صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أساليب الطرح العلماني

محمد المصري

 
(1-2)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:-
المقصود بطرق وأساليب الطرح العلماني ،بأنها الطرق والأساليب التي يقوم بها تعساء العلمانية للدعوة إلى باطلهم وأفكهم ،ويرى المتابع لأساليب الطرح العلماني بأنها ليست أساليب واحدة(بل هي متغيرة بحسب الزمان والمكان،وهذه التغيرات قد تشمل أساليب الخطاب وقد تمتد إلى أساليب عرض المبدأ العلماني نفسه ،فبينما تطرح العلمانية في قطر معين على أنها مضادة للدين (طرح كلاسيكي)،نجد أنها تطرح في قطر آخر على أنها موافقة للدين(طرح مُمَّوه)،وفى بلد ثالث تُطرح فيه العلمانية ببطء وحذر شديدين حتى لا تلفت الأنظار إليها إلا بعد كونها واقع لا مناص منه)(1)

* إذن فهناك عدة صور للطرح العلماني يميزّها نموذجين وهما:-
أ-الطرح الكلاسيكي التصادمي(العلمانية الاتاتوركية).
ب-الطرح المموه الخادع.
ج-صورة قد تجمع بين الطرحين ويتوقف الطرح على قوة أو ضعف الفئة المسلمة في هذا القطر من حيث الوعي بأسلوب الطرح العلماني واستراتيجة الرد عليه وتطويقه،وأبسط صورة على ذلك هي (أرض الكنانة)،ففي فترة من الفترات انتشر وساد الطرح الكلاسيكي وانتشرت الكتب والمقالات والمنابر التي تدعو إلى ذلك ،ومع انتشار المد الإسلامي وزيادة الوعي آنذاك،التف دعاة العلمانية حول الدين وحاولوا تقديم العلمانية من خلال الدين ومن خلال المنابر الدينية سواء كانت هذه المنابر صحف أو مجلات أو لجان دينية في بعض الأحزاب أو من خلال بعض الدعاة ممن من يطلقون عليهم الدعاة المستنيرين أمثال (ياسين رشدي)في تلك الفترة.
-والآن إلى استعراض لبعض طرق الطرح العلماني:-

أولاً:-الطرح الكلاسيكي الاتاتوركي:-
(وهذا الأسلوب هو أسلوب العلمانيين الأقحاح (غلاة العلمانية)،الذي يستطيع المرء بأن يصفهم بالغلو العلماني بلا تردد وذلك لصراحتهم حول هذا المبدأ وهؤلاء أمنوا العقوبة،لأنهم في بلد تحكمه العلمانية والشرائع الجاهلية التي تسمح لهؤلاء بالانتقاص من قدر الدين والتعدي عليه في حين تكمم أفواه الدعاة الذين يريدون الدفاع عن دينهم)(2).
ويلاحظ تسمية هذا الطرح "بالاتاتوركي" نسبة إلى "الصنم الطاغوت" كمال أتاتورك الذي كان أول من بدّل شريعة رب العالمين بشريعة إبليس اللعين وحارب القرآن واللغة العربية وكل ما ينتمي إلى الإسلام بصلة وعلى نفس الدرب سار أتاتورك الثاني(عبد الناصر)فقاتل الدعاة إلى الله وعلقهم على أعواد المشانق أمثال عبد القادرة عودة ،ومحمد فرغلي ،ومحمد يوسف هواش ،والحبيب قرة العين سيد قطب رحمهم الله رحمة واسعة هم ومن سار على دربهم إلى يوم الدين،ومن الشخصيات الأخرى التي انتهجت الطرح الاتاتوركي "الحبيب بورقييه"طاغوت تونس الهالك ،الذي أراد أن يجعل من تونس نموذج من فرنسا النصرانية العلمانية ،فحارب الإسلام عقيدة وشريعة وحارب كل مظهر من مظاهر الإسلام ،وعمل على نشر الدعارة والفجور،حتى جزآه الله بانقلاب من أحد تلامذته وهو"زين العابدين بن علي"والذي سار على نفس سياسة سلفه بل وأشد غلواً وتنكيلاً وما تدنيس المصحف في السجون التونسية عنا ببعيد،وما التنكيل بالدعاة عنا ببعيد.
-الذي نخلص إليه أن أبرز الحكام الذين تبنوا المنهج العلماني السافر واضح العداوة للإسلام هم "أتاتورك-عبد الناصر-بورقييه".

