اطبع هذه الصفحة


ماذا يجري في فلسطين اليوم؟

زياد آل سليمان


شكل الفوز الكبير الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية صدمة قوية لأطراف عدة على الصعيد المحلي والدولي، ومما زاد من حدة هذه الصدمة الفترة الزمنية التي تحقق فيها هذا الفوز، فلا يمكن التغاضي عن الأحداث التي تدور في الساحات المجاورة لفلسطين، والتي ترتبط بها ارتباطاً مباشراً.

الحرب التي تم شنها على الحكومة الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني لتأديبه على اختياره (الإرهابي)، لم تكن لها حدود، وكانت هذه الحرب تتخذ صوراً متعددة وبمشاركة أطراف متعددة، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس، ولعل من أوضح صورها الحصار المالي، وكلما بذلت محاولة لإسقاط الحكومة تجاوزتها.
ولكن في غمرة هذه الأحداث كانت هنالك محاولات سياسية لإسقاط حركة المقاومة الإسلامية في الفخ السياسي، وكان الهدف الحصول على أي تنازل ولو شكلي، ليتم بعد ذلك التحليق به في فضاء الإعلام الصهيوأمريكي ووكلاءه، وذلك لتحقيق عدة أهداف منها:
1- محاولة تقسيم حركة المقاومة الإسلامية فمرة يقال: حمائم وصقور، وتارة: حماس الداخل وحماس دمشق، وهذا ما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية رايس السوداء حين قالت: نحن نعول على انقسام داخل حركة حماس.
2- إضعاف حركة حماس جماهيرياً، بعد تزايد مؤيديها في كل أنحاء العالم الإسلامي.
3- إشغال الحركة عن المقاومة والتي بدأت تؤثر تأثيراً كبيراً على وجود دولة اليهود. وغيرها من الأهداف.

ومع ذلك استطاعت الحركة تحقيق بعض المكاسب من خلال الحوارات التي قامت بإجرائها عربياً ودولياً لا سيما في أوروبا، ومع كون مبادرتها قديمة إلا أن الإعلام حاول أن يظهرها بمظهر التنازل، فقد أطلق الشيخ أحمد ياسين – رحمه الله - تصريحاً سياسياً بشأن الهدنة مع العدو الإسرائيلي رداً على سؤال أحد الصحافيين من وكالة رويترز البريطانية سنة 1997م، وذلك عندما خرج الشيخ من السجن الإسرائيلي، قال فيه :" إن حركة المقاومة الإسلامية حماس تقبل بقيام دولة فلسطين على كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، وفق حدود عام 1967م – أي حدود ما قبل الخامس من حزيران سنة 1967م – مع حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، مقابل هدنة مع الكيان الصهيوني".
وحاولت الرئاسة الفلسطينية بتنسيق واضح تشويه صورة حماس أمام الدول والشعوب الإسلامية والعربية ابتداءً من مسرحية أسلحة حماس وخلاياها في الأردن، مروراً بتفجيرات سيناء بمصر، وموقف حماس من مبادرة السلام السعودية، واستطاعت حماس كذلك تجاوز هذه الفخاخ وبيان الحقيقة وتغيير مواقف هذه الأطراف.

وكما يُقال فإن آخر الداء هو الكي، لذلك لجأت الأطراف اليائسة من تنازلات حماس السياسية إلى الفتنة الداخلية والتي يرونها ناجحة في العراق إلى حد ما، ولكن هذه الأطراف تدرك الضعف العسكري للتيار الانقلابي في فتح والضعف الجماهيري لهم. أما حماس فإن إعادة الانتخابات في الفترة الحالية تعني بالنسبة لها:
1- تزوير الانتخابات القادمة.
2- أن الفريق الانقلابي قد أعد الخطة كاملة لتزوير الانتخابات في الضفة الغربية تحديداً بالتنسيق مع الجيش اليهودي الذي سيكون له الدور الأكبر في اعتقال وإضعاف قدرة وتحرك قادة ومؤيدي حماس.
3- وتعني بقاء من تم اعتقاله من النواب والوزراء في السجون.
4- وتعني الانحراف بمسيرة منظمة التحرير والقضية الفلسطينية.
5- وسن سنة سيئة جديدة ليس في فلسطين بل في العالم العربي في كيفية الالتفاف على خيارات الشعوب الإسلامية بلعبة الانتخابات المبكرة.
وقد يكون من بين الحلول المطروحة إشعال الانتفاضة الثالثة بالتصعيد العسكري ضد اليهود بعمليات نوعية في المدن اليهودية، وذلك سيؤدي لتوحيد الشعب الفلسطيني للتصدي لعمليات الانتقام اليهودية، وقد يكون من الحلول الرد بقوة على كل من يشارك في المؤامرة الداخلية من التيار الانقلابي وأتباعه، ولكل دواء ثمنه.

مهرجان حركة فتح الأخير في غزة شكل صدمة للكثير من المتابعين والمحبين للحركة الإسلامية في فلسطين، بالرغم من أن موعد المهرجان قد تم تأجيله لجلب طلاب المدارس والجامعات وقد حصل، وبالرغم من التعميم الشفوي على الحضور بلبس الملابس السوداء لتكثير السواد، وبالرغم من محاولة تقليد حماس في الشعارات الإسلامية، فإن المهرجان فضح الفريق الانقلابي وكشف نواياه ومستوى تفكيره، والمهرجان يُعد رسالة للعاملين والمهتمين ببذل المزيد والمزيد من الجهود الدعوية والتثقيفية لتوعية الناس بما يُحاك ضدهم من مؤامرات وكشف الحقائق وفضح المتآمرين.
ولعل المظاهرات والفعاليات المشتركة التي أقامتها حركة حماس وفتح بعد المهرجان بيومين للرد على ما جاء في مهرجان فتح - والذي مع الأسف تولى تنظيمه الفريق الانقلابي في فتح – تلك الفعاليات المشتركة تُبشر بالخير وبوحدة الشارع الفلسطيني ضد المتآمرين.
ومع اختلاف وجهات النظر والنصائح من قبل محبي الحركة في الداخل والخارج في كل أنحاء العالم الإسلامي، فيجب أن ندرك أن الحركة ذات نظام إسلامي يستند إلى الشورى في اتخاذ القرارات، وهي غنية – ولله الحمد – بالخبراء في كل المجالات.
وتبقى الثقة بوعد الله وبنصره القريب، وستبقى الشام محروسة بجند الله الصادقين وملائكته المقربين، أخرج الترمذي وأحمد وصححه الطبراني والحاكم ووافقه الذهبي من حديث زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول: "يا طوبى للشام! ياطوبى للشام! يا طوبي للشام!، قالوا: يا رسول الله وبم ذاك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام". قال العز بن عبدالسلام رحمه الله: [أشار رسول الله إلى أن الله سبحانه وتعالى وكل بها الملائكة، يحرسونها ، ويحفظونها].
وسيبقى الثبات على الحق صفة بارزة للمجاهدين وأهل الإيمان في الشام عند حلول الفتن عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم : " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِهِ فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ" أخرجه أحمد.
وأما المنافقين والمتآمرين فسيموتون هماً أو غيظاً أو حُزناًً: فعن خُرَيْمَ بْنَ فَاتِكٍ الْأَسَدِيَّ قال:" أَهْلُ الشَّامِ سَوْطُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَنْتَقِمُ بِهِمْ مِمَّنْ يَشَاءُ كَيْفَ يَشَاءُ وَحَرَامٌ عَلَى مُنَافِقِيهِمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى مُؤْمِنِيهِمْ وَلَنْ يَمُوتُوا إِلَّا هَمًّا أَوْ غَيْظًا أَوْ حُزْنًا"، انفرد به أحمد وإسناده صحيح موقوف. وسيكون مصير كل متآمر الذل والعار في الدنيا قبل الآخرة.
وعلى الشعوب المسلمة أن تقدم ما تستطيع من جهود لإسقاط المتآمرين وتقوية الصادقين داخل فتح، ودعم ونصرة المستضعفين، وتعزيز قوة الحركة الإسلامية في شتى المجالات، والتأثير على الإعلام المحلي لئلا يتطاول على المجاهدين ويزج بهم في خانة وسلة واحدة مع التيار الانقلابي.
اللهم انصر إخواننا في الصادقين والمجاهدين، اللهم عليك بالمتآمرين والخونة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل