اطبع هذه الصفحة


لا يرد العدوانَ إلا موقف واحد

يحيى بدر الدين صاري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين..
أولا: فإني أقدم من منبر هذا الموقع كل كلمات الإكبار والاحترام لأولئك الأبطال الأشاوس، الذين ضحوا بأنفسهم ووهبوا حياتهم رخيصة من أجل الدفاع عن إخوانهم المحاصرين، في أرض غزة الأبية..
واعلموا أيها الأبطال.. أن رسالتكم قد وصلت قوية مدوية.. إلى هذا العدو البغيض وإلى العالم أجمع
واطمأنوا أيها الأشاوس.. أنكم وإن لم تَسْعَدوا بوضع تلك المساعدات الإنسانية الكريمة في أيدي أطفال غزة.. فقد وضعتم مشروعا ناجحا لكسر الحصار.. وتحطيم شوكة الاستكبار.
إنكم أيها الشجعان.. وإن لم تَرْسُ سُفنكم على شواطئ غزة المحاصَرة.. فقد أرسيتم طريقا في البحر إلى غزة.. سيسلكه كل الشجعان في العالم..
إنكم وإن لم تكسروا أغلال الحصار.. فستكون خطوتكم هذه لطمة على وجوه المتواطئين، تكسر الأقنعة عنهم وتدفعهم إلى شيء من الحياء.. فيفتحوا أبواب الحدود أمام المساعدات الإنسانية..
وإن تلك التضحيات.. لن تذهب سدى، إن وَجدت من يحسن توظيفها، واستعمالها للضغط على أصحاب القرار..
وإن تلك الدماء لن تذهب هدرا إن استغلت للتلويح بها في وجوه المتواطئين.. وستكون -إن شاء الله- السبيل إلى إكراه العملاء على موقف ربما يحفظ لهم بعض ماء الوجه..
عليكم بإحراج أصحاب القرار..في كل مكان؛ كي يغيروا مواقفهم التقليدية المألوفة المأفونة.. وهي تلك الجلسات الطارئة، والتنديدات الفارغة، والمجاملات الباهتة، والمواقف السَّمِجة التي مَلَّتها الأسماع، ومَجَّتْها الطباع.
ووالله لوددت أن أكون معكم، وها أنا أضم صوتي مع أصواتكم وأضع يدي في أيديكم للقيام بأعمال تخلصنا من الذل والهوان.. بإذن الله..
ولا شك أن هناك أعمالا كثيرة تنتظر المخلصين الصادقين.. إن تظافرت الجهود واجتمعت الكلمة وتعاون كل الشرفاء، من أجل كسر الحصار.. وتحطيم الجدار..
لا ينبغي عليكم طيَّ هذه الصفحة، واجعلوا نقطة الاصطدام مع العدو الصهيوني الغاشم في عرض البحر..هي خطوة في انطلاق المقاومة القوية العالمية، على جميع الميادين وفي كل المجالات، وتأليب العالم أجمع على هذا العدو الكريه، بعدما تفرق دم الأبرياء على عدة دول..
شدوا الخناق على رقبة هذا المستكبر.. بالضغط على كل من يمد الصهاينة بالأكسجين، وتجريم كل أشكال التعاون مع العدو اليهودي الغاشم.
طالبوا بلا هوادة بغلق سفارات العدو الصهيوني و طرد هؤلاء الدمويين.. الإرهابيين.. من بلاد الإسلام ..ومن جميع بلاد العالم.

هذا أولا وأما ثانيا:

فإن مشهد الدماء والرعب الذي صنعته يد الإجرام الصهيوني.. ليس مشهدا جديدا.. فتاريخ الصهاينة اليهود الإجرامي، أكثر من أن يستقصى، والوجه الجديد اليوم هو أن الدم قد توزع بين الدول..
وأدرك العالم جميعا أن القانون الصهيوني الإرهابي.. يعتبر كل صور التعاطف مع فلسطين "جريمة تستحق القتل"، وأن كل من شعر بالمسؤولية تجاه إخوانه "المحاصرين" كائنا من كان.. فلا بد أن تردعه "دولة صهيون" بمشاهد "الدم والدمار"..
وأدرك العالم أجمع أن اليهود الصهاينة.. وهم شرذمة قليلون، قد نَصَّبوا أنفسهم سادة العالم، لا حسيب عليهم ولا رقيب من بني آدم، لا لشيء إلا:
- لأنهم لم يروا في هذا العالم إلا الأقزام..
- ولم يسمعوا إلا الأصوات التي تخطب ودهم.. وتقبِّل يدهم..
- ولم يشاهدوا في الساحة إلا من يلهث وراء جولات السلام، ويَتَغنَّى برباعية اللئام وسداسية الطغام..
- ولم يجلسوا إلا مع دعاة الحوار الكاذب.. الذي يعلم الكثير من المتابعين أنه جملة من الصفقات والمكاسب والمصالح الشخصية تُقسم بين الطرفين على تلك الموائد والجلسات..
إن هذا "العدو الأزرق".. الذي يزداد صلفا واستكبارا.. لا يُخيفه شيء مما سيقع من ردود الفعل.. فهو يُقدر أسوأ الأحوال.. والتي لا تخرج عن مظاهرات الغاضبين، وتنديدات باردة من بعض النافذين.. وصيحات في واد.. ونفخات في رماد..
ثم بعد ذلك.. تنقطع الأنفاس..وتخبو النار.. وتكل الألسنة.. لننتظر جريمة أخرى وضربة بالحديد يعرف العدو مواقفنا منها منذ أمد بعيد..
إننا لسنا في حاجة إلى الكلام ..فقد مللناه، ولا إلى المظاهرات والمؤتمرات فقد سئمناها.. لقد أتخمتنا ثرثرة المحللين، على الموائد المستديرة والمستطيلة.. وأرهقتنا معطيات السياسيين، وسفسطة المتفلسفين.. وبَلَّدَتْ أحاسيسنا صور دماء وأشلاء المضطهدين..

فلم يبق لنا مع هذا العدو الشرس المتسلط إلا موقف واحد لا غير ..
{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]
لم يبق لنا مع هذا المستكبر المتعجرف، إلا أن تعلن كل الدول العربية والإسلامية انسحابها من جميع الهيئات الدولية الداعية إلى السلام الفارغ والحوار الكاذب.
لم يبق لنا إلا طرد كل صهيوني إرهابي ..من بلادنا وغلق السفارات والقنصليات التي تحمي هؤلاء الإرهابيين الدمويين، وتحويلها إلى مؤسسات دعم، ومراكز دراسات تخدم قضية فلسطين .
لم يبق لنا إلا تحطيم جدار العار، وفتح كل الحدود والمعابر أمام المضطهدين وأطفال غزة وفلسطين.
لم يبق لنا إلا الموقف الشجاع وإرسال السفن والمساعدات باسم الدول الإسلامية والعربية الرسمية، وحتى الغربية وليس باسم المنظمات الشعبية، والهيئات المدنية..التي يذهب دمها هدرا.
لم يبق لنا إلا الإعلان الرسمي بكل شجاعة أنه لا صلح ولا هدنة ولا سلام مع الإرهابيين الدمويين.
لم يبق لنا إلا موقف واحد هو الرجولة.. فقد فَلَّ حَدُّها، وتعس جَدُّها، و أصبحنا لا نفتح أعيننا حين نفتحها إلا على أشباه الرجال ولا رجال، وطغام الأحلام، وعقول ربات الحجال.. فالله المستعان وعليه التكلان..
فهل يفيق من نوم الغفلة المغترون، قبل أن يتفاقم الهول، ويحق القول، ويسد الباب، ويحيق العذاب..
قال الله عز وجل : (( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)) [التوبة: 51، 52]


كتبه الجريح
يحيى بدر الدين صاري
إمام وخطيب مسجد الأبرار- الجزائر
والمشرف العام على موقع منار الجزائر
 

 

فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل