اطبع هذه الصفحة


حوار لجينيات مع الكاتب خالد الغنامي بعد تراجعه عن الفكر الليبرالي


أجرى الحوار : نايف الغنامي

لجينيات : خالد الغنامي, كاتب يأخذ بيدك ويغوص بك في أعماق الفكر والفلسفة. عاش تجارب فكرية كثيرة ثارت حولها التساؤلات. محطته قبل الأخيرة هي الليبرالية. وهاهو خالد يودعها إلى غير رجعة بعد أن كتب عنها "الليبرالية بوابة لكل عدو". لجينيات قامت بإجراء حوار مع خالد الغنامي عن تجربته مع الليبرالية. وهذا هو الحوار الأول للغنامي بعد تراجعه عن الفكر الليبرالي.

لجينيات ـ في عام 2008 كتبت مقالاً بعنوان التائهون وفي عام 2009 كتبت مقالاً بعنوان "آخر طرائف التائهين" وفي 2010 كتبت مقالاً بعنوان "التائهون وقافلة الحرية" وكأنها كانت بداية تراجعك عن الفكر الليبرالي, وبعد ذلك كتبت مقالك المشهور "الليبرالية بوابة لكل عدو" الذي تبرأت فيه من الليبرالية. هل لك أن تحدثنا عن الفترة الزمنية منذ 2008 وحتى كتابتك للمقال الأخير الذي أعلنت فيه تراجعك عن الليبرالية؟

من المفكرين من يشبه سيارات السباق, سريعة في حركتها وانعطافاتها وتغيير مسارها, ومنهم من يشبه سيارات النقل, بطيئة الحركة, ثقيلة الانتقال والتحول عن مسارها. يبدو لي أنني من النوع الثاني, ولولا ذلك لما بقيت كل هذه المدة مغشوشاً بفكرة رديئة مثل الليبرالية. كما أن هلاميتها وعدم وضوحها كان لها دوراً في تأخر الاستيعاب لمن يرفض التقليد ويحب أن يصل للحقائق بنفسه. ولعل روح الصراع مع بعض الإخوة قد ساهمت في إطالة المدة, فروح الصراع تعميّ فعلا وتصمّ. عمى وصمم يستمر لسنين.

نعم, إن تقديرك صحيح فيما يتعلق بأن البداية كانت في 2008. فقبل كارثة غزة كنت أنزعج من بعض الأفكار الليبرالية, لكني كنت أمررها. لكنني لم أستطع أن أمرر الموقف المخزي للّيبراليين من أحداث غزة فكتبت سبعة مقالات ساخطة غاضبة منهم في 2008 وسخرت من سخف عقولهم عندما ظنوا أن إسرائيل ستسحق المقاومة وتنتصر, إسرائيل لن تنتصر فنحن لدينا وعد حق من ربنا بأنهم مهزومون إن طال الزمن أو قصر. وقد اتصل بي أيامها الشيخ الفاضل محمد بن إبراهيم الحمد وشكرني وقال هذه بداية خير. لكنني حتى في تلك المقالات كنت أحسن الظن بالليبراليين ولذلك أسميتهم بالتائهين, ثم تبين لي أنهم ليسوا بتائهين (ولا يحزنون) بل هو موقف ينطلق من فكر منسلخ من دينه ومن عروبته, منسلخ من هويته ولا يرفع بها رأساً. كل ما يريدونه أن يكونوا مقلدين وأتباع للحضارة الغربية, أتباع مغتبطون بعبوديتهم للهيمنة الأمريكية التي هزت وجدانهم بالكامل وتحكمت في عقولهم الضعيفة فما عادوا قادرين على الشعور بالعزّة والكرامة تماماً.

أما تغيري فلا أسميه تغير, ولعلنا أن نتذكر هنا قصة نبي الله يونس عليه السلام (إذ ذهب مغاضباً) فكانت النتيجة (فالتقمه الحوت وهو مليم). الذي حدث أنني غبت في صحراء التيه بضع سنين ثم عدت لقواعدي سالماً, فآبائي المعرفيين الذين أحبهم حقاً من صميم قلبي هم المشايخ: ابن باز وابن عثيمين وعبدالرحمن المحمود وناصر العقل وعبدالكريم الخضير وعبدالله السعد رحم الله الميت منهم وبارك في عمر الحي. والحمد في ذلك كله لله أولاً وآخرا.

