صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







العيدُ شعيرةٌ من شعائرِ الإسلام

د. عبدالله بن معيوف الجعيد
مكة المكرمة
@abdullahaljuaid

 
بسم الله الرحمن الرحيم


تنقضي الأيامُ سريعاً وتمرُ الأشهرُ والسنواتُ وتتعاقب في هذه الحياة، وتمرُ من بينها أيامٌ ومواسم عزيزةً على قلب المؤمن، وهي مواسمُ العباداتِ والطاعات ولعلَ من أهمها شهرُ رمضان المبارك والعشرُ الأوائلُ من شهرِ ذي الحجة، وقد اقتضت حكمةُ اللهِ ورحمَتِهِ أن يتبعَ هذين الموسمين أعيادٌ يفرحُ فيها المؤمنون بطاعةِ الله وبأن أكرمهم بأن بلغهم هذه المواسمَ وهداهم إلى عبادتِهِ وأداء فرائِضِهِ، وها نحنُ نودعُ ضيفاً عزيزاً كريماً مرت أيامهُ كالغيثِ على قلوبِ المؤمنين المتقين الذين يسارعون في هذا الشهرِ للتعرضِ للنفحاتِ الإيمانية والاعتكافِ على العبادة والتقرب إلى الله، فما تراهم إلى صائمين بكل حواسهم وجوارحهم قائمين لليلِ، يتلون القرآن في كل حين، وهم في ذلك ينهلون من رحماتِ الله التي تغمرهم في هذا الشهر الفضيل، وها نحن نستقبلُ هديةً من اللهِ بعدَ انتهاءِ شهرِ رمضان فيفرحَ المؤمنون بعيدهم ويكملون تعبدهم لله بإفطارهم كما تعبدوه من قبلِ بصيامهم.

العيدُ شعيرةٌ من شعائرِ الإسلام

لكلِ أمةٍ وملة أيامٌ ومناسبات وأعيادٌ يحتفلون بها في مناسباتِهم الوطنية أو القومية أو الدينية، ويتسابقُ الناسُ للإعدادِ لها والتزينِ، وقد كانت للأعيادِ مكانةً على مر العصور، فعندما قدمَ النبيُ صلى اللهُ عليهِ وسلم على المدينةِ كان الناسُ فيها يحتفلونَ بعيدين فقال لهم: (كان لكم يومانِ تلعبونَ فيهما، وقد أبدلكم اللهُ بهما خيراً منهما، يومُ الفطرِ، ويومُ الأضحى) فالعيدُ في ديننا شعيرةً من أهمِ الشعائر التي ينبغي علينا إظهارَها والتعبدِ للهِ فيها، ولا بدَ أخي المؤمن من أن تستعدَ لاستقبالِ عيد الفطر كما تستعد لاستقبال شهر رمضان، ولا يمكن أن تقبلَ نفسُ المؤمنِ أن يستقبلَ الأعيادَ والمناسبات العامة بفرحةٍ تساوي أو تشابه فرحته بعيد الفطرِ أو عيدِ الأضحى، بل إن نفسَ المؤمنِ تعظمُ كافةَ شعائرِ الله ومن أهمها عيدُ الفطر، وذلك امتثالاً لقولهِ تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، فالعيدُ شعيرةٌ معالمها الفرحُ والسرورُ والابتهاج، الفرحُ بطاعةِ الله والابتهاج بإتمامِ صيامِ شهرِ رمضان مع استشعارِ رحمةِ اللهِ وفضلِه والرغبةِ في مغفرتهِ والخوف من غضبه وعقابه.
وهناك الكثير من الآدابِ والأحكام التي يجب على المؤمنِ أن يراعيها ويلتزم بها في عيدِ الفطر، ومن أهمها أن يستشعرَ المؤمنُ فضلُ اللهِ عليهِ بأن بلغهُ شهر رمضان وأن رزقهُ الصحةَ والقدرةَ على صيامه والتعبدِ فيه، مع الاهتمام بالدعاءِ للهِ عزَ وجل بأن يتقبلَ منه عبادته في شهرِ رمضان من صيامٍ وقيامٍ وقراءةٍ للقرآن، وأيضاً يجبُ على المؤمن أن يعزمَ على ألا يعودَ إلى سابقِ عهده قبلَ رمضان وأن يبدأ بدايةً جديدةً استمراراً لما كان عليه في رمضانَ من العبادةِ والعزيمة، ثم إن عليه التزام الدعاء بأن يبلغهُ الله رمضانَ القادم.

أهم الشعائر التي يجب على المؤمن الحرص على تأديتها في عيد الفطر

للعيدِ شعائرٌ لابد لك أخي المؤمنُ من الحرصِ على تأديتها والعملِ بها في عيدِ الفطر، وذلكَ استكمالاً لعبادتكَ للهِ عزَ وجل وتعظيماً لشعائره، ومن أهم هذه الشعائر:

1. التكبير: والتكبيرُ من أهم الشعائر الظاهرةِ في عيد الفطر، فيجبُ عليك أخي المؤمن أن تكبرَ الله شكراً وتعظيماً على ما أنعمَ عليك من توفيقٍ وهدايةٍ، وفي الأمرِ في التكبيرِ فقد قالَ اللهُ عزَ وجل: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ويكون التكبيرُ بصيغةٍ معروفةٍ يتبعها المسلمون ويرددونها منذ ثبوتِ رؤيةِ هلالِ العيد إلى صلاةِ العيد والصيغة التي يتم من خلالها التكبير في العيد: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد) فلا بدَ في يومِ جائزةِ المؤمنِ ألا يغفلَ عن تكبيرِ اللهِ وتعظيمه، بل إنه في أغلب وقتهِ يكبر الله على ما هداه، ومن المستحب أن يملئ التكبير كل مكان فلا تخلو منهُ الشوارع ولا الأسواق ولا المنازل، فلا يقتصرُ التكبيرُ على المساجدِ فحسب.

2. الأكل قبل الخروجِ إلى الصلاة: والأكلُ هو شعيرةُ عيدِ الفطر، ولابد لك أخي المؤمن من القيامِ بهذه الشعيرة اتباعاً لأمرِ اللهِ عزَ وجل واقتداءً برسولهِ صلى الله عليهِ وسلم، فقد كان الرسولُ صلى الله عليه وسلم لا يخرجُ يوم عيد الفطر إلى الصلاة إلى وقد أفطر فيأكل تمرات، قال أنس رضي الله عنه: (ما خرجَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم يومَ فطرٍ حتى يأكل تمرات ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أقل من ذلك أو أكثر وتراً)، فمن المستحب ألا تخرج إلى الصلاة إلا وقد أكلت أو شربت شيئاً ولو قليلاً.

3. الظهور الحسن: من المهم أن تبدو مظاهرِ الفرحِ جليةً على المؤمنين في يوم العيد وذلكَ باتخاذِ الزينةِ والمظهرِ الجميل عندَ الخروجِ لصلاةِ العيد وفي يومِ العيدِ عامةً وقد كانَ من عادةِ النبيِ صلى اللهُ عليهِ وسلم والصحابة رضوانُ الله عليهم أن يلبسوا أجملَ الثيابِ في يوم العيد، والمؤمن مأمورٌ بالتزين عند اقامةِ شعائر الله حيث قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).

4. التبكير في الخروجِ لصلاةِ العيد: فصلاةُ العيدِ من أعظم الشعائر التي ينبغي على المؤمن اقامتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن أولَ ما نبدأُ بهِ في يومِنا هذا أن نُصلي)، فلا يجوزُ للمؤمنِ أن ينشغلَ بشيءٍ عن صلاةِ العيد بل يبكِّر بالخروجِ إليها وينشغلُ بالتَجَهُزِ للخروجِ إلى الصلاة والتزامِ التكبيرِ إلى موعدِ الصلاة، ومن السنةِ المخالفةِ بين طريقِ الذهابِ وطريقِ العودةِ إلى ومن الصلاة وذلك لمقابلةِ أكبرُ عددٍ من الناس وتحيتهم، وصلاةُ العيدِ سنةٌ مؤكدةٌ عن النبي وجبَ خروجُ جميع المؤمنين إليها حتى ممن لا يجبُ عليهِ الخروج وذلكَ لمكانةِ وأهميةِ صلاةِ العيد، أما في ضل الوضع الصحي الراهن الذي نعيشهُ حالياً فقد يكونُ الخروجُ إلى المسجدِ متعذراً بسبب إجراءات الحجر الصحي، فلا حرجَ من إقامةِ صلاة العيد في المنزل مع العائلة.

5. خروجُ المؤمنين إلى صلاةِ العيد: وجبَ خروجُ جميع المؤمنين إلى صلاةِ العيد بما في ذلك النساء والصبيان وما من حرج أن تخرج من جاءها الحيض لنيل البركة والأجر ولكنهن لا يصلين ويكتفين بالاستماعِ إلى الخطبة وحضور جمع المؤمنين، فلا بد أن يسارع المؤمنون ليشهدوا هذا الحدث العظيم، ولكن إذا كان من وراءِ هذا الخروجُ مفسدةٍ كما هو الحالُ اليوم في ظل انتشار فايروس كورونا فإنه من الواجب اتباع إجراءات السلامة وعدم الخروج والتزام البيوت.

6. تهنئةُ المؤمنين: والتهنئة من مظاهر تعظيم شعيرة العيد والفرح بقدومه، ولا حرج أن يستخدم المؤمنون عبارات التهنئة المباحة، فقد كان الصحابةُ يهنئ بعضهم بعضاً في العيد ويستخدمون عبارة: تقبل الله منا ومنك، وهناك الكثير من العبارات التي من الممكن استخدامها في التهنئة بالعيد مثل عيد مبارك، أو تقبل الله أعمالكم الصالحة.

إقامة شعائر العيد في ضل الوضع الصحي الراهن وإجراءات السلامة

لا بدَ لنا في هذه الأوقات التي يجتاحُ العالم فيها وباءٌ خطير أن نحتاط ونأخذ كافة تدابيرِ الأمنِ والسلامة، فإذا لم يكن الخروجُ إلى صلاةِ العيد أو الخروجُ إلى زيارةِ الأقارب متاحاً لدواعي السلامةِ والحجر الصحي فلا بد لنا من اتباع هذه التدابير والمحافظة على الالتزام بها وعدم خرقها مع العمل على اقامةِ شعائر العيد المختلفة في البيوت، فتصلي الأسرة مجتمعةً صلاة العيد ويهنئون بعضهم، ومن الممكنِ استبدال الزيارات بالمكالمات الهاتفية ومعايدةِ الأقارب والأرحامِ والأصدقاء من خلالها، فحتى لو كان الخروجُ من المنزلِ متعذراً في بعضِ المناطق فلا يجب أن يمنعنا من إقامةِ شعائرِ العيد، فهذه الشعائر عظيمة ويجب علينا أن نحافظ عليها وأن نقيمها فيما يتاحُ لنا من إمكانيات بما يتناسب مع الوضع الصحي، والخروج والاختلاط في هذا الوقت قد تتحقق مفسدة كبيرة من انتشار المرض بين الناس، فلا بد لنا من التزام البيوتِ وعدم الخروجِ إلا للضرورة واتخاذ كافة تدابير وإجراءات السلامة عند الخروج، للحفاظِ على سلامتنا وسلامةِ الناسِ من حولنا، ونسألُ اللهَ العظيم أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من هذا الوباء ومن كل وباءٍ وبلاء.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
وقفات مع العيد
  • فلاشات العيد
  • عيد الفطر
  • عيد الأضحى
  • أفكار دعوية
  • أحكام العيد
  • مـقــالات
  • قصائد
  • أعياد الكفار
  • الصفحة الرئيسية