صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







قصة عجيبة لطفلة يتيمة مرت بحياة أليمة ثم كان لطف الله ورحمته


بسم الله الرحمن الرحيم


من كتاب "شئ مني يشبهك " سلوى العضيدان

تقول صاحبة القصة :

أنا لا أريد منك سيدتي إلا نشر حكايتي ليدرك الناس أنه مهما تكالبت أحداث الحياة المريرة وظلم الناس على شخص ما ، وتكوم حطام الانكسارات المتوالية فوق قلبه فلا بد وأن يجد منفذا للضوء يتبعه حتى ينهض من جديد ، ويكمل مشواره ما دامت الأنفاس تدخل وتخرج من صدره .

سأخبرك يا سيدتي بقصتي من البداية .
لقد عشت يتيمة الأم منذ كنت في الرابعة من عمري ، فعرفت طعم الفقد و وجع الحرمان وانكسار الروح حين أرى كل طفلة تمسك بيد والدتها في المناسبات الاجتماعية و الأعياد أو حين تمسح أم فوق رأس ابنتها بحنان بالغ أو حين " تتدلع الابنة على والدتها يحضنها بكل حب
لم يؤثر رحيل والدتي كثيرا على والدي فقد تزوج بعد وفاتها بشهر واحد بامرأة لو كان لي الخيار لما صنفتها من عالم البشر ذقت على يديها كل ألوان التعذيب التي قد تتخيليها في ظل صمت والدي ، لقد كنت أتمنى الموت كل ساعة حتى صار من أجمل أحلامي ..

من فرط قسوتها كنت آخر فرد ينام ليلا ، و أول من ينهض من فراشه صباحا ، حتى الشاي والفطور کنت أقوم بإعدادهما قبل ذهابي للمدرسة .

لم تكن عقارب الأيام تمر سريعا بل كنت في أحيان كثيرة أشك أن نفس اليوم يتكرر ثلاث مرات من طول ساعاته التي لم تكن تمضي أبدا

كنت أشعر كأن أضلعي يجثم فوقها ألف جبل وجبل

وأن صدى صرخاتي التي تتلوى وجعا ترتد نحو حلقي فلا يسمعها سواي .. كنت حقا أختنق .

لكن ورغم كل ما كنت أعانيه من ظلم وقسوة ويتم . كان عزائي الوحيد الدراسة حيث تفوقت فيها إلى تلك الدرجة التي أثرت فيها غيرة أخواتي من أبي مما دفع زوجته لإخراجي من المدرسة وأنا في الصف الأول ثانوي فقط.

انكسرت روحي كما ينكسر فنجان قهوة إلى أشلاء صغيرة !

انسلخت عن نفسي حتى لم أعد أدري من أنا أحسست أن جزارا سلخ جلدي مثلما يسلخون جلد الذبيحة ورمی به بعيدا

فأصبحت لا أعرفني ..!
انكسار روح . . انسلاخ نفس ...!

ماذا تبقى لي حتى أتمسك بحياتي البائسة

و فكرت بالانتحار لكني خفت من غضب الله .

لم تتوقف محاولات زوجة أبي في اذلالي وزرع الأحساس في داخلي بأني لست إنسانة ..

كأنما وظيفتها في الحياة محاولة وأدي .


وكان لها شقيق يعاني من تخلف عقلي وعاهة بدنية ولا يستطيع النطق، لا أدري كيف أقنعت والدي والمأذون والناس جميعا

بموافقتي على الارتباط به ...؟؟

حاولت بشتى السبل الاعتراض ولكن لا حياة لمن تنادي .

هددتها بالهرب فهددتني بالقتل

هددتها بالانتحار فضحكت بسخرية وهي تقول :

أفتك منك هذا اللي أنا أبيه ، عساها أبرك الساعات متى ؟

ولأني كنت مجرد فتاة يتيمة خائفة مستضعفة لم ينصت إليها أحد ولم يستمع لصدى صراخها أحد ...

فقد استسلمت لأنه الخيار الوحيد المتاح لي في ذلك الوقت.

وتم زفافي إليه في ملحمة إنسانية بائسة كان فيها الزوج لا يعلم حتى عما يدور حوله ، عش الزوجية مجرد غرفة في سطح منزلنا في الأصل كان عشة حمام

لم تكن معاملتها لشقيقها تتصف بالإنسانية إطلاقاً فقد كانت تضربه بشدة وبلا أدني رحمة .

حين يبعثر الطعام ..

أو يصرخ بقوة ..

أو يضايق إحدى بناتها المدللات .

لم يكن اهتمامها به بعد وفاة والديها ناتجا من محبتها له بل حتى لا يتكلم الناس عنها بسوء وهذا ما ظننته في البداية قبل أن اكتشف الحقيقة التي ستصعقكم كما صعقتني فيما بعد .

سوء معاملتها له دفعني للإشفاق عليه ، شعرت أنني وإياه نتقاسم قسوة الحياة وظلم البشر وسوداوية الظروف وبؤس الأيام وعدم وجود السند والحضن الدافئ والمشاعر الانسانية.

بدأت في تقبله لا كزوج بل كطفل كبير يحتاجني ويشعر بالأمان بقربي، فقمت بمحاولات لتهذيب عاداته وطبائعه وشعرت بمشاعر الأمومة نحوه ...

ومرت خمس سنوات من عمري وشبابي الضائع ومشاعري المستنزفة كأنثى قبل أن يحدث التغيير الأول في حياتي ذات مساء .

أصيب زوجي بتشنج حاد لم تنفع معه كل محاولات الأطباء فتوفي خلال أسبوع .

واختلطت مشاعري فلم أعد أعرف هل أحزن على رحيله أم أفرح لنهاية قصتي معه؟

وعرفت فيما بعد سر تمسك زوجة والدي ببقاء أخيها عندها فقد علمت أن زوجي (المتخلف عقلياً) قد ورث عن والديه مبلغا كبيرا، وقد استماتت لإخفاء هذه المعلومة عني وعن الجميع ثم استماتت من أجل حرماني من الميراث ونجحت في ذلك .

فأصبحت أنا مثل الفاشل الذي عاد "بخفي حنين" فقدت كل شيء ..!

أصبت بالاكتئاب الشديد وأنا أرى حياتي مثل "مسبحة" بيد أحدهم يهزها يمينا وشمالا فتتأرجح في كل اتجاه ، كانت ترسم حياتي كما تريد ...!

أصبحت أسوار السوداوية والفشل والحزن والإحباط ترتفع من حولي يوما بعد يوم حتى تكاد تخنقني، مرت سنة بائسة أخرى

بعد وفاة زوجي، كانت فيها كل أحلامي بإكمال دراستي تتهاوى أمام ناظري، أصبحت مجرد خادمة لزوجة أبي وبناتها إلى أن حدث التغيير الرئيسي في حياتي، إذ تقدم لخطبتي أرمل في الستين من عمره يفصل بيني وبينه 39 عاما، وسبعة

من الأبناء أصغرهم في مثل عمري ....

رفضت وصرخت ولكن كما ذهب صدى صوتي أدراج الرياح المرة السابقة هكذا حدث في المرة الثانية.

أمواله وعقاراته كانت الطعم الذي أسال لعاب أبي وزوجته، وتم زفافي إليه وكنت أشعر أني مثل نعجة تساق إلى المذبح

وفي ليلة الزفاف

ذهبت معه إلى منزله ودخلته لأول مرة ..!

لم يلفت نظري فخامة منزله وأثاثه، ،وجمال اللوحات والإضاءات المذهبة، ولا السجاد الثمين والتحف الغريبة...!

كنت أنصت لحظتها لضجيج الألم في داخلي... للأفكار السوداوية التي تعتصر عقلي...

للغبن الذي يضج بين أضلعي ...

