إلي سيناي، دوغيت ، نيسانيت ، نتساريم ، كفاردروم ، نيتسر حزاني ، جاني تال ،
قطيف ، نافيه ديكاليم ، جديد ، جاني أوور ، بدولح ، بني عتصمونة ، بات
ساديه ، شلـو ، موراج ، رفيح يام ، ايرز ، كفار يام ، تل فطيفة ، كارم
عتصمونة ، سيرات هايم، جانيم ، كديم ، حومش ، شانور .
- هذه الأسماء قد مرت على مسامعنا من قبل، إنها أسماء المغتصبات الصهيونية
التي تم إخلاؤها من قطاع غزة والتي سيتم إخلاؤها في شمال الضفة، ولكن وقعها
في نفوسنا يختلف عن وقعها في نفوس المرابطين هناك.
- لقد ارتبط اسم كل مغتصبة بقصة مأساة ، فكم من حبيب فُقد برصاص الجنود أو
المستوطنين الجاثمين هناك، كم من أرض سرقت ، وبيوت هدمت حماية لهذه
المغتصبات، والقصة كبيرة وطويلة بحجم المأساة وعمرها.
- كما ارتبط اسم كل مغتصبة بقصة بطولة وتضحية وبذل وفداء، نعم هذه المغتصبة
التي اقتحمها فلان رحمه الله ، وتلك هوجمت بكذا وكذا، وتلك تعرضت لعملية
مشتركة بين الفصائل، وفي تلك الليلة ضربت بعدة صواريخ، ارتبط اسم كل مغتصبة
بأسماء الشهداء والجرحى والبطولات.
- وإن كان من آمال الاخوة المرابطين أن يتوقف الجنود عن اطلاق الرصاص حتى
يهنأ الأطفال بالنوم، وأن تزول تلك المغتصبة ، وأن يعود الأسير، وأن يكون
اللقاء في الجنان مع الشهداء بإذن الله، مع ما يعانونه من آلام ، فإن
آمالنا أن نشتري سيارة حديثة ، و أن يتخرج الابن من الجامعة ، وأن يحصل على
العمل، وأن يزاد الراتب ، وأن نزرع الزهور في الحديقة إلخ .... وليس عيباً
أن يعيش الإنسان حياته الطبيعية ويمارسها، ولكن الواجب علينا ألا ننسى إخوة
لنا مرابطين في بقاع شتى وعلى ثرى أرض الإسراء والمعراج حول أولى القبلتين،
قال صلى الله عليه وسلم : " ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم
كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى".
- فلنتذكرهم بما نقدر عليه ، ولنخصهم بالدعاء ، إن ذكرياتهم الأليمة لا
تمحى ولا تنسى، فكل مغتصبة كانت مصدر ألم ووجع لهم كما كانت باعث ثبات
وتحدي ، ولكنها اليوم تبعث الأمل في النفوس والبشرى بالمزيد بإذن الله، كيف
تنقلب أماكن الألم إلى أمل؟ اسألوا المرابطين فهم مدرسة للأجيال.
- إن هذه الآلام ما دامت في سبيل الله فهي تهون، ونحسب أنهم كأولئك القوم
الذين قال عنهم المولى الكريم: { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ
رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ «146»
وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا
ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا
وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ «147» فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ
الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
«148» }سورة آل عمران.
- وإن كنا لنقف مدهوشين أمام صبر الإخوة المرابطين وتحملهم ولربما مللنا في
بعض الأحيان من متابعة الأخبار، وأعرف الكثير ممن اعتزل مشاهدة نشرات
الأخبار، ولا يزال أحبتنا مرابطين صابرين، فلعل هذا الانسحاب يبعث الأمل في
النفوس من جديد.
- وبالعودة للانسحاب فإنه لم يأتي إلا بعد ما يزيد على 25 ألف عملية – بحسب
مصادر العدو - نفذتها المقاومة الفلسطينية خلال "انتفاضة الأقصى" ناهيك عما
كان قبلها، أسفرت عن مقتل ما يزيد على 1300 قتيل على أقل تقدير، ولست ممن
يهون من أمر الانسحاب أو يضخمه، ففي المحصلة أنه لم يأتي إلا بفعل
المقاومة، وفي الوقت الذي كان البعض يقلل من أثر المقاومة وجدواها، جاءت
الأمور على أرض الواقع لتظهر الحقائق وتسكت المشككين، بقاعدة: أربع سنوات
من الجهاد (المقيد) حققت ما لم تحققه عشر سنوات من المفاوضات (المطلقة).
- لقد حاول اليهود مرارا تغطية انسحابهم وتبريره ، لأنهم يريدون الخروج
بأقل الخسائر ، فتارة يعلقونه على توقف العمليات وتارة على نزع سلاح
المقاومة ، وتارة على صواريخ القسام وغيرها، وتارة أخرى على عدم فوز حماس
بالانتخابات، وها هم اليوم يعرضونه على أنه أقصى ما يستطيع الكيان أن يبذله
في سبيل تحقيق السلام المزعوم.
- لا يعد الانسحاب من قطاع غزة هو سقف المطالب والآمال، بل لا تزال الضفة
الغربية والقدس بالانتظار، وكذلك الأسرى ، وإني لأتمنى أن يأتي اليوم الذي
نشاهد فيه الانسحاب من القدس، ولكن يبدو أن الأمر لن يكون كذلك، إذ ان
الوقت لن يسعفهم يومئذ حتى للانسحاب، كما جرى مع بني قريظة.
حتى ذلك الحين ينبغي ألا تنسينا آمالنا آلامهم.