اطبع هذه الصفحة


محاضرة ( أرحنا بها يا بلال)

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

سامي بن خالد الحمود

 
الحمد الله الذي أكرم قلوب المتقين بالتعرف إليه ، وشرف وجوه العابدين بالسجود بين يديه ، والصلاة والسلام على سيد الأنام ، خير من صلى وصام ، وزكى وقام ، وعلى آله وأصحابه البررة الكرام ، ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب النور والظلام .. أما بعد
هاهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشهد من مشاهد الإيمان .
المكان: مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الزمان: السنة الثالثة والعشرون من الهجرة .. الإمام: عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
يخرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من بيته ليصلي بالناس صلاة الفجر .. يدخل عمر المسجد .. تقام الصلاة .. يتقدم المصلين .. و يسوي الصفوف .. استووا ، استووا .. يكبر عمر ويصلي .. وبينما هو يصلي يتقدم إليه المجرم أبو لؤلؤة المجوسي فيطعنه عدة طعنات بسكين ذات حدين .
أما الصحابة الذين خلف عمر فسقط في أيديهم أمام هذا المنظر المؤلم .
وأما من كان في خلف الصفوف في آخر المسجد فلم يدروا ما الخبر .. فما إن فقدوا صوت عمر رفعوا أصواتهم : سبحان الله .. سبحان الله . ولكن لا مجيب .
يتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فيقدمه فيصلي بالناس.
يحمل الفاروق إلى بيته .. فيغشى عليه حتى يسفر الصبح .. اجتمع الصحابة عند رأسه فأرادوا أن يفزعوه بشيء ليفيق من غشيته . نظروا فتذكروا أن قلب عمر معلق بالصلاة . فقال بعضهم : إنكم لن تفزعوه بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة . فصاحوا عند رأسه : الصلاة يا أمير المؤمنين ، الصلاة . فانتبه من غشيته وقال : الصلاة والله . ثم قال لا بن عباس: أصلى الناس . قال: نعم . قال عمر: لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة . ثم دعا بالماء فتوضأ و صلى وإن جرحه لينزف دماً .
هكذا أيها الأحبة كان حالهم مع الصلاة . حتى في أحلك الظروف ، بل وحتى وهم يفارقون الحياة في سكرات الموت .كيف لا وقد كانت هذه الفريضة الهم الأول لمعلم البشرية صلى الله عليه وسلم وهو يعالج نفسه في سكرات الموت فيقول : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم .
إنها الصلة بين العبد وربه ، إنها أُمّ العبادات وأساس الطاعات، إنها نهر الحسنات الجاري وسيل الأجور الساري، إنها العبادة التي لا يقبل الله من عبد صرفاً ولا عدلاً إلا إذا أقامها، إنها عمود الدين وشعاره، وأُسّه ودِثاره.
إنها قرة عيون المؤمنين كما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : وجعلت قرة عيني في الصلاة . رواه أحمد والنسائي
ولذا كان صلى الله عليه وسلم يقول: أرحنا بها يابلال . كما عند أحمد وأبي داود .
أرحنا بها يابلال .. لا كما يقول بعض الناس : أرحنا منها يا إمام .
وقل لبلال العزم من قلب صادق أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا
توضأ بماء التوبة اليوم مـخلصاً به ترق أبواب الجنان الثمانيا
أيها المؤمنون .. كيف تكون الصلاة راحة نفوسنا وربيع قلوبنا؟
تكون الصلاة كذلك بتحقيق أربع مراتب :
الأولى : المحافظة عليها جماعة في بيوت الله ، وتعلق القلب بها .
الثانية : إحسان الصلاة وإتمام أركانها وواجباتها .
الثالثة : المبادرة والتبكير إليها .
الرابعة : الخشوع وحضور القلب .
هذه المراتب الأربع هي عناصر محاضرتنا هذا اليوم ، ونقارن فيها أحوالنا بأحوال السلف الصالح في صلاتهم ، ليتوب المسيء من إساءتاه ، ويتنبه المقصر إلى تقصيره ، ويزداد المحسن إحساناً وتكميلاً لصلاته .
ولنبدأ بالمرتبة الأولى :
المرتبة الاولى: المحافظة على صلاة الجماعة وتعلق القلب بها :
أيها المؤمنون : لقد سطر سلفنا الصالح صوراً مشرقة في المحافظة على صلاة الجماعة .
ففي صحيح مسلم ينقل لنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صورة حية لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحالهم مع صلاة الجماعة فيقول: ولقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد رأيت الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف.
فأين النائمون عن صلاة الفجر و العصر الذين أنعم الله عليهم وأصحّ لهم أجسامهم وآمنهم في شوارعهم وبلادهم؟ وما عذرهم أمام الله تعالى ؟.
منائركم علت في كل حيٍّ ومسجدكم من العباد خالي
وصوت أذانكم في كل وادٍ ولكن أين صوت من بلالِ
وهذا سعيد بن المسيب يقول : ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة .
ولما اشتكى سعيد عينه يوماً قالوا لـه : لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة لوجدت لذلك خفة . فقال : فكيف أصنع بشهود العشاء والصبح .
وكان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج فقيل لـه : قد رخص لك . قال: إني أسمع " حي على الصلاة " فإن استطعتم أن تأتوها فأتوها ولو حبواً .
وسمع عامر بن عبدالله بن الزبير المؤذن وهو يجود لنفسه فقال : خذوا بيدي فقيل : إنك عليل . قال : أسمع داعي الله فلا أجيبه . فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب فركع ركعة ثم مات .
وكان سعيد بن عبدالعزيز إذا فاتته صلاة الجماعة بكى .
نعم . بكى .. سعيد لم يبك لأنه فاتته مباراة رياضية ، ولا في أغنية أو تمثيلية . ولكن يبكي لفوات المثوبة والروحانية .
وسئل عبدالرحمن بن مهدي عن الرجل يبني بأهله أيترك الجماعة أياماً ؟ قال : لا ، ولا صلاةً واحدةً .
هكذا أفتى ابن مهدي رحمه الله . ثم يأتي الامتحان ، فيزوج ابن مهدي إحدى بناته فيخرج صبيحة العرس ويمشي إلى بابهما فيقول للجارية : قولي لهما يخرجان إلى الصلاة . فخرج النساء والجواري فقلن : سبحان الله !! أي شيء هذا ؟ . فقال : لا أبرح حتى يخرج إلى الصلاة . فخرج بعدما صلى فبعث به إلى مسجدٍ خارج من الدرب .
لو استعرضنا أحوال المتهاونين في الصلاة لوجدناهم ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : الذين غرتهم أنفسهم، وغرتهم الحياةِ الدنيا، وظنوا أنهم إلى ربهم لا يرجعون .. هؤلاء لا يعرفون للصلاة قيمةً ولا وزنًا ، فلا يصلونها بالمرّة أو يصلونها أحيانًا، أو عند المناسبات فقط .
وهؤلاء بحاجة ماسَّة إلى تصحيح أصل الإيمان في قلوبهم ، لأن ترك الصلاة كفر .
قال تعالى : فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11]، فإن لم يقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في الدين .
وقال سبحانه : مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة أنه قال : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))، وقال في حديث جابر: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) .
وعلى الرغم من هذا الأمر العظيم ، وخطورة التخلف عن الصلاة تجد أن التهاون في أمر الصلاة يتفشى بين أوساط الشباب . حتى إن بعضهم يجاهر بهذه المعصية الكبيرة ، فإذا قال له صاحبه : نريد أن نصلي . قال : يا أخي رح صل أنا ما أصلي .
إن ترك الصلاةِ والاستخفاف بها ذنب عظيم ، وخطر جسيم ، لا ينفع معه ندم ولا اعتذار عند الوقوف بين يدي الواحد القهار .
وليتذكر تاركو الصلاة أنهم سائرون إلى قبورٍ موحشة وحفرٍ مظلمة، لا ينفعهم فيها مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم .
الصنف الثاني : من يؤخرون الصلاة عن وقتها، ويؤدونها حسب أهوائهم وتبعًا لأمزجتهم ووفقًا لظروفهم، فإذا كانوا نائمين أدّوها عند الاستيقاظ، وإذا كانوا مشغولين أدّوها عند الفراغ، فالصلاةُ أمرٌ ثانويٌ في حياتهم، .
وما يدرى هؤلاء أنهم المعنيون بقوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ
قال مسروق رحمه الله: "أي: لا يفعلون الصلاة في وقتها المشروع" .
وعند البخاري عن الزهري قال: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: لا أعرفُ شيئًا مما أدركتُ إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضُيّعت. يعني: أُخّرت عن وقتها.
الله اكبر .. تأمل يا أخي مشهد صاحب رسول الله وعيناه تذرفان ألمًا وحسرة حين أخذ بنو أمية يؤخّرون الصلاة عن وقتها، مما أدمى قلبه، وأجرى دموعه رضي الله عنه .
بعض الناس إذا قيل له : لماذا تؤخر الصلاة؟ قال:أنا مشغول وأنسى أصلي .
سبحان الله .. مشغول بماذا؟ ثم كم تأخذ الصلاة من وقتك ؟ عشر دقائق .. ربع ساعة إن طالت .
تبخل على نفسك بهذه الدقائق ، وأنت تضيع الساعات في الزيارات والسهرات!!
يا أخي .. لو كان بينك وبين أحد الأمراء أو الأغنياء موعد ، لزاد اهتمامك ، وحرصت على الحضور في الوقت المحدد ؛ فكيف بالموعد الذي وقته الله ليكون موعد لقائه بعباده . (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) .
ولهذا أنزل الله جبريل عليه السلام ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة . فصلى به في اليوم الأول في أول الوقت ، وصلى به في اليوم الثاني في آخر الوقت ، وقال له : الوقت بين هذين .
أمام كل هذا الاهتمام والتأكيد القولي والعملي في قضية وقت الصلاة . يأتي بعض الناس ويقول : إذا انتهيت من عملي سأصلي!! إذا استيقظت من نومي سأصلي!!
يا أخي .. الأمر لله وليس (على كيفك) ، أنت عبد ، والعبد يسمع ويطيع لمولاه .
الصنفُ الثالث : الذين يحرصون على أداء الصلوات في أوقاتها ، لكنهم يضعفون عن أداء الصلاة مع جماعة المسلمين في المساجد .
وقد تظافرت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب صلاة الجماعة ، وأن تاركها آثم مستحق للعقاب .
ومن أقوى الأدلة أن الله تعالى أوجب صلاة الجماعة على المجاهدين وهم يخوضون غمارَ المعركة في أحلك الساعات ، وأشد اللحظات ، فقال جل وعلا: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ .
أرايتم أيها الأحبة .. طائفةٌ تصلي وأخرى تحرس، ثم تتغير المواقف، فتحرس الأولى وتصلي الأخرى . ومن نظر إلى هذا بعين الإنصافِ والتجرد علم أن صلاة الجماعة واجبة بلا ريب .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ((لقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلقُ معي برجالٍ معهم حزمٌ من حطب إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة ـ يعني: لا يشهدون الجماعة ـ فأُحرِّق عليهم بيوتهم بالنار)) . وهذا من أقوى الأدلة .
ولما جاء الأعمى إلى رسول الله ، يشكو بُعدَ دارِه ووعورة طريقه وفقدانهِ لقائدٍ يلائمه، ويسألُ رخصةً أن يصلي في بيته، فيقول له الرؤوف الرحيم عليه الصلاة السلام: ((أتسمع النداء؟!)) قال: نعم، قال: ((أجب، فإني لا أجدُ لك رخصة))، سبحان الله .. إذا كان هذا الأعمى ليس له رخصة ؛ أتكونُ الرخصةُ لذوي السمع القوي والبصر الحاد؟! الذين أحاطت بهم المساجد ، وذُللت لهم الطرق ، وعُبدت لهم الشوارع؟! سبحانك هذا بهتانٌ عظيم.
إذا علمنا هذا ، فلننتقل إلى إحدى الظواهر الخطيرة التي شاعت في مجتمعات المسلمين ، وهي ظاهرة التخلف عن صلاة الفجر في المسجد مع الجماعة، وتأخيرها بعد خروج وقتها .. وإنك لترى المسجد في الحي المزدحم يمتلئ في الصلوات كلها حتى إذا جئته صلاة الفجر ألفيته شبه خاو ليس فيه إلا القليل من المصلين .
فيا حسرة على العباد ، حين تفوتهم هذه الصلاة التي لا تحصى فضائلها ولا تعد .
فمن فضائلها أنها تعدل قيام الليل ، فقد روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله)) [مسلم:656].
وروى مالك بسند صحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد سليمان بن أبي حثْمة في صلاة الصبح … فمر على الشِّفاء أم سليمان فقال لها: لم أر سليمان في الصبح؟ فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه. فقال عمر: (لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة). [موطأ مالك:1/131، الترغيب والترهيب:601].
وصلاة الفجر نور لصاحبها يوم القيامة، عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) [ابن ماجه:870 بسند حسن، وابن خزيمة، الترغيب والترهيب:603].
وصلاة الفجر أمان وحفظ من الله، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عيه وسلم قال: ((من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله تعالى)) [ابن ماجه:3946، بسند صحيح].
وصلاة الفجر ضمان للجنة، عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى البردين دخل الجنة)) [البخاري:574، مسلم:635]. والبردان: هما الصبح والعصر.
وصلاة الفجر حجاب عن النار، عن أبي زهير عمارة بن رويبة رضي الله عنه قال: سمعت رســول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)) يعني الفجر والعصر [مسلم:634].
معاشر المؤمنين .. لمّا علم السلف رحمهم الله فضل هذه الصلاة ، وسوء عاقبة التخلف عنها ؛ تعلقت بها قلوبهم ، فكانوا أحرص الناس عليها .
أيها الأحبة : لقد علم بعض أعداء الدين عظم صلاة الفجر وجلالة قدرها ، فهذا يهودي يقول لأحد المسلمين: إنكم لن تستطيعوا إرجاع المسجد الأقصى حتى تكونوا في صلاة الفجر مثل صلاة الجمعة ، حتى تزدحموا في صلاة الفجر كما تزدحمون في صلاة الجمعة .
فهل من عودة إلى الله ؟
هل من محاسبة للنفس قبل أن تحاسب، هل تأملنا قول المؤذن [الله أكبر] وتساءلنا، هل الله أكبر من كل شيء، أكبر من السهر على المعصية، أكبر من متعة الفراش، أكبر من البيع والشراء، أكبر من الدنيا بأسرها ومشاغلها الفانية.
أيها النائم عن الصلاة .. كيف تفوت على نفسك هذا الخير العظيم؟
كيف تهنأ بالنوم ، والناس في المساجد يصلون ، وقرآن الفجر يشهدون .
كيف يطيب لك الفراش ، وأنت لا تعلم ، إذا وضعت رأسك على وسادتك ، أترفع رأسك بنفسك ، أم يُرفع فلا تقوم إلا في قبرك ؟
ألم تعلم يا أخي أن ملائكة الليل وملائكة النهار تجتمع في صلاة الصبح ويخبرون الله عنك . جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قـال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم يصلون وأتيناهم يصلون))رواه البخاري
عبد الله .. ماذا تقول الملائكة عنك وأنت نائم؟ أتينا فلان وهو نائم .. وتركناه وهو نائم !!.
هل تدري يا أخي أن هذا العملَ أشنعُ من السرقة والزنا والقتل وغيرها من الموبقات؟ .
قال ابن حزم رحمه الله: لا ذنبَ بعد الكفر أعظمُ من تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها ، ومِن قتل امرئ مسلم بغير حق.
ولهذا ذهب عدد من أهل العلم أن من ترك صلاة واحدة عمداً حتى يخرج وقتها فقد كفر .
ألم تسمع يا أخي بقوله تعالى: فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ؟.
ويل ، واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الأرض لذابت من شدة حرارته . أعده الله للذين يؤخرون الصلاة عن وقتها .
أين أنت يا أخي من الحديث العظيم الرهيب الذي رواه البخاري في صحيحه والذي أخبر فيه صلى الله عليه وسلم أنه أتاه آتيان فانطلقا به ((فمروا على رجل مضطجع وآخرَ قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا فيتبع الحجر فيأخذه ، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى)) فلما سأل عليه الصلاة والسلام الملكين عن خبره قالا: ((أما الرجل الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة)) [البخاري:7047]
ومما يقع في بعض البيوت ، أن بعض الناس يتعمد ضبط المنبه على وقت العمل ولو كان وقت العمل في السابعة أو الثامنة ولا يصلي الفجر إلا في هذا الوقت، وقد سئل الشيخ الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله عن ذلك فقال: من يتعمد تركيب الساعة إلى ما بعد طلوع الشمس حتى لا يصلي فريضة الفجر في وقتها هذا قد تعمد تركها وهو كافر بهذا عند جمع من أهل العلم لتعمده ترك الصلاة .
فيا أيها النائم عن صلاة الفجر : ما غرك بربك؟ وما ألهاك عن صلاة فجرك؟
أهو السهر أمام القنوات ؟ أم على الأرصفة والملاعب والمنتزهات؟
ترى أي خير فاتك؟ وأي موت للقلب ابتليت به؟
هل لك من عودة؟ هل لك من رجوع؟ المسجد يفتح أبوابه وداعي الرحمن يدعوك فأقبل على ربك تكن من الفائزين .
وبعد هذا .. كيف نحمي أنفسنا من هذا الوعيد؟ ما هي الوسائل المعينة على المحافظة على صلاة الفجر؟
لعل أول خطوة في طريق العلاج استشعار أهمية هذه الصلاة وإدراك قيمتها، وخطورة التخلف عنها .
وبعد ذلك لا بد من اتخاذ الأسباب المعينة ، ولعلي أذكر بعضها على سبيل الإيجاز:
فمن الأسباب : التبكير بالنوم والابتعاد عن السهر ، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها .
- الاستعانة بالأقارب والإخوان وأهل البيت ، وهذا الأمر من التعاون على البر والتقوى ، والمرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه .
- الاستعانة بالمنبهات والآلات والأجهزة الحديثة ، وهي ميسورة بحمد الله .
- عدم الإسراف في الأكل والشرب ، فإن امتلاء البطن بالطعام مدعاة إلى الكسل والاستغراق في النوم .
- المبادرة بالوضوء عند الاستيقاظ وعدم التسويف ، لأن الشيطان يثبط همة الإنسان ، ويتسلط عليه بالتسويف حتى يتأخر عن الصلاة .
- الحرص على أذكار النوم ، ودعاء الله في الوتر أن يوفقك للقيام لصلاة الفجر .
- البعد عن المعاصي ، فإن المعاصي تقيد المرء عن الطاعة .
ثم علينا أيها الإخوة أن نعود أبناءنا على أداء الصلاة في المسجد منذ سن باكرة، ليألفوا هذا ويعتادوه، وليحذر الأب كل الحذر من التساهل في ذلك فيعتاد الابن النوم ، فإذا كبر وأُمر بالصلاة كان الأمر عسيراً جداً .