لجينيات ـ يقال أن الفكر مثل النبتة والمجتمع مثل التربة, ولابد أن تتقبل التربة النبتة لكي تعيش. فهل تتوقع أن مجتمعنا سيقبل بالليبرالية أم أنه سيرفضها؟
أمتنا أمة القرآن الذي تعهد الله بحفظه, وجزيرة الإسلام ستبقى هي مأواه حتى يرث الله الأرض ومن عليها, فلا مجال للخوف أو القلق. لقد هيمنت الحضارة الغربية على العالم, لكنها عجزت تماما أن تتحقق لها الهيمنة على هذه الأمة. هذه ميزة يجب أن نفتخر بها. لذلك نجد هاجس المفكر الغربي اليوم هو (الإسلام فوبيا) فالإسلام يشكل بالنسبة التحدي المخيف الذي أقلق مضاجعهم لأنه يتأبى عن الخضوع لهم. ومن أراد أن يستزيد من هذه الفكرة فليعد لكتب الفيلسوف المسلم أبي يعرب المرزوقي التونسي فقد أجاد في هذا الجانب.

ما نحتاجه فعلاً هو أن نعيد قراءة الإسلام من جديد, لنستخرج مواطن القوة والعزة فيه على صعيد التعاطي مع الآخر, ومواطن كفالة العدل وتحققه وسعادة الفرد ورفاهه على صعيد التعاطي مع الفرد المسلم , بالتالي سينعكس هذا كله, على المجتمع الإسلامي.

لجينيات ـ دائماً مانرى تشابه في كتابات الليبراليين فهل هناك تنسيق بينهم أم أن كتاباتهم وتعليقاتهم تنحى منحى الفردية والإستقلالية؟
ليس هناك تنسيق, هناك تقليد أعمى. فبعض الكتاب لو كنت رئيس تحرير لما استكتبته في صحيفة مدرسية, إذ كيف يكتب من لا يقرأ؟!. وكثير منهم انتهازيون, ينظر أين تسير الموجه فينجرف ورائها, إن مدحاً فمدح, وإن قدحاً فقدح. لكن لا تظلموا الناس فتعمموا هذا على كل إعلامنا. فكم من الأقلام النزيهة الوطنية الحرة التي تكتب بتجرد وكفاءة ومهنية عالية. إعلامنا مثل أي إعلام في العالم, هناك الموجّه وهناك غير الموجّه, هناك المتحزب وهناك المهني غير المتحزب, هناك النزيه وهناك غير النزيه, وهكذا.

لجينيات ـ هل كان الليبراليون يعلمون عن نيتك في التراجع عن الفكر الليبرالي؟ وهل وردتك إتصالات تعاتبك أو تحاول ثنيك عن قرارك؟
اعتزلت الناس في الفترة الأخيرة, وأستطيع أن أقول أنني أعيش أجمل وأعظم سنين حياتي, فقد كنت بحاجة لهذه العزلة لأعود لتلاوة وتأمل معاني كتاب ربنا العزيز, وإطالة النظر في السنّة وسيرة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم, وكيف كان وكيف عاش. ثم عائداً لنفسي, متأملاً ومتعجباً من كثير من حماقاتي !

مثل هذه الخلوة, بلا شك تحتاج لمساحة بيضاء وانفراد تام. نعم اتصل بي كثير من الإخوة والأصدقاء الأعزاء, وأوضحت لهم وجهة نظري في خيانة اللبرالية وكونها أصبحت بوابة لكل عدو يتهددنا, بدل أن تكون بوابة للعدل والمساواة كما كنا نظن وما زال يظن كثيرون.

بصراحة, لم يزعجهم التحول عن الليبرالية -ربما لأنه واضح منذ سنيّات- وقبلوه برقي شكرته لهم. لكن ما أزعجهم هو (هل سترجع إسلامياً؟) وجوابي بكل شفافية هو أني في الحقيقة لا أدري ما سيحدث في المستقبل, فكما ألمحت لك, لا أذكر أنني مررت بمثل هذا البعد عن القلق والتوتر والعيش في عوالم السعادة والرضا. أنا أقضي أجمل أيام عمري في رحاب كتاب ربنا العزيز الذي كنا ونحن صغار نهذّه هذّاً ولا نتأمله ولا نحاول فهمه, حريصين على حفظه لنفاخر ونقول إننا حفظناه, غائبين عن معانيه وكليّاته. هذه الفترة التي أعيشها الأن- لعظيم لذتها- لا أريدها أن تنتهي. وبعدها يكون لكل حادث حديث.

