بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر لي أحد الأخوة الثقات ، قال : ذهبت أنا وأحد الإخوة كعادتنا لدعوة
الشباب في المقاهي والاستراحات والأرصفة، فتوقفنا عند استراحة ، سمعنا فيها
غناءً ، فطرقنا الباب ، وأذن لنا ، فعندما دخلنا عليهم توقفوا عن الغناء
احتراماً لنا ، ولكن أحدهم لم يرض عن وجودنا بينهم فأصبح يكيل لنا الشتائم
والسب واللعن، وينفخ في وجوهنا دخان الشيشة ، فبعد أن تكلم الأخ الناصح بما
فتح الله عليه ذهبنا ، ولكن صاحبي هذا أبى إلا أن ينتظر الرجل الذي شتمنا
وتلفظ علينا بالسب . سألته : لماذا؟ .
قال : سوف ترى عندما يخرج . فبعد ساعتين من الانتظار إذا بصاحبنا يخرج من
الاستراحة ، فنزل له صاحبي ليدعوه ، وقرب منه، فبصق في وجه صاحبي ، فمسحها
، وحاول معه أخرى فبصق عليه مرة أخرى ودفعة ، فرجع صاحبي إلي وطلب مني
اللحاق به ، فسألته : لماذا؟ قال : ستعرف غداً .
ثم تبعنا هذا الأخ حتى عرفنا منزله ، فتواعدنا أ، نصلي المغرب في المسجد
القريب من دار صاحبنا المقصر ، وبعد صلاة المغرب ذهب صاحبي ، وطرق الباب
على ذلك الرجل الذي بصق في وجهه البارحة ، وما إن رآه إلا وبادره بالشتم
واللعن كعادته، فأمسك صاحبي برأٍه ، وصار يقبله ويرجوه أن يسمح له بالدخول
لمدة ربع ساعة فقط ، وفعلاً استطاع صاحبي إقناع الرجل ، ودخل عنده ،
وتبعتهم ، وبدأ صاحبي بالوعظ ، وبعد عشر دقائق بكى الواعظ والموعوظ ، وبكيت
أنا معهما .
طلب صاحبي من صاحبنا المقصر أن يغتسل ويتوضأ ، فقام الرجل فاغتسل وتوضأ ،
ثم صلينا العشاء سوياً في المسجد ،وانتظم هذا الرجل على الصلاة ، وحافظ
عليها .
لم تنته القصة بعد ، العجيب في الأمر أن هذا الرجل قد توفي بعد عشرين يوماً
فقط من استقامته وهدايته – رحمة الله -.
وقفه : ما أجمل الصبر من أجل الدعوة إلى الله .
من كتاب : مشاهد طبيب – للدكتور/ خالد عبدالعزيز الجبير .