اطبع هذه الصفحة


البيانات العلمانية : خطر ماحق أبواق فتنة ؟؟..

 
قرأت بيان ( دفاعا عن الوطن ) الذي تقدم به عدد من مواطني البلاد السعودية ، وقد أيقنت أن الموقعين عليه لايأبهون بمصلحة هذه البلاد ولا بحقوق العباد ، بل هم يسعون إلى الفتنة ، وأكبر الفتنة أن يتضمن هذا البيان دعوة صريحة إلى تعدد العقائد والأفكار و إلى أن يتخلى المسلم عن اعتقاده بأن الإسلام هو الحق وأن ما عداه من المذاهب والعقائد والأديان باطلة ، ولو أن الموقعين على البيان كانوا حريصين فعلا على أمن البلاد واستقرارها لما هاجموا أساس هذه البلاد والمنهاج الذي قامت على أساسه ، وقد رأيت من واجبي أن أبين ما فيه من الأفكار والآراء والمطالب المناقضة لشريعتنا الإسلامية ولثوابتنا في هذه البلاد :

أولا – لم يشر البيان لا تصريحا ولا تلميحا إلى الأساس الذي قامت عليه هذه البلاد والعقد الذي تأسس به هذه الكيان وهو تطبيق الشريعة الإسلامية وتحكيمها في جميع مجالات الحياة الدينية والدنيوية ، وهو المبدأ الذي نص عليه النظام الأساسي للحكم ، وهذا تطور في البيانات العلمانية حيث كان هذا الأمر يرد في البيانات السابقة ، ولكن العلمانية في هذا البيان قد حذفت هذا الأساس من بيانها .

ثانيا – اتهم البيان الدعاة والعلماء في هذه البلاد بأنهم عاجزون عن الحوار حين ورد في البيان ( إلى سيطرة اتجاه محدد عاجز بحكم تكوينه عن الحوار مع الغير ) والمقصود هنا الإسلام ومن يمثل الفتوى وبيان أحكامه من العلماء والدعاة ، وهنا تتضح رؤية الموقعين في هذا لأمر حين لم يقفوا عند حد الاستهزاء والحط من شأن العلماء بل ذهبوا بعيدا للتشكيك في تكوين الإسلام ذاته ممثلا في علمائه ودعاته وطلبة العلم فيه الذين هم المرجع للناس في فهم أمور دينهم ودنياهم وفق شريعة الله تعالى ، حيث ينسبون إلى طبيعة تكوينهم كل نقيصة ، وما طبيعة التكوين الثقافي والفكري للعلماء والدعاة إلى الله ؟.

ثالثا – يدعو البيان إلى رفض الأحادية ، ويعنون بها ألا يكون الإسلام هو المنهاج الوحيد لتسيير شؤون البلاد والعباد ، وهذه الدعوة من أخطر الدعوات لأن الإسلام وحده الحق وما وسواه فباطل وهذا مقتضى الإيمان قال تعالى (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) آل عمران .
ففي الآية دليل واضح على أنه لا هداية ولا فلاح في غير الإسلام ، ومن هنا كان الإسلام هو الدين الوحيد الحق وكل ماعداه فباطل ، وهذا هو الإيمان فمن شكك في هذا فقد انعدم إيمانه ، أي شكك في كونه الدين الحق ، أو دعا إلى التعددية العقدية والفكرية التي تنطلق من غير دين الله تعالى الذي هو الإسلام ، وهذا التشكيك في العلماء والدعاة الذين وصفهم البيان بـ (الاتجاه الذي لا يعبر عن سماحة الإسلام ووسطيته ) إنما هو تشكيك للمسلمين في دينهم ، فإذا لم يكن العلماء لايعلمون الإسلام ولا يمثلون وسطيته ، فمن ؟ أيكون ذلك لأهل البدعة والكتاب الذي حاربوا الله في رواياتهم ممن جاءت أسماؤهم في البيان ؟ وهو بيان لم يتضمن عالما واحدا من علماء هذه البلاد ، وقد جاء في الحديث : ( إذا لم تستحي فاصنع ماشئت ).
إن التشكيك في علماء الإسلام هو تشكيك في الإسلام ذاته و بذر بذور الشك في دين الله ، وتكذيب الوحي والله تعالى يقول
( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) وقال (قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ) وقال تعالى (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ )المؤمون .
(
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الأنعام.

رابعا – الدعوة إلى القبول بالآخر المختلف على الصعيد الإنساني ، أي أن نقبل كل فكر واعتقاد من أي مورد جاء وعلى أي صورة وفد وبأية عقيدة صيغ وإلى أي منهاج دعا ، وهذا معنى القبول بالآخر المختلف على الصعيد الإنساني ، وما معنى الإنسانية هنا ؟ أليست تعني كل ما أنتجه الإنسان واخترعه وتبناه من عقائد وأفكار وأخلاق ومذاهب لا حصر لها و كلها باطلة إلا ما كانت مبينة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقد سبق هذه العبارة الدعوة بالقبول بالآخر الإسلامي ، ووجود العبارة اللاحقة تعني القبول بالآخر غير الإسلامي ، والدعوة هنا دعوة إلى قبول الفكر ، لأنه لا يعقل أن يكون معناها قبول الآخر بشحمه ولحمه فهذه معلومة ، فالإسلام يجيز التعامل مع غير المسلم بل يجيز الزواج بالكتابية ، ولكنه لا يجيز عقيدتها ولا فكرتها ولا يقبل بها ، بل يرى عقيدتها كفرا رغم كونها زوجة للمسلم .
وهذه الدعوة في الحقيقة دعوة إلى حرية الفكر والتعبير عن الأفكار والعقائد التي تتناقض مع قيم وعقيدة الإسلام .
إن الموقعين على هذا البيان المهلك المدمر في الواقع لا يريدون بالبلاد ولا بالعباد خيرا ، وما هم إلا طلاب مصالح شخصية ، وبعضهم عرف في كتاباته بمهاجمة الإسلام والسخرية منه ، والدعوة إلى الأدب الإباحي الذي لايقيم للدين مقاما ولا للخلق اهتماما .
إن دوافع الموقعين على هذا البيان معروفة ليس من باب الظن والتخمين بل إن البيان يصرح بدوافعهم التي لم يستطيعوا هذه المرة مواراتها وإخفاءها ، وهي دوافع تدعو صراحة إلى العلمانية وتعدد المذاهب والعقائد وحرية الدعوة إلى كل ملة وعقيدة وإلى حرية مهاجمة الإسلام عقيدة وشريعة ومنهاج حياة ، لأن الدعوة إلى مايضاد الإسلام دعوة إلى نبذ الإسلام ومهاجمة له .

هذا والله نسأل للجميع الهداية وأن يخذل من أراد الإسلام و العباد والبلاد بسوء.

علي التمني
أبها 10/8/1424

 

مذاهب فكرية

  • كتب حول العلمانية
  • مقالات حول العلمانية
  • الليبرالية
  • الحداثة
  • منوعات
  • رجال تحت المجهر
  • الصفحة الرئيسية