اطبع هذه الصفحة


مُختصر أحكام صلاة العيد

جمع وإعداد 
عبد رب الصالحين العتموني السوهاجي

 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شُرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضل له ومن يُضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . وبعد

 أخي الحبيب :

هذا بحث مُختصر جمعت فيه جُملة من المسائل والأحكام التي تتعلق بصلاة العيد .

وقمت في هذا البحث بذكر المسائل والأحكام التي أجمع عليها العُلماء واتفق عليها أصحاب المذاهب الأربعة في هذا الباب .

واقتصرت فيه على ذكر القول الراجح في المسائل والأحكام التي حصل فيها الخِلاف بين العُلماء دون الإشارة إلى هذا الخِلاف وما استدل به كل فريق في هذه المسائل وذلك من أجل الاختصار وعدم البسط والإطالة ليسهل التحصيل وتكثر الفائدة ولا يحصل الملل بسبب كثرة هذه المسائل الخلافية ومُناقشة أدلتها بين الفُقهاء والمُجتهدين .

ومن أراد المزيد في التحصيل والطلب فعليه بالبحث عنها وفيها في كُتب الفقه المُقارن التي تعتني بتحقيق الأقوال وأدلتها ليستفيد منها الطالب أكثر من ذلك .

وقد قُمت في هذا البحث المُختصر بذكر القول الراجح عندي في هذه المسائل الخِلافية وذلك بعد النظر في الأدلة والعِلل التي تتعلق بالحُكم وأسأل الله عز وجل التوفيق والصواب .

وقد قُمت بجمع هذه المسائل من مُصنفات فقهية شتى وحررتها ورتبتها لتكون بمثابة بحث شامل مُختصر لمعرفة الحُكم الشرعي فيها .

وقد سمَّيت هذا البحث بـــ : ( مُختصر أحكام صلاة العيد ) .

وأسأل الله عز وجل الإخلاص والصواب في القول والعمل وما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ أو زلل فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان وصلي اللهم علي نبينا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين .

أخوكم  / عبد رب الصالحين العتموني

 

 أخي الحبيب :

إعلم أن الأعياد شِعارات تُوجد لدى كل الأُمم سواء أكانت كتابية أم وثنية أم غير ذلك وذلك لأن إقامة الأعياد ترتبط بغريزة وجِبلَّة طُبِع الناس عليها فكل الناس يُحبون أن تكون لهم مُناسبات يحتفلون بها ويتجمَّعون ويُظهرون فيها الفرح والسُرور .

وهذه الأعياد قد ترتبط بأمور دنيوية كبداية سنة أو بدء موسم زرع أو اعتدال جو أو قيام دولة أو تنصيب حاكم ونحو ذلك .

أو ترتبط أيضاً بمُناسبات دينية ككثير من أعياد اليهود والنصارى الخاصة بهم فمن أعياد النصارى مثلاً عيد رأس السنة ( الكريسمس ) وعيد الشُكر وعيد العطاء ويحتفلون به الآن في جميع البلاد الأوربية وغيرها من البلاد التي للنصرانية فيها ظُهور وإن لم تكن نصرانية في الأصل وقد يُشاركهم  بعض المُنتسبين إلى الإسلام ممن حولهم عن جهل أو عن نفاق .

وللمجوس كذلك أعيادهم الخاصة بهم مثل عيد المهرجان وعيد النيروز وغيرهما .

وللباطنية أيضاً أعيادهم مثل عيد الغدير الذي يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع فيه علياً رضي الله عنه بالخلافة وبايع فيه الأئمة الاثني عشر من بعده .

ولكن من فضل الله عز وجل على الأُمة الإسلامية أنه اختصها بعيدين وهما ( عيد الفطر وعيد الأضحى ) .

وهذان العيدان هما من شعائر الله التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها واستشعار معانيها .

ولا تجوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أُخرى كعيد رأس السنة وعيد الجلاء وعيد الثورة وعيد الميلاد وعيد الأُم وعيد العُمال وعيد النيل وعيد شم النسيم وعيد المُعلم وعيد المولد النبوي وغيرها لأن ذلك زيادة على ما شرعه الله وابتداع في الدين ومُخالفة لسُنة سيد المُرسلين وتشبه بالكافرين سواء سُميت أعياداً أو ذكريات أو أياماً أو أسابيع أو أعواماً كل ذلك

ليس من سُنة الإسلام بل هو من فعل الجاهلية وتقليد للأُمم الكافرة من الدول الغربية وغيرها ولا يحل للمُسلمين أيضاً أن يتشبهوا بالكفار والمُشركين في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا من لباس ولا إيقاد نيران ولا عبادة ولا يُمكَّن صبيان المسلمين بمُشاركتهم باللعب في أعيادهم ولا إظهار الزينة ونحو ذلك .

وفيما يلي مُختصر بعض الأحكام التي تتعلق بالعيد وآدابه في الشريعة الإسلامية .
 

معني العيد :

العيد : جمعه أعياد وهو اسم لما يعود ويتكرر مرة بعد أُخرى ويعتاد مجيئه فهو من المعاودة والرجوع .

والاعتياد : اسم مصدر من عاد يعود ثم صار علماً على اليوم المخصوص لعوده في السنة مرتين وقيل : اشتقاقه من : العادة لأنهم اعتادوه .
 

مشروعية صلاة العيد :

صلاة العيد من الصلوات الخاصة التي شرعها الله لعباده لمُناسبة خاصة ألا وهي مُناسبة العيد حيث يلتقي المُؤمنون في يوم العيد بعد أن صاموا رمضان أو قاموا بأداء فريضة الحج فنالوا جائزة ربهم بهذين العيدين مُكافأة لهم على ما قاموا به من الطاعات والقُربات .

فصلاة العيد مشروعة بالكتاب والسُنة والإجماع .

وشُرعت في السُنة الثانية من الهجرة .
 

حُكم صلاة العيد :

القول الراجح أن صلاة العيد فرض على الكفاية إذا قام بها بعض من يكفي من المُكلفين سقطت عن الباقين وإن اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام حتى يُقيموها .

لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخُلفاء من بعده كانوا يُداومون عليها ولأنها من شعائر الإسلام الظاهرة وما كان من الشعائر الظاهرة فهو فرض كفاية .
 

حُكم شُهود النساء لصلاة العيد :

القول الراجح أن شُهود النساء لصلاة العيد مُستحب ولا فرق في ذلك بين الشابة والعجوز بشرط أن يلتزمن بالحجاب ويبتعدن عن ما يُسبب الفتنة مع احتشامهن وعدم تطيبهن ويخرجن بدون زينة تفلات فإن كان في خُروجهن فتنة حَرُمَ خُروجهن .
 

حُكم خُروج الصبيان إلى مُصلى العيد :

يُستحب إخراج الصبيان إلى صلاة العيد وإن لم يصلوا وفي إخراجهم إظهاراً لشعائر الإسلام
 

مكان إقامة صلاة العيد :

السُنة أن تُقام صلاة العيد في الصحراء أو في مكان واسع خارج البلد ويكون قريباً حتى يسهل على الناس الذهاب إليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي العيدين في المُصلى الذي على باب المدينة وهو الموضع الذي يُسمى الآن بجامع " الغمامة " وهو في غرب المسجد مُنحرفاً إلى الجنوب .

وكذلك الخُلفاء الراشدون من بعده أبي بكر وعُمر وعُثمان وعلي فكانوا يخرجون إلى المُصلى رضي الله عنهم وأرضاهم .

ولكن استثنى من ذلك أهل مكة فقال بعض العُلماء : أهل مكة الأفضل لهم أن يُصلوا في الحرم لفضل المُضاعفة فيه وللشرف العظيم الذي اختص الله عز وجل به أهل مكة في هذا المسجد .

وقيل : والسبب في ذلك لضيق أطرافها وضيق ممراتها بالجبال بحيث أنه يشق عليهم الخُروج إلى مكان يسعهم كما يكون هذا في المدينة ونحوها .
 

الحِكمة في إقامة صلاة العيد في المُصلى :

الحِكمة في إقامة صلاة العيد في المُصلى هي : أن يكون للمُسلمين يومان في السُنة يجتمع فيها أهل كل بلدة رجالاً ونساءً وصبياناً يتوجهون إلى الله بقُلوبهم تجمعهم كلمة واحدة ويُصلون خلف إمام واحد يُكبرون ويُهللون ويدعون الله مُخلصين كأنهم على قلب رجل واحد فرحين مُستبشرين بنعمة الله عليهم .
 

مسألة : صلاة العيد كصلاة الجُمعة لا تُشرع إلا في موضع واحد يجتمع فيه الناس عامة .

لكن إن كان في ذلك مشقة عليهم فلهم أن يزيدوا من المُصليات ما يدفع عنهم الحاجة بقدرها
 

حُكم إقامة صلاة العيد في المسجد :

لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد في المسجد بغير عُذر ولكن ثبت أنه صلى العيد في المسجد في يوم كان فيه مطر شديد .

وعليه فتُكره إقامة صلاة العيد في المساجد إلا لعُذر لأن السُنة إقامة العيد في الصحراء لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يُصليها في الصحراء ولأن الخُروج إلى الصحراء أوقع لهيبة الإسلام والمُسلمين وفيه إظهار لشعائر الدين ولا مشقة في ذلك لعدم تكرره بخلاف الجُمعة إلا في مكة فإنها تُصلي في المسجد الحرام .

فإن كان هناك عُذر من مطر أو زحام أو ما شابه ذلك جاز أن تُصلي في المساجد .

وإن كان في البلد ضُعفاء وعجزة استخلف الإمام في مسجد البلد من يُصلي بهم لفعل علي رضي الله عنه .

ومن صلى في المسجد بغير عُذر فصلاته صحيحة ولكنه خالف السُنة وترك الأفضل .

وعلى هذا نقول : أن صلاة العيد في المسجد لا تخلو من أمرين :

الأمر الأول : أن يكون لغير عُذر فنقول أن هذا مكروه لأن هذا خلاف سُنة النبي صلى الله عليه وسلم وما عليه المُسلمون .

ولأن المطلوب في صلاة العيد إظهار الشعيرة وصلاتها في المسجد يمنع إظهار الشعيرة .

الأمر الثاني : أن يكون لعُذر كما لو كان هناك ضعفة لا يستطيعون الخُروج أو كان هناك عُذر من مطر أو زحام أو ما شابه ذلك جاز أن تُصلي في المساجد ويدل لهذا أن علياً رضي الله عنه خلف من يُصلي بالضعفة في المسجد .
 

وقت صلاة العيد :

وقت صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس بعد طُلوعها قدر رُمح أي بعد مُضي حوالي (10) إلي (15) دقيقة من بعد طُلوع الشمس .

وآخر وقتها إلى زوال الشمس عن كبد السماء وذلك أن الشمس إذا طلعت صار لكل شاخص أي : لكل شيء مُرتفع ظل من جهة الغرب وكلما ارتفعت نقص الظل فإذا انتهى نقصه وبدأ بالزيادة فهذه علامة زوال الشمس .

لأن ما قبل الزوال وهو وقت الاستواء وقت نهي .

وعليه فوقت صلاة العيد من طُلوع الشمس وارتفاعها قيد رُمح حتى زوال الشمس وهذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فلا تُصلى أثناء طُلوع الشمس ولا تُصلى قبل طُلوع الشمس ولا بين الفجر وبين طُلوع الشمس وهذا بالإجماع .

والأفضل في صلاة عيد الأضحى التبكير ليتمكن الناس من ذبح أضاحيهم وفي عيد الفطر التأخير ليتمكن الناس من إخراج صدقاتهم .
 

شُروط صلاة العيد :

يُشترط لصلاة العيد ما يلي :

1- دخول الوقت :

لا تصح صلاة العيد قبل طُلوع الشمس بإجماع العُلماء وسبق ذكر وقت صلاة العيد بأنه من ارتفاع الشمس قدر رُمح إلى ما قبل الزوال .

2- وجود العدد المُعتبر :

القول الراجح أن صلاة العيد تنعقد بثلاثة فأكثر .

3- الاستيطان :

القول الراجح أن صلاة العيد تشرع في حق المقيمين في مساكن مبنية بما جرت العادة بالبناء به كما في صلاة الجمعة فلا تقام صلاة العيد إلا حيث يسوغ إقامة صلاة الجمعة وليس للمُسافرين أن يُصلوا صلاة العيدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُصلها في سفره ولا خُلفاؤه من بعده .

وخُلاصة القول : أن صلاة العيد لا تصح قبل دُخول وقتها ولا تجوز بأقل من ثلاثة أشخاص ولا تجب على المُسافر غير المُستوطن .
 

صفة صلاة العيد :

صلاة العيد ركعتان قبل الخُطبة بإجماع العُلماء وقد استفاضت السُنة بذلك .

ومن السُنة فيها أن يُصلي الإمام إلى سُترة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتُوضع بين يديه فيُصلي إليها والناس وراءه .

ثم يُكبر التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام كسائر الصلوات وهي ركن لابد منها ولا تنعقد الصلاة بدونها .

ثم يستفتح سِراً بعد تكبيرة الإحرام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الاستفتاح في أول الصلاة سُنة للإمام وللمأموم .
 

ودعاء الاستفتاح ثبت بصيغ مُتعددة ومن ذلك :

1- اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد .

2- وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المُشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا من المُسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربى وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذُنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذُنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت واصرف عنى سيئها لا يصرف عنى سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك .

3- سُبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك .

هذه بعض أنواع الاستفتاح التي وردت في السُنة على وجوه مُتعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فينبغي على الإنسان أن يأتي في الاستفتاح بكل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بهذا أحياناً وبهذا أحياناً ليحصل له بذلك فعل السُنة على جميع الوجوه وإن كان لا يعرف إلا وجهاً واحداً من السُنة واقتصر عليه فلا حرج لأن الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُنوع هذه الوجوه في الاستفتاح وفي التشهد من أجل التيسير على العباد وكذلك في الذكر بعد الصلاة كان النبي صلى الله عليه وسلم يُنوعها لفائدتين :

الفائدة الأولى : أن لا يستمر الإنسان على نوع واحد فإن الإنسان إذا استمر على نوع واحد صار إتيانه بهذا النوع كأنه أمر عادي ولذلك لو غفل وجد نفسه يقول هذا الذكر وإن كان من غير قصد لأنه صار أمراً عادياً فإذا كانت الأذكار مُتنوعة وصار الإنسان يأتي أحياناً بهذا وأحياناً بهذا صار ذلك أحضر لقلبه وأدعى لفهم ما يقوله .

الفائدة الثانية : التيسير على الأُمة بحيث يأتي الإنسان تارة بهذا وتارة بهذا على حسب ما يُناسبه .

فمن أجل هاتين الفائدتين صارت بعض العبادات تأتي على وجوه مُتنوعة مثل دعاء الاستفتاح والتشهد والأذكار بعد الصلاة .
 

ثم يُكبر التكبيرات الزوائد وهي سُنة وليست بواجب ولا تبطل الصلاة إذا تركت عمداً أو سهواً بغير خلاف بين العُلماء .

القول الراجح أن عدد هذه التكبيرات الزوائد هي ست تكبيرات غير تكبيرة الإحرام وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام .

القول الراجح أن موضع هذه التكبيرات هو بعد دعاء الاستفتاح أي أن المُصلي يُكبر تكبيرة الإحرام ثم يستفتح ثم يُكبر هذه التكبيرات الزوائد ثم يتعوذ ويقرأ لأن دعاء الاستفتاح شُرع للصلاة فيكون في أول الصلاة ويأتي بعدها التكبيرات ثم التعوذ ثم القراءة .

القول الراجح أنه لا يُشرع ذكر ولا دعاء بين التكبيرتين لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك ولو ثبت أنه قال ذلك بينهما لنُقل كما نُقل التكبير .  

اتفق العُلماء على مشروعية رفع اليدين في التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام أما غير التكبيرة الأولى فالقول الراجح أنه يرفع المُصلي يداه مع كل تكبيرة من هذه التكبيرات الزوائد .  

مسألة : المشروع في حق الإمام أنه يُكبر في جميع التكبيرات بصوت مُرتفع أما المأموم فإنه يُسمع نفسه فقط كبقية الصلوات .

مسألة : القول الراجح أن المُصلي إذا شرع في القراءة ونسي التكبيرات لا يرجع إليها ولا يسجد للسهو .

مسألة : إذا أدرك المأموم الإمام بعد ما شرع في القراءة لم يأت بالتكبيرات الزوائد أو أدركه راكعاً فإنه يكبر تكبيرة الإحرام ثم يركع ولا يشتغل بقضاء التكبير .

ثم بعد أن يُكبر التكبيرات الزوائد يتعوذ ويُبسمل لأن التعوذ والبسملة قبل القراءة سُنة .

ثم يقرأ الإمام سُورة الفاتحة وبعدها سُورة ( الأعلى ) أو سورة ( ق ) .

ويجهر الإمام فيهما بالقراءة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في صلاة العيد وهكذا كان يقرأ جهراً في كل صلاة جامعة كما جهر في صلاة الجُمعة وجهر في صلاة الكُسوف لأنها جامعة وكذلك في الاستسقاء وقد أجمع العُلماء على ذلك .

ووجه الحِكمة في القراءة بهاتين السُورتين أن في سُورة ( الأعلى ) الحث على الصلاة وزكاة الفِطر فاختصت الفضيلة بها كاختصاص الجُمعة بسُورتها .

وأما ( الغاشية ) فللمُوالاة بين ( الأعلى ) وبينها كما بين الجُمعة والمُنافقين .

وينبغي على الإمام إظهاراً للسُنة وإحياء لها أن يقرأ مرة بهذا ومرة بهذا ولكن يُراعي الظُروف مثل لو كان الوقت بارداً وكان انتظار الناس يشق عليهم فالأفضل أن يقرأ بسبح والغاشية وكذلك لو كان الوقت حاراً وكذلك في عيد الأضحى لأن الناس يحبون العجلة من أجل ذبح ضحاياهم .

وإذا لم يكن هناك مشقة فالأفضل أن يقرأ بهذا مرة وبهذا مرة .

فالسُنن المهجورة ينبغي لطلبة العِلم أن يُحيوها لكن إذا خافوا استنكار الناس لها فليُمهدوا لها أولاً لا سيما إذا كان طالب العِلم صغيراً لا يُهتم بكلامه ويُنتقد فهنا ينبغي أن يُمهد أولاً لأجل أن يُروِّض أفكار الناس على قبول هذا الشيء .

ثم يركع ويسجد سجدتين .

ثم يُكبر للقيام للركعة الثانية .

ثم يُكبر بعد تكبيرة القيام للركعة الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات .

وبعد الإنتهاء من التكبيرات الزوائد في الركعة الثانية يقرأ الإمام سُورة الفاتحة وبعدها سُورة ( الغاشية ) أو سورة ( القمر ) .

ووجه الحِكمة في القراءة بهاتين السُورتين لما اشتملتا عليه من الإخبار بالبعث والإخبار عن القُرون الماضية وإهلاك المُكذبين وتشبيه بُروز الناس في العيد ببُروزهم في البعث وخُروجهم من الأجداث كأنهم جراد مُنتشر .

ثم يركع ويسجد سجدتين ثم يتشهد ويُصلي الصلاة الإبراهيمية ثم يُسلم .

ثم يقوم الإمام فيخطب في الناس بعد أداء صلاة العيد خُطبة جامعة فيستقبلهم بوجهه وهم جلوس في أماكنهم ويخطب وهو قائم وهذه الخُطبة ليست واجبة بل سُنة والاستماع إليها كذلك باتفاق العُلماء .

فيُسن الاستماع لها والقُعود لها والاستفادة منها .

مسألة : يُسن للمأموم أن ينصت للإمام وأن لا ينصرف حتى تنتهي الخُطبة ولكن من أراد أن ينصرف بعد صلاة العيد فلا حرج عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص لمن شهد العيد أن يجلس للخُطبة أو يذهب إن أراد  .

لأن الخُطبة سُنة لا يجب حُضورها ولا استماعها وإنما أُخِّرت عن الصلاة لأنها لما كانت غير واجبة جعلت في وقت يتمكن من أراد تركها مِنْ تَرْكِهَا بخِلاف خُطبة الجُمعة .

مسألة : القول الراجح أن خُطبة العيد خُطبة واحدة لا جُلوس في وسطها وهذا هو الثابت عنه صلى الله عليه وسلم حيث أنه قام يوم الفِطر فبدأ بالصلاة ثم خطب فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال وبلال باسط ثوبه يُلقي فيه النساء الصدقة .

ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُصل العيد إلا في المُصلى ولم يثبت عنه أنه كان يُخرج المنبر إلى أرضية المُصلى ولا أنه كان يرتقي على شيء إلا على راحلته فتحقق أن خُطبته إما على الراحلة وإما قائماً على الأرض .

مسألة : القول الراجح أن خُطبة العيد تُفتتح بالحمد وليس بالتكبير لأنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه افتتح خُطبة بغير الحمد لا خُطبة عيد ولا خُطبة استسقاء ولا غير ذلك وما قيل : أن خُطبة الاستسقاء تُفتتح بالاستغفار وخُطبة العيدين تُفتتح بالتكبير فليس فيه سُنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ألبتة وسنته تقتضي خِلافه وهو افتتاح جميع الخُطب بالحمد لله 

مسألة : ينبغي على الإمام أن يُذكر الناس بفضل الله عليهم ويحثهم على التوبة النصوح وتقوى الله في السر والعلن والإكثار من أعمال البر والتمسك بالكتاب والسُنة وتحذيرهم من البدع .

وينبغي عليه أيضاً أن يُوجه للنساء موعظة خاصة ضمن خُطبة العيد لحاجتهن إلى ذلك واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى أنه لم يسمع النساء أتاهن فوعظهن وحثهن على الصدقة .

مسألة : السُنة في خُطبة يوم العيد أن تكون على مكان مُرتفع لأن هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

حُكم التنفل قبل صلاة العيد وبعدها :

القول الراجح أن صلاة العيد ليس لها راتبة قبلها أو بعدها لأنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى قبل صلاة العيد ولا بعدها .

حُكم صلاة تحية المسجد في مُصلى العيد :

القول الراجح أن مُصلى العيد لا تُشرع لها تحية المسجد لأن مُصلى العيد ليس له حُكم المساجد من كل الوجوه ولأنه لا سُنة لصلاة العيد قبلها ولا بعدها .

أما إن صليت العيد بالمسجد لعُذر من الأعذار كالمطر ونحو ذلك فعلى المُسلم أن يُصلي ركعتين تحية المسجد .

حُكم الأذان والإقامة لصلاة العيد :

لا يُشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة لأنه لم يثبت في السُنة ما يدل على ذلك والثابت أنه كان صلى الله عليه وسلم يبدأ يوم العيد بالصلاة قبل الخُطبة بغير أذان ولا إقامة .

وكذلك قول ( الصلاة جامعة ) لم يثبت في السُنة ما يدل على مشروعيتها فالسُنة أنه لا يُفعل شيء من ذلك .

حُكم قضاء من فاته شيء من صلاة العيد :

يُشرع لمن فاته شيء من صلاة العيد قضاؤه على صفته بالتكبيرات الزوائد لأن القضاء يحكي الأداء فمن فاتته ركعة مع الإمام أضاف إليها أُخرى .

حُكم صلاة العيد بعد خُروج وقتها :

لفوات صلاة العيد عن وقتها ثلاث صور :

الصورة الأولى : أن تُؤدى في وقتها من اليوم الأول ولكنها تفوت بعض الأفراد .

والقول الراجح أن صلاة العيد إذا فاتت بعض الأفراد مع الإمام أنها لا تُقضى .

لأنها صلاة شُرعت على وجه الاجتماع فلا تُقضى إذا فاتت كصلاة الجُمعة لكن صلاة الجُمعة يجب أن يُصلي الإنسان بدلها صلاة الظُهر لأنها فريضة الوقت أما صلاة العيد فليس لها بدل فإذا فاتت مع الإمام فإنه لا يُشرع قضاؤها .

الصورة الثانية : أن لا يعلموا بالعيد إلا بعد زوال الشمس كأن يُغم على أهل البلد الهلال فلم يعلموا به إلا بعد الزوال .

ففي هذه الحالة يُشرع قضاء صلاة العيد في اليوم الثاني سواء كان العيد عيد فطر أو أضحى .

فائدة : الصلوات تنقسم في قضائها إلى أقسام :

الأول : ما يُقضى على صفته إذا فات وقته من حين زوال العُذر الشرعي مثل الصلوات الخمس إذا فاتت فإنك تقضيها بعد زوال العُذر فإن كان العُذر نوماً فتقضيها إذا استيقظت وإن كان نسياناً قضيتها إذا ذكرت .

الثاني : ما لا يُقضى إذا فات كالجُمعة فإن خرج وقتها قبل أن يُصليها الناس لم يقضوها وصلوا ظهراً وإن فاتت الإنسان مع الجماعة فهو لا يقضيها أيضاً وإنما يُصلي بدلها ظُهراً .

الثالث : ما لا يُقضى إذا فات وقته إلا في وقته من اليوم الثاني وهو صلاة العيد فإنها لا تُقضى في يومها وإنما تُقضى في وقتها من الغد .