-أما على مستوي المنظّرين لهذا الطرح فيلاحظ (أن كافة رجال هذا التيار مثل شبلي الشميل وفرح انطوان،وطه حسين،سلامة موسي كانوا ممن تتلمذوا على يدْ باحثين أوربيين متخصصين بالدراسات الإسلامية "مستشرقين" وأن عامتهم قد قضوا زهرة شبابهم أو جزءاً من المراهقة الفكرية –إن صح التعبير-في البلاد الأوربية ولا سيما "فرنسا" وهي ملاحظة لا غني عن دلالتها من الناحية النفسية)(3)هذا عن نشأة المنظرين لهذا الطرح،أما عن أهم المرتكزات التي يرتكز إليها هذا الطرح فهي:-
(1)-مدح الغرب وإطرائه ،ودعوة الأمة إلى اللحاق بركبه والتأسي بتجربته في رمي الدين جانباً وعزله عن الحياة.
يقول أحدهم وهو "فؤاد زكريا" في كتابه"الصحوة الإسلامية في ميزان العقل"ص34-40:يقول تحت عنوان"درس النهضة الأوربية...."...وهكذا نستخلص من استيعاب درس النهضة وموقفها من التراث حقيقتين على أعظم جانب من الأهمية وهي:-
أ-هي أن من الممكن أن تقوم نهضة علمية فكرية رفيعة المستوي في مراحلها الأولي على أساس الرفض الحاسم للتراث،وذلك حين يكون انقطاع في التراث يمنع من استمراره في خط متصل حتى الحاضر وعندئذ لابد أن ترفع النهضة شعار "البدء من جديد"كعلامة على تحدّث التراث.
ب-هي أن التطور والتقدم المستمر في المعرفة يساعدان على الوصول إلى نظرة تاريخية إلى التراث يختفي فيها التناقض بين تمجيده والاعتراف بتخلفه"(4).

(2)إدعاء علمانية الإسلام:-
"وأنه لا تناقض بين الإسلام والعلمانية،لأن الإسلام دين فرد لا دين دولة!،ويستدل هؤلاء بكتاب "الإسلام وأصول الحكم"لعلي عبد الرازق،وكتاب "الديمقراطية أبداً"لخالد محمد خالد،وخير مثال لهذا الإدعاء كتاب"العلمانية والدولة الدينية"لشبلي العسيمي"(5).
(3)إدعاء عدم صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان:-
وأن الشريعة نزلت في وقت معين وظروف معينة ،وأنها لابد أن تتطور لتوافق النمط الاجتماعي الجديد ولوكان في هذا تجاوز لإحكام ثابتة غير اجتهادية لأن المصلحة مقدمة على النص عندهم ،وهؤلاء يدّعون أنهم يؤمنون فردياً بالدين وشعائره ،وإن كان معظهم لا يؤديها،ويستدلون بأقوال هي إما لمنحرفين كمحمد أحمد خلف الله،وعلى عبد الرازق،أو أقوال شاذة
لبعض القدماء كنجم الدين الطوفي في قوله"إن المصلحة مقدمة على النص"فتجد أن هذا النص متكرر في كتاباتهم ونسوْا أو تناسوا القاعدة المشهورة"لا اجتهاد مع النص"ولم ينقل أحدهم قول أئمِة الإسلام فيمن يحدد المصلحة".
(4)التركيز على قضية المرأة:-
بدعوي أنها مظلومة في ظل الشريعة الإسلامية وها هو فؤاد زكريا يدّعي أن الشريعة الإسلامية تلعب على المرأة فيقول....."لو لم تكن المسألة في حقيقتها لعبة بارعة أتقنها الرجل لكي يخدر المرأة ،ويحقق بها مصالحه لاتجهت دعوته إلى أن يتحمل هو جزءاً من العبء على الأقل.......الخ"
وكأن الشريعة رجل وليست شرعاً إلهياً(6)،وعلى ضوء هذا نفهم كثرة المؤتمرات التي تؤيد المرأة وتزعم أن حقوقها مهضومة وخاصة في ظل الشريعة الإسلامية"وهكذا قامت عدّة مؤتمرات للمرأة مثل "مؤتمر السكان في مصر"إذ كان من أهم أهدافه إباحة الإجهاض والشذوذ الجنسي،ومؤتمر بكين للمرأة الذي ظهرت فيه هو ومؤتمر القاهرة دعوة نسائية علمانية تسمي "الفمنزم"feminism""وهى نظرية المساواة بين الجنسين سياسيا واقتصاديا واجتماعياً(7)، وما تركيز الغرب في إعلان أهم أهدافه في الحرب على حركة طالبان في أفغانستان هو تحرير المرأة من ظلم رجال طالبان،ومنحها الحرية من نظرهم وهو حرية الإباحية والفجور.
(5)جعل ثورة الرافضة في إيران نموذج لكل حكم إسلامي وعمل إسلامي:-
بل أنهم يرددون بين الحين والآخر أنهم يريدون طهران أخري ،ولا يخفي بالفعل أن للرافضة أهداف في الدعوة إلى باطلهم والتوسع في حدودهم كما يحدث في العراق ولبنان حالياً،ولكن الذي لا ينبغي أن يخفي هو موقف أهل السنة والجماعة من الرافضة والذي يتمثل في الرفض التام لهم والبراءة التامة منهم ومن شركهم.
(6)زعم أن التيار الإسلامي أما يريد بدعوته الوصول إلى كرسي الحكم فقط وليس الدعوة إلى الإسلام والتعبد لله بتطبيق شرعه،وأن حقيقة الإسلام هى" قبول شرع الله ورفض ماسواه"،وتركيز العلمانية على هذه الدعوي هو بهدف صرف الجماهير عن الدعوة الإسلامية التي تستجيب لها الفطر السليمة،وجعل الجماهير في موقع المتفرج على من يفوز في معركة الكراسي دون أن يكون لهذه الجماهير دور في تغيير الواقع العلماني والعمل لتطبيق الإسلام ،وينبغي على الفئة الإسلامية رفع الالتباس حول هذه القضية،وذلك بتوضيح أن دورها كمثل دور الغلام في قصة أصحاب الأخدود والذي قتل الدابة التي سدت على الناس طريقهم ليتسع الطريق للناس وليتبعوا الحق دون إكراه .
(7)السخرية من الفئة المسلمة ونقدها:-
ويتم ذلك عن طريق الرسوم الكاريكترية التي تهزأ من المنتقبات والملتحين ،وكذلك الكتابات الساخرة،والأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي تسخر من مظاهر الإسلام وتفسير الالتزام بالدين تفسير نفسي منحرف هو أن الالتزام بالدين جاء نتيجة ظروف نفسية قاسية وضغوط اجتماعية قاهرة وأن معظم الذين يلتزمون بالدين هم من أبناء الفقراء"أراذلنا"،وأن العامل الاقتصادي له دور في الالتزام بالدين .
هذه هي أهم المرتكزات التي يرتكز إليها المنظرين من أصحاب الفكر العلماني الأتاتوركي.
أما عن الطرح المُمَّوه ورموزه من الحكام والمنظرين فيستكمل في المرة القادمة بأذن الله.


-----------------------
ثبت المراجع:-
(1)د.عمر المديفر "طرق الطرح العلماني"مجلة البيان عدد 63.
(2)السابق.
(3)أ/جمال سلطان"تجديد الفكر الديني بين الصحوة الإسلامية والمؤامرة العلمانية"طبعة المختار الإسلامي.
(4)فؤاد زكريا"الصحوة الإسلامية في ميزان العقل"
(5)انظر "طرق الطرح العلماني"د.عمر المديفر.
(6)السابق بتصرف.
(7)انظر كتاب الجندر..المنشأ،المدلول،الأثرص67 البيان عدد209.
 


