اطبع هذه الصفحة


لمَ لا نحتفلُ بليلةِ الإسراءِ والمعراجِ ؟!

"ولا احتفال بما تضمنته التذكرة الحمدونية أنه في رجب ،
وبإحياء المصريين ليلة السابع والعشرين منه لذلك ،
فإنّ ذلك بدعة مُنضمة إلى جهلٍ"
التقي السُّبكي

عبد الله الحسيني


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد ...

لا ريب بأن حادثة الإسراء والمعراج من أسمى آيات الله العظيمة الدالة على صدق عبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلّو منزلته عند ربه جل وعلا ، وفيها دلالة على قدرة الله الباهرة ، وعلى علوه سبحانه على جميع خلقه ، قال الله تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء: 1] .

وقد وقع لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة من الأمور الجليلة والمعجزات العظيمة شيء كثير ، مثل شق صدره عليه الصلاة والسلام ، وغسل جوفه تهيئة للرحلة في الملكوت الأعلى ، ثم الإسراء به إلى المسجد الأقصى ، وهكذا العروج للسماء في زمن محدود ، وصلاته بالأنبياء والمرسلين في بيت المقدس ، ثم صعوده إلى السماوات العلى ، ولقائه المرسلين فيها ، ثم مجاوزته السماء السابعة إلى موضع لم يبلغه أحد من الخلق ، وفرض الصلوات الخمس ، ورؤيته الجنة ، وغير ذلك مما صحّت به الأحاديث ، وقد ساق الحافظ ابن كثير الدمشقي رحمه الله تعالى طائفة منها في فاتحة تفسير سورة الإسراء ، فلتُنظر .

والمتأمل لما جرى في تلك الليلة المباركة يستخلص دروساً عظيمة ، منها :

• التعريف بمنزلة المسجد الأقصى في كيان الأمة الإسلامية ، فهو مهاجر الأنبياء ، ومسرى سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ووجوب المحافظة على هذه الأرض المباركة وحمايتها من مطامع أعداء الإسلام .

• ربط رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم برسالة المرسلين جميعاً ، وإيذان بعالمية رسالته ، وخلود إمامته ، وإنسانية تعاليمه ، وصلاحيتها لكل زمان ومكان .

• تنويه جليّ بمنزلة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ رفعه الله تعالى إليه إلى هذه المنزلة الرفيعة التي لم يصل إليها أي مخلوق ، حتى تجاوز سدرة المنتهى ، فوصل في الإكرام غاية المنتهى ، وتنويه بمنزلة هذه الأمة كذلك ، إذ كل شرف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يفيض عليها منه نصيب أيضاً .

• تسلية الله تعالى لقلوب أولياءه عند المحن ، ولهذا جاء الإسراء إثر وفاة عمه أبي طالب وزوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ، وإثر ما لقيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الطائف من الأذى البالغ ، فجاء الإسراء والمعراج ليكون تسلية له عما قاسى ، وتعويضاً عما أصابه ، ليعلمه الله عز وجل أنه إذا كان قد أعرض عنك أهل الأرض ، فقد أقبل عليك أهل السماء ، ولئن كان الناس قد صدّوك ، فإن الله يرحب بك ، وإن الأنبياء يقتدون بك .

• فرض الصلوات الخمس في ليلة الإسراء والمعراج دليل على أهمية هذا الركن من بين أركان الإسلام ، وقد شُرعت في السماء ، لتكون معراجاً يرقي بالناس كلما تدلت بهم شهوات النفوس وأغراض الدنيا .

إلى غير ذلك من الدروس المستفادة .

إذا كانت ليلة الإسراء والمعراج بهذه المكانة العظيمة ، فلم لا نحتفل جميعاً بها ؟

نقول إنه ينبغي تفويض مثل هذه التساؤلات إلى أهل العلم والإيمان الذين أمرنا الله تعالى بسؤالهم عند عدم العلم بقوله : (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [النحل:43] .

وعندما نفوض السؤال إليهم ، نجدهم يتواطئون على بدعية الإحتفال بهذه الليلة وعدم مشروعيته ، علماً بأن هذا القول لم يُحدثوه من عند أنفسهم ، إنما ركنوا إلى أصل شرعيّ متين عبّر عنه الحافظ الإمام أبو شامة المقدسي رحمه الله تعالى ، فقال ما نصّه
(1) :

(ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصَّها بها الشرع ، بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ، ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضّله الشرع وخصّه بنوع من العبادة ، فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها ، كصوم يوم عرفة ، وعاشوراء ، والصلاة في جوف الليل ، والعمرة في رمضان ، ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلاً فيه جميع أعمال البر ، كعشر ذي الحجة ، وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، أي: العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، فمثل ذلك يكون أيُّ عمل من أعمال البر حصل فيها ، كان له الفضل على نظيره في زمن آخر ، فالحاصل أن المكلّف ليس له منصب التخصيص ، بل ذلك إلى الشارع ، وهذه كانت صفة عبادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ا.هـ

ثم ضَمّ أهل العلم إلى هذا الأصل الشرعيّ العظيم الأمور التالية :

أولاً: الاختلاف الشديد في تعيين ليلة الإسراء والمعراج :

يكاد الباحث المنصف يعجز عن الوقوف على تاريخ واحد صحيح تطمئن إليه النفس ويقرّ به الفؤاد لميقات ليلة الإسراء والمعراج ، وذلك لسبب بسيط هو كون هذه الليلة ليست معلومة على الوجه القطعي الجازم ، ولا يوجد اتفاق معتبر على ضبط تاريخها بين جماهير أهل العلم من المؤرخين وغيرهم ، فقد اختلفوا في السنة والشهر ، فضلاً عن الإختلاف الشديد في اليوم ، فالجزم بأنها ليلة السابع والعشرين من شهر رجب مما لا أصل له من الناحية التاريخية ، بل قد أنكر كبار الحفاظ والمؤرخين من أهل العلم هذا التاريخ بالتحديد ، وإليك بعض نصوصهم :

1-قال الحافظ ابن دحية الكلبي رحمه الله تعالى
(2) :
(ذكر بعض القُصّاص أن الإسراء كان في رجب ، وذلك عند أهل التعديل والجرح عينُ الكذب ، قال الإمام أبو إسحاق الحربي : أُسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الأول ، وقد ذكرنا ما فيه من الإختلاف والإحتجاج في كتابنا المسمى : بالإبتهاج في أحاديث المعراج) ا.هـ

وقال أيضاً (3) :
(قيل : كان الإسراء في رجب ، وفي إسناده رجال معروفون بالكذب) ا.هـ

2-ونقل الحافظ أبو شامة كلام الحافظ ابن دحية رحمهما الله تعالى نقل إقرار من غير إنكار (4) .

3-وقال الشيخ العلامة علي بن إبراهيم بن داود بن العطّار الشافعي رحمه الله تعالى
(5) :
(رجب ليس فيه شيء من ذلك - أي الفضائل - ، سوى ما يشارك غيره من الشهور ، وكونه من الحُرُم ، وقد ذكر بعضهم أن المعراج والإسراء كان فيه ، ولـم يثبـت ذلك) ا.هـ

4-وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما نقل عنه تلميذه النجيب ابن القيم الجوزية رحمهما الله تعالى (6) :
(لم يقم دليلٌ معلوم لا على شهرها ولا على عشرها ولا على عينها ، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ، ليس فيها ما يقطع به ..) ا.هـ

5-ونقل الإمام ابن القيم الجوزية كلام شيخه ابن تيمية رحمهما الله تعالى نقل إقرار من غير إنكار (7) .

