اطبع هذه الصفحة


الفتاوى الملاح في منكرات الأفراح

سعيد بن نافع العميشى السلمي

 
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
لقد شرع الله الزواج وجعله آية دالة على عظمته سبحانه فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم
وسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع منكم فعليه بالصوم فإنه له وجاء" .
ولما للزواج من فرحة وبهجة وسرور فإن النبي صلى الله عليه وسلم شرع إقامة الوليمة ابتهاجاً بهذه المناسبة، فعن بريدة بن الحصيف رضي الله عنه قال: لما خطب علي رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لا بد للعرس من وليمة" فقال سعد رضي الله عنه: علي كبش وقال فلان: علي كذا وكذا من ذرة . وفي رواية أخرى: "وجمع له رهط من الأنصار أصوعاً ذرة" .
ولما يحدث في هذه الولائم من أمور منكرة مخالفة للشرع أحببت أن أكتب هذه الرسالة للتنبيه عليها مع إيراد أقوال العلماء الأجلاء في بيان حكمها، مستعيناً بالله في ذلك. هو حسبي عليه توكلت وإليه أنيب.
هذا، وما كان فيه نقص وخطأ فمن نفسي ومن الشيطان وما كان فيه من صواب فمن الله وحده.

كاتبها
سعيد بن نافع العميشي السلمي
جدة


منكرات في حفلات الزواج

إن حفلات الزواج التي يجتمع فيها كثير من المدعوين هي أحد المجالس التي يجب أن تعمر بذكر الله سبحانه وتعالى، وأن يجتمع فيها الناس على ما قال الله ورسوله، بدلاً من أن تقضى هذه المجالس في اللهو واللعب وفيما لا يرضي الله سبحانه وتعالى، خاصة أن هذه الليلة هي الليلة الأولى في حياة العريس الجديدة فكان الأجدر أن يعمرها بذكر الله سبحانه وتعالى كي يبارك الله في حياته الزوجية وتكون بدايتها خيراً، فلأن يعمرها بطاعة الله خير من أن يعمرها بمعصية الله وبما لا فائدة فيه من الأمور المخالفة لدين الله.
أخي في الله.. فيما يلي سوف نبين بعض المنكرات التي تعج بها حفلات الزواج عند كثير من الناس، لعل الله أن ينفع بهذه الكلمات فيتجنبها من كان واقعاً فيها لتكون حفلات الزواج على ما يرضي الله ورسوله.

أولاً:
تعاطي شرب الدخان والشيشة في كثير من حفلات الزواج، ومعلوم أن الدخان محرم كما بين ذلك علماؤنا الأفاضل في كثير من الفتاوى في هذا الموضوع، ويأثم صاحب الزواج إن هو أقر شربه، أما من اشترى الدخان والشيشة فإنه أشد والعياذ بالله، لأنه أعان على المنكر وشارك صاحبه بشرائه له، وعلى هذا فعلى الشاب أن يحرص كل الحرص على أن لا يسمح بهذا الأمر المحرم في زواجه.

ثانياً:
تخفف بعض الناس عن الصلاة جماعة في حفلات الزواج، فترى الناس يصفون والبعض جالس كأن الصلاة لم تفرض عليه، إنها الغفلة من هؤلاء.
لذا يجب على صاحب الزواج الحرص على تنبيه مثل هؤلاء وحثهم على الصلاة مع الجماعة دون تخلف.

ثالثاً: الملعبة:
ما يحدث في كثير من حفلات الزواج وخاصة زواجات أهل البادية ممن سكن المدن أو ما زالوا في قراهم من شعر ورقص وهو المعروف عندهم "بالملعبة"، حيث يتقابل شاعران ويقف صفان من الرجال يرددون ما يقول الشاعران مع التصفيق بالكف وضرب الأرجل في الأرض في رقصات منظمة، وأود بيان بطلان هذا العمل من أمرين:
1- الشعر الذي يقال في هذه الملاعب..
لقد ذم الله صنفاً من الشعراء وسمى إحدى سور القرآن الكريم "بسورة الشعراء" حيث جاء ذكرهم فيها، وقد مدح الله الصنف الآخر وهم الذين يبتغون من شعرهم وجه الله تعالى دفاعاً عن الإسلام وحثاً على مكارم الأخلاق.
ولو نظرنا إلى الشعر الذي يقال في هذه الملاعب في حفلات الزواج والذي تضيع من أجله الأوقات، فإنه يندرج تحت الصنف الأول المذموم الذي ذمه الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى:
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ * وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (226) سورة الشعراء.
أورد ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}.
قول عكرمة:
كان الشاعران يتناجيان فينتصر لهذا فئام من الناس وهذا فئام من الناس، فأنزل الله تعالى: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} .
وقال الإمام أحمد فيما يرويه عن أبي سعيد قال: بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج إذ عرض شاعر ينشد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خذوا الشيطان أو أمسكوا الشيطان؛ لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً)).
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: فبكل لغو يخوضون، وقال الضحاك عن ابن عباس: في كل فن من الكلام، وكذا قال مجاهد وغيره، وقال الحسن البصري: قد والله رأينا أوديتهم التي يخوضون فيها مرة في شتيمة فلان ومرة في مديحة فلان، وقال قتادة: الشاعر يمدح قوماً بباطل ويذم قوماً بباطل.
وفي قوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أكثر قولهم يكذبون فيه. وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنه هو الواقع في نفس الأمر، فإن الشعراء يتبجحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم ولا عنهم فيتكثرون بما ليس لهم. انتهى.
إذا كان هذا قول السلف عليهم رحمة الله في شعراء زمانهم، فكيف بشعراء اليوم؟! إنه ينطبق عليهم تماماً.. فلتحذر أخي الشاعر هذا النوع من الشعر الذي ذمه الله وذمه رسوله صلى الله عليه وسلم .
وسوف أفصل ما يتضمنه شعر هؤلاء الشعراء ليكون القارئ الكريم على بينة من ذلك.
أ- يتضمن شعرهم السب والشتم، بل يتعدى ذلك الأمر الشاعر نفسه إلى القبيلة كلها أو بعض الأشخاص الآخرين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "
ب- قد يظلم أحد الشاعرين الآخر بما ليس فيه، كل ذلك من قبل التنقص من قدره أمام الناس وازدرائه واحتقاره.
ج- قد يحدث أن وقع للشاعر المقابل أو أحد أفراد قبيلته أمر من الأمور ولم يظهر ذلك للناس بل ستر الله عليه، وعلم به ذلك الشاعر فيشهر ذلك الأمر على رؤوس الأشهاد ويفضحه أمام الناس، وقد يهول الأمر أكثر مما حدث من أجل أن يبقى هذا وصمة عار له.
د- إبقاء الأحقاد بإثارة ما قد نسي من خلافات بين الناس أو القبائل، فيعيد الشعراء ذكرها من جديد وكأنهم يريدون أن يذكروا الأجيال الحالية فتبقى الأحقاد بين الناس.
هـ- قد يتبجح الشعراء بأقوال لم يقولوها أو بأفعال لم يفعلوها، فينسبون لأنفسهم ما ليس لها كسباً للشهرة بين الناس، فهم بهذا يقعون في الكذب والعياذ بالله فيصدق فيهم قول الله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (226) سورة الشعراء
و- الوقوع في الغيبة والنميمة اللتين حرمهما الله بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} (12) سورة الحجرات .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أتدرون ما الغيبة؟ ذكرك أخاك بما يكره "، قالوا: يا رسول الله، أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اكتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ". أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ويقول صلى الله عليه وسلم في النميمة: "لا يدخل الجنة نمام "، وفي رواية أخرى: " قتات ".
ز- التنابز بالألقاب والاستهزاء والسخرية، كل هذا يرد في الأشعار التي تقال في حفلات الزواج، وفي هذا يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ..}الآية (11) سورة الحجرات .
ح- التفاخر بالأحساب والأنساب، وهذا من أعمال الجاهلية، فقد يفتخر أحد الشعراء على الآخر بنسبه وحسبه. يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أبو مالك الأشعري رضي الله عنه قال: "أربع بقين في أمتي من أمر الجاهلية ليسوا بتاركيها: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت ".
وقال صلى الله عليه وسلم- أيضاً-: "والنائحة إذا لم تتب قبل الموت جاءت يوم القيامة عليها سربال من قطران ودرع من لهب النار" .
وعن جنادة بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"ثلاث من فعل الجاهلية لا يدعهن أهل الإسلام: استسقاء بالكواكب، وطعن في النسب، والنياحة على الميت " .
أخي الشاعر الكريم، لعل ما استعرضناه وأوردنا عليه الأدلة كافي في أن تترك الشعر بعد أن اتضح لك ما فيه من محاذير، فعليك الإقلاع عنه والاستغفار مما تكون قد وقعت فيه مما بيناه. ولعلي أبين لك هنا معنى الحديث الذي أورده ابن كثير في تفسيره وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"لأن يمتلئ بطن أحدكم قيحاً حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعراً" .
قال أبو عبيدة: "يريه " يأكل بطنه، والوري قيح يكون في الجوف، أو هو قرح شديد يقاء منه القيح والصديد.
أخي الشاعر الكريم.. ماذا بعد هذه الآيات والأحاديث؟! إن فيها لزاجراً عن هذا الشعر، ثم إنك أخي الكريم محاسب على كل كلمة تقولها، وقد يكون فيما تقول أمور تغضب الله عليك، يقول تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (18) سورة ق .
وعن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى عليه سخطه إلى يوم يلقاه" .
وفي حديث آخر: "يهوي بها في النار سبعين خريفا". وجاء في حديث معاذ بن جبل قوله صلى الله عليه وسلم: "وهل يكب الناس على وجوههم- أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم؟ ".
بعد هذا عليك أخي الشاعر أن تقف مع نفسك وقفة محاسبة، وفقني الله وإياك إلى رضاه إنه جواد كريم.
2- الرقص والتصفيق..
وصفتها كما تقدم: أن يتقابل صفان كل منهما مكون من عدد من الرجال، وبجوار كل صف شاعر، ثم إذا قال الشاعر بيتا أو أكثر ردد الصف الأول ما يقول، ثم الصف الثاني على طريقة معينة متبعة عندهم يعقبون ذلك بالتصفيق والرقص بالأرجل على الأرض مع تلحين الأبيات، وكيفية الرقص هو: أن يرتفعوا جميعا إلى أعلى ثم ينزلون على الأرض بشكل منظم مع ضرب الكف وهو التصفيق، وهذا الشعر الملحن مع الحركات المذكورة فيه إثارة للسامعين، لأنه بنغمات معينة يعرفها أهل البادية خاصة، وبعض ألحانه تطرب السامع بحيث يدخل إلى الملعبة دون شعور منه، وفي بعض القرى يدخلون عليه آلة الطار أو الزير- كما يسميه أصحابه- فيضربون عليه مع التصفيق والرقص.
وقد جاء في هذا كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية- يرحمه الله- حيث يقول : "وأما سماع المكاء والتصدية- وهو التصفيق بالأيدي، والمكاء مثل الصفير ونحوه- فهذا سماع المشركين الذي ذكره الله في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً} (35) سورة الأنفال .
فأخبر عن المشركين أنهم يتخذون التصفيق باليد والتصويت بالفم قربة وديناً، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجتمعون على مثل هذا السماع ولا حضروه قط ".
إلى أن قال رحمه الله:"وبالجملة قد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة، مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف، كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة، لا في باطن الأمر ولا في ظاهره، ولا لعامي ولا لخاصي، ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه، كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح.
أما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ولا يصفق بكف، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال: "التصفيق للنساء والتسبيح للرجال ".
ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء.
ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثاً، ويسمون الرجال المغنين مخانيثاً.

