وماذا بعد ... ؟

أبو همام

اهتزت المنابر , وسالت الأقلام , وصدحت المآذن .... لكن سرعان ما عادت الأمور إلى نصابها , عند بداية حصار غزة حدث هذا التفاعل ( الفقاعي ) , الذي لا أشبهه إلا بفورة مياه غازية , وعاد الشعب الصامد ليواجه مصيره , حتى الحدود التي فتحت لأيام سرعان ما أغلقت , والأدعية التي علت المآذن هى الأخرى انقطعت , أما عن المساعدات المزعومة هى الأخرى لم تصل , لأنها لم ترسل في الأصل .
لو كانت غزة من إحدى الولايات الأمريكية ... لأنصبت عليها براميل النفط ومشاريع إعادة الأعمار من كل مكان ؟ مازال البعض يتوهم أن الحبر والأوراق وحدها ستحرر فلسطين التي دخلت هذه السنة عقدها السابع وهى في الأسر , ربما لأننا لم نفهم الدرس جيداً , مع أن ملقيه قد أطنب في القتل , وأبدع في رسم لوحة ملحمية .. أظنكم قد عرفتموه أنه صلاح الدين الايوبي .
عذراً لكن هناك من يريد يظهر للأعداء سماحة الإسلام , وأنه دين العفو والسلام , ويريد ايضاً أن يحل هذه المعادلة المستحيلة وهى مـســلـمـيـن + يـهـود = ســـلام يبدو أنه لم يقرأ قوله تعالى ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )

كل مسلم يعلم كيف ستحرر فلسطين , وماهى السبيل لذلك , لكن الكل يرمق بعينيه الثاني ولسان الحال ... إنها مآساتهم .. !
انظر إلى وسائل الإعلام وتهافتها في بداية الحصار وتحوّلت بعد عدة أيام إلى خبر في آخر النشرة أو الصحيفة .
أيها السادة : دعوا أطفال ( الصواريخ ) يضعوا مفردات المقرر الذي سيتولى شرحه مدرس كصلاح الدين الايوبي .


ومضة ,
ربما سيأتي اليوم الذي نقول فيه " أكلت يوم أكل الثور الأسود "

وكتبه .. أبو همام
 

أسوق هذه الكلمات ونحن نعيش في أزمة للأمة , عذراً فأنا منذ ولدت ولا أسمع إلا نكبة أو هزيمة أو انتكاسة , ولولا صدق موعود الله تعالى لأصبت باليأس ولكن مع الألم أمل , ومع الصبر فرج ... قبل ما يقرب السنتين نشرت بعض الصحف الدنمركية رسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم , فثارت مشاعر المسلمين وتحركت القلوب النائمة , وكان الرأي العام الشعبي متهيج لدرجة ( ...... ) !؟ وسرعان ما عادت فورة المياه الغازية إلى الهدوء , إلى الجمود , إلى الركود .... لماذا كل هذا .. ؟ ربما ننتظر رسوم أخرى مسيئة حتى نثور , ننتظر مقتل طفل فلسطيني حتى تسطر أقلامنا ( بحبر مزيف ) عبارات الحزن والأسى , هى نفسها المشاعر التي قبل ستين سنة ,وما أشبه الليلة بالبارحة .. ! أيعقل هذا أصبحت مواقفنا ردود أفعال تحت مسمى ( فقه الواقع ) ... لا نتذكر حال الأمة إلا بعد وقوع الفأس في الرأس , صرنا نتسلى بمداواة جراحنا فمن عراقنا الجريح إلى غزة الأسيرة وصولاً إلى حبيبنا صلى الله عليه وسلم المتطاول عليه .
سؤالي أين منهجنا أين مواقفنا ؟ بعضنا أصبح يكيّف مسلمات الملة على الواقع حتى يقال دينكم دين السماحة واليسر , يحكى أن الإمام أحمد أتاه بعض العلماء عندما كان مسجون في فتنة خلق القرآن وقالوا له يا إمام : تأول .. ! حتى تنجو ببدنك , فقال لهم : اذهبوا وانظروا من عند الباب فنظروا فإذا بفئام من الناس معهم كتاتيبهم ومحابرهم ينتظرون ماذا سيقول الإمام أحمد ... ! فبعد أن أراد العلماء ثني الإمام عما هو عليه , أرسل لهم درس في الثبات على المنهج والمواقف التي لا تنثني .
وأريد من هذا المثال إيصال رسالة إلى كل ذي لب أقول فيها .. الأمة مقبلة على مرحلة مهمة من تاريخها أحوج ما تكون فيه إلى تأصيل مسلماتها وثبات منهجها ,, فأريد أن أسال سؤال وأجب به بينك وبين نفسك .. كيف حال منهجك وثوابتك ؟ وحتى لا يأتي اليوم الذي نضرب فيه كف بأخرى ونقول أكلت يوم أكل الثور الأبيض ,, ربما عرفت الآن ماذا أقصد ...... !

ومضة

 نســـبى ونطــرد يا أبــــي ونــــباد *** فإلى متى يتطاول الأوغــاد
نصحو على عزف الرصاص كأننا *** زرع وغارات العدو حصاد
 

وكتبه .. أبو همام