6-وقال الإمام تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى
(8) :
(لا احتفال بما تضمنته التذكرة الحمدونية أنه في رجب ، وبإحياء المصريين ليلة السابع والعشرين منه لذلك ، فإنّ ذلك بدعة مُنضمة إلى جهلٍ) ا.هـ

7-وقال الشيخ العلامة أبو أمامة بن النقاش رحمه الله تعالى (9) :
(أما ليلة الإسراء ، فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث صحيح ولا ضعيف ، ولذلك لم يعينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه ، ولا عينها أحد من الصحابة بإسناد صحيح ، ولا صح إلى الآن ، ولا إلى أن تقوم الساعة فيها شيء ، ومن قال فيها شيئاً ، فإنما قال من كيسه لمرجع ظهر له استأنس به ، ولهذا تصادمت الأقوال فيها وتباينت ، ولم يثبت الأمر فيها على شيء) ا.هـ

8-وقال الحافظ المؤرخ ابن كثير الدمشقي رحمه الله تعالى ، وهو يحكي الخلاف في التاريخ (10) :
(وقد أورد - أي : عبدالغني المقدسي - حديثاً لا يصحّ سنده ، ذكرناه في فضائل شهر رجب أن الإسراء كان ليلة السابع والعشرين من رجب ، والله أعلم ، ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان أول ليلة جمعة من شهر رجب , وهي ليلة الرغائب التي أُحدثت فيها الصلاة المشهورة , ولا أصل لذلك) ا.هـ

9-وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى (11) :
(أما الإسراء ، فقيل : كان في رجب ، وضعّفه غير واحد ، وقيل : كان في ربيع الأول ، وهو قول إبراهيم الحربي ، وغيره) ا.هـ

وقال أيضاً (12) :
(قد رُوي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة ، ولـم يصحّ شيء من ذلك ، فرُوي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولد في أول ليلة منه ، وأنه بعث في السابع والعشرين منه ، وقيل في الخامس والعشرين ، ولا يصحّ شيء من ذلك ، ورُوي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في سابع وعشرين من رجب ، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره ، ورُوي عن قيس بن عباد قال : في اليوم العاشر من رجب ..) ا.هـ

10-وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى (13) :
(قد اختلف في وقت المعراج ، فقيل كان قبل المبعث ، وهو شاذ إلا إن حمل على أنه وقع حينئذ في المنام كما تقدم ، وذهب الأكثر إلى أنه كان بعد المبعث ، ثم اختلفوا ، فقيل : قبل الهجرة بسنة ، قاله ابن سعد وغيره ، وبه جزم النووي ، وبالغ ابن حزم ، فنقل الإجماع فيه ، وهو مردود ، فإن في ذلك اختلافاً كثيراً يزيد على عشرة أقوال ، منها ما حكاه ابن الجوزي أنه كان قبلها بثمانية أشهر- فيكون في رجب- ، وقيل : بستة أشهر- فيكون في رمضان- ، وحكي هذا الثاني أبو الربيع بن سالم ، وحكي ابن حزم مقتضى الذي قبله ، لأنه قال : كان في رجب سنة اثنتي عشرة من النبوة ، وقيل : بأحد عشر شهراً ، جزم به إبراهيم الحربي حيث قال: كان في ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة ، ورجحة ابن المنير في شرح السيرة لابن عبد البر ، وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين ، حكاه ابن عبد البر ، وقيل : بسنة وثلاثة أشهر ، حكاه ابن فارس ، وقيل : بسنة وخمسة أشهر ، قاله السدي ، وأخرجه من طريقة الطبري والبيهقي ، فعلى هذا كان في شوال ، أو في رمضان على إلغاء الكسرين منه ، ومن ربيع الأول ، و به جزم الواقدي ، وعلى ظاهره ينطبق ما ذكره ابن قتيبة ، وحكاه ابن عبد البر أنه كان قبلها بثمانية عشر شهراً ، وعند ابن سعد عن ابن أبي سبرة أنه كان في رمضان ، قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً ، وقيل : كان في رجب حكاه ابن عبد البر ، وجزم به النووي في الروضة ، وقيل : قبل الهجرة بثلاث سنين ، حكاه ابن الأثير ، وحكى عياض وتبعه القرطبي والنووي عن الزهري أنه كان قبل الهجرة بخمس سنين ، ورجحه عياض ومن تبعه) ا.هـ

وهذا ما يؤكد كلام ابن تيمية ، وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام ابن دحية السالف الذكر نقل إقرار من غير إنكار (14) .

11-ونقل الشيخ العلامة القسطلاني كلام ابن النقاش رحمهما الله تعالى نقل إقرار من غير إنكار
(15) .

12-وقال الشيخ محمد الشقيري رحمه الله تعالى
(16) :
(الإسراء لم يقم دليل على ليلته ، ولا على شهره) ا.هـ

13-وقال العلامة الألباني رحمه الله تعالى معلقاً على كلام الحافظ ابن دحية السابق (17) :
(نقل هذا عن المصنفِ الحافظُ ابن حجر في رسالته السابقة وأقرّه ، بل الواجب تبيين هذا للناس بكل وسيلة ممكنة ، وفي كل مناسبة ، والله المستعان) ا.هـ

وقال أيضاً (18) :
(وقد ذكر الأقوال المشار إليها السيوطي في الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء ص 34 ، والعلامة الآلوسي في تفسيره روح المعاني (4/469) ، فبلغت خمسة أقوال ! وليس فيها قول مسند إلى خبر صحابي يطمئن له البال ، ولذلك تناقض فيها أقوال العالم الواحد ! فهذا هو النووي رحمه الله تعالى ، له في ذلك ثلاثة أقوال حكوها عنه ، أحدها : مثل قول الحربي الذي في الكتاب ، وقد جزم به النووي في الفتاوى له ص 15 ! وفي ذلك ما يُشعر اللبيب أن السلف ما كانوا يحتفلون بهذه الليلة ، ولا كانوا يتخذونها عيداً ، لا في رجب ولا في غيره ، ولو أنهم احتفلوا بها ، كما يفعل الخلف اليوم ، لتواتر ذلك عنهم ، ولتعيّنت الليلة عند الخلف ، ولم يختلفوا هذا الإختلاف العجيب !) ا.هـ

14-وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى (19) :
(وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج ، لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره ، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند أهل العلم بالحديث ، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها..) ا.هـ

15-وقال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى (20) :
(فأما ليلة السابع والعشرين من رجب ، فإن الناس يدّعون أنها ليلة المعراج التي عرج بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيها إلى الله عز وجل ، وهذا لم يثبت من الناحية التاريخية ، وكل شيء لم يثبت ، فهو باطل ، والمبني على الباطل باطل) ا.هـ

16-وقال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي (21) :
(ذكر أحد أئمة الحديث ، وهو أبو الخطاب عمر بن دحية من أئمة القرن السابع ، وله كتاب اسمه "أداء ما وجب في بيان وضع الوضَّاعين في شهر رجب" ، وفي هذا كتب يقول : إن بعض القُصَّاص ذكروا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُسري به في رجب ، قال : وهذا هو عين الكذب ، أقرّ هذا الكلام خاتمة الحفاظ الحافظ بن حجر العسقلاني شارح البخاري المعروف ، وأنا أعرف أن موضوع ليلة السابع والعشرين من رجب لم يأت فيها حديث صحيح ، ولا قول صحيح لأحد الصحابة ، إنما هو قول اشتهر ، وقال به بعض الأئمة ، ونُسب إلى الإمام النووي ، اختاره الإمام النووي في فتاواه – بل الصواب في : روضة الطالبين - ، والإمام النووي رجل كان مقبولاً عند الأمة ، فاشتهر قوله هذا ، على حين أن هناك مثلاً الإمام أبا إسحاق الحربي نجده يقول إن الإسراء والمعراج ليس في ليلة السابع والعشرين من رجب ، بل في ليلة السابع والعشرين من ربيع الأول ، وأنا أعلم أنه لم يثبت شيء في هذا ، وأن هذا قول اشتهر وأصبح معروفاً عند المسلمين منذ قرون أنهم يذكرون الإسراء والمعراج في هذه الليلة ..) ا.هـ

ثانياً : لو كان خيراً لسبقونا إليه :

حتى لو ثبت تعيين ليلة الإسراء والمعراج ، لما شرع لأحد تخصيصها بشيء ، لأنه لو كان هناك خير في تخصيصها باحتفال ، لكان أولى الناس بذلك هو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، هذا إذا كان التعظيم من أجل الإسراء والمعراج .

