اطبع هذه الصفحة


الإسلام و الليبرالية... من يحتاج إلى من؟؟؟

د. أحمد جلال فؤاد


بسم الله الرحمن الرحيم
 

أهم النقاط في المقال: ـ
تعريف وتاريخ نشأة الليبرالية
ظهور الديموقراطية الليبرالية
الإسلام الليبرالي
الإسلام والليبرالية؛ من يحتاج إلى من؟

التعريف و ظروف النشأة

الليبرالية تعبيرٌ برّاقٌ ومُثير ! كلمةٌ تحمِلُ معاني الحرية والإنطلاق بلا قيود.
ولكننا نتحدث عن المذهب السياسي وليس المعنى اللفظي.ـ

وبتعريف مدلولها نفهم تطبيقاتها أكثر . وبمعرفة ظروف نشأتها، نستطيع أن نحدد مدى ملائمتها لظروفنا أم لا؟
Liberalism اشتقت من كلمة Liber الليبرالية كلمة لاتينية تعني الحر.

وسياسياً تعني تبني وعي اجتماعي سياسي داخل المجتمع، تهدف لتحرير الإنسان كفرد ، وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية)ـ

وفي جملة واحدة مفيدة، الليبرالية تدور حول \"ضمان حرية الفرد\".ـ

لا تختلف ظروف نشأة الليبرالية كثيراً عن الظروف التي أنجبت \"العلمانية\"، فالليبرالية – كمذهب سياسي – نشأت في أوروبا المسيحية رداً على ثلاثية التسلط السياسي (الملك) والإقتصادي (الإقطاع) والثقافي =الديني (الكنيسة)، فقد تحالفت هذه القوى الثلاث ، ونهبت خيرات البلاد وضيّقت على العباد.

وتسآءل البعض: لماذا نحتاج للسلطة والحاكم؟ لم نجني من وراءهم إلا المشاكل،

فبرزت فكرة \"مجتمع بلا دولة\"! يحيا فيه الناس أحراراً، دون قيود أو وصاية من أحد!.ـ

ولكن المفكرين والسياسيين إعتبروا وجود كيان حاكم (=الدولة) ضروري، لأن الحرية بلا قيود ستؤدي إلى فوضى، ووجود الدولة ضروري كي تنتظم الأمور.

وهذا ما دعا فلاسفة أمثال جون لوك وجان جاك روسو وغيرهم لوضع نظرية \"العقد الإجتماعي\" وهي ببساطة تفترض وجود \"عقد\" بين الحاكم و المحكوم، وأن رضا المحكوم (=الشعب) بالحاكم (=السلطة) ومرجعيتها (=القانون) هو أساس هذه العلاقة، وحيث أن \"حرية الفرد\" هي محور الليبرالية، فقد إقتصر دور الحاكم (=السلطة) على تلبية وضمان وصيانة الحرية الفردية ولكن بما لا يتعارض مع الصالح العام.

وهو ما يعرف في الفكر الليبرالي بـ \"دولة الحد الأدنى\"، الحد الأدنى من التدخل، حيث أن الليبرالية نشات رفضاً لسلطة الدولة.

إذاً، دور الحاكم في الليبرالية هو ضمان حق الفرد في الحرية والإختيار، بما لا يتعارض مع الصالح العام، أو النظام العام (رغم وجود إختلافات طفيفة بين التعبيرين).ـ

فأنا كفرد – في الفلسفة الليبرالية – لي مطلق الحرية في إعتناق أي فكر أو ممارسة أي شعائر أو طقوس أو ممارسات من أي نوع، طالما لا أهدد السلم الإجتماعي، فالليبرالية قد تتحرك وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتبناها و تتكيف حسب ظروفه، مع حفاظها على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية.

مثال: هناك مفهوم شائع لدى العامة أن الليبرالية تدعو للشذوذ الجنسي و الإلحاد، وفي الحقيقة أن الليبرالية لا تتخذ أي موقف (مع أو ضد) هذه الأفكار أو الممارسات، فهي وإن كانت لا تعترف بأي سلطة على الفرد، فهي تأخذ موقفاً صارماً إذا تسببت هذه الحرية في الإخلال بالسلام الإجتماعي، ـ

فالإلحاد أو الحرية الجنسية لا تؤثر على السلام الإجتماعي في بعض المجتمعات الغربية، وبالتالي لاتوجد مشكلة مع الليبرالية ، بل على العكس تحمي هذه الممارسات.

