اطبع هذه الصفحة


الليبرالية ( مكائد شيطانية )

مفلح عشق المنفوري

 

1-2


لم يتفق صناع الليبرالية والمنظرين لها على تعريف يحدد بوضوح منهجها ، لكنهم أجمعوا على وصفها بالحرية المطلقة ولا يكاد يتفق فردين من أتباعها على سقف محدد لحريتهما ، إذ إنهم يرون أن لكل فرد منهم أن يحدد سقف حريته الشخصية بما يراه .

والحرية المطلقة المقصودة كما يروج لها صناع الليبرالية عبر تاريخها هي التحرر من كل القيود سواء كانت دينية أو سياسية أو غير ذلك من القيود المفروضة على حرية الفرد.

حتى أن بعض أتباع الليبرالية رفض الديمقراطية بحجة أنها صوت الأغلبية مما يحد من حرية الأقلية.

فإذا عجز الليبراليين أنفسهم عن تعريف مذهبهم . فلم يعجز شرع الله سبحانه عن تعريف من يدعو للتحرر من أحكام شرعه بحجة الحرية الشخصية المطلقة قال الله تعالى :( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَِ) الجاثية آية23

فمن يرى أن متطلبات حريته الشخصية مهيمنة على ما شرع الله من أحكام وأوامر ونواهي فهذا تأليه للهواء واتبعا للشيطان ، الذي قطع عهدا على نفسه بأن يغوي بني آدم إلا من اخلص منهم العبادة لله وحده ، قال الله تعالى: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَِ (82)إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَِ(83)قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُِ (84)لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَِ(85)) سورة ص

وينقسم دعاة الفكر الليبرالي إلى ثلاثة أقسام :


القسم الأول :
يؤمن بهذا الفكر جملة وتفصيلا ويدعي أنه المنقذ الوحيد للبشرية والطريق الصحيح لتقدمها ، وينبذ كل ما سواه من أفكار وتشريعات ومعتقدات مدعيا أنها تحد من حرية الفرد.

القسم الثاني:
فئة مغرر بها من قبل القسم الأول مصدقة لكثير مما يطرح من فكر منفذة لأجندته لا ترى إلا ما يرى بحثا عن تحقيق أهدافه ( المزعومة ) إلا أنها تريد أن يبقى المعتقد مقدس دون تغيير ( ليبرالي إسلامي).

القسم الثالث :
فئة تعرف أن هذا الفكر باطل جملة وتفصيلا ، لكن هذا لا يعني لها الشئ الكثير فهي تتبع أصحاب الصوت المرتفع ، طالبة للشهرة والمال أين كان مصدرهما فهي تركب كل مطية توصلها لمبتغاها ولو على حساب معتقدها وقيمها .

ونجح هذا الفكر كثيرا في الغرب ، مما شجعهم على اتخاذه سلاحا لتنفيذ مخططاتهم في البلدان الإسلامية .

إلا أن العائق الوحيد الصامد أمام هذا التيار هو دين الإسلام ، وذلك لقوة منهجه وترسخه في نفوس متبعيه وبلاغة حجته ، ولا ريب فهذا شرع الله تكفل بحفظه سخر لنصرته من يشاء من عباده .

فعلم القوم أن المواجهة مع الدين الإسلامي مباشرة، مواجهة خاسرة لا محالة، فما كان منهم إلا المكيدة بأتباعه ليهدموا دينهم بأيديهم.

واتخذوا لتنفيذ هذا النهج طرائق وأساليب عدة تتفاوت قوتها ودرجات نجاحها بتفاوت القدرة والفرصة المتاحة لمنفذيها.

ومن أول المكائد :


الادعاء بأن الصراع ـ صرا ع بين التيار الليبرالي والتيار الإسلامي ، مدعين أن الهدف ليس الإسلام ولكن التيار الإسلامي وهذا الادعاء يعد من أقوى الاستراتيجيات لدعاة هذا الفكر

فهم عندما يصورون الصراع على أنه بين تيارين يريدون بذلك ما يلي:


إيهام المسلمين أن المقصود تيار معين وليس المسلمين والإسلام .

الإبقاء على خط الرجعة مفتوح في أي لحظة وذلك عندما تضعف حجتهم أمام الدليل الشرعي يدعوى أنهم لا يعارضونه ولكن يعارضون طريقة التيار المنفذ له .

كسب تعاطف اكبر عدد من العامة الذين لا يعلمون حقيقة الموجهة.

وللأسف الشديد فقد نجحت هذه المكيدة إلى حد كبير، فلم ينتبه بعض المواجهين لفكر التيار الليبرالي لخطورة هذه المكيدة.

فعندما يوضح مفتي عام المملكة للمسلمين خطورة ما تبثه بعض القنوات من مفاسد تضر بالعقيدة والأخلاق ، ترتفع أصوات الليبراليين مدعين أن التيار الديني هو الذي يرفض ما يعرض في هذا القنوات ، والحق أن الدين الإسلامي هو الذي يحرم كل ما يضر بمعتقد وأخلاق المسلم ، وليس هذا فكر تيار ديني (كما يزعمون) بل شرع الله الحكيم.

وقد الصق الليبراليين تهمة تفريخ الإرهاب بمناهج التعليم والمساجد وحلقات تحفيظ القرآن والمراكز الصيفية. موهمين عامة المسلمين أن من يقف وراء ذلك كله هو ما يسمى بالتيار الديني. مطالبين بإغلاق المراكز الصيفية وتحفيظ القرآن أو رفع يد المختصين في العلم الشرعي عنها و تغيير المناهج الشرعية وتقليصها كما وكيفا و حذف نصوص شرعية معينة تتعارض مع توجهاتهم.

وهذا الاتهام ليس عليه دليل، لا بل المعطيات تدل على بطلان هذا الاتهام ومنها:


من سمعنا اعترافاته في وسائل الإعلام من الفئة الضالة لم يذكر أن مصدر فكره كان من الجهات التي يتهمها الليبراليين بالإرهاب.

إن رجال الأمن الذين واجهوا الفئة الضالة في الميدان جميعهم درسوا هذه المناهج ومنهم من درس في مدارس تحفيظ القرآن والتحق بالمراكز الصيفية فهاهم يبذلون أرواحهم في سبيل نصرة الدين والوطن.

الدعاة والمشايخ الذين حاربوا فكر الفئة الضالة بالحجة البينة نهلوا من منهاج التعليم وكان بعضهم قائما على حلقات تحفيظ القرآن والمناشط الدعوية .

الدولة بذلت الأموال والأنفس في سبيل حفظ الأمن ورد كيد المعتدين ونجحت بفضل الله في ذلك ولا يشك عاقل أنها ستترك منابع الإرهاب ( كما يزعم الليبراليين) مفتوحة وهي تعلم أنها مصدر الخطر.

ولذا يجب أن تجلى القضية وأن توضع الأمور في نصابها بعدم قبول دعاوي الانتماء إلى ما يسمى تيار إسلامي أو ديني وأن تكون المواجهة اعم ويوضح للمسلمين أن اختزال المواجهة بين تيارين والبقية (جمهور يتبعون الغالب) ما هي إلا مكيدة يجب دحرها وفضح أهدافها .

فأنا مسلم انتمي للإسلام ولا انتمي لتيارات، وما يعارض الإسلام ارفضه مهما كان مصدره.

وإذا وقفت مدافعا فأني أدافع عن الإسلام وليس عن هذا التيار أو ذاك.

مكيدة التقليل من قدر العلماء:


يعلم الليبراليين أن المسلمين عبر تاريخهم يرجعون في تعلم شرع الله وتفسير أحكامه إلى العلماء الشرعيين الثقات ، وإن مصدر القوة المواجهة لفكرهم يكمن في قوة حجة العلماء الراسخين في العلم وثقة الناس بهم .

فكان لزاما عليهم أن يعملوا على سحب الثقة القائمة بين العلماء وعامة المسلمين ليسهل تنفيذ مخططهم.

فعمدوا إلى اتهام العلماء بأنهم يمارسون وصاية على الناس . وأن المسلمين كالقطيع يتبعون دائما العلماء .

