ما قلته سابقاً إن وثنية التصوف وجاهليتها أقبح بكثير من وثنية أبي جهل وزملائه وجاهليتهم علماً بأن ما ذكرته من تصرفات الصوفية وأعمالهم قطرة صغيرة من بحار كفرهم وجاهليتهم وظلمهم ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بالحق لما جآءه أليس في جهنم مثوى للكافرين ) (الآية :68 من سورة العنكبوت )
( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ) (الآية :93 من سورة الأنعام )

فهل يجوز بعد هذا كله أن يقال : إن التصوف من الإسلام أو أن يزعم زاعم أن مشايخ الصوفية دخل على أيديهم في الإسلام خلق كثير من الأفارقة والآسيويين ؟ وهذه أسطورة كالأساطير التي تقدم الحديث عنها مثل أسطورة الديوان وأسطورة الأقطاب والأوتاد مثلاً .

فعلى الذين يزعمون هذه المزاعم أن يراجعوا معلوماتهم في الصوفية وفي دخول الإسلام في القارتين وفي الواقع أن كل ما فعل مشايخ الصوفية في القارتين وغيرهما أنهم نقلوا بعض الوثنيين الذين كانوا يعبدون الأوثان من الأشجار والأحجار ويتركون بها نقلوهم من عبادة تلك الأوثان إلى عبادة مشايخهم الأحياء منهم والأموات ومعنى ذلك أنهم نافسوا الأوثان وهي من الجمادات وغلبوها وحولوا العبادة لمشايخهم فصار الوثنيون - فهم لا يزالون وثنيين قطعاً - يعبدونهم ويقدسونهم ويقدمون لهم النذر ويذبحون لهم الذبائح فهل يقال لأمثال هؤلاء أنهم دخلوا في الإسلام ؟ !
الجواب :
" لا " قطعاً وإنما الصواب أن يقال : إنهم تطوروا في وثنيتهم حيث أصبحوا يمرون على تلك الأشجار التي كانوا يعبدونها فلا يلتفتون إليها بل إنهم استطاعوا أن يقطعوا لهم منها الحطب وأخشاب لتسقيف بيوتهم مثلاً وقد كان يعد من ضرب المستحيلات سابقاً وبسبب تطوير مشايخ الصوفية وثنيتهم استطاعوا أن يدركوا أن تلك الأشجار وهي من الجمادات لا تنفع ولا تضر فلا تستحق العبادة لأنها عاجزة لا تخلق ولا ترزق ولا تملك موتاً ولا حياة ولا نشوراً ولكن الذي لم يفطنوا له بعد أن الأوثان الناطقة من مشايخ الصوفية وسماسرتهم هي الضر ولو فظن عباد مشايخ الصوفية لهذه النقطة لما مكثوا عندهم في ذلك العذاب الشديد عذاب الذل والهوان والانقطاع عن الله رب العالمين وقد حالت بينهم وبين عبادة الله التي خلقوا من أجلها وهم قطاع الطريق استولوا على عقول الناس واستعبدوهم ظلماً وعدواناً .

هذا وإذا كنا قد حكمنا على وثنية مشايخ الصوفية وجاهليتهم أنها أقبح من وثنية وجاهلية أبي جهل وقومه .

فمن الإنصاف أن نورد ما يدل على صحة ما قلنا من آيات الكتاب المبين حتى نتصور نوع شركهم ليكون حكمنا صادقاً وعادلاً والحكم الذي تدعمه أدلة الكتاب والسنة وهو الحكم العادل الذي يجب الأخذ به ولكي يدرك القارئ بالمقارنة المحق والمبطل يقول الله تعالى لنبيه - وقد عانده قومه فأبو إلا الإشراك بالله - ( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السموات السبه ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون ) (الآيات من : 84-98 من سورة المؤمنون )