ولكن في بعض المجتمعات الشرقية، قد تسبب هذه الممارسات تهديداً للسلام الإجتماعي، هنا تتدخل الحكومة الليبرالية لضمان حرية الأفراد، ولكن دون الجهر الفج بهذه الممارسات، ولكنها لا تجرّمها لمجرد تعارضها مع قيم المجتمع!،ـ

فالليبرالية تعطي الأولوية لـ\"الحق الفردي\" بصرف النظر عن ما هو \"فاضل أو صالح\"، أي أنها تسعى إلى توفير حياة \"جيدة\" للناس والجماعات حسب تعريفهم هم الفردي لما هو جيد بالنسبة لهم!!ـ

هذه نقطة مهمة للغاية.
 



ظهور الديموقراطية الليبرالية


وهنا يتجلى الفرق بين الديموقراطية والليبرالية، فالديموقراطية تعني حكم الأغلبية، حتى لو هدد مصالح الأقلية!، لكن الليبرالية بتركيزها على الحرية الفردية، فهي تحمي حقوق الأقليات في أي مجتمع، ومن هنا نشأ النظام السياسي الشائع في معظم الدول الغربية الآن وهو الديموقراطية الليبرالية، وهي ببساطة ديموقراطية ولكن بمبادئ ليبرالية دستورية تحفظ و تحمي حقوق الأقليات، حتى لو رفضتها الأغلبية!ـ

ولهذا فدائماً ما تفضل الأغلبية النظام الديموقراطي، ولكن الأقليات تميل إلى النظام الليبرالي..ـ

من الممكن أن نستنتج من هذا الطرح أن الليبرالية لا تعترف بوجود مرجعية لها (كتاب أو فيلسوف)، لأنها لو قدّست أحد رموزها لخرجت بذلك من مبدأها الأساسي وهو حرية الفرد في الإختيار!، وبالتالي فكل ليبرالي هو مرجع لذاته.

ولهذا يصف بعض المحللون الليبرالية بأنها أيدلوجية قابلة للتأويل و لها مائة وجه، و تجيد المراوغة والتحول. ـ

وتكادُ ترى أنّ كل ليبرالي له فهمه المستقل لليبرالية، وقد يرفض ما يعتنقه غيره من الليبراليين حسب ظروف مجتمعه

المهم ، أن الليبرالية كفِكر، لا تستقيم إلا في ظل نظام سياسي علماني،

و نظام إقتصادي يدعو للسوق الحر: بمعنى أن الدولة لا تتدخل في العلاقات الإقتصادية بين المؤسسات والأفراد، إلا لحفظ الحقوق.

وضمان حرية الفكر والإبداع.

أما عن نظرة الليبرالية للمجتمع فهو \"مجموعة من الأفراد يسعى كل واحد منهم لتحقيق مصالحه واحتياجاته\".ـ
 



عيوب في التطبيق الديموقراطي و الليبرالي: ـ


الديموقراطية تعني حكم الأغلبية، حتى لو أضر بالأقلية، وهذا العوار السياسي إحتاج إلى إصلاح فتأتي الليبرالية لتضمن حريات الأقليات، وتنشأ \"الديموقراطية الليبرالية\". لاحظ عزيزي القارئ أن الإسلام ضمن حقوق الأقليات – في وثيقة المدينة – قبل 1400 سنة من إكتشاف الديموقراطيين لهذا النقص في مذهبهم ، وإحتياجهم لمساعدة من الليبرالية!ـ

ولكن الليبرالية تطلقُ حريات الأفراد دون قيد أو شرط طالما لا تهدد \"مصالح\" الآخرين. ولكن هذا أيضاً عوارٌ سياسي سيصيبُ الليبرالية ، إن لم يكن أصابها الآن، فالمجتمع الغربي الليبرالي يعاني من خلل إجتماعي له إنعاكسات إقتصادية، قد تكون كارثية على الصعيدين، بمعنى:ـ

الفرد له مطلق الحرية الشخصية في ممارسة ما يريد..

معاقرة الخمور أو الشذوذ الجنسي هو حرية فردية.. مبدأ يبدو برّاقاً ومغرياً.