وأن العلماء يحتكرون التفكير والاستنباط من النصوص الشرعية مدعين ( أي الليبراليين) إن هذا حق لكل فرد وليس خاص بالعلماء فقط.

وتبطل هذه المكيدة بالتالي :


العلماء لم يلدوا من بطون أمهاتهم شراح كتب ومفسري نصوص بل وصولوا إلى هذه الدرجة من العلم بعد أن امضوا السنوات الطوال في دراسة وسبر أغوار العلم الشرعي على يد علماء راسخين في العلم سبقوهم في ذلك أخذين صفة التواتر من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد صحابته رضي الله عنهم .

وطلب العلم الشرعي ( بتخصص) ليس حكر على فئة دون أخرى ومن يريد أن يتعلمه فالباب مفتوح ولم يرد فليس له أن يخوض في ما لا يعلم.
والمسلمين ملزمين بفهم دينهم من مصادره الموثقة وليست القضية قضية وصاية بل تثبت في اخذ العلم من أهله.
فالإنسان عندما يداهمه المرض يسارع بالذهاب إلى الطبيب لأنه الأجدر بحكم تخصصه على التشخيص و العلاج ، فهل يمارس الطبيب وصاية على الناس .
وكذا من أشكل عليه شئ من أمور دينه فإنه يذهب للعالم لأنه الأجدر بحكم تخصصه على توضيح الإشكال ، فهل يمارس العالم وصية على الناس .
إن الناس هم الذين بحاجة للعلماء وليس العكس.

عجيب أن يتهم المسلمين عندما يعودوا إلى العلماء بالقطيع.
وإن سلمنا بتسمية كل من يتبع منهج معين بالقطيع.
فقطيع يتبع المنهج الحق أفضل واجل من قطيع يتبع المنهج الباطل.
فالليبراليين لا ينكرون على من اتبع رموز منهجهم بل يمجدوه على ما وصل إليه من رقي في الفكر (زعموا ) فلماذا لا يطلق على أتباع رموز الليبرالية قطيعا ؟
البقية المقال القادم بإذن الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.
ولله الأمر من قبل ومن بعد
 



2-2

ومن المهم أن أوضح للجميع أنني عندما أتحدث عن هذه المكائد لدعاة الليبرالية فأنا اعني الليبرالية الداعية إلى الحرية المطلقة للفرد دون ضابط شرعي.

أما من ينسب نفسه لليبرالية و يدعي أنه لا يعارض تطبيق الشريعة الإسلامية فسوف يكون الموقف من ذلك في نهاية المقال.

· مكيدة قضية المرأة

كانت قضايا المرأة ولا تزال عند الليبراليين المحور الأساس في نشر فكرهم، متلبس دور المنقذ للمرأة من الظلم وضياع الحقوق متخذين أكثر من وسيلة لإبراز دورهم المزعوم في إنقاذها.

ومن ذلك على سبيل المثال: الحجاب


ومعلوم أن الحجاب للمرأة يعد من العبادات التي تتعبد به لربها سبحانه وتعالى امتثالا للنصوص الصريحة من الكتاب المنزل الكريم والسنة النبوية المطهرة .

وصفة الحجاب الشرعي على قولين من أقول أهل العلم الشرعي المعتبرين ، وليس هذا محل بسط الأدلة التي استند عليها كل قول وبيان الراجح والمرجوح منها ، لكن بالمختصر يرى أصحاب القول الأول ـ تغطية الوجه للمرأة عند غير محارمها ويرى أصحاب القول الثاني جواز كشف الوجه عند غير المحارم بشروط منها :

أ ـ أن تأمن الفتنة على نفسها .
ب ـ
أن تتجنب الزينة التي تدعو للفتنة .

إلا أن الليبراليين يرون أن الحجاب من علامات التخلف ، ويمنعون في وسائل الإعلام المسيطرين عليها خروج المرأة متحجبة بالحجاب الشرعي .

