اطبع هذه الصفحة


لك الله وحده يا غزة

د.محمد موسى الشريف


هاهي غزة هاشم تقف شامخة أمام عدو حاقد شرس، تقف وحيدة فريدة، ليس لها إلا الله تعالى وقوته ومدده وعونه.

ـ ولئن تساءل المتسائلون: أين المسلمون؟ أين العرب؟ أين القوات والجنود؟ أين الأسلحة التي تشرى بالبلايين؟ أين العلماء والمشايخ؟ أين المفكرون والمثقفون؟ أين الأثرياء والتجار؟ أين الدول الإسلامية التي تبلغ قرابة ستين دولة؟ أين الدول العربية التي تزيد على عشرين دولة؟

ـ لئن تساءل المتسائلون أين كل هذا فإليكم البيان يا أهل الإسلام:


أما المسلمون والعرب فكثير منهم متعاطف مع أهل غزة لكن لا حول له ولا طول، وإن صنع شيئاً فمظاهرة يخرج فيها، أو مسيرة يطفئ غضبه بها، أو دموع يجود بها، أو قروش يعطيها لا يجد أهل غزة بها أماناً ولا غناء، وأجزم أن لو فتحت الحدود لتدفق أكثر هؤلاء أمثال الأسود معاونة لأهل غزة، لكن إلى الله المشتكى.

ـ أما القوات والجنود فقد حيل بينها وبين الوصول إلى غزة، كيف ودول الطوق المجاورة تغلق حدودها فلا يمر منها أحد، ولا يكاد يستطيع، ولقد طُوِّعت هذه الجنود وهذبت ودُجنت ففهمت أنها لا علاقة لها بما يجري في غزة ولا أمثال غزة.

ـ أما الأسلحة فهي في المخازن حتى تبلى ليُشرى غيرها ببلايين أخرى وهلم جَرّا …

ـ ولئن سألتم عن العلماء والمشايخ فهم على ثلاثة أصناف:


صنف موظفون لا يفعلون شيئاً إزاء هذا الذي يجري، ولا همّ لهم إلا العيش كيفما اتفق، قد تبلدت أحاسيسهم، وتعطلت مشاعرهم، وللأسف هم عدد كبير من العلماء والمشايخ الذين يبلغ عددهم بضعة ملايين في العالم الإسلامي.

ـ وصنف يعمل ما في وسعه فيشارك في البيانات، ويخطب على المنابر، ويدور على المجامع، وهذا عمل جليل لكن غزة بحاجة إلى غيره، وهيهات أن تغني الخطب والبيانات شيئاً عن قوم تنـزل على رؤوسهم القنابل، وتهدم فوقهم البيوت، وهؤلاء العلماء هم قلة نسبياً.

ـ وصنف لا يدري ماذا يصنع، بقيت له بقية من شعور وأحاسيس لكن حيل بينه وبين إظهارها والعمل بموجبها وهذا في كثير من بلاد الإسلام، وهؤلاء عددهم كبير.

صبراً أهل غزة فلم يعد في الأرض مثل العز بن عبدالسلام وابن تيمية، وعبدالغني المقدسي، وسفيان الثوري، وابن المبارك، فقد ولى هذا الزمان وانقضى وإنا لله وإنا إليه راجعون.

فهذا شيخ الأزهر يشد بيدين على يد المجرم الأثيم بيريز، وهل كان أحد من الناس يوماً من الدهر يظن أن هذا يجري أو يكون؟

ـ وهؤلاء العلماء الموظفون في كل بلد إسلامي: أين صوتهم؟ أين بياناتهم؟ ماذا دهاهم؟


· ألا ترون أن المظاهرات يقودها الأطباء والمحامون وأكثرها عن العلماء والمشايخ بمعزل؟

· ألا ترون إلى مشايخ يحرمون المظاهرات وهي وسيلة للتعبير تكاد تكون فريدة يجتمع فيها الناس لإظهار رفضهم وغضبهم؟

· ألا ترون أن الملايين من العلماء والمشايخ وطلاب العلم والمتخرجين من الكليات الشرعية لا يكاد يُسمع لهم صوت ولا يدري عنهم أحد؟

ـ أما المفكرون والمثقفون فهم أصناف: فصنف بيدهم وزارات الثقافة والإعلام فهؤلاء إلى طعن أهل غزة أقرب، وإلى لومهم أميل، وإلى تقريعهم أرغب إلا القلة القليلة.

وأما المفكرون والمثقفون الذين بيدهم الجرايد والمجلات العلمانية والمتحررة فهم من الصنف السابق، ومن أصحاب العمل الآثم.

وهناك فئة من أولئك انحازوا إلى آمال أمتهم فيهم، وتكلموا بلسان صدق ولله الحمد والمنة، لكن أهل غزة أحوج إلى الأعمال منهم إلى الأقوال.

ـ وأما الأثرياء والتجار فأكثرهم عن أهل غزة بمعزل، ومن أراد منهم المواساة حيل بينه وبينها وإلا اتهم بالإرهاب ومساندة الإرهابيين، وإن ساعد فمن وجه خفي وهو خائف يترقب.

ـ ثم هل بعد هذا نسأل أين المسلمون؟! وأين الدول الإسلامية ؟!


ـ وبعد هذا الحديث فهل من مبشرات؟


* نعم إن المبشرات كثيرة، فهذه الأحداث تنبه الغافلين، وتوقظ السادرين في غيهم فيصيرون من جند الله العاملين بعد أن كانوا من البعيدين الضالين.

* وهذه الأحداث مقدمة للتمكين، إذ شرطه الابتلاء: قال تعالى: “ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض”.

* وهذه الأحداث تجمع بين كثير من المسلمين، وتزيل كثيراً من أسباب الفرقة بينهم.

* وهذه الأحداث دليل على قرب زوال دولة اليهود، فقد علوا علواً كبيراً، ووصلوا إلى ذروة من التمكن والسيطرة وليس بعد هذا إلا الانحدار، كما يعلم ذلك من اطّلع على سنن الله في الدول والجماعات، وعرف أحوال الأقوام على مدار التاريخ، وقريباً سيتحقق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا مسلم يا عبدالله ورائي يهودي تعال فاقتله”.

ـ فصبراً أهل غزة صبر من يعلم أنه لن يصله من المسلمين إلا الدعاء وبعضاً من الدواء والغذاء، أما ما سوى ذلك فليس لكم إلا الصبر، والمجاهدة والمرابطة، والله معكم ولن يتركم أعمالكم، ولا أقول لكن في النهاية سوى أن أذكركم بقوله تعالى :”ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون”.

وبقوله تعالى: “ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض”.

وبقوله تعالى: “ويتخذ منكم شهداء”.

وبقوله تعالى: “وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين”.

ـ والله أكبر ولله الحمد، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

 

فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل