اطبع هذه الصفحة


(نظرات في التعامل مع المدمنين)
ليس دفاعاً عن المدمنين ، ولكن ...

سامي بن خالد الحمود

 
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه المصطفى أما بعد :
 عندما نتحدث عن ظاهرة الإدمان ومواجهتها وطرق التعامل مع المدمنين فإننا نتحدث عن أهم المهمات التي تتعلق بالمدمن ذاته وأسرته وكافة المتعاملين معه ، ومن ثم ينسحب هذا على المجتمع بأكمله. فلا غرو إذاً أن نشاهد اليوم اهتمام العالم كله دولاً ومنظمات وهيئات ومختصين بهذه الظاهرة التي باتت تهدد كيان البشرية جمعاء .

 إن من المبادئ الأساسية في التعامل مع المدمنين إن نعتقد ونضع في حسابنا  أن المدمن مريض  يمكن علاجه فلابد من وجود نسبة وإن كانت بصيصاً من الأمل في عودة المدمن إلى حياض السلامة ورجوعه إلى جادة الصواب .  فإن بعض الناس يخطئ في اعتقاده أن المدمن عضو فاسد لا يرجى برؤه ينبغي استئصاله من جسد المجتمع مسقطين بذلك كل مبادئ النصح والاستصلاح والعلاج ودورها في إعادة الحياة إلى ذلك القلب المريض  .
أن مثل هذا التصور يمجه العقل المجرد ،بل ويأباه الواقع المشاهد المليء بقوافل المدمنين التائبين فضلاً عن الضوابط الشرعية والتربوية والاجتماعية التي يقوم عليها المجتمع المسلم .

وإنك لتعجب أشد العجب وأنت تجلس في مجلس من المجالس العامة فقد يثار موضوع الإدمان فتفاجأ بالعواطف  المندفعة غير المنضبطة والمتدفقة من قلوب بعض الغيورين لتتبنى موقف البغض واليأس من مدمني المخدرات ، فمن قائل : أخزاهم الله وأبادهم عن بكرة أبيهم ، ومن قائل: أهؤلاء بشر أم  …… ، وأقلهم اندفاعاً من يقول: ينبغي أن يحبس هؤلاء إلى الأبد .
إنها حقاً دعوات صاخبة ، لكنها ليست بصائبة ، بل هي عن سبيل الحق عازبة .
 
 أما إذا أخبر أحدهم أو اكتشف أن قريباَ أو جاراَ له قد ابتلي بتعاطي المخدرات فتلك هي الداهية الدهياء والمصيبة الصماء التي لا علاج لها سوى قطع العلاقة بذلك الشخص ألبته ، وشطبه من قائمة الحياة  . فإن دعاه لم يجبه ، وإن وافاه صد عنه ، وإن لقيه اكفهر في وجهه ، وإن ذكر في مجلسه سبه وشنع به وربما تمادى في الشماتة به والسخرية منه .
 
يقول الإمام  الماوردي رحمه الله في بيان هذا المسلك : (( ومن الناس من يرى أن متاركة الإخوان إذا نفروا أصلح، واطراحهم إذا فسدوا أولى، كأعضاء الجسد، إذا فسدت كان قطعها أسلم فإن شح بها سرت إلى نفسه، وكالثوب إذا خلق، كان اطراحه بالجديد أحمد من لبسه.وهذا مذهب من قل وفاؤه، وضعف إخاؤه، وساءت طرائقه، وضاقت خلائقه، ولم يكن فيه فضل الاحتمال، ولا صبر على الإدلال، فقابل على الجفوة،وعاقب على الهفوة، واطرح سالف الحقوق، وقابل على العقوق بالعقوق، فلا بالفضل أخذ، ولا إلى العفو أخلد، وقد علم أن نفسه قد تطغى عليه فترديه، وأن جسمه قد يسقم عليه فيؤلمه ويؤذيه، وهما أخص به، وأحنى عليه من صديق قد تميز بذاته، وانفصل بأدواته، فيريد من غيره لنفسه ما لا يجده من نفسه لنفسه. هذا عين المحال، ومحض الجهل )) (1). إن من الجهل المطبق الذي يتنزه عنه العقلاء أن يتوجه من أصيب بألم في يده إلى الطبيب فيطلب منه بترها مع جهله بحقيقة المرض ومدى خطورته وتعديه إلى سائر الجسد فكيف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى )) (2).
نعم لا يليق بنا أن نقف موقف الدفاع والمنافحة عن المدمن بتبرئة ساحته أوتبرير تصرفاته فالخطر كل الخطر في تمييع قضية الإدمان لأن عواقبها وتطوراتها وخيمة على ذات المدمن خصوصاً وعلى المجتمع عموماً ، بل يجب أن يشعر المدمن أنه خرج بفعله هذا عن دائرة السلوك الاجتماعي المقبول على أن يقوم أفراد المجتمع من حوله بنصحه وإرشاده وعلاجه وإذا تعذر ذلك فإنه لا مناص من الإبلاغ عنه ليعاقب على جرمه إصلاحاَ لنفسه المريضة وحفاظاَ على أمن وسلامة المجتمع   . لكن من جهة أخرى لا يسوغ لنا أن نغلو في هذا الباب فنقف مع جند الشيطان صفاَ ضد أخ لنا في الدين احتوشته شراك العدو فهو يقع فيها تارة وينفك عنها أخرى  ، فالتوسط والاعتدال والجمع بين الرفق والحزم من أهم ركائز التعامل مع المذنبين .
وصدق القائل :

ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ***  كلا طرفي قصد الأمور ذميم
 

موقف  تربوي من مواقف النبوة:
روى البخاري وأبو داود رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسكران فأمر بضربه ،فمنا من يضربه بيديه ،ومنا من يضربه بنعله ،ومنا من يضربه بثوبه ،فلما انصرف قال رجل :أخزاه الله . فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم ))   .    زاد أبو داود  :  ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه   :  ((بكّـتوه )) . فأقبلوا عليه يقولون : ما اتقيت الله ، ما خشيت الله، وما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم أرسَلوه . وفي لفظ أنه قال : (( ولكن قولوا اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه )) (3).
قال شمس الحق الأبادي  : قوله ( لا تعينوا عليه الشيطان ) لأن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية أن يحصل له الخزي فإذا دعوا عليه بالخزي فكأنهم قد حصلوا مقصود الشيطان ، وقال البيضاوي : لا تدعوا عليه بهذا الدعاء فإن الله إذا أخزاه استحوذ عليه الشيطان، أو لأنه إذا سمع منكم انهمك في المعاصي وحمله اللجاج والغضب على الإصرار فيصير الدعاء وصلة ومعونة في إغوائه وتسويله .قاله القسطلاني ا.هـ (4).
وهذا الأسلوب النبوي هو والله الأسلوب الأمثل في التعامل مع تلكم الفئة من المجتمع . حزم في الإنكار وإيقاع العقوبة ، ورفق في الإصلاح والترغيب بالتوبة  . أما السباب واللجاج والعنف والرعونة فإنها لا تأتي بخير لأن الانتصاح والقبول لا يدركان بسوء الخلق وما كان الرفق في شيء الإ زانه ، وما نزع من شيء إلا شانه كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم  .
 ولك أن تتصور كم هي مؤثرة في قلب ذلك المذنب تلك العبارات الحانية الدافئة التي أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إليها ... ما اتقيت الله ، ماخشيت الله ، ما استحييت من رسول الله ، فضلاَ عن قولهم : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه  . فإن مثل هذه النداءات القلبية قد تحدث انقلاباَ جذرياَ في حياة المدمن فيتيقظ ضميره ، ويستقيم مسيره .
 
موقف لا ينسى
أذكر في هذا المقام والشيء بالشيء يذكر أنه وقع لي منذ سنوات موقف مع أحد زملاء الدراسة كان مبتلىَ بالتدخين فكان بعض الزملاء يتضايقون من الدخان فأخذت على عاتقي أن أتحدث معه في هذا الموضوع  . في أحد الأيام التقيت به في أحد الممرات بالكلية فتحدثت معه في ذلك وأبلغته أن الزملاء متضايقون من سلوكه وأنهم يأملون منه إن كان ولا بد أن يراعي مشاعرهم وصحتهم ويدخن بعيداً. تلقى الزميل ما قلت بصدر رحب وأبدى تقبله . وهنا ختمت اللقاء بكلمتين عفويتين فقلت (الله يهديك)  . مضت الأيام ولم أكن أعلم أن هاتين الكلمتين اللتين ربما تمران على المسامع مرور الكرام قد قلبتا موازين الأحداث ، ذلك أني التقيت بذلك الزميل مع بعض الزملاء بعد عدة أيام فجرى الحديث حول موضوع التدخين فقال الزميل بكل ثقة: لقد تركت التدخين الى الأبد . فسررت بقوله وتحفزت لمعرفة سبب إقلاعه عنه فقال: لقد تفكرت في نفسي منذ أن سمعت هاتين الكلمتين ومن تلك اللحظة عاهدت نفسي على الإقلاع عن التدخين والحمد لله على توفيقه .
 
ما نريده في التعامل مع المدمنين :
 لا شك أن التعامل مع مدمن المخدرات حساس جداَ نظراَ للظروف الصحية والنفسية والاجتماعية المتعلقة بالادمان ، لكن تظل الحقيقة أن المدمن ليس شبحاَ مخيفاَ ولا شيطاناَ مريداً ، بل هو في الغالب إنسان مريض تسلطت عليه شياطين الإنس والجن في ظل تواطؤ من نفسه الأمارة بالسوء فأوقعوا قلبه في الأسر على حين غفلة منه ، فإذا انتبه من غفلته  وجد نفسه بين مطرقة الإدمان على تعاطي المادة المخدرة وسندان آثار الإقلاع عنها . فما هو إلا كالغريق الذي ينتظر من يلقي إليه بطوق النجاة ، وإن كان بعض المدمنين قد لا يشعر بهذا المعنى بسبب طول الغفلة .
إن المبالغة في تجفيف الصلة بالمدمن الى أن تصل إلى حد اليبوسة والهجر على كل حال وكيفما اتفق قد تخلق بين المدمن ومجتمعه حجاباَ لا يزيده إلا بعداَ وتماديا في الإدمان وإنما الحكمة كل الحكمة في الإنكار المنضبط مع النصح والترغيب والترهيب واستخدام أسلوب الهجر الشرعي التربوي الصحيح المبني على اجتهاد المصلح أو المتعامل مع المدمن في كون هذا الهجر يؤدي دوره في زجر نفسه عن الرذيلة أو على الأقل تحجيم دائرته المفسدة ورد غيره عن ذلك ، فإن لم يؤد الهجر هذا الدور وكان وسيلة لاتساع الخرق فإن الهجر والحالة هذه جناية كبرى على المدمن والمجتمع .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله . فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته ، كان مشروعاً . وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك ، بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف، بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر ، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف )) (5).
 وقد روى النسائي رحمه الله عن سعيد بن المسيب أن عمر الخطاب رضي الله عنه غرب ربيعة بن أمية في الخمر إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصر. فقال عمر: لا أغرب بعده مسلماَ(6).
 
وهذا التغريب ليس داخلاَ في الحد إنما هو من باب التعزير المتروك لولي الأمر تأديباَ وزجراَ  لأهل المنكرات. فلنتأمل كيف كان  أثر هذا التغريب في ربيعة لما نأى عن البيئة الصالحة ووجد الشيطان الفرصة سانحة فزين له الباطل ووسوس إليه أن الطرق قد سدت في وجهه فصدّق عليه ظنه فصده عن سبيل الله ( ومن يضلل الله فما له من هاد )  . وإذا كنا نتحدث عن انقطاع العلاقة بين المدمن ومجتمعه الذي يعيش في كنفه فإن هذا التغريب المعنوي إن صح التعبير لا يقل خطورة وآثاراَ عن التغريب الحسي الوارد في هذا الأثر والممتثل في بعد المدمن حسياَ عن منابع الإصلاح والتوجيه في المجتمع .
 
وإذا كانت ألسنة الإنكار وأيدي الردع ممالا غنى للمجتمع عنه في سد هذا الباب من الجرائم ، فإن أبواب التوبة وأيدي الرجاء لابد أن تكون مشرعة في وجه كل مدمن ينشد الاستقامة  إذ  الحقيقة التي يدركها كل من له أدنى تعامل مع تلكم الفئة أنه ما من مدمن في الغالب إلا وهو يحدث نفسه بين الفينة والأخرى بالتوبة والإقلاع عن تعاطي المخدرات فهو يعلم أنه يسير على غير الجادة لكن يصده عن هذه الخطوة المباركة موانع شتى ( لعلها تكون موضوع الحديث في لقاء لاحق إن شاء الله )

وقد وقفت على أحوال كثير من المدمنين ممن قبض عليهم في قضايا تعاطي المخدرات بالذات وكان معظمهم يبكي بكاءً مراً من جراء تعاطيه هذه السموم وتسويفه التوبة . فنقول : لا بد أن يجد المدمن في مجتمعه وأسرته ملاذاَ مفتوحاَ لطريق الأمان ، ومعاذاَ سانحاً من وهدة الإدمان ، فإذا قويت عزيمته وشمرت عن ساعد الجد نفسه فإنها ستحث الخطى إلى الاستقامة يدفعها بعد توفيق الله تعالى تأييد المجتمع وقبوله وعطف الأسرة وحنانها كيف لا وكلهم يتلهثون إلى فيئته على أحر من الجمر ، ويترقبونها بفارغ الصبر  .   أما إ ن كانت الأخرى وأعني بها أن يعيش المدمن منبوذاَ مهجوراَ من المجتمع بأكمله متسربلاَ بلباس اليأس والقنوط  أيّـما باب طرقه وجده موصداَ فإنها قد تكون نهاية الحياة إلا أن يشاء الحي الذي لا يموت .
 
فن تأليف القلوب :
ولنتأمل معاً هذا الحديث الشريف الذي يجسد مثالاَ واقعياَ في التعامل مع المذنبين بل الغرقى في الذنوب وأنجح الوسائل في إنقاذهم مما هم فيه وعدم اليأس من استصلاحهم  فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساَ، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة ؟ فقال: لا، فقتله، فكمل به مائة .ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم، فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساَ يعبدون الله ، فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك ، فإنها أرض سوء . فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة:جاء تائباَ مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب:إنه لم يعمل خيراَ قط ، فأتاهم ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم ، فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه، فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة  )) رواه البخاري ومسلم (7).
 
 فأي رحمة أوسع من رحمة هذا الرب الرحيم ، وأي أمل تبعثه هذه القصة في نفوس المذنبين ليتوبوا إلى ربهم مهما كبر جرمهم وعظمت إساءتهم .
 
وشتان بين الموقفين ، أعني موقف الراهب وموقف العالم في تعاملهما مع هذا الرجل الذي ألقى بنفسه عليهما يلتمس من يأخذ بيده إلى طريق النجاة  . أما الأول فنظر بعين العاطفة إلى فداحة جرم هذا المذنب فاستعظم أمره وظن بجهله أن رحمة الله تعالى تضيق عنه فقطع عليه السبل وأغلق في وجهه الأبواب فكان جهله سبيلاَ إلى نهايته على يد الرجل ذاته . أما الآخر فإنما مثله مثل العالم الحق والمربي الصالح الذي ينظر بعين العلم والبصيرة والحكمة في التعامل مع القلوب المريضة فلم يكتف بترغيبه بالتوبة و إنما دله على الطريق الذي يغير مسار حياته إلى هذه الغاية المحمودة . فهكذا فلتكن رعاية التائبين ، وهكذا فيلكن التعامل مع المذنبين .
 
عوداً على بدء :
إن خطورة جرائم المخدرات وغرابتها عن مجتمعنا الطاهر يجب أن لا تزج بنا وراء العواطف في تعاملنا مع المدمنين لا سيما وأنهم هم العنصر الضحية في هذه الجرائم  . بل الواجب اتخاذ سياسة فتح القلوب ومد جسور المحبة المشفقة واتخاذها طريقاً إلى إصلاح النفوس بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة والترغيب والترهيب على أن يقترن مع ذلك الإنكار والعقاب المناسب بل والهجر المنضبط في حدوده الشرعية إن لزم الأمر كما أسلفنا . وهذا يفرض على المصلح أو المربي أن يتحلى بالصبر وطول النفس ومعرفة ظروف الإدمان وتكرار الغارات الإصلاحية وتنويع الأساليب وقبل ذلك كله التعلق بالله عز وجل وكثرة الدعاء بالهداية والتوفيق .

وكنت سأقف في هذا المقال عند هذا الحد بيد أني اطلعت على كلمة ضافية لسعادة مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات اللواء /سلطان بن عايض الحارثي ضمن مقاله الافتتاحي للعدد المنصرم الموسوم بـ (المتابعة والرعاية) حيث أشار سعادته إلى حقيقة هامة مفادها أن رفض المجتمع للمدمن اجتماعياً يعني فشل كل فترات العلاج ، وانطلاقاً من هذا المبدأ اضطلعت اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات و الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بتنفيذ برنامج الرعاية اللاحقة المتمثل في متابعة التائبين من الإدمان ورعايتهم وتوظيفهم وإعدادهم للعمل ، حيث حققت اللجنة بالتعاون مع مستشفيات الأمل نجاحاً ملموساً في هذا الصدد . وإن مثل هذه الخطوات لتعكس اهتماماً ملموساً مشكوراً من كافة المسؤولين بالجهات المعنية تدور رحاه على أمر بالغ الأهمية ألا وهو استصلاح المدمنين وإعانتهم على التوبة وتصحيح المسار ومن ثم الاندماج مع سائر أفراد مجتمعهم ليؤدوا دورهم الاجتماعي في الحياة وهذا ما ينشده كل غيور ، والله من وراء القصد .
 

------------------------
الهوامش   : 
(1) أدب الدنيا والدين / 537
(2) رواه البخاري (5665) ومسلم  (2586)
(3) رواه البخاري ( 6395 )  وأبو داود (4465)
(4)عون المعبود شرح سنن أبي داود 12 / 114
(5) مجموع الفتاوى 28/ 206 
(6) رواه النسائي (5581)
(7) رواه البخاري (3470) ومسلم (2766)


ضمن المقالات المنشورة بمجلة المكافحة
بقلم / سامي بن خالد الحمود

 

سامي الحمود
  • كتب وبحوث
  • محاضرات
  • كلمات قصيرة
  • منبر الجمعة
  • مذكرات ضابط أمن
  • تحقيقات ميدانية
  • مقالات وردود
  • معرض الصور
  • قصائد
  • فتاوى أمنية
  • صوتيات
  • الجانب المظلم
  • الصفحة الرئيسية