بل الأمر يتعدى ذلك ، فعندما يطرحون قضية اجتماعية للنقاش في الإعلام ينتقون الضحية ( من النساء المحجبات حجابا شرعيا ) ثم يأتون بجوارها امرأة متبرجة تقوم بدور ( المثقفة ) أو المصلحة الاجتماعية ! ويهدفون من ذلك الفعل المتكرر أن ينقلوا صورة سيئة عن المحجبات مفادها أن المحجبة دائما ضحية للظلم وغير قادرة على أخذ حقوقها ، ولا تملك حتى القدرة على الرد لما يطرح من استفسارات المشاهدين وتفتقر للثقافة العامة ، وهذا قطعا يعد ظلما واحتقارا للمرأة من أصحاب دعاة تحرير المرأة من الظلم .

وقد كان ولا يزال لبعض المسلمات المحجبات إنجازات علمية عالمية ـ تحدث عنها العالم إلا إن الإعلام الليبرالي لم يشر حتى إشارة لهذه الانجازات وصاحباتها ، لأنهن فقط محجبات .

وما يختارون من مذيعات في قنواتهم، يفرضون عليها نزع الحجاب أو على اقل تقدير أن لا تغطي كامل رأسها بالحجاب وتبدي ما يدعو للفتنة والتميع في القول كسبا للجمهور.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم): ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء.( رواه البخاري ومسلم. وعند مسلم): فاتقوا الدنيا واتقوا النساء(

وما قضية البندري منا ببعيد، التي تعرضت للضرب ولإهانة من قبل مدير قناة صم الآذان مطالبا بحقوق المرأة ! فقط لأنها رفضت نزع حجابها .

فهل وجدت المرأة الحرية المطلقة عند من يدعيها ؟


تبطل هذه المكيدة بالتالي :


الليبراليين ظلموا المرأة في الغرب بجعلها دمية للرقص والاستعراض في ملاهيهم الليلية ومنصات عرض الأزياء ، ومادة إعلانية لترويج السلع التجارية . وجعلوا جسدها مقوم من مقومات السياحة هناك.

المرأة المسلمة تدين لله بارتداء الحجاب عبادة وليس عادة ولا تراه ظلما وتخلفا.

يوجد الكثير من الظلم وضياع الحقوق للمرأة في العالم الإسلامي بسبب تصرفات فردية أو منظمة بسبب غياب تطبيق تعاليم الدين الإسلامي. إلا أن الليبرالية ليست الحل لرفع الظلم عنها ورد حقوقها فكيف ننقل المرأة من ظلم إلى ظلم، بل الحل هو العودة إلى شرع الله الذي جعل للمرأة حقوق وعليها واجبات كما للرجل.

المرأة والرجل مختلفين في المقومات وفي الحقوق والواجبات في الدين الإسلامي وعندما يقوم كلا منهما بدوره المنوط به ، يعد ذلك تكاملا بديعا في المجتمع يسهم في رقيه المعنوي والمادي , والمساواة بينهما في الحقوق والواجبات يبطل التكامل ويضعنا أمام مجتمع من نصف واحد .

· مكيدة التخلف العلمي:


ادعى الليبراليين عبر تاريخهم منذ عصر الاستعمار في العالم الإسلامي ويدعون اليوم أن تطبيق الشريعة بشمولية في حياة الناس من أسباب تخلف الأمة الإسلامية، وقتل الإبداع وحرية التفكير. مستشهدين على ذلك بما يحدث في أوروبا من تقدم علمي بعد سقوط كهنوت الكنيسة .

ومتصنعين لصراع يطبلون له كل يوم بين العلم الشرعي والعلوم المادية ، موهمين الناس أنه لا تقدم في العلوم المادية إلا بتقليص العلوم الشرعية ، مدعين أن العقل يجب أن يكون وصيا على الدين ، يأخذ منه ما يوافقه ويفهمه ويترك ما سوى ذلك ، محتجين بأن الدين همش أهمية العقل.

ويبطل كيدهم بالتالي:


إن الإسلام جاء شاملا لكل مناحي الحياة ، رحمة للعالمين مرشدا اياهم إلى كل ما يصلح حياتهم ومبينا لهم ما يضرهم ، مشجعا على طلب العلم النافع أي كان نوعه .