ولكن هذه الحرية تنسىَ أنّ الفردَ – في المنظورِ الإسلاميِ – جزءٌ من المجتمعِ و الكونِ بأسره، وسلامته العقلية والحفاظ عليها من مقاصد الشريعة،،

ولكن دعونا نتكلم بشكل براجماتي و نفعي بحت

هذا المدمن للخمور الذي وصل لتليف بالكبد على سبيل المثال، و توقف عن ممارسة عمله في المجتمع، أو الشاذ جنسياً الذي أصيب بالأيدز، وأيضاً لم يستطع مواصلة عمله، بل واحتاج لرعاية صحية وتأمين لمعيشته، يتكفل به دافعوا الضرائب، وهم مواطنون صالحون لم ينزلقوا لهذا المنعطف – تحت ذريعة الحرية، وكأنهم يدفعون ثمن إستقامتهم وصلاحهم لمن إختاروا – بإرادتهم وحريّتهم – أن يعادوا قيم الخير و الصلاح والإستقامة. ولا يعني هذا أبداً رفض التكافل الإجتماعي ، وهو مبدأ إسلامي هام، ولكن هذه الحرية الفردية أثّرت في النهاية على الصالح العام، فأفقدت المجتمع عضواً نافعاً، بل وأصبحَ عالةً على باقي الأفراد ، لمجرد أنه إستسلمَ لغرائزهِ وشهواته بلا ضابط، ومارس حريته في إختيار و ممارسة ما يريد!ـ

تخيل عزيزي القارئ هذه الطاقات المعطلة، والأموال التي تصرف عليها، كيف كان المجتمع سينهض إقتصادياً و أخلاقياً، لو تم إستغلالها بشكل صالح؟؟

هذا التناقض الليبرالي لابد وأن يصل إلى محاولات لإعادة الصياغة و الفهم ، للخروج من هذا المأزق الإجتماعي والإقتصادي، ناهيك عن الأخلاقي
 



ولكن أين المشكلة مع مجتمعاتنا الشرقية؟

لماذا يتحفظُ، بل ويعادي البعض الليبرالية؟

فكرة الحرية جميلة، وهي فطرة ونزعة بشرية.

والليبرالية تدعو لحرية الفرد بلا قيود، الحرية في الرأي والتعبير والإعتقاد والممارسة،،، وحتى لا تتحول لفوضى، قيّدها بالقانون الذي يَحمي هذه الحُريات، ويمنعها من التعدي على الصالِح العام، الذي يتغيرُ بتغير الزمان والمكان.

هنا يبرز دور الدين!ـ
هناك عبادةٌ وفريضةٌ في الإسلام كفيلةٌ بإجابةِ هذا السؤال (لماذا يُعادي البعض الليبرالية؟)!ـ
ما هي هذه العبادة؟؟ تأمل عزيزي القارئ هذه الآيات و الأحاديث الشريفة
يقول تعالى: \"كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله\"آل عمران:110

والحديث الشريف في صحيح مسلم:ـ
( الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )

وأيضاً الحديث الوارد في صحيح مسلم

من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان

إنها عبادةُ \"الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر\"! وبصرفِ النظر عن تنظيم هذهِ الفريضة (منْ لهُ الحق في الأمر والنهي، وماهية الوسائل) فإنّ هذه العبادة والفريضة الإسلامية تمثل – في الفكر الليبرالي – تعد صارخ على حرية الفرد والتي تدور الليبرالية حولها، لأنها تعترفُ إبتداءاً بحقِ المُجتمع في توصيف \"المُنكر\" وما ينبغي على الفردِ عملهُ أو تركه.ـ

و كما يُمكن القول أن الليبرالية تُقدِسُ الفردية، فبالتالي يَتصادمُ هذا الفهم مع آياتٍ و أحاديثَ من قبيل:ـ

قال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ - الجاثية:23

روى الطبراني، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ما تحتَ ظلِ السماءِ من إلهٍ يعبدُ من دونِ اللهِ أعظمُ عندَ اللهِ من هوىً متبع

ومن الممكنِ الإكتفاءُ بطرح هذه الإشكالية بين الإسلام والليبرالية، ولكن دعونا نتأملُ محاولةَ البعضِ التقريبَ بينهما فيما يعرف بـ \"الإسلام الليبرالي\".ـ
 



الإسلام الليبرالي


بإختصارٍ شديد، تقوم فكرةُ الإسلام الليبرالي على محور \"إستقلال الفرد في تفسير النصوص؛ القراآن والسنة\"ـ.

وبالتالي يطرح دعاةُ الإسلام الليبرالي مفاهيمَ غير تقليدية للنصوص، منها على سبيل المثالِ لا الحصر:

رفض قوانين الميراث التي تميز بين الذكر و الأنثى، فهم ينادون بالمساواة، كما حدث في تونس أيام بورقيبة وبن علي.

رفض تعدد الزوجات، إنطلافاً من الجمعِ بين آيتين في القرآن الكريم:

\"فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً\"
و
\"وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ\"

إذاً : لا يوجد تعدد في الإسلام.. هكذا يفسرُ دعاة الإسلام الليبرالي النصوص!ـ

يقبلُ بعضُ المسلمون الليبراليون بإمامةِ المرأةِ في الصلاة للرجال والنساء على حدٍ سواء، وحيثُ أن الليبرالية الإسلامية لا تعترفُ بالحجاب كفريضة، وتنادي بالمساواةِ الكاملة، فيمكنُ أنْ نتخيلَ مشهدَ صلاةِ الجماعةِ بهذا الفهم!!ـ

دعاةُ الإسلام الليبرالي ينادونَ بالعلمانيةِ كمذهبٍ سياسي حاكم لإدارةِ البلاد، وردّهم على الإسلام التقليدي هو: أن القرآن الكريم نزل في ظروف خاصة، كانت الدولة الإسلامية في بدايتها، أما الآن فالعقل الفردي (وليس الجماعة) يجب أن ينظر لما يناسبه، مع إستلهام روح الإسلام وقيمه العليا من الحرية والعدل والمساواة. وهم يؤكدون أيضاً على إيمانهم بأركان الإسلام الخمسة..وإن كانت جماعة القرآنيين قد خرجت من رحم الإسلام الليبرالي، وهي ترفض السنة إجمالاً، وبالتالي تختلف صلاتهم وزكاتهم عن الإسلام السنّي، ولكن هذا ليس موضوعنا الآن.

يتحفظ المسلمون الليبراليون على فكرة الجهاد بمعناه المسلح، ويميلون إلى جهاد النفس (اللا عنف).ـ

يميل بعض (وليس كل) المسلمون الليبراليون لقراءة القصص القرآني حول الأنبياء على أنها رمزية أكثر منها حقائق تاريخية.

من أهم رموز الفكر الليبرالي الإسلامي : جمال البنا، نصر حامد أبو زيد، خالد منتصر، طارق حجي، خليل عبد الكريم، فرج فودة، و طه حسين.

ومشاكلهم مع المرجعيات الدينية معروفة، فهم – إنطلاقاً من الليبرالية – ينادون بحرية كل فرد في فهم وتفسير النصوص كيفما يرى، دون قيود أو حدود وضعها السابقون.

والخلاصة: أن وسائل الليبرالية متغيرة دائماً ومائعة حسب الظروف ، وذلك بهدف الوصول لغاية ثابتة ومقدسة وهي \"حرية الفرد\".ـ

حرية لا تعترف بأي قيود أو ضوابط في الفكر والدعوة إليه، والإجتهاد الفردي في فهم النصوص.

حرية \"تمنع وترفض\" مبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

حرية \"تحتكر\" فهمها للنصوص ، و \"ترفض\" إلتزام – من يريد – بمظاهر فهمه للدين، فالليبرالية في تطرفها تمنع التعدد و الحجاب وتساوي في الميراث.

حرية ترفض أن يملي أحدٌ عليها – كائناً من كان – إفعل و لاتفعل، فهو حر في أن يشرب الخمر، ويعاشر من شاء من النساء أو الرجال!، طالما لا يهدد هذا مصالح الآخرين.

الليبرالية تنادي بالتسامح وقبول الآخر، ولكنها تتهكم مع آراء معارضيها بوصفها \"ردة فكرية\" و \"ظلامية في التفسير\".ـ

الليبرالية التي قامت أساساً على السوق الحر، وحرية الإقتصاد، أثمرت رأسمالية متوحشة إلتهمت حقوق الطبقات الدنيا ضماناً لحرية أصحاب رؤوس الأموال.

والقول بأن الإسلام يمكن أن يوصف بالليبرالية، كما وصف من قبل بالماركسية، هو من قبيل مغازلة المسلمين، لعلمهم بصعوبة فصل الإسلام عن حياة معتنقيه. ولكن السؤال:

إذا كانت الليبرالية – أو العلمانية – لا تتعارض مع الإسلام ، فلماذا الإصرار على إلصاق هذا المصطلح بالإسلام؟، وكأن الإسلام \"يحتاج\" إلى إضافة أو فهم \"بشري\" حتى يصبح ملائماً؟

إذا كانت قيم الليبرالية و الديموقراطية و العلمانية موجودة في الإسلام، فلماذا الإصرارُ على إستلهامها من الفهمِ الغربي؟؟

لماذا نرفض المفهوم الإسلامي لمبدأ \"الشورى\" إذا كان لا يتعارض مع الديموقراطية؟
 



من يحتاج إلى من؟


إنّ الإسلام – كدين شامل – لا يحتاج لمذهب بشري يضيف أو يحذف منه ليجعله أكثر ملائمة، ولكن هذه المذاهب بوصفها بشرية ستظل تضيف و تحذف، وتعيد النظر حتى تصلَ إلى الكمال المنشود، ولكنها - كواضعيها من البشر -، ناقصة و متغيرة، دون ذم أو إنتقاص من قيمة العقل الإنساني، ولكن الحقيقيةَ الثابتة أنّ العقلَ البشري متغير و نسبي، وبالتالي كل ما ينتجُ عنه ، هو أيضاً متغيرٌ و نسبي. وحيث أن المطلقَ الوحيد هو الله سبحانه و تعالى؛ علمهُ محيط و مطلق، فكل ما يأمرُ به أو ينهى عنه، وكل ما وضعه من قواعدَ وحدود، هي الخير و الصلاح المطلق. قد نحتاج لسنواتٍ و عقود لنجرب غيرها من القواعد، ولكننا سنصل في النهاية لهذه الحقيقة.

المشكلةُ تكمن في فهمنا لقواعد و حدود الإسلام، وهذا الإشكال يقع بين طرفي نقيض؛ طرف يحتكر وحده حق التفكير والإجتهاد، وطرف آخر يرفض الإلتزام بمبادئ البحث العلمي وإحترام التخصص. وتصوّري أن الصراع بينهما أنهك المشروع الإسلامي، وأدخلنا في مساجلات فكرية جانبية لا طائل من ورائها.ـ

وفي الختام، بما أننا ندرك بعقولنا أن اللهَ - سبحانه و تعالى - لا يحتاج للبشر، فبالتالي لا يحتاج التشريع الإلهي متمثلاً في الإسلام، إلى مذاهب بشرية!، بل الواقع أن هذه المذاهب هي التي تحتاج للإسلام لتصحيح النقص البشري فيها، تماماً كإحتياج البشر إلى الله سبحانه وتعالى ـ


د. أحمد جلال فؤاد


-----------------------------------------------------------
المراجع:ـ
الليبرالية.. أيدلوجية مراوغة أفسدها رأس المال
د. هبة رؤوف عزت
مدرس العلوم السياسية - كلية الاقتصاد - جامعة القاهرة
http://tareekelnajeh.blogspot.com/2009/02/blog-post_24.html
Liberal movements within Islam
http://en.wikipedia.org/wiki/Liberal_movements_within_Islam

ظهور الديموقراطية الليبرالية
بقلم: فريد زكريا
http://web.archive.org/web/20100218050641/http://www.fareedzakaria.com/articles/other/democracy.html

الديمقراطية والليبرالية: بين التكامل والصراع
معتز بالله عبد الفتاح
أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميشجان
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=14082010&id=42d2f7a0-e9e4-429b-9782-00ea28c8ab47

خريطة طريق... لإخراج التيار الليبرالي من أزمته
http://cihrs.org/Arabic/NewsSystem/Printable/Articles/1685.aspx

تعدد الزوجات والعدل في الإسلام
http://islamlib.com/en/article/polygamy-and-justice


http://www.facebook.com/note.php?note_id=217461724989510

 

مذاهب فكرية

  • كتب حول العلمانية
  • مقالات حول العلمانية
  • الليبرالية
  • الحداثة
  • منوعات
  • رجال تحت المجهر
  • الصفحة الرئيسية