صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







في صالة الأفراح

صالح بن علي السلطان

 
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان على الهادي الأمين، سيدنا وإمامنا وقرة عيوننا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم يا معلم إبراهيم علمنا، ويا مفهم سليمان فهمنا، ويا مؤتي لقمان الحكمة آتنا الحكمة وفصل الخطاب.
تمهيــد
لاشك أن للزواج فرحته وبهجته، وللزواج قيمته ونعمته، وقد جاءت الشريعة الغراء المطهرة لتقرر هذه الحقيقة ولتوجب على الزوج أن يمتع الناس بالوليمة في هذه المناسبة المباركة. فعن بريدة بن الحصيف رضي الله عنه قال: "لما خطب علي رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لابد للعرس من وليمة. فقال سعد رضي الله عنه
عليَّ كبش، وقال فلان عليَّ كذا وكذا من ذرة،- وفي رواية أخرى- وجمع له رهط من الأنصار أصوعاً ذرة" رواه الإمام أحمد والطبراني والطحاوي بسند لا بأس به، كما نص عليه ابن حجر في الفتح.
وينبغي على الزوج أو القائم على هذه الوليمة أن لا يدعو الأغنياء فقط أو الذين دعوه في ولائمهم، بل يشمل في دعوته الفقراء كما يشمل الأغنياء، حتى لا تكون وليمته من شرار الولائم التي أخبرعنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مما رواه عنه أبوهريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويمنعها المساكين، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله " رواه مسلم والبيهقي مرفوعاً.
فمن أراد أن لا تكون وليمته من شرار الطعام فعليه أن يدعو الفقراء كما يدعو الأغنياء.
فإذا دعي المسلم لهذه الوليمة وجب عليه أن يحضر ولا يجوز له أن يتخلف إلا بعذر شرعي، فإجابة الدعوة أمر واجب شرعي، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فكوا العاني، وأجيبوا الداعي، وعودوا المريض " رواه البخاري.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها عرساً كان أو نحوه، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله " رواه البخاري ومسلم وأحمد والبيهقي واللفظ له، ورواه أبويعلى. مسألة: فإن كان المدعو لهذه الوليمة صائما فماذا يفعل؟؟ أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التصرف الذي يسوغ له أن يعمله، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائما فليصل- أي يدعو لهم بالبركة في طعامهم- " رواه مسلم والنسائي وأحمد والبيهقي.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك " رواه مسلم وأبوداود.
إذاً المقصود من الحضور ليس فقط الأكل من هذه الوليمة ومن هذه الدعوة وإنما المقصود الأسمى هو تطييب خاطر ذلك الداعي وإظهار الكرامة له والاستجابة لدعوته وتكثير عدد المدعوين والحاضرين، فإن بهذا الأمر تطيب نفس الداعي ويعرف أن له قدراً عند من دعاهم.
فإذا حضر أحدنا الدعوة فإن عليه بعد أن يأكل أن يدعو لهذا الذي دعاه، وهناك أدعية متعددة في السنة المطهرة علينا أن نحفظ بعضها لندعو بها لهذا الذي دعانا، ومن هذه الدعوات: "اللهم اغفر لهم، وارحمهم، وبارك لهم فيما رزقتهم "، "اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني ". "أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون ". فإذا سلم على الزوج أو سلمت المرأة على الزوجة ينبغي أن تقول: "بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير".
ولا ينبغي أن تردد بالرفاء والبنين فقد وردت السنة بالنهي عن ذلك، فعن الحسن البصري رحمه الله: "أن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه تزوج امرأة من جُثَم فدخل عليه القوم فقالوا بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك- لأنها من أدعية الجاهلية- قالوا: فما نقول يا أبا يزيد؟- وهي كنيته- قال: قولوا: بارك الله لكم وبارك عليكم إنا كذلك كنا نؤمر". رواه النسائي وابن ماجه وأحمد بسند قوي.

