اطبع هذه الصفحة


خطبة جمعة : حصار غزة

عبدالله يعقوب تركستاني


أيها المسلمون، يقول الحق سبحانه وتعالى: (إنما المؤمنون إخوة).
إن رابطةَ العقيدة والدين رابطةٌ عظمى، وآصرةٌ كبرى، لها مقتضياتها وواجباتها، وتكاليفها وحقوقها الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
رابطةٌ تنكسر تحتها شوكةُ أهلِ الكفر والعدوان، وتنزاح أمامها قوى الظلم والطغيان، يقول تبارك وتعالى في كتابه العزيز: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَواةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَواةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، ويقول جل وعلا: (وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) أخرجه أحمد وأبو داود، ويقول صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ) أخرجه أبو داود.
أيها المسلمون، إن المجتمعات الإسلامية على اختلاف أجناسها وألوانها وبلدانها بنيانٌ واحد وجسدٌ واحد، يسعدُ بسعادة بعضه، ويتألّم لألمه ومرضه، يجمعهم دين واحد هو دين الإسلام، وكتاب واحد هو القرآن، ونبي واحد هو سيد الأنام محمدٌ صلى الله عليه وسلم، يقول صلوات الله وسلامه عليه: (من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تُخفروا الله في ذمته) أخرجه البخاري. ويقول عليه الصلاة والسلام: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) متفق عليه. ويقول عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) أخرجه مسلم. ويقول صلى الله عليه وسلم: (من مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام) رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، وحسنه الألباني.
أيها المسلمون، إن هذه النصوص الشرعية تبين مكانةَ المسلم، ودرجتَه الرفيعة، ومنزلته الكريمة، وفي النوازل المدلهمّة والمحن الملمَّة يتوجب التذكير بها، والتحذير من انتهاكها، يقول صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) متفق عليه. ويقول صلى الله عليه وسلم: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ) أخرجه الترمذي.
أيها المسلمون، يلاقي المسلمون في قطاعِ غزةَ منذ أشهرٍ عديدة، أهوالاً ونكبات. تمثلت في حصارٍ جائرٍ يقوم به العدوُ الصهيونيُ الغاشمُ على كلِّ المدنِ والقرى في القطاع.
نعم.. كان قطاعُ غزةَ حتى الأمس القريب سجناً كبيراً مساحتُه مئةٌ وخمسون ميلاً مربعاً، يضم مليوناً ونصف المليون معتقلاً من البشر، نصفهم من الأطفال دون سن السادسة عشرة، وهذه الأيام وبعد أن أغلق الصهاينةُ كلَّ المعابر، وأوقفوا الوقودَ والغازَ والدواءَ والطعامَ بشكل محكم، تحول القطاعُ إلى فرنِ غازٍ كبيرٍ أشد فتكاً من أفران النازيّة.
إخوانكم في غزة يقولون: إنَّ الموتَ أرحم، لأن العذابَ الذي يعيشه أبناءُ القطاع لا يطاق. فما هو أصعبُ من الموت أنْ تشاهدَ طفلَكَ الجريحَ يذوي أمامك ويغرقَ في غيبوبةِ الموت، دون أنْ تستطيعَ فعلَ أي شيء له، فلا كهرباءَ ولا دواءَ ولا غرفَ عمليات، لا شيء علي الإطلاق... سوى الموت.
هناك مئات الجرحى نصفهم من الأطفال، يرقدون في العراء، وسط برد قارس، ودون أي أمل في إنقاذهم. حتى ثلاجات الموتى والشهداء توقفت عن العمل، فكيف تعمل دون كهرباء؟ سبعة وسبعون مريضاً قضى عليهم الموت بسبب نقص الدواء منذ بدء الحصار، وخمسون شهيداً سقطوا في القصف الصهيوني المتواصل علي القطاع المنكوب في أقلَّ من ثلاثةِ أيام. وبعد ذلك كله يخرج علينا رئيسُ الوزراء الصهيوني والصديقُ الحميم للرئيسِ الصليبي بوش، ولبعضِ العرب، ليقولَ لنا بابتسامةِ الواثق.. إنَّ الغاراتِ ستستمر، وكذلك الحصار.
تباً لهذه الصهيونية العالمية، والصليبية الدولية، التي ليس لها عهدٌ ولا أمان، تمارس أبشعَ صور الظلم والقهر والتخويف والإرهاب، تفرض ألوان الحصار، وتقتل الرجالَ والنساءَ والصغار، وتهدف إلى إبادة المسلمين، وتصفيتهم جسدياً، وإرعابهم نفسياً، بأساليب قمعية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.
يُمارَسُ الإرهابُ أمام نظرِ العالم وسمعِه بمختلف أشكالِه وألوانِه، وبجميع أنواعِه وأدواتِه، فأين من يوقف وحشيةَ هذا الإرهابِ وبشاعتَه، ويطاردُ رجالَه وقادتَه، ويستأصل شأفتَهم، ويقتلع كافَّتهم؟!
فأين ميزانُ العدلِ والإنصافِ يا من تدَّعونه؟!
أين شعاراتُ التقدمِ والتحررِ والحضارةِ والسلام، التي لا نراها إلاَّ حين تصبُّ في مصلحةِ يهود ومن وراء يهود؟!! ولكن صدق القائل:
المستجيرُ بعمروٍ عند كُرْبتِه *** كالمستجيرِ من الرَّمْضاءِ بالنارِ إنها نوازلُ عاثرة، وجراحٌ غائرة، وغصصٌ تثير كوامنَ الأشجان، وتبعث على الأسى والأحزان، هولٌ عاتٍ، وحقائقُ مرة، تسمو على التصوير والتبيين، (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).