وقد أفتى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين- حفظه الله- عندما سئل حول هذا الموضوع، وفيما يلي نص السؤال وإجابة فضيلته:
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد:
س: ما تقول- حفظك الله- فيما يحصل في الزواجات مما يسمى بالملعبة وهي عبارة عن صفين متقابلين وبينهما شاعران يتبادلان الشعر، وغالباً ما يتضمن هذا الشعر الهجاء وذكر معايب بعضهم، ويقترن ذلك بالتصفيق والرقص؟.
أفيدونا مأجورين بفتوى خطية إن أمكن.
فأجاب فضيلته:
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ج: الرقص لا يحق للرجال لأنه من شيم النساء وعادتهن، ولا يحل للرجل أن يتشبه بالمرأة، على أن الرقص للنساء، وأيضاً ربما يحدث فتنة فتركه في حقهن أولى.
والشعر المتضمن للهجاء من عادات الجاهلية، ولا يحل للمسلم أن يفعل ما يحدث العداوة والبغضاء بين المسلمين.
كتبه/ محمد الصالح العثيمين
في 15/7/ 1412هـ

ثم سئل فضيلته عن حكم الجلوس في الزواج إذا رأى أحد الحضور منكراً، وفيما يلي نص السؤال والإجابة:
س: هل يجب الخروج من الزواج إذا أقيمت هذه الملعبة وذلك بعد نصحهم وتوضيح الأمر لهم، وقد يكون الزواج لأحد الأقارب، وحيث إذا خرج من ينكر ذلك يعتبرونه قاطع رحم. هذا وأفيدونا بفتوى خطية حيث إنهم يطالبون بذلك حفظكم الله.
أجاب فضيلته بقوله:
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ج: إذا رأيتم منكراً حين حضوركم فانصحوهم، فإن استقاموا وتركوا المنكر، وإلا وجب عليكم مغادرة المكان، ولا يهمكم من يغضب لذلك؛ لأن طاعة الله ورسوله أحق، وبإمكان أي واحد منكم أن يرضي هؤلاء الذين غضبوا.
قاله كاتبه/ محمد الصالح العثيمين
25/9/1413هـ

كما أن الشيخ- حفظه الله- قد أجاب
عن سؤال في نفس الموضوع في محاضرة له في جدة، وفيما يلي نص السؤال والإجابة:
نرجو من سماحتكم الإجابة على سؤالنا هذا:
س: توجد عند كثير من القبائل التي تسكن الحجاز عادة في الزواجات، وهذه العادات تتمثل في إقامة ما يسمى بالملعبة وتتكون هذه الملعبة من صفين متقابلين ومن شاعرين، ويقوم كل شاعر بالرد على الآخر بالشعر، ويردد الصفان ما يقول الشاعران، ويقترن ذلك بالتصفيق والقفز والرقص، ويكثر فيه الشاعران من الهجاء والمديح وغيرهما، وقد اختلف الناس حول هذه العادة بين مؤيد ومعارض، والأكثرون يطالبون بفتوى شرعية خطية أو صوتية إن أمكن تكون مقرونة بالسؤال، لا بقصد الإحراج ولكن بقصد إقناع الناس بما هو أصلح فهل هذه العادة حرام؟
الجواب:
أولاً: إنه ليس من حقنا أن نقول عن شيء إنه حرام أو حلال إلا بعد أن ينظر هل فيه نص، فيه إجماع؟ هل هناك قواعد شرعية ينطوي تحتها أو لا؟ بناء على ذلك نقول:
لدينا شيئان: الشيء الأول: عبادات، والشيء الثاني: ما سواها، أي ما كان ليس عبادات.
أما العبادات فالأصل فيها المنع والتحريم حتى يقوم دليل على مشروعيتها، أما غير العبادات من العادات والمعاملات وغيرها فالأصل فيها الحل حتى يقوم دليل على التحريم.
فلننظر إلى هذه العادة التي سمعتم، هذه العادة تشتمل على محاذير.
المحذور الأول: الهجاء لإخوانه المسلمين. والهجاء عيب ووصمة في المهجو يبقى إلى ما شاء الله، يعني لا ينتهي عند انتهاء المجلس، بل سينقل الناس هذا الهجاء ويعيرون به المهجو، وهذا عدوان على الغير وظلم له وإيذاء له.
المحذور الثاني: إنه يشتمل على فخر بالحسب وفخر بالنسب، وهذا من عادات الجاهلية.
المحذور الثالث: إنه يشتمل حسب السؤال على الرقص. الرقص من العادات الذميمة وقد نص كثير من العلماء على كراهته، ونص آخرون على تحريمه، والأقرب عندي أنه حرام للرجال لأنه لو لم يكن فيه إلا التشبه بالنساء لكان كافياً. فالذي أرى منع هذا وأن يتعاون الناس بعضهم مع بعض على منعه، والتصفيق نوع من اللهو لا ينبغي.

