اطبع هذه الصفحة

http://saaid.org/mktarat/12/8-35.htm?print_it=1

(ويسألونك عن شعبان)

لأبي عبد الرحمن أيمن أسماعيل

 
بسم الله الرحمن الرحيم


قال تبارك و تعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) ( التوبة /36 )
فلقد قدَّر الله تعالى الأشهر و الأيام فى هذه الحياة و جعل سبحانه وتعالى لبعض هذه الشهور ما يخصه من فضائل وواجبات وعلامات .
وإنما نخص بالذكر في هذا الموضع شهرًا من الشهور التي نحتاج الى أن نقف معها وهو شهر شعبان ؛ لنتعرف ما قد صح عنه و ما لم يصح.
فأما عن أهم العبادات التي صحَّت فى هذا الشهر خاصة فهى كثرة الصيام
وذلك على خلاف ما يتوهمه كثير من الناس ،حيث تراهم يكثرون من الصيام فى رجب خاصة –مع كونه لم يصح فى فضيلة الصوم فيه حديث بعينه – حتى إذا ما دخل شعبان عزف الناس عن الصيام ، بزعم الااستعداد لرمضان.
وهذا خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
ففى الصحيحين من حديث عَائِشَةَ - رضي الله عنها –قالت : مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ . (متفقٌ عليه)
🌙وقالت عائشة رضي الله عنها :
وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلًا . (متفقٌ عليه)
🌙فإذا سألت : وما العلة من الإكثار من الصيام فى شعبان ؟؟
🌙فالجواب : ما رواه أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنه أنه قال:
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ، فقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ .
(رواه أحمد والنسائي ،وسنده حسن)
ولمَّا كان شهر شعبان مما يغفل عنه كثير من الناس ،كانت العبادة فيه من أعظم العبادات ؛ وذلك لأنَّ العبادة فى وقت الغفلة أجرها عظيم..
🌙كما قال النبي -صلى الله عليه و سلم -عن جوف الليل الآخر و الذى فيه الغفلة و النوم عن ذكر الله تعالى:
" إن استطعت ان تكون ممَّن يذكر الله تعالى فى تلك الساعة فكن " ( أخرجه الترمذى ،وسنده صحيح)).
وقال صلى الله عليه وسلم:
( عبادة فى الهَرْج كهجرة إلىِّ ) (أخرجه مسلم)، الهرْج هى أوقات الفتن و اضطراب الأمور .
وقال ابن الجوزى :
واعلم أنَّ الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة القدر لاشتغال الناس بالعادات والشهوات ، فإذا ثابر عليها طالب الفضل دل على حرصه على الخير ، ولهذا فضل شهود الفجر في جماعة لغفلة كثير من الناس عن ذلك الوقت ، وفضل ما بين العشاءين وفضل قيام نصف الليل ووقت السحر.
(التبصرة(2/50))
*فتنبيَّن مما سبق أنه من السنن المؤكدة الإكثار من الصوم في شعبان ،
كما سبق في قول عائشة – رضي الله عنها- عنه هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان :
"وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلًا "
*وهنا إشكالان :
1- الإشكال الأول:
إن قيل:
كيف الجمع بين هدي النبي صلى الله عليه وسلم بتخصيص شعبان بكثرة صيام التطوع فيه ، مع ما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -:
" أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ "؟
فالجواب:
أنّ جماعة من الناس أجابوا عن ذلك بأجوبة غير قوية لاعتقادهم أن صيام المحرم والأشهر الحرم أفضل من شعبان، كما صرح به الشافعية وغيرهم.
والأظهر خلاف ذلك ،وأن صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ،
كما نص على ذلك ابن رجب بقوله:
صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريباً من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض،
وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه.ا.هـ.
وإنما الجواب عن هذا الإشكال فمن وجوه:
1️⃣الوجه الأول :
قيل لعله لم يكن أوحي إليه بفضل الصوم في شهر الله المحرَّم إلَّا في آخر عمره ، فلم يتمكن من الإكثار من الصوم في شهر اله المحرَّم ، وهذا نظير قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«‌لَئِنْ ‌عِشْتُ الْعَامَ الْقَابِلَ ، لَأَصُومَنَّ يَوْمَ التَّاسِعِ».
2-الوجه الثاني:
قيل لعله كان يعرض له فيه من الأعذار ما يمنعه من إكثار الصوم فيه ، كسفر ومرض.
3-الوجه الثالث:
أن يقال أنَّ التطوع بالصيام نوعان:
🔹أحدهما: التطوع المطلق بالصوم: فهذا أفضله صوم المحرَّم، كما أنَّ أفضل التطوع المطلق بالصلاة قيام الليل.
🔹والثاني:
التطوع المقيد:هو ما كان صیامه تابعاً لغيره ، كحال الصيام فى شعبان وشوال ، فهما بمنزلة السنة القبلية والبعدية لرمضان ، ومنزلة السنة الراتبة التي هي أفضل من منزلة النفل المطلق.
4️⃣الوجه الرابع :
أنَّ النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان يترك بعض العمل وهو يحبه خشية أن يُفرض على الناس، أو أن يلزموه فيشق عليهم.
💭قال صاحب الزاد: وقد كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ يترك كثيراً من العمل وهو يحب أن يعمله خشية المشقة عليهم. ا.هـ
*قلت : ومن هذا الباب تركه صلى الله عليه وسلم لصيام داود عليه السلام ، مع إرشاده إليه.
2- الإشكال الثاني:
إذا كان من هدي عنه النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه كان يَصُومُ شَعْبَانَ كله إِلاَّ قَلِيلًا ، فما هو توجيه قول النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
«إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا»؟
📌الجواب : أولاً:
أما الحديث الوارد في النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان فقد ضعَّفه طائفة من أئمة الحديث ، ومنهم عبد الرحمن بن مهدي وأحمد وابن معين وأبو زرعة والبيهقي وغيرهم، وقالوا بنكارته.
▪وذكر ابن قدامة في المغني أنَّ الإمام أحمد قال عن هذا الحديث
" ليس هو بمحفوظ ، قال رحمه الله :
وسألنا عنه عبد الرحمن ابن مهدى، فلم يصححه، ولم يحدثنى به، وكان ‌يتوقاه ، وقال أحمد: والعلاء بن عبد الرحمن ثقة لا ينكر من حديثه إلا هذا" ا.هـ
*وأما القول بأنَّ هذا على شرط مسلم؛ لأنه من رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ !!
فيقال :
أنَّ هذه نسخة قد انتقى منها الإمام مسلم، وما كان كذلك فلا يقال أنه على شرط مسلم ؛ فإنَّ مسلمًا قد أعرض عن هذه الرواية ، مع الاحتياج إليها في الباب ، وقد نص العلماء على أنَّ صاحب الصحيح إذا أعرض عن رواية مع الاحتياج إليها في الباب فإنَّ هذا دال على تعليله لها.
*وبناءً على ذلك*
فقد ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى القول بضعف هذا الحديث، وقالوا بعدم كراهة الصيام بعد نصف شعبان.
*وأيَّدوا ذلك*
بما ورد من أدلة في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - في صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - لأكثرشعبان
■ وحديث الصحيحين :
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (‌لا ‌يَتَقَدَّمَنَّ ‌أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فليصم ذلك اليوم)
فلمَّا حصر النهي عن تقدُّم رمضان بصوم يوم أو يومين ،إلَا أن يكون رجل كان يصوم صوماً لسبب ، كنفل اعتاده ،فوافق ذلك اليوم، أو قضاءٍ أو نذرٍ ، فصامه، فلما حصر النهي في هذه الصور دل على جواز الصوم بعد النصف شعبان عدا يوم أو يومين.
■ وقد حمل الجمهور النهي عن تقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين، إذا كان ذلك عن غير عادة، بل صامه من باب الاحتياط لرمضان.
■ قال الترمذي:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقدَّموا شهر رمضان بصيام، إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم» ، دل أنَّ الكراهية على من يتعمد الصيام لحال رمضان "ا.هـ
*وعلى القول بصحة حديث:
"إذا انتصف شعبان ..."
*فقد وجَّه الشافعية النهي عن الصوم إذا انتصف شعبان، فقالوا:
يحرم صوم النصف الثاني من شعبان على من لم يكن من عادته الصوم من أول شعبان، بل صامه احتياطاً لرمضان.
وتنتفي الحرمة فى ذلك إذا وافق عادة للصائم، أو وصل صيامه بما قبل النصف الثاني من شعبان.
■ قال النووي في تبويبه لكتاب رياض الصالحين:
(باب النهي عن تقدم رمضان بصومٍ بعد نصف شعبان، إلا لمن وصله بما قبله، أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس).
*ومعنى قول النووى:* "إلا لمن وصله بما قبله" قد جاء موضحًا في كلام الترمذى فقال:
ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن يكون الرجل مفطرًا، فإذا بقي من شعبان شيء أخذ في الصوم لحال شهر رمضان " ا.هـ
*ومن العلماء من جمع بين هذين الحديثين من وجه آخر فقالوا:*
قوله صلى الله عليه وسلم «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا» ،
وقوله: "لا تَقَدمُوا صَوْمَ رمضَانَ بيوْمٍ ولا يومين ..."
أنَّ الحديث الأول*
محمول على من يضعِفُه الصومُ، فينهى عن الصوم إذا انتصف شعبان ليتقوَّى على صوم رمضان.
*وأما الحديث الثانى:*
فهو مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان ، والله أعلم..
وانظر"فتح الباري(" 4/129)، و"شرح معاني الآثار"( 2/84-85).
* تنبيه مهم:
روى البخاري في صحيحه- بَاب مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ- حديث عائشة - رضي الله عنها أنها قالت: كانَ يكونُ عليَّ الصومُ مِنْ رمضانَ، فما أستطيعُ أن أقضيَ إِلا في شعبانَ .
وروى مسلم في صحيحه- بَابُ قَضَاءِ رمضان في شعبان –حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
إِنْ كانَتْ إحدانَا لَتُفطِر في زمانِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فما تَقْدِرُ على أن تقضيَهُ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- حتى يأتيَ شعبانُ .
لذا نقول:
من دخل عليه شعبان وقد بقي عليه شيء من قضاء رمضان وجب عليه قضاؤه مع القدرة، ولا يجوز له تأخيره إلى ما بعد رمضان آخر لغير ضرورة ، مثل العذر المستمر بين الرمضانين، ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعل فعليه مع القضاء بعده التوبة وإطعام مسكين عن كل يوم، وهو قول مالك والشافعي وأحمد، والله أعلم.
*ومن الفوائد المهمة:
روى أحمد وغيره من حديث ابْن عَمْرٍو رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " يَطَّلِعُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ إِلَّا لِاثْنَيْنِ: مُشَاحِنٍ، وَقَاتِلِ نَفْسٍ "، وفي رواية :
" إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِن ".وهذا الحديث مما قد اختلف أهل العلم في القول بثبوته ، فقد ذهب الجمهور إلى تضعيف كل طرق هذا الحديث .
وقد ذكر الإمامان القرطبي وأبو بكر بن العربي أنه ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه، لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها، ما روي في ذلك فلا التفات إليه .ا.هـ
قال ابن رجب :
"وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة، وقد اختُلف فيها، فضعّفها الأكثرون، وصحّح ابن حبان بعضها ". ("لطائف المعارف"(261).
وعلى القول بصحته فليعلم أنه لم يصح حديث فى إثبات أي عبادة فى ليلة النصف من شعبان ، من اجتماع على قيام أوقراءة قرآن مثلًا ،
و كل ما ورد فى ذلك فهى أحاديث تدور بين االوضع والنكارة.
وكل من ادَّعى عبادة ما فى هذه الليلة فليأتِ بالدليل ، و إلا كان واقعًا تحت قوله تعالى (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)
وقوله صلى الله عليه و سلم ( من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أى مردود عليه .
*ثم نقول :
أنَّ ما روي من أحاديث قي أنَّ الله تعالى يتجلى فى ليلة النصف من شعبان – على ضعف أسانيدها- لا يلزم منها أن ننشىء عبادة ليس عليها دليل من كتاب أو سنة.
فالقاعدة التي قعَّدها العلماء أنَّ :
"ثبوت فضيلة وقت ما لا يلزم منها انشاء عبادة فيه لا دليل عليها"
وعليه نقول : أنَّ ما يحدث فى الكثير من المساجد فى ليلة النصف من شعبان فيما يعرف بـ "صلاة الألفية " و التي تُقرأ فيها سورة الإخلاص ألف مرة ، فهى من البدع المحرمة.
فهذه البدعة أول ما أٌحدثت كانت سنة ثمان وأربعين وأربعمائة (448 هـ)و ذلك فى بيت المقدس، ثم انتشرت فى الأقطار والأمصار،
وهكذا شأن البدع تبدأ صغارًا ثم تكبر حتى تصبح ديناً عند أهلها.
وأول من ابتدع صلاة الألفية هو ابن أبي الحمراء سنة 448هـ ، حيث قام يصلي في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان ، فأحرم خلفه جماعة ، ثم جاء العام الذي بعده فصلَّى معه خلق كثير حتى شاعت بين الناس.
قال أبو شامة في :"الباعث على إنكار البدع والحوادث":
"أما الألفية فصلاة النصف من شعبان فسُمِّيت بذلك لأنها يُقرأ فيها ألف مرة {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} ، وهي صلاة طويلة مستثقلة لم يأتِ فيها خبر، ولا أثر، إلَّا ضعيف أو موضوع، وللعوامّ بها افتتان عظيم، وللمتعبّدين من العوامِّ فيها اعتقاد متين، وزيّن لهم الشيطانُ جَعْلَها من أصل شعائر المسلمين.
قال أبو العباس ابن تيمية : وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل، وكان في السلف من يصلي فيها، لكن الاجتماع فيها لإحيائها في المساجد بدعة ، وكذلك الصلاة الألفية. ( الفتاوى الكبرى (5/344))
*تنبيه:
أما عن إحياء المرء ليلة النصف من شعبان منفردًا فقد ورد مشروعية ذلك عن بعض السلف.
🖋️قال شيخ الإسلام ابن تيمية : أما ليلة النصف فقد روي في فضلها أحاديث وآثار نقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها ، فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدَّمه فيه سلف ، وله فيه حجة ، فلا يُنكر مثل هذا.
(مجموع الفتاوى(23/132))
قال ابن رجب : يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء ، و لا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه ، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم ، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى.ا.هـ
(لطائف المعارف(ص/190))
🌟 *والخلاصة* :
أنَ ما أُحْدِثَ في ليلة النصف من شعبان من الاجتماع في المساجد لصلاة الألفية أو ما سوى ذلك فبدعة.
🍃وأما إحياءها بالصلاة والذكر للرجل في خاصة نفسه بدون اجتماع فإنَّ إستحباب ذلك منقول عن بعض السلف ، وذهب إليه جمهور الفقهاء ،
كما هو منصوص عليه في كتب المذاهب الأربعة ، مما يجعل هذه المسألة مما لا يُنكر في مثلها ، كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ،
والله أعلم.
وصلى الله على النبي وسلم.

 

 

 
  • نهاية العام
  • شهر الله المحرم
  • شهر صفر
  • شهر ربيع الأول
  • شهر رجب
  • شهر شعبان
  • مختارات رمضانية
  • شهر شوال
  • مختارات الحج
  • وقفات مع العيد
  • المواضيع الموسمية