وإن كان من أجل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وإحياء ذكره كما يُفعل في مولده صلى الله عليه وآله وسلم ، فأولى الناس به أبو بكر رضي الله عنه ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم ، ثم من بعدهم من الصحابة على قدر منازلهم عند الله ، ثم التابعون ومن بعدهم من أئمة الدين ، ولم يعرف عن أحد منهم شيء من ذلك ، فليســعنا ما وسـعهـم .

فالسلف الصالح رضوان الله عليهم هم أحرص الناس على الخير ، وأكثرهم تسابقاً فيه بشهادة النصوص الشرعية والوقائع التاريخية ، ولم يُنقل عنهم أنهم احتفلوا بليلة الإسراء والمعراج ، ولو ثبت أنهم احتفلوا بها ، لنقلوه إلينا نقلاً يُعتدّ به ، حيث أنهم نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم كـلّ شيء تحتاجه الأمة ، ولم يفرّطوا في شيء من الدين ، فكل خير في اتباع من سلف .

ثالثا ً: حال المحتفليـن بها :

نرى أن المحتفلين بهذه الليلة متفاوتون في طريقة الاحتفال ، فبعضهم يجتمع في المساجد ، ويدعوا إلى إحيائها ، ويوقد المصابيح فيها وعلى المنارات ، مع الإسراف والتبذير في ذلك ، فيقيم الذكر ، والقراءة ، وتلاوة قصة المعراج .

وبعضهم يذكر الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ضمن المواسم الشرعية ، وليس منها ، ويورد القصص الباطلة والأحاديث الواهية .

والبعض الآخر يسرد المقالات والأشعار المختلفة المشتملة على غلوّ ومبالغات ما أنزل الله بها من سلطان .

كما أن البعض يجمع بين ذلك كله ، مصداقاً لقول الله تعالى : (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء:82] .

ومن الغرائب أن منهم من ينشط ويجتهد في حضور مثل هذه المحافل البدعية ، ويدافع عنها ويذب بكل ما أوتي من قوة ، يينما تراه يتخلف عمّا أوجب الله عليه من حضور الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتى منكراً عظيماً ، فالله المستعان .

رابعا ً: التشبه باليهود والنصارى :

إن في الإحتفال بليلة الإسراء والمعراج وغيرها تشبّه ظاهر جليّ باليهود والنصارى ، وذلك من خلال تعظيم أيام لـم يـعـظّمــها الشـرع بالاحتفال وإقامة المراسيم ، وقد أُمرنا بمخالفة سبيلهم ، ونُهينا عن اتباع سَننهم .

خامساً : نصوص أهل العلم في بدعية الإحتفال بهذه الليلة :

قد نصّ جماعة من أهل العلم على بدعية الاحتفال بهذه الليلة :

1-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
(22) حينما سُئل عن رجل قال : ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر ، وقال آخر : بل ليلة القدر أفضل ، فأيهما المصيب ؟ :

(الحمد لله ، أما القائل بأن ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر ، فإن أراد أن تكون الليلة التي أسري فيها بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ونظائرها من كل عام ، أفضل لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من ليلة القدر ، بحيث يكون قيامها ، والدعاء فيها أفضل منه في ليلة القدر فهذا باطل ، لم يقله أحد من المسلمين، وهو معلوم الفساد بالاطراد من دين الإسلام ، هذا إذا كانت ليلة الإسراء تعرف عينها ، فكيف ولم يقم دليل معلوم لا على شهرها ، ولا على عشرها ، ولا على عينها ، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ، ليس فيها ما يقطع به ، ولا شرع للمسلمين تخصيص الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء بقيام ولا غيره ، بخلاف ليلة القدر ، فإنه قد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) ، وفي الصحيحين عنه أنه قال : (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه) ، وقد أخبر سبحانه أنها خير من ألف شهر ، وأنه أنزل فيها القرآن .

وإن أراد أن الليلة المعينة التي أُسري فيها بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وحصل له فيها ما لم يحصل له في غيرها من غير أن يُشرع تخصيصها بقيام ولا عبادة ، فهذا صحيح ، وليس إذا أعطى الله نبيه فضيلة في مكان أو زمان يجب أن يكون ذلك الزمان والمكان أفضل من جميع الأمكنة والأزمنة ، هذا إذا قدر أنه قام دليل على أن إنعام الله تعالى على نبيه ليلة الإسراء كان أعظم من إنعامه عليه بإنزال القرآن ليلة القدر ، وغير ذلك من النعم التي أنعم عليه بها .

والكلام في مثل هذا يحتاج إلى علم بحقائق الأمور ومقادير النعم التي لا تعرف إلا بوحي ، ولا يجوز لأحد أن يتكلم فيها بلا علم ، ولا يُعرف عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها لا سيما على ليلة القدر ، ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور ، ولا يذكرونها ، ولهذا لا يعرف أي ليلة كانت ، وإن كان الإسراء من أعظم فضائله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومع هذا ، فلم يشرع تخصيص ذلك الزمان ولا ذلك المكان بعبادة شرعية ، بل غار حراء الذي ابتدىء فيه بنزول الوحي ، وكان يتحراه قبل النبوة ، لم يقصده هو ولا أحد من أصحابه بعد النبوة مدة مقامه بمكة ، ولا خص اليوم الذي أنزل فيه الوحي بعبادة ولا غيرها ، ولا خص المكان الذي ابتدىء فيه بالوحي ، ولا الزمان بشيء ، ومن خص الأمكنة والأزمنة من عنده بعبادات لأجل هذا وأمثاله ، كان من جنس أهل الكتاب الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات ، كيوم الميلاد ، ويوم التعميد ، وغير ذلك من أحواله ، وقد رأى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه جماعة يتبادرون مكاناً يصلون فيه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد ، إنما هلك من كان قبلكم بهذا ، فمن أدركته فيه الصلاة فليصل ، وإلا فليمض ..) ا.هـ.

وقال أيضاً (23) :

(وأما إتخاذ موسم غير المواسم الشرعية ، كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد ، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار ، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ، ولم يفعلوها) ا.هـ

2-نقل الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى كلام شيخه ابن تيمية نقل إقرار من غير إنكار (24) .

3-وقال الشيخ العلامة ابن الحاج المالكي رحمه الله تعالى تحت عنوان : "المواسم التي نسبوها إلى الشرع وليست منه"
(25) :

(ومن البدع التي أحدثوها فيه - أعني في شهر رجب - : ليلة السابع والعشرين منه التي هي ليلة المعراج التي شرف الله تعالى هذه الأمة بما شرع لهم فيها بفضله العميم وإحسانه الجسيم ، وكانت عند السلف يعظمونها ، إكراماً لنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم على عادتهم الكريمة من زيادة العبادة فيها ، وإطالة القيام في الصلاة ، والتضرع ، والبكاء ، وغير ذلك مما قد علم من عوائدهم الجميلة في تعظيم ما عظمه الله تعالى ، لامتثالهم سنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول : (تعرضوا لنفحات الله) ، وهذه الليلة المباركة من جملة النفحات ، وكيف لا ، وقد جعلت فيها الصلوات الخمس بخمسين إلى سبعمائة ضعف ، والله يضاعف لمن يشاء ، وهذا هو الفضل العظيم من غني كريم ، فكانوا إذا جاءت يقابلونها بما تقدم ذكره ، شكراً منهم لمولاهم على ما منحهم وأولاهم .. فجاء بعض أهل هذا الزمان فقابلوا هذه الليلة الشريفة بنقيض ما كان السلف يقابلونها به ، وذلك أنهم أحدثوا فيها من البدع أشياء ، فمنها : إتيانهم المسجد الأعظم ، واجتماعهم فيه ، ومنها : زيادة وقود القناديل فيه .. ومنها : ما يفرشونه من البسط ، والسجادات وغيرهما ، ومنها : أطباق النحاس فيها الكيزان ، والأباريق ، وغيرهما ، كأن بيت الله تعالى بيتهم ، والجامع إنما جعل للعبادة لا للفراش ، والرقاد ، والأكل ، والشرب .. ومنها : اجتماعهم حلقات ، كل حلقة لها كبير ، يقتدون به في الذكر ، والقراءة ، وليت ذلك لو كان ذكراً ، أو قراءة ، لكنهم يلعبون في دين الله تعالى ، فالذاكر منهم في الغالب لا يقول : لا إله إلا الله ، بل يقول : لا يلاه يلله ، فيجعلون عوض الهمزة ياء وهي ألف قطع جعلوها وصلاً ، وإذا قالوا : سبحان الله ، يمطونها ويرجعونها حتى لا تكاد تفهم ، والقارئ يقرأ القرآن ، فيزيد فيه ما ليس منه وينقص منه ما هو فيه بحسب تلك النغمات والترجيعات التي تشبه الغناء والهنوك التي اصطلحوا عليها على ما قد علم من أحوالهم الذميمة ، ثم فيها من الأمر العظيم أن القارئ يبتدئ بقراءة القرآن ، والآخر ينشد الشعر ، أو يريد أن ينشده فيسكتون القارئ ، أو يهمون بذلك ، أو يتركون هذا في شعره ، وهذا في قراءته ، لأجل تشوق بعضهم لسماع الشعر وتلك النغمات الموضوعة أكثر ، فهذه الأحوال من اللعب في الدين أن لو كانت خارج المسجد منعت ، فكيف بها في المسجد ، سيما في هذه الليلة الشريفة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثم إنهم لم يقتصروا على ذلك، بل ضموا إليه اجتماع النساء والرجال في الجامع الأعظم في تلك الليلة الشريفة مختلطين بالليل ، وخروج النساء من بيوتهن على ما يعلم من الزينة والكسوة والتحلي ..) ا.هـ

4-وقال الشيخ العلامة تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى (26) :

(وقد تضمن الإسراء أنواعاً من الكرامات ، والإسراء والمعراج كانا في ليلة واحدة ، واختلف في تاريخه مع الإجماع على أنه كان في مكة ، والذي كان يختاره شيخنا أبو محمد الدمياطي : أنه قبل الهجرة بسنة : وهو في ربيع الأول ، ولا احتفال بما تضمنته التذكرة الحمدونية أنه في رجب ، وبإحياء المصريين ليلة السابع والعشرين منه لذلك ، فإنّ ذلك بدعة مُنضمة إلى جهلٍ) ا.هـ

5-وقال الشيخ العلامة أبو أمامة بن النقاش رحمه الله تعالى (27) :

(أما ليلة الإسراء ، فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث صحيح ولا ضعيف ، ولذلك لم يعينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه ، ولا عينها أحد من الصحابة بإسناد صحيح ، ولا صح إلى الآن ، ولا إلى أن تقوم الساعة فيها شيء ، ومن قال فيها شيئاً ، فإنما قال من كيسه لمرجع ظهر له استأنس به ، ولهذا تصادمت الأقوال فيها وتباينت ، ولم يثبت الأمر فيها على شيء ، ولو تعلق بها نفع للأمة ، ولو بذرة ، لبينه لهم نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم) ا.هـ

6-وقال الشيخ العلامة ابن النحاس الدمشقي رحمه الله تعالى (28) :

(ومنها : ما أحدثوه ليلة السابع والعشرين من رجب ، وهي ليلة المعراج الذي شرف الله به هذه الأمة ، فابتدعوا في هذه الليلة ، وفي ليلة النصف من شعبان - وهي الليلة الشريفة العظيمة - : كثرة وقود القناديل في المسجد الأقصى ، وفي غيره من الجوامع والمساجد ، واجتماع النساء مع الرجال والصغار اجتماعاً يؤدي إلى الفساد ، وتنجيس المسجد ، وكثرة اللعب فيه واللغط ، ودخول النساء إلى الجوامع متزينات متعطرات ، ويبتن في المسجد بأولادهن ، فربما سبق الصغير الحدث ، وربما اضطرت المرأة والصبي إلى قضاء الحاجة ، فإن خرجا من المسجد ، لم يجدا إلا طرق المسلمين في أبواب المساجد ، وإن لم يخرجا ، حرصاً على مكانهما ، أو حياء من الناس ، ربما فعلا ذلك في إناء ، أو ثوب ، أو في زاوية من زوايا المسجد ، كل ذلك حرام ، مع أن الداخل في الغلس لصلاة الصبح قل أن يسلم من تلويث ذيله أو نعله بما فعلوه في باب المسجد ، ويدخل بنعله وما فيه من النجاسة إلى المسجد وهو لا يشعر ، إلى غير ذلك من المفاسد المشاهدة المعلومة ، وكل ذلك بدعة عظيمة في الدين ، ومحدثات أحدثها إخوان الشياطين ، مع ما في ذلك من الإسراف في الوقيد ، والتبذير ، وإضاعة المال ، وبالجملة فإن كان ذلك من مال الوقف ، لم يجز للناظر صرف ذلك ، ولا التمكين منه ، بل لو ذكره الواقف وشرطه ، قال أبو عبد الله بن الحاج : لم يعتبر ذلك الشرط شرعاً ، وإن لم يكن من مال الوقف ، بل لو تبرع به متبرع ، كان ذلك إضاعة للمال وتبذيراً ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن إضاعة المال ، واعتقاد أن ذلك قربة من أعظم البدع وأقبح السيئات ، بل لو كان في نفسه قربة ، وأدى إلى هذه المفاسد لكان إثماً عظيماً ، فينبغي للعاجز عن إنكار هذه المنكرات ، أن لا يحضر الجامع ، وأن يصلي في بيته تلك الليلة إن لم يجد مسجداً سالماً من هذه البدع ، لأن الصلاة في الجامع مندوب إليها ، وتكثير سواد أهل البدع منهي عنه ، وترك المنهي عنه واجب ، وفعل الواجب متعين ، هذا إن لم يكن مشهوراً بين الناس ، فإن كان مشهوراً بينهم بعلم أو زهد ، وجب عليه أن لا يحضر الجامع ، ولا يشاهد هذه المنكرات ، لأن في حضوره مع عدم الإنكار إيهاماً للعامة بأن هذه الأفعال مباحة أو مندوب إليها ، وإذا فقد من المسجد وتأخر عن عادته في الصلاة جماعة ، وأنكر ذلك بقلبه لعجزه ، لربما يسلم من الإثم ، ولا يغتر به غيره ، ويستشعر الناس من عدم حضوره أن هذه الأفعال غير مرضية ، لأن حضور من يُقتدى به في هذه الليلة هو الشبهة العظمى في ظن الجهال والعوام أن ذلك مستحسن شرعاً ، ولو اتفق العلماء والصلحاء على إنكار ذلك لزال ، بل لو عجزوا عن الإنكار ، وتركوا الصلاة في الجامع المذكور ، لظهر للناس أن ذلك بدعة لا يسوغها الشرع ، ولا يرضاها أهل الدين ، فربما امتنع الناس عن ذلك أو بعضهم ، فحصل لهم الثواب بفعل ما يقدرون عليه من الإنكار بالقلب ، والامتناع عن الحضور إن كانوا عاجزين عن التغيير ، وإن كانوا قادرين ، فيسقط عنهم بعض الإثم ، ويخفف عنهم الوزر) ا.هـ

7-ونقل الشيخ العلامة القسطلاني كلام ابن النقاش رحمهما الله تعالى في "المواهب اللدنية" نقل إقرار من غير إنكار .