رابعاً: الإسراف :
ما يحدث في الزواجات من إسراف في الوليمة بحيث يرمى ما يبقى من الطعام، وهذا فيه تبذير، والله سبحانه وتعالى نهانا عن ذلك فقال:
{ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (27) سورة الإسراء .
وإن الواجب على صاحب الزواج الاقتصاد في الوليمة، فيعمل من الأكل على قدر من دعي وما يؤكل، وإن زاد شيء بعد ذلك فعليه أن يبحث عن الفقراء أو الجمعيات التي تقوم بتوزيعه.

خامساً: المنصة ((الكوشة ))..
إن مما ينبغي إنكاره والنهي عنه ما يحدث في بعض الزواجات من دخول العريس "الزوج " في أبهى حلة بلباس جميل وهيئة جميلة على النساء الأجنبيات، وجلوسه مع زوجته وبجوارها على مكان مرتفع يسمى "النصة" أو المنصة. ينظر إلى النساء وهن بلا شك ينظرن إليه، وهن أيضاً في هيئة جميلة من الثياب وأنواع الزينة الأخرى.
أيها الإخوة الكرام، إنه لمنكر عظيم لا يجوز، إن الرجل أياً كان لا يجوز له النظر إلى النساء، الأجنبيات، فكيف يأتي هذا وينظر لا إلى واحدة ولكن إلى جمع غفير من النساء، وقد نهى الله عن ذلك في كتابه العزيز بقوله تعالى:{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (30) سورة النور وقال تعالى في حق النساء آمراً لهن بغض البصر أيضاً: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (31) سورة النور

ولقد صدرت في هذا الأمر فتوى من هيئة كبار العلماء، وفيما يلي نص الفتوى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة على رسوله وصحبه، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من: خلوفة بن عبد الله الأحمري إلى سماحة الرئيس العام والمحال إليها برقم 2046 في 9/7/1405 هـ
ونصه: يسأل عن الحكم الشرعي في حفلات الزواج حينما يزف- العروس - إلى عروسه في محفل من النساء ويظهر فيه الرجل على "منصة" ويجلس إلى جوار عروسه كي يشاهده النساء- ومن الطبيعي هو أيضا يشاهد النساء الأجنبيات وهن بكامل زينتهن، فهل يجوز مثل هذا العمل الذي يسمى "منصة العروسين "؟ وإذا كان من العادة أن يذهب النساء للمشاركة في الدف والطبول الشرعية لإعلان الزفاف.. فكيف نتصرف نحن الرجال الذين نغار على نسائنا من تكشف- الرجل المتزوج- الأجنبي عنهن.. عندما يصعد إلى منصة الحفل... إذ لابد من دخوله للمنصة حسب التقاليد، فكيف يفعل النساء الأجنبيات عنه في هذا اللحظة؟
أرجو من سماحتكم إيضاح الحكم في ذلك وإرشادنا لما فيه الخير والصلاح عن طريق فتوى مكتوبة ليقرأها الجميع ليكونوا على بصيرة من دينهم وأخلاقهم وعاداتهم الحميدة.
أجابت بما يلي:
ظهور الزوج على المنصة بجوار زوجته أمام الأجنبيات عنه اللاتي حضرن حفلة الزواج وهو يشاهدهن وهن يشاهدنه وكل متجمل أتم تجميل وفي أتم زينة لا يجوز، بل هو منكر يجب إنكاره، والقضاء عليه من ولي الأمر الخاص للزوجين وأولياء أمور النساء اللاتي حضرن حفل الزواج، فكل يأخذ على يد من جعله الله تحت ولايته.
ويجب إنكاره من ولي الأمر العام من حكام وعلماء وهيئات الأمر بالمعروف كل حسب ما له من نفوذ أو إرشاد. وكذلك استعمال الطبول وسائر المحرمات التي ترتكب في مثل هذا الحفل.
نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه رضاه، وأن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يلهم الجميع رشده. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