لجينيات ـ هل تتوقع أن يكون هناك تراجعات جديدة من قبل شخصيات ليبرالية أسوةً بخالد الغنامي؟

نعم سيكون, وإن لم يصرحوا بذلك صراحة وإشهاراً. وحتى الذين يرفضون مقالاتي الأخيرة عن اللبرالية, سيعودون بعد الصدمة التي صدمتهم بها, وسيتجاوزون ردة الفعل الغاضبة علي, وسيقرأون الأفكار من جديد وسيعلمون أنها صحيحة تصف واقعهم. وسيفيقون بإذن الله مما هم فيه من انخداع وضعف أمام مؤامرات الأعداء.
 يكفيك مشاهد الموت في سوريا لكي تستيقظ. أتكلم هنا عن النبيه النزيه منهم.

لجينيات ـ قلت في إحدى تغريداتك: "هناك لبرالي صفوي وهناك لبرالي متأمرك والكل تجمعهم العداوة لنا نحن السنة والرغبة في تركيعنا والسيطرة علينا وألا تقوم لنا راية عز". على أي أساس صنفت الليبراليين إلى صفوي ومتأمرك؟

من خلال ما يكتبونه طبعاً. اجمع عشر مقالات لأي كاتب وسترى في النهاية أين يسير وما هي مآلات خطابه ورسالته. فهناك كتاب يستخدمون منهج التفكيك عند جاك دريدا وميشيل فوكو وغيرهما من الفلاسفة الغربيين ويطبقونه على تراث السنّة بهدف تقويضه وهدمه, وعندما تتقوض مرجعيتك ماذا سيبقى منك؟ لا شيء, سترتكس في التبعية ارتكاسا وتغرق فيها أكثر من دون أن تشعر. وإذا نظرت في مآلات تلك الكتابات تستطيع أن تفرز فتجد الكاتب الذي تخدم كتاباته المشروع الصفوي في بلادنا, فهو لا ينفك من القدح والطعن في السنة وفي الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين, لكنه لا يطبق تلك المناهج الفلسفية على التراث الشيعي ولا يسمح لك بذلك.

وفي الطرف الآخر الليبرالي المتأمرك وهؤلاء أوضح. وإن كان هناك وجهة نظر أخرى تقول إن كليهما وجهان لعملة واحدة. فهناك كتب ألفها غربيون تحدثوا فيها عن علاقة حميمية بين أمريكا وإيران واتفاقات بينهما تحت الطاولة تختلف عن حديث العداوة الظاهري, وإن إيران تلعب دوراً أساسياً في لعبة من صناعة أمريكية لكي تبقى المنطقة كلها تحت التوتر وتحت الهيمنة. أنصح بقراءة كتاب أستاذي الدكتور عبدالوهاب المسيري (العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة) فقد تحدث -رحمه الله- عن هذا الموضوع بإسهاب. كما أنصح بقراءة الدكتور عبدالله النفيسي فهو مفكر عتيق ومفيد.

لجينيات ـ قلت في لقاء قديم لك في برنامج إضاءات على قناة العربية أنك ترفض "علمنة" المجتمع وهذا يدعونا لأن نسأل: هل هناك تقسيم للّيبرالية لدينا؟ هل هناك على سبيل المثال ليبرالية متطرفة وليبرالية معتدلة وليبرالية إسلامية؟

نعم أنا ضد علمنة مجتمعنا منذ البداية ولم أكتب قط مقالة تدعو للعلمانية. بالنسبة لتقسيم الليبرالية نعم هناك يمين ووسط ويسار, مثل كل التحزبات والأفكار وهي من وجهة نظري تقسيمات وهمية لا حقيقة لها. لكنها من وجهة نظر أصحابها حقيقية. فتجد من يقول لك أنا ليبرالي يميني, أو يستبدلها بليبرالي – إسلامي كما فعلت أنا في لقاء برنامج إضاءات مع تركي الدخيل, ومعناهما واحد. وكثير ممن اتصل بي معاتباً هم من هؤلاء, وكلهم قال لقد ظلمتنا, فما نحن بخونة لوطننا ولا تركنا صلاتنا ولا فقدنا محبتنا لديننا, وهم صادقون في ذلك, لكنهم مخطئون. لأن في الإسلام غنية عن كل شيء. وفي القرآن والسنة ما يزيد عن كل ما نحتاجه لتكوين مجتمع ناجح وسعيد.

لجينيات ـ مما سبق نلاحظ أن في ذهنك تقسيم للّيبراليين, فئة تحسن الظن فيها وفئة تتهمها بالعمالة كما في مقال "الليبرالية بوابة لكل عدو". هل يمكن أن توضح ذلك؟
جرى التقسيم أن في كل فكر هناك يمين ووسط ويسار وهناك الغلاة المتطرفون وهناك الوسط وهناك اليمين, وبالنسبة للّيبرالية, فيمينها يصح على بعضه أن يوصف بالإسلامي, أعني ذلك الذي رأى في الليبرالية آلية للوصول لما يتصور أنه يكمّل الحل الإسلامي وكثير من هؤلاء أناس وطنيون لا يمكن أن أتهمهم بخيانة ولا تآمر.

لجينيات ـ لكن أي هذه الأقسام يمثل جذر اللبرالية وقلبها ووجهها الحقيقي؟
يقول الفيلسوف المغربي عبدالله العروي في كتابه (مفهوم الحرية) : "إن الليبرالي الصحيح لا يعبأ بالحقيقة المطلقة ويرى في الدين ظاهرة اجتماعية ليس إلا, يحكم عليها, إن وجب أن يبدي فيها حكمه, من وجهة المنفعة الاجتماعية"

وهذا الكتاب مفهوم الحرية للعروي, من أهم الكتب التي تفتت كل دعاوى الليبراليين العرب وتدرسهم منذ بداية القرن الماضي وتوضع أوجه القطيعة بينهم وبين الليبرالية الغربية.

لجينيات ـ المرأة والليبراليون, لماذا يستميت الليبراليون في المطالبة بحقوق المرأة ويتغاضون عن المطالبة بالحقوق التي كفلها الإسلام للمرأة مثل حق النفقة وإختيار الزوج وغيرها؟
السبب هو المرأة الليبرالية, فهو يريد أن يكون فارساً في عينها. كثيرون يلومون الليبرالي هنا ويظهرون الليبرالية على أنها مجرد ضحية. هذا غير دقيق. أنا أعتقد أن السبب هنا هو المرأة الليبرالية ومطالبها وتجييشها الناس لما تحسب أنه قضايا. وهنا يبرز دور المرأة المتدينة العاقلة الناضجة التي يجب أن يكون لها دور في مجتمعنا للوقوف من النساء المظلومات اجتماعيا ومد اليد لها ورفع المظالم عنها.

لجينيات ـ بعد تراجعك عن الليبرالية يرى المتابعون أنه من الواجب عليك, بصفتك مطّلعاً عليها من الداخل بالإضافة إلى كونك مطّلع على الفلسفة والإتجاهات الفكرية, أن تساهم في نقد هذا الفكر وتفكيكه وتألف كتاباً عنه لأن رأيك سيكون له مصداقيته ووزنه. فهل لديك نية في ذلك؟
أنا مستمر في هذا ولم أتوقف من خلال الإعلام الحديث (تويتر). بالنسبة للكتاب, النية موجودة لكني لا أستطيع أن أعد بشيء لضيق الوقت وكثرة المشاغل. أعمل الآن على كتابين في موضوعين مختلفين, مع الكتابة الصحفية, والتدريس, لكن عسى الله أن يكرمني بطرح البركة في الوقت.

لجينيات ـ البعض ينتظر منك أن تكتب عن الليبرالية وتكشف أسرارهم حتى الخاصة منها ونحن نعلم أن لك وجهة نظر بهذا الخصوص بعيداً عن الأسلوب الفضائحي والشخصنة, فما هو الخط الذي ستخطّه لنفسك في نقد هذا الفكر؟
لا أحب مهاجمة الأشخاص ولا كسب العداوات, ولذلك سأحرص على نقد الفكر دون التعرض للأشخاص.

لجينيات ـ في وقت مضى, انتقدت الإسلاميين ووصفتهم بأنهم أعداء التسامح. فماهو تعليقك؟
استغفر الله وأتوب إليه من هذا ومن كل الأخطاء, وقاتل الله روح الصراع فهي تعمي وتصمّ. والقلوب التي توافدت عليّ بالزيارة والاتصال دليل على نقاء وطهر عزّ مثيله.

لجينيات ـ أيضاً تحدثت عن ما أسميته "الأغلبية الصامتة" وأن الإسلاميين لايتجاوزون 20%. فهل مازلت مقتنعاً بذلك؟
هذه أيضاً من الأخطاء التي رجعت عنها. فمجتمعنا مجتمع إسلامي بأغلبية ساحقة, حتى وإن لم يطلقوا لحاهم, بل يكاد أن يكون كله إسلامياً, والحمد لله على ذلك.

لجينيات ـ في عام 2003 كتبت مقالاً بعنوان "الإنسان والوطن أهم من ابن تيمية" اتهمت فيه الشيخ بالتطرف. وقبل أيام قلائل كتبت في إحدى تغريداتك: "ولا أجد كتباً تمثل ما أعتقد في الله مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية" فهل نفهم من ذلك أنك تراجعت عن ماورد في المقال؟
نعم أرجع عن ذلك المقال لما فيه من تطاول لا يليق مع رجل أعتبره من أعظم العقول الإنسانية ولا زلت أستفيد من كتبه وتحقيقاته.

لجينيات ـ كنت في بداياتك متشدداً ثم تحولت إلى الليبرالية ثم تراجعت عنها, فكيف تصف نفسك في الفترة الحالية؟
مسلم يحب الله ورسوله ويحب الناس ويريد لهم الخير.

لجينيات ـ مارأيك في ركوب بعض الليبراليين لموجة الإلحاد في الآونة؟ وهل الليبرالية ستقود معتنقيها إلى ذلك حتى لو كانوا في مجتمعات إسلامية؟
لا يلزم من الليبرالية أن يكون الإنسان ملحداً, فكم من المتحمسين للّيبرالية لا تفوتهم الصلاة في المسجد. الإلحاد كما الإيمان يزيد وينقص, ويندر أن تجد ملحداً خالصاً قد حسم أمر الدين وانتهى, إنما هي حالات شكوك تسببت فيها الفلسفة المادية التي هي أمّ الليبرالية والتي تمثل الخطر الحقيقي ليس على التدين فقط, بل على القيم والأخلاق أيضاً. فمن الناس من سلم له دينه, لكن أثر الفلسفة المادية ظاهر في أخلاقه وتعامله, فتراه يتعامل مع الناس وكأنه لا يرجو لله وقاراً. كل شيء يحسب عنده بالريال والهللة. ومن أسباب حالات الشك هي رياح التفلسف الوجودي الذي عصف بالعالم في القرن العشرين ووصلت إلينا هذه الرياح, فالوجودية فلسفة عبثية قلقة متشائمة بائسة ترهق كاهل الإنسان بأن تعطيه حرية لا يطيقها وتجعله وحده مسئولا عن قرارات لا يمكنه تحمل تبعتها.

لجينيات ـ هل من شيء تريد أن تختم به؟
نصيحتي لنفسي ولأبنائي ولإخواني – إسلاميين وغير إسلاميين – وكلنا من المقصّرين. ليكن لك ولو ساعة واحدة فقط من كل يوم, تسرقها من نهارك أو ليلك, تقضيها مع كتاب ربنا العزيز. اختر مكانا لا يزعجك فيه أحد. وأسمِع نفسك كلام الله بصوتك. فالقرآن الكريم حجة في ذاته ولا يحتاج غيره ليكون له حجة. اقرأه ببطء شديد حتى وإن قضيت الساعة كلها في صفحة واحدة فلا بأس, ولا تنشغل بالختم فهناك ما هو أولى من الختم. وسترى أثر ذلك على أيامك وكيف يفتح الله على قلبك من حقائق وكليات القرآن مما سيسعد قلبك حقاً, وسترى كيف أن هذه الساعة ستكون نور يومك ونور حياتك وما بعد مماتك.


 

لقاءات الشبكة

  • لقاءات عبر الشبكة
  • لقاءات عبر المجلات
  • الصفحة الرئيسية