اطبع هذه الصفحة


المشروع الليبرالي العملاق

صالح بن ساير المطيري

 
المقدمة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
إن قيمة أي شئ فيما يطرحه من مشاريع وخدمات للمجتمع سواء مشاريع ثقافية أو خدمية أو غيرها ، والفكر الليبرالي اليوم الذي يسود طرحه عبر الصحف و المنتديات وله رموزه وأساطينه طرح مشروعاً ثقافياً عملاقاً !! يقف الإنسان مشدوهاً أمامه !! كيف لا وهو يرى بأم عينه ما وصل إليه حال الانتكاس الرهيب في الفهم المغلوط والتبعية المقيتة لا لشرع الله ولكن تبعية لأعداء الملة والدين .
وممن أسس المشروع الليبرالي المطروح أنهم يعيبون المسلم المتمسك بدينه الثابت على منهجه الذي ترسم أطره نصوص الكتاب والسنة على وفق فهم سلف الأمة ـ النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام والتابعين لهم بإحسان ـ . يعيبونه بحجة الجمود والنصية وعدم التفكير خارج هذه الأطر ، ويتهمونه بأنه أعار عقله لغيره أعاره لأناس مضوا في فترة لا تناسب العصر الذي يعيش فيه . ثم تراهم يقعون إلى أخمص أقدامهم في تبعية مهينة لا تتحرر منها عقولهم ولا تفكيرهم ليفكروا خارجها ـ فليت هؤلاء تجردوا من هذه التبعية ليعطوا عقولهم حرية في التفكير خارج هذه التبعية ـ .
بل إنهم صادروا عقولهم نهائياً أمام هذا الفكر التغريبي بحجة أنه الفكر المتنور الذي سيقدم للبشرية التطور والتقدم .
فسبحان الله يعاب على أمة مسلمة تنهج نهج نبيها وتسير على خطى سلفها مسترشدة بهدي كتابها وسنة نبيها ، ويمتدح فئة ضلت الطريق فسارت تابعة لعدوها ناقلة لفكره بحذافيره دون تمييز وتمحيص ، بل كل ما جاء عن طريق هؤلاء هو الحق الذي يجب أن يحتذى { إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } .
والمصلحون وهؤلاء الليبراليون اليوم يعيشون في مجتمع يرى بأم عينه وبصيرته ويحكم هو على أي مشروع خدمه وقدم له شيئاً في واقعه . فالمصلحون هم الذين لامسوا حاجات الناس ووقفوا بجانبهم وقدموا لهم ما استطاعوا من خدمات وهم مع ذلك يرون أنهم مقصرون ، وأنهم لا فضل لهم فيما قدموه لأنه من الواجبات عليهم .
أما هؤلاء الليبراليون فلم ير المجتمع منهم أي مشروع حضاري أو خدمي قدموه لأمتهم أو مجتمعهم إلا مزيداً من البعد عن الله ووقوفاً مع أعداء الأمة ، وإبعاداً للمجتمع عن طهره ونقائه ليقع في براثن الانحلال والانحطاط في تبعية مهينة للعدو .

المشروع الليبرالي العملاق :
نعم قدم هؤلاء الليبراليون أعظم مشروع إفسادي تظهر آثاره فيما يلي ـ ولولا خشية الإطالة لنقلت شيئاً من أقوالهم في كل نقطة ذكرتها ـ :

1. عدم احترام النصوص الشرعية والوقوف عند دلالاتها ، بل تجرأوا عليها بالتحريف والتأويل والتعامل مع النص وكأنه من أقوال البشر. وتحت دعاوى إعادة قراءة النص وأنه لا بد من تعدد قراءات النص الواحد كتبوا الكثير لكي يفسر كل واحد منهم النص على ما يريده ويهواه لا يرجع في ذلك إلى أي ضابط ولا يعترف بأي عالم فأصبح كل يستطيع تفسير النص ،وردوا السنة الصريحة لأنها لا توافق عقولهم الفاسدة ، وقسموا السنة إلى سنة تشريعية وسنة غير تشريعية وهؤلاء جهلة بالنصوص الشرعية وكيفية التعامل معها واستنباط الأحكام منها . فمن المسلمات لدينا أنه لا بد من فهم النص على حسب فهم السلف فهم الذين عايشوا التنزيل وصاحبوا الرسول وأخذوا عنه وبين لهم فأي فهم للنص خارج فهمهم فهو أمر مرفوض ، والذي يسوغ له الحديث في أمور الدين وفقه النصوص هم أهل العلم الذين أمرنا الله بالرد إليهم والصدور عن كلامهم ، لكن هؤلاء قالوا دعونا نقرأ النص ونفهمه حسب الواقع والعصر الذي نعيش فيه بعيداً عن أي مؤثر آخر . إن هذا التوجه ضلال عظيم ولعب بالشريعة من أناس جهلة لا يقدرون قيمة النص ولا يفقهون في طرق الاستدلال ولا منهج التعامل مع النصوص وضوابط ذلك فلا يعرفون العام والخاص ولا المطلق والمقيد ولا المجمل والمبين ولا الناسخ والمنسوخ ولا العبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب ولا يدركون شيئاً من ذلك ومع هذا يقولون لا بد من تعدد قراءة النص وفهمه على ما نريد .
2. الإعجاب بالغرب والتبعية المهينة له ودعوة الأمة للاحتذاء حذوهم في مقابل الاستخفاف والاستهزاء والسخرية بنا كمسلمين وأننا أمة لا تستحق البقاء ولا تملك مقوماته حتى تحذو حذو الغرب المتطور . فهم في الحقيقة مفتونون بالقيم الغربية غاية الافتتان حتى وضعوا الغرب مقياساً للحضارة والتقدم وحقوق الإنسان وأننا سبب في الوقوف في وجه هذا التقدم والحضارة حتى أصبحنا عبئاً على غيرنا يقول إبراهيم البليهي (( المحبط الحقيقي هو أن نزكي أنفسنا ونحن بهذا الوضع السيئ ، العرب والمسلمون الآن أضحوكة في العالم ، يعني ونحن كنا أضحوكة ولا يهتم لنا أحد لكننا الآن أصبحنا نعلن لهم أننا نبدع في قطع الرؤوس ونبدع في القتل وفي التفجير ، هذا أقصى ما نستطيع أن نبدع فيه وهذه معضلة كبرى أصبحنا لسنا فقط عبئاً على أنفسنا وإنما أصبحنا عبئاً على العالم ... أنا أعتقد أن العالم كله يتقهقر بسبب أفعالنا ، مثلاً البلدان الغربية اليمقراطية أمريكا وأوروبا وبريطانيا وغيرها أصبحت تعدّل أنظمتها بما يقيد الحريات )) .
وتتلخص نظرتهم المفرطة في الإعجاب بالغرب في ما يلي :
تقديم حسن الظن بهم وأنهم لا يكيدون للإسلام ولا أهله ، وإن المتدينين يعيشون عقدة المؤامرة .
اتهام المسلمين بأنهم سبب العداء الذي يعيشه العالم الإسلامي اليوم مع الغرب .
الدعوة إلى عدم المواجهة والمقاومة ، والنقد اللاذع لمن يدعو لمقاومة المحتل .
الانبهار بالحضارة الغربية والإشادة بأصحابها . يقول البليهي : (( أنا أعتبر أنني معجب بمن يستحقون الإعجاب ، يعني هؤلاء الذين حولوا الدنيا إلى هذا الشكل ، هل نحن الذين حولنا بهذا الشكل ؟ نحن لم نساهم ولا بشئ ، نحن بالعكس نحاول أن ندمر الآن ... ))
3. الهجوم على ثوابت الأمة ومسلماتها بدءاً بإعادة النظر في مفهوم لا إله إلا الله إلى أدنى قضية في التشريع .
4. الهجوم على التاريخ الإسلامي وأنه تاريخ أسود لا يشرف الانتساب إليه.
5. دعوة الأمة إلى الضعف والذلة والهوان بالهجوم على الجهاد الإسلامي وأنه يجب إلغاؤه من قاموس الأمة لتعيش مع الآخرين في حب ووئام وسلام .
6. الهجوم على المرأة المسلمة المتمسكة بحجابها ودعوتها إلى نبذه والتحرر منه لتكون قدوتها المرأة الغربية لتقع في مستنقع الانحلال .
7. الهجوم على تراث الأمة الثقافي عبر الهجوم على العلماء البارزين المؤثرين في الأمة في القديم والحديث .
8. تقديس العقل وتضخيمه وتقديمه على النصوص واعتباره حكماً عليها واتهام السلف بعدم احترامه .
9. الهجوم السافر على منهج التلقي والاستدلال عند السلف ، والدعوة إلى فهم النصوص من منطلق الواقع وعدم الرجوع إلى فهم السلف بحجة أن أولئك فهموا النص حسب واقعهم ونحن نفهمه حسب واقعنا .
10. اتهام المصلحين والخيرين بأنهم نصيون حرفيون جامدون ليس لديهم مشروع حضاري يقدمونه ولا يحسنون الحوار ولا مخاطبة الآخرين . وهذه التهم معلبة جاهزة قد قالها إمام الضلال فرعون في وقوفه في وجه موسى عليه السلام وتغريره بالجماهير { وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد } . فرعون الطاغية أكبر المفسدين في الأرض يتظاهر بمحبة الخير لهم وإنه إنما يعارض موسى عليه السلام لا لشئ لنفسه وإنما يخاف على الدين من التبدل ويخاف من ظهور الفساد وانتشاره عن طريق موسى ودعوته . سبحان الله متى كان فرعون يهمه الصلاح ومصلحة العباد وهو الذي يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم ؟!! نعم هذا هو مبدأ أهل الفساد والطغاة الذي يجابهون به الحق وأهله . التزييف في الحقائق ووصم المصلحين بالفساد وتشويه سمعتهم أمام الناس حتى لا يتأثروا بدعوتهم الذي تسحق الباطل والفساد . إن هذا الأسلوب هو أسلوب أهل الفساد عموماً قلب للحقائق ولبس للحق بالباطل .
11. إظهار الفساد بمظهر الإصلاح وإرادة الخير { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون } { فكيف إذا أصابتهم مصيبة ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً } . وصاحب الفساد لا يمكن أن يعترف أنه مفسد حتى ولو كان في قرارة نفسه يدرك أنه مفسد فهذا فرعون الطاغية يقول { ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } وها هو يقول عن موسى ( إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) .
12. إدعاء الوطنية ومصلحة الوطن وهم في الحقيقة أعدى أعداء الوطن واسأل بعض السفارات الأجنبية عنهم وترددهم عليهم . يتشدق هؤلاء بالوطنية ومصلحة الوطن . وحقيقة الأمر أنهم أعداء الوطن فليس عندهم من الوطنية إلا ما تتشدق به ألسنتهم . فهل الوطنية تعني إلغاء ثقافة الوطن المستمدة من تعاليم دينه وشريعة ربه واستبدالها بثقافة الأعداء؟ . وهل الوطنية تستدعي صبغ المجتمع بصبغة ثقافية غربية وافدة ؟ وهل الوطنية تعني قيادة المجتمع إلى الارتماء في أحضان عدوه يستمد منه قيمه وتصوراته ؟ وهل الوطنية تستدعي أن يتنكر المجتمع لدينه وتشريع مولاه والسير على نهج نبيه وسلف الأمة أو يلغي خصوصيته ويتنكر لعاداته وقيمه وتقاليده ليصبح مقلداً كالببغاء لعدوه حذو القذة بالقذة ؟ فالناظر بعين الإنصاف والبصيرة يدرك بوضوح أن هذا هو ما قدمه الليبراليون لوطنهم ومجتمعهم فهم لم يقدموا أي مشروع ناجح للأمة إلا مزيداً من الشقاء والبعد عن الدين ، وهم الذين سعوا إلى تفتيت المجتمع المسلم وشق الصف المسلم وتفريق كلمته واتهموا به أهل الخير والصلاح ، وهم بذلك ينطبق عليهم المثل القائل : ( رمتني بدائها وانسلت ) , وهم الذين يسعون إلى التفريق بين الراعي والرعية تلك العلاقة التي ضبطت أصولها ومبادئها شريعة الله ، وهم الذين باركوا أي خطوة في إخراج المرأة وتبرجها .

المشكلة الكبرى عند هؤلاء :
المشكلة الكبرى عند هؤلاء ليس في ابتعاد الأمة عن دينها ولا في تسلط عدوها عليها ولا في تأخرها في وسائل التقنية الحديثة مما جعلها دائماً في حاجة إلى عدوها ، وليست المشكلة في المجاعات في العالم الإسلامي ، ولا في لعب اليهود الغاصبين بمسرى المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولا في الخطر المحدق بالأمة من قبل أعدائها ليست هذه مشاكل جوهرية أبداً .
المشكلة الكبرى عندهم أن المرأة المسلمة في هذه البلاد لا تزال ملتزمة بحجابها ولا تقود السيارة ولا تختلط بالرجال ولا تسافر إلا مع ذي محرم ولا قوامة لها بل القوامة للرجل عليها فهي لا بد أن تعيش في ظل رجل ! وهذه الأمور كلها حالت بينها وبين أن تخدم وطنها وأن تكون منتجة مثمرة ، ولسان حالهم يقول لو المرأة تحررت من حجابها وقادت السيارة لوصلنا القمر وحققنا نصراً مبيناً ومشروعاً عملاقاً ولرأيتنا في مصاف الدول المصنعة . { كبرت كلمة تخرج من أفواههم } .

يا هؤلاء دعوا المرأة وشأنها واطرحوا مشروعاً مثمراً :

يا هؤلاء دعوا المرأة وشأنها فالمرأة في بلادنا قد شقت طريقها في الحياة وحازت على أعلى الشهادات وقامت بمسؤولية عظمى وهي ترتدي الحجاب المحتشم وما حال بينها وبين أن تقدم رسالتها لمجتمعها المسلم ولسان حالها يردد ما قالته الأديبة عائشة التيمورية حيث قالت :

بيد العفاف أصون عز حجابي *** وبعصمتي أعلو على أتـرابي
وبفـكرة وقـادة وقريحـة *** نقادة قد كَمُلَت آدابـي
ما ضرني أدبي وحسن تعلمي *** إلا بكوني زهرة الألبــاب
ما عاقني خجلي عن العليا ولا *** سدْل الخمار بلمتي ونقــابي

المرأة المسلمة يا هؤلاء تدين لربها بهذا الحجاب وتعتقد وجوبه كما تعتقد وجوب الصلاة والصيام ، المرأة المسلمة يا هؤلاء تقدم رسالتها للمجتمع من جانبين الجانب الأول تربية الأبناء والقيام بحقوق بيتها وزوجها وتعتقد أن هذه المسؤولية الأولى التي ستسأل عنها ولا يمكن أن يقوم به غيرها لأن الدين خاطبها بذلك : " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " . والجانب الثاني ما تقدمه لمجتمعها ودينها خارج بيتها مما لا يتعارض مع رسالتها في البيت ولا يتعارض مع تعاليم دينها .

يا هؤلاء : قيادة المرأة التي تنادون بها وتزعمون أن المرأة في بلادنا محرومة منها وأنها مظلومة حيث لم تمكن منها أما يكفيكم تلكم الدراسة التي قام بها جهاز الإرشاد و التوجيه في الحرس الوطني و الذي نشرت في صحيفة الجزيرة عدد 12337 يوم الأحد 13 جمادى الآخرة 1427هـ حول قيادة المرأة للسيارة والقضايا الأخرى المثارة حول المرأة والتي شملت ( 400 ) امرأة من مختلف الأعمار والفئات فكانت نتيجته 88% يرفضن قيادة المرأة للسيارة . و90% يرفضن العمل الذي يؤدي للاختلاط ؟!
أما يكفيكم أيضاً تلكم العريضة التي قدمت لمقام خادم الحرمين حفظه الله والموقعة من قرابة المائتين من النساء في هذا الوطن يحتججن فيها على الدعاوى المطالبة بقيادة المرأة للسيارة في هذه البلاد ؟!
المرأة المسلمة ـ يا هؤلاء ـ تتبوأ مكانة عظيمة في الإسلام فهي صانعة الأبطال ومدرسة الأجيال ومحضن القادة العظماء والعلماء الأفذاذ ، وهي الركن العظيم في الأسرة . قال شوقي :

الأم مدرسة إذا أعددتهــا *** أعددت شعباً طيب الأعراق

وقال العشماوي حفظه الله :

أختاه دينك منبع يروى بـه * قلب التقي وتشرق الأنوار
ودعاؤك الميمون في جنح الدجى * سهم تذوب أمامه الأخطار
في كفك النشء الذين بمثلهم * تصفو الحياة وتحفظ الآثار
هزي لهم جذع البطولة ربما * أدمى وجوه الظالمين صغار
غذي صغارك بالعقيدة إنها * زاد به يتزود الأبــرار
لا تستجيبي للدعاوى إنها * كذب وفيه للظنون مثــار

فيا هؤلاء ـ إن كنتم صادقين ـ دعوا المرأة وشأنها فقد عرفت طريقها وسارت على نهج سلفها وعظمت كتاب ربها وقامت بواجبها وابحثوا عن مشروع نافع لمجتمعكم . فهل توقف المشروع التنموي ونهضة الأمة على قيادة المرأة للسيارة أو رمي الحجاب ؟!! .وهل توقف التقدم التقني والصناعي على ذلك ؟ يا هؤلاء : بكل صراحة أقول أين المشروع النافع الذي قدمتموه للأمة ؟! .

في حقيقة الأمر أنكم لم تقدموا للمرأة إلا مزيداً من الشقاء والبعد عن الله . فهل لا ماست مطالباتكم حاجاتها الفعلية وقضاياها الجوهرية ومشاكلها الحقيقية وسعيتم جادين في إيجاد الحلول لها ؟! .

 

مذاهب فكرية

  • كتب حول العلمانية
  • مقالات حول العلمانية
  • الليبرالية
  • الحداثة
  • منوعات
  • رجال تحت المجهر
  • الصفحة الرئيسية