الرابع : ما لا يُقضى أصلاً كصلاة الكسوف فلو لم يعلموا إلا بعد انجلاء الكسوف لم يقضوا وهكذا في كل صلاة ذات سبب إذا فات سببها لا تُقضى .

الصورة الثالثة : أن تُؤخر صلاة العيد عن وقتها بدون عُذر فيُنظر حينئذٍ : إن كان العيد عيد فطر سقطت أصلاً ولم تُقض وإن كان عيد أضحى جاز تأخيرها إلى ثالث أيام النحر أي يصح قضاؤها في اليوم الثاني وإلا ففي اليوم الثالث من ارتفاع الشمس في السماء إلى أول الزوال .
 

ما يُسن ويُباح يوم العيد :

يُسن ويُباح يوم العيد ما يلي :

1- يُسن الإغتسال يوم العيد قبل الخُروج للصلاة :

اتفق العُلماء على استحباب الإغتسال يوم العيد قبل الخُروج للصلاة كصفة غُسل الجنابة وقد وردت بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل للعيدين ولكن هذه الأحاديث لم يصح منها شئ ولكن ورد ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم .
 

مسألة : القول الراجح أن وقت الإغتسال لصلاة العيد هو بعد صلاة الفجر وقبل الذهاب إلى المُصلى لأنه أبلغ في النظافة لقُربه من الصلاة وعليه يدل ظاهر الآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم .

2- يُسن التجمل يوم العيد :

يُستحب التجمل للعيد وذلك بالتطيب ولبس أحسن الثياب .

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس للخُروج لصلاة العيد أجمل ثيابه وكان ذلك عادة مُتقررة بين الصحابة رضي الله عنهم .

فينبغي للمُسلم أن يلبس أجمل وأحسن ثيابه ويحف شاربه ويُقلم أظفاره ويُتنظف وذلك إظهاراً للسُرور والفرح بهذا اليوم وتحدثاً بنعمة الله تحدثاً فعلياً لأن الله إذا أنعم على عبده نعمة يُحب أن يرى أثر نعمته على عبده .   

واستثنى بعض العُلماء المُعتكف فقالوا : المُعتكف يخرج في ثياب اعتكافه ولا يبدل ثياب اعتكافه لأن ما لحق ثياب الاعتكاف من وسخ إنما هو بسبب العبادة وما كان ناشئاً عن عبادة فإنه لا يشرع أن يزال .

وفي هذا القول نظر لأُمور :

الأول : لمُخالفته لسُنة النبي صلى الله عليه وسلم .

الثاني : أن هذا الأذى الذي حصل في ثياب المُعتكف إنما بسبب طول الإقامة .

الثالث : أنه يُشرع للمُعتكف أن يتجمل كغيره .

أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب وكذلك يحرم على من أرادت الخُروج أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة فلا يجوز لها أن تُخالف أمر ربها فتلبس الضيق أو الثوب الملون الجذاب المُلفت للنظر أو تمس الطيب ونحوه .

3- يُسن أكل تمرات قبل الخُروج لصلاة عيد الفطر وتأخير الأكل يوم الأضحى حتى يرجع :

من السُنة قبل الخُروج لصلاة عيد الفطر أن يأكل المُصلي بعض التمرات وتراً اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً .

وأما في عيد الأضحى فكان لا يأكل حتى يرجع من المُصلى فيأكل من أُضحيته .

ومن أكل طعاماً آخر غير التمر فإن ذلك يجزئ عنه لإدراك هذه السُنة لكن المُستحب له أن يأكل تمراً .

الحِكمة في استحباب التمر لما في الحلو من تقوية البصر الذي يُضعفه الصوم ولأن الحلو مما يوافق الإيمان ويعبر به المنام ويرق به القلب وهو أيسر من غيره ومن ثم استحب بعض التابعين أنه يفطر على الحلو مُطلقاً كالعسل .

مسألة : الحِكمة في تقديم الأكل يوم الفِطر قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يُصلي العيد فكأنه أراد سد هذه الذريعة .

وقيل : لأن يوم الفِطر يوم حُرم فيه الصيام عقيب وجوبه فاستحب تعجيل الفِطر لإظهار المُبادرة إلى طاعة الله تعالى وامتثال أمره في الفِطر على خلاف العادة والأضحى بخلِافه لأن يوم الأضحى شرع فيه الأُضحية والأكل منها فاستحب أن يكون فِطره على شيء منها .

4- يُسن التكبير والجهر به في أيام العيد :

يشرع التكبير في أيام العيد الفطر والأضحى على الصفة المشروعة وهذا ما جرى عليه العمل في عهد السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .

التكبير ينقسم إلى قسمين : مُطلق ومُقيد :

1- التكبير المُطلق هو الذي لا يتقيد بوقت ( أي يُشرع في كل وقت من ليل أو نهار ) وهو مشروع في أيام عيد الفِطر وعيد الأضحى .

2- التكبير المُقيد هو الذي يُقيَّد بأدبار الصلوات ( أي يُشرع عقب كل صلاة فريضة سواء كان في جماعة أم لم يكن في جماعة على القول الراجح ) وهو مشروع في عيد الأضحى خاصة ويكون بعد الصلاة مُباشرة .