8-وقال فضيلة الشيخ محمد الشقيري رحمه الله تعالى تحت عنوان "في بدع شهر رجب"
(29) :

(وقراءة قصة المعراج ، والإحتفال لها في ليلة السابع والعشرين من رجب بدعة ، وتخصيص بعض الناس لها بالذكر والعبادة بدعة ، والأدعية التي تقال في رجب ، وشعبان ، ورمضان كلها مخترعة مبتدعة ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، والإسراء لم يقم دليل على ليلته ، ولا على شهره ، ومسألة ذهابه صلى الله عليه وآله وسلم ورجوعه ليلة الإسراء ولم يبرد فراشه ، لم تثبت ، بل هي أكذوبة من أكاذيب الناس) ا.هـ

9-وقال فضيلة الشيخ علي محفوظ الأزهري رحمه الله تعالى تحت عنوان : "المواسم التي نسبوها إلى الشرع وليست منه " (30) :

(ومنها : ليلة المعراج التي شرف الله تعالى هذه الأمة بما شرع لهم فيها ، وقد تفنن أهل هذا الزمان بما يأتونه في هذه الليلة من المنكرات ، وأحدثوا فيها من أنواع البدع ضروباً كثيرة : كالاجتماع في المساجد ، وإيقاد الشموع والمصابيح فيها وعلى المنارات ، مع الإسراف في ذلك ، واجتماعهم للذكر والقراءة وتلاوة قصة المعراج ، وكان ذلك حسناً لو كان ذكراً وقراءة وتعليم علم ، لكنهم يلعبون في دين الله ، فالذاكر على ما عرفت ، والقارئ على ما سمعت ، فيزيد فيه ما ليس منه ، وينقص منه ما هو فيه ، وما أحسن سير السلف ، فإنهم كانوا شديدي المداومة على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لا يخرجون عن الثابت قيد شعرة ، ويعتقدون الخروج عنه ضلالة ، لا سيما عصر الصحابة ومن بعدهم من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخير رضي الله عنهم أجمعين) ا.هـ

10-وقال الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى في رده على دعوة وجهت لرابطة العالم الإسلام لحضور أحد الاحتفالات بذكرى الإسراء والمعراج ، بعد أن سُئل عن ذلك (31) :

(هذا ليس بمشروع ، لدلالة الكتاب ، والسنة ، والاستصحاب ، والعقل :

أما الكتاب :

فقد قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) ، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) ، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه ،والرد إلى الرسول هو الرجوع إليه في حياته ، وإلى سنته بعد موته ، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .

وأما السنة :

فالأول : ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ، وفي رواية لمسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .

الثاني : روى الترمذي وصححه ، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه عن العرباض بن سارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (إياكم والمحدثات ، فإن كل محدثة ضلالة) .

الثالث : روى الإمام أحمد والبزار عن غضيف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة) رواه الطبراني إلا أنه قال : (ما من أمة ابتدعت بعد نبيها بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة ) .

الرابع : روى ابن ماجه وابن أبي عاصم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (أبي الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع بدعته) ، ورواه الطبراني إلا أنه قال : (إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ) .

وأما الاستصحاب :

فهو هنا استصحاب العدم الأصلي .

وتقرير ذلك : أن العبادات توقيفية ، فلا يقال : هذه العبادة مشروعة إلا بدليل من الكتاب والسنة والإجماع ، ولا يقال : إن هذا جائز من باب المصلحة المرسلة ، أو الاستحسان ، أو القياس ، أو الاجتهاد ، لأن باب العقائد والعبادات والمقدرات ، كالمواريث ، والحدود ، لا مجال لتلك فيها .

وأما المعقول :

فتقريره أن يقال : لو كان هذا مشروعاً ، لكان أولى الناس بفعله محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

هذا إذا كان التعظيم من أجل الإسراء والمعراج ، وإن كان من أجل الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإحياء ذكره كما يفعل في مولده صلى الله عليه وآله وسلم ، فأولى الناس به أبو بكر رضي الله عنه ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم ، ثم من بعدهم الصحابة على قدر منازلهم عند الله ، ثم التابعون ومن بعدهم من أئمة الدين ، ولم يعرف عن أحد منهم شيء من ذلك ، فيسعنا ما وسعهم .

ونسوق لك بعض كلام العلماء في ذلك .

فمن ذلك ما قاله ابن النحاس في كتابه " تنبيه الغافلين" :
(ومنها - أي البدع المحرمة - ما أحدثوه ليلة السابع والعشرين من رجب ، وهي ليلة المعراج الذي شرف الله به هذه الأمة ، فابتدعوا في هذه الليلة ، وفي ليلة النصف من شعبان - وهي الليلة الشريفة العظيمة - كثرة وقود القناديل في المسجد الأقصى ، وفي غيره من الجوامع والمساجد ، واجتماع النساء مع الرجال والصغار اجتماعاً يؤدي إلى الفساد ، وتنجيس المسجد و، كثرة اللعب فيه واللغط ، ودخول النساء إلى الجوامع متزينات متعطرات ، ويبتن في المسجد بأولادهن فربما سبق الصغير الحدث ، ربما اضطرت المرأة والصبي إلى قضاء الحاجة ، فإن خرجا من المسجد لم يجدا إلا طريق المسلمين في أبواب المساجد ، وإن لم يخرجا حرصا على مكانهما ، أو حياء من الناس ربما فعلا ذلك في إناء أو ثوب أو في زاوية من زوايا المسجد ، وكل ذلك حرام ، مع أن الداخل في الغلس لصلاة الصبح قل أن يسلم من تلويث ذيله أو نعله بما فعلوه في باب المسجد ، ويدخل بنعله وما فيه من النجاسة إلى المسجد فينجسه وهو لا يشعر ، إلى غير ذلك من المفاسد المشاهدة المعلومة ، كل ذلك بدعة عظيمة في الدين ومحدثات أحدثها إخوان الشياطين ، مع ما في ذلك من الإسراف في الوقيد والتبذير وإضاعة المال) .

وقال أيضاً : (واعتقاد أن ذلك قربة من أعظم البدع ، وأقبح السيئات ، بل لو كان في نفسه قربة وأدى إلى هذه المفاسد ، لكان إثماً عظيماً . فينبغي للعاجز عن إنكار هذه المنكرات أن لا يحضر الجامع ، وأن يصلي في بيته تلك الليلة ، إن لم يجد مسجداً سالماً من هذه البدع ، لأن الصلاة في الجامع مندوب إليها ، وتكثير سواد أهل البدع منهي عنه ، وترك المنهي عنه واجب وفعل الواجب متعين ، هذا إن لم يكن مشهوراً بين الناس ، فإن كان مشهوراً بينهم بعلم أو زهد ، وجب عليه أن لا يحضر الجامع ، ولا يشاهد هذه المنكرات ، لأن في حضوره مع عدم الإنكار إيهاماً للعامة بأن هذه الأفعال مباحة أو مندوب إليها ، وإذا فقد من المسجد وتأخر عن عادته في الصلاة جماعة ، وأنكر ذلك بقلبه لعجزه ، ربما يسلم من الإثم ، ولا يغتر به غيره ، ويستشعر الناس من عدم حضوره أن هذه الأفعال غير مرضية ، لأن حضور من يقتدى به في هذه الليلة هو الشبهة العظمى ، فظن الجهال والعوام أن ذلك مستحسن شرعاً ، ولو اتفق العلماء والصلحاء على إنكار ذلك لزال ، بل لو عجزوا عن الإنكار ، وتركوا الصلاة في الجامع المذكور ، لظهر للناس أن ذلك بدعة لا يسوغها الشرع ، ولا يرضاها أهل الدين ، وربما امتنع الناس عن ذلك أو بعضهم ، فحصل لهم الثواب بفعل ما يقدرون عليه من الإنكار بالقلب ، والإمتناع عن الحضور ، إن كانوا عاجزين عن التبيين ، وإن كانوا قادرين ، فيسقط عنهم بعض الإثم ، ويخفف عنهم الوزر) .

وقال الشيخ علي محفوظ في كتابه : "الإبداع في مضار الابتداع" تحت عنوان : "المواسم التي نسبوها إلى الشرع وليست منه" :
(ومنها : ليلة المعراج التي شرف الله تعالى هذه الأمة بما شرع لهم فيها ، وقد تفنن أهل هذا الزمان بما يأتونه في هذه الليلة من المنكرات ، وأحدثوا فيها من أنواع البدع ضروباً كثيرة : كالاجتماع في المساجد ، وإيقاد الشموع والمصابيح فيها وعلى المنارات ، مع الإسراف في ذلك ، واجتماعهم للذكر ، والقراءة ، وتلاوة قصة المعراج ، وكان ذلك حسناً لو كان ذكراً ، وقراءة ، وتعلم علم ، لكنهم [يلعبون في دين الله ، فالذاكر على ما عرفت ، والقارئ على ما سمعت ، فيزيد فيه ما ليس منه ، وينقص منه ما هو فيه ، وما أحسن سير السلف ، فإنهم كانوا شديدي المداومة على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم]
(32) لا يخرجون عن الثابت قيد شعرة ، ويعتقدون الخروج عنه ضلالة ، لا سيما عصر الصحابة ومن بعدهم من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخير) انتهى .

وإن أردتم المزيد من الكلام على الموضوع ، فعليكم مراجعة "الاعتصام" للشاطبي ، و" البدع والحوادث" للطرطوشي ، و"البدع والنهي عنها" لابن وضاح القرطبي ، هذا ونسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين التوفيق والهداية إلى دين الإسلام والثبات عليه) ا.هـ .

وقال أيضاً في رسالته الموجهة إلى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي (33) :

(فقد اطلعت على خطابكم رقم 682 في 4/7/85 هـ بصدد الدعوة الموجهة لكم من قاضي القضاة في المملكة الأردنية الهاشمية ، لحضور الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج ، وطلبكم الإفادة برأينا تجاه ذلك .

إنني أقول : الاحتفال بذكرى "الإسراء والمعراج" أمر باطل ، وشيء مبتدع ، وهو تشبه باليهود والنصارى في تعظيم أيام لم يعظمها الشرع ، وصاحب المقام الأسمى ، رسول الهدى ، محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي شرع الشرائع ، وهو الذي وضح ما يحل وما يحرم ، ثم إن خلفاءه الراشدين وأئمة الهدى من الصحابة والتابعين ، لم يعرف عن أحد منهم أنه احتفل بهذه الذكرى .

المقصود أن الاحتفال بذكرى "الإسراء والمعراج" بدعة ، فلا يجوز ولا تجوز المشاركة فيه ، ولا أوافق على أن تشارك الرابطة فيه ، لا بإرسال أحد من موظفيها ، ولا بإنابة الشيخ القلقيلي ، أو غيره عنها في ذلك) ا.هـ

واستفتي عن امرأة نذرت بعدما وضعت في شعبان ، أن تذبح ذبيحة في اليوم السابع والعشرين من رجب من كل سنة ، وذلك منذ ثمان وعشرين سنة ، واستمرت موفية بنذرها طول هذه المدة ، فأجاب بما نصه (34) :

(هذا النذر لا ينعقد ، لاشتماله على معصية ، وهي أن شهر رجب شهر معظم عند أهل الجاهلية ، وليلة السابع والعشرين منه يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج ، فجعلوها عيداً يجتمعون فيها ، ويعملون أموراً بدعية ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الوفاء بالنذر في المكان الذي يفعل فيه أهل الجاهلية أعيادهم ، أو يذبح فيه لغير الله ، فعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال : نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة ، فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد ؟) قالوا : لا ، قال : (فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟) ، قالوا : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (أوف بنذرك ، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم) ، رواه أبو داود وإسناده على شرط البخاري ومسلم) ا.هـ

11-وقال فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رحمه الله تعالى (35) :

(أما الإحتفال بالنعم ، أو بميلاد النبي ، أو بالإسراء به ، فإنها كلها من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان ، فهي من محدثات الأمور التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال : (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) ، لكون البدعة في اللغة : هي الزيادة في الدين بعد كماله ، وفسرت بأنها ما فعل على سبيل القربة مما لم يكن له أصل في الشرع ، وهذا الوصف منطبق على الإحتفال بالمولد ، أو الإسراء ، أو الإحتفال للنعم ، وأكثر من يشيدها وينشطها هم العلماء القاصرة أفهامهم والناقصة علومهم مما يجعل العامة يغترون بهم وينعبثون على أثرهم ، وبإستمرار فعلهم لها خاصة في هذا اليوم المعين يستقر في نفوسهم فضلها أو فرضها ..) ا.هـ

وقال أيضاً (36) :
(ولم نجد في شيء من الكتب المعتمدة القول بإستحباب التجمع والإحتفال بمولده ، ولا في اليوم الذي أسري به ..) ا.هـ

وقال أيضاً (37) :
(أما الإجتماع للإحتفال بمولد الرسول ، أو الإسراء والمعراج ، أو الإحتفال بالنعم ، فإنه من شريعة المخلوقين ، (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما يأذن به الله) ، فكيف يقاس شرع الله الحكيم بشريعة المخلوقين الذي قام بتشريعه علماء الضلال فتبعهم العامة عليه ، لظنهم أنه دين وحق ، وهو باطل في نفس الأمر والواقع ، إذ لو كان خيراً لسبقونا إليه ، ثم إن أكثر هؤلاء يخدعون العوام ، ويغشونهم ، ويلبسون عليهم باسم الدين ، فيجعلون لهم الباطل حقاً ، والبدعة سنة ، بسبب ما يترتب على هذا الإحتفال من المآكل الشهية ..) ا.هـ

وقال أيضاً (38) :
(لهذا لم يثبت عن الخلفاء الراشدين ، ولا عن الصحابة والتابعين ، ولا عن أئمة المذاهب المتبوعين ، مثل الإمام أحمد ، والشافعي ، ومالك ، وأبي حنيفة ، وأصحابهم ، فلم يثبت عنهم تعظيم مولد الرسول ، ولا التجمع في يومه ، ولا يوم الإسراء والمعراج ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه) ا.هـ

وقال أيضاً (39) :
(ومثله-أي مثل المولد- ما يفعله الناس في رجب باسم الإسراء والمعراج ، فكل هذه من البدع التي يقود بعضها إلى بعض ، حتى تكون الآخرة شر من الأولى ، وتكون في كل عام شر من الذي قبله) ا.هـ

12-وقال الشيخ العلامة الألباني رحمه الله تعالى (40) :
(وقد ذكر الأقوال المشار إليها السيوطي في الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء ص 34 ، والعلامة الآلوسي في تفسيره روح المعاني (4/469) فبلغت خمسة أقوال ! وليس فيها قول مسند إلى خبر صحابي يطمئن له البال ، ولذلك تناقض فيها أقوال العالم الواحد ! فهذا هو النووي رحمه الله تعالى ، له في ذلك ثلاثة أقوال حكوها عنه ، أحدها مثل قول الحربي الذي في الكتاب ، وقد جزم به النووي في الفتاوى له ص 15 ! وفي ذلك ما يُشعر اللبيب أن السلف ما كانوا يحتفلون بهذه الليلة ، ولا كانوا يتخذونها عيداً ، لا في رجب ولا في غيره ، ولو أنهم احتفلوا بها ، كما يفعل الخلف اليوم ، لتواتر ذلك عنهم ، ولتعيّنت الليلة عند الخلف ، ولم يختلفوا هذا الإختلاف العجيب !) ا.هـ

13-وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى (41) :
(الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فلا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل ، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة ، وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه ، قال الله سبحانه وتعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ، وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه عرج به إلى السماوات ، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة ، فكلمه ربه سبحانه بما أراد ، وفرض عليه الصلوات الخمس ، وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة ، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يراجعه ويسأله التخفيف ، حتى جعلها خمساً ، فهي خمس في الفرض ، وخمسون في الأجرة ، لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه ، وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج ، لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها ، لا في رجب ، ولا غيره ، وكل ما ورد في تعيينها ، فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند أهل العلم بالحديث ، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها ، ولو ثبت تعيينها ، لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات ، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها ، ولم يخصوها بشيء ، ولو كان الاحتفال بها أمراً مشروعاً ، لبينه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للأمة ، إما بالقول ، وإما بالفعل ، ولو وقع شيء من ذلك ، لعرف واشتهر ، ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا ، فقد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم كل شيء تحتاجه الأمة ، ولم يفرطوا في شيء من الدين ، بل هم السابقون إلى كل خير ، فلو كان الاحتفال بهذه الليلة مشروعاً ، لكانوا أسبق الناس إليه ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أنصح الناس للناس ، وقد بلغ الرسل غاية البلاغ ، وأدى الأمانة ، فلو كان تعظيم هذه الليلة والاحتفال بها من دين الله ، لم يغفله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يكتمه ، فلما لم يقع شيء من ذلك ، عُلم أن الاحتفال بها وتعظيمها ليسا من الإسلام في شيء ، وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها ، وأتم عليها النعمة ، وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله ، قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين من سورة المائدة : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا) ، وقال عز وجل في سورة الشورى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأحاديث الصحيحة : التحذير من البدع ، والتصريح بأنها ضلالة ، تنبيهاً للأمة على عظم خطرها ، وتنفيراً لهم من اقترافها ، ومن ذلك : ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ، وفي رواية لمسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة : (أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة) ، زاد النسائي بسند جيد : (وكل ضلالة في النار) ، وفي السنن عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موعظة بليغة ، وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله ، كأنها موعظة مودع ، فأوصنا ، فقال : (أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد ، فإنه من يعش منكم ، فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة) ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن السلف الصالح بعدهم ، التحذير من البدع والترهيب منها ، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين ، وشرع لم يأذن به الله ، وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى في زيادتهم في دينهم ، وابتداعهم فيه ما لم يأذن به الله ، ولأن لازمها التنقص للدين الإسلامي ، واتهامه بعدم الكمال ، ومعلوم ما في هذا من الفساد العظيم ، والمنكر الشنيع ، والمصادمة لقول الله عز وجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ، والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المحذرة من البدع والمنفرة منها ، وأرجو أن يكون فيما ذكرناه من الأدلة كفاية ومقنع لطالب الحق في إنكار هذه البدعة - أعني بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج- ، والتحذير منها ، وأنها ليست من دين الإسلام في شيء ، ولما أوجب الله من النصح للمسلمين ، وبيان ما شرع الله لهم من الدين ، وتحريم كتمان العلم ، رأيت تنبيه إخواني المسلمين على هذه البدعة التي قد فشت في كثير من الأمصار ، حتى ظنها بعض الناس من الدين ، والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً ، ويمنحهم الفقه في الدين ، ويوفقنا وإياهم للتمسك بالحق ، والثبات عليه ، وترك ما خالفه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه) ا.هـ

14-وقال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى (42) :

(أما إظهار الفرح في ليلة السابع والعشرين من رجب ، أو ليلة النصف من شعبان ، أو في يوم عاشوراء ، فإنه لا أصل له ، وينهى عنه ، ولا يحضر الإنسان إذا دعي إليه ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة) ، فأما ليلة السابع والعشرين من رجب ، فإن الناس يدعون أنها ليلة المعراج التي عرج بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيها إلى الله عز وجل ، وهذا لم يثبت من الناحية التاريخية ، وكل شيء لم يثبت فهو باطل ، والمبني على الباطل باطل ، ثم على تقدير ثبوت أن ليلة المعراج ليلة السابع والعشرين من رجب ، فإنه لا يجوز لنا أن نحدث فيها شيئًا من شعائر الأعياد أو شيئًا من العبادات ، لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ، فإذا كان لم يثبت عمن عرج به ، ولم يثبت عن أصحابه الذين هم أولى الناس به ، وهم أشد الناس حرصًا على سنته وشريعته ، فكيف يجوز لنا أن نُحدث ما لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تعظيمها ، ولا في إحيائها) ا.هـ

وقال أيضاً (43) :
(يعتقد كثير من الناس أن المعراج الذي حصل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى السموات كان في رجب في ليلة سبع وعشرين منه ، وهذا غلط ، ويحتفلون بتلك الليلة ، والاحتفال بها بدعة ، لأنهم يحتفلون بها يعتقدون ذلك ديناً وقربى إلى الله عز وجل ، فهو من البدع ، ولا يجوز الاحتفال بها ، لعدم صحتها من الناحية التاريخية ، ولعدم مشروعيتها من الناحية التعبدية ، ومن المؤسف جداً أن بعض المسلمين يحتفلون بهذه الليلة ، ويعطلون العمل في صباحها ، وربما يحضر بعض رؤساء الدول ، وهذا من الغلط الذي عاش فيه المسلمون مدة طويلة ، والواجب على طلبة العلم بعد أن استبانت السنة والحمد لله أن يبينوا للناس ، والناس قريبون ، إن كثيراً من هؤلاء لا يحتفلون هذا الاحتفال إلا محبة لله تعالى صلى الله عليه وآله وسلم ، وإذا كان هذا هو الحامل لهم على الاحتفال ، فإنه بمجرد ما يُبين لهم الحق وهم قاصدون للحق سيرجعون إلى الحق) ا.هـ

15-وقال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي (44) :

(ذكر أحد أئمة الحديث وهو أبو الخطاب عمر بن دحية من أئمة القرن السابع ، وله كتاب اسمه "أداء ما وجب في بيان وضع الوضَّاعين في شهر رجب" ، وفي هذا كتب يقول : إن بعض القُصَّاص ذكروا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُسري به في رجب ، قال: وهذا هو عين الكذب ، أقر هذا الكلام خاتمة الحفاظ الحافظ بن حجر العسقلاني شارح البخاري المعروف ، وأنا أعرف أن موضوع ليلة السابع والعشرين من رجب لم يأت فيها حديث صحيح ، ولا قول صحيح لأحد الصحابة ، إنما هو قول اشتهر ، وقال به بعض الأئمة ، ونُسب إلى الإمام النووي ، اختاره الإمام النووي في فتاواه (45) ، والإمام النووي رجل كان مقبولاً عند الأمة ، فاشتهر قوله هذا ، على حين أن هناك مثلاً الإمام أبا إسحاق الحربي نجده يقول إن الإسراء والمعراج ليس في ليلة السابع والعشرين من رجب ، بل في ليلة السابع والعشرين من ربيع الأول ، وأنا أعلم أنه لم يثبت شيء في هذا ، وأن هذا قول اشتهر ، وأصبح معروفاً عند المسلمين منذ قرون أنهم يذكرون الإسراء والمعراج في هذه الليلة ، ونظراً لأنه لا يترتب على ذلك عمل أو عبادة ، فهذه الليلة لا يُشرع فيها قيام ، ولا يُشرع في صبيحتها صيام ، ولا يُطلب من المسلم أي عمل يتقرب به إلى الله في تلك الليلة ، أو في ذلك اليوم ، ولذلك المسلمون لم يهتموا بهذا الأمر ، مسألة الاحتفال إذا كان المقصود بالاحتفال تدارس هذا الحدث العظيم ، وما كان له من أثر في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه جاء بعد عام الحزن ، وبعدما أصابه ، أراد الله سبحانه وتعالى أن يسرِّي عن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن يكرِّمه بعد أن أعرض عنه الناس في الأرض ، وأعرضت عنه قريش ، وأعرضت عنه ثقيف بعد رحلته إلى ثقيف ، ولقي منهم ما لقي ، بعد هذا أراد الله أن يكرِّمه ، فيصلي بالأنبياء إماماً ، ويستقبله الملائكة ، ويستقبله النبيون في السماوات ، ويعرج به إلى السماوات العلا إلى مكان كما قال شوقي :

