اطبع هذه الصفحة


توجيهات للمسافرين

عبد الرحمن بن صالح المزيني

 
بسم الله الرحمن الرحيم

لقد أمر الله تبارك وتعالى عباده بالتفكر وإعمال العقل في عظيم صنعه وبديع خلقه لأن ذلك يورث تعظيم الخالق سبحانه فقال تعالى ( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ () وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ () وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) بل أنكر سبحانه على من لا يتفكر فقال قبلها (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ () وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ )

تأمل في نبات الأرض وانظر ... إلى آثـار مـا صنع المليك
عيون مـن لجين شاخصـات ... بأحداق هي الذهب السبيك
على قصب الزبرجد شاهدات ... بأن اللـه ليس لـه شريك

وقال آخر:

فيا عجبًا كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
وفي كـل شـيء لـه آية ... تـدل عـلى أنه واحد

وان من أسباب التفكر والاعتبار السفر والتنقل بين البلاد والديار. خاصة إذا صاحبه نية صالحة . ولما كان السفر من الأمور المعتادة عند الناس كان لابد من توجيهات مختصرة .للمسافر تكون خفيفة الحمل والمعاني يبين فيها شئ مما يتعلق بأحكامه و إلا فان العلماء قد كتبوا في هذا كثيرا ولله الحمد.فهذه بعض التوجيهات والفوائد راجيا من الله النفع بها :

الأولى :
السفر هو مفارقة محل الإقامة على وجه يسمى سفرا .والصواب من أقوال أهل العلم أن السفر مرده للعرف فلا يحد بل ما عده الناس سفرا فهو سفر وما لم يعده الناس سفرا فليس بسفر .وهو اختيار شيخ الإسلام وشيخنا ابن عثيمين رحم الله الجميع .

الثانية :
لا يترخص المسافر برخص السفر إلا إذا خرج من بلده مسافرا.لأنه قبل الخروج لا يعتبر مسافرا ولو كان عازما .

الثالثة :
في بلادنا بلاد الحرمين غنية عن السفر إلى غيرها فان السفر إلى بلاد الكفار والفساد - ولو كانت عربية أو إسلامية - محرم إلا إذا كان هناك ضرورة أو حاجة وبشروط منها:
1- أن يكون عند المسافر علم يدفع به الشبهات .
2- أن يكون عند المسافر دين يدفع به الشهوات .

قال ابن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى: [ وقد كتبنا وحذرنا غير مرة من السفر إلى الخارج وبينا أخطار ذلك ] أهـ. وقال رحمه الله: ( فلا يجوز السفر للخارج إلا بشروط مهمة؛ لأن السفر للخارج يعرضه للكفر بالله، ويعرضه للمعاصي من شرب الخمر وتعاطي الزنا وغير هذا من الشرور. ولهذا نص العلماء على تحريم السفر إلى بلاد الكفار عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين))، فالإقامة بينهم خطيرة جداً سواء كانت للسياحة أو للدراسة أو للتجارة أو غير ذلك....أهـ .

الرابعة :
يستحب لمن أقدم على أمر من الأمور- ومنها السفر – الاستخارة... ففي الصحيح عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ « إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إني أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لي في ديني ومعاشي وَعَاقِبَةِ أمري - أَوْ قَالَ عَاجِلِ أمري وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لي في ديني ومعاشي وَعَاقِبَةِ أمري - أَوْ قَالَ في عَاجِلِ أمري وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّى واصرفني عَنْهُ، وَاقْدُرْ لي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أرضني - قَالَ - وَيُسَمِّى حَاجَتَهُ »

الخامسة :
في البخاري عن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رضي الله عنه - كَانَ يَقُولُ لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ في سَفَرٍ إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ

السادسة :
مما يستحب للمسلم عموما ومن أراد السفر الوصية ففي الصحيح انه قال r « مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شيء يُوصِى فِيهِ يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَا مَرَّتْ عَلَىَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ذَلِكَ إِلاَّ وعندي وصيتي ) فمن كانت له أو عليه حقوق كان كتابة الوصية واجبة.والا فهي مستحبة .

السابعة
: مما نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام السفر منفردا فقد جاء في الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام ( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا في الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ ) وصح انه قال صلى الله عليه وسلم ( الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلاَثَةُ رَكْبٌ ) .

الثامنة :
مما جاء في السنة التوديع عند السفر فقد صح عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا ودع أحدا قال : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك . ( ويجيب المسافر: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ) .

التاسعة :
مما جاء الأمر به للمسافرين أن يؤمروا احدهم فقد صح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) قال نافع: فقلنا لأبي سلمة فأنت أميرنا .

العاشرة :
احرص أن يكون زادك وراحلتك من مال حلال.ففي الصحيح عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-( أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إني بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ». ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ )

الحادية عشر :
مما يجب أن يعلم انه لايحل للمرأة السفر إلا مع محرم لها وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إني أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ في جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وامرأتي تُرِيدُ الْحَجَّ. فَقَالَ « اخْرُجْ مَعَهَا »

الثانية عشر :
في الصحيحين عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَهُ في الْجِهَادِ فَقَالَ « أحي وَالِدَاكَ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ « فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ » وعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ سَأَلْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ « الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا ». قَالَ ثُمَّ أي قَالَ « ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ». قَالَ ثُمَّ أي قَالَ « الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ ». قَالَ حدثني بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِى )فعلى الأبناء مراعاة رضى الوالدين عند السفر .

الثالثة عشر :
مما يقع في المجتمع –وهو قليل بحمد الله- سفر الرجل بزوجته وأبنائه وترك والديه أو أحدهما.فان علم رغبتهما في السفر فلا يحل له أن يتركهما .وان لم يرغبا السفر فلا يحل له تركهما إلا أن يكون عندهما من يقوم عليهما .قال تعالى(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا () وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا () رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا () وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ) وعن أبي الدرداء سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه )

الرابعة عشر :
يستحب لمن خرج مسافرا أن يقول دعاء السفر.ففي الصحيح أن ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ « سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الأَهْلِ اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ في الْمَالِ وَالأَهْلِ ». وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ. وَزَادَ فِيهِنَّ « آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ » .

الخامسة عشر :
احذر الديون فإنها هم بالليل وذل بالنهار فليس من العقل ولا من الدين أن يستدين الإنسان مبالغ كثيرة من اجل السياحة والنزهة.فان الواجبات الشرعية لم يأمر الله تعالى بالاستدانة لأجلها قال تعالى (..وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.. ) بل الزواج الذي به عفاف المرء قال الله فيه (..وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ..) ومع ذلك يجب على من كان عنده حقوق للعباد أن يبادر بالوفاء وإبراء ذمته.ومن علم الله منه الصدق أعانه ففي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ ) .

السادسة عشر :
طهارة المسافر: الأصل أن المسافر كغيره في الطهارة من الأحداث والأنجاس ومما ينبه إليه أمور منها :-
- أن من لم يجد الماء اوعجز عن استعماله وخشي خروج وقت الصلاة فله أن يتيمم .
- وسئل شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: عمن يكون في الطائرة ولا يقدر على الماء فقال: إذا كان يمكن أن يتيمم على فراش الطائرة تيمم, وإذا لم يمكن بأن كان خالياً من الغبار فإنه يصلي ولو على غير طهر.
- أن المسح على الخفين ونحوهما يمتد في حق المسافر ثلاثة أيام بلياليهن أي ثنتان وسبعون ساعة من أول مسح.
- لا بأس بالاستجمار بالأحجار والمناديل ونحوها بدلا عن الماء في تطهير السبيلين من البول أو الغائط
- سئل شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم غسل ملابسنا في البلاد الكافرة مع ملابس الكفار؟ فأجاب قائلاً:الغالب على ملابس الكفار النجاسة, لأنهم لا يستنجون ولا يستجمرون, فإذا كان بالإمكان غسلها بمفردها, فهذا هو المطلوب, وإذا لم يمكن فلا بد أن نعلم أو يغلب على ظننا أن هذا الغسال يصب عليها عدة مرات بحيث تطهر في المرة الأولى أو الثانية وتبقى طاهرة .

السابعة عشر :
صلاة المسافر: هذه بعض الفوائد مما يتعلق بصلاة المسافر هي من اختيارات شيخنا ابن عثيمين رحمه الله قال : المغتربون عن بلادهم لهم ثلاث حالات:

الحال الأولى :
أن ينووا الإقامة المطلقة في بلاد الغربة كالعمال المقيمين للعمل، والتجار المقيمين للتجارة، وسفراء الدول ونحوهم ممن عزموا على الإقامة إلا لسبب يقتضي نزوحهم إلى أوطانهم فهؤلاء في حكم المستوطنين في وجوب الصوم عليهم وإتمام الصلاة الرباعية والاقتصار على يوم وليلة في المسح على الخفين .

الحال الثانية :
أن ينووا إقامة لغرض معين غير مقيدة بزمن فمتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم، كالتجار القادمين لبيع السلع أو شرائها أو القادمين لمهمات تتعلق بأعمالهم الرسمية، أو لمراجعة دوائر حكومية ونحوهم ممن عزموا على العودة إلى أوطانهم بمجرد انتهاء غرضهم فهؤلاء في حكم المسافرين وإن طالت مدة انتظارهم .

الحال الثالثة :
أن ينووا إقامة لغرض معين مقيدة بزمن ومتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم...حكم السفر لا ينقطع في هذه الحال فيجوز لأصحابها أن يترخصوا برخص السفر .
- صلاة المسافر ركعتان من حين أن يخرج من بلده إلى أن يرجع إليه, ...لكن إذا صلى مع إمام يتم صلى أربعاً سواء أدرك الصلاة من أولها, أم فاته شيء منها .
- قصر الصلاة متعلق بالسفر فما دام الإنسان مسافراً فإنه يشرع له قصر الصلاة, سواء كان سفره نادراً أم دائماً, إذا كان له وطن يأوي إليه ويعرف أنه وطنه, وعلى هذا فيجوز لسائق الشاحنة أن يترخص برخص السفر من قصر الصلاة, والمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها والفطر في رمضان وغيرها من رخص السفر .
- المسافة التي تقصر فيها الصلاة حددها بعض العلماء بنحو ثلاثة وثمانين كيلو متراً, وحددها بعض العلماء بما جرى به العرف, أنه سفر وإن لم يبلغ ثمانين كيلو متراً, وما قال الناس عنه:إنه ليس بسفر, فليس بسفر ولو بلغ مائة كيلو متر. وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - وذلك لأن الله تعالى لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر .
- لا يشترط لفعل القصر والجمع - حيث أبيح فعلهما - أن يغيب الإنسان عن البلد, بل متى خرج من سور البلد جاز له ذلك, وإن كان يشاهدها, وكذلك الحال فيمن قدم إليها له أن يفعل رخص السفر حتى يدخل في سورها .
- لا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر؛ لأن الله تعالى أمر بها في حال القتال وعلى هذا فإذا كان المسافر في بلد غير بلده وجب عليه أن يحضر الجماعة في المسجد إذا سمع النداء إلا أن يكون بعيداً أو يخاف فوت رفقته ولكن لو أنك لم تسمع النداء, أو كنت في مكان ناء عن المساجد, أو فاتتك الجماعة, فإنك تصلي ركعتين مادمت في البلد الذي سافرت إليه بنية الرجوع إلى بلدك .
- المسافر يصلي جميع النوافل سوى راتبه الظهر, والمغرب, وراتبه العشاء .
- أما الجمع: فإن كان سائراً فالأفضل له أن يجمع بين الظهر والعصر, وبين المغرب والعشاء, إما جمع تقديم, وإما جمع تأخير حسب الأيسر له, وإن كان نازلاً فالأفضل أن لا يجمع, وإن جمع فلا بأس لصحة الأمرين عن رسول الله صلي الله عليه وسلم .
- إذا كانت المسافة بين البلد وبين محل النزهة ثلاثة فراسخ - أي تسعة أميال - وصاروا يقيمون إقامة يحملون من أجلها الزاد والمزاد كاليومين والثلاثة فهم مسافرون, يترخصون برخص السفر وأما من يخرج يوماً ويرجع في يومه, أو في أول الليل ويرجع في آخره فلا يترخص .
- المرأة إذا صلت في بيتها فإنها تصلي ركعتين, وإن صلت في المسجد وجب عليها أن تصلي أربعاً .
- كلما حصل للإنسان حرج في ترك الجمع جاز له الجمع, وإذا لم يكن عليه حرج فلا يجمع, لكن السفر مظنة الحرج بترك الجمع .
- يجوز للمسافر أن يكون إماماً للمقيمين, وإذا سلم يقوم المقيمون فيتمون .