كيف كانت ولائم رسول الله صلى الله عليه وسلم

يروي أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه قصة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي- رضي الله عنها- وكان أبوها حيي بن أخطب من عظماء اليهود انتصرعليهم الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة بني قريظة وقتل أبوها وكانت في السبي فتزوجها الرسول-صلى الله عليه وسلم- أقام الرسول صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثاً يبني بصفية بنت حي فدعوت المسلمين إلى وليمته فما كان فيها من خبز ولا لحم، أمر بأنطاع فألقي عليها من التمر والأقط والسمن فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن من أين جيء بهذا التمروالأقط والسمن؟ يبين ذلك ما جاء في رواية مسلم حيث يقول أنس: فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان عنده فضل زاد فليأتنا به "، فجعل الرجل يجيء بفضل التمر وفضل السويق حتى جعلوا من ذلك سواداً حيسا- والحيس هي الأنواع المختلفة التي لا يجمعها صنف واحد- فجعلوا يأكلون من ذلك الحيس ويشربون من حياض إلى جنبهم من ماء السماء- أي المطر- قال أنس: فكانت تلك وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها.
إذاً فكانت تلك وليمة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لم يكن فيها شيء من تكلف أو إسراف.
ولائمنا في هذه الأيام:
هناك كثيرمن المنكرات التي نراها في الولائم هذه الأيام، وقبل أن نذكر هذه المنكرات لابد أن ننبه إلى أنه لا يجوز إجابة الدعوة إذا كان فيها منكر، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: صنعث طعاماً فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع، قلت: يا رسول الله ما أرجعك بأبي وأمي، قال: "إن في البيت ستراً فيه تصاوير، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تصاوير". رواه ابن ماجه وأبويعلى في مسنده بسند صحيح.
لذلك استفاد العلماء رحمهم الله تعالى أن الدعوة إذا كان فيها منكر فإنها لا تجاب.
قال الأوزاعي رحمه الله: "لا ندخل وليمة بها طبل ومعزاف " رواه أبوالحسن الحربي في الفوائد المنتقاة بسند صحيح عن الأوزاعي رحمه الله.
وكذلك نص الأئمة في كتبهم المعتبرة أنه لا يجوز إجابة وليمة فيها منكر.

ومن منكرات ولائمنا ما يلي:

أولاً: الإسراف والبطر: وله صور متعددة منها.
1- بطاقات الدعوة والتي لم يعد الغرض منها إعلام الناس أن هناك زواجاً سوف يقام ولكن أصبحت مجالاً للمباهاة والتفاخر، حيث تكلف البطاقة الواحدة ما بين عشرة وخمسة عشر ريالاً، ولها أشكال غريبة وزخارف منوعة وتوضع في بعضها الحلوى فتفتح باباً للشر على الضعفاء والفقراء والمساكين وتكسر قلوبهم، فالبطاقات أصبحت الآن شيئاً يفوق الخيال في المباهات والسرف، نسأل الله العافية.
2- إقامة الأفراح في الفنادق والصالات: لو كان الغرض فقط من إقامة الفرح في الصالة أن البيت لا يتسع لهذه الوليمة لكان في الأمر سعة، ولكنها أصبحت مجالاً خصباً للتفاخر من حيث غلاء هذه الصالة أوذلك الفندق وما يقدمه من خدمات، وأصبحنا نسمع أن هناك أناساً يدفعون أربعين ألفاً في الليلة الواحدة لهذا الفندق أو ذاك. نسأل الله الهداية لنا ولهم.
3- طرحة العروس: هي أيضاً من أنواع السرف لما ينفق فيها من أموال طائلة، وما هي إلا لبسة واحدة في ليلة واحدة فقط، وإذا اشير على هذه المرأة بأن تستعير ملابس أختها شمخت بأنفها وهزت كتفيها وقالت كيف ألبس هذا المستعمل، وتبقى القضية رياء وسمعة وإنفاقاً للمال في غير وجهه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لن تزولا قدما عبداً يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ثم ذكر وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه ".
4- ملابس الحاضرات: لا يخفى علينا ما ينفق على مثل هذه الملابس من نفقة باهظة ثم تستنكف المرأة أن تلبسها مرة أخرى بحجة رؤية الناس لهذه الملابس في حفلات سابقة.
5- التبذير في المكولات ورمي الأطعمة: وقد ظهر في هذه الأيام ما يزيد على الرز واللحم والخضار والفواكه، وأصبحنا نسمع عن الورود والزهور التي توضع وكذلك الحلوى والبسكويتات المختلفة، وكلها ليس المقصود منها إكرام الضيف وإنما يقصد منها البطر والمباهاة.
6- النقوط (مبلغ المال يعطى للمرأة التي تضرب بالدف لتغني لهذه المرأة التي أعطتها المال) وهي أموال يعطى للمطربة التي تغنى في هذا العرس.
طوال الليل، وقد يتفق مع هذه المطربة على مبلغ ثم بعد ذلك تجمع هذا النقوط والقصد منه المباهاة والفخر، أضف إلى ذلك ما يسمى بالطرارة (مبلغ من المال يدفعه الزوج للمغنية) حيث توضع مبالغ كبيرة ما أنزل الله بها من سلطان، ونحن نقترح أنه إذا كان لابد أن تجمع هذه الأموال فلتجمع وتجعل للزوجين إعانة لهما على أمر زواجهما، فإن كانا غنيين ومستغنيين عن هذه الأموال فإنها تعطى فقراء المسلمين، والعالم الإسلامي فيه كثيرمن الفقراء الذين يحتاجون هذه الأموال.

ثانيا : الغناء.
لابد من إظهار الفرح والسرور في الزواج، وقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إظهار هذا الفرح والسرور، روى الترمذي والنسائي عن محمد بن حاطب الجمحي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت " زاد النسائي: "في النكاح " وله في أخرى بإسقاط الدف. وروى الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "زففنا امرأة إلى رجل من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة أما يكون معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو". وعن عامر بن سعد رضي الله عنه أنه قال: "دخلت على قرضة بن كعب وأبي بن مسعود الأنصاري في عرس وإذا جوارٍ تغنين فقلت أفي صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بدر يفعل هذا عندكم!! فقالا: اجلس إن شئت فاسمع معنا وإن شئت فاذهب فإنه قد زخص لنا في اللهو عند العرس " أخرجه النسائي بسند حسن.
وهذا البخاري وأبو داود والترمذي يروون عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بنى علي فدخل بيتي وجلس على فراشي فجعل جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائهن يوم بدر إذ قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في غد... فقال لهارسول الله صلى الله عليه وسلم: دعي هذا وقولي الذي كنت تقولين ".
والملاحظ هنا أن إشهار الزواج إنما هو بالدف وأن اللاتي يغنين جوارٍ صغيرات ثم هن إماء ليس فيهن عورة، ولكن الذي نراه هذه الأيام شيء عجيب جدا. توضع مكبرات الصوت ويؤتى بالمطربات ومعهن الطبول والمزامير والعود،
وإذا تعبت المطربة وتعب صوتها فإن إلى جانبها ألة التسجيل تفتحها وتضع الموسيقى الغربية وغيرها من المنكرات، وقد حرم الله سبحانه وتعالى المزمار وحرم آلات الطرب، قال الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) } سورة لقمان.
روى ابن جرير عن أبي الصهباء البكري أنه سمع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو يسأل عن هذه الآية فقال: "الغناء، والله الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات ". وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وعمرو بن شعيب وعلي بن البذيمة كلهم قالوا: الغناء، قال قتادة في هذه الآية: "والله لعله لا ينفق فيه مالاً ولكن شراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق وما يضرعلى ما ينفع.
وعن عبد الله بن غنم الأشعري رضي الله عنه قال: حدثني أبو مالك الأشعري رضي الله عنه والله ما كذبني أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون
الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم- أي جبل- يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة فيقولون ارجع إلينا غداً فيبيتهم الله ويضع العلم ويسمخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة" رواه البخاري تعليقاً مجزوماً به ووصله الإسماعيلي والطبراني وابن حبان وغيرهم والحِرَ هو الزنا، والمعازف هي المقصودة هنا وهي آلة الطرب وقوله يستحلون معناه أنها حرام، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمسخ أقوام من هذه الأمة في آخر الزمان قردة وخنازير، قالوا يا رسول الله أليس يشهدون أن لا إله إلا الله. قال: بلى ويصومون ويصلون ويحجون، قالوا: فما بالهم، قال: اتخذوا المعازف والدفوف والقينات فباتوا على شربهم ولهوهم فأصبحوا قد مسخوا قردة وخنازير" حديث حسن رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل من المسلمين يا رسول الله ومتى ذلك قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور" حديث صحيح رواه الترمذي بسندصحيح.
إذاً إذا ظهرت القينات وشربت الخمور فلينتظر الناس أن تخسف بهم الأرض أو يرجموا بحجارة من السماء أو يقلب صورهم قردة وخنازير نسأل الله العافية.
وقد ورد عن عبد الله بن مسعودرضي الله عنه أنه قال: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع " أخرجه ابن أبي الدنيا.
وقال الفضيل بن عياض رضي الله عنه: "الغناء رقية الزنا".
ومر على عبد الله بن عمر قوم محرمون وفيهم رجل يتغنى فقال- أي عبد الله بن عمر-: "ألا لا أسمع الله لكم "، وقال رجل لابن عباس: ماذا تقول في الغناء فقال: "أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة فأين يكون الغناء، فقال الرجل يكون مع الباطل، فقال ابن عباس رضي الله عنه اذهب فقد أفتيت نفسك ".
إذاً يا أختي المسلمة ليست المشكلة في إعلان الزواج بالدف وبالكلمات الطيبات العفيفات ولكن المشكلة في هذه الأصوات وفي هذه الموسيقى، ثم إن الكلام الذي يقال لو تفكرت في معناه لاستحييت منه، تفكري في أي أغنية شئت ثم انظري ما المقصود منها؟ إنها لا تعدوا أن تكون كلمات بذيئة يرددها أناس فقدوا الحياء والحشمة.

ثالثا : الرقص.
الرقص من المنكرات وهو أشد وأنكى من الغناء، لأن فيه عجب وفيه كبر وفيه خيلاء، والله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى المختال بعين رحمة أبدا، يقول الله عز وجل: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(18) {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ(19) } سورة لقمان ، ويقول الله سبحانه: (ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً!، وماظنكم في التي ترقص هل تمشي في الأرض مرحاً أو لا تمشي؟ تختال في مشيتها أو لا تختال؟ ماذا تصنع؟ إنها تتثنى وتستعرض، تعرض جسمها على الحاضرات إن لم يكن هناك أيضاً آلات تصوير.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشي في خلة تعجبه نفسه مرجل رأسه يختال في مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة" متفق عليه.
فاتق الله يا أمة الله لا يخسف بك هذا المسرح وأنت ترقصين فيه فتبقين تتجلجلين في الأرض إلى يوم القيامة، ثم إن الرقص مزيل للحياء، فالمرأة التي تكشف صدرها ونحرها وظهرها وساقيها وقدميها وركبتيها وتتثنى وتتكسرأظَـنُّك أنها يبقى في وجهها بقية من حياء !!؟

اقرأي هذه الفتوى:
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
"لقد شوهد أخيراً في مناسبات الزواج قيام بعض النساء بلبس الثياب التي خرجن بها عن المألوف في مجتمعنا معللات بأن لبسها إنما يكون بين النساء فقط وهذه الثياب فيها ما هو ضيق تتحدد من خلالها مفاتن الجسم ومنها ما يكون مفتوحاً من أعلى بدرجة يظهر من خلالها جزء من الصدر أو الظهر ومنها ما يكون مشقوقاً من الأسفل إلى الركبة أو قريباً منها. أفتونا عن الحكم الشرعي في لبسها وماذا على الولي في ذلك ".؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم : "صنفان من أهل النار لم أرهما. قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". فقوله-صلى الله عليه وسلم كاسيات عاريات يعني أن عليهن كسوة لا تفي بالستر الواجب إما لقصرها أوخفتها أو ضيقها، ولهذا روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد فيه لين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: "كساني رسول الله-صلى الله عليه وسلم قبطية- نوع من الثياب- فكسوتها امرأتي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك لم تلبس القبطية قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها". ومن ذلك فتح أعلى الصدر فإنه خلاف أمر الله تعالى حيث قال: }وليضربن بخمرهن علىجيويهن {!، قال القرطبي في تفسيره وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها لتستر صدرها ثم ذكر أثراً عن عائشة: "أن حفصة بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما دخلت عليها بشيء يشف عن عنقها وما هنالك فشقته عليها وقالت: إنما يضرب بالكثيف الذي يستر". وقد أمر في فتواه ولي أمر المرأة أن يمنعها من هذا اللباس.
هذا إذا كان اللباس وحده فكيف إذا كان معه تثنى واختيال إلى غير ذلك؟

