المبحث الأول
الاحتفال بعيد ميلاد المسيح
جرت عادة النصارى على الاحتفال بعيد ميلاد المسيح.وهذا العيد يكون
في اليوم الذي يزعمون أنه ولد فيه المسيح ابن مريم ، وهو يوم 24 كانون الأول
(ديسمبر ) آخر شهر في السنة الميلادية (1).
وسنتهم في ذلك كثرة الوقود ، وتزيين الكنائس ، وكذلك البيوت والشوارع والمتاجر ،
ويستعملون فيه الشموع الملونة، والزينات بأنواعها .
ويحتفلون بهذا العيد شعبياً ورسمياً ، ويعتبر إجازة رسمية في جميع الدولة التي
تدين بالمسيحية ، وكذلك في غيرها من البلدان ، بل في بعض البلاد الإسلامية يعتبر
يوم عيد ميلاد المسيح إجازة رسمية ، ويحتفل الناس بهذه المناسبة .
والاحتفال بعيد ميلاد المسيح أمر مُحدث مبتدع في المسيحية ، فاتخاذ يوم ميلاد
المسيح عيداً بدعة أحدثت بعد الحواريين (2) ، فلم يعهد ذلك عن
المسيح ، ولا عن أحد من الحواريين (3).
وقد ابتلى الله كثيراً من المسلمين في بعض البلدان الإسلامية بالاحتفال بهذه
المناسبة .
ولم يتوقف الاحتفال فيه على المسيحيين فقط ، بل يشاركهم فيه بعض المسلمين ، الذين
دعاهم إلى ذلك الخضوع لشهوات النفس ، والهوى ، والشيطان ؛ لما يحصل في هذه
الاحتفالات من اختلاط النساء بالرجال ، ونزع جلباب الحياء بالكلية ، وشُرْب
المسكرات ، ورقص النساء مع الرجال ، وما يحدث في هذه الاحتفالات من الأمور التي
في ذكرها خدش لكرامة المتحدث بها – عافانا الله وإياكم مما ابتلاهم به -.
وكذلك حب التقليد الأعمى للنصارى ، واعتبار ذلك من باب التطور والتقدم ، وأن
مشاركة المسيحيين في احتفالاتهم صورة من صور الحضارة ، لذلك يبادرون إلى حضور هذه
الاحتفالات ، ويقدمون التهاني للنصارى بهذه المناسبة ، مع أن النصارى لا يهنئونهم
بعيدين الفطر والأضحى .
وهذا كله بسبب ضعف الوازع الديني ، وأنهم مسلمون بالاسم لا بالدين والعقيدة ؛ لأن
في فعلهم ذلك مخالفة لنهيه صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار خصوصاً ، ونهيه
عن المعاصي التي تُرْتَكب في هذه الاحتفالات عموماً .
وقد قال الله تعالى : {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ
أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}(4)
. ولاشك أن حضور هذه الاحتفالات ، والإهداء للنصارى فيها ، من أعظم صور المودة
لأعداء الله ورسوله ، فهذا مما يوجب نفي الإيمان عنهم كما ورد في هذه الآية.
والنصوص في هذا الشأن كثيرة ، وليس هذا مجال ذكرها. والله أعلم.
تابع الموضوع على ملف ورد
المصدر : الفصل التاسع من كتاب البدع الحولية
--------------------------
[1] - يًراجع : اقتضاء الصراط المستقيم ( 2/516).
[2] - الحواريون :/ هم أتباع عيسى –عليه السلام- وأنصاره. قال
تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ
الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ....}(الصف: من الآية14) . ويُراجع
:تفسير ابن كثير (4/362).
[3] - يُراجع : الجواب الصحيح لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/230).
ويُراجع : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (28/611).
[4] - سورة المجادلة: الآية22.
|