- إن دخل في الركعة الأولى من صلاة العشاء وهو يصلي بنية المغرب فإن الإمام إذا قام إلى الرابعة يجلس هو يتشهد ويسلم, ثم يدخل مع الإمام في بقية صلاة العشاء حتى يدرك الجماعتين في الصلاتين... , إذا دخل رجل مسافر قد صلى المغرب, فوجدهم يصلون المغرب, فدخل معهم بنية صلاة العشاء. ., فإذاا قام الإمام للثالثة أكمل الداخل التشهد وسلم من ركعتين, وهذا هو الصحيح. وله أن يقوم معه في الثالثة ويتم العشاء أربعا ً.
- إذا حانت صلاة المغرب وأنت تجوب طرق المدينة الكبيرة، ولم يتيسر لك الوقوف في مكان تؤدي به صلاة المغرب، فلا حرج عليك أن تؤخرها بنية الجمع بينها وبين صلاة العشاء؛ لأنك معذور بعذرين :
أحدهما : السفر على القول الراجح الذي قررناه .
والثاني: الحرج والمشقة عليك بصلاة المغرب في وقتها.
- لا تجمع العصر إلى الجمعة لعدم ورود ذلك في السنة.
- المسافر ليس عليه جمعة, بل ولا تصح منه الجمعة لو صلاها في السفر؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يقيم الجمعة في السفر, فمن أقامها في السفر فقد خالف هدي النبي صلي الله عليه وسلم, فيكون عمله مردوداً بقول النبي صلي الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). أما إذا مر المسافر ببلد يوم الجمعة وأقام فيه حتى حان وقت صلاة الجمعة وسمع النداء الثاني الذي يكون إذا حضر الخطيب فعليه أن يصلي الجمعة
- لا وجه لجمع من أراد السفر قبل أن يغادر البلد, اللهم إلا أن يخشى من مشقة إذا نزل للصلاة أثناء سفره
- حكم الصلاة فيما إذا تغير اتجاه الطائرة أن يستدير المصلي في أثناء صلاته إلى الاتجاه الصحيح... ولو أدى ذلك إلى الاستدارة عدة مرات, الواجب على قائد الطائرة إذا تغير اتجاه الطائرة أن يقول للناس قد تغير الاتجاه فانحرفوا إلى الاتجاه الصحيح, هذا في صلاة الفريضة, أما النافلة في السفر على راحلته أينما توجهت .
- سئل رحمه الله: البعض يأخذ برخصة السفر في الجمع بين الصلاتين مثل الظهر والعصر فيجمعهما جمع تقديم وهو يعلم أن سيصل إلى مكان إقامته قبل صلاة العصر فهل هذا جائز؟ فأجاب فضيلته بقوله:نعم هذا جائز, لكن إن كان يعلم أو يغلب على ظنه أنه سيصل قبل صلاة العصر؛ فالأفضل أن لا يجمع لأنه ليس هناك حاجة للجمع.
- إذا قدر أنك لن تصل إلى المطار الثاني إلا بعد خروج الوقت, فإنه لا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر في بيتك, فتقدم صلاة العصر وإن كنت لم تبدأ الرحلة؛ لأن تأخير صلاة العصر في هذه الحالة فيه نوع من المشقة والخوف من خروج الوقت .
- العبرة بفعل الصلاة, فإن فعلتها في الحضر فأتم, وإن فعلتها في السفر فاقصر .
- إذا وصلت إلى مطار بلدك فصل أربعاً, إذا كان المطار متصلاً بالبلد, وإذا كان خارج البلد فصل ركعتين .
- إعادة الجماعة لمن فاتتهم صلاة الجماعة الأم سنة؛ لأن رجلاً دخل المسجد ورسول الله صلى عليه وعلى أله وسلم جالس في أصحابه وقد صلوا فقال صلي الله عليه وسلم (من يتصدق على هذا)) فقام رجل فصلى معه
- سئل عن المطاعم والفنادق التي فيها الخمور فقال: لا تسكنوا في هذه الفنادق إلا للحاجة, مادام يعلن فيها شرب الخمر, ولا تأكلوا في هذه المطاعم إلا لحاجة, وإذا احتجتم فمن السهل أن تقولوا للخدم انزعوا هذا وأبعدوه سواء في الفندق أو المطعم.
- حمل القرآن إذا حمله الإنسان ليقرأ فيه فلا بأس.سواء كان مسافراً إلى بلاد كافرة أو مسلمة انتهى كلام الشيخ رحمه الله
- ومن دخل عليه وقت الصلاة وهو في الطائرة ويعلم أنه لن يصل إلا بعد الوقت فانه يصلى على حاله ويأتي بما يستطيع من الواجبات ولا يجوز له أن يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها
- لابأس بالصلاة في الحدائق والأماكن العامة والأسواق إذا لم تعلم نجاستها لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: (...وَجُعِلَتْ لي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أمتي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ..)
- مما من الله به علينا هذه الساعات التي يضبط بها أوقات الصلوات وتحدد بها القبلة في أي مكان من العالم .

الثامنة عشر :
القبلة : ومما ينبه له المسافر وغيره وجوب العناية بالقبلة.والاحتياط لها بما يدل عليها سوا ء بالأجهزة الحديثة أو سؤال أهل المعرفة قال تعالى(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)

التاسعة عشر :
صيام المسافر الأصل أن المسافر وغيره سواء,فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم سافر وكان صائما ومعه أصحابه رضي الله عنهم وكان منهم الصائم ومنهم المفطر ولم يعب احد على احد.أما إذا وجد ضرر من الصيام فيحرم لإنكار النبي صلى الله عليه وسلم على من شق على نفسه حتى سقط على الأرض . وإذا لم يكن مشقة من الصوم فالأفضل الصوم لأنه أسرع في إبراء الذمة .
- الصواب أن لكل أهل بلد رؤيتهم فربما هل في بلد دون غيره فلا صيام الابرؤية هلال رمضان أو إكمال شعبان ثلاثين
- قال شيخنا ابن عثيمين:إذا انتقل الإنسان من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي وتأخر إفطار البلد الذي انتقل إليه فإنه يبقى معهم حتى يفطروا، لأن الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس، وهذا وإن زاد عليه يوم، أو أكثر فهو كما لو سافر إلى بلد تأخر فيه غروب الشمس، فإنه يبقى صائماً حتى تغرب، وإن زاد على اليوم المعتاد ساعتين، أو ثلاثاً، أو أكثر، ولأنه إذا انتقل إلى البلد الثاني فإن الهلال لم ير فيه وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن لا نصوم ولا نفطر إلا لرؤيته، فقال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته». وأما العكس: وهو أن ينتقل من بلد تأخر فيه ثبوت الشهر إلى بلد تقدم ثبوت الشهر فيه فإنه يفطر معهم، ويقضي ما فاته من رمضان إن فاته يوم قضى يوماً، وإن فاته يومان قضى يومين، فإذا أفطر لثمانية وعشرين يوماً قضى يومين إن كان الشهر تامًّا في البلدين، ويوماً واحداً إن كان ناقصاً فيهما أو في أحدهما
- من اقبل عليه رمضان في غير بلاد الإسلام قال شيخنا ابن عثيمين: (إن كان هناك رابطة دينية تقوم بشؤون المسلمين فلتتبع هذه الرابطة، وعلى الرابطة أن تجتهد فيما يثبت به دخول الشهر وخروجه، وإن لم يكن هناك رابطة فالإنسان ينظر إلى أقرب البلاد الإسلامية إليه فيتبعها، وإن اتبع المملكة فلا حرج عليه
- سئل ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا صمت تسعة وعشرين يوماً وعيّدت يوم ثلاثين في البلد الذي أنا صائم فيه ولكني ذهبت صباحية العيد إلى بلد آخر، وأنا مفطر، ولكني وجدتهم صائمين فهل أصوم أو أبقى على فطري وعيدي؟ فأجاب: لا يلزمك أن تمسك لأنك أفطرت بطريق شرعي فصار اليوم في حقك يوماً مباحاً، فلا يلزمك إمساكه، لو غابت عليك الشمس في بلد ثم سافرت إلى بلد فأدركت الشمس قبل أن تغيب فإنه لا يلزمك صيامه.
- قالت اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز رحمهم الله: إذا كان الصائم في الطائرة واطلع بواسطة الساعة والتليفون عن إفطار البلد القريبة منه وهو يرى الشمس بسبب ارتفاع الطائرة فليس له أن يفطر؛ لأن الله تعالى قال: { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } وهذه الغاية لم تتحقق في حقه ما دام يرى الشمس. وأما إذا أفطر بالبلد بعد انتهاء النهار في حقه فأقلعت الطائرة ثم رأى الشمس فإنه يستمر مفطرًا؛ لأن حكمه حكم البلد التي أقلع منها وقد انتهى النهار وهو فيها.
وقال:شيخنا ابن عثيمين: زكاة الفطر تتبع الإنسان، فإذا جاء وقت الفطر وأنت في بلد فأد زكاة الفطر وأنت في ذلك البلد.وقال: إذا سافر الرجل في رمضان ووكل أهله في إخراج فطرته فلا بأس بذلك .

العشرون :
احذر ارتياد الأماكن المحرمة, فقد صح عن النبيصلى الله عليه وسلم قوله:( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) قال ابن تيمية ((ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التي يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه الإنكار إلا لموجب شرعي .... فأما حضوره لمجرد الفرجة وإحضار امرأته تشاهد ذلك فهذا مما يقدح في عدالته ومر وأته إذا أصر عليه ) .

الواحدة والعشرون :
الأصل في الأطعمة الحل ومما يستثنى:ما ذبح لغير الله أوذبح على غير الطريقة الشرعية أو كان الذابح من غير المسلمين وأهل الكتاب.

الثانية والعشرون :
احذروا تصوير كل ماله روح فالتصوير كبيرة من كبائر الذنوب فقد جاء عن الرسولصلى الله عليه وسلم في شأن المصورين أنهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة,وأن كل مصور في النار,وأن يجعل له بكل صورة صورها نفسا يعذب بها,وأنه يكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ,بل جاء في الحديث القدسي:(ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي),كل هذه الألفاظ جاءت في الصحيحين,وجاء في صحيح الإمام مسلم أن علياً رضي الله عنه قال:(ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله ألا تدع صورة إلا طمستها) .

الثالثة والعشرون :
احذروا الإسراف. قال تعالى { وكُلواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } وقال البخاري في صحيحه باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ التي أَخرجَ لِعِبَادِهِ ). وَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - « كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، في غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ ) ا.هـ ومما يقترح وضع ميزانية للرحلة فان ذلك ابعد عن الإسراف .

الرابعة والعشرون :
وقت المسافر ثمين كغيره فحافظ عليه قال تعالى(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ () فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) وفي الصحيح قوله: ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ )فانتفع من سماع الأشرطة وإذاعة القرآن واحذر ضياع الأوقات في الأسواق فأن أحب البقاع إلى الله المساجد وأبغض البقاع إلى الله الأسواق .

الخامسة والعشرون :
احذر تضييع الواجبات لأجل السفر كإهمال البيت والزوجة والأولاد أو إهمال العمل الواجب أو تضييع التجارة بأيدي العمالة غير الموثوقة . قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) قال تعالى:(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( ما من عبد يسترعيه الله عز وجل رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله تعالى عليه الجنة. وفي رواية فلم يحطها بنصحه لم يرح رائحة الجنة)

السادسة والعشرون :
على الأولياء أن يحفظوا صغارهم عن الأخطار.ومن الفساق . لأنهم أمانة وهم لا يحسنون التصرف غالبا فينبغي أن يكون وليهم عينا ساهرة عليهم عند لعبهم وخروجهم فقد قال صلى الله عليه وسلم (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) .

السابعة والعشرون :
مما يجب على المسافر وغيره القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المطارات والفنادق والمتنزهات ولو بتوزيع الأشرطة والمطويات والكتيبات قال تعالى ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ )ويقول سبحانه ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

الثامنة والعشرون :
تفقد سيارتك قبل السفر واحذر السرعة الزائدة التي لامبرر لها .ولا تقود سيارتك وأنت مرهق أوتحس بالحاجة للنوم قال تعالى (..وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) وقال تعالى( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) .

التاسعة والعشرون :
إذا نزلت منزلا فتذكر آداب النزول ومنها :- *دعاء النزول: عن خَوْلَةَ بِنْت حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. لَمْ يَضُرُّهُ شيء حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ).قال الشيخ ابن باز رحمه الله في تعليقه على كتاب التوحيد ( يستحب قول هذا الدعاء عند نزول منزل, ويدل على فضل هذه الاستعاذة وأنها من أسباب العافية من شر الجن والإنس. وهكذا إذا ركب الطائرة أو السيارة أو القطار ونحوه..أهـ
* التنحي عن الطريق عند النزول فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (..وإذا عرستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها مأوى الهوام في الليل ).
* نظافة المكان فان إماطة الأذى عن الطريق صدقة فليكن همنا أن يكون المكان كما كان أو أحسن وفي الصحيح قال صلى الله عليه وسلم ( مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لاَ يُؤْذِيهِمْ. فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ )ًًًً

الثلاثون :
بعض الناس - هداهم الله - إذا سافر وبعد عن بلده نسي الغيرة على أهله ومحارمه وان من تعاليم الإسلام ومفاخر العرب الغيرة على الأعراض لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشد الناس غيرةً على أعراضهم. فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يوماً قال لأصحابه: { إن دخل أحدكم على أهله ووجد ما يريبه أشهد أربعاً }، فقام سعد بن معاذ متأثراً فقال: يا رسول الله: أأدخل على أهلي فأجد ما يريبني أنتظر حتى أشهد أربعاً ؟ لا والذي بعثك بالحق !! إن رأيت ما يريبني منه، أهلي لأطيحن بالرأس عن الجسد ولأضربن بالسيف غير مصفح وليفعل الله بي بعد ذلك ما يشاء، فقال: { أتعجبون من غيرة سعد ؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن }.الحديث، وأصله في الصحيحين.فحري بالمسلم أن يحفظ أهله في الأسواق والمتنزهات وغيرها

الواحدة والثلاثون :
إذا فرغت فعجل الرجوع فقد صح عن رسول الله صلى الله غليه وسلم قوله ( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ ) ومن الآداب النبوية ما بوب له البخاري في صحيحه: باب لاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً إِذَا أَطَالَ الْغَيْبَةَ مَخَافَةَ، أَنْ يُخَوِّنَهُمْ أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ وأورد فيه قوله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ فَلاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً ) ومع وجود آلات الاتصال الحديثة فإذا اخبرهم بوقت قدومه فلا بأس في أي ساعة شاء .

لطيفة ظريفة :
حدثنا شيخنا صالح بن إبراهيم الطاسان رحمه الله قال : لما كنت قاضيا في جنوب الجزيرة كتبت إلى رئيس القضاة في حينه أطلب منه النقل والقرب إلى أهلي في نجد.واستعطفه بهذه الأبيات نقل فؤادك حيثُ شئتَ من الهوى ... ما الحب إلا للحبيبِ الأولِ كم منزلٍ فـي الأرضِ يألفه الفتى ... وحنينـه أبـداً لأولِ منزلِ فرد عليه رئس القضاة بهذه الأبيات :

سافـرْ تجـدْ عوضـاً عمـن تفـارقَه ... وانصبْ فإن لذيذَ العيشِ في النصبِ
مـا في المقـامِ لذي لـبٍ وذي أدبٍ ... معـزةٌ فاتـركِ الأوطانَ واغتـربِ
إِنـي رأيـتُ وقـوفَ المـاءِ يفسدُه ... إِن سـاحَ طـابَ وإِن لم يجرِ لم يطبِ
والشمس لـو وقفت في الفلك دائمة ... لملّها النـاس من عُجـم ومن عـربِ
والأُسد لولا فراق الأرض ما افترست ... والسهـم لولا فـراق القوس لم يصبِ

وأخيرا على المسافر أن يتذكر السفر الأخير. وهو الانتقال من هذه الدنيا إلى الدار الآخرة قال تعالى:(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ () ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ )وقال: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ () وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) وقال (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ () وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ () وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ )

وفي كتاب ذم الدنيا عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أخ له:يا أخي إنك قد قطعت عظيم السفر وبقي أقله فاذكر يا أخي المصادر والموارد فقد أوحي إلى نبيك محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن أنك من أهل الورود ولم يخبرك أنك من أهل الصدر والخروج وإياك أن تغرك.. فإن الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له أي أخي إن أجلك قد دنا فكن وصي نفسك ولا تجعل الرجال أوصياءك .
وقال ابن الجوزي في التذكرة: الثواب في الدنيا قليل ولنا عليها حساب طويل فتهيأ للنقلة عنها قبل أن يزعجك الرحيل ليس لك في سفر الآخرة زاد إلا ما قدمت ليوم المعاد .
وفي تذكرة القرطبي :.. فإنه لا يدري أين كتبت منيته من بقاع الأرض و أنشد بعضهم:

مشيناها خطى كتبت علينا ... ومن كتبت عليه خطى مشاها
وأرزاق لنـا متفـرقـات ...فمـن لم تأتـه منـا أتاهـا
ومن كتبـت منيتـه بأرض ... فليس يموت في أرض سواها

 قال: وقد روي في الآثار القديمة: أن سليمان عليه السلام كان عنده رجل يقول: يا نبي الله: إن لي حاجة بأرض الهند فأسألك أن تأمر الريح أن يحملني إليها في هذه الساعة فنظر سليمان إلى ملك الموت عليه السلام فرأه يبتسم فقال: مم تتبسم ؟ قال: تعجبا ـ: إني أمرت بقبض روح هذا الرجل في بقية هذه الساعة بالهند و أنا أراه عندك فروي أن الريح حملته في تلك الساعة إلى الهند فقبض روحه بها أ.هـ أخي المسافر تذكر قول الله عز وجل { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون }

اللهم احفظ المسافرين وردهم إلى أهلهم سالمين غانمين من خيري الدنيا والآخرة وجميع المسلمين يا أرحم الراحمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
 

كتبه/عبد الرحمن بن صالح المزيني *
غرة رجب 1429 هـ
almuzaini.a@gmail.com


* رئيس اللجنة العلمية بالمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بمحافظة الرس
المدرس بالمعهد العلمي بمحافظة الرس

 

استغلال الإجازة
  • الأنشطة الصيفية
  • مشـروعات للإجازة
  • رسائل
  • الأسرة والإجازة
  • الفتاة والإجازة
  • السفر وآدابه
  • منوعات
  • أحكام العمرة
  • الصفحة الرئيسية