رابعاً: التصو ير.
التصوير من المنكرات التي نراها في الأفراح، وهو محرم سواء كان هذا التصوير بواسطة الفيديو وهو أدهى وأمر، أو كان بآلة التصوير، لقد خرج الإمام مسلم عن سعيد بن أبي الحسن قال: "جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها. فقال: ادن مني فدنا منه ثم قال: ادن مني فدنا منه حتى وضع يده على رأسه فقال: انبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل مصورٍ في النار ويجعل له بكل صورة صورها نفساً تعذبه في جهنم، وقال إن كنت لابد فاعلاً فاصنع الشجر ومما لا نفس فيه "، وعن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "اشتريت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهة قلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله ما أذنبت؟ قال: ما بال هذه النمرقة فقالت: اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال: إن البيت الذي فيه صور لا تدخله الملائكة" رواه البخاري ومسلم.
والتصوير أشد من أن تصف المرأة المرأة لزوجها، وقد نهى الرسول-صلى الله عليه وسلم أن تصف المرأة المرأة لزوجها، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها" متفق عليه.
فما ظنك بهذه الصور إذا رآها الرجل، فهذه فلانة وهذه زوجة فلان وهذه ابنة فلان، ثم أصحاب محلات التصوير ألا يخشى أن يقوموا بنشر هذه الصور إها عن طريق بيعها أو على أقل حال ينظرون إليها هم وأصحابهم حيث يراها القاصي والداني على حد سواء.

خامسا: التعطر والخروج مع غير المحرم.
من الأمور المنكرة في الأفراح أن المرأة المسلمة بعد أن تغتسل وتتنظف وتضع المكياج تضع أنواع العطور والروائح ثم تركب مع السائق أو صديق العائلة أو غيرهم من أي الناس وتذهب هذا الزواج في كامل عطرها وزينتها ليشمها الرجال، وإذا كانت المرأة منهية عن حضور الصلاة متعطرة فما بالك بالزواج، روى الإمام مسلم عن بُسر بن سعيد أن زينب الثقفية كانت تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تطيب تلك الليلة" كما روى الإمام مسلم أيضاً عن أبي فروة عن يزيد بن حفصة عن بُسر ابن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة". وهذه هي الصلاة، فما ظنكم بالزواج!!! الزواج أشد وأنكى وقد وصف الرسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة التي تتزين وتتعطر
ثم تظهر ليشمها الناس وينظروا إلى زينتها بأنها زانية، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده عن عمارة عن غنيت بن قيس عن الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أيا امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية ".
فيا أمة الله إنك لا شك تخافين أن يقال عنك هذه الكلمة الخطيرة فلا تقعي في هذا الأمر بحيث توصفي بهذا الوصف.

سادسا : لباس اللأزواج للخاتم
إن من منكرات الأفراح ما يفعله بعض الأزواج من لبس خاتم الذهب وهذا أيضا محرم فقد روى الإمام النسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أن رجلا قدم من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه خاتم من ذهب فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إنك جئتني وفي يدك جمرة من نار" وفي رواية أخرى قال: "أقبل رجل من البحرين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فلم يرد عليه وكان في يده خاتم من ذهب وجبة حرير فألقاهما ثم سلم فرد عليه السلام فقال: يا رسول الله أتيتك آنفاً فأعرضت عني، قال: إنه كان في يدك جمرة من نار، قال: لقد جئت أيضاً بجمركثير، قال: إن ما جئت به ليس بأجزا عنك من حجارة حرة ولكنه متاع الحياة الدنيا، قال: بماذا أتختم، قال حلقة من حديد أو ورق أو صفر" أخرجه النسائي.
قال أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن خاتم الذهب " أخرجه البخاري ومسلم وقد رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم أيضاً رجلاً يلبس خاتم من ذهب فقال له: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيطرحها في يده ". فطرح الرجل خاتمه من يده ولما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له:" خذ خاتمك انتفع به. فقال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. وخاتم الذهب محرم على الرجال ولكن هناك بدعة عند النساء وهي ما يسمى بدبلة الزواج ودبلة الخطوبة، وهي عادة جاهلية أتتنا من النصارى.
يقول المحدث الكبير الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله في كتاب آداب الزفاف ص 123، 124: "وقد وجه سؤال إلى مجلة المرأة التي تصدر في لندن العدد 19 آذارسنة 1960 م الصفحة الثامنة، وأجابت عن هذا السؤال إنجيلا تنيورت محررة قسم هذه الأسئلة، والسؤال هو: لماذا يوضع خاتم الزواج في بنصر اليد اليسرى؟
فأجابت: يقال إنه يوجد عرق في هذا الأصبع يتصل مباشرة بالقلب، وهناك أيضاً الأصل القديم عندما كان يضع العروس الخاتم في رأس إبهام العروسة اليسرى ويقول باسم الأب ثم ينقله إلى رأس الأصبع السبابة ويقول باسم الابن ثم ينقله إلى رأس الأصبع الوسطى ويقول وباسم الروح القدس، وعندما يقول آمين يضعه أخيرأ في البنصر حيث يستقر". إذاً هذه عادة نصرانية صليبية جاهلية قديمة وهذا أمرخطير لأنه تشبه بالجاهلية ومن تشبه بقوم فهو منهم ويحشر معهم يوم القيامة ولا أظن أن هناك امرأة عاقلة تحب أن تتشبه بهؤلاء الكفار.