إن من الظلم أن يشبه علماء الإسلام المعتبرين بكهنوت الكنيسة ، فعلماء الإسلام يستندون في قولهم الشرعي إلى دليل صريح أو إجماع أو قياس صحيح ، وذلك بعد أن يصل العالم إلى درجة من العلم يحق له الاجتهاد والاستنباط ، وليس لعالم أين كان أن يدعي شيئا دون أن يوضح الدليل عليه ، بعكس ما يفعل أصحاب الكنيسة يقولون بالقول ولا يستطيع أحدا أن يطلب منهم الدليل بل على الجميع الانصياع والطاعة مستغلين بذلك مصالحهم بأخذ أموال الناس وتضييع حقوقهم بالباطل .

فهل هؤلاء مثل أولئك ؟ (إن هذا لبهتان عظيم ).

إن من الضروريات الخمس في الدين الإسلامي المحافظة على العقل وتحريم كل ما يعرضه للفساد والانحراف، ونص على إن من شروط التكليف للعبد أن يكون عاقلا ليدرك لما يقول وما يفعل.

ولن يجد العقل تكريما ولا مكانة وحفظا مثل ما يجد في ظل تطبيق شرع الله الحكيم.
وهناك فرق باين بين تكريم العقل وإعماله لصالح الفرد والمجتمع وبين تقديسه وعبادته .

لم يجلب الليبراليين للعالم الإسلامي طرقا نافعة ورؤية واضحة تدعم دعواهم بأن الحرية المطلقة هي من أوصل الغرب للتقدم العلمي المادي .

بل جاءوا يطالبون بفتح دور للسينما وفتحوا قنوات تنشر الانحلال الأخلاقي والعقدي ، وساهموا في تشتت الأسرة المسلمة من خلال زرع الفتنة بين أفرادها بحجة أن لكل فرد فعل ما يشاء متى شاء وإن ليس لأحد ولاية أو وصاية على أحد .

فهل هذا مشروع الليبراليين لإخراج الأمة الإسلامية من التخلف عن ركب الحضارة ؟

وهل هذه المعطيات هي التي ساهمة في وصول الغرب إلى ما وصل إليه من تقدم علمي مادي ؟

يدعو الليبراليين إلى حرية الاستنباط من الأدلة الشرعية لكل فرد أين كان ، وقد وافقوا في ذلك الفئة الضالة في هذه الفكرة ، فالفئة الضالة استنبطوا من الأدلة الشرعية من غير أهلية ولا علم وفهموا الدليل الشرعي على ما اشتهت أنفسهم فكان ذلك سببا رئيسيا في ما وصلوا إليه من التفجير والتكفير.

§إن ضابط الاجتهاد و الاستنباط من الأدلة الشرعية هو درجة أهلية الفرد لذلك، فمن لم يكن دارسا دراسة وافية للعلوم الشرعية ملماً بالأدلة قادرا على الجمع بينها فليس له حق الاجتهاد والاستنباط.

6 ـ إن من يحارب الإبداع والتفكير والتقدم العلمي التقني في العالم الإسلامي هم مخلفات الاستعمار وطغاة الغرب الذين أوصدوا كل باب يدعو لاستقلالية الدول الإسلامية ـ والدلائل على ذلك شاهدة عبر التاريخ منذ أن بسط المستعمر نفوذه العسكري على غالبية العالم الإسلامي .

وعندما عاد المحتل ، ترك وراءه من يرعى مصالحه ويخدم توجهاته ، وكل المنصفين والعقلا يعلمون بأنه متى كان للمسلمين استقلالهم الكامل كان التقدم والتميز حليفهم ، وهذا ما لا يريده أعداءهم .

السؤال العريض الآن: هل الليبراليين مطبقين فعلا لمنهج وفكر الليبرالية ؟

الجواب:
حماة الليبرالية ورعاتها هم من قهروا الشعوب و نهبوا ثرواتها تحت وطئت الجيوش الجرارة .

دعاة الحرية المطلقة هم من منعوا الحجاب عن المسلمات في فرنسا وفي تركيا وفي تونس التي تصنف من ضمن بلاد الحريات وهي تحرم التعليم والعمل على من يلبس الحجاب من المسلمات ، هم الذين خطفوا الأطفال من إفريقيا وضحايا تسو نامي ليستعبدوهم و ليبيعوهم بأبخس الأثمان لمن يعبث بأعراضهم .

دعاة الحرية المطلقة يحتكرون الاقتصاد في العالم بالقوة ، فها هو السودان بعد ما اختار أن يقوم على منشأته النفطية شركات صينية ، قامت الدنيا ولم تقعد ، فأثاروا الفتنة بين أقطابه ولفقوا التهم حول صناع القرار فيه ، وذلك فقط لأنه اختار بنفسه قرارا بعيدا عن الهيمنة .

في فرنسا سنة القوانين لمنع التدخين في جميع الأماكن العامة في ظل الحرية المطلقة وامتثل الليبراليين لهذا القانون البشري ، فلما ينقمون علينا الامتثال للقانون الذي شرعه الله ورسوله .

أذا كان الغرب أختار لنفسه أن يعيش بحرية مطلقة فله ما فعل .

ونحن كمسلمين اخترنا بفضل الله حريتنا ضمن ضوابط شرع الله الحكيم، فهل لدعاة الحرية المطلقة أن يتركوا لنا اختيارنا من باب الحرية، أم أن الحرية التي يدعون أنهم أنصارها تقاس بمصالحهم ومطامعهم المادية و الاستبدادية في العالم الإسلامي ؟

بقي موقف من الذين ينتسبون لليبرالية بحجة أن في الليبرالية بعض الايجابيات التي تدعو للحرية و لا تتعارض مع الإسلام .


أولا :
بإمكاننا أن نحصل على الايجابيات من أي فكر كان دون أن ننتسب إليه .

ثانيا :
أبو جهل مشرك كافر لكنه يعترف بأن الله هو من خلق السموات والأرض وهذا الاعتراف يوافق ديننا الحنيف ، فهل نقر بهذه الايجابية مع بقاءنا على ديننا الصحيح أم يلزمنا أن نتبع سبيل أبى جهل لأن فيه بعض الايجابيات ؟

ثالثا :
الله سبحانه وتعالى حرم الخمر والميسر لضررهما الطاغي على منفعتهما ، قال الحكيم العليم : { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما } (البقرة:219)

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَِ) المائدة آية 90

إن من المسلمين من أوغل في الشبهات حتى طاف القبور واستغاث بأهلها من دون الله، وهو يرى أنه لا يعارض شرع الله !

ومن المسلمين من أوغل في الشهوات حتى دعا إلى نزع حجاب المرأة بحجة أن المرأة عندما تتحجب لا يجد الشاعر جمالا يكتب فيه قصائده. وهو يرى أنه لا يعارض شرع الله!

فمن يدعو لحرية التفكير والإبداع للفرد والمجتمع ضمن حدود ما شرع الله ، فهذا ليس ليبراليا ، فكل مسلم حر عاقل يدعو لذلك لا يلزمه شرطا لهذه الدعوة إتباع منهج الليبرالية الباطل.

خاتمة:


هناك فرق بين كشف شبهات المنهج الباطل لكي يعلمه المسلمين ويحذروه وبين التعايش السلمي مع أهل ذلك الباطل على أن يكفوا باطلهم وما يعتقدون عن المسلمين.

وفي ظل الإسلام عاش اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم دون إذلال لهم ولا انتهاكا لحقوقهم، إن كفوا عن نشر ما هم عليه من باطل في أوساط المسلمين.

ـــــــــــــــ

قال الله تعالى :( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَِ) الجاثية آية23


مفلح عشق المنفوري
كاتب سعودي
muflehashq@gmail.com


المصدر :
صحيفة ( سبق ) الالكترونية

 

مذاهب فكرية

  • كتب حول العلمانية
  • مقالات حول العلمانية
  • الليبرالية
  • الحداثة
  • منوعات
  • رجال تحت المجهر
  • الصفحة الرئيسية