|
|
دروس عشر ذي الحجة
[8]
المبادرة بالصالحات |
|
عبدالملك القاسم |
الحمد لله الذي يبدئ ويعيد ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :
فإن من الأعمال المقربة إلى الله عز وجل :
1- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
فإن منزلته عظيمة ودرجته رفيعة ، حتى عده بعض العلماء الركن السادس من أركان
الإسلام ، وقدمه الله عز وجل على الإيمان به سبحانه كما في قوله تعالى :
{
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ }
[آل عمران:110] وقدمه
الله عز وجل في سورة التوبة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
{
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ
سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
[التوبة:71]. وفي هذا
التقديم بيان لعظم شأن هذا الواجب وأهميته وحاجة الأمة إليه .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مهام وأعمال الرسل ، ومن صفات المؤمنين
وخصال الصالحين ، وهو من أسباب التمكين في الأرض ، ومن أسباب النصر ، ومن
أسباب دفع العقوبات وجلب الخيرات .
قال صلى الله عليه وسلم : (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع
فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ))[رواه مسلم].
قال العلامة الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله : (( فلو قُدِّر أن رجلاً يصوم
النهار ويقوم الليل ويزهد في الدنيا كلها ، وهو مع هذا لا يغضب لله ، ولا
يتمعَّر وجهه ، ولا يحمر ، فلا يأمر بالمعروف ، ولا ينهى عن المنكر ، فهذا
الرجل من أبغض الناس عند الله ، وأقلهم ديناً ، وأصحاب الكبائر أحسن عند الله
منه )) .
فبادروا أيها المسلمون بالأعمال الصالحة وتقربوا إلى الله عز وجل بالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر بالرفق واللين .
2- غض البصر عن الحرام :
من نعم الله عز وجل التي أنعم بها علينا نعمة البصر ، وهي نعمة لا تقدر بثمن
، وقد أمر الله عز وجل بغض النظر عن الحرام فقال تعالى :
{ قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل
لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ
}[النور:31]
وقال صلى الله عليه وسلم : (( النظر سهم مسموم )) [رواه الحاكم].
إن النظر إلى ما حرم الله أصل كل فتنة ، ومنجم كل شهوة ، فالنظر هو رائد
الشهوة ودليلها ، وحفظه أصل حفظ الفرج . قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي
طالب : (( يا علي ؛ إن لك كنزاً في الجنة ، فلا تُتبع النظرة النظرة ، فإن لك
الأولى وليست لك الآخرة )) [رواه أحمد] .
فحافظ – أخي المسلم –
على بصرك ، ولا تنظر بنعمة الله عز وجل إلى ما حرم عليك . بل استعن بهذه
النعمة العظيمة على طاعة الله عز وجل وقراءة القرآن والتفكر في ملكوت السموات
والأرض .
3- حفظ الجوارح ومن أهمها :
اللسان ، فإن خطره عظيم كما قال صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن أكثر ما
يُدخل النار ؟ قال (( الفم والفرج )) [رواه الترمذي] .
وتأمل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لتعلم خطورة اللسان وكيف يهوي بصاحبه
: (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يَزلُّ بها إلى النار أبعد مما
بين المشرق والمغرب )) [رواه مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو
ليصمت )) [رواه مسلم].
فاحرص – أخي المسلم –
على حفظ لسامك من الغيبة والنميمة وقول الزور والاستهزاء وفحش الكلام ،
واجعله ذاكراً لله عز وجل مسبحاً مستغفراً تفز بالأجر والمثوبة .
4- التوبة والإنابة إلى الله :
من نعم الله علينا أن فتح باب التوبة وجعله فجراً تبدأ معه رحلة العودة بقلوب
منكسرة ودموع منسكبة وجباه خاضعة ، قال تعالى :
{ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ
التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }[البقرة:222].
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )) [رواه ابن
ماجه والطبرني]. وهذا فضل من الله عز وجل ومنة على عباده .
فكن أيها المسلم قوَّماً على نفسك ، وحاسبها وردها إلى جادة الصواب ، واجعل
لنفسك نصيباً من المراجعة والتفكير كل يوم وليلة فإن أمامك أهوالاً شديدة ،
وكن ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم : (( كل بني آدم خطاء ، وخير
الخطائين التوابون )) [رواه أحمد والترمذي ] .
ونهاية العام فرصة للتوبة فإن الأعمار
تفنى والآجال تطوى .
فسارع قبل أن يأتي يوم يندم فيه
الإنسان قال الله تعالى : { قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ
صَالِحًا } [ المؤمنون :99،100].
جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وصلى الله وسلم على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
|
|
|
|
|