سادساً: "لعب الورق ":
ما يحدث في حفلات الزواج من لعب الورق المعروف "بالبلوت أو الضومنة"، وغيرهما من تلك الألعاب التي بلي بها كثير من أبناء المسلمين، يقضون فيها أوقاتهم دون فائدة تعود عليهم في دينهم ولا في دنياهم، وإنما يحدث فيها السب والشتم واللعن، وقد يصل الأمر إلى الضرب أحياناً. ناهيك عما يحدث من الكذب واليمين الفاجرة، كما يحدث أيضاً السهر الطويل على هذه الألعاب إلى وقت متأخر من الليل، مما يسبب النوم عن صلاة الفجر.. إلى غير ذلك مما لا يسع المقام إلى حصره من أضرار لهذه الألعاب.
وقد أجاب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله عن سؤال حول هذا الموضوع، وفيما يلي نص السؤال والجواب:
س: ما حكم اللعب بالورقة والشطرنج؟
ج: قد نص أهل العلم- رحمهم الله- أن اللعب بهما محرم كما ذكر مشايخنا، وذلك لما فيها من الإلهاء والصد عن ذكر الله سبحانه وتعالى، ولأنهما ربما يؤديان إلى العداوة والبغضاء بين اللاعبين. وكثيراً ما يكون اللعب على عوض ومعلوم أن العوض لا يجوز بين المتسابقين إلا فيما نص عليه الشرع وهي ثلاثة أشياء: النصل، والخف، والحافر، ومن تأمل أحوال لاعبي الشطرنج والورقة تبين أنه قد ضاعت عليهم أوقات كثيرة يمضونها في غير طاعة الله وفي غير الفائدة التي تعود عليهم في أمر دنياهم.

سابعاً الغناء:
بعض أصحاب الزواجات يستأجر من يغني في الزواج سواء عند الرجال أو النساء. ومعلوم أن الغناء محرم لما دلت عليه كثير من النصوص الشرعية من القرآن والسنة المطهرة، كما أنه قد صدرت كثير من الفتاوى لعلمائنا الأفاضل في هذا الشأن، ومنها فتوى لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز - رحمه الله- فيما يلي نصها :
س: سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
ما حكم الأغاني هل هي حرام أم لا؟ رغم أنني أسمعها بقصد التسلية فقط؟ وما حكم العزف على الربابة والأغاني القديمة؟ وهل القرع على الطبل في الزواج حرام بالرغم من أنني سمعت أنها حلال ولا أدري؟ وأثابكم الله وسدد خطاكم.

ج: إن الإستماع إلى الأغاني حرام ومنكر، ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة.
وقد فسر أكثر أهل العلم قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} (6) سورة لقمان بالغناء، وكان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقسم على أن لهو الحديث هو الغناء، وإذا كان مع الغناء آلة لهو كالربابة والعود والكمان والطبل صار التحريم أشد.
وذكر بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو محرم إجماعاً، فالواجب الحذر من ذلك، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والمعازف ". والحر هو الفرج، يعني الزنا. والمعازف هي الأغاني وآلات الطرب.
وأوصيك وغيرك بسماع إذاعة القرآن الكريم وبرنامج نور على الدرب، ففيهما فوائد عظيمة وشغل عن سماع الأغاني وآلات الطرب.
أما الزواج فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلى محرم، ولا مدح لمحرم في وقت من الليل للنساء خاصة؛ لإعلان النكاح والفرق بينه وبين السفاح، كما صحت السنة بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس بل يكتفى بالدف خاصة، ولا يجوز استعمال مكبرات الصوت في إعلان النكاح وما يقال فيه من الأغاني المعتادة لما في ذلك من الفتنة العظيمة والعواقب الوخيمه وإيذاء المسلمين، ولا يجوز أيضاً إطالة الوقت في ذلك بل يكتفى بالوقت القليل الذي يحصل به إعلان النكاح؛ لأن إطالة الوقت تفضي إلى إضاعة صلاة الفجر والنوم عند أدائها في وقتها وذلك من أكبر المحرمات ومن أعمال المنافقين.. انتهى..
هذا وإن بعض الزواجات يحدث فيها رقص النساء على صوت المسجل وهن يسمعن الأغاني المصحوبة بالموسيقى، ومعلوم من فتوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز السابقة أن سماع الأغاني محرم ويستوي في ذلك الرجال والنساء، سواء ما كان مباشرة من المغني أو المغنية أو في المسجل أو غيره من الوسائل.

ثامناً: إطالة الوقت:
إن كثيراً من حفلات الزواج إن لم تكن جميعها لا تنتهي إلا بعد منتصف الليل أو قريباً من ذلك، والبعض ينتهي قرب الفجر، وهذا أمر لا ينبغي، بل الأولى والأفضل المبادرة بإنهاء الزواج في وقت مبكر، وإن من الأضرار الناتجة عن التأخر نوم كثير من الناس الذين يحضرون الزواج عن صلاة الفجر إلا من رحم الله.
وقد نص سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز- رحمه الله- في فتواه السابقة أنه لا يجوز إطالة الوقت لما يترتب عليه من إضاعة صلاة الفجر بالنوم عنها، وذلك من أكبر الذنوب.
فليتق الله أصحاب حفلات الزواج في أوقاتهم وأوقات الناس وليسرعوا في إنهاء الزواج في وقت مبكر وبما يحصل به المقصود.

التغالي في المهور

أخي الكريم:
إن التغالي في مهور النساء أصبح يشكل مشكلة عظيمة أمام كثير من الشباب ميسوري الحال الذين يريدون الزواج وعفة أنفسهم ولكن لا يجدون المهر الكثير الذي يطلبه بعض الآباء- هداهم الله-، فيعزف مثل هؤلاء عن الزواج مما قد يكون له آثار وخيمة على انحراف الشباب ووقوعهم في الجريمة.
ومن جانب آخر فإن عزوف الشباب عن الزواج أيضاً يكثر من العوانس في البيوت، الأمر الذي قد يؤدي لانحراف الفتيات إلى الجريمة أيضاً.
هذا جانب من المشكلة، أما الجانب الآخر فهو إقدام الشباب على الزواج في ظل هذه الظروف فيضطر إلى الذين واستلاف المهر من هنا وهناك، فيعيش هذا المسكين طوال حياته أو بعضها مرهقاً كاهله بالديون، فلا يصبح للزواج عنده طعم بل أصبح وبالاً عليه وعلى أسرته كلها.
إن هذه المشكلة وهي غلاء المهور قد عرضت على هيئة كبار العلماء وصدر في ذلك قرارها رقم 52 بتاريخ 4/4 /1397 هـ في تحديد مهور النساء ، وهذا نصه:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد...
فإن مجلس هيئة كبار العلماء قد اطلع في دورته العاشرة المعقودة في مدينة الرياض فيما بين يوم 21/3 /1397هـ و4/4/1397 هـ على البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة من هيئة كبار العلماء في موضوع تحديد مهور النساء بناءاً على ما قضى به أمر سمو نائب رئيس مجلس الوزراء من عرض هذا الموضوع على هيئة كبار العلماء لإفادة سموه بما يتقرر..
وجرى استعراض بعض ما رفع للجهات المسؤولة عن تمادي الناس في المغالاة في المهور والتسابق في إظهار البذخ والإسراف في حفلات الزواج، وبتجاوز الحد في الولائم، وما يصحبها من إضاءات عظيمة خارجة عن حد الاعتدال، ولهو وغناء بآلات طرب محرمة بأصوات عالية قد تستمر طوال الليل حتى تعلو بعض الأحيان على أصوات المؤذنين في صلاة الصبح، وما يسبق ذلك من ولائم الخطوبة وولائم عقد القران، كما استعرض بعض ما ورد في الحث على تخفيف المهور والاعتدال في النفقات والبعد عن الإسراف والتبذير، فمن ذلك قول الله تعالى:{ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (27) سورة الإسراء .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:
سألت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشأ. قالت: أتدري ما النش؟ قلت: لا. قالت: نصف أوقية، فذلك خمسمائة درهم.
وقال عمر رضي الله عنه:
ما علمت رسول الله-صلى الله عليه وسلم نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج امرأة رجلاً بما معه من القرآن.
وروى الترمذي وصححه أن عمر رضي الله عنه قال:
"لا تغلوا في صداقي النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدق امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن كان الرجل ليبتلى بدقة امرأة حتى يكون عداوة في نفسه وحتى يقول: كلفت لك علق القربة" .
والأحاديث والآثار في الحث على الاعتدال في النفقات والنهي عن تجاوز الحاجة كثيرة، وبناء على ذلك ولما يسببه هذا التمادي في المغالاة في المهور والمسابقة في التوسع في الولائم بتجاوز الحدود المعقولة وتعدادها قبل الزواج وبعده، وما صاحب ذلك من أمور محرمة تدعو إلى تفسخ الأخلاق من غناء واختلاط الرجال بالنساء في بعض الأحيان، ومباشرة الرجال لخدمة النساء في الفنادق إذا أقيمت الحفلات فيها، مما يعد من أفحش المنكرات، ولما يسببه الانزلاق في هذا الميدان من عجز الكثير من الناس عن نفقات الزواج فيجرهم ذلك إلى الزواج من مجتمع لا يتفق في أخلاقه وتقاليده مع مجتمعنا، فيكثر الانحراف في العقيدة والأخلاق، بل يجر هذا التوسع الفاحش إلى انحراف الشباب من بنين وبنات.
ولذلك كله فإن مجلس هيئة كبار العلماء يرى ضرورة معالجة هذا الموضوع معالجة جادة وحازمة بما يلي:
1- يرى المجلس منع الغناء الذي أحدث في حفلات الزواج بما يصحبه من آلات اللهو
وما يستأجر له من المغنين والمغنيات وبآلات تكبير الصوت؛ لأن ذلك منكر محرم يجب منعه ومعاقبة فاعله.
2- منع اختلاط الرجال مع النساء في حفلات الزواج وغيرها، ومنع دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات، ومعاقبة من يحصل عندهم ذلك من زوج وأولياء الزوجة معاقبة تزجر عن مثل هذا المنكر.
3- منع الإسراف وتجاوز الحد في ولائم الزواج وتحذير الناس من ذلك بواسطة مأذوني عقود الأنكحة وفي وسائل الإعلام، وأن يرغب الناس في تخفيف المهور، ويذم لهم الإسراف في ذلك
على منابر المساجد وفي مجالس العلم وفي برامج التوعية التي تبث في أجهزة الإعلام.
4- يرى المجلس بالأكثرية معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس إسرافاً بيناً، وأن يحال بواسطة أهل الحسبة إلى المحاكم لتعزير من يثبت مجاوزته الحد بما يراه الحاكم الشرعي من عقوبة رادعة زاجرة تكبح جماح الناس عن هذا الميدان المخيف؛ لأن من الناس من لا يمتنع إلا بعقوبة، وولي الأمر - وفقه الله- عليه أن يعالج مشاكل الأمة بما يصلحها ويقضي على أسباب انحرافها، وأن يوقع على كل مخالف من العقوبة ما يكفي لكفه.
5- يرى المجلس الحث على تقليل المهور والترغيب في ذلك على منابرالمساجد ووسائل الإعلام وذكر الأمثلة التي تكون قدوة في تسهيل الزواج، إذا وجد من الناس من يرد بعض ما يدفع إليه من مهر أو اقتصر على حفلة متواضعة لما في القدوة من التأثير.
6- يرى المجلس أن من أنجح الوسائل في القضاء على السرف والإسراف أن يبدأ بذلك قادة الناس من الأمراء والعلماء وغيرهم من وجهاء الناس وأعيانهم.
وما لم يمتنع هؤلاء من الإسراف وإظهار البذخ والتبذير فإن عامة الناس لا يمتنعون من ذلك لأنهم تبع لرؤسائهم وأعيان مجتمعهم.
فعلى ولاة الأمر أن يبدأوا في ذلك بأنفسهم ويأمروا به ذوي خاصتهم قبل غيرهم، ويؤكدوا على ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم، واحتياطاً لمجتمعهم لئلا تتفشى فيه العزوبة التي ينتج عنها انحراف الأخلاق وشيوع الفساد.
وولاة الأمر مسؤولون أمام الله عن هذه الأمة، وواجب عليهم كفهم عن السوء ومنع أسبابه عنهم، وعليهم تقضي الأسباب التي تثبط الشباب عن الزواج ليعالجوها بما يقضي على هذه الظاهرة.
والحكومة أعانها الله ووفقها قادرة بما أعطاها الله من إمكانات متوفرة ورغبة أكيدة في الإصلاح أن تقضي على كل ما يضر بهذا المجتمع أو يوجد فيه أي انحراف، وفقها الله لنصرة دينه وإعلاء كلمته وإصلاح عباده، وأثابها أجزل الثواب في الدنيا والآخرة، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء

 

المصدر موقع الدر المكنون
 

البيت السعيد

  • قبل الزواج
  • البيت السعيد
  • لكل مشكلة حل
  • أفكار دعوية
  • أفراح بلا منكرات
  • منوعات
  • تربية الأبناء
  • دعوة الأسرة
  • الصفحة الرئيسية