لا يُطار لها على جناح *** ولا يسعى على قدم

فهذا هو المهم أن نعتبر ونستفيد ونأخذ الدروس من هذه القصة ، فلذلك مادام لا يترتب على هذا عمل ، ولا يترتب على هذا عبادة ، لا مانع أن نحتفل أو نحتفي بهذه المناسبة ، واحتفل بالشيء في اللغة العربية يعني : اهتم به ، وأعطى لها العناية ، أي : لم ينسه ، ولم ينشغل عنه ، فنحن نحتفل ، أي : نهتم بهذا الأمر ، وخصوصاً أن الإسراء والمعراج فيه أمران مهمان : الأمر الأول : هو أنه مرتبط بالمسجد الأقصى منتهى الإسراء ، ومبتدأ المعراج ، الإسراء انتهى إلى المسجد الأقصى ، والمعراج ابتدأ من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا ، ونحن في حاجة إلى أن نذكر المسلمين في عصرنا هذا ، وفي أيامنا هذه بالمسجد الأقصى الأسير في أيدي اليهود ، فالناس مشغولون عن هذه القضية المحورية والمركزية ، القضية الأولى بالنسبة للمسلمين في عصرنا هذا هي قضية فلسطين ، وقضية فلسطين لُبُّها وجوهرها القدس ، ولُبُّ القدس وجوهره المسجد الأقصى ، فنحن ننتهز هذه الفرصة ، ونذكر الناس بقضية فلسطين من خلال ذكرى الإسراء والمعراج ، والحديث عن المسجد الأقصى) ا.هـ

نعم تدارس حادثة الإسراء والمعراج واستخلاص الدروس والعبر منها أمرٌ في غاية الأهمية ، لكن من غير الترويج لها في شهر رجب ، لا سيما في السابع والعشرين منه ، لما في ذلك من التضليل والتأييد للكذب بإيهام الناس أن الإسراء كان في رجب ، وليس الأمر كذلك .

وأما الإمام النووي رحمه الله تعالى ، فله في ليلة الإسراء والمعراج ثلاثة أقوال :

1-أنها في شهر ربيع الآخر
(46) .
2-أنها في السابع والعشرين من شهر رجب
(47) .
3-أنها في السابع والعشرين من شهر ربيع الأول
(48) .

ويبدو لي – والله أعلم - بأن قوله في الفتاوى هو الأصحّ الذي ترجّح لديه أخيراً ، لأمرين :

الأول : أن القول بأنها في شهر ربيع الآخر إنما هو اختيار القاضي عياض ، واختصره الإمام النووي ، وكذلك الحال بالنسبة للقول بأنها في السابع والعشرين من شهر رجب إنما هو اختيار الإمام الرافعي ، ونقله الإمام النووي .

الثاني : أن الإمام النووي قد قال في خطبة الفتاوى
(49) :
(وأقتصر على الأصحّ في معظم ذلك ، ولا أذكر الخلاف في المسائل المختلف فيها إلا نادراً لحاجة) ا.هـ

ختاماً :

مما لا ريب فيه عند من سلمت فطرته وحسنت طويته أن أمراً واحداً من هذه الأمور السابقة كافٍ لإثبات بدعية هذا الاحتفال وعدم مشروعيته ، فكيف بها مجتمعة .

ولقد اعتادت بعض الديار الإسلامية – ومنها مملكة البحرين - على تنظيم احتفال سنوي بذكرى الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب ، هذا مع إقرار المسؤولين والمنظمين لدينا بأن هذا الاحتفال لا يُعد شكلاً من أشكال الاحتفالات التعبدية ، وإنما هو لاغتنام ذكرى هذه الليلة المباركة للتأكيد والتذكير .

ونحن نتفق معهم في أهمية التذكير بهذه الحادثة المباركة ، لكن نختلف معهم في الطريقة والأسلوب ، فنرى أن تدارسها لا يختص بوقتٍ دون وقتٍ ، لأنها تربطنا دوماً بالمسجد الأقصى الأسير في أيدي اليهود ، كما تجعلنا وثيقي الصلة بقضية فلسطين المحتلة .

إضافة إلى أن التذكير السنوي بهذه الحادثة في شهر رجب ، لا سيما في السابع والعشرين منه يُعدّ جهلاً بالتاريخ ، وابتداعاً في الدين .

فأما الجهل بالتاريخ : فلأن حادثة الإسراء والمعراج لم تقع أصلاً في شهر رجب ، وما يذكرونه من أن الحادثة كانت في رجب يُعتبر عند أهل التحقيق عينُ الكذب .

وأما الابتداع في الدين : فلأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وصحابته الأخيار ، وخير القرون لم يحتفلوا بهذه الذكرى قط ، ولو كان خيراً ، لسبقونا إليه .

فالحذر كل الحذر من الترويج لما لا أصل له من الناحية التاريخية ، وإحياء موسمٍ بدعيٍ من الناحية الشرعية .

والله نسأل أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ، ويلتزمون هدي نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ظاهراً وباطناً ، وأن يرينا الحق حقاً ، ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ، ويرزقنا اجتنابه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

---------------------------
(1) "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص 77) .
(2) "أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب" (ص 53-54) .
(3) "الابتهاج في أحاديث المعراج" (ص 9) .
(4) "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص 116-117) .
(5) "حكم صوم رجب وشعبان" (ص 34) .
(6) "زاد المعاد" (1/57) .
(7) "زاد المعاد" (1/57) .
(8) "السيف المسلول على من سب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم" (ص 492) .
(9) "المواهب اللدنية" (2/431) .
(10) "البداية والنهاية" (4/270) .
(11) "لطائف المعارف" (ص 140) .
(12) "لطائف المعارف" (ص 177) .
(13) "فتح الباري" (7/203) .
(14) "تبيين العجب بما ورد في فضل رجب" (ص 11) .
(15) "المواهب اللدنية" (2/431) .
(16) "السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات" (ص 143) .
(17) تخريج كتاب "أداء ما وجب" (ص 53) .
(18) تخريج كتاب "أداء ما وجب" (ص 54) .
(19) "مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز" (1/183) .
(20) "مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين" (2/297) .
(21) موقعه الرسمي على الشبكة العنكبوتية .
(22) "زاد المعاد" (1/57-59) .
(23) "مجموع الفتاوى" (25/298) ، و"الفتاوى الكبرى" (4/414) .
(24) "زاد المعاد" (1/57-59) .
(25) "المدخل" (1/294-297) .
(26) "السيف المسلول على من سب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم" (ص 492) .
(27) "المواهب اللدنية" (2/431) .
(28) "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين" (ص 398-400) .
(29) "السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات" (ص 143) .
(30) "الإبداع في مضار الإبتداع" (ص 272) .
(31) "فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ " (3/97-102) .
(32) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، واستدركته من كتاب "الإبداع" .
(33) "فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ " (3/103) .
(34) "فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ " (3/104) .
(35) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 491) .
(36) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 496-497) .
(37) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 504) .
(38) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 535) .
(39) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 536) .
(40) تخريج كتاب "أداء ما وجب" (ص 54) .
(41) "مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز" (1/183-185) .
(42) "مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين" (2/296-297) .
(43) "مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين" (22/278) .
(44) موقعه الرسمي على الشبكة العنكبوتية .
(45) بل الصحيح في روضة الطالبين (10/206) تبعاً للإمام الرافعي .
(46) "شرح صحيح مسلم" (2/210) .
(47) "روضة الطالبين" (10/206) .
(48) "الفتاوى" (ص 36) .
(49) "الفتاوى" (ص 10) .

 

شهـر رجـب
  • نهاية العام
  • شهر الله المحرم
  • شهر صفر
  • شهر ربيع الأول
  • شهر رجب
  • شهر شعبان
  • مختارات رمضانية
  • شهر شوال
  • مختارات الحج
  • وقفات مع العيد
  • المواضيع الموسمية