اطبع هذه الصفحة


لماذا تخلّى (الليبراليون) عن مازن عبد الجواد .. ؟

فهد بن صالح العجلان


لسنا بحاجة في هذا المقام لإظهار النكير على (مازن عبد الجواد) ، فالشناعة والبشاعة والاحتقار تلاحقه وقناة السوء في كلّ جمع تذكر فيه خبر هذه القذارة، وحجم الاستنكار والرفض الكبير الذي تعرّض له هذا السلوك المشين يتناسب وما عليه المجتمع السعودي من التزام وحفاظ على القيم والأخلاق الفاضلة.

ما يلفت (النظر) ويستدعي (الانتباه) هو الموقف الليبرالي المتخاذل من نصرة مازن في محنته التي يتعرّض لها.

لقد تبرأ الليبراليون من مازن، وتركوه يلاقي حتفه وحيداً، فلم يقف ليبرالي واحد ليدافع عنه أو –على أقل تقدير- يخفّف من المبالغة في تشنيعه، بل وقف كثير من الليبراليون في صفّ النكير والاستخفاف لما قام به مازن، ورموه بالحمق والاستهتار والخلاعة والمجاهرة حتى إن القارئ لا يكاد يفرّق بين تعليقات المتابعين في منتديات (بناء) و(لجينيات) وبين الشبكة الليبرالية السعودية!

مازن .. إنما مارس حرية شخصية وحقاًَ مشروعاً من بدهيات حقوق الإنسان في الفلسفة والفكر الغربي الليبرالي، فلم يقم بالاعتداء على أحد ولم يتجاوز في سلوكه الشأن الخاصّ به الذي لا يضرّ أحداً في بدنه أو ماله أو حريته، وما هي إلا علاقة شخصية خاصّة قائمة على الرضا والاتفاق مع الطرف المقابل.

فهذه هي النظرية الليبرالية في الحرية ، فلماذا وقف الليبراليون ضدّ من طبّقها عملياً..؟


أتمنى أن أجد ليبراليا واحداً شجاعاً يقف على قدميه ليشرح لنا ما الخطأ الذي وقع فيه مازن حتى ينال غضبة الليبراليين، أو يحرم من نصرتهم ومؤازرتهم، فما الذي فعله مازن بالضبط حتى يحرم من جنة الحرية الليبرالية؟

إنّ سلوك مازن قد تحوّل مصباحاً ضوئياً يكشف حجم العبث الذي يمارسه الليبراليون في بلدنا، حين يدعون بلا تحفّظ إلى قيم وأفكار هم أول من يتبرأ من آثارها، فطالما كتبوا عن الحرية والتسامح كحقّ مشروع لكلّ من لم يحصل من فعله ضرر دنيوي، فما بالهم قلبوا المجنّ على مازن وقد علموا أنه لم يفجّر ولم يقتل ولم يفعل سوى أن التزم عملياً بالحرية التي يريدون.

إن النكير على فعل مازن راجع إلى اعتبارات شرعية وأخلاقية وهي معايير غير معتبرة في الحرية الليبرالية، فما قام به ما هو إلا سلوك يجب احترامه بنصّ القانون ولا يجوز الاعتداء عليه لدخوله في حقّ الحرية الشخصيّة، وهذا من البدهيات التي لا تخفى على بسيط الثقافة فما ذا دهى الليبراليون ..؟

إن حادثة مازن قد أوقفت التيار الليبرالي في السعودية بين منعطفين، إما الرجوع إلى قيم الدين وأخلاق الإسلام فلا يعترفون بحرية لا تلتزم بقيم الإسلام، أو ليخلعوا عباءة الخداع والنفاق وليلتزموا بالمبادئ التي يشيعون وليقفوا مناصرين للتطبيق العملي لمبادئ الحرية الليبرالية.


فهد بن صالح العجلان
الرياض
 

مذاهب فكرية

  • كتب حول العلمانية
  • مقالات حول العلمانية
  • الليبرالية
  • الحداثة
  • منوعات
  • رجال تحت المجهر
  • الصفحة الرئيسية