هكذا نجد الجاهلية الأولى توحد الله رب العالمين في ربوبيته ولكن القوم كانوا يتناقضون فيشركون في عبادته غير ملتزمين بما يلزمهم توحيدهم في ربوبيته وكيفية الالتزام إذا كان الله قد تفرد بخلق السموات والأرض وما بينهما وتفرد بتدبير خلقه وأرزاقهم وآجالهم فيجب أن يفرد بالعبادة هذا ما يقتضيه المنطق السليم ويدعو إليه العقل الصريح ويوجب الشرع الحكيم ( أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون ) (الآية :17 من سورة النحل)

هكذا يتناقض الجاهليون الأولون يؤمنون ويشركون وصدق الله العظيم حين يقول ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) (الآية :106 من سورة يوسف)

وأما مشايخ الصوفية وأتباعهم فإنهم يشركون بالله في ربوبيته وعبوديته بل ويصرفون الناس عن عبادته تعالى بل إنهم يصرفون الناس عن كل ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام من شريعة وعقيدة ويزهدون فيه من أطاعهم حتى يخلطوا لهم في طاعتهم وخدمتهم دون مزاحم .

وكل من يدين بدين الصوفية فهو يشرك باله في الربوبية والعبادة عرف بذلك من عرب وجهل من جهل ولا تقبل دعواهم بأنه يشهد ألا إله إلا الله حيث أنهم يأتون بما يناقضه في كل وقت بل كل لحظة ولأن الإيمان بالله لا يقبل إلا مع الكفر بالطاغوت كما نص على ذلك القرآن الكريم ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ) (الآية :256 من سورة البقرة)

فليفطن القارئ أن الآية قدمت الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله تعالى على ضوء كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) لأن التخلية قبل التحلية كما يقولون .

إذا كان هذا شرك المشركين الأولين شرك في العبادة وتوحيد في الربوبية وشرك مشايخ الصوفية شرك في العبادة والربوبية ويدل على ذلك ما سمعناه من أقوال مشايخهم ودعايتهم وتصريحاتهم يتبين من هذه المقارنة أن مشايخ الصوفية أشد كفراً وزندقة وأبعد عن الطريق الموصل إلى الله ألا وهو التمسك بدين الله الذي جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام شريعة وعقيدة مع الكفر بما عداه مما يخالفه ويعارضه من الطرق المنتشرة في الأقطار الإسلامية التي تسمى طرق الصوفية وغيرها من صور الجاهليات الأخرى التي سوف نتناولها بالبحث إن شاء الله .

والله الموفق ...

هذا وإن الكلام حول هذه الجاهلية طويل الذيل ومتشعب لأن الطرق الصوفية المنتشرة اليوم في العالم الإسلامي قد اتخذت كل طريقة أسلوباً خاصاً لإفساد عقيدة المسلمين السذج وسلب أموالهم وتغيير مفاهيم كثيرة من الدين لديهم وهم فيما بينهم مختلفون ومتناحرون ولكنهم متفقون على محاربة الشريعة التي ترفعوا عنها وزهدوا فيها لأنهم أصبحوا أصحاب الحقيقة التي لا يعلمها - في زعمهم - إلا مشايخ الصوفية .

_______________________________________
"1" ولعل ما يشاع في الآونة الأخيرة بين الكتاب المعاصرين من أن ( الإنسان خليفة الله في الأرض ) لعل هذا الخطأ الفادح مأخوذ من كلام هذا الكاهن وأمثاله من مشايخ الصوفية الذين يزعمون أنهم مفوضون للنظر في شئون الخلق والحكم فيها وأرجو أن أتمكن من تحقيق هذه المسألة قريباً .
"2" جواهر المعاني في فيض التيجاني ص 97
"3" " هذه هي الصوفية " للشيخ عبد الرحمن الوكيل - بتصرف - الطبعة الثالثة .

 

أرباب الطريقة
  • منوعات
  • من كلام الأئمة
  • كتب عن الصوفية
  • جولات مع الصوفية
  • شبهات وردود
  • صوتيات عن الصوفية
  • فرق الصوفية
  • شخصيات تحت المجهر
  • العائدون إلى العقيدة
  • الملل والنحل
  • الصفحة الرئيسية