في كلِّ أُفْقٍ على الإسلامِ دائـرةٌ ** ينهدُّ من هولهِـا رضوى وسهلانُ ذبحٌ وسلبٌ وتقتيـلٌ بإخوتنـا ** كما أُعدِّت لتشفِّي الحقدِ نـيرانُ يستصرخون ذوي الإيمانِ عاطفةً ** فلم يُغثهم بيـومِ الروعِ أعـوانُ فاليوم لا شاعرٌ يبكي ولا صُحُفٌ ** تحكي ولا مرسلاتٌ لهـا شـانُ هل هذه غيـرةٌ أم هـذه ضَعَةٌ ** للكفرِ ذكـرٌ وللإسلامِ نسـيانُ

أيها المسلمون... يعلم اللهُ أننا نتمزق، ونتحرَّقُ قهراً وهواناً .. وقلةَ حيلة. إخوانٌ لنا على مرمى البصر، يُفعل بهم كلُّ هذا.. ونحن لا نستطيع أنْ نحرِّكَ ساكناً، نحتفلُ بلاعبِ كرةٍ معتزل، ونرمي في حضنه الملايين، وندفعُ لفريقِ كرةٍ، أتينا به من وراءِ البحار، أضعافَ ذلك، وغزةُ تغرق في الظلامِ والجوعِ، ونقصِ الأنفس، والدواء، والغذاء..
ما ألطفَ الله بنا ..!!
عارٌ.. واللهِ، وألفُ عار ..!!
أهذا ما أثمرت عنه زيارةُ ذلك الصليبي مجرمُ الحرب، الذي يُقـذَف في عواصم العالم بالأحذية، ونحن نقابله بالترحاب والهدايا والقبلات.
اللهُ يعلمُ أننـا لا نرضـى يا غــــــزة..
لكن... ما حيلة من طال عليه الهوان.. وما لجرح بميت إيلام.
نحن العرب.. نهان في كل يوم مرة أو مرتين, ونقاد للذبح ونصفق للذابح.
إننا يجب أن نفهم وبوضوحٍ تام.. أن الدمعَ اليوم لا يغني عن الدم, وأن القال لا يجزىء عن المال، وأنَّ الصهاينةَ ومن يرعى مصالحهم, ويقف إلى جنبهم, عدوٌ يجب أن نواجهه بكل ما نملك من قوة فعلية وقولية, وأنَّ اللغةَ التي تعاملنا بها منذ عقود مع هؤلاء الخونة لغةٌ أثبتت فشلها وسقوطها, وأنه لم يعد ينفع مع العدو الغاشم الظالم إلا لغة الدم والهدم.
فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. وأما غير ذلك فلا.

إنَّ النصيحةَ الموجهةَ لأحبتنا في فلسطين بأن لا يتوجهوا لأحدٍ في المشرق أو المغرب لرفع ودفع ما نزل بهم. وقد جربوا على مدى سنوات متطاولة فلم يتجرعوا إلاَّ غُصصَ ومرارةَ الخذلان. فلن ننادي الضمير العالمي الغائب، ولن نناشد هيئة الأمم المتخاذلة، ولن نستصرخ مجلس الخوف الدولي.
أما بنو يعرب.. فهم أقلُّ وأذلُّ من أن يملكوا حلاً أو عقداً. وصَدَقَ اللهُ إذ يقول: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ). ويقولُ تعالى: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا).

على الاخوة في فلسطين أن يعلموا جيداً أن الحلَّ لقضيتهم يكمنُ في التكاتفِ والتعاونِ ووحدةِ الصف على هدىً من الله، مع نبذِ الخلاف، والبعدِ عن الحزبيةِ المقيتة والطائفيةِ البغيضة.

الحلُ يكمن في تحكيمِ شريعةِ الإسلامِ ظاهراً وباطناً، ومن ذلك الاستمرارُ في جهاد عدوهم بكل وسيلة ممكنة. مع فقه الواقع والمرحلة.
وحينئذ تلوح لهم بإذن الله تباشيرُ النصر على الأعداء، وتجارب المسلمين من حولهم تؤكد ذلك وتبينه، والواقعُ خير دليل وبرهان.

نعم.. لقد ضرب إخواننا في فلسطين أروعَ الأمثلة والبطولات، فمع عشراتِ الشهداء، وأضعافِ ذلك من الجرحى، مع الحصار الشامل للقطاع، مع المجازر التي تُقام في كل مكان، مع ذلك كلِّه يؤكِّد الشعبُ الفلسطيني المسلم أنه لا استسلامَ ولا ذلَّ ولا هوان، وأنَّ الجهادَ ماضٍ حتى النصر، وسط بطولاتٍ وتضحياتٍ هي جزءٌ من جهادٍ عظيم، وصبرٍ طويل لهذا الشعب المرابط.

لقد جاهد هذا الشعب المسلم وصبر وصابر ورابط، وتقلَّب به البلاء، فما هدأ وما استكان ولا أعطى الدنيةَ يوماً.
يواصل هذا الشعبُ المقاومةَ دون استسلام، مقدِّماً شهيداً تلوَ شهيد، ضارباً أنبلَ أمثلة الصبر،

علَّم المرابطون على أرض الإسراء والمعراج، علَّموا الأمةَ كيف تعيش عزيزةً كريمة، وتموت عظيمةً شهيدة..
والأمةُ التي تحسن صناعةَ الموت، وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة.. يهبُ الله لها الحياةَ العزيزة في الدنيا.. والنعيمَ الخالد في الآخرة.