المرتبة الثانية : إحسان الصلاة وإتمام أركانها وواجباتها .
نظر السلف إلى القرآن وإذا الله تبارك وتعالى يأمرهم بإقامة الصلاة ، فلم ترد آية واحدة بغير لفظ الإقامة. والتعبير بهذا اللفظ يقتضي العناية بها وإقامتها على الوجه المطلوب كما وردت .
يدخل رجل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي ، ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه ، فيرد عليه بقوله : وعليك السلام ، ارجع فصل فإنك لم تصل . فيعود فيصلي ثم يأتي فيسلم عليه ، فيرد عليه بمثل ما رد عليه . فلما كان في المرة الثالثة قال الرجل : والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني . فعلمه عليه الصلاة والسلام كيف يصلي ، وأرشده إلى الطمأنينة في جميع أركان الصلاة وواجباتها .
ويصلي عليه الصلاة والسلام يوماً – كما في صحيح مسلم _ فينصرف ويخاطب رجلاً بقوله : يا فلان ألا تحسن صلاتك ، ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي ، فإنما يصلي لنفسه .

أيها الأحبة ..
هل تعلمون من هو أسوأ الناس سرقة ؟
أهو سارق المسجد أو الحرم ؟ أهو سارق مال فقير أو يتيم ؟
كلا . قال عليه الصلاة والسلام : " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته . قالوا : وكيف يسرق من صلاته ؟ . قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها .
وصح عن عبدالله بن عمر أنه رأى فتى يصلي فأطل صلاته وأطنب فيها فقال : أيكم يعرف هذا ؟ فقال رجل: أنا أعرفه . فقال ابن عمر : لو كنت أعرفه لأمرته أن يطيل الركوع والسجود فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن العبد إذا قام إلى الصلاة أتي بذنوبه كلها فوضعت على عاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه .
قال ابن جريج : لزمت عطاء ثمانين عشرة سنة ، وكان بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة . فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك .
قال أبو إسحاق السبيعي : ذهبت الصلاة مني وضعُفُت وإني لأصلي فما أقرأ وأنا قائم إلا البقرة وآل عمران . وقيل إنه ما كان يقدر أن يقوم حتى يقام فإذا استقم قائماً قرأ وهو قائم ألف آية .
قال خالد بن عمرو : رأيت مسعراً كأن جبهته ركبة عنز من السجود .
قال ابن رهب : رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب صلى ثم سجد سجدة فلم يرفع حتى نودي بالعشاء .
أما حالنا فمؤسف . فقد أصبحت الصلاة ثقيلة على كثير من الناس يأتي بعض الناس إلى الصلاة كالمكره .. كأن فوق رأسه حملاً ثقيلاً يريد أن يلقيه بأسرع وقت ممكن .. حتى إذا كبر أومأ بحركات لا روحانية ، ونقر الصلاة كنقر الغراب لا يذكر الله فيها إلا قليلاً . فهلك النقارون .
ووالله لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً بين أظهرنا لقال لهم : ارجعوا فصلوا ، فإنكم لم تصلوا .
الصلاة يا أخي ليست بالإكراه بل هي الصلة والحب .. وشتان بين صلاة المكره وصلاة المحب .
الصلاة ليست غرامة ولا ضريبة ، بل هي أمانة ينظر إليك صاحبها سبحانه كل يوم خمس مرات فيشهد لك بالوفاء والصدق والإخلاص فيثيبك بأعظم الجزاء .
ولهذا ¬علينا أن تعلم صفة الصلاة ، وهو أمر يسير بحمد الله .
المرتبة الثالثة: المبادرة والتبكير في الحضور إليها :
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال " لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ".
قال النووي : يتأخرون أي عن الصفوف الأول حتى يؤخرهم الله تعالى عن رحمته أو عظيم فضله ورفع المنزلة وعن العلم ونحو ذلك .
قال عدي بن حاتم : ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء .
وكان إبراهيم بن ميمون أحد المحدثين يعمل صائغاً يطرق الذهب والفضة . فكان إذا رفع المطرقة فسمع النداء وضعها ولم يردها .
وقال سعيد : ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأن في المسجد .
وقد جاء عند الترمذي وحسنه الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال " من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق.
روي عن الأعمش أنه كان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى .
ولهذا قال إبراهيم التيمي : إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه .
هكذا كان حرصهم وتبكيرهم إلى الصلوات فيا ليت شعري أين نحن من حالهم . ونحن نرى الجموع المتأخرة تقضي خلف الصفوف ناهيك عن الذين يقضون خلف الإمام ، ويعتذرون عن تأخرهم بأعذار هي أوهى من بيت العنكبوت .
الصلاة عند هؤلاء تؤجل لأي سبب، وتؤخر عند أي عارض، فتؤخر لقراءة صحيفة أو مجلة، وتؤجل لأحاديث ودية وملاطفة ضيف أو زائر، لا بأس أن تؤخر، فهو مشغول مع صديقه يتناول معه الشاي والقهوة، .
والصلاة تؤخر لأن المباراة على أشدها، ووضع الفريق محرج يستدعي المتابعة .
والصلاة تؤخر حتى يخرج الوقت لأنه مسافر على متن طائرة لساعات طويلة، والوضع محرج أن أؤدي الصلاة والركاب ينظرون إليّ وفيهم الغربيون وأشباههم .
وهذا والله من قلة تعظيم الله وأوامر الله في النفوس ، والله المستعان .
المرتبة الرابعة: الخشوع وحضور القلب :
الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح في الجسد ، ولهذا قال بعض أهل العلم: صلاة بلا خشوع ولا حضور جثة هامدة بلا روح .
وأصل الخشوع ، خشوع القلب مهابةً لله وتوقيراً، وتواضعاً في النفس وتذللاً .
ثم إذا خشع القلب خشع السمع والبصر، والوجه والجبين، وسائر الأعضاء والحواس. حتى الصوت والكلام: وَخَشَعَتِ ٱلاصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً [طه:108].
وكان من ذكر النبي في ركوعه: ((خشع لك سمعي وبصري، ومخي وعظمي وعصبي)) وفي رواية لأحمد: ((وما استقلَّت به قدمي لله رب العالمين)) .
وحينما رأى بعض السلف رجلاً يعبث بيده في الصلاة قال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه.
وإذا تأملنا في صلاة سيد الخاشعين صلى الله عليه وسلم نجد أنه كان يصلي بين يدي ربه خاشعاً مخبتاً ، وكان صلى الله عليه وسلم ربما صلى فبكى ، فيسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .
وهكذا كان الصحابة والسلف الصالح من بعده .
فقد روي عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنه وعن أبيه أنه كان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من شدة خشوعه وسكونه .
وكان ابن الزبير يصلي في الحجر ، فيرمى بالحجارة من المنجنيق فما يلتفت .
وهاهو زين العابدين علي ابن الحسين إذا توضأ اصفر وجهه ، وإذا قام إلى الصلاة ارتعد . فإذا سئل عن ذلك ، قال : تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي ؟ .
وفي أحد الأيام وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار . فما رفع رأسه حتى أطفئت . فقيل له في ذلك فقال : ألهتني عنها النار الأخرى .
وقالت بنت لجار منصور بن المعتمر : يا أبت أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة ؟ قال : يا بنيته ذاك منصور يقوم الليل .
سرق رداء يعقوب بن إسحاق عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورُدّ إليه فلم يشعر لشغله بعبادة ربه.
كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير .
قال إسحاق بن إبراهيم كنت أسمع وقع دموع سعيد بن عبدالعزيز على الحصير في الصلاة .