التكبير المُطلق مشروع في عيد الفِطر وعيد الأضحى ووقته على النحو الآتي :

1- القول الراجح أن التكبير المُطلق يبتدئ في عيد الفطر من غُروب شمس آخر يوم من رمضان : إما بإكمال الصيام ثلاثين يوماً وإما برُؤية هلال شوال فإذا غربت شمس آخر يوم من رمضان شُرع التكبير المُطلق .

وينتهي وقت التكبير في عيد الفطر بحضور الإمام للصلاة .

ويتأكد التكبير عند الخُروج إلى المُصلى وانتظار الصلاة .

2- يبتدئ التكبير المُطلق في عيد الأضحى من أول عشر ذي الحِجة إلى آخر يوم من أيام التشريق في جميع الأوقات في الليل والنهار .

يبتدئ التكبير المُقيد من عقب صلاة الفجر يوم عرفة وينتهي بعد صلاة العصر في اليوم الثالث من أيام التشريق هذا بالنسبة لغير الحاج على القول الراجح .

أما الحاج فيبدأ من صلاة الظُهر يوم العيد إلى عصر آخر أيام التشريق .

لأنهم كانوا مشغولين قبل ذلك بالتلبية وغيرهم يبتدئ من يوم عرفة لعدم المانع في حقهم  .

لم يثبت في صيغة التكبير في العيد حديثاً صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن صحت في ذلك آثار عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أنواع مُتعددة منها ما يلي :

1- الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

2- الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

3- الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر وأجل الله أكبر على ما هدانا .

4- الله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد .

اتفق العُلماء على استحباب الجهر بالتكبير إذا خرج المُصلي من بيته حتى يأتي المُصلى ثم يُكبر حتى يأتي الإمام وهذا ما جرى عليه العمل في عهد السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .

لا خِلاف في أن النساء يُكبرن مع الرجال تبعاً إذا صلين معهم جماعة ولكن المرأة تخفض صوتها بالتكبير .

لا يجوز التكبير الجماعي وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد أو يُكبر شخص ثم تردد المجموعة خلفه لأن ذلك لم يُنقل عن سلف هذه الأُمة والخير كل الخير في اتباعهم ومبنى العبادات على الاتباع لا الابتداع .

والسُنة الثابتة أن يُكبر كل واحد بمُفرده وهذا في جميع الأذكار والأدعية المشروعة في سائر الأوقات .

يُسن للرجل أن يجهر بالتكبير في البُيوت والأسواق والمساجد وفي كل موضع يجوز فيه ذكر الله تعالى وكذلك الأماكن التي تجمع الناس وذلك إظهاراً لهذه الشعيرة وإحياء لها واقتداء بسلف هذه الأُمة أما الأُنثى فلا تجهر به .

5- يُسن الخُروج إلى الصلاة ماشياً : 

يُسن الخُروج إلى الصلاة ماشياً سواء كان إماماً أو مأموماً لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم الفِطر ويوم الأضحى يخرج ماشياً ويرجع ماشياً .

6- يُسن الذهاب إلى الصلاة من طريق والرُجوع من طريق آخر : 

يُستحب للإمام والمأموم الذهاب إلى الصلاة من طريق والرُجوع من طريق آخر وذلك لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيدين رجع في غير الطريق الذي خرج فيه . 

قيل في الحِكمة من مُخالفة الطريق يوم العيد ما يلي :

قيل : ليشهد له الطريقان الأول والثاني لأن الأرض يوم القيامة تُحدث أخبارها أي : تُخبر بما عُمل عليها من خير وشر .

وقيل : لإظهار شعار الإسلام في الطريقين لأن الناس إذا جاؤوا من هذا الطريق وهجروا الطريق الثاني لم تتبين هذه الشعيرة في الطريق الثاني وصارت مُنحصرة في الطريق الأول فإذا خرجوا من هنا ورجعوا من هناك صار في هذا إظهار لهذه الشعيرة في الطريقين .

وقيل : لإظهار ذكر الله تعالى .

7- يُستحب التبكير إلى صلاة العيد والقُرب من الإمام :

يُسن أن يُبكر المأموم إلى صلاة العيد بعد صلاة الصبح وذلك من أجل إدراك فضيلة الصف الأول وفضيلة انتظار الصلاة وهذه زيادة قُربة ولما فيه من عمارة الوقت بطاعة الله سُبحانه وتعالى والإقبال عليه جل وعلا فالأفضل له أن يُبكر لأنه مُسابقة ومُسارعة إلى الخير وذلك مندوب إليه .

أما الإمام فيتأخر في خُروجه إلى المُصلى فلا يخرج إلا مُتأخراً لأنه هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا في الجُمعة فالأفضل له أن يأتي وقت الخُطبة أو قريباً منه إلا إذا كان بعيداً عن المسجد ويخشى من العوارض أو ما يطرأ عليه فهذا يُقيد بقدر الحاجة .

فينبغي على الإمام أن يتأخر في خُروجه إلى وقت الصلاة ولا يُسن في حقه أن يُبكر وأن يمضي مع الناس وأن يجلس معهم في الصحراء لأن ذلك أبلغ في الهيبة والإجلال للإمامة وتعظيمها فيخرج عند دنو وقت الصلاة بحيث يُقيم للناس صلاتهم .

القول الراجح أن وقت التبكير إلى صلاة العيد يبدأ من بعد صلاة الصبح لأن هذا هو عمل الصحابة رضي الله عنهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى المُصلى إذا طلعت الشمس ويجد الناس قد حضروا وهذا يستلزم أن يكونوا قد تقدموا .

ولأن ذلك سبق إلى الخير .

ولأنه إذا وصل إلى المسجد وانتظر الصلاة فإنه لا يزال في صلاة .

ولأنه إذا تقدم يحصل له الدنو من الإمام .

8- يُستحب التهنئة يوم العيد :

يُستحب أن يُهنىء المُسلمون بعضهم بعضاً بالعيد فإن ذلك من مكارم الأخلاق ومن العادات الحسنة التي أقرها الشرع الحنيف فيقول المُسلم لأخيه المُسلم : تقبل الله منا ومنكم أو أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة أو عيدكم مُبارك أو كلمة نحوها تدل على التهنئة بأي صيغة ما لم يكن فيها محظور .

ومحل هذه التهنئة بعد تحقق دُخول العيد لا قبله .

مسائل مُتفرقة تتعلق بصلاة العيد :

القول الراجح أنه إذا اجتمع العيد والجُمعة في يوم واحد فإن الجُمعة تسقط عمن شهد العيد وهو بالخيار إما أن يُصلي الجُمعة مع الإمام وإما أن يُصلي الظُهر إذا تخلف عن الجُمعة ولا تسقط الجُمعة عمن لم يشهد العيد .

ويجب على الإمام أن يقيم الجُمعة ليشهدها من شاء شُهودها ومن لم يشهد العيد . 

والأفضل بكل حال أن يُصلي العيد والجُمعة طلباً للفضيلة وتحصيلاً للأجر المُترتب عليهما .

يحرم صوم يوم العيد لأنه يوم أكل وشُرب وذكر لله وكذا يحرم صيام أيام التشريق وهي يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة إلا للحاج الذي عليه كفارة في الحج

القول الراجح أن العيدين من أفضل أيام العام وأن عيد النحر أفضل من عيد الفِطر لأن العبادة فيه النحر مع الصلاة والعبادة في الفِطر الصدقة مع الصلاة والنحر أفضل من الصدقة لأنه يجتمع فيه العبادتان البدنية والمالية فالذبح عبادة بدنية ومالية والصدقة والهدية عبادة مالية

لا بأس باللعب واللهو المُباح في يوم العيد وفعل كل ما يُدخل البهجة في النُفوس بشرط أن يكون ذلك في حُدود ما أباحه الشرع ومن غير إفراط ولا تفريط .

ينبغي التوسعة على العيال في النفقة واللهو المُباح في يوم العيد لأنه يُسن إظهار الفرح والسُرور في هذا اليوم .

يحرم الاستماع إلى المعازف في يوم العيد وغيره من الأيام وكذلك البذخ والخيلاء والإسراف والتبذير حتى لو كان في أمور مُباحة وغير ذلك مما نهى عنه الشرع لأن ذلك كُفران للنعم واستعمالها في معصية الله .

لا يجوز للمُسلم في هذا اليوم أن يذهب إلى الملاهي المُحرمة التي يحصل فيها فعل المُحرم والاختلاط بين الرجال والنساء .

لا يجوز للنساء أن تخرج إلى مُصلى العيد من أجل إظهار الزينة ولفت الأنظار إليها لأن الإسلام أمر المرأة بالستر وعدم إبداء الزينة الداخلية وكذلك الزينة الخارجية التي تغري الناس وتفتنهم .

لا يجوز قصد زيارة المقابر في هذا اليوم لأنه لم يرد تخصيص يوم العيد وليلته بالزيارة فهو عمل مُحدث لا أصل له في الشريعة والمشروع في هذا اليوم هو إظهار الفرح لا الحُزن وزيارة القُبور تُكدر الخاطر وتجلب الحُزن للقلب وليس هذا مقامه .

ينبغي للمُسلم في هذا اليوم أن يحرص على بر والديه وصلة الأرحام وزيارة الجيران وصلة الأحباب والخِلان وتطهير قلبه من الهُموم والأحزان والغِل والحِرص على سلامة القلب لعُموم المُسلمين .
 

أخي الحبيب :

أكتفي بهذا القدر وأسأل الله عز وجل أن يكون هذا البيان شافياً كافياً في توضيح المُراد .

وأسأله سُبحانه أن يرزقنا التوفيق والصواب في القول والعمل .

وما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ أو زلل فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان والله المُوفق .

وصلي اللهم علي نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

 تقبل الله منا ومنكم وكل عام وأنتم بخير  

أخوكم / عبد رب الصالحين العتموني السوهاجي

مصر / محافظة سوهاج / مركز طما / قرية العتامنة

01002889832 / 01144316595


 

وقفات مع العيد
  • فلاشات العيد
  • عيد الفطر
  • عيد الأضحى
  • أفكار دعوية
  • أحكام العيد
  • مـقــالات
  • قصائد
  • أعياد الكفار
  • الصفحة الرئيسية