سابعا : نشر أسرار الزوجية
من المنكرات ما يحدث من نشر لأسرار الحياة الزوجية، فبعد الزواج تجتمع النساء مع هذه المرأة في يوم العرس أو بعده بيوم أو يومين يجتمع الرجال مع الزوج ويبدأ يقص عليهم بطولاته وهي تقص عليهن ما حدث في تلك الليلة، وهذا أمر منكروخطير وينبغي أن نتفطن له، عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود فقال: "لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها، فأزم القوم- أي سكتوا- ولم يجيبوا حياء من الرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أي والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا فإنما ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون " رواه أحمد وله شواهد،قال الألباني الحديث بهذه الشواهد صحيح أو حسن على الأقل.
إذاً أنت لا تريدين أن تكوني شيطانة لقيت شيطاناً فغشيها والناس ينظرون، إذا لا تفشي هذه الأسرار ولا تجعليها مجالاً للتندر والضحك وتقصين على هؤلاء النسوة ما فعل بك وما فعلت مع هذا الرجل فإن هذا حرام عليك.

ثامنا: دخول الزوج و معه إخوانه إلى الصالات وسط النساء:
من المنكرات التي تحدث في صالة الأفراح أن يدخل الزوج ومعه أهله وأخوانه وأصدقاؤه وأبناء العمومة وأبناء الخؤولة، يدخلون وتصف لهم المقاعد على هذه المنصة ثم تأتي النساء
يرقصن أمام الرجال ويتثنين متعطرات متبرجات في كامل زينتهن، وما أدرى أين ذهب الحياء في تلك اللحظة، وكيف تتكشف المرأة لهؤلاء الرجال؟! وكيف يسمح الرجل بأن يدخل هؤلاء الرجال جميعاً لينظروا إلى زوجته وإلى أخواته وقريباته؟ وكيف يسمح لنفسه بأن يعمل هذا العمل؟

خاتمة
هناك منكرات كثيرة تحصل في الأفراح لانستطيع إحصاءها لأنها تحتاج إلى وقت طويل ومجال أوسع، ونكاد نجزم بأن إجابة الدعوات للنساء في هذه الأيام لا تجوز إلا ما قل، لذلك يجب على العاقل منع امرأته من الذهاب إلى الأفراح مادام فيها منكر، ولو امتنعت أنا وأنت وغيرنا ولم تذهب نساؤنا لتغير وضع الأفراح، كيف تذهب المرأة ثم يصور وتنشر صورها في كل بيت؟ كيف تذهب ليراها هذا الزوج الذي يدخل على النساء ومن معه من أهله وأقاربه؟ ثم بعد ذلك ما يحدث في بعض الأفراح من وجود الرجال في صالة النساء بحجة أنه عامل وكأنه ليس له آلة كما للرجال وكأنه لا يشتهي النساء، بل هو أشد من صاحب البلد لأنه غريب وبقي مدة طويلة بعيداً عن أهله فهو أشد شهوة من غيره.
نسأل الله الهداية والسداد والتوفيق، وعلينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى في زواجاتنا، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
 

المصدر موقع الدر المكنون
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

البيت السعيد

  • قبل الزواج
  • البيت السعيد
  • لكل مشكلة حل
  • أفكار دعوية
  • أفراح بلا منكرات
  • منوعات
  • تربية الأبناء
  • دعوة الأسرة
  • الصفحة الرئيسية