اطبع هذه الصفحة


العلمنة ونزع الولاية

عيسى بن مانع

 
مما يُعلم من دين العلمنة بالضرورة؛ نزع كل ولاية تحجز الناس عن الولوغ في المحرمات. فنجدهم يتاجرون بقضايانا الاجتماعية لمصلحتهم الخاصة ويبيعون أعراض الناس بثمن بخس دراهم معدودة, يوفونها نقداً حالّا في أيدي أسيادهم الصهاينة من اليهود والنصارى.
هذه الأيام بدؤوا يطبلون ويدندنون حول قضية العنف الأسري, وركبوها مطية نحو نزع ولاية الأب والزوج ويسعون نحو تشريع القوانين التي تحد من سلطة القوامة والولاية, كما فعلوا في "سكن المرأة بلا محرم" فهناك نزعوا عروة وثقى! وبعد العنف الأسري ستنزع عروة أخرى! وتضيع ولاية الآباء على أولادهم بل ربما أنه يجد شاباً يضاجع بنته فلا يستطيع أن ينهره فكيف بضربه أو قتله!
ومما يدعو للأسى والأسف أن هناك من يركب سفينتهم الخرقاء من أصحاب اللحى والقلوب الطيبة أو المريضة!
وأريد أن تعلم –رحمك الله- أن أعظم ما ينظم الحياة الأسرية بين الرجل وأهل بيته هي الولاية والقوامة والسلطان الضابط المنضبط, الذي به يستقر البيت وتترابط الأسرة ويتأدب الجانح ويعود المُبعِد وتستقيم الحياة!
ولا شك أن إثارة القضايا الشاذة والنادرة في المجتمع واللعب بها كورقة في نزع الولايات وإسقاط الوصايات هي وسيلة علمانية مشهورة في بلاد المسلمين, كما فعلوا بمسألة "ختان المرأة" في مصر واليمن ومسألة "اختلاف نسب الزوجين" في السعودية. ويكون ذلك اللعب بتسليط الأضواء الإعلامية العشواء على حادثة طفل أو امرأة بين ملايين الأفراد وملايين الناس, وملايين الحوادث وملايين الجرائم التي يسكت عنها ويضرب عنها القول صحفاً وخدمةً للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة. وعندما ترى عرضهم لهذه الحوادث النادرة وكأنهم يتحدثون عن ظواهر يئن تحت وطأتها المجتمع وكأن الأطفال معلقين على أسطح المنازل بدل الغسيل! وكأن الزوجات ينحرون بين الثلاجة والفرن! وكل هذه الجعجعة خدمة لأهدافهم النجسة الخبيثة!
لماذا لم يتكلموا عن "السحر ومصانع الخمور" التي يرصدها أسود الهيئة؟! لماذا لا يتحدثون عن "المخدرات" التي مسخت شبابنا؟! لماذا لا يتكلمون عن "القنوات" الهابطة بالذوق والإيمان والأخلاق وبمشاهديها إلى دركات الجحيم؟! لماذا لم يناقشوا "قضايا العطالة والبطالة"؟!
إن الارتزاق والمتاجرة بقضايا الناس والضعفاء والصامتين من الجوعى والمعدمين؛ لهو انحطاط نحو هاوية لا قعر لها وانجرار نحو "قاذورات المدنية" وابتعاد عن الدور الريادي الذي يجب أن تلعبه الأمة الإسلامية والمجتمع المسلم. وإن الجانب الأخلاقي المنبثق من نور الشريعة هو الذي يجعلنا نقاوم طوفان الانحطاط الخُلقي الذي يجتاح المعمورة تحت مسمى "العولمة الثقافية" أو "العولمة الإباحية" إذا أردنا أن نضع النقاط على الحروف. فإن الحضارات الآسيوية قد فقدت الجانب الخلقي وهي تملك الجانب المادي فصمدت أمام "عولمة الجنس الغربية", ونحن لا نملك الجانب المادي ونحتفظ بالجانب الخلقي؛ فإن فقدناه صرنا سبايا للعم سام والجدة إليزابيث وصار الرثاء يومها رثاءً عريضاً لأمة مريضة.


أخوكم عيسى بن مانع
الأحد 20 جمادى الأولى 1429هـ
 

مذاهب فكرية

  • كتب حول العلمانية
  • مقالات حول العلمانية
  • الليبرالية
  • الحداثة
  • منوعات
  • رجال تحت المجهر
  • الصفحة الرئيسية