هكذا كان خشوعهم . أما نحن فنشكو إلى الله قسوة في قلوبنا وذهاباً لخشوعنا . فلم تعد الصلاة عند بعضنا صلة روحانية بينه وبين ربه تبارك وتعالى ، بل أصبحت مجرد حركات يؤديها الإنسان بحكم العادة لا طعم لها ولا روح . فأنى لمثل هذا أن يخشع ؟.
لقد صلى بعض الناس في أحد مساجدنا ، ولما كان في التشهد الأخير جاءه الشيطان وقال له : يا أبا فلان إن صاحب المحل قد أخطأ في الحساب فراجع الفاتورة ، إني لك من الناصحين . فصدق المسكين وأخرج الفاتورة ليراجعها أمام الناس وهو يصلي . فالله المستعان .
وآخر . تراه هادئاً ساكناً ، فما إن يكبر حتى تبدأ يداه بالعبث بغترته أوعقاله أولحيته أوساعته . . . ولو خشع قلبه لخشعت جوارحه .
فلا يغرنك وقوف مصليين متجاورين في صف واحد فإنه قد يكون بينهما من التفاوت في الأجر كما بين السماء والأرض . وقد قال عليه الصلاة والسلام " وإن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها " رواه أبو داود وحسنه الألباني .
وهذا يدل على أن الخشوع يتفاوت في القلوب بحسب حضورها وتعظيمها لله . وبمقدار هذا التفاوت يكون تفاضل الناس، في القبول والثواب، وفي رفع الدرجات، وحط السيئات .

أيها الأحبة .. ك
يف نخشع في صلاتنا ؟
لا شك أن للخشوع أسباب كثيرة لا يتسع المقام لذكرها ، فنذكر أهم هذه الأسباب :
وأعظم الأسباب على الخشوع في الصلاة أن يستشعر قلب المصلي الوقوف بين يدي خالقه، وعظمة من يناجيه ، فإنه متى ما استشعر ذلك ؛ خشع في صلاته، وأقبل عليها، وسكنت جوارحه فيها، واستحق المديح القرآني قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ .
ومن الأمور المعينة على الخشوع إفراغ النفس من المشاغل عند الدخول في الصلاة، فحاول أخي أن لا تدخل إلى الصلاة وأنت مشغول البال مشتت الفكر، وعوِّد نفسك أن تؤجل التفكير في أمورك الدنيوية إلى ما بعد الصلاة .
ولهذا جاء في حديث أنس أن رسول الله قال: ((إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء)) متفق عليه.
ومن الأمور المعينة على الخشوع النظر إلى مكان السجود؛ لأنك بذلك تقيد عينيك عن الحركة والانشغال بما حولك .
ومن الأمور المعينة على الخشوع والمطلوبة في الصلاة عدم تحريك الأعضاء ومنها اليدان، وهما أكثر الأعضاء حركة .
ومن الأمور المعينة على الخشوع أن يتدبر المصلي ما يقوله من القرآن أو الأذكار ، أو ما يسمعه من الإمام .
وختاماً نسأل الله تعالى أن يعيننا على أداء الصلوات وفعل الخيرات .. اللهم اجعلنا من الذين هم على صلاتهم دائمون ، والذين هم على صلواتهم يحافظون ، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون .
شكر الله لكم حسن استماعكم ، وشكر الله للإخوة في ............. تنظيمهم هذا اللقاء المبارك ، وإلى لقاءات أخرى من لقاءات الخير والإيمان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 

سامي الحمود
  • كتب وبحوث
  • محاضرات
  • كلمات قصيرة
  • منبر الجمعة
  • مذكرات ضابط أمن
  • تحقيقات ميدانية
  • مقالات وردود
  • معرض الصور
  • قصائد
  • فتاوى أمنية
  • صوتيات
  • الجانب المظلم
  • الصفحة الرئيسية