أساليب الطرح العلماني
(2-2)
ثانياً:-الطرح المُمّوه الخادع (الالتباس)
بقلم/محمد المصري


قبل استعراضنا لأسلوب هذا الطرح ومعرفة المرتكزات التي يرتكز إليها،يجدر بنا أن نعرف معني اللبس والالتباس.
-تعريف اللبس والتلبيس:-
قال في لسان العرب:"اللّبْس واللّبَس: اختلاط الأمر .لبس عليه الأمر يلبسه لبْساً فالتبس،إذا خلطه عليه حتى لا يعرف جهته ،والتبس عليه الأمر أي اختلط واشتبه.
والتلبيس:كالتدليس والتخليط،شدد للمبالغة،وربما شدد للتكثير .
يقال :لبَسَتٌ الأمر على القوم ألبْسِه لبساً إذا شبهته عليهم ،وجعلته مشكلاً"أ.ه باختصار.
وقال ابن الجوزي رحمه الله فئ (تلبيس إبليس)"التلبيس إظهار الباطل في صورة الحق"ص36
ومن ذلك قوله تعالي(ولاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 42]قال شيخ الإسلام ابن تيمية عند هذه الآية"فانه من لبس الحق بالباطل فغطاه به فغلط به لزم أن يكتم الحق الذي تبين أنه باطل إذ لو بينه زال الباطل الذي لبس به الحق"مجموع الفتاويج19/194.
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالي(فنهى عن لبس الحق بالباطل وكتمانه ولبسه به خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر ومنه التلبيس وهو التدليس والغش الذي يكون باطنه خلاف ظاهره فكذلك الحق إذا لبس بالباطل يكون فاعله قد أظهر الباطل في صورة الحق وتكلم بلفظ له معنيان معنى صحيح ومعنى باطل فيتوهم السامع أنه أراد المعنى الصحيح ومراده الباطل فهذا من الإجمال في اللفظ)الصواعق المرسلة3/926.(ولا تلبسوا الحق بالباطلص23-25 الصفوة.

والآن بعد هذا التعريف ندخل في أهم نقاط التي توضح لنا هذا الطرح وهى (أسلوبه-وجوده-خطورته-الخطة العملية له)

أ-اسلوبه:-"أهل هذا الأسلوب غاية في الحذر والمكر،فهم يدّعون الإسلام ويتباكون على حال المسلمين حتى يلتبس أمرهم على طالب الحق فلا يستطيع تمييزهم ولكنهم يُعرفون بصدورهم فيما يتعلق عن آراء الشواذ فيما يتعلق بالشريعة وعدم رجوعهم إلى الحق ولو أقيمت عليهم الحجة،وهم في الغالب لا ينكشفون إلا في حال فرح غامر بانتشار المنكر أو استياء شديد عند حصول نصر للإسلام ،ففي هذه الحال يصدر منهم ما ينبئ بما يخفون وبهذا يتبين انتماؤهم ومنهجهم"(1).
ب-وجوده:-غالب من يسلك هذا الطريق الملتوي يعيش في بلد ترتفع فيه راية الدين فلا يمكن له التصريح بمنهجه خشية من العقوبة الرسمية أو خشية العقوبة الشعبية كرفض الشعب له ويفقد مصداقيته (2).
ج-خطورته:-" ومن أخطر الأساليب الجاهلية للفصل بين الإنسان والإسلام عندما يفرض كأمر واقع هو اتخاذ موقف المتبني له والداعي إليه، والرافع لشعار الإيمان به، وقد كانت هذه الفكرة هي علة المحاولة الساذجة التي حاولها أبرهة الحبشي، عندما يئس من هدم الكعبة فبني كعبة أخري في بلاده ليصرف الناس عن بيت الله الحرام، ومثلما بني المنافقون مسجداً ضراراً ليصرفوا الناس عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وموقف بناء الكعبة المزيفة والمسجد الضرار هو موقف الجاهلية دائماً عندما تفشل في مواجهة واقع إسلامي"(3).
د-الخطة العملية له:-هي الخطة التي وضعها المستشرقون للتلبيس ،وقبل ذكر هذه الخطة،لابد من شرح الواقع الإسلامي في الفترة التي وضعت فيها مثل هذه الخطة،وبيان ذلك كالآتي:-
-حدثت نهضة إسلامية واعية في فترة الخمسينات والستينات من القرن العشرين الميلادي،وخاصة بعد الهزيمة من اليهود،وكانت هذه النهضة تمثل مرحلة من مراحل الإحياء الإسلامي،وكانت هذه النهضة تقوم في أكثر من مكان،ففي السعودية كانت الدعوة التي أنشأها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ما زالت في حيويتها ،وفي الهند والباكستان كانت دعوة المودودي رحمه الله،وفي مصر كانت كتابات الأستاذ سيد رحمه الله تمثل أول الكتابات الصحيحة في تقييم الواقع وبدء حركة الإحياء الصحيحة من حيث تصحيح التصورات والبدء من قضية العقيدة ،المهم أن هذه التحركات والأفكار أزعجت سدنة الجاهلية آنذاك،فنشط نفر من الاشتراكيين والماركسيين الفرنسيين ممن لهم اهتمام مباشر بالحركات الفكرية في العالم العربي وكان علي رأس هؤلاء النفر "روجيه جارودي"قبل إسلامه و"مكسيم رودنسون"و"وايف لاكوست"، وجّه هؤلاء الفعاليات القومية والاشتراكية في الوطن العربي إلي نقل مجال عملهم إلي" التراث الإسلامي"ذاته بدلاً من الوقوف في وجه الإسلام ،فبدلاً من وقوفهم في وجه الإسلام فإنه بإمكانهم الإعلان أنهم وجدوا طريق الخلاص في الإسلام ثم من خلال تلك "الأرضية النفسية"التي تجعلهم قريبين الصلة من" الوجدان الشعبي المسلم"ليّمكنهم ذلك من طرح "الفكرة العلمانية" بجميع أشكالها وصورها من اشتراكية أو قومية أو ليبرالية...كل ذلك يتم في ثوب إسلامي فضفاض يخدع الجميع فتصبح هناك "اشتراكية الإسلام"..."وقومية الإسلام"..."والحرية في الإسلام"إلي آخره من تلك الشعارات التي تستغل في محاربة الدين .

-ولقد وضع المستشرقون الثلاثة تخطيطاً شبه متكامل،دعوا فيه الماركسيين العرب والقوميين العرب إلي التزامه،والسير علي هديه وهذا المخطط الخطير اعتمد علي ثلاثة ركائز وهي:-

1-الدعوة إلي إعادة قراءة أو كتابة التاريخ الإسلامي علي أساس أنه هناك ثمّة اتجاهات حركية فيه قد ظلمت عمداً من "مؤرخي السلاطين".
2-إرباك العقل المسلم الحديث من خلال طرح العديد من الدراسات والأبحاث المتعلقة بالتراث والتي تعمد إلي إحياء وتمجيد الاتجاهات الفكرية والحركية المنحرفة بل والخارجة عن الإسلام وعرضها في إطار ثوري جذاب ،وجعها بمثابة الجذور الفكرية للنظريات والمذهبيات الأجنبية الحديثة كالماركسية وغيرها ،ومن هنا تكتسب منطقاتهم الفكرية المتغربة مشروعية الانتماء إلي التراث.
3-طرح عدد من الشعارات والمصطلحات الجديدة والتي يمكن لها أن تشكل جسوراً فكرية ونفسية تصل بين الإسلام وبين القومية أو الاشتراكية وتجهد العقل المسلم الحديث في تتبعها وضبطها وتحديد مشروعيتها مما يضيف إرباكا جديداً يشتت جهد الانطلاقة القوية نحو الإسلام(4).
4-الدعوة إلي الاجتهاد والتجديد:-ويريدون بذلك الوصول بالاجتهاد كما يزعمون إلي الاجتهاد في ثوابت الدين المجمع عليها ومجاوزة الأحكام الشرعية والفقهية التي قررها العلماء والفقهاء علي مدي أربعة عشر قرناً والرجوع إلي القرآن والسنة بشكل مجرد ورفض أي وصاية عليهم كما يزعمون وعدم اعترافهم بكثير من شروط الاجتهاد التي وضعها السلف الصالح رضوان الله عليهم.(5)
5-الإدعاء بأن المهم هو أساس الإسلام ورسالته المهمة في إصلاح النفوس وتزكيتها وتهذيب الأخلاق وأن هذا هو أهم من تطبيق الشريعة وإقامة الحدود والجهاد وغير ذلك من الموضوعات التي تؤذي الحس العلماني المرهف!!الذي يرضي بنقل الشرائع الغربية والقوانين الوضعية التطبيقية ونقل الفنون والانحرافات الخلقية ولا يهتم إلا قليلاً بنقل العلم المادي الذي تتفوق فيه الدول الغربية في الجولة الحالية.
6-دعوي الحرص علي الوحدة وعدم التفرق :-تلك الدعوة القديمة المتجددة لدي العلمانيين فهم يزعمون هذا الشعار في كل مكان ويرفضون التمسك بالدين وخاصة في حكم المجتمع لأنه في حد زعمهم يوجج النزعة الطائفية ونسوا أو تناسوا فترة الحكم الإسلامي طيلة أربعة عشر قرناً،وما ساد فيها من عدل وأمان طوال هذه الفترة.
7-القول بتغير الفتوي بتغير الزمان والمكان:-يكثر العلمانيون ترديد هذه القاعدة والإكثار من النقولات السلفية حولها وهي قاعدة صحيحة لا غبار عليها ،وقد بحثها علماء الإسلام بحثاً دقيقاً وأصلوّها تأصيلاً شرعياً،ولم تحتاج الأمة إلي العلمانيين كي يذكرونا بها...ولكن هناك فرق بين من يناقش وهو معظم لنصوص الشريعة ..ومن يناقش لكي يسقط بعض أحكام الشريعة ،ولذا لم يذكر العلمانيون أن الفتاوي التي تتغيير بتغير الزمان والمكان إنما هي في أحكام المعاملات ،أما العبادات وأحكام الأسرة والمواريث فهي ثابتة لا تتغيير ،ونص هذه القاعدة عام في ظاهره ،فالتغير في الظاهر شامل للأحكام النصية وغيرها ،ولكن هذا العموم ليس مقصوداً لأنه اتفقت كلمة الفقهاء علي أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الزمان وأخلاق الناس إنما هي الأحكام الاجتهادية فقط المبنية علي المصلحة أو علي القياس أو علي العرف أو علي العادة وعلي ذلك ،فالأحكام النصية ثابتة لا تقبل التغيير ولا تدخل تحت هذه القاعدة ،وقد رأي بعضهم أن يكون نص هذه القاعدة هو"لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الزمان "دفعاً لهذا اللبس وهذا قيد حسن(6).


-----------------------
(1)د.عمر المديفر "طرح الطرح العلماني".
(2) د.عمر المديفر "طرح الطرح العلماني".(هذا إذا كان الشعب واعي ويعرف قضاياه الشرعية وله موقف رافض وهذا الآن يندر نسأل الله أن يهيئ أمر رشد يفئ له الناس).
(3)الشيخ رفاعي سرور "حكمة الدعوة"ص86-87طبعة دار الحرمين.
(4)جمال سلطان "تجديد الفكر الديني بين الصحوة الإسلامية والعمانية"بتصرف.
(5)انظر ملف التجديد في الإسلام من موقع نور الحق .
(6)الوجيز في إيضاح القواعد الفقية الكلية د.محمد بن صادق البورنوص254 نقلاً عن "طرق الطرح العلماني "لعمر المديفر.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مذاهب فكرية

  • كتب حول العلمانية
  • مقالات حول العلمانية
  • الليبرالية
  • الحداثة
  • منوعات
  • رجال تحت المجهر
  • الصفحة الرئيسية