اطبع هذه الصفحة


من الطـّــــــارق ؟!

النقيب سامي بن خالد الحمود
عضو إدارة الشؤن الدينية في الأمن العام
ومكافحة المخدرات سابقاً

 
تلقيت عدة بلاغات عن أحد مدمني الهروين إبان عملي في جهاز مكافحة المخدرات بإحدى مدن المنطقة الشرقية .
أثبتت التحريات أن هذا الرجل يذهب بصحبة مدمن آخر إلى مدينة مجاورة ليتعاطوا الهيروين المخدر عند أحد المروجين ، ثم يعودون أدراجهم في المساء .
وبعد إجراء البحث والتحري عن هذا المدمن كنت أمهّد للقبض عليه متلبساً بجرمه .
في الظهيرة .. عدت إلى منزلي بعد نهاية عملي .. تناولت غدائي وصليت العصر .. وبعد الصلاة جلست مع أولادي ، وإذا بجرس الباب يقرع .. أقوم من المجلس .. أفتح الباب .. ويا للعجب !!
أتدرون من الطارق ؟
إنه مدمن الهروين الذي أقوم بمتابعته . نظرت إليه في ذهول وقلت في نفســــــي : ماذا يريد هذا الرجــــل ؟ ولماذا يحضر إليّ في منزلي ؟
تمالكت أعصابي في تلك اللحظات الحرجة .. حتى أتثبت من حقيقة الأمر .
ـ السلام عليكم .
ـ وعليكم السلام .
ـ لو سمحت كان لي قريب في هذا الشارع اسمه فلان فهل تعرف بيته ؟
ـ لا .. ليس في هذا الحي أحد بهذا الاسم .
( تظهر على وجهه علامات الأسف الزائف )
ـ آسف لإزعاجك لكني واقع في مشكلة .. وأنا والله مستحيي منك .. فهل يمكن أن تساعدني ؟
ـ وما هي مشكلتك ؟
ـ لقد تعطلت سيارتي على الطريق السريع ، فقمت باستئجار ناقلة لحملها إلى هذه المدينة .. وقد رفض صاحب الناقلة إنزالها إلا بعد دفع الأجرة .. وأنا رجل فقير لا أملك مالاً .. فقدمت إلى هذا الحي لأني أذكر أن فيه بيتاً لأحد أقاربي .. فهل يمكن أن تقرضني ثلاثمائة ريال أقضي بها حاجتي وأعيدها إليك قريباً ؟
عند ذلك اكتشفت اللغز الغامض .. فهذا المدمن قرع بابي عن طريق الخطأ .. مع أنني أجزم بأنه لم يعرفني .. ولو عرفني لانقطع المشهد من أول لحظة .
قلت له : أرجو المعذرة لأن المبلغ ليس معي الآن .
وبعد انصرافه اتصلت فوراً على فرقة البحث والتحري وكانت في موقع قريب جداً من المنزل .. وبعد المتابعة الدقيقة اتضح أن هذا المدمن تجول في الحي ، ثم اتجه إلى منزله بعد يأسه من ابتزاز الناس .
وبعد أيام كنا قد وضعنا كميناً للقبض على هذا الرجل .. وبتوفيق الله تعالى تم القبض عليه متلبساً بجرمه .
وفي جلسات التحقيق .. يفصح هذا المدمن عن الحقيقة المرة .
لقد أسر الهيروين قلب هذا الشاب ، حتى أصبح همه الحصول على المال بأي طريق كان .. فما إن يحصل على المال حتى ينطلق بسيارته على مسافة ثمانين كيلو متراً إلى إحدى المدن المجاورة .. وهناك يلتقي بأحد المروجين ، ليحصل منه على الجرعة الشيطانية .. ثم يعود إلى مسقط رأسه .. قد زال عقله من رأسه .. فلا يكاد يميز بين يومه وأمسه .
إنه أنموذج من النماذج المتكررة في عالم الإدمان .
كذب واحتيال .. وفساد وانحلال .. ورق وضلال .
فتعس عبد الهيروين .. تعس وانتكس .. وإذا شيك فلا انتقش .
 

سامي الحمود
  • كتب وبحوث
  • محاضرات
  • كلمات قصيرة
  • منبر الجمعة
  • مذكرات ضابط أمن
  • تحقيقات ميدانية
  • مقالات وردود
  • معرض الصور
  • قصائد
  • فتاوى أمنية
  • صوتيات
  • الجانب المظلم
  • الصفحة الرئيسية