أما أنتم أيها المؤمنون... يا رجالَ الإسلام، يا حملةَ القرآن، يا أصحابَ الجباه الطاهرة، والأيدي المتوضئة، يا أهلَ لا إله إلا الله.. قولوا بربكم..
حتى متى هذا السكوتْ ؟!
حتى متى الصمتُ المميت ؟!
ما ذلك الإعراضُ والصممُ الغريب ؟!
عن كلِّ آهاتِ الثكالى .. واليتامى .. والحيارى .. والنحيبْ .
حتى متى هذا الصدودْ ؟!
وإلى متى هذا الركودْ ؟!
وإلى متى عنَّا تشيحُ وجوهكم يا مسلمونْ ؟!
أو ليس في الدِّين إخوانٌ لكم يستنصرونْ؟! يستصرخونْ ..؟!
بتنا على ظهر العراء وبين أنياب المنونْ نصحو على قصف المدافع ، والمجازرُ بالمئاتْ وننام والخوفُ الرهيبُ يلفُّنا بالطائراتْ أمٌّ هناك وطفلةٌ .. وأبٌ تمزِّقه الشظايا المحرقاتْ تبكي فإذ بالطائراتِ تسوقُها نحو الرُّفاتْ حتى متى يا أمتي .. ؟!
وإلى متى .. ؟!
حتى تُهدَّم دورُنا وديارُنا ؟!
حتى تُقطَّعَ للعِدا أشلاؤنا ؟!
حتى يشرَّدَ أهلُنا … أطفالُنا ؟!
حتى متى ، وإلى متى … ؟!
حتى تقادَ عفيفةٌ بالأمسِ كانت لا تقادْ ؟!
إنا نصيحُ .. ولا مُجيبْ ..!
إنا نئنُ .. ولا طبيبْ ..!
حتى استغاث البعض من كَمَدٍ بعبَّاد الصليبْ !
فأين .. أين المسلمون ؟!
بل أين بعضُ المسلمين ؟!
بل أين أهلُ العلمِ منهم من بقايا الصالحين ؟!
لاذوا بأسوار السكوتْ
لم يمنحوا إخوانهم حتى كُليماتِ القنوت ؟!
ما بالكم لا تسمعون وتنظرون ؟!
كم من عجوزٍ عاجزٍ لم يرحموه
كم من رضيعٍ يتّموه .. إن لم يكونوا مزّقوه كم من صغيرٍ من بقايا حقدهم قد عوّقوه كم مسجدٍ قد هدَّموه .. ومصحفٍ قد حرّقوه زعموا .. وقد سفكوا الدماءَ ومثَّلوا بالأبرياءْ ..
أنْ قد أتوا كي يسحقوا الإرهابَ ينبوع العِداءْ!!
رُعباً من الإسلام .. إرهاباً دَعَوه
وبحجةِ الإرهابِ.. أيسر ما ادّعوه
قتلوا وجاسوا في الديار مخربينْ .. حصدوا المئينْ ..
وشرّدوا الآلاف قسراً لاجئينْ
وبحجةِ الإرهابِ يُقطعُ عنهم المددُ (الشحيحْ) ويُحاصَرُ الإعلامُ كيلا يكشفَ الوجهَ القبيحْ ويجرَّمُ المتعاطفونْ !! بَلهَ الرجالَ المخلصين !
وبخدعة الإرهاب أُرهب كل إنسان عقولْ
كيلا يقولْ : مقالةً تهدي العقولْ
فمشاهد التدجين تجري من فصولٍ في فصولْ
وبخدعة الإرهاب ما شاءوا أتوه !
قد يُعجز الإرهاب في قاموسه ما أنجزوه
لكنهم لا يُسألونْ !!
لأنهم لا يُسألونْ !!
ماذا أصاب المسلمينْ ؟!
ماذا عساهم ينظرونْ ؟!
ماذا بهم ؟! … ما يرقبون ؟!
حتى الأنينْ .. لجرحنا ..لا يملكون ؟!
عفواً فهم لا يجرؤون !
بل إنهم متأدبون مهذبون !
ولهيئة الأمم (الشريفة) دائماً يستأذنونْ !!
لكنه النصرُ القريبْ
بإذن علاّم الغيوبْ
مهما تواترت الخطوبْ
والنصرُ آتٍ فوق أشلاءِ الكُماةِ المخلصينْ والنصرُ آتٍ خلف إمدادِ الكرامِ الباذلينْ والنصر آتٍ بالدعاء وبالبيانْ آتٍ بإذن الله رغم غواية الغاوي وهذرمة الجبان أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية...
أيها المسلمون...
مهما بلغت قوّةُ الظلوم، وضعفُ المظلوم، فإنَّ الظالمَ مقهورٌ مخذول، مصفّدٌ مغلول، وأقربُ الأشياء.. صرعةُ الظلوم، وأنفذُ السهام.. دعوةُ المظلوم، يرفعها الحيُّ القيومُ فوقَ الغيوم، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم : ((ثلاثةٌ لا تردّ دعوتهم: الصائمُ حين يُفطر، والإمامُ العادل، ودعوةُ المظلوم يرفعها اللهُ فوقَ الغمام، ويفتحُ لها أبوابَ السماء، ويقول لها الربُّ: وعزَّتي وجلالي لأنصرنَّكِ ولو بعدَ حين)) أخرجه أحمد.
ألا فأكثروا من الدعاء لإخوانكم بالنصر والتمكين، واعلموا أن هذا الحصارَ الظالمَ تمحيصٌ وابتلاءٌ لأهل الإيمان هنا وهناك.
أما هنا... حتى يعلم الله من ينصرُهُ ورسلَه وأهلَ دينه، ومن يتخاذلُ عن نصرتهم، ويُسْلِمُهم إلى عدوهم.
وأما هناك... فتمحيص واختبار ليعلم الله المؤمنَ الصادقَ الثابتَ على دينه ومبادئه، من المنافقِ المتخاذلِ عابد الدينار والدرهم.
وسوف تنجلي هذه الغمة بإذن الله والمؤمنون أشد إصراراً وتمسكاً بالمبادئ والقيم التي سكبوا دماءهم لأجلها، وناضلوا لأجلها، الذين سطروا ولا يزالون.. ملحمةً لن ينساها الصليب والتلمود. وأعلنوها مدوية: إما أن نعيش أعزاء، وإما أن نموت شهداء ...
ولن نذلَّ ونخضع ولو استمر الحصار أعواما.
لا يزال يسقط منهم الشهيد تلو الشهيد، وهم يقولون:
لا تبكوا على الشهيد ... عند الله مولود جديد

