اطبع هذه الصفحة


جرافة تهدم .. وأخرى تبني

زياد آل سليمان


لقد اعتدنا رؤية الجرافات الصهيونية وهي تقوم بعمليات الهدم لبيوت المواطنين الفلسطينيين سواءً بحجة عدم ترخيص البناء أو لغيرها من الحجج، أو في عمليات الاجتياح التي أصبحت مشهداً يومياً في قطاع غزة أو الضفة الغربية وإن توقفت مؤقتاً في القطاع.
خلال الانتفاضة الأولى وقبل مجيء سلطة (أوسلو) فرضت قوات الاحتلال ذات يوم منع التجول وجاءت الجرافة الصهيونية البغيضة في مشهد لا يمكن نسيانه لهدم الحدائق الصغيرة أمام البيوت بحجة أن المطاردين من المقاومين ينامون فيها ليلاً، خرجت العجوز غير مبالية بمنع التجول وبالجنود والدوريات ووقفت في وجه الجرافة ممسكة بورقة تثبت أن هذه الحديقة جزء من بيتها المتواضع، فهي لم تحتمل رؤية تلك الشجيرات التي زرعتها وسقتها ورعتها وهي تقتلع من جذورها، وبقيت واقفة في طريق الجرافة حتى جاء الضابط وأوقف عملية قلع الشجيرات المتعاونة مع "الإرهابيين"! لتنتقل الجرافة إلى الحديقة المجاورة وتهدم نصفها على الأقل قبل أن تأتي العجوز لتتدخل مرة أخرى وتمنعهم من جديد، لم يكن بمقدور الشباب التدخل لأن المصير هو الاعتقال أو إطلاق الرصاص.
لكن جرافات الاحتلال التي تجاوزت في ذلك المشهد عن بعض الشجيرات لطالما هدمت البيوت فوق السكان، وهاهي تواصل أعمال الهدم عند باب المغاربة بجوار مسرى رسول الله عليه الصلاة والسلام غير مبالية بكل المسلمين، وبكل المطالبات والإدانات والشجب والاستنكار _ إن وجد.
إنها سكرة العلو والاستكبار لدى يهود، كان لا بد أن يذكرهم أحد المقدسيين أن المسلمين لن يقفوا صامتين أمام مشاهد الهدم، فجاء حسام دويات 30 عاماً، ذلك العامل المقدسي ليقول ليهود أن أفيقوا من وهمكم، لا أمن لكم ولا أمان إلا بعودة القدس لنا، جاء ليقول ليهود إننا سنقاوم بكل شيء، لن تحلموا يوماً واحداً بالأمن ما دام القدس أسيرا، طالما أن جرافاتكم لا تزال تهدم وتهدم لتبني المغتصبات على أرضنا وحول قدسنا، لقد جاء لهم حسام بجزاء من جنس عملهم.
ما كانت جرافة حسام إلا جرافة بناء، فهو كان يقوم بأعمال إصلاح للطريق، وأي إصلاح أعظم من تطهير القدس من دنس يهود! وأي طريق أعظم من طريق الجهاد!
أما أمريكا والغرب الذي سرعان ما أدان وشجب واستنكر ما جرى في القدس فإن عليهم أن يتذكروا ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري التي دهستها جرافة صهيونية سنة 2003، ليغلق الصهاينة ملف التحقيق قائلين إن مقتل كوري كان حادثا عارضا وإنه لن يحاسب الجنود الصهاينة. وكانت راشيل كوري قد توفيت أثناء احتجاجها مع مجموعة من حركة التضامن العالمية على هدم منزل أحد الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة، وقد أصيبت بجروح بليغة عندما دهستها جرافة صهيونية وتوفيت فيما بعد في المشفى.
إن من قتل من الفلسطينيين والعرب على يد يهود في سنوات سيقتل ضعفهم بل أضعافهم من يهود في أيام، ويومئذ سيتمنى يهود أن لو سمعوا صوت الجرافة جيداً وغادروا القدس وفلسطين منذ ذلك اليوم. كلما شاهدت جرافة تذكرتك يا حسام- رحمك الله، وتذكرت أن اليهود بحاجة لألف حسام.

 

فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل