اطبع هذه الصفحة


{ أفضل أيام الدنيا }

أحمد حامد الجبراوي «المحامي »
الخرطوم || ذو القعدة || ١٤٤١ ھ

 
بسم الله الرحمن الرحيم


و هكذا تحل علينا أعظم أيام الدنيا « العشر الأول من ذي الحجة » تلك الأيام المباركة ، و التي لفضلها أقسم المولى سبحانه بها في كتابه الكريم حيث قال : ( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) الفجر : ١ - ٢ .

و دلّ على عظمتها ما أخرجه الإمام البخاري - رحمه الله - من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( ما من أيام العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - ، قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ ، قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه و ماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) .

و قد نبَّه الإمام الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في الفتح على بعض أسباب تعظيمها بقوله :
( و الذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان إجتماع أمهات العبادة فيه ، و هي : الصلاة و الصيام و الصدقة و الحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره ) .

و من ذلك أيضاً : ما ذكره الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في « لطائف المعارف » بقوله :
( لما كان الله سبحانه قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام ، و ليس كل أحد قادرًا على مشاهدته كل عام ، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره ، و جعل موسم العشر مشتركًا بين السائرين و القاعدين ) .

و من ذلك : أن فيها يوم عرفة و هو من أيام الله العظيمة و التي يحصل فيها من العتق و نزول الرحمة و دنو الرب تعالى و مباهاته بعباده و إشهاده ملائكته أنه قد غفر لهم ، ففي الحديث :
( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ، و َإِنَّهُ لَيَدْنُو ، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ ، فَيَقُولُ : مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ ) رواه مسلم .

و من ذلك أيضاً : أن فيها يوم النحر و هو يوم الحج الأكبر و الذي هو أعظم يوم طلعت فيه الشمس كما دلت على ذلك النصوص ، فعند أبى داود : ( إن أعظم الأيام عند الله تبارك و تعالى يوم النحر ) .

و على هذا فينبغي للمسلم في هذه الأيام أن يجتهد في العبادة من صلاة ، و قراءة للقرآن ، و ذكر لله تعالى زيادة في المطلق و حرصاً على المقيد ، و استغفار ، و برٍّ للوالدين ، و صلة رحم ، و بذل للخير لليتامى و الفقراء و الأرامل .

و من أوكد هذه الأعمال : الصيام فيها ؛ لما ورد أنه صلى الله عليه و سلم كان يصومها ، ففي سنن أبي داود و غيره عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم قالت :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ) .

و في مسند أحمد عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال له رجل :
( أرأيتَ صيام عرفة ؟ ، قال : أحتسب عند الله أن يكفر السنة الماضية و الباقية ) .

و من جملة الطاعات : التكبير و التهليل ؛ كما جاء عند الإمام أحمد في مسنده و الحديث صحيح ، و فيه يقول النبي الحبيب صلى الله عليه و سلم :
( ما منْ أيامٍ أعظم عند الله ولا أحَبُّ إليه العمل فيهنَّ منْ هذه الأيام العَشْر ، فأكثروا فيهنَّ من التهليل و التكبير و التحميد ) .

و قد ورد أن سعيد بن جبير و مجاهدًا و عبد الرحمن بن أبي ليلى كانا يدخلان السوق في أيام العشر فيكبِّران فيكبر السوق بتكبيرهما ، و أن عبد الله بن عمر و أبا هريرة كانا يدخلان السوق فيكبّران لا يدخلان إلا لذلك .

و مما وجه إليه الإسلام من آدابٍ في هذه العشر :
أن من عزم على أن يضحي كُرِهَ له حلق شيء من شعره أو تقليم أظافره لما روى مسلم عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( إذا رأيتم هلال ذي الحجة و أراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره ) ، و غيرها من الطاعات و العبادات.

و مما يجدر التنبيه إليه : خطورة المعاصي و الآثام في هذه الأيام الفاضلة ؛ فهي من عموم الأشهر الحُرُم التي حَرَّم الله تعالى و قال : ( فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ۚ ) التوبة : ٣٦ .

و قد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله :
( المعاصي في الأيام المعظمة و الأمكنة المعظمة تُغلظ معصيتها ، و عقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان ) الآداب الشرعية لابن مفلح .

و قد قال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله :
( لما كان الله سبحانه قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام ، و ليس كل أحد قادرًا على مشاهدته كل عام ، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره ، و جعل موسم العشر مشتركًا بين السائرين والقاعدين ) لطائف المعارف .

و مما ينبه إليه : أن اغتنام هذه السوانح مما نبهت إليه الشريعة و دلت عليه ، فعلى المسلم تجديد النية ، و تقوية العزيمة و الإرادة لديه ، و التوبة إلى الله ، و تخير ما يناسب حاله قرباً من مولاه ، و يصون وقته من القواطع و العوائق و العلائق و الوساوس فالوقت رأسمال العبد .

كما عليه أن يتخير الصالحين ، و يُزيّن أوّل أمره و آخره بسؤال الله و استعانته على طاعته و عبوديته فــ ( إياك نعبد ) إنما تكون بــ ( إياك نستعين ) فمن تحقق بإياك نستعين كفاه الهادي المعين .

أعاننا الله و إياكم على اغتنام العشر المباركة ، و وفقنا ، و تقبل منا أجمعين .. و الحمد لله رب العالمين .

 

مختارات الحج

  • صفة الحج
  • يوميات حاج
  • أفكار الدعوية
  • رسائل للحجيج
  • المرأة والحج
  • المختارات الفقهية
  • أخطاء الحجيج
  • كتب وشروحات
  • عشرة ذي الحجة
  • فتاوى الحج
  • مسائل فقهية
  • منوعات
  • صحتك في الحج
  • أحكام الأضحية
  • العروض الدعوية
  • وقفات مع العيد
  • مواقع الحج
  • الرئيسية