لشريط حياتي البائس وهو يمر بالحركة البطيئة أمام ناظري وحين أصبحت معه وحدنا في الغرفة تحدث معي بحنان بالغ ومشاعر دافئة افتقدتها ..

حتى أصبحت أشك في كوني كائنا بشريا ، فشعرت بدموعي تتدافع سراعا .... وجسدي يرتجف بخوف ،
ولأول مرة في حياتي يحتضنني أحد بمثل هذا الحب والرفق والصدق، عرفت منه أنه ظل وفياً لزوجته طوال فترة مرضها التي امتدت لعشر سنوات...

أخبرته بكل حكايتي .. كانت دموعه تختلط بلحيته البيضاء القصيرة ، ونظرات الذهول ترتسم بعينيه وهو يقول : كيف صبرتي على كل هالأذى .

مرت الأيام وفي كل يوم كانت العلاقة تزداد متانة بيني وبينه حتى أحببته من كل قلبي وشكرت الله تعالى الذي أرسله لي بعد كل العناء والألم الذي مررت به في حياتي ...

وكان من دروس الحياة التي تعلمتها في تلك اللحظة التي تشعر فيها أن الجميع تخلى عنك .. وأنك تقبع في دهليز مظلم وحيدا تلعق جراحك بكثير من المرارة .


سيمسح الله على قلبك برفق . وسينير لك طريقا مظلما ما ظننت يوما أنه سينير . .

أحببت أبناءه وأحبوني وكأني أخت لهم ولأول مرة أيضا أشعر بروح العائلة وجمال الدفء فيها...

تشاركنا مع بعضنا جمال الأيام ولحظات السعادة وساعات الإنصات والاهتمام . .

عرفت مع زوجي وأبنائه ما معنى ليالي رمضان الجميلة ولذة الإفطار مع بعضنا وبهجة الأعياد
ولمة العائلة ، واجتماع الأهل .. وروعة السفر مع أناس أحبهم ويحبوني ...

ومرت السنوات مع زوجي الحبيب مثل حلم جميل لم أرغب أبدا أن أصحو منه ..

أتعلمین یا سیدتي أني كنت أحيانا أضع يدي أمام أنفه لأرى إن كان يتنفس أم لا ؟

خشيت أن أفقده ، أن أعود لتلك النقطة السوداء التي لا تشعرني بإنسانيتي ، لم يكن مجرد زوج .. بل كان ملهمي ومعلمي وأبي وحبيبي وكل شيء لي في هذه الحياة . .

أنجبت منه ثلاثة أبناء...


وبمساندته أكملت تعليمي الثانوي والجامعي والماجستير والدكتوراه...!

لكن من قال أن تلك السنوات التي نرتشف منها السعادة تدوم؟ وتلك اللحظات التي نقضيها بجوار من أشعرنا بأهميتنا في الحياة تستمر؟

هي حكمة الله في الحياة . .... لا يجعلها تسير على وتيرة واحدة

وأقداره التي يجب أن نكون راضين بها تمام الرضى سيرسل الله لك لحظات صعبة يختبر فيها قدرتك على الصمود وحسن ظنك وثقتك فيه

وجاءت تلك اللحظة التي كنت أخاف فيها أن أفقده مرض زوجي مرضا لم يمهله سوی شهر واحد ..

وقبل أن يرحل عن عالمنا بعد 17 عاما من زواجنا طلب مني أن أقطع له وعدا بأن أكون قوية ولا تكسرني الظروف والأيام. أن أكون تلك المرأة القوية التي عرفها .. تلك المرأة التي تحدت نفسها بفضل الله ونهضت من جديد تلك المرأة التي كانت مجرد حطام حين اقترن بها .


وها هي اليوم بعد كل ما حصلت عليه وحققته تقف على قدميها من جديد

وعدته بكل صدق .. ورحل زوجي

ووفيت بوعدي له وطاردت أحلامي ولم أعد تلك اليتيمة المستضعفة


افتتحت مشروعي التعليمي الخاص ونجحت نجاحا باهرا والآن أبناء زوجي وأبنائي هم الثروة الحقيقية لي، لقد عوضني الله خيرا ...

ولكن حين أستعرض أحيانا حياتي السابقة البائسة .. أشعر أنني أنا المسؤولة عما حدث لي فيها من مأسي . .!

ربما خوفي من زوجة والدي وعدم إخبار والدي بما كان يجري في غيابه هو القيد الذي سلبني كثيرا من إنسانيتي وقتها أقول

ربما . .!

ثم أعود لأسأل نفسي ماذا لو أني فعلت كذا وكذا ؟

لوصرخت . ..

لوتمردت على ما كان يحدث لي ..

لو. . لو ... لو

ثم أعود من جديد

لأتذكر جيدا أني طوال فترة وجودي في منزلنا القديم لم أفقد حسن ظني مطلقا بالله تعالى ، نعم كنت أحيانا أضعف لكني كنت دوما وبلا قنوط وتوقف

أدعو .

وأدعو ...

وأدعو...

وكلما احتدمت الغيوم السوداء في سماء حياتي كنت أشعر أن وكلما احتدمت الغيوم السوداء في سماء حياتي كنت أشعر أن الله سبحانه يدبر لي خيرا في قادم أيامي ..

كنت أثق بعدالة ربي وأن كل الظلم الذي وقع علي من زوجة والدي وبناتها .. وحياة اليتم المريرة التي عشتها... سيبدلها الله حياة خيرا منها .. وسيمسح على روحي برحمته وسيرسل فرحا يغشى قلبي حتى ينسيه ما كان ...

إذن

مهما كنت تعيش أحداثا سيئة الآن سواء انكسار داخليا أو فقد عزيز أو شح بالمال أو تعثر نفسي أو فشل مشروع أو انهيار علاقة ما . .

أو تشعر أن زمام الأمور يفلت من يديك فلا تيأس من رحمة ربك ... وادع دعاء المضطر من قلبك

وأحسن الظن فيه .. وحدثه عن مشاعرك .. أحاسيسك عن خيبات أملك ..عن الضيق الذي تمر فيه ..عن أحلامك المكسورة .. عن أمنياتك الضائعة ..عن الوجع بداخلك . . فضفض له بكل ما تشعر به .. وحين تنتهي توسل إليه أن يرمم

روحك . . أن يعوضك خيرا . . أن يفتح لك خزائن رزقه ورحمته وستشعر بعدها بالراحة التامة .. والهدوء والسكينة يتسلان إلى قلبك المتعب . ، ولا تيأس إن تأخرت الإجابة ..فأشد أوقات الليل ظلمة هي قبل انبلاج الفجر وضيائه ..

يقول ابن وهيب الحميري

وإني لأدعو الله حتى كائني

أرى بجميل الظن ما الله فاعلة

وأقرع أبواب السماوات راجيا

عطاء کریم قط ما خاب سائلة

ومن لي سوى الرحمن ربا وسيدا دو

ومن غيره أبديه ما الغير جاهله رو

إذا شئت الأبواب ألقي حاجتي

إلى قاضي الحاجات نوائله

له الخير منه الخير والخير كله

إليه .. بين يديه تزهو خمائة

القانون العاشر

كل تلك الأحداث السيئة التي تمر بك لا تفقد أبدا حسن ظنك

بربك ، كن قريبا من مناجاته وإرسال دعواتك إليه . .تكن ملحاحا

الدعاء ؟

ادعه من قلبك ثم تخيل من حسن ظنك فيه أنك ترى

كل دعواتك قد تحققت لا تفقد إيمانك مطلقا .. لانك ستفقد كل شيء ؟


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

قصص مؤثرة

  • قصص الرسول
  • قوافل العائدين
  • قصص نسائية
  • قصص منوعة
  • الحصاد المر
  • مذكرات ضابط أمن
  • كيف أسلموا
  • من آثار الدعاة
  • قصص الشهداء
  • الصفحة الرئيسية