أيها المسلمون... لن تنتصرَ هذه الأمةُ على عدوها إلاَّ إذا انتصرتْ على نفسِها وأهوائها، وطبقتْ شريعةَ الله في جميع مناحي حياتها، واستقام أفرادُها على دينِ خالقها.. حينئذٍ تنتصرُ على عدوها، وتعلُ كلمتها، وتُحفظُ نعمتها، ويدُمْ عزّها، وتشتدّ قدرتها، وتزددْ قوتها، وتنفض الوهن عن عاتقها، ذلك الوهن الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة على قصعتها)، قالوا: يا رسول الله، أمن قلة بنا يومئذ؟ قال: (أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن)، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: (حبُّ الحياة، وكراهية الموت) أخرجه أحمد وغيره.

أيها المسلمون، إن لم تقمْ الأمة بذلك كباراً وصغاراً شعوباً وحكومات وتنتصر على شهواتها ورغباتها فهي على خطر أن ينالها وعيد الله، في قولِه جل في علاه: (وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـالَكُم)، وقولِه تبارك وتعالى: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَـافِرِينَ يُجَـاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَـافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
أيها المؤمنون.. من علم أنه قد حلَّت بالمسلمين نازلة، من الجوع والعري والقتل والتشريد، ولم ينصرهم، وهو قادر على ذلك، فقد أتى ذنبًا عظيمًا.
والواجبُ النصرةُ لإخوانكم في غزة التي تتمثل في كل شيء يتقوون به على الصهيونية العالمية، من المال والنفس والدعاء، والقنوت في الصلوات الخمس، فدينُ الله غالب، وأمرُه نافذ، وكيدُ الكافرين في تباب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، ومن ينصر الله ينصره، والعاقبةُ للتقوى، وجندُ الله هم الغالبون، والأرضُ لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

وصلوا وسلموا على نبي الهدى والرحمة كما أمركم بذلك ربكم فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي ...) اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد..
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين لهم، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض عنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين. واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم يا ذا الملك والملكوت، يا ذا القوة والجبروت.
يا ذا الحول والقوة، يا من لا يُغلب جنده، ولا يُخلف وعده.
اللهم يا من عزَّ وارتفع، وذلَّ لسطوته كل شيء وخضع.
يا قوي، يا عزيز.. يا قاهر، يا متين.. يا منتقم، يا كبير..
يا عليّ، يا أعلى.. يا جبار، يا قهار... يا الله، يا الله، يا الله...
أهلك أئمة الكفر من اليهود الغاصبين، والنصارى الحاقدين.
اللهم أنزل عليهم عذابك ورجزك إله الحق.
اللهم سلط عليهم يداً من الحق حاصدة.
اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم عليك بهم وبمن شايعهم وعاونهم وحماهم.
اللهم سلط عليهم جنداً من جندك، اللهم سلط عليهم ما نزل من السماء، وما خرج من الأرض، واجعلهم شيعاً وأحزاباً متناحرة، اللهم اشدد وطأتك عليهم واجعلها عليهم سنين كسني يوسف.
اللهم احقن دماء المسلمين وصُن أعراضهم واحفظ أموالهم وديارهم من كل معتد ظلوم يا رب العالمين.
اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين في فلسطين، والعراق، وأفغانستان، وفي كل مكان.
اللهم ارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، وتول أمرهم يا أرحم الراحمين.
اللهم ارفع راية الجهاد واقمع أهل الزيغ والفساد والعناد، وانشر رحمتك على العباد والبلاد يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد.
اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، واكفهم شر الأشرار وكيد الفجار، برحمتك يا أرحم الرحمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم .
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، اللهم أشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره يا قوي يا عزيز.
اللهم إنا نعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم، ونعوذ بك من فتنة المحيا والممات، ونعوذ بك من عذاب القبر.
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا و تتوب علينا، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تشمت بنا عدوا و لا حاسدين.
اللهم إنا نسألك من كل خير خزائنه بيدك، ونعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واقض عنا ديوننا.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


عبدالله يعقوب تركستاني
جامع الشهداء بالخادلية 2